diff --git "a/poems/poem_522.txt" "b/poems/poem_522.txt" new file mode 100644--- /dev/null +++ "b/poems/poem_522.txt" @@ -0,0 +1,16211 @@ +الشاعر: أحمد شوقي +عصر الشعر: الحديث + +هَمَّتِ الفُلكُ وَاِحتَواها الماءُ وَحَداها بِمَن تُقِلُّ الرَجاءُ +ضَرَبَ البَحرُ ذو العُبابِ حَوالَي ها سَماءً قَد أَكبَرَتها السَماءُ +وَرَأى المارِقونَ مِن شَرَكِ الأَر ضِ شِباكاً تَمُدُّها الدَأماءُ +وَجِبالاً مَوائِجاً في جِبالٍ تَتَدَجّى كَأَنَّها الظَلماءُ +وَدَوِيّاً كَما تَأَهَّبَتِ الخَي لُ وَهاجَت حُماتَها الهَيجاءُ +لُجَّةٌ عِندَ لُجَّةٍ عِندَ أُخرى كَهِضابٍ ماجَت بِها البَيداءُ +وَسَفينٌ طَوراً تَلوحُ وَحيناً يَتَوَلّى أَشباحَهُنَّ الخَفاءُ +نازِلاتٌ في سَيرِها صاعِداتٌ كَالهَوادي يَهُزُّهُنَّ الحُداءُ +رَبِّ إِن شِئتَ فَالفَضاءُ مَضيقٌ وَإِذا شِئتَ فَالمَضيقُ فَضاءُ +فَاِجعَلِ البَحرَ عِصمَةً وَاِبعَثِ الرَح مَةَ فيها الرِياحُ وَالأَنواءُ +أَنتَ أُنسٌ لَنا إِذا بَعُدَ الإِن سُ وَأَنتَ الحَياةُ وَالإِحياءُ +يَتَوَلّى البِحارَ مَهما اِدلَهَمَّت مِنكَ في كُلِّ جانِبٍ لَألاءُ +وَإِذا ما عَلَت فَذاكَ قِيامٌ وَإِذا ما رَغَت فَذاكَ دُعاءُ +فَإِذا راعَها جَلالُكَ خَرَّت هَيبَةً فَهيَ وَالبِساطُ سَواءُ +وَالعَريضُ الطَويلُ مِنها كِتابٌ لَكَ فيهِ تَحِيَّةٌ وَثَناءُ +يا زَمانَ البِحارِ لَولاكَ لَم تُف جَع بِنُعمى زَمانِها الوَجناءُ +فَقَديماً عَن وَخدِها ضاقَ وَجهُ ال أَرضِ وَاِنقادَ بِالشِراعِ الماءُ +وَاِنتَهَت إِمرَةُ البِحارِ إِلى الشَر قِ وَقامَ الوُجودُ فيما يَشاءُ +وَبَنَينا فَلَم نُخَلِّ لِبانٍ وَعَلَونا فَلَم يَجُزنا عَلاءُ +وَمَلَكنا فَالمالِكونَ عَبيدٌ وَالبَرايا بِأَسرِهِم أُسَراءُ +قُل لِبانٍ بَنى فَشادَ فَغالى لَم يَجُز مِصرَ في الزَمانِ بِناءُ +لَيسَ في المُمكِناتِ أَن تُنقَلَ الأَج بالُ شُمّاً وَأَن تُنالَ السَماءُ +أَجفَلَ الجِنُّ عَن عَزائِمَ فِرعَو نَ وَدانَت لِبَأسِها الآناءُ +شادَ ما لَم يُشِد زَمانٌ وَلا أَن شَأَ عَصرٌ وَلا بَنى بَنّاءُ +هَيكَلٌ تُنثَرُ الدِياناتُ فيهِ فَهيَ وَالناسُ وَالقُرونُ هَباءُ +وَقُبورٌ تَحُطُّ فيها اللَيالي وَيُوارى الإِصباحُ وَالإِمساءُ +تَشفَقُ الشَمسُ وَالكَواكِبُ مِنها وَالجَديدانِ وَالبِلى وَالفَناءُ +زَعَموا أَنَّها دَعائِمُ شيدَت بِيَدِ البَغيِ مِلؤُها ظَلماءُ +فَاِعذُرِ الحاسِدينَ فيها إِذا لا موا فَصَعبٌ عَلى الحَسودِ الثَناءُ +دُمِّرَ الناسُ وَالرَعِيَّةُ في تَش ييدِها وَالخَلائِقُ الأُسَراءُ +أَينَ كانَ القَضاءُ وَالعَدلُ وَالحِك مَةُ وَالرَأيُ وَالنُهى وَالذَكاءُ +وَبَنو الشَمسِ مِن أَعِزَّةِ مِصرٍ وَالعُلومُ الَّتي بِها يُستَضاءُ +فَاِدَّعَوا ما اِدَّعى أَصاغِرُ آثي نا وَدَعواهُمُ خَناً وَاِفتِراءُ +وَرَأَوا لِلَّذينَ سادوا وَشادوا سُبَّةً أَن تُسَخَّرَ الأَعداءُ +إِن يَكُن غَيرَ ما أَتَوهُ فَخارٌ فَأَنا مِنكَ يا فَخارُ بَراءُ +لَيتَ شِعري وَالدَهرُ حَربُ بَنيهِ وَأَياديهِ عِندَهُم أَفياءُ +ما الَّذي داخَلَ اللَيالِيَ مِنّا في صِبانا وَلِلَّيالي دَهاءُ +فَعَلا الدَهرُ فَوقَ عَلياءِ فِرعَو نَ وَهَمَّت بِمُلكِهِ الأَرزاءُ +أَعلَنَت أَمرَها الذِئابُ وَكانوا في ثِيابِ الرُعاةِ مِن قَبلُ جاؤوا +وَأَتى كُلُّ شامِتٍ مِن عِدا المُل كِ إِلَيهِم وَاِ��ضَمَّتِ الأَجزاءُ +وَمَضى المالِكونَ إِلّا بَقايا لَهُمُ في ثَرى الصَعيدِ اِلتِجاءُ +فَعَلى دَولَةِ البُناةِ سَلامٌ وَعَلى ما بَنى البُناةُ العَفاءُ +وَإِذا مِصرُ شاةُ خَيرٍ لِراعي السَو ءِ تُؤذى في نَسلِها وَتُساءُ +قَد أَذَلَّ الرِجالَ فَهيَ عَبيدٌ وَنُفوسَ الرِجالِ فَهيَ إِماءُ +فَإِذا شاءَ فَالرِقابُ فِداهُ وَيَسيرٌ إِذا أَرادَ الدِماءُ +وَلِقَومٍ نَوالُهُ وَرِضاهُ وَلِأَقوامِ القِلى وَالجَفاءُ +فَفَريقٌ مُمَتَّعونَ بِمِصرٍ وَفَريقٍ في أَرضِهِم غُرَباءُ +إِن مَلَكتَ النُفوسَ فَاِبغِ رِضاها فَلَها ثَورَةٌ وَفيها مَضاءُ +يَسكُنُ الوَحشُ لِلوُثوبِ مِنَ الأَس رِ فَكَيفَ الخَلائِقُ العُقَلاءُ +يَحسَبُ الظالِمونَ أَن سَيَسودو نَ وَأَن لَن يُؤَيَّدَ الضُعَفاءُ +وَاللَيالي جَوائِرٌ مِثلَما جا روا وَلِلدَهرِ مِثلَهُم أَهواءُ +لَبِثَت مِصرُ في الظَلامِ إِلى أَن قيلَ ماتَ الصَباحُ وَالأَضواءُ +لَم يَكُن ذاكَ مِن عَمىً كُلُّ عَينٍ حَجَبَ اللَيلُ ضَوءَها عَمياءُ +ما نَراها دَعا الوَفاءُ بَنيها وَأَتاهُم مِنَ القُبورِ النِداءُ +لِيُزيحوا عَنها العِدا فَأَزاحوا وَأُزيحَت عَن جَفنِها الأَقذاءُ +وَأُعيدَ المَجدُ القَديمُ وَقامَت في مَعالي آبائِها الأَبناءُ +وَأَتى الدَهرُ تائِباً بِعَظيمٍ مِن عَظيمٍ آباؤُهُ عُظَماءُ +مَن كَرَمسيسَ في المُلوكِ حَديثاً وَلِرَمسيسٍ المُلوكُ فِداءُ +بايَعَتهُ القُلوبُ في صُلبِ سيتي يَومَ أَن شاقَها إِلَيهِ الرَجاءُ +وَاِستَعدَّ العُبّادُ لِلمَولِدِ الأَك بَرِ وَاِزَّيَّنَت لَهُ الغَبراءُ +جَلَّ سيزوستَريسُ عَهداً وَجَلَّت في صِباهُ الآياتُ وَالآلاءُ +فَسَمِعنا عَنِ الصَبِيِّ الَّذي يَع فو وَطَبعُ الصِبا الغَشومُ الإِباءُ +وَيَرى الناسَ وَالمُلوكَ سَواءً وَهَلِ الناسُ وَالمُلوكُ سَواءُ +وَأَرانا التاريخُ فِرعَونَ يَمشي لَم يَحُل دونَ بِشرِهِ كِبرِياءُ +يولَدُ السَيِّدُ المُتَوَّجُ غَضّاً طَهَّرَتهُ في مَهدِها النَعماءُ +لَم يُغَيِّرهُ يَومَ ميلادِهِ بُؤ سٌ وَلا نالَهُ وَليداً شَقاءُ +فَإِذا ما المُمَلِّقونَ تَوَلَّو هُ تَوَلَّى طِباعَهُ الخُيَلاءُ +وَسَرى في فُؤادِهِ زُخرُفُ القَو لِ تَراهُ مُستَعذَباً وَهوَ داءُ +فَإِذا أَبيَضُ الهَديلِ غُرابٌ وَإِذا أَبلَجُ الصَباحِ مَساءُ +جَلَّ رَمسيسُ فِطرَةً وَتَعالى شيعَةً أَن يَقودَهُ السُفَهاءُ +وَسَما لِلعُلا فَنالَ مَكاناً لَم يَنَلهُ الأَمثالُ وَالنُظَراءُ +وَجُيوشٌ يَنهَضنَ بِالأَرضِ مَلكاً وَلِواءٌ مِن تَحتِهِ الأَحياءُ +وَوُجودٌ يُساسُ وَالقَولُ فيهِ ما يَقولُ القُضاةُ وَالحُكَماءُ +وَبِناءٌ إِلى بِناءٍ يَوَدُّ الخُل دُ لَو نالَ عُمرَهُ وَالبَقاءُ +وَعُلومٌ تُحيِ البِلادَ وَبِنتا هورُ فَخرُ البِلادِ وَالشُعَراءُ +إيهِ سيزوستَريسَ ماذا يَنالُ ال وَصفُ يَوماً أَو يَبلُغُ الإِطراءُ +كَبُرَت ذاتُكَ العَلِيَّةُ أَن تُح صي ثَناها الأَلقابُ وَالأَسماءُ +لَكَ آمونُ وَالهِلالُ إِذا يَك بُرُ وَالشَمسُ وَالضُحى آباءُ +وَلَكَ الريفُ وَالصَعيدُ وَتاجا مِصرَ وَالعَرشُ عالِياً وَالرِداءُ +وَلَكَ المُنشَآتُ في كُلِّ بَحرٍ وَلَكَ البَرُّ أَرضُهُ وَالسَماءُ +لَيتَ لَم يُبلِكَ الزَمانُ وَلَم يَب لَ لِمُلكِ البِلادِ فيكَ رَجاءُ +هَكَذا الدَهرُ حالَةٌ ثُمَّ ضِدٌّ ما لِحالٍ مَعَ الزَمانِ بَقاءُ +لا رَعاكَ التاريخُ يا يَومَ قَمبي زَ وَلا طَنطَنَت بِكَ الأَنباءُ +دارَتِ الدائِراتُ فيكَ وَنالَت هَذِهِ الأُمَّةَ اليَدُ العَسراءُ +فَمُبصِرٌ مِمّا جَنَيتَ لِمِصرٍ أَيُّ داءٍ ما إِن إِلَيهِ دَواءُ +نَكَدٌ خالِدٌ وَبُؤسٌ مُقيمٌ وَشَقاءٌ يَجُدُّ مِنهُ شَقاءُ +يَومَ مَنفيسَ وَالبِلادُ لِكِسرى وَالمُلوكُ المُطاعَةُ الأَعداءُ +يَأمُرُ السَيفُ في الرِقابِ وَيَنهى وَلِمِصرٍ عَلى القَذى إِغضاءُ +جيءَ بِالمالِكِ العَزيزِ ذَليلاً لَم تُزَلزِل فُؤادَهُ البَأساءُ +يُبصِرُ الآلَ إِذ يُراحُ بِهِم في مَوقِفِ الذُلِّ عَنوَةً وَيُجاءُ +بِنتُ فِرعَونَ في السَلاسِلِ تَمشي أَزعَجَ الدَهرُ عُريُها وَالحَفاءُ +فَكَأَن لَم يَنهَض بِهَودَجِها الدَه رُ وَلا سارَ خَلفَها الأُمَراءُ +وَأَبوها العَظيمُ يَنظُرُ لَمّا رُدِّيَت مِثلَما تُرَدّى الإِماءُ +أُعطِيَت جَرَّةً وَقيلَ إِلَيكِ الن نَهر قومي كَما تَقومُ النِساءُ +فَمَشَت تُظهِرُ الإِباءَ وَتَحمي الدَم عَ أَن تَستَرِقَّهُ الضَرّاءُ +وَالأَعادي شَواخِصٌ وَأَبوها بِيَدِ الخَطبِ صَخرَةٌ صَمّاءُ +فَأَرادوا لِيَنظُروا دَمعَ فِرعَو نَ وَفِرعَونُ دَمعُهُ العَنقاءُ +فَأَرَوهُ الصَديقَ في ثَوبِ فَقرٍ يَسأَلُ الجَمعَ وَالسُؤالُ بَلاءُ +فَبَكى رَحمَةً وَما كانَ مَن يَب كي وَلَكِنَّما أَرادَ الوَفاءُ +هَكَذا المُلكُ وَالمُلوكُ وَإِن جا رَ زَمانٌ وَرَوَّعَت بَلواءُ +لا تَسَلني ما دَولَةُ الفُرسِ ساءَت دَولَةُ الفُرسِ في البِلادِ وَساؤوا +أُمَّةٌ هَمُّها الخَرائِبُ تُبلي ها وَحَقُّ الخَرائِبِ الإِعلاءُ +سَلَبَت مِصرَ عِزَّها وَكَسَتها ذِلَّةً ما لَها الزَمانَ اِنقِضاءُ +وَاِرتَوى سَيفُها فَعاجَلَها ال لَهُ بِسَيفٍ ما إِن لَهُ إِرواءُ +طِلبَةٌ لِلعِبادِ كانَت لِإِسكَن دَرَ في نَيلِها اليَدُ البَيضاءُ +شادَ إِسكَندَرٌ لِمِصرَ بِناءً لَم تَشِدهُ المُلوكُ وَالأُمَراءُ +بَلَداً يَرحَلُ الأَنامُ إِلَيهِ وَيَحُجُّ الطُلّابُ وَالحُكَماءُ +عاشَ عُمراً في البَحرِ ثَغرَ المَعالي وَالمَنارَ الَّذي بِهِ الاِهتِداءُ +مُطمَئِنّاً مِنَ الكَتائِبِ وَالكُت بِ بِما يَنتَهي إِلَيهِ العَلاءُ +يَبعَثُ الضَوءَ لِلبِلادِ فَتَسري في سَناهُ الفُهومُ وَالفُهَماءُ +وَالجَواري في البَحرِ يُظهِرنَ عِزَّ ال مُلكِ وَالبَحرُ صَولَةٌ وَثَراءُ +وَالرَعايا في نِعمَةٍ وَلِبَطلَي موسَ في الأَرضِ دَولَةٌ عَلياءُ +فَقَضى اللَهُ أَن تُضَيِّعَ هَذا ال مُلكَ أُنثى صَعبٌ عَلَيها الوَفاءُ +تَخِذَتها روما إِلى الشَرِّ تَمهي داً وَتَمهيدُهُ بِأُنثى بَلاءُ +فَتَناهى الفَسادُ في هَذِهِ الأَر ضِ وَجازَ الأَبالِسَ الإِغواءُ +ضَيَّعَت قَيصَرَ البَرِيَّةِ أُنثى يا لَرَبّي مِمّا تَجُرُّ النِساءُ +فَتَنَت مِنهُ كَهفَ روما المُرَجّى وَالحُسامَ الَّذي بِهِ الاِتِّقاءُ +قاهِرَ الخَصمِ وَالجَحافِلِ مَهما جَدَّ هَولُ الوَغى وَجَدَّ اللِقاءُ +فَأَتاها مَن لَيسَ تَملُكُهُ أُن ثى وَلا تَستَرِقُّهُ هَيفاءُ +بَطَلُ الدَولَتَينِ حامى حِمى رو ما الَّذي لا تَقودُهُ الأَهواءُ +أَخَذَ المُلكَ وَهيَ في قَبضَةِ الأَف عى عَنِ المُلكِ وَالهَوى عَمياءُ +سَلَبَتها الحَياةَ فَاِعجَب لِرَقطا ءَ أَراحَت مِنها الوَرى رَقطاءُ +لَم تُصِب بِالخِداعِ نُجحاً وَلَكِن خَدَعوها بِقَولِهِم حَسناءُ +قَتَلَت نَفسَها وَظَنَّت فِداءً صَغُرَت نَفسُها وَقَلَّ الفِداءُ +سَل كِلوبَترَةَ المُكايِدِ هَلّا صَدَّها عَن وَلاءِ روما الدَهاءُ +فَبِروما تَأَيَّدَت وَبِروما هِيَ تَشقى وَهَكَذا الأَعداءُ +وَلِروما المُلكُ الَّذي طالَما وا فاهُ في السِرِّ نُصحُها وَالوَلاءُ +وَتَوَلَّت مِصراً يَمينٌ عَلى المِص رِيِّ مِن دونِ ذا الوَرى عَسراءُ +تُسمِعُ الأَرضُ قَيصَراً حينَ تَدعو وَعَقيمٌ مِن أَهلِ مِصرَ الدُعاءُ +وَيُنيلُ الوَرى الحُقوقَ فَإِن نا دَتهُ مِصرٌ فَأُذنُهُ صَمّاءُ +فَاِصبِري مِصرُ لِلبَلاءِ وَأَنّى لَكِ وَالصَبرُ لِلبَلاءِ بَلاءُ +ذا الَّذي كُنتِ تَلتَجينَ إِلَيهِ لَيسَ مِنهُ إِلى سِواهُ النَجاءُ +رَبِّ شُقتَ العِبادَ أَزمانَ لا كُت بٌ بِها يُهتَدى وَلا أَنبِياءُ +ذَهَبوا في الهَوى مَذاهِبَ شَتّى جَمَعَتها الحَقيقَةُ الزَهراءُ +فَإِذا لَقَّبوا قَوِيّاً إِلَها فَلَهُ بِالقُوى إِلَيكِ اِنتِهاءُ +وَإِذا آثَروا جَميلاً بِتَنزي هٍ فَإِنَّ الجَمالَ مِنكِ حِباءُ +وَإِذا أَنشَئوا التَماثيلَ غُرّاً فَإِلَيكِ الرُموزُ وَالإيماءُ +وَإِذا قَدَّروا الكَواكِبَ أَربا باً فَمِنكِ السَنا وَمِنكِ السَناءُ +وَإِذا أَلَّهوا النَباتَ فَمِن آ ثارِ نُعماكِ حُسنُهُ وَالنَماءُ +وَإِذا يَمَّموا الجِبالَ سُجوداً فَالمُرادُ الجَلالَةُ الشَمّاءُ +وَإِذا تُعبَدُ البِحارُ مَعَ الأَس ماكِ وَالعاصِفاتُ وَالأَنواءُ +وَسِباعُ السَماءِ وَالأَرضِ وَالأَر حامُ وَالأُمَّهاتُ وَالآباءُ +لِعُلاكَ المُذَكَّراتُ عَبيدٌ خُضَّعٌ وَالمُؤَنَّثاتُ إِماءُ +جَمَعَ الخَلقَ وَالفَضيلَةَ سِرٌّ شَفَّ عَنهُ الحِجابُ فَهوَ ضِياءُ +سَجَدَت مِصرُ في الزَمانِ لِإيزي سَ النَدى مَن لَها اليَدُ البَيضاءُ +إِن تَلِ البَرَّ فَالبِلادُ نُضارٌ أَو تَلِ البَحرَ فَالرِياحُ رُخاءُ +أَو تَلِ النَفسَ فَهيَ في كُلِّ عُضوٍ أَو تَلِ الأُفقَ فَهيَ فيهِ ذُكاءُ +قيلَ إيزيسُ رَبَّةَ الكَونِ لَولا أَن تَوَحَّدتِ لَم تَكُ الأَشياءُ +وَاِتَّخَذتِ الأَنوارَ حُجباً فَلَم تُب صِركِ أَرضٌ وَلا رَأَتكِ سَماءُ +أَنتِ ما أَظهَرَ الوُجودُ وَما أَخ فى وَأَنتِ الإِظهارُ وَالإِخفاءُ +لَكَ آبيسُ وَالمُحَبَّبُ أوزي ريسُ وَاِبناهُ كُلُّهُم أَولِياءُ +مُثِّلَت لِلعُيونِ ذاتُكِ وَالتَم ثيلُ يُدني مَن لا لَهُ إِدناءُ +وَاِدَّعاكِ اليونانُ مِن بَعدِ مِصرٍ وَتَلاهُ في حُبِّكِ القُدَماءُ +فَإِذا قيلَ ما مَفاخِرَ مِصرٍ قيلَ مِنها إيزيسُها الغَرّاءُ +رَبِّ هَذي عُقولُنا في صِباها نالَها الخَوفُ وَاِستَباها الرَجاءُ +فعَشِقناكَ قَبلَ أَن تَأتِيَ الرُس لُ وَقامَت بِحُبِّكَ الأَعضاءُ +وَوَصَلنا السُرى فَلَولا ظَلامُ ال جَهلِ لَم يَخطُنا إِلَيكِ اِهتِداءُ +وَاِتَّخَذنا الأَسماءَ شَتّى فَلَمّا جاءَ موسى اِنتَهَت لَكَ الأَسماءُ +حَجَّنا في الزَمانِ سِحراً بِسِحرٍ وَاِطمَأَنَّت إِلى العَصا السُعَداءُ +وَيُريدُ الإِلَهُ أَن يُكرَمَ العَق لُ وَأَلّا تُحَقَّرَ الآراءُ +ظَنَّ فِرعَونُ أَنَّ موسى لَهُ وا فٍ وَعِندَ الكِرامِ يُرجى الوَفاءُ +لَم يَكُن في حِسابِهِ يَومَ رَبّى أَن سَيَأتي ضِدَّ الجَزاءِ الجَزاءُ +فَرَأى اللَهُ أَن يَعِقَّ وَلِلَّ هِ تَفي لا لِغَيرِهِ الأَنبِياءُ +مِصرُ موسى عِندَ اِنتِماءٍ وَموسى مِصرُ إِن كانَ نِسبَةٌ وَاِنتِماءُ +فَبِهِ فَخرُها المُؤَيَّدُ مَهما هُزَّ بِالسَيِّدِ الكَليمِ اللِواءُ +إِن تَكُن قَد جَفَتهُ في ساعَةِ الشَكِّ فَحَظُّ الكَبيرِ مِنها الجَفاءُ +خِلَّةٌ لِلبِلادِ يَشقى بِها النا سُ وَتَشقى الدِيارُ وَالأَبناءُ +فَكَبيرٌ أَلّا يُصانَ كَبيرٌ وَعَظيمٌ أَن يُنبَذَ العُظَماءُ +وُلِدَ الرِفقُ يَومَ مَولِدِ عيسى وَالمُروءاتُ وَالهُدى وَالحَياءُ +وَاِزدَهى الكَونُ بِالوَليدِ وَضاءَت بِسَناهُ مِنَ الثَرى الأَرجاءُ +وَسَرَت آيَةُ المَسيحِ كَما يَس ري مِنَ الفَجرِ في الوُجودِ الضِياءُ +تَملَأُ الأَرضَ وَالعَوالِمَ نوراً فَالثَرى مائِجٌ بَهاً وَضّاءُ +لا وَعيدٌ لا صَولَةٌ لا اِنتِقامُ لا حُسامٌ لا غَزوَةٌ لا دِماءُ +مَلَكٌ جاوَرَ التُرابَ فَلَمّا مَلَّ نابَت عَنِ التُرابِ السَماءُ +وَأَطاعَتهُ في الإِلَهِ شُيوخٌ خُشَّعٌ خُضَّعٌ لَهُ ضُعَفاءُ +أَذعَنَ الناسُ وَالمُلوكُ إِلى ما رَسَموا وَالعُقولُ وَالعُقَلاءُ +فَلَهُم وَقفَةٌ عَلى كُلِّ أَرضٍ وَعَلى كُلِّ شاطِئٍ إِرساءُ +دَخَلوا ثَيبَةً فَأَحسَنَ لُقيا هُم رِجالٌ بِثيبَةٍ حُكَماءُ +فَهِموا السِرَّ حينَ ذاقوا وَسَهلٌ أَن يَنالَ الحَقائِقَ الفُهَماءُ +فَإِذا الهَيكَلُ المُقَدَّسُ دَيرٌ وَإِذا الدَيرُ رَونَقٌ وَبَهاءُ +وَإِذا ثَيبَةٌ لِعيسى وَمَنفي سُ وَنَيلُ الثَراءِ وَالبَطحاءُ +إِنَّما الأَرضُ وَالفَضاءُ لِرَبّي وَمُلوكُ الحَقيقَةِ الأَنبِياءُ +لَهُمُ الحُبُّ خالِصاً مِن رَعايا هُم وَكُلُّ الهَوى لَهُم وَالوَلاءُ +إِنَّما يُنكِرُ الدِياناتِ قَومٌ هُم بِما يُنكِرونَهُ أَشقِياءُ +هَرِمَت دَولَةُ القَياصِرِ وَالدَو لاتُ كَالناسِ داؤُهُنَّ الفَناءُ +لَيسَ تُغني عَنها البِلادُ وَلا ما لُ الأَقاليمِ إِن أَتاها النِداءُ +نالَ روما ما نالَ مِن قَبلُ آثي نا وَسيمَتهُ ثَيبَةُ العَصماءُ +سُنَّةُ اللَهِ في المَمالِكِ مِن قَب لُ وَمِن بَعدِ ما لِنُعمى بَقاءُ +أَظلَمَ الشَرقُ بَعدَ قَيصَرَ وَالغَر بُ وَعَمَّ البَرِيَّةَ الإِدجاءُ +فَالوَرى في ضَلالِهِ مُتَمادٍ يَفتُكُ الجَهلُ فيهِ وَالجُهَلاءُ +عَرَّفَ اللَهَ ضِلَّةً فَهوَ شَخصٌ أَو شِهابٌ أَو صَخرَةٌ صَمّاءُ +وَتَوَلّى عَلى النُفوسِ هَوى الأَو ثانِ حَتّى اِنتَهَت لَهُ الأَهواءُ +فَرَأى اللَهُ أَن تُطَهَّرَ بِالسَي فِ وَأَن تَغسِلَ الخَطايا الدِماءُ +وَكَذاكَ النُفوسُ وَهيَ مِراضٌ بَعضُ أَعضائِها لِبَعضٍ فِداءُ +لَم يُعادِ اللَهُ العَبيدَ وَلَكِن شَقِيَت بِالغَباوَةِ الأَغبِياءُ +وَإِذا جَلَّتِ الذُنوبُ وَهالَت فَمِنَ العَدلِ أَن يَهولَ الجَزاءُ +أَشرَقَ النورُ في العَوالِمِ لَمّا بَشَّرَتها بِأَحمَدَ الأَنباءُ +بِاليَتيمِ الأُمِّيِّ وَالبَشَرِ المو حى إِلَيهِ العُلومُ وَالأَسماءُ +قُوَّةُ اللَهِ إِن تَوَلَّت ضَعيفاً تَعِبَت في مِراسِهِ الأَقوِياءُ +أَشرَفُ المُرسَلينَ آيَتُهُ النُط قُ مُبيناً وَقَومُهُ الفُصَحاءُ +لَم يَفُه بِالنَوابِغِ الغُرِّ حَتّى سَبَقَ الخَلقَ نَحوَهُ البُلَغاءُ +وَأَتَتهُ العُقولُ مُنقادَةَ اللُب بِ وَلَبّى الأَعوانُ وَالنُصَراءُ +جاءَ لِلناسِ وَالسَرائِرُ فَوضى لَم يُؤَلِّف شَتاتُهُنّ لِواءُ +وَحِمى اللَهُ مُستَباحٌ وَشَرعُ ال لَهِ وَالحَقُّ وَالصَوابُ وَراءُ +فَلِجِبريلَ جَيئَةٌ وَرَواحٌ وَهُبوطٌ إِلى الثَرى وَاِرتِقاءُ +يُحسَبُ الأُفقُ في جَناحَيهِ نورٌ سُلِبَتهُ النُجومُ وَالجَوزاءُ +تِلكَ آيُ الفُرقانِ أَرسَلَها ال لَهُ ضِياءً يَهدي بِهِ مَن يَشاءُ +نَسَخَت سُنَّةَ النَبِيّينَ وَالرُس لِ كَما يَنسَخُ الضِياءَ الضِياءُ +وَحَماها غُرٌّ كِرامٌ أَشِدّا ءُ عَلى الخَصمِ بَينَهُم رُحَماءُ +أُمَّةٌ يَنتَهي البَيانُ إِلَيها وَتَؤولُ العُلومُ وَالعُلَماءُ +جازَتِ النَجمَ وَاِطمَأَنَّت بِأُفقٍ مُطمَئِنٍّ بِهِ السَنا وَالسَناءُ +كُلَّما حَثَّتِ الرِكابَ لِأَرضٍ جاوَرَ الرُشدُ أَهلَها وَالذَكاءُ +وَعَلا الحَقُّ بَينَهُم وَسَما الفَض لُ وَنالَت حُقوقَها الضُعَفاءُ +تَحمِلُ النَجمَ وَالوَسيلَةَ وَالمي زانَ مِن دينِها إِلى مَن تَشاءُ +وَتُنيلُ الوُجودَ مِنهُ نِظاماً هُوَ طِبُّ الوُجودِ وَهوَ الدَواءُ +يَرجِعُ الناسُ وَالعُصورُ إِلى ما سَنَّ وَالجاحِدونَ وَالأَعداءُ +فيهِ ما تَشتَهي العَزائِمُ إِن هَم مَ ذَووها وَيَشتَهي الأَذكِياءُ +فَلِمَن حاوَلَ النَعيمَ نَعيمٌ وَلِمَن آثَرَ الشَقاءَ شَقاءُ +أَيَرى العُجمُ مِن بَني الظِلِّ وَالما ءِ عَجيباً أَن تُنجِبَ البَيداءُ +وَتُثيرُ الخِيامُ آسادَ هَيجا ءَ تَراها آسادَها الهَيجاءُ +ما أَنافَت عَلى السَواعِدِ حَتّى ال أَرضُ طُرّاً في أَسرِها وَالفَضاءُ +تَشهَدُ الصينُ وَالبِحارُ وَبَغدا دُ وَمِصرٌ وَالغَربُ وَالحَمراءُ +مَن كَعَمرِو البِلادِ وَالضادُ مِمّا شادَ فيها وَالمِلَّةُ الغَرّاءُ +شادَ لِلمُسلِمينَ رُكناً جَساماً ضافِيَ الظِلِّ دَأبُهُ الإيواءُ +طالَما قامَتِ الخِلافَةُ فيهِ فَاِطمَأَنَّت وَقامَتِ الخُلَفاءُ +وَاِنتَهى الدينُ بِالرَجاءِ إِلَيهِ وَبَنو الدينِ إِذ هُمُ ضُعَفاءُ +مَن يَصُنهُ يَصُن بَقِيَّةَ عِزٍّ غَيَّضَ التُركُ صَفوَهُ وَالثَواءُ +فَاِبكِ عَمَراً إِن كُنتَ مُنصِفَ عَمرو إِنَّ عُمَراً لَنَيِّرٌ وَضّاءُ +جادَ لِلمُسلِمينَ بِالنيلِ وَالني لُ لِمَن يَقتَنيهِ أَفريقاءُ +فَهيَ تَعلو شَأناً إِذا حُرِّرَ الني لُ وَفي رِقِّهِ لَها إِزراءُ +وَاِذكُرِ الغُرَّ آلَ أَيّوبَ وَاِمدَح فَمِنَ المَدحِ لِلرِجالِ جَزاءُ +هُم حُماةُ الإِسلامِ وَالنَفَرُ البي ضُ المُلوكُ الأَعِزَّةُ الصُلَحاءُ +كُلَّ يَومٍ بِالصالِحِيَّةِ حِصنٌ وَبِبُلبَيسَ قَلعَةٌ شَمّاءُ +وَبِمِصرٍ لِلعِلمِ دارٌ وَلِلضَي فانِ نارٌ عَظيمَةٌ حَمراءُ +وَلِأَعداءِ آلِ أَيّوبَ قَتلٌ وَلِأَسراهُمُ قِرىً وَثَواءُ +يَعرِفُ الدينُ مَن صَلاحٌ وَيَدري مَن هُوَ المَسجِدانِ وَالإِسراءُ +إِنَّهُ حِصنُهُ الَّذي كانَ حِصناً وَحُماهُ الَّذي بِهِ الاِحتِماءُ +يَومَ سارَ الصَليبُ وَالحامِلوهُ وَمَشى الغَربُ قَومُهُ وَالنِساءُ +بِنُفوسٍ تَجولُ فيها الأَماني وَقُلوبٍ تَثورُ فيها الدِماءُ +يُضمِرونَ الدَمارَ لِلحَقِّ وَالنا سِ وَدينِ الَّذينَ بِالحَقِّ جاؤوا +وَيَهُدّونَ بِالتِلاوَة�� وَالصُل بانِ ما شادَ بِالقَنا البَنّاءُ +فَتَلَقَّتهُمُ عَزائِمُ صِدقٍ نُصَّ لِلدينِ بَينَهُنَّ خِباءُ +مَزَّقَت جَمعَهُم عَلى كُلِّ أَرضٍ مِثلَما مَزَّقَ الظَلامَ الضِياءُ +وَسَبَت أَمرَدَ المُلوكِ فَرَدَّت هُ وَما فيهِ لِلرَعايا رَجاءُ +وَلَو أَنَّ المَليكَ هيبَ أَذاهُ لَم يُخَلِّصهُ مِن أَذاها الفِداءُ +هَكَذا المُسلِمونَ وَالعَرَبُ الخا لونَ لا ما يَقولُهُ الأَعداءُ +فَبِهِم في الزَمانِ نِلنا اللَيالي وَبِهِم في الوَرى لَنا أَنباءُ +لَيسَ لِلذُلِّ حيلَةٌ في نُفوسٍ يَستَوي المَوتُ عِندَها وَالبَقاءُ +وَاِذكُرِ التُركَ إِنَّهُم لَم يُطاعوا فَيَرى الناسُ أَحسَنوا أَم أَساؤوا +حَكَمَت دَولَةُ الجَراكِسِ عَنهُمُ وَهيَ في الدَهرِ دَولَةٌ عَسراءُ +وَاِستَبَدَّت بِالأَمرِ مِنهُم فَبا شا التُركِ في مِصرَ آلَةٌ صَمّاءُ +يَأخُذُ المالَ مِن مَواعيدَ ما كا نوا لَها مُنجِزينَ فَهيَ هَباءُ +وَيَسومونَهُ الرِضا بِأُمورٍ لَيسَ يَرضى أَقَلَّهُنَّ الرَضاءُ +فَيُداري لِيَعصِمَ الغَدَ مِنهُم وَالمُداراةُ حِكمَةٌ وَدَهاءُ +وَأَتى النَسرُ يَنهَبُ الأَرضَ نَهباً حَولَهُ قَومُهُ النُسورُ ظِماءُ +يَشتَهي النيلَ أَن يُشيدَ عَلَيهِ دَولَةً عَرضُها الثَرى وَالسَماءُ +حَلُمَت رومَةٌ بِها في اللَيالي وَرَآها القَياصِرُ الأَقوِياءُ +فَأَتَت مِصرَ رُسلُهُم تَتَوالى وَتَرامَت سودانَها العُلَماءُ +وَلَوِ اِستَشهَدَ الفَرَنسيسُ روما لَأَتَتهُم مِن رومَةَ الأَنباءُ +عَلِمَت كُلُّ دَولَةٍ قَد تَوَلَّت أَنَّنا سُمُّها وَأَنّا الوَباءُ +قاهِرُ العَصرِ وَالمَمالِكِ نابِل يونُ وَلَّت قُوّادُهُ الكُبَراءُ +جاءَ طَيشاً وَراحَ طَيشاً وَمِن قَب لُ أَطاشَت أُناسَها العَلياءُ +سَكَتَت عَنهُ يَومَ عَيَّرَها الأَه رامُ لَكِن سُكوتُها اِستِهزاءُ +فَهيَ توحي إِلَيهِ أَن تِلكَ واتِر لو فَأَينَ الجُيوشُ أَينَ اللِواءُ +وأتى المنتمي لأمة عثما ن عليٌّ: من يعرف الأحياء +ملك الحلم والعزائم إن عد دت ملوك الزمان والأمراء +رام بالريف والصعيد أمورا لم تنل كنه غورها الاغبياء +رام تاجيهما وعرش المعالي ويروم العظائم العظماء +أمل ابيض الخلال رفيع صغرته الأذلة الأشقياء +فكفاه أن جاء ميتا فأحيا وكفى مصر ذلك الإحياء +واذكر العادل الكريم سعيدا إن قوما له انتموا سعداء +المهيب اللواء في السيف والس لم المفدى فما له اعداء +عربي زمانه عمري عهده فيه رحمة ووفاء +مثلما شاءت الرامل والأي تام والبائسون والضعفاء +جمع الزاخرين كرها فلا كا نا ولا كان ذلك الإلتقاء +أحمر عند أبيض للبرايا حصة القطر منهما سوداء +وغزير الهدى من الحمد والتو فيق صيغت لذاته الأسماء +بثت العدل راحتاه وعزت في حماه العلوم والعلماء +إن أتاها فليس فيها بباد أو جناها فذا الورى شركاء +أخطا الأقربون موضعها الدا ني وفازت بنيله البعداء +لا يلم بعضكم على الخطب بعضا أيها القوم كلكم أبرياء +ضلة زانها الشقاء لمصر ومن الذنب ما يجيء الشقاء +وقضى الله للعزيز بنصر فأتى نصره وكان القضاء +يا عزيز الأنام والعصر سمعا فلقد شاق منطقي الإصغاء +إن عصرا مولاي فيه المرجى أنا فيه القريض والشعراء +هذه حكمتي وهذا بياني لي به نحو راحتيك ارتقاء +ألثم السدة التي إن أنلها تهو فيها وتسجد الجوزاء +سائلا أن ت��يش مصر ويبقى لك منها ومن بنيها الولاء +كيف تشقى بحب حلمي بلاد نحن أسيافها وحلمي المضاء +وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ +الروحُ وَالمَلَأُ المَلائِكُ حَولَهُ لِلدينِ وَالدُنيا بِهِ بُشَراءُ +وَالعَرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي وَالمُنتَهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ +وَحَديقَةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا بِالتُرجُمانِ شَذِيَّةٌ غَنّاءُ +وَالوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلاً مِن سَلسَلٍ وَاللَوحُ وَالقَلَمُ البَديعُ رُواءُ +نُظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ في اللَوحِ وَاِسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ +اِسمُ الجَلالَةِ في بَديعِ حُروفِهِ أَلِفٌ هُنالِكَ وَاِسمُ طَهَ الباءُ +يا خَيرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً مِن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا +بَيتُ النَبِيّينَ الَّذي لا يَلتَقي إِلّا الحَنائِفُ فيهِ وَالحُنَفاءُ +خَيرُ الأُبُوَّةِ حازَهُم لَكَ آدَمٌ دونَ الأَنامِ وَأَحرَزَت حَوّاءُ +هُم أَدرَكوا عِزَّ النُبُوَّةِ وَاِنتَهَت فيها إِلَيكَ العِزَّةُ القَعساءُ +خُلِقَت لِبَيتِكَ وَهوَ مَخلوقٌ لَها إِنَّ العَظائِمَ كُفؤُها العُظَماءُ +بِكَ بَشَّرَ اللَهُ السَماءَ فَزُيِّنَت وَتَضَوَّعَت مِسكاً بِكَ الغَبراءُ +وَبَدا مُحَيّاكَ الَّذي قَسَماتُهُ حَقٌّ وَغُرَّتُهُ هُدىً وَحَياءُ +وَعَلَيهِ مِن نورِ النُبُوَّةِ رَونَقٌ وَمِنَ الخَليلِ وَهَديِهِ سيماءُ +أَثنى المَسيحُ عَلَيهِ خَلفَ سَمائِهِ وَتَهَلَّلَت وَاِهتَزَّتِ العَذراءُ +يَومٌ يَتيهُ عَلى الزَمانِ صَباحُهُ وَمَساؤُهُ بِمُحَمَّدٍ وَضّاءُ +الحَقُّ عالي الرُكنِ فيهِ مُظَفَّرٌ في المُلكِ لا يَعلو عَلَيهِ لِواءُ +ذُعِرَت عُروشُ الظالِمينَ فَزُلزِلَت وَعَلَت عَلى تيجانِهِم أَصداءُ +وَالنارُ خاوِيَةُ الجَوانِبِ حَولَهُم خَمَدَت ذَوائِبُها وَغاضَ الماءُ +وَالآيُ تَترى وَالخَوارِقُ جَمَّةٌ جِبريلُ رَوّاحٌ بِها غَدّاءُ +نِعمَ اليَتيمُ بَدَت مَخايِلُ فَضلِهِ وَاليُتمُ رِزقٌ بَعضُهُ وَذَكاءُ +في المَهدِ يُستَسقى الحَيا بِرَجائِهِ وَبِقَصدِهِ تُستَدفَعُ البَأساءُ +بِسِوى الأَمانَةِ في الصِبا وَالصِدقِ لَم يَعرِفهُ أَهلُ الصِدقِ وَالأُمَناءُ +يا مَن لَهُ الأَخلاقُ ما تَهوى العُلا مِنها وَما يَتَعَشَّقُ الكُبَراءُ +لَو لَم تُقِم ديناً لَقامَت وَحدَها ديناً تُضيءُ بِنورِهِ الآناءُ +زانَتكَ في الخُلُقِ العَظيمِ شَمائِلٌ يُغرى بِهِنَّ وَيولَعُ الكُرَماءُ +أَمّا الجَمالُ فَأَنتَ شَمسُ سَمائِهِ وَمَلاحَةُ الصِدّيقِ مِنكَ أَياءُ +وَالحُسنُ مِن كَرَمِ الوُجوهِ وَخَيرُهُ ما أوتِيَ القُوّادُ وَالزُعَماءُ +فَإِذا سَخَوتَ بَلَغتَ بِالجودِ المَدى وَفَعَلتَ ما لا تَفعَلُ الأَنواءُ +وَإِذا عَفَوتَ فَقادِراً وَمُقَدَّراً لا يَستَهينُ بِعَفوِكَ الجُهَلاءُ +وَإِذا رَحِمتَ فَأَنتَ أُمٌّ أَو أَبٌ هَذانِ في الدُنيا هُما الرُحَماءُ +وَإِذا غَضِبتَ فَإِنَّما هِيَ غَضبَةٌ في الحَقِّ لا ضِغنٌ وَلا بَغضاءُ +وَإِذا رَضيتَ فَذاكَ في مَرضاتِهِ وَرِضى الكَثيرِ تَحَلُّمٌ وَرِياءُ +وَإِذا خَطَبتَ فَلِلمَنابِرِ هِزَّةٌ تَعرو النَدِيَّ وَلِلقُلوبِ بُكاءُ +وَإِذا قَضَيتَ فَلا اِرتِيابَ كَأَنَّما جاءَ الخُصومَ مِنَ السَماءِ قَضاءُ +وَإِذا حَمَيتَ الماءَ لَم يورَد وَلَو أَنَّ القَياصِرَ وَالمُلوكَ ظِماءُ +وَإِذا أَجَرتَ فَأَنتَ بَيتُ اللَهِ لَم يَدخُل عَلَيهِ المُستَجيرَ عَداءُ +وَإِذا مَلَكتَ النَفسَ قُمتَ بِبِرِّها وَلَوَ اَنَّ ما مَلَكَت يَداكَ الشاءُ +وَإِذا بَنَيتَ فَخَيرُ زَوجٍ عِشرَةً وَإِذا اِبتَنَيتَ فَدونَكَ الآباءُ +وَإِذا صَحِبتَ رَأى الوَفاءَ مُجَسَّماً في بُردِكَ الأَصحابُ وَالخُلَطاءُ +وَإِذا أَخَذتَ العَهدَ أَو أَعطَيتَهُ فَجَميعُ عَهدِكَ ذِمَّةٌ وَوَفاءُ +وَإِذا مَشَيتَ إِلى العِدا فَغَضَنفَرٌ وَإِذا جَرَيتَ فَإِنَّكَ النَكباءُ +وَتَمُدُّ حِلمَكَ لِلسَفيهِ مُدارِياً حَتّى يَضيقَ بِعَرضِكَ السُفَهاءُ +في كُلِّ نَفسٍ مِن سُطاكَ مَهابَةٌ وَلِكُلِّ نَفسٍ في نَداكَ رَجاءُ +وَالرَأيُ لَم يُنضَ المُهَنَّدُ دونَهُ كَالسَيفِ لَم تَضرِب بِهِ الآراءُ +يأَيُّها الأُمِيُّ حَسبُكَ رُتبَةً في العِلمِ أَن دانَت بِكَ العُلَماءُ +الذِكرُ آيَةُ رَبِّكَ الكُبرى الَّتي فيها لِباغي المُعجِزاتِ غَناءُ +صَدرُ البَيانِ لَهُ إِذا اِلتَقَتِ اللُغى وَتَقَدَّمَ البُلَغاءُ وَالفُصَحاءُ +نُسِخَت بِهِ التَوراةُ وَهيَ وَضيئَةٌ وَتَخَلَّفَ الإِنجيلُ وَهوَ ذُكاءُ +لَمّا تَمَشّى في الحِجازِ حَكيمُهُ فُضَّت عُكاظُ بِهِ وَقامَ حِراءُ +أَزرى بِمَنطِقِ أَهلِهِ وَبَيانِهِم وَحيٌ يُقَصِّرُ دونَهُ البُلَغاءُ +حَسَدوا فَقالوا شاعِرٌ أَو ساحِرٌ وَمِنَ الحَسودِ يَكونُ الاِستِهزاءُ +قَد نالَ بِالهادي الكَريمِ وَبِالهُدى ما لَم تَنَل مِن سُؤدُدٍ سيناءُ +أَمسى كَأَنَّكَ مِن جَلالِكَ أُمَّةٌ وَكَأَنَّهُ مِن أُنسِهِ بَيداءُ +يوحى إِلَيكَ الفَوزُ في ظُلُماتِهِ مُتَتابِعاً تُجلى بِهِ الظَلماءُ +دينٌ يُشَيَّدُ آيَةً في آيَةٍ لَبِناتُهُ السوراتُ وَالأَدواءُ +الحَقُّ فيهِ هُوَ الأَساسُ وَكَيفَ لا وَاللَهُ جَلَّ جَلالُهُ البَنّاءُ +أَمّا حَديثُكَ في العُقولِ فَمَشرَعٌ وَالعِلمُ وَالحِكَمُ الغَوالي الماءُ +هُوَ صِبغَةُ الفُرقانِ نَفحَةُ قُدسِهِ وَالسينُ مِن سَوراتِهِ وَالراءُ +جَرَتِ الفَصاحَةُ مِن يَنابيعَ النُهى مِن دَوحِهِ وَتَفَجَّرَ الإِنشاءُ +في بَحرِهِ لِلسابِحينَ بِهِ عَلى أَدَبِ الحَياةِ وَعِلمِها إِرساءُ +أَتَتِ الدُهورُ عَلى سُلافَتِهِ وَلَم تَفنَ السُلافُ وَلا سَلا النُدَماءُ +بِكَ يا اِبنَ عَبدِ اللَهِ قامَت سَمحَةٌ بِالحَقِّ مِن مَلَلِ الهُدى غَرّاءُ +بُنِيَت عَلى التَوحيدِ وَهيَ حَقيقَةٌ نادى بِها سُقراطُ وَالقُدَماءُ +وَجَدَ الزُعافَ مِنَ السُمومِ لِأَجلِها كَالشَهدِ ثُمَّ تَتابَعَ الشُهَداءُ +وَمَشى عَلى وَجهِ الزَمانِ بِنورِها كُهّانُ وادي النيلِ وَالعُرَفاءُ +إيزيسُ ذاتُ المُلكِ حينَ تَوَحَّدَت أَخَذَت قِوامَ أُمورِها الأَشياءُ +لَمّا دَعَوتَ الناسَ لَبّى عاقِلٌ وَأَصَمَّ مِنكَ الجاهِلينَ نِداءُ +أَبَوا الخُروجَ إِلَيكَ مِن أَوهامِهِم وَالناسُ في أَوهامِهِم سُجَناءُ +وَمِنَ العُقولِ جَداوِلٌ وَجَلامِدٌ وَمِنَ النُفوسِ حَرائِرٌ وَإِماءُ +داءُ الجَماعَةِ مِن أَرِسطاليسَ لَم يوصَف لَهُ حَتّى أَتَيتَ دَواءُ +فَرَسَمتَ بَعدَكَ لِلعِبادِ حُكومَةً لا سوقَةٌ فيها وَلا أُمَراءُ +اللَهُ فَوقَ الخَلقِ فيه�� وَحدَهُ وَالناسُ تَحتَ لِوائِها أَكفاءُ +وَالدينُ يُسرٌ وَالخِلافَةُ بَيعَةٌ وَالأَمرُ شورى وَالحُقوقُ قَضاءُ +الإِشتِراكِيّونَ أَنتَ إِمامُهُم لَولا دَعاوى القَومِ وَالغُلَواءُ +داوَيتَ مُتَّئِداً وَداوَوا ظَفرَةً وَأَخَفُّ مِن بَعضِ الدَواءِ الداءُ +الحَربُ في حَقٍّ لَدَيكَ شَريعَةٌ وَمِنَ السُمومِ الناقِعاتِ دَواءُ +وَالبِرُّ عِندَكَ ذِمَّةٌ وَفَريضَةٌ لا مِنَّةٌ مَمنونَةٌ وَجَباءُ +جاءَت فَوَحَّدَتِ الزَكاةُ سَبيلَهُ حَتّى اِلتَقى الكُرَماءُ وَالبُخَلاءُ +أَنصَفَت أَهلَ الفَقرِ مِن أَهلِ الغِنى فَالكُلُّ في حَقِّ الحَياةِ سَواءُ +فَلَوَ اَنَّ إِنساناً تَخَيَّرَ مِلَّةً ما اِختارَ إِلّا دينَكَ الفُقَراءُ +يأَيُّها المُسرى بِهِ شَرَفاً إِلى ما لا تَنالُ الشَمسُ وَالجَوزاءُ +يَتَساءَلونَ وَأَنتَ أَطهَرُ هَيكَلٍ بِالروحِ أَم بِالهَيكَلِ الإِسراءُ +بِهِما سَمَوتَ مُطَهَّرَينِ كِلاهُما نورٌ وَرَيحانِيَّةٌ وَبَهاءُ +فَضلٌ عَلَيكَ لِذي الجَلالِ وَمِنَّةٌ وَاللَهُ يَفعَلُ ما يَرى وَيَشاءُ +تَغشى الغُيوبَ مِنَ العَوالِمِ كُلَّما طُوِيَت سَماءٌ قُلِّدَتكَ سَماءُ +في كُلِّ مِنطَقَةٍ حَواشي نورُها نونٌ وَأَنتَ النُقطَةُ الزَهراءُ +أَنتَ الجَمالُ بِها وَأَنتَ المُجتَلى وَالكَفُّ وَالمِرآةُ وَالحَسناءُ +اللَهُ هَيَّأَ مِن حَظيرَةِ قُدسِهِ نَزُلاً لِذاتِكَ لَم يَجُزهُ عَلاءُ +العَرشُ تَحتَكَ سُدَّةً وَقَوائِماً وَمَناكِبُ الروحِ الأَمينِ وِطاءُ +وَالرُسلُ دونَ العَرشِ لَم يُؤذَن لَهُم حاشا لِغَيرِكَ مَوعِدٌ وَلِقاءُ +الخَيلُ تَأبى غَيرَ أَحمَدَ حامِياً وَبِها إِذا ذُكِرَ اِسمُهُ خُيَلاءُ +شَيخُ الفَوارِسِ يَعلَمونَ مَكانَهُ إِن هَيَّجَت آسادَها الهَيجاءُ +وَإِذا تَصَدّى لِلظُبى فَمُهَنَّدٌ أَو لِلرِماحِ فَصَعدَةٌ سَمراءُ +وَإِذا رَمى عَن قَوسِهِ فَيَمينُهُ قَدَرٌ وَما تُرمى اليَمينُ قَضاءُ +مِن كُلِّ داعي الحَقِّ هِمَّةُ سَيفِهِ فَلِسَيفِهِ في الراسِياتِ مَضاءُ +ساقي الجَريحِ وَمُطعِمُ الأَسرى وَمَن أَمِنَت سَنابِكَ خَيلِهِ الأَشلاءُ +إِنَّ الشَجاعَةَ في الرِجالِ غَلاظَةٌ ما لَم تَزِنها رَأفَةٌ وَسَخاءُ +وَالحَربُ مِن شَرَفِ الشُعوبِ فَإِن بَغَوا فَالمَجدُ مِمّا يَدَّعونَ بَراءُ +وَالحَربُ يَبعَثُها القَوِيُّ تَجَبُّراً وَيَنوءُ تَحتَ بَلائِها الضُعَفاءُ +كَم مِن غُزاةٍ لِلرَسولِ كَريمَةٍ فيها رِضىً لِلحَقِّ أَو إِعلاءُ +كانَت لِجُندِ اللَهِ فيها شِدَّةٌ في إِثرِها لِلعالَمينَ رَخاءُ +ضَرَبوا الضَلالَةَ ضَربَةٌ ذَهَبَت بِها فَعَلى الجَهالَةِ وَالضَلالِ عَفاءُ +دَعَموا عَلى الحَربِ السَلامَ وَطالَما حَقَنَت دِماءً في الزَمانِ دِماءُ +الحَقُّ عِرضُ اللَهِ كلُّ أَبِيَّةٍ بَينَ النُفوسِ حِمىً لَهُ وَوِقارُ +هَل كانَ حَولَ مُحَمَّدٍ مِن قَومِهِ إِلا صَبِيٌّ واحِدٌ وَنِساءُ +فَدَعا فَلَبّى في القَبائِلِ عُصبَةٌ مُستَضعَفونَ قَلائِلٌ أَنضاءُ +رَدّوا بِبَأسِ العَزمِ عَنهُ مِنَ الأَذى ما لا تَرُدُّ الصَخرَةُ الصَمّاءُ +وَالحَقُّ وَالإيمانُ إِن صُبّا عَلى بُردٍ فَفيهِ كَتيبَةٌ خَرساءُ +نَسَفوا بِناءَ الشِركِ فَهوَ خَرائِبٌ وَاِستَأصَلوا الأَصنامَ فَهيَ هَباءُ +يَمشونَ تُغضي الأَرضُ مِنهُم هَيبَةً وَبِهِم حِيالَ نَعيمِها إِغضاءُ +حَتّى إِذا فُتِحَت لَهُم أَطرافُها لَم يُطغِهِم تَرَفٌ وَلا نَعماءُ +يا مَن لَهُ عِزُّ الشَفاعَةِ وَحدَهُ وَهوَ المُنَزَّهُ ما لَهُ شُفَعاءُ +عَرشُ القِيامَةِ أَنتَ تَحتَ لِوائِهِ وَالحَوضُ أَنتَ حِيالَهُ السَقاءُ +تَروي وَتَسقي الصالِحينَ ثَوابَهُم وَالصالِحاتُ ذَخائِرٌ وَجَزاءُ +أَلِمِثلِ هَذا ذُقتَ في الدُنيا الطَوى وَاِنشَقَّ مِن خَلَقٍ عَلَيكَ رِداءُ +لي في مَديحِكَ يا رَسولُ عَرائِسٌ تُيِّمنَ فيكَ وَشاقَهُنَّ جَلاءُ +هُنَّ الحِسانُ فَإِن قَبِلتَ تَكَرُّماً فَمُهورُهُنَّ شَفاعَةٌ حَسناءُ +أَنتَ الَّذي نَظَمَ البَرِيَّةَ دينُهُ ماذا يَقولُ وَيَنظُمُ الشُعَراءُ +المُصلِحونَ أَصابِعٌ جُمِعَت يَداً هِيَ أَنتَ بَل أَنتَ اليَدُ البَيضاءُ +ما جِئتُ بابَكَ مادِحاً بَل داعِياً وَمِنَ المَديحِ تَضَرُّعٌ وَدُعاءُ +أَدعوكَ عَن قَومي الضِعافِ لِأَزمَةٍ في مِثلِها يُلقى عَلَيكَ رَجاءُ +أَدرى رَسولُ اللَهِ أَنَّ نُفوسَهُم رَكِبَت هَواها وَالقُلوبُ هَواءُ +مُتَفَكِّكونَ فَما تَضُمُّ نُفوسَهُم ثِقَةٌ وَلا جَمَعَ القُلوبَ صَفاءُ +رَقَدوا وَغَرَّهُمُ نَعيمٌ باطِلٌ وَنَعيمُ قَومٍ في القُيودِ بَلاءُ +ظَلَموا شَريعَتَكَ الَّتي نِلنا بِها ما لَم يَنَل في رومَةَ الفُقَهاءُ +مَشَتِ الحَضارَةُ في سَناها وَاِهتَدى في الدينِ وَالدُنيا بِها السُعَداءُ +صَلّى عَلَيكَ اللَهُ ما صَحِبَ الدُجى حادٍ وَحَنَّت بِالفَلا وَجناءُ +وَاِستَقبَلَ الرِضوانَ في غُرُفاتِهِم بِجِنانِ عَدنٍ آلُكَ السُمَحاءُ +خَيرُ الوَسائِلِ مَن يَقَع مِنهُم عَلى سَبَبٍ إِلَيكَ فَحَسبِيَ الزَهراءُ +بِسَيفِكَ يَعلو الحَقُّ وَالحَقُّ أَغلَبُ وَيُنصَرُ دينُ اللَهِ أَيّانَ تَضرِبُ +وَما السَيفُ إِلّا آيَةُ المُلكِ في الوَرى وَلا الأَمرُ إِلّا لِلَّذي يَتَغَلَّبُ +فَأَدِّب بِهِ القَومَ الطُغاةَ فَإِنَّهُ لَنِعمَ المَرَبي لِلطُغاةِ المُؤَدِّبُ +وَداوِ بِهِ الدولاتِ مِن كُلِّ دائِها فَنِعمَ الحُسامُ الطِبُّ وَالمُتَطَبِّبُ +تَنامُ خُطوبُ المُلكِ إِن باتَ ساهِراً وَإِن هُوَ نامَ اِستَيقَظَت تَتَأَلَّبُ +أَمِنّا اللَيالي أَن نُراعَ بِحادِثٍ وَأَرمينيا ثَكلى وَحَورانَ أَشيَبُ +وَمَملَكَةُ اليونانِ مَحلولَةُ العُرى رَجاؤُكَ يُعطيها وَخَوفُكَ يُسلَبُ +هَدَدتَ أَميرَ المُؤمِنينَ كَيانَها بِأَسطَعَ مِثلِ الصُبحِ لا يَتَكَذَّبُ +وَمازالَ فَجراً سَيفُ عُثمانَ صادِقاً يُساريهِ مِن عالي ذَكائِكَ كَوكَبُ +إِذا ما صَدَعتَ الحادِثاتِ بِحَدِّهِ تَكَشَّفَ داجي الخَطبِ وَاِنجابَ غَيهَبُ +وَهابَ العِدا فيهِ خِلافَتَكَ الَّتي لَهُم مَأرَبٌ فيها وَلِلَّهِ مَأرَبُ +سَما بِكَ يا عَبدَ الحَميدِ أُبُوَّةٌ ثَلاثونَ خُضّارُ الجَلالَةِ غُيَّبُ +قَياصِرُ أَحياناً خَلائِفُ تارَةً خَواقينُ طَوراً وَالفَخارُ المُقَلَّبُ +نُجومُ سُعودِ المَلكِ أَقمارُ زُهرِهِ لَوَ اَنَّ النُجومَ الزُهرَ يَجمَعُها أَبُ +تَواصَوا بِهِ عَصراً فَعَصراً فَزادَهُ مُعَمَّمُهُم مِن هَيبَةٍ وَالمُعَصَّبُ +هُمُ الشَمسُ لَم تَبرَح سَماواتِ عِزِّها وَفينا ضُحاها وَالشُعاعُ المُحَبَّبُ +نَهَضتَ بِعَرشٍ يَنهَضُ ا��دَهرُ بِهِ خُشوعاً وَتَخشاهُ اللَيالي وَتَرهَبُ +مَكينٍ عَلى مَتنِ الوُجودِ مُؤَيَّدٍ بِشَمسِ اِستِواءٍ مالَها الدَهرَ مَغرِبُ +تَرَقَّت لَهُ الأَسواءُ حَتّى اِرتَقَيتَهُ فَقُمتَ بِها في بَعضِ ما تَتَنَكَّبُ +فَكُنتَ كَعَينٍ ذاتِ جَريٍ كَمينَةٍ تَفيضُ عَلى مَرِّ الزَمانِ وَتَعذُبُ +مُوَكَّلَةٍ بِالأَرضِ تَنسابُ في الثَرى فَيَحيا وَتَجري في البِلادِ فَتُخضِبُ +فَأَحيَيتَ مَيتاً دارِسَ الرَسمِ غابِراً كَأَنَّكَ فيما جِئتَ عيسى المُقَرَّبُ +وَشِدتَ مَناراً لِلخِلافَةِ في الوَرى تُشَرِّقُ فيهِم شَمسُهُ وَتُغَرِّبُ +سَهِرتَ وَنامَ المُسلِمونَ بِغَبطَةٍ وَما يُزعِجُ النُوّامَ وَالساهِرُ الأَبُ +فَنَبَّهَنا الفَتحُ الَّذي ما بِفَجرِهِ وَلا بِكَ يا فَجرَ السَلامِ مُكَذِّبُ +حُسامُكَ مِن سُقراطَ في الخَطبِ أَخطَبُ وَعودُكَ مِن عودِ المَنابِرِ أَصلَبُ +وَعَزمُكَ مِن هوميرَ أَمضى بَديهَةً وَأَجلى بَياناً في القُلوبِ وَأَعذَبُ +وَإِن يَذكُروا إِسكَندَراً وَفُتوحَهُ فَعَهدُكَ بِالفَتحِ المُحَجَّلِ أَقرَبُ +وَمُلكُكَ أَرقى بِالدَليلِ حُكومَةً وَأَنفَذُ سَهماً في الأُمورِ وَأَصوَبُ +ظَهَرتَ أَميرَ المُؤمِنينَ عَلى العِدا ظُهوراً يَسوءُ الحاسِدينَ وَيُتعِبُ +سَلِ العَصرَ وَالأَيّامَ وَالناسَ هَل نَبا لِرَأيِكَ فيهِم أَو لِسَيفِكَ مَضرِبُ +هُمُ مَلَئوا الدُنيا جَهاماً وَراءَهُ جَهامٌ مِنَ الأَعوانِ أَهذى وَأَكذَبُ +فَلَمّا اِستَلَلتَ السَيفَ أَخلَبَ بَرقُهُم وَما كُنتَ يا بَرقَ المَنِيَّةِ تُخلِبُ +أَخَذتَهُمُ لا مالِكينَ لِحَوضِهِم مِنَ الذَودِ إِلّا ما أَطالوا وَأَسهَبوا +وَلم يَتَكَلَّف قَومُكَ الأُسدُ أُهبَةً وَلَكِنَّ خُلقاً في السِباعِ التَأَهُّبُ +كَذا الناسُ بِالأَخلاقِ يَبقى صَلاحُهُم وَيَذهَبُ عَنهُم أَمرُهُم حينَ تَذهَبُ +وَمِن شَرَفِ الأَوطانِ أَلّا يَفوتَها حُسامٌ مُعِزٌّ أَو يَراعٌ مُهَذَّبُ +مَلَكتَ سَبيلَيهِم فَفي الشَرقِ مَضرِبٌ لِجَيشِكَ مَمدودٌ وَفي الغَربِ مَضرِبُ +ثَمانونَ أَلفاً أُسدُ غابٍ ضَراغِمٌ لَها مِخلَبٌ فيهِم وَلِلمَوتِ مَخلِبُ +إِذا حَلِمَت فَالشَرُّ وَسنانُ حالِمٌ وَإِن غَضِبَت فَالشَرُّ يَقظانُ مُغضِبُ +فَيالِقُ أَفشى في البِلادِ مِنَ الضُحى وَأَبعَدُ مِن شَمسِ النَهارِ وَأَقرَبُ +وَتُصبِحُ تَلقاهُم وَتُمسي تَصُدُّهُم وَتَظهَرُ في جِدِّ القِتالِ وَتَلعَبُ +تَلوحُ لَهُم في كُلِّ أُفقٍ وَتَعتَلي وَتَطلُعُ فيهِم مِن مَكانٍ وَتَغرُبُ +وَتُقدِمُ إِقدامَ اللُيوثِ وَتَنثَني وَتُدبِرُ عِلماً بِالوَغى وَتُعَقِّبُ +وَتَملِكُ أَطرافَ الشِعابِ وَتَلتَقي وَتَأخُذُ عَفواً كُلَّ عالٍ وَتَغصِبُ +وَتَغشى أَبِيّاتِ المَعاقِلِ وَالذُرا فَثَيِّبُهُنَّ البِكرُ وَالبِكرُ ثَيِّبُ +يَقودُ سَراياها وَيَحمي لِواءَها سَديدُ المَرائي في الحُروبِ مُجَرِّبُ +يَجيءُ بِها حيناً وَيَرجِعُ مَرَّةً كَما تَدفَعُ اللَجَّ البِحارُ وَتَجذِبُ +وَيَرمي بِها كَالبَحرِ مِن كُلِّ جانِبٍ فَكُلُّ خَميسٍ لُجَّةٌ تَتَضَرَّبُ +وَيُنفِذُها مِن كُلِّ شِعبٍ فَتَلتَقي كَما يَتَلاقى العارِضُ المُتَشَعِّبُ +وَيَجعَلُ ميقاتاً لَها تَنبَري لَهُ كَما دارَ يَلقى عَقرَبَ السَيرِ عَقرَبُ +ف��ظَلَّت عُيونُ الحَربِ حَيرى لِما تَرى نَواظِرَ ما تَأتي اللُيوثُ وَتُغرِبُ +تُبالِغُ بِالرامي وَتَزهو بِما رَمى وَتُعجَبُ بِالقُوّادِ وَالجُندُ أَعجَبُ +وَتُثني عَلى مُزجي الجُيوشِ بِيَلدِزٍ وَمُلهِمِها فيما تَنالُ وَتَكسِبُ +وَما المُلكُ إِلّا الجَيشُ شَأناً وَمَظهَراً وَلا الجَيشُ إِلّا رَبُّهُ حينَ يُنسَبُ +تُحَذِّرُني مِن قَومِها التُركِ زَينَبُ وَتُعجِمُ في وَصفِ اللُيوثِ وَتُعرِبُ +وَتُكثِرُ ذِكرَ الباسِلينَ وَتَنثَني بِعِزٍّ عَلى عِزِّ الجَمالِ وَتُعجَبُ +وَتَسحَبُ ذَيلَ الكِبرِياءِ وَهَكَذا يَتيهُ وَيَختالُ القَوِيُّ المُغَلِّبُ +وَزَينَبُ إِن تاهَت وَإِن هِيَ فاخَرَت فَما قَومُها إِلّا العَشيرُ المُحَبَّبُ +يُؤَلِّفُ إيلامُ الحَوادِثِ بَينَنا وَيَجمَعُنا في اللَهِ دينٌ وَمَذهَبُ +نَما الوُدُّ حَتّى مَهَّدَ السُبلَ لِلهَوى فَما في سَبيلِ الوَصلِ ما يُتَصَعَّبُ +وَدانى الهَوى ما شاءَ بَيني وَبَينَها فَلَم يَبقَ إِلّا الأَرضُ وَالأَرضُ تَقرُبُ +رَكِبتُ إِلَيها البَحرَ وَهوَ مَصيدَةٌ تُمَدُّ بِها سُفنُ الحَديدِ وَتُنصَبُ +تَروحُ المَنايا الزُرقُ فيهِ وَتَغتَدي وَما هِيَ إِلّا المَوجُ يَأتي وَيَذهَبُ +وَتَبدو عَلَيهِ الفُلكُ شَتّى كَأَنَّها بُؤوزٌ تُراعيها عَلى البُعدِ أَعقُبُ +حَوامِلُ أَعلامِ القَياصِرِ حُضرٌ عَلَيها سَلاطينُ البَرِيَّةِ غُيَّبُ +تُجاري خُطاها الحادِثاتِ وَتَقتَفي وَتَطفو حَوالَيها الخُطوبُ وَتَرسُبُ +وَيوشِكُ يَجري الماءُ مِن تَحتِها دَماً إِذا جَمَعَت أَثقالَها تَتَرَقَّبُ +فَقُلتُ أَأَشراطُ القِيامَةِ ما أَرى أَمِ الحَربُ أَدنى مِن وَريدٍ وَأَقرَبُ +أَماناً أَماناً لُجَّةَ الرومِ لِلوَرى لَوَ اَنَّ أَماناً عِندَ دَأماءَ يُطلَبُ +كَأَنّي بِأَحداثِ الزَمانِ مُلِمَّةً وَقَد فاضَ مِنها حَوضُكِ المُتَضَرِّبُ +فَأُزعِجَ مَغبوطٌ وَرُوِّعَ آمِنٌ وَغالَ سَلامَ العالَمينَ التَعَصُّبُ +فَقالَت أَطَلتَ الهَمَّ لِلخَلقِ مَلجَأٌ أَبَرُّ بِهِم مِن كُلِّ بَرٍّ وَأَحدَبُ +سَلامُ البَرايا في كَلاءَةِ فَرقَدٍ بِيَلدِزَ لا يَغفو وَلا يَتَغَيَّبُ +وَإِنَّ أَميرَ المُؤمِنينَ لَوابِلٌ مِنَ الغَوثِ مُنهَلٌ عَلى الخَلقِ صَيِّبُ +رَأى الفِتنَةَ الكُبرى فَوالى اِنهِمالَهُ فَبادَت وَكانَت جَمرَةً تَتَلَهَّبُ +فَما زِلتُ بِالأَهوالِ حَتّى اِقتَحَمتُها وَقَد تُركِبُ الحاجاتُ ما لَيسَ يُركَبُ +أَخوضُ اللَيالي مِن عُبابٍ وَمِن دُجىً إِلى أُفقٍ فيهِ الخَليفَةُ كَوكَبُ +إِلى مُلكِ عُثمانَ الَّذي دونَ حَوضِهِ بِناءُ العَوالي المُشمَخِرُّ المُطَنَّبُ +فَلاحَ يُناغي النَجمَ صَرحٌ مُثَقَّبٌ عَلى الماءِ قَد حاذاهُ صَرحٌ مُثقَبُ +بُروجٌ أَعارَتها المَنونُ عُيونَها لَها في الجَواري نَظرَةٌ لا تُخَيَّبُ +رَواسي اِبتِداعٍ في رَواسي طَبيعَةٍ تَكادُ ذُراها في السَحابِ تُغَيَّبُ +فَقُمتُ أُجيلُ الطَرفَ حَيرانَ قائِلاً أَهَذى ثُغورُ التُركِ أَم أَنا أَحسَبُ +فَمِثلَ بِناءِ التُركِ لَم يَبنِ مُشرِقٌ وَمِثلَ بِناءِ التُركِ لَم يَبنِ مَغرِبُ +تَظَلُّ مَهولاتُ البَوارِجِ دونَهُ حَوائِرَ ما يَدرينَ ماذا تُخَرِّبُ +إِذا طاشَ بَينَ الماءِ وَالصَخرِ سَهمُها أَتاها حَديدٌ ما يَطيشُ وَأَسرَبُ +يُسَدِّدُهُ عِزريلُ في زِيِّ قاذِفٍ وَأَيدي المَنايا وَالقَضاءُ المُدَرَّبُ +قَذائِفُ تَخشى مُهجَةُ الشَمسِ كُلَّما عَلَت مُصعِداتٍ أَنَّها لا تُصَوَّبُ +إِذا صُبَّ حاميها عَلى السُفنِ اِنثَنَت وَغانِمُها الناجي فَكَيفَ المُخَيَّبُ +سَلِ الرومَ هَل فيهِنَّ لِلفُلكِ حيلَةٌ وَهَل عاصِمٌ مِنهُنَّ إِلّا التَنَكُّبُ +تَذَبذَبَ أُسطولاهُمُ فَدَعَتهُما إِلى الرُشدِ نارٌ ثَمَّ لا تَتَذَبذَبُ +فَلا الشَرقُ في أُسطولِهِ مُتقى الحِمى وَلا الغَربُ في أُسطولِهِ مُتَهَيَّبُ +وَما راعَني إِلّا لِواءٌ مُخَضَّبٌ هُنالِكَ يَحميهِ بَنانٌ مُخَضَّبُ +فَقُلتُ مَنِ الحامي أَلَيثٌ غَضَنفَرٌ مِنَ التُركِ ضارٍ أَم غَزالٌ مُرَبَّبُ +أَمِ المَلِكُ الغازي المُجاهِدُ قَد بَدا أَمِ النَجمُ في الآرامِ أَم أَنتِ زَينَبُ +رَفَعتِ بَناتَ التُركِ قالَت وَهَل بِنا بَناتِ الضَواري أَن نَصولَ تَعَجُّبُ +إِذا ما الدِيارُ اِستَصرَخَت بَدَرَت لَها كَرائِمُ مِنّا بِالقَنا تَتَنَقَّبُ +تُقَرِّبُ رَبّاتُ البُعولِ بُعولَها فَإِن لَم يَكُن بَعلٌ فَنَفساً تُقَرِّبُ +وَلاحَت بِآفاقِ العَدُوِّ سَرِيَّةٌ فَوارِسُ تَبدو تارَةً وَتُحَجَّبُ +نَواهِضُ في حُزنٍ كَما تَنهَضُ القَطا رَواكِضُ في سَهلٍ كَما اِنسابَ ثَعلَبُ +قَليلونَ مِن بُعدٍ كَثيرونَ إِن دَنَوا لَهُم سَكَنٌ آناً وَآناً تَهَيُّبُ +فَقالَت شَهِدتَ الحَربَ أَو أَنتَ موشِكٌ فَصِفنا فَأَنتَ الباسِلُ المُتَأَدِّبُ +وَنادَت فَلَبّى الخَيلُ مِن كُلِّ جانِبٍ وَلَبّى عَلَيها القَسوَرُ المُتَرَقِّبُ +خِفافاً إِلى الداعي سِراعاً كَأَنَّما مِنَ الحَربِ داعٍ لِلصَلاةِ مُثَوِّبُ +مُنيفينَ مِن حَولِ اللِواءِ كَأَنَّهُم لَهُ مَعقِلٌ فَوقَ المَعاقِلِ أَغلَبُ +وَما هِيَ إِلّا دَعوَةٌ وَإِجابَةٌ أَنِ اِلتَحَمَت وَالحَربُ بَكرٌ وَتَغلِبُ +فَأَبصَرتُ ما لَم تُبصِرا مِن مَشاهِدٍ وَلا شَهِدَت يَوماً مَعَدٌّ وَيَعرُبُ +جِبالَ مَلونا لا تَخوري وَتَجزَعي إِذا مالَ رَأسٌ أَو تَضَعضَعَ مَنكِبُ +فَما كُنتِ إِلّا السَيفَ وَالنارَ مَركَباً وَما كانَ يَستَعصي عَلى التُركِ مَركَبُ +عَلَوا فَوقَ عَلياءِ العَدُوِّ وَدونَهُ مَضيقٌ كَحَلقِ اللَيثِ أَو هُوَ أَصعَبُ +فَكانَ صِراطُ الحَشرِ ما ثَمَّ ريبَةٌ وَكانوا فَريقَ اللَهِ ما ثَمَّ مُذنِبُ +يَمُرّونَ مَرَّ البَرقِ تَحتَ دُجُنَّةٍ دُخاناً بِهِ أَشباحُهُم تَتَجَلبَبُ +حَثيثينَ مِن فَوقِ الجِبالِ وَتَحتِها كَما اِنهارَ طَودٌ أَو كَما اِنهالَ مِذنَبُ +تُمِدُّهُمُ قُذّافُهُم وَرُماتُهُم بِنارٍ كَنيرانِ البَراكينِ تَدأَبُ +تُذَرّى بِها شُمُّ الذُرا حينَ تَعتَلي وَيَسفَحُ مِنها السَفحُ إِذ تَتَصَبَّبُ +تُسَمَّرُ في رَأسِ القِلاعِ كُراتُها وَيَسكُنُ أَعجازَ الحُصونِ المُذَنَّبُ +فَلَمّا دَجى داجي العَوانِ وَأَطبَقَت تَبَلَّجَ وَالنَصرَ الهِلالُ المُحَجَّبُ +وَرُدَّت عَلى أَعقابِها الرومُ بَعدَما تَناثَرَ مِنها الجَيشُ أَو كادَ يَذهَبُ +جَناحَينِ في شِبهِ الشِباكَينِ مِن قَنا وَقَلباً عَلى حُرِّ الوَغى يَتَقَلَّبُ +عَلى قُلَلِ الأَجبالِ حَيرى جُموعُهُم شَواخِصُ ما إِن تَهتَدي أَينَ تَذهَبُ +إِذا صَعَدَت فَالسَيفُ أَبيَضُ خاطِفٌ وَ��ِن نَزَلَت فَالنارُ حَمراءُ تَلهَبُ +تَطَوَّعَ أَسراً مِنهُمُ ذَلِكَ الَّذي تَطَوَّعَ حَرباً وَالزَمانُ تَقَلُّبُ +وَتَمَّ لَنا النَصرُ المُبينُ عَلى العِدا وَفَتحُ المَعالي وَالنَهارُ المُذَهَّبُ +فَجِئتُ فَتاةَ التُركِ أَجزي دِفاعَها عَنِ المُلكِ وَالأَوطانِ ما الحَقُّ يوجِبُ +فَقَبَّلتُ كَفّاً كانَ بِالسَيفِ ضارِباً وَقَبَّلتُ سَيفاً كانَ بِالكَفِّ يَضرِبُ +وَقُلتُ أَفي الدُنيا لِقَومِكِ غالِبٌ وَفي مِثلِ هَذا الحِجرِ رُبّوا وَهُذِّبوا +رُوَيداً بَني عُثمانَ في طَلَبِ العُلا وَهَيهاتَ لَم يُستَبقَ شَيءٌ فَيُطلَبُ +أَفي كُلِّ آنٍ تَغرِسونَ وَنَجتَني وَفي كُلِّ يَومٍ تَفتَحونَ وَنَكتُبُ +وَما زِلتُمُ يَسقيكُمُ النَصرُ حُمرَهُ وَتَسقونَهُ وَالكُلُّ نَشوانَ مُصأَبُ +إِلى أَن أَحَلَّ السُكرَ مَن لا يُحِلُّهُ وَمَدَّ بِساطَ الشُربِ مَن لَيسَ يَشرَبُ +وَأَشمَطَ سَوّاسِ الفَوارِسِ أَشيَبُ يَسيرُ بِهِ في الشَعبِ أَشمَطُ أَشيَبُ +رَفيقاً ذَهابٍ في الحُروبِ وَجيئَةٍ قَدِ اِصطَحَبا وَالحُرُّ لِلحُرِّ يَصحَبُ +إِذا شَهِداها جَدَّدا هِزَّةَ الصِبا كَما يَتَصابى ذو ثَمانينَ يَطرُبُ +فَيَهتَزُّ هَذا كَالحُسامِ وَيَنثَني وَيَنفُرُ هَذا كَالغَزالِ وَيَلعَبُ +تَوالى رَصاصُ المُطلِقينَ عَلَيهِما يُخَضِّلُ مِن شَيبِهِما وَيُخَضِّبُ +فَقيلَ أَنِل أَقدامَكَ الأَرضَ إِنَّها أَبَرُّ جَواداً إِن فَعَلتَ وَأَنجَبُ +فَقالَ أَيَرضى واهِبُ النَصرِ أَنَّنا نَموتُ كَمَوتِ الغانِياتِ وَنُعطَبُ +ذَروني وَشَأني وَالوَغى لا مُبالِياً إِلى المَوتِ أَمشي أَم إِلى المَوتِ أَركَبُ +أَيَحمِلُني عُمراً وَيَحمي شَبيبَتي وَأَخذُلُهُ في وَهنِهِ وَأُخَيِّبُ +إِذا نَحنُ مِتنا فَاِدفِنونا بِبُقعَةٍ يَظَلُّ بِذِكرانا ثَراها يُطَيِّبُ +وَلا تَعجَبوا أَن تَبسُلَ الخَيلُ إِنَّها لَها مِثلُ ما لِلناسِ في المَوتِ مَشرَبُ +فَماتا أَمامَ اللَهِ مَوتَ بَسالَةٍ كَأَنَّهُما فيهِ مِثالٌ مُنَصَّبُ +وَما شُهَداءُ الحَربِ إِلّا عِمادُها وَإِن شَيَّدَ الأَحياءُ فيها وَطَنَّبوا +مِدادُ سِجِلِّ النَصرِ فيها دِماؤُهُم وَبِالتِبرِ مِن غالي ثَراهُم يُتَرَّبُ +فَهَل مِن مَلونا مَوقِفٌ وَمَسامِعٌ وَمِن جَبَلَيها مِنبَرٌ لي فَأَخطُبُ +فَأَسأَلُ حِصنَيها العَجيبَينِ في الوَرى وَمَدخَلُها الأَعصى الَّذي هُوَ أَعجَبُ +وَأَستَشهِدُ الأَطوادَ شَمّاءَ وَالذُرا بَواذِخَ تُلوي بِالنُجومِ وَتُجذَبُ +هَلِ البَأسُ إِلّا بَأسُهُم وَثَباتُهُم أَوِ العَزمُ إِلّا عَزمُهُم وَالتَلَبُّبُ +أَوِ الدينُ إِلّا ما رَأَت مِن جِهادِهِم أَوِ المُلكُ إِلّا ما أَعَزّوا وَهَيَّبوا +وَأَيُّ فَضاءٍ في الوَغى لَم يُضَيِّقوا وَأَيُّ مَضيقٍ في الوَرى لَم يُرَحِّبوا +وَهَل قَبلَهُم مَن عانَقَ النارَ راغِباً وَلَو أَنَّهُ عُبّادُها المُتَرَهِّبُ +وَهَل نالَ ما نالوا مِنَ الفَخرِ حاضِرٌ وَهَل حُبِيَ الخالونَ مِنهُ الَّذي حُبوا +سَلاماً مَلونا وَاِحتِفاظاً وَعِصمَةً لِمَن باتَ في عالي الرِضى يَتَقَلَّبُ +وَضِنّي بِعَظمٍ في ثَراكِ مُعَظَّمٍ يُقَرِبُهُ الرَحمَنُ فيما يُقَرِّبُ +وَطِرناوُ إِذ طارَ الذُهولُ بِجَيشِها وَبِالشَعبِ فَوضى في المَذاهِبِ يَذهَبُ +عَشِيَّةَ ضاقَت أَرضُها وَسَماؤُها وَضاقَ فَضاءٌ بَينَ ذاكَ مُرَحِّبُ +خَلَت مِن بَني الجَيشِ الحُصونُ وَأَقفَرَت مَساكِنُ أَهليها وَعَمَّ التَخَرُّبُ +وَنادى مُنادٍ لِلهَزيمَةِ في المَلا وَإِنَّ مُنادي التُركِ يَدنو وَيَقرُبُ +فَأَعرَضَ عَن قُوّادِهِ الجُندُ شارِداً وَعَلَّمَهُ قُوّادُهُ كَيفَ يَهرُبُ +وَطارَ الأَهالي نافِرينَ إِلى الفَلا مِئينَ وَآلافاً تَهيمُ وَتَسرُبُ +نَجَوا بِالنُفوسِ الذاهِلاتِ وَما نَجَوا بِغَيرِ يَدٍ صِفرٍ وَأُخرى تُقَلِّبُ +وَطالَت يَدٌ لِلجَمعِ في الجَمعِ بِالخَنا وَبِالسَلبِ لَم يَمدُد بِها فيهِ أَجنَبُ +يَسيرُ عَلى أَشلاءِ والِدِهِ الفَتى وَيَنسى هُناكَ المُرضَعَ الأُمُّ وَالأَبُ +وَتَمضي السَرايا واطِئاتٍ بِخَيلِها أَرامِلَ تَبكي أَو ثَواكِلَ تَندُبُ +فَمِن راجِلٍ تَهوي السِنونُ بِرِجلِهِ وَمِن فارِسٍ تَمشي النِساءُ وَيَركَبُ +وَماضٍ بِمالٍ قَد مَضى عَنهُ وَألُهُ وَمُزجٍ أَثاثاً بَينَ عَينَيهِ يُنهَبُ +يَكادونَ مِن ذُعرٍ تَفُرُّ دِيارُهُم وَتَنجو الرَواسي لَو حَواهُنَّ مَشعَبُ +يَكادُ الثَرى مِن تَحتِهِم يَلِجُ الثَرى وَيَقضِمُ بَعضُ الأَرضِ بَعضاً وَيُقضِبُ +تَكادُ خُطاهُم تَسبِقُ البَرقَ سُرعَةً وَتَذهَبُ بِالأَبصارِ أَيّانَ تَذهَبُ +تَكادُ عَلى أَبصارِهِم تَقطَعُ المَدى وَتَنفُذُ مَرماها البَعيدَ وَتَحجُبُ +تَكادُ تَمُسُّ الأَرضَ مَسّاً نِعالُهُم وَلَو وَجَدوا سُبلاً إِلى الجَوِّ نَكَّبوا +هَزيمَةُ مَن لا هازِمٌ يَستَحِثُّهُ وَلا طارِدٌ يَدعو لِذاكَ وَيوجِبُ +قَعَدنا فَلَم يَعدَم فَتى الرومِ فَيلَقاً مِنَ الرُعبِ يَغزوهُ وَآخَرَ يَسلُبُ +ظَفِرنا بِهِ وَجهاً فَظَنَّ تَعَقُّباً وَماذا يَزيدُ الظافِرينَ التَعَقُّبُ +فَوَلّى وَما وَلّى نِظامُ جُنودِهِ وَيا شُؤمَ جَيشٍ لِلفَرارِ يُرَتِّبُ +يَسوقُ وَيَحدو لِلنَجاةِ كَتائِباً لَهُ مَوكِبٌ مِنها وَلِلعارِ مَوكِبُ +مُنَظَّمَةٌ مِن حَولِهِ بَيدَ أَنَّها تَوَدُّ لَوِ اِنشَقَّ الثَرى فَتُغَيَّبُ +مُؤَزَّرَةٌ بِالرُعبِ مَلدوغَةٌ بِهِ فَفي كُلِّ ثَوبٍ عَقرَبٌ مِنهُ تَلسِبُ +تَرى الخَيلَ مِن كُلِّ الجِهاتِ تَخَيُّلاً فَيَأخُذُ مِنها وَهمُها وَالتَهَيُّبُ +فَمِن خَلفِها طَوراً وَحيناً أَمامَها وَآوِنَةً مِن كُلِّ أَوبٍ تَأَلَّبُ +فَوارِسُ في طولِ الجِبالِ وَعَرضِها إِذا غابَ مِنهُم مِقنَبٌ لاحَ مِقنَبُ +فَمَهما تَهِم يَسنَح لَها ذو مُهَنَّدٍ وَيَخرُج لَها مِن باطِنِ الأَرضِ مِحرَبُ +وَتَنزِل عَلَيها مِن سَماءِ خَيالِها صَواعِقٌ فيهِنَّ الرَدى المُتَصَبِّبُ +رُؤىً إِن تَكُن حَقّاً يَكُن مِن وَرائِها مَلائِكَةُ اللَهِ الَّذي لَيسَ يُغلَبُ +وَفِرسالُ إِذ باتوا وَبِتنا أَعادِياً عَلى السَهلِ لُدّاً يَرقُبونَ وَنَرقُبُ +وَقامَ فَتانا اللَيلَ يَحمي لِواءَهُ وَقامَ فَتاهُم لَيلَهُ يَتَلَعَّبُ +تَوَسَّدَ هَذا قائِمَ السَيفِ يَتَّقي وَهَذا عَلى أَحلامِهِ يَتَحَسَّبُ +وَهَل يَستَوي القِرنانُ هَذا مُنَعَّمٌ غَريرٌ وَهَذا ذو تَجاريبَ قُلَّبُ +حَمَينا كِلانا أَرضَ فِرسالَ وَالسَما فَكُلُّ سَبيلٍ بَينَ ذَلِكَ مَعطَبُ +وَرُحنا يَهُبُّ الشَرُّ فينا وَفيهِمُ وَتَشمُلُ أَرواحُ القِتالِ وَتَجنُبُ +كَأَنّا أُسودٌ رابِضاتٌ كَأَنَّهُم قَطيعٌ بِأَقصى السَهلِ حَيرانَ مُذئِبُ +كَأَنَّ خِيامَ الجَيشِ في السَهلِ أَينَقُ نَواشِزُ فَوضى في دُجى اللَيلِ شُزَّبُ +كَأَنَّ السَرايا ساكِناتٍ مَوائِجاً قَطائِعُ تُعطى الأَمنَ طَوراً وَتُسلَبُ +كَأَنَّ القَنا دونَ الخِيامِ نَوازِلاً جَداوِلُ يُجريها الظَلامُ وَيُسكَبُ +كَأَنَّ الدُجى بَحرٌ إِلى النَجمِ صاعِدٌ كَأَنَّ السَرايا مَوجُهُ المُتَضَرِّبُ +كَأَنَّ المَنايا في ضَميرِ ظَلامِهِ هُمومٌ بِها فاضَ الضَميرُ المُحَجَّبُ +كَأَنَّ صَهيلَ الخَيلِ ناعٍ مُبَشِّرٌ تَراهُنَّ فيها ضُحَّكاً وَهيَ نُحَّبُ +كَأَنَّ وُجوهَ الخَيلِ غُرّاً وَسيمَةً دَرارِيُّ لَيلٍ طُلَّعٌ فيهِ ثُقَّبُ +كَأَنَّ أُنوفَ الخَيلِ حَرّى مِنَ الوَغى مَجامِرُ في الظَلماءِ تَهدا وَتَلهُبُ +كَأَنَّ صُدورَ الخَيلِ غُدرٌ عَلى الدُجى كَأَنَّ بَقايا النَضحِ فيهِنَّ طُحلُبُ +كَأَنَّ سَنى الأَبواقِ في اللَيلِ بَرقُهُ كَأَنَّ صَداها الرَعدُ لِلبَرقِ يَصحَبُ +كَأَنَّ نِداءَ الجَيشِ مِن كُلِّ جانِبٍ دَوِيُّ رِياحٍ في الدُجى تَتَذَأَّبُ +كَأَنَّ عُيونَ الجَيشِ مِن كُلِّ مَذهَبٍ مِنَ السَهلِ جُنَّ جُوَّلٌ فيهِ جُوَّبُ +كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ جُنودَنا مَجوسٌ إِذا ما يَمَّموا النارَ قَرَّبوا +كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ الرَدى قِرىً كَأَنَّ وَراءَ النارِ حاتِمَ يَأدِبُ +كَأَنَّ الوَغى نارٌ كَأَنَّ بَني الوَغى فَراشٌ لَهُ مَلمَسُ النارِ مَأرَبُ +وَثَبنا يَضيقُ السَهلُ عَن وَثَباتِنا وَتَقدُمُنا نارٌ إِلى الرومِ أَوثَبُ +مَشَت في سَراياهُم فَحَلَّت نِظامَها فَلَمّا مَشَينا أَدبَرَت لا تُعَقِّبُ +رَأى السَهلُ مِنهُم ما رَأى الوَعرُ قَبلَهُ فَيا قَومُ حَتّى السَهلُ في الحَربِ يَصعُبُ +وَحِصنٌ تَسامى مِن دُموقو كَأَنَّهُ مُعَشِّشُ نَسرٍ أَو بِهَذا يُلَقَّبُ +أَشُمُّ عَلى طَودٍ أَشَمَّ كِلاهُما مَنونُ المُفاجي وَالحِمامُ المُرَحِّبُ +تَكادُ تَقادُ الغادِياتُ لِرَبِّهِ فَيُزجي وَتَنزُمُّ الرِياحُ فَيَركَبُ +حَمَتهُ لُيوثٌ مِن حَديدٍ تَرَكَّزَت عَلى عَجَلٍ وَاِستَجمَعَت تَتَرَقَّبُ +تَثورُ وَتَستَأني وَتَنأى وَتَدَّني وَتَغدو بِما تَغدي وَتَرمي وَتَنشُبُ +تَأبّى فَظَنَّ العالِمونَ اِستَحالَةً وَأَعيا عَلى أَوهامِهِم فَتَرَيَّبوا +فَما في القِوى أَنَّ السَماواتِ تُرتَقى بِجَيشٍ وَأَنَّ النَجمَ يُغشى فَيُغضِبُ +سَمَوتُم إِلَيهِ وَالقَنابِلُ دونَهُ وَشُهبُ المَنايا وَالرَصاصُ المُصَوَّبُ +فَكُنتُم يَواقيتَ الحُروبِ كَرامَةً عَلى النارِ أَو أَنتُم أَشَدُّ وَأَصلَبُ +صَعَدتُم وَما غَيرُ القَنا ثَمَّ مَصعَدٌ وَلا سُلَّمٌ إِلّا الحَديدُ المُذَرَّبُ +كَما اِزدَحَمَت بَيزانُ جَوٍّ بِمَورِدٍ أَوِ اِرتَفَعَت تَلقى الفَريسَةَ أَعقَبُ +فَما زِلتُمُ حَتّى نَزَلتُم بُروجَهُ وَلَم تَحتَضِر شَمسُ النَهارِ فَتَغرُبُ +هُنالِكَ غالى في الأَماديحِ مَشرِقٌ وَبالَغَ فيكُم آلَ عُثمانَ مَغرِبُ +وَزَيدَ حَمى الإِسلامَ عِزّاً وَمَنعَةً وَرُدَّ جِماحُ العَصرِ فَالعَصرُ هَيِّبُ +رَفَعنا إِلى النَجمِ الرُؤوسِ بِنَصرِكُم وَكُنّا بِحُكمِ الحادِثاتِ نُصَوِّبُ +وَمَن كانَ مَنسوباً إِلى دَولَةِ القَنا فَلَيسَ إِلى شَيءٍ سِوى العِزِّ يُنسَبُ +فَيا قَومُ أَينَ الجَيشُ فيما زَعَمتُمُ وَأَينَ الجَواري وَالدِفاعُ المُرَكَّبُ +وَأَينَ أَميرُ البَأسِ وَالعَزمِ وَالحِجى وَأَينَ رَجاءٌ في الأَميرِ مُخَيَّبُ +وَأَينَ تُخومٌ تَستَبيحونَ دَوسَها وَأَينَ عِصاباتٌ لَكُم تَتَوَثَّبُ +وَأَينَ الَّذي قالَت لَنا الصُحفُ عَنكُمُ وَأَسنَدَ أَهلوها إِلَيكُم فَأَطنَبوا +وَما قَد رَوى بَرقٌ مِنَ القَولِ كاذِبٌ وَآخَرُ مِن فِعلِ المُحِبّينَ أَكذَبُ +وَما شِدتُمُ مِن دَولَةٍ عَرضُها الثَرى يَدينُ لَها الجِنسانِ تُركٌ وَصَقلَبُ +لَها عَلَمٌ فَوقَ الهِلالِ وَسُدَّةٌ تُنَصُّ عَلى هامِ النُجومِ وَتُنصَبُ +أَهَذا هُوَ الذَودُ الَّذي تَدَّعونَهُ وَنَصرُ كَريدٍ وَالوَلا وَالتَحَبُّبُ +أَهَذا الَّذي لِلمُلكِ وَالعِرضِ عِندَكُم وَلِلجارِ إِن أَعيا عَلى الجارِ مَطلَبُ +أَهَذا سِلاحُ الفَتحِ وَالنَصرِ وَالعُلا أَهَذا مَطايا مَن إِلى المَجدِ يَركَبُ +أَهَذا الَّذي لِلذِكرِ خُلَّبُ مَعشَرٌ عَلى ذِكرِهِم يَأتي الزَمانُ وَيَذهَبُ +أَسَأتُم وَكانَ السوءُ مِنكُم إِلَيكُمُ إِلى خَيرِ جارٍ عِندَهُ الخَيرُ يُطلَبُ +إِلى ذي اِنتِقامٍ لا يَنامُ غَريمُهُ وَلَو أَنَّهُ شَخصُ المَنامِ المُحَجَّبُ +شَقيتُم بِها مِن حيلَةٍ مُستَحيلَةٍ وَأَينَ مِنَ المُحتالِ عَنقاءُ مُغرِبُ +فَلَولا سُيوفُ التُركِ جَرَّبَ غَيرُكُم وَلَكِن مِنَ الأَشياءِ ما لا يُجَرَّبُ +فَعَفواً أَميرَ المُؤمِنينَ لِأُمَّةٍ دَعَت قادِراً مازالَ في العَفوِ يَرغَبُ +ضَرَبتَ عَلى آمالِها وَمَآلِها وَأَنتَ عَلى اِستِقلالِها اليَومَ تَضرِبُ +إِذا خانَ عَبدُ السوءِ مَولاهُ مُعتَقاً فَما يَفعَلُ الكَريمُ المُهَذَّبُ +وَلا تَضرِبَن بِالرَأيِ مُنحَلَّ مُلكِهِم فَما يَفعَلُ المَولى الكَريمُ المُهَذَّبُ +لَقَد فَنِيَت أَرزاقُهُم وَرِجالُهُم وَليسَ بِفانٍ طَيشُهُم وَالتَقَلُّبُ +فَإِن يَجِدوا لِلنَفسِ بِالعَودِ راحَةً فَقَد يَشتَهي المَوتَ المَريضُ المُعَذَّبُ +وَإِن هَمَّ بِالعَفوِ الكَريمِ رَجاؤُهُم فَمِن كَرَمِ الأَخلاقِ أَن لا يُخَيَّبوا +فَما زِلتَ جارَ البِرِّ وَالسَيِّدَ الَّذي إِلى فَضلِهِ مِن عَدلِهِ الجارُ يَهرُبُ +يُلاقي بَعيدُ الأَهلِ عِندَكَ أَهلَهُ وَيَمرَحُ في أَوطانِهِ المُتَغَرِّبُ +أَمَولايَ غَنَّتكَ السُيوفُ فَأَطرَبَت فَهَل لِيَراعي أَن يُغَنّي فَيُطرِبُ +فَعِندي كَما عِندَ الظُبا لَكَ نَغمَةٌ وَمُختَلِفُ الأَنغامِ لِلأُنسِ أَجلَبُ +أُعَرِّبُ ما تُنشي عُلاكَ وَإِنَّهُ لَفي لُطفِهِ ما لا يَنالُ المُعَرِّبُ +مَدَحتُكَ وَالدُنيا لِسانٌ وَأَهلُها جَميعاً لِسانٌ يُملِيانِ وَأَكتُبُ +أُناوِلُ مِن شِعرِ الخِلافَةِ رَبَّها وَأَكسو القَوافي ما يَدومُ فَيُقشِبُ +وَهَل أَنتَ إِلّا الشَمسُ في كُلِّ أُمَّةٍ فَكُلُّ لِسانٍ في مَديحِكَ طَيِّبُ +فَإِن لَم يَلِق شِعري لِبابِكَ مِدحَةً فَمُر يَنفَتِح بابٌ مِنَ العُذرِ أَرحَبُ +وَإِنّي لَطَيرُ النيلِ لا طَيرَ غَيرُهُ وَما النيلُ إِلّا مِن رِياضِكَ يُحسَبُ +إِذا قُلتُ شِعراً فَالقَوافي حَواضِرٌ وَبَغدادُ بَغدادٌ وَيَثرِبُ يَثرِبُ +وَلَم أَعدَمِ الظِلَّ الخَصيبَ وَإِنَّما أُجاذِبُكَ الظِلَّ الَّذي هُوَ أَخصَبُ +فَلا زِلتَ كَهفَ الدينِ وَالهادِيَ الَّذي إِلى اللَهِ بِالزُلفى لَهُ نَتَقَرَّبُ +اللَهُ أَكبَرُ كَم في الفَتحِ مِن عَجَبٍ يا خالِدَ التُركِ جَدِّد خالِدَ العَرَبِ +صُلحٌ عَزيزٌ عَلى حَربٍ مُظَفَّرَةٍ فَالسَيفُ في غِمدِهِ وَالحَقُّ في النُصُبِ +يا حُسنَ أُمنِيَّةٍ في السَيفِ ما كَذَبَت وَطيبَ أُمنِيَّةٍ في الرَأيِ لَم تَخِبِ +خُطاكَ في الحَقِّ كانَت كُلُّها كَرَماً وَأَنتَ أَكرَمُ في حَقنِ الدَمِ السَرِبِ +حَذَوتَ حَربَ الصَلاحِيّينَ في زَمَنٍ فيهِ القِتالُ بِلا شَرعٍ وَلا أَدَبِ +لَم يَأتِ سَيفُكَ فَحشاءً وَلا هَتَكَت قَناكَ مِن حُرمَةِ الرُهبانِ وَالصُلُبِ +سُئِلتَ سِلماً عَلى نَصرٍ فَجُدتَ بِها وَلَو سُئِلتَ بِغَيرِ النَصرِ لَم تُجِبِ +مَشيئَةٌ قَبِلَتها الخَيلُ عاتِبَةٌ وَأَذعَنَ السَيفُ مَطوِيّاً عَلى عَضَبِ +أَتَيتَ ما يُشبِهُ التَقوى وَإِن خُلِقَت سُيوفُ قَومِكَ لا تَرتاحُ لِلقُرُبِ +وَلا أَزيدُكَ بِالإِسلامِ مَعرِفَةً كُلُّ المُروءَةِ في الإِسلامِ وَالحَسَبِ +مَنَحتَهُم هُدنَةٌ مِن سَيفِكَ اِلتُمِسَت فَهَب لَهُم هُدنَةٌ مِن رَأيِكَ الضَرِبِ +أَتاهُمُ مِنكَ في لَوزانَ داهِيَةٌ جاءَت بِهِ الحَربُ مِن حَيّاتِها الرُقُبِ +أَصَمٌّ يَسمَعُ سِرَّ الكائِدينَ لَهُ وَلا يَضيقُ بِجَهرِ المُحنَقِ الصَخِبِ +لَم تَفتَرِق شَهَواتُ القَومِ في أَرَبٍ إِلا قَضى وَطَراً مِن ذَلِكَ الأَرَبِ +تَدَرَّعَت لِلِقاءِ السِلمِ أَنقَرَةٌ وَمَهَّدَ السَيفُ في لوزانَ لِلخُطَبِ +فَقُل لِبانٍ بِقَولٍ رُكنَ مَملَكَةٍ عَلى الكَتائِبِ يُبنى المُلكُ لا الكُتُبِ +لا تَلتَمِس غَلَباً لِلحَقِّ في أُمَمٍ الحَقُّ عِندَهُمُ مَعنىً مِنَ الغَلَبِ +لا خَيرَ في مِنبَرٍ حَتّى يَكونَ لَهُ عودٌ مِنَ السُمرِ أَو عودٌ مِنَ القُضُبِ +وَما السِلاحُ لِقَومٍ كُلُّ عُدَّتِهِم حَتّى يكونوا مِنَ الأَخلاقِ في أُهُبِ +لَو كانَ في النابِ دونَ الخُلقِ مَنبَهَةٌ تَساوَتِ الأُسدُ وَالذُؤبانُ في الرُتَبِ +لَم يُغنِ عَن قادَةِ اليونانَ ما حَشَدوا مِنَ السِلاحِ وَما ساقوا مِنَ العُصَبِ +وَتَركُهُم آسِيا الصُغرى مُدَجَّجَةً كَثُكنَةِ النَحلِ أَو كَالقُنفُذِ الخَشَبِ +لِلتُركِ ساعاتُ صَبرٍ يَومَ نَكبَتِهِم كُتِبنَ في صُحُفِ الأَخلاقِ بِالذَهَبِ +مَغارِمٌ وَضَحايا ما صَرَخنَ وَلا كُدِّرنَ بِالمَنِّ أَو أُفسِدنَ بِالكَذِبِ +بِالفِعلِ وَالأَثَرِ المَحمودِ تَعرِفُها وَلَستَ تَعرِفُها بِاِسمٍ وَلا لَقَبِ +جُمِعنَ في اِثنَينِ مِن دينٍ وَمِن وَطَنٍ جَمعَ الذَبائِحِ في اِسمِ اللَهِ وَالقُرَبِ +فيها حَياةٌ لِشَعبٍ لَم يَمُت خُلُقاً وَمَطمَعٌ لِقَبيلٍ ناهِضٍ أَرَبِ +لَم يَطعَمِ الغُمضَ جَفَنُ المُسلِمينَ لَها حَتّى اِنجَلى لَيلُها عَن صُبحِهِ الشَنِبِ +كُنَّ الرَجاءَ وَكُنَّ اليَأسَ ثُمَّ مَحا نورُ اليَقينِ ظَلامَ الشَكِّ وَالرَيَبِ +تَلَمَّسَ التُركُ أَسباباً فَما وَجَدوا كَالسَيفِ مِن سُلَّمٍ لِلعِزِّ أَو سَبَبِ +خاضوا العَوانَ رَجاءً أَن تُبَلِّغَهُم عَبرَ النَجاةِ فَكانَت صَخرَةَ العَطَبِ +سَفينَةُ اللَهِ لَم تُقهَر عَلى دُسُرٍ في العاصِفاتِ وَلَم تُغلَب عَلى خُشُبِ +قَد أَمَّنَ اللَهُ مَجراها وَأَبدَلَها بِحُسنِ عاقِبَةٍ مِ�� سوءِ مُنقَلَبِ +وَاِختارَ رُبّانَها مِن أَهلِها فَنَجَت مِن كَيدِ حامٍ وَمِن تَضليلِ مُنتَدَبِ +ما كانَ ماءُ سَقارَيّا سِوى سَقَرٍ طَغَت فَأَغرَقَتِ الإِغريقَ في اللَهَبِ +لَمّا اِنبَرَت نارُها تَبغيهُمُ حَطَباً كانَت قِيادَتُهُم حَمّالَةَ الحَطَبِ +سَعَت بِهِم نَحوَكَ الآجالُ يَومَئِذٍ يا ضَلَّ ساعٍ بِداعي الحَينِ مُنجَذِبِ +مَدّوا الجُسورَ فَحَلَّ اللَهُ ما عَقَدوا إِلّا مَسالِكَ فِرعَونِيَّةَ السَرَبِ +كَربٌ تَغَشّاهُم مِن رَأيِ ساسَتِهِم وَأَشأَمُ الرَأيِ ما أَلقاكَ في الكُرَبِ +هُم حَسَّنوا لِلسَوادِ البُلهِ مَملَكَةً مِن لِبدَةِ اللَيثِ أَو مِن غيلِهِ الأَشِبِ +وَأَنشَئوا نُزهَةً لِلجَيشِ قاتِلَةً وَمَن تَنَزَّهَ في الآجامِ لَم يَؤُبِ +ضَلَّ الأَميرُ كَما ضَلَّ الوَزيرُ بِهِم كِلا السَرابَينِ أَظماهُم وَلَم يَصُبِ +تَجاذَباهُم كَما شاءا بِمُختَلِفٍ مِنَ الأَمانِيِّ وَالأَحلامِ مُختَلِبِ +وَكَيفَ تَلقى نَجاحاً أُمَّةٌ ذَهَبَت حِزبَينِ ضِدَّينِ عِندَ الحادِثِ الحَزِبِ +زَحَفتَ زَحفَ أَتِيٍّ غَيرِ ذي شَفَقٍ عَلى الوِهادِ وَلا رِفقٍ عَلى الهِضَبِ +قَذَفتَهُم بِالرِياحِ الهوجِ مُسرَجَةً يَحمِلنَ أُسدَ الشَرى في البَيضِ وَاليَلَبِ +هَبَّت عَلَيهِم فَذابوا عَن مَعاقِلِهِم وَالثَلجُ في قُلَلِ الأَجبالِ لَم يَذُبِ +لَمّا صَدَعتَ جَناحَيهِم وَقَلبَهُمُ طاروا بِأَجنِحَةٍ شَتّى مِنَ الرُعبِ +جَدَّ الفِرارُ فَأَلقى كُلُّ مُعتَقَلٍ قَناتَهُ وَتَخَلى كُلُّ مُحتَقِبِ +يا حُسنَ ما اِنسَحَبوا في مَنطِقٍ عَجَبٍ تُدعى الهَزيمَةُ فيهِ حُسنَ مُنسَحَبِ +لَم يَدرِ قائِدُهُم لَمّا أَحَطَّت بِهِ هَبَطتَ مِن صُعُدٍ أَم جِئتَ مِن صَبَبِ +أَخَذتَهُ وَهوَ في تَدبيرِ خُطَّتِهِ فَلَم تَتِمَّ وَكانَت خُطَّةَ الهَرَبِ +تِلكَ الفَراسِخُ مِن سَهلٍ وَمِن جَبَلٍ قَرَّبتَ ما كانَ مِنها غَيرَ مُقتَرِبِ +خَيلُ الرَسولِ مِنَ الفولاذِ مَعدِنُها وَسائِرُ الخَيلِ مِن لَحمٍ وَمِن عَصَبِ +أَفي لَيالٍ تَجوبُ الراسِياتُ بِها وَتَقطَعُ الأَرضَ مِن قُطبٍ إِلى قُطُبِ +سَلِ الظَلامَ بِها أَيُّ المَعاقِلِ لَم تَطفِر وَأَيُّ حُصونِ الرومِ لَم تَثِبِ +آلَت لَئِن لَم تَرِد أَزميرَ لا نَزَلَت ماءً سِواها وَلا حَلَّت عَلى عُشُبِ +وَالصَبرُ فيها وَفي فُرسانِها خُلُقٌ تَوارَثوهُ أَباً في الرَوعِ بَعدَ أَبِ +كَما وُلِدتُم عَلى أَعرافِها وُلِدَت في ساحَةِ الحَربِ لا في باحَةِ الرَحَبِ +حَتّى طَلَعتَ عَلى أَزميرَ في فَلَكٍ مِن نابِهِ الذِكرِ لَم يَسمُك عَلى الشُهُبِ +في مَوكِبٍ وَقَفَ التاريخُ يَعرِضُهُ فَلَم يُكَذِّب وَلَم يَذمُم وَلَم يُرِبِ +يَومٌ كَبَدرٍ فَخَيلُ الحَقِّ راقِصَةٌ عَلى الصَعيدِ وَخَيلُ اللَهِ في السُحُبِ +غُرٌّ تُظَلِّلُها غَرّاءُ وارِفَةٌ بَدرِيَّةُ العودِ وَالديباجِ وَالعَذَبِ +نَشوى مِنَ الظَفَرِ العالي مُرَنَّحَةٌ مِن سَكرَةِ النَصرِ لا مِن سَكرَةِ النَصَبِ +تُذَكِّرُ الأَرضُ ما لَم تَنسَ مِن زَبَدٍ كَالمِسكِ مِن جَنَباتِ السَكبِ مُنسَكِبِ +حَتّى تَعالى أَذانُ الفَتحِ فَاِتَّأَدَت مَشيَ المُجَلّي إِذا اِستَولى عَلى القَصَبِ +تَحِيَّةً أَيُّها الغازي وَتَهنِئَةً بِآيَةِ الفَتحِ تَبقى آيَةُ الحِقَبِ +وَقَيِّماً مِن ثَناءٍ لا كِفاءَ لَهُ إِلّا التَعَجُّبُ مِن أَصحابِكَ النُجُبِ +الصابِرينَ إِذا حَلَّ البَلاءُ بِهِم كَاللَيثِ عَضَّ عَلى نابَيهِ في النُوَبِ +وَالجاعِلينَ سُيوفَ الهِندِ أَلسِنَهُم وَالكاتِبينَ بِأَطرافِ القَنا السُلُبُ +لا الصَعبُ عِندَهُمُ بِالصَعبِ مَركَبُهُ وَلا المُحالُ بِمُستَعصٍ عَلى الطَلَبِ +وَلا المَصائِبُ إِذ يَرمي الرِجالُ بِها بِقاتِلاتٍ إِذا الأَخلاقُ لَم تُصَبِ +قُوّادُ مَعرَكَةٍ وُرّادُ مَهلَكَةٍ أَوتادُ مَملَكَةٍ آسادُ مُحتَرَبِ +بَلَوتُهُم فَتَحَدَّث كَم شَدَدتَ بِهِم مِن مُضمَحِلٍّ وَكَم عَمَّرتَ مِن خُرَبِ +وَكَم ثَلَمتَ بِهِم مِن مَعقِلٍ أَشِبٍ وَكَم هَزَمتَ بِهِم مِن جَحفَلٍ لَجِبِ +وَكَم بَنَيتَ بِهِم مَجداً فَما نَسَبوا في الهَدمِ ما لَيسَ في البُنيانِ مِن صَخَبِ +مِن فَلِّ جَيشٍ وَمِن أَنقاضِ مَملَكَةٍ وَمِن بَقِيَّةِ قَومٍ جِئتَ بِالعَجَبِ +أَخرَجتَ لِلناسِ مِن ذُلٍّ وَمِن فَشَلٍ شَعباً وَراءَ العَوالي غَيرَ مُنشَعِبِ +لَمّا أَتَيتَ بِبَدرٍ مِن مَطالِعِها تَلَفَّتَ البَيتُ في الأَستارِ وَالحُجُبِ +وَهَشَّتِ الرَوضَةُ الفَيحاءُ ضاحِكَةً إِنَّ المُنَوَّرَةَ المِسكِيَّةَ التُرُبِ +وَمَسَّتِ الدارُ أَزكى طيبِها وَأَتَت بابَ الرَسولِ فَمَسَّت أَشرَفَ العُتُبِ +وَأَرَّجَ الفَتحُ أَرجاءَ الحِجازِ وَكَم قَضى اللَيالِيَ لَم يَنعَم وَلَم يَطِبِ +وَاِزَّيَّنَت أُمَّهاتُ الشَرقِ وَاِستَبَقَت مَهارِجُ الفَتحِ في المُؤشِيَّةِ القُشُبِ +هَزَّت دِمَشقُ بَني أَيّوبَ فَاِنتَبِهوا يَهنَئونَ بَني حَمدانَ في حَلَبِ +وَمُسلِمو الهِندِ وَالهِندوسُ في جَذَلٍ وَمُسلِموا مِصرَ وَالأَقباطُ في طَرَبِ +مَمالِكٌ ضَمَّها الإِسلامُ في رَحِمٍ وَشيجَةٍ وَحَواها الشَرقُ في نَسَبِ +مِن كُلِّ ضاحِيَةٍ تَرمي بِمُكتَحَلٍ إِلى مَكانِكَ أَو تَرمي بِمُختَضَبِ +تَقولُ لَولا الفَتى التُركِيُّ حَلَّ بِنا يَومٌ كَيَومِ يَهودٍ كانَ عَن كَثَبِ +أُنادي الرَسمَ لَو مَلَكَ الجَوابا وَأُجزيهِ بِدَمعِيَ لَو أَثابا +وَقَلَّ لِحَقِّهِ العَبَراتُ تَجري وَإِن كانَت سَوادَ القَلبِ ذابا +سَبَقنَ مُقَبِّلاتِ التُربِ عَنّي وَأَدَّينَ التَحِيَّةَ وَالخِطابا +فَنَثري الدَمعَ في الدِمَنِ البَوالي كَنَظمي في كَواعِبِها الشَبابا +وَقَفتُ بِها كَما شاءَت وَشاؤوا وُقوفاً عَلَّمَ الصَبرَ الذِهابا +لَها حَقٌّ وَلِلأَحبابِ حَقٌّ رَشَفتُ وِصالَهُم فيها حَبابا +وَمَن شَكَرَ المَناجِمَ مُحسِناتٍ إِذا التِبرُ اِنجَلى شَكَرَ التُرابا +وَبَينَ جَوانِحي وافٍ أُلوفٌ إِذا لَمَحَ الدِيارَ مَضى وَثابا +رَأى مَيلَ الزَمانِ بِها فَكانَت عَلى الأَيّامِ صُحبَتُهُ عِتابا +وَداعاً أَرضَ أَندَلُسٍ وَهَذا ثَنائي إِن رَضيتِ بِهِ ثَوابا +وَما أَثنَيتُ إِلّا بَعدَ عِلمٍ وَكَم مِن جاهِلٍ أَثنى فَعابا +تَخِذتُكِ مَوئِلاً فَحَلَلتُ أَندى ذُراً مِن وائِلٍ وَأَعَزَّ غابا +مُغَرِّبُ آدَمٍ مِن دارِ عَدنٍ قَضاها في حِماكِ لِيَ اِغتِرابا +شَكَرتُ الفُلكَ يَومَ حَوَيتِ رَحلي فَيا لِمُفارِقٍ شَكَرَ الغُرابا +فَأَنتِ أَرَحتِني مِن كُلِّ أَنفٍ كَأَنفِ المَيتِ في النَزعِ اِنتِصابا +وَمَنظَرِ كُلِّ خَوّانٍ يَراني بِوَجهٍ كَالبَغِيِّ رَمى النِقابا +وَلَيسَ بِعامِرٍ بُنيانُ قَومٍ إِذا أَخلاقُهُم كانَت خَرابا +أَحَقٌّ كُنتِ لِلزَهراءِ ساحاً وَكُنتِ لِساكِنِ الزاهي رِحابا +وَلَم تَكُ جَورُ أَبهى مِنكِ وَرداً وَلَم تَكُ بابِلٌ أَشهى شَرابا +وَأَنَّ المَجدَ في الدُنيا رَحيقٌ إِذا طالَ الزَمانُ عَلَيهِ طابا +أولَئِكَ أُمَّةٌ ضَرَبوا المَعالي بِمَشرِقِها وَمَغرِبِها قِبابا +جَرى كَدَراً لَهُم صَفوُ اللَيالي وَغايَةُ كُلِّ صَفوٍ أَن يُشابا +مَشَيِّبَةُ القُرونِ أُديلَ مِنها أَلَم تَرَ قَرنَها في الجَوِّ شابا +مُعَلَّقَةٌ تَنَظَّرُ صَولَجاناً يَخُرُّ عَنِ السَماءِ بِها لِعابا +تُعَدُّ بِها عَلى الأُمَمِ اللَيالي وَما تَدري السِنينَ وَلا الحِسابا +وَيا وَطَني لَقَيتُكَ بَعدَ يَأسٍ كَأَنّي قَد لَقيتُ بِكَ الشَبابا +وَكُلُّ مُسافِرٍ سَيَئوبُ يَوماً إِذا رُزِقَ السَلامَةَ وَالإِيابا +وَلَو أَنّي دُعيتُ لَكُنتَ ديني عَلَيهِ أُقابِلُ الحَتمَ المُجابا +أُديرُ إِلَيكَ قَبلَ البَيتِ وَجهي إِذا فُهتُ الشَهادَةَ وَالمَتابا +وَقَد سَبَقَت رَكائِبِيَ القَوافي مُقَلَّدَةً أَزِمَّتَها طِرابا +تَجوبُ الدَهرَ نَحوَكَ وَالفَيافي وَتَقتَحِمُ اللَيالِيَ لا العُبابا +وَتُهديكَ الثَناءَ الحُرَّ تاجاً عَلى تاجَيكَ مُؤتَلِقاً عُجابا +هَدانا ضَوءُ ثَغرِكَ مِن ثَلاثٍ كَما تَهدي المُنَوَّرَةُ الرِكابا +وَقَد غَشِي المَنارُ البَحرَ نوراً كَنارِ الطورِ جَلَّلَتِ الشِعابا +وَقيلَ الثَغرُ فَاِتَّأَدَت فَأَرسَت فَكانَت مِن ثَراكَ الطُهرِ قابا +فَصَفحاً لِلزَمانِ لِصُبحِ يَومٍ بِهِ أَضحى الزَمانُ إِلَيَّ ثابا +وَحَيّا اللَهُ فِتياناً سِماحاً كَسَوا عِطفَيَّ مِن فَخرٍ ثِيابا +مَلائِكَةٌ إِذا حَفّوكَ يَوماً أَحَبَّكَ كُلُّ مَن تَلقى وَهابا +وَإِن حَمَلَتكَ أَيديهِم بُحوراً بَلَغتَ عَلى أَكُفِّهِمُ السَحابا +تَلَقَّوني بِكُلِّ أَغَرَّ زاهٍ كَأَنَّ عَلى أَسِرَّتِهِ شَهابا +تَرى الإيمانَ مُؤتَلِقاً عَلَيهِ وَنورَ العِلمِ وَالكَرَمَ اللُبابا +وَتَلمَحُ مِن وَضاءَةِ صَفحَتَيهِ مُحَيّا مِصرَ رائِعَةً كَعابا +وَما أَدَبي لِما أَسدَوهُ أَهلٌ وَلَكِن مَن أَحَبَّ الشَيءَ حابى +شَبابَ النيلِ إِنَّ لَكُم لَصَوتاً مُلَبّى حينَ يُرفَعُ مُستَجابا +فَهُزّوا العَرشَ بِالدَعَواتِ حَتّى يُخَفِّفَ عَن كِنانَتِهِ العَذابا +أَمِن حَربِ البَسوسِ إِلى غَلاءٍ يَكادُ يُعيدُها سَبعاً صِعابا +وَهَل في القَومِ يوسُفُ يَتَّقيها وَيُحسِنُ حِسبَةً وَيَرى صَوابا +عِبادَكَ رَبِّ قَد جاعوا بِمِصرٍ أَنيلاً سُقتَ فيهِمُ أَم سَرابا +حَنانَكَ وَاِهدِ لِلحُسنى تِجاراً بِها مَلَكوا المَرافِقَ وَالرِقابا +وَرَقِّق لِلفَقيرِ بِها قُلوباً مُحَجَّرَةً وَأَكباداً صِلابا +أَمَن أَكَلَ اليَتيمَ لَهُ عِقابٌ وَمَن أَكَلَ الفَقيرَ فَلا عِقابا +أُصيبَ مِنَ التُجارِ بِكُلِّ ضارٍ أَشَدَّ مِنَ الزَمانِ عَلَيهِ نابا +يَكادُ إِذا غَذاهُ أَو كَساهُ يُنازِعُهُ الحَشاشَةَ وَالإِهابا +وَتَسمَعُ رَحمَةً في كُلِّ نادٍ وَلَستَ تُحِسُّ لِلبِرِّ اِنتِدابا +أَكُلٌّ في كِتابِ اللَهِ إِلّا زَكاةَ المالِ لَيسَت فيهِ بابا +إِذا ما الطامِعونَ شَكَوا وَضَجّوا فَدَعهُم وَاِسمَعِ الغَرثى السِغابا +فَما يَبكونُ مِن ثُكلٍ وَلَكِن كَما تَصِفُ المُعَدِّدَةُ المُصابا +وَلَم أَرَ مِثلَ شَوقِ الخَيرِ كَسباً وَلا كَتِجارَةِ السوءِ اِكتِسابا +وَلا كَأُولَئِكَ البُؤَساءِ شاءً إِذا جَوَّعتَها اِنتَشَرَت ذِئابا +وَلَولا البِرُّ لَم يُبعَث رَسولٌ وَلَم يَحمِل إِلى قَومٍ كِتابا +سَلو قَلبي غَداةَ سَلا وَثابا لَعَلَّ عَلى الجَمالِ لَهُ عِتابا +وَيُسأَلُ في الحَوادِثِ ذو صَوابٍ فَهَل تَرَكَ الجَمالُ لَهُ صَوابا +وَكُنتُ إِذا سَأَلتُ القَلبَ يَوماً تَوَلّى الدَمعُ عَن قَلبي الجَوابا +وَلي بَينَ الضُلوعِ دَمٌ وَلَحمٌ هُما الواهي الَّذي ثَكِلَ الشَبابا +تَسَرَّبَ في الدُموعِ فَقُلتُ وَلّى وَصَفَّقَ في الضُلوعِ فَقُلتُ ثابا +وَلَو خُلِقَت قُلوبٌ مِن حَديدٍ لَما حَمَلَت كَما حَمَلَ العَذابا +وَأَحبابٍ سُقيتُ بِهِم سُلافاً وَكانَ الوَصلُ مِن قِصَرٍ حَبابا +وَنادَمنا الشَبابَ عَلى بِساطٍ مِنَ اللَذاتِ مُختَلِفٍ شَرابا +وَكُلُّ بِساطِ عَيشٍ سَوفَ يُطوى وَإِن طالَ الزَمانُ بِهِ وَطابا +كَأَنَّ القَلبَ بَعدَهُمُ غَريبٌ إِذا عادَتهُ ذِكرى الأَهلِ ذابا +وَلا يُنبيكَ عَن خُلُقِ اللَيالي كَمَن فَقَدَ الأَحِبَّةَ وَالصَحابا +أَخا الدُنيا أَرى دُنياكَ أَفعى تُبَدِّلُ كُلَّ آوِنَةٍ إِهابا +وَأَنَّ الرُقطَ أَيقَظُ هاجِعاتٍ وَأَترَعُ في ظِلالِ السِلمِ تابا +وَمِن عَجَبٍ تُشَيِّبُ عاشِقيها وَتُفنيهِمِ وَما بَرَحَت كَعابا +فَمَن يَغتَرُّ بِالدُنيا فَإِنّي لَبِستُ بِها فَأَبلَيتُ الثِيابا +لَها ضَحِكُ القِيانِ إِلى غَبِيٍّ وَلي ضَحِكُ اللَبيبِ إِذا تَغابى +جَنَيتُ بِرَوضِها وَرداً وَشَوكاً وَذُقتُ بِكَأسِها شُهداً وَصابا +فَلَم أَرَ غَيرَ حُكمِ اللَهِ حُكماً وَلَم أَرَ دونَ بابِ اللَهِ بابا +وَلا عَظَّمتُ في الأَشياءِ إِلّا صَحيحَ العِلمِ وَالأَدَبِ اللُبابا +وَلا كَرَّمتُ إِلّا وَجهَ حُرٍّ يُقَلِّدُ قَومَهُ المِنَنَ الرَغابا +وَلَم أَرَ مِثلَ جَمعِ المالِ داءً وَلا مِثلَ البَخيلِ بِهِ مُصابا +فَلا تَقتُلكَ شَهوَتُهُ وَزِنها كَما تَزِنُ الطَعامَ أَوِ الشَرابا +وَخُذ لِبَنيكَ وَالأَيّامِ ذُخراً وَأَعطِ اللَهَ حِصَّتَهُ اِحتِسابا +فَلَو طالَعتَ أَحداثَ اللَيالي وَجَدتَ الفَقرَ أَقرَبَها اِنتِيابا +وَأَنَّ البِرَّ خَيرٌ في حَياةٍ وَأَبقى بَعدَ صاحِبِهِ ثَوابا +وَأَنَّ الشَرَّ يَصدَعُ فاعِليهِ وَلَم أَرَ خَيِّراً بِالشَرِّ آبا +فَرِفقاً بِالبَنينِ إِذا اللَيالي عَلى الأَعقابِ أَوقَعَتِ العِقابا +وَلَم يَتَقَلَّدوا شُكرَ اليَتامى وَلا اِدَّرَعوا الدُعاءَ المُستَجابا +عَجِبتُ لِمَعشَرٍ صَلّوا وَصاموا عَواهِرَ خِشيَةً وَتُقى كِذابا +وَتُلفيهُمُ حِيالَ المالِ صُمّاً إِذا داعي الزَكاةِ بِهِم أَهابا +لَقَد كَتَموا نَصيبَ اللَهِ مِنهُ كَأَنَّ اللَهَ لَم يُحصِ النِصابا +وَمَن يَعدِل بِحُبِّ اللَهِ شَيئاً كَحُبِّ المالِ ضَلَّ هَوىً وَخابا +أَرادَ اللَهُ بِالفُقَراءِ بِرّاً وَبِالأَيتامِ حُبّاً وَاِرتِبابا +فَرُبَّ صَغيرِ قَومٍ عَلَّموهُ سَما وَحَمى المُسَوَّمَةَ العِرابا +وَكانَ لِقَومِهِ نَفعاً وَفَخراً وَلَو تَرَكوهُ كانَ أَذىً وَعابا +فَعَلِّم ما اِستَطَعتَ لَعَلَّ جيلاً س��يَأتي يُحدِثُ العَجَبَ العُجابا +وَلا تُرهِق شَبابَ الحَيِّ يَأساً فَإِنَّ اليَأسَ يَختَرِمُ الشَبابا +يُريدُ الخالِقُ الرِزقَ اِشتِراكاً وَإِن يَكُ خَصَّ أَقواماً وَحابى +فَما حَرَمَ المُجِدَّ جَنى يَدَيهِ وَلا نَسِيَ الشَقِيَّ وَلا المُصابا +وَلَولا البُخلُ لَم يَهلِك فَريقٌ عَلى الأَقدارِ تَلقاهُمُ غِضابا +تَعِبتُ بِأَهلِهِ لَوماً وَقَبلي دُعاةُ البِرِّ قَد سَئِموا الخِطابا +وَلَو أَنّي خَطَبتُ عَلى جَمادٍ فَجَرتُ بِهِ اليَنابيعَ العِذابا +أَلَم تَرَ لِلهَواءِ جَرى فَأَفضى إِلى الأَكواخِ وَاِختَرَقَ القِبابا +وَأَنَّ الشَمسَ في الآفاقِ تَغشى حِمى كِسرى كَما تَغشى اليَبابا +وَأَنَّ الماءَ تُروى الأُسدُ مِنهُ وَيَشفي مِن تَلَعلُعِها الكِلابا +وَسَوّى اللَهُ بَينَكُمُ المَنايا وَوَسَّدَكُم مَعَ الرُسلِ التُرابا +وَأَرسَلَ عائِلاً مِنكُم يَتيماً دَنا مِن ذي الجَلالِ فَكانَ قابا +نَبِيُّ البِرِّ بَيَّنَهُ سَبيلاً وَسَنَّ خِلالَهُ وَهَدى الشِعابا +تَفَرَّقَ بَعدَ عيسى الناسُ فيهِ فَلَمّا جاءَ كانَ لَهُم مَتابا +وَشافي النَفسِ مِن نَزَعاتِ شَرٍّ كَشافٍ مِن طَبائِعِها الذِئابا +وَكانَ بَيانُهُ لِلهَديِ سُبلاً وَكانَت خَيلُهُ لِلحَقِّ غابا +وَعَلَّمَنا بِناءَ المَجدِ حَتّى أَخَذنا إِمرَةَ الأَرضِ اِغتِصابا +وَما نَيلُ المَطالِبِ بِالتَمَنّي وَلَكِن تُؤخَذُ الدُنيا غِلابا +وَما اِستَعصى عَلى قَومٍ مَنالٌ إِذا الإِقدامُ كانَ لَهُم رِكابا +تَجَلّى مَولِدُ الهادي وَعَمَّت بَشائِرُهُ البَوادي وَالقِصابا +وَأَسدَت لِلبَرِيَّةِ بِنتُ وَهبٍ يَداً بَيضاءَ طَوَّقَتِ الرِقابا +لَقَد وَضَعَتهُ وَهّاجاً مُنيراً كَما تَلِدُ السَماواتُ الشِهابا +فَقامَ عَلى سَماءِ البَيتِ نوراً يُضيءُ جِبالَ مَكَّةَ وَالنِقابا +وَضاعَت يَثرِبُ الفَيحاءُ مِسكاً وَفاحَ القاعُ أَرجاءً وَطابا +أَبا الزَهراءِ قَد جاوَزتُ قَدري بِمَدحِكَ بَيدَ أَنَّ لِيَ اِنتِسابا +فَما عَرَفَ البَلاغَةَ ذو بَيانٍ إِذا لَم يَتَّخِذكَ لَهُ كِتابا +مَدَحتُ المالِكينَ فَزِدتُ قَدراً فَحينَ مَدَحتُكَ اِقتَدتُ السَحابا +سَأَلتُ اللَهَ في أَبناءِ ديني فَإِن تَكُنِ الوَسيلَةَ لي أَجابا +وَما لِلمُسلِمينَ سِواكَ حِصنٌ إِذا ما الضَرُّ مَسَّهُمُ وَنابا +كَأَنَّ النَحسَ حينَ جَرى عَلَيهِم أَطارَ بِكُلِّ مَملَكَةٍ غُرابا +وَلَو حَفَظوا سَبيلَكَ كان نوراً وَكانَ مِنَ النُحوسِ لَهُم حِجابا +بَنَيتَ لَهُم مِنَ الأَخلاقِ رُكناً فَخانوا الرُكنَ فَاِنهَدَمَ اِضطِرابا +وَكانَ جَنابُهُم فيها مَهيباً وَلَلأَخلاقِ أَجدَرُ أَن تُهابا +فَلَولاها لَساوى اللَيثُ ذِئباً وَساوى الصارِمُ الماضي قِرابا +فَإِن قُرِنَت مَكارِمُها بِعِلمٍ تَذَلَّلَتِ العُلا بِهِما صِعابا +وَفي هَذا الزَمانِ مَسيحُ عِلمٍ يَرُدُّ عَلى بَني الأُمَمِ الشَبابا +إِثنِ عَنانَ القَلبِ وَاِسلَم بِهِ مِن رَبرَبِ الرَملِ وَمِن سِربِهِ +وَمِن تَثَنّي الغيدِ عَن بانِهِ مُرتَجَّةَ الأَردافِ عَن كُثبِهِ +ظِباؤُهُ المُنكَسِراتُ الظُبا يَغلِبنَ ذا اللُبِّ عَلى لُبِّهِ +بيضٌ رِقاقُ الحُسنِ في لَمحَةٍ مِن ناعِمِ الدُرِّ وَمِن رَطبِهِ +ذَوابِلُ النَرجِسِ في أَصلِهِ يَوانِعُ الوَردِ عَلى قُضبِهِ +زِنَّ عَلى الأَرضِ سَماءَ الدُجى وَزِدنَ في الحُسنِ عَلى شُهبِهِ +يَمشينَ أَسراباً عَلى هينَةٍ مَشيَ القَطا الآمِنِ في سِربِهِ +مِن كُلِّ وَسنانٍ بِغَيرِ الكَرى تَنتَبِهُ الآجالُ مِن هُدبِهِ +جَفنٌ تَلَقّى مَلَكا بابِلٍ غَرائِبَ السِحرِ عَلى غَربِهِ +يا ظَبيَةَ الرَملِ وُقيتِ الهَوى وَإِن سَمِعَت عَيناكِ في جَلبِهِ +وَلا ذَرَفتِ الدَمعَ يَوماً وَإِن أَسرَفتِ في الدَمعِ وَفي سَكبِهِ +هَذي الشَواكي النُحلُ صِدنَ اِمرأً مُلقى الصِبا أَعزَلَ مِن غَربِهِ +صَيّادَ آرامٍ رَماهُ الهَوى بِشادِنٍ لا بُرءَ مِن حُبِّهِ +شابٌّ وَفي أَضلُعِهِ صاحِبٌ خِلوٌ مِنَ الشَيبِ وَمِن خَطبِهِ +واهٍ بِجَنبي خافِقٌ كُلَّما قُلتُ تَناهى لَجَّ في وَثبِهِ +لا تَنثَني الآرامُ عَن قاعِهِ وَلا بَناتُ الشَوقِ عَن شِعبِهِ +حَمَّلتُهُ في الحُبِّ ما لَم يَكُن لِيَحمِلَ الحُبُّ عَلى قَلبِهِ +ما خَفَّ إِلّا لِلهَوى وَالعُلا أَو لِجَلالِ الوَفدِ في رَكبِهِ +أَربَعَةٌ تَجمَعُهُم هِمَّةٌ يَنقُلُها الجيلُ إِلى عَقبِهِ +قِطارُهُم كَالقَطرِ هَزَّ الثَرى وَزادَهُ خِصباً عَلى خِصبِهِ +لَولا اِستِلامُ الخَلقِ أَرسانَهُ شَبَّ فَنالَ الشَمسَ مِن عُجبِهِ +كُلُّهُمُ أَغيَرُ مِن وائِلٍ عَلى حِماهُ وَعَلى شَعبِهِ +لَو قَدَروا جاؤوكُمُ بِالثَرى مِن قُطبِهِ مُلكاً إِلى قُطبِهِ +وَما اِعتِراضُ الحَظِّ دونَ المُنى مِن هَفوَةِ المُحسِنِ أَو ذَنبِهِ +وَلَيسَ بِالفاضِلِ في نَفسِهِ مَن يُنكِرُ الفَضلَ عَلى رَبِّهِ +ما بالُ قَومي اِختَلَفوا بَينَهُم في مِدحَةِ المَشروعِ أَو ثَلبِهِ +كَأَنَّهُم أَسرى أَحاديثُهُم في لَيِّنِ القَيدِ وَفي صُلبِهِ +يا قَومِ هَذا زَمَنٌ قَد رَمى بِالقَيدِ وَاِستَكبَرَ عَن سَحبِهِ +لَو أَنَّ قَيداً جاءَهُ مِن عَلِ خَشيتُ أَن يَأتي عَلى رَبِّهِ +وَهَذِهِ الضَجَّةُ مِن ناسِهِ جَنازَةُ الرِقِّ إِلى تُربِهِ +مَن يَخلَعُ النيرَ يَعِش بُرهَةً في أَثَرِ النيرِ وَفي نَدبِهِ +يا نَشأَ الحَيِّ شَبابَ الحِمى سُلالَةَ المَشرِقِ مِن نُجبِهِ +بَني الأُلى أَصبَحَ إِحسانُهُم دارَت رَحى الفَنِّ عَلى قُطبِهِ +موسى وَعيسى نَشَآ بَينَهُم في سَعَةِ الفِكرِ وَفي رُحبِهِ +وَعالَجا أَوَّلَ ما عالَجا مِن عِلَلِ العالَمِ أَو طِبِّهِ +ما نَسِيَت مِصرُ لَكُم بِرَّها في حازِبِ الأَمرِ وَفي صَعبِهِ +مَزَّقتُمُ الوَهمَ وَأَلِفتُمُ أَهِلَّةَ اللَهِ عَلى صُلبِهِ +حَتّى بَنَيتُم هَرَماً رابِعاً مِن فِئَةِ الحَقِّ وَمِن حِزبِهِ +يَومٌ لَكُم يَبقى كَبَدرٍ عَلى أَنصارِ سَعدٍ وَعَلى صَحبِهِ +قَد صارَتِ الحالُ إِلى جِدِّها وَاِنتَبَهَ الغافِلُ مِن لُعبِهِ +اللَيثُ وَالعالَمُ مِن شَرقِهِ في هَيبَةِ اللَيثِ إِلى غَربِهِ +قَضى بِأَن نَبني عَلى نابِهِ مُلكَ بَنينا وَعَلى خِلبِهِ +وَنَبلُغُ المَجدَ عَلى عَينِهِ وَنَدخُلُ العَصرَ إِلى جَنبِهِ +وَنَصِلَ النازِلَ في سِلمِهِ وَنَقطَعَ الداخِلَ في حَربِهِ +وَنَصرِفَ النيلَ إِلى رَأيِهِ يَقسِمُهُ بِالعَدلِ في شِربِهِ +يُبيحُ أَو يَحمي عَلى قُدرَةٍ حَقَّ القُرى وَالناسُ في عَذبِهِ +أَمرٌ عَلَيكُم أَو لَكُم في غَدٍ ما ساءَ أَو ما سَرَّ مِن غَبِّهِ +لا تَستَقِلّوهُ فَما دَهرُكُم بِحاتِمِ الجودِ وَلا كَعبِهِ +نَسمَعُ بِالحَقِّ وَلَم نَطَّلِع عَلى قَنا الحَقِّ وَلا قُضبِهِ +يَنالُ بِاللينِ الفَتى بَعضَ ما يَعجَزُ بِالشِدَّةِ عَن غَصبِهِ +فَإِن أَنِستُم فَليَكُن أُنسُكُم في الصَبرِ لِلدَهرِ وَفي عَتبِهِ +وَفي اِحتِشامِ الأُسدِ دونَ القَذى إِذا هِيَ اِضطُرَّت إِلى شُربِهِ +قَد أَسقَطَ الطَفرَةَ في مُلكِهِ مَن لَيسَ بِالعاجِزِ عَن قَلبِهِ +يا رُبَّ قَيدٍ لا تُحِبّونَهُ زَمانُكُم لَم يَتَقَيَّد بِهِ +وَمَطلَبٍ في الظَنِّ مُستَبعَدٍ كَالصُبحِ لِلناظِرِ في قُربِهِ +وَاليَأسُ لا يَجمُلُ مِن مُؤمِنٍ ما دامَ هَذا الغَيبُ في حُجبِهِ +أُعِدَّتِ الراحَةُ الكُبرى لِمَن تَعِبا وَفازَ بِالحَقِّ مَن يَألُهُ طَلَبا +وَما قَضَت مِصرُ مِن كُلِّ لُبانَتَها حَتّى تَجُرَّ ذُيولَ الغِبطَةِ القُشُبا +في الأَمرِ ما فيهِ مِن جِدٍّ فَلا تَقِفوا مِن واقِعٍ جَزَعاً أَو طائِرٍ طَرَبا +لا تُثبِتُ العَينُ شَيئاً أَو تُحَقِّقُهُ إِذا تَحَيَّرَ فيها الدَمعُ وَاِضطَرَبا +وَالصُبحُ يُظلِمُ في عَينَيكِ ناصِعُهُ إِذا سَدَلتَ عَلَيكَ الشَكَّ وَالرِيَبا +إِذا طَلَبتَ عَظيماً فَاِصبِرَنَّ لَهُ أَو فَاِحشُدَنَّ رِماحَ الخَطِّ وَالقُضُبا +وَلا تُعِدَّ صَغيراتِ الأُمورِ لَهُ إِنَّ الصَغائِرَ لَيسَت لِلعُلا أُهُبا +وَلَن تَرى صُحبَةً تُرضى عَواقِبُها كَالحَقِّ وَالصَبرِ في أَمرٍ إِذا اِصطَحَبا +إِنَّ الرِجالَ إِذا ما أُلجِئوا لَجَئوا إِلى التَعاوُنِ فيما جَلَّ أَو حَزَبا +لا رَيبَ أَنَّ خُطا الآمالِ واسِعَةٌ وَأَنَّ لَيلَ سُراها صُبحُهُ اِقتَرَبا +وَأَنَّ في راحَتَي مِصرٍ وَصاحِبِها عَهداً وَعَقداً بِحَقٍّ كانَ مُغتَصَبا +قَد فَتَّحَ اللَهُ أَبواباً لَعَلَّ لَنا وَراءَها فُسَحَ الآمالِ وَالرُحُبا +لَولا يَدُ اللَهِ لَم نَدفَع مَناكِبَها وَلَم نُعالِج عَلى مِصراعِها الأَرَبا +لا تَعدَمُ الهِمَّةُ الكُبرى جَوائِزَها سِيّانِ مَن غَلَبَ الأَيّامَ أَو غُلِبا +وَكُلُّ سَعيٍ سَيَجزي اللَهُ ساعِيَهُ هَيهاتَ يَذهَبُ سَعيَ المُحسِنينَ هَبا +لَم يُبرِمِ الأَمرَ حَتّى يَستَبينَ لَكُم أَساءَ عاقِبَةً أَم سَرَّ مُنقَلَبا +نِلتُم جَليلاً وَلا تُعطونَ خَردَلَةً إِلّا الَّذي دَفَعَ الدُستورُ أَو جَلَبا +تَمَهَّدَت عَقَباتٌ غَيرُ هَيِّنَةٍ تَلقى رُكابُ السُرى مِن مِثلِها نَصَبا +وَأَقبَلَت عَقَباتٌ لا يُذَلِّلُها في مَوقِفِ الفَصلِ إِلّا الشَعبُ مُنتَخَبا +لَهُ غَداً رَأيُهُ فيها وَحِكمَتُهُ إِذا تَمَهَّلَ فَوقَ الشَوكِ أَو وَثَبا +كَم صَعَّبَ اليَومُ مِن سَهلٍ هَمَمتَ بِهِ وَسَهَّلَ الغَدُ في الأَشياءِ ما صَعُبا +ضَمّوا الجُهودَ وَخَلوُها مُنَكَّرَةً لا تَملَئوا الشَدقَ مِن تَعريفِها عَجَبا +أَفي الوَغى وَرَحى الهَيجاءِ دائِرَةٌ تُحصونَ مَن ماتَ أَو تُحصونَ ما سُلِبا +خَلّوا الأَكاليلَ لِلتاريخِ إِنَّ لَهُ يَداً تُؤَلِّفُها دُرّاً وَمَخشَلَبا +أَمرُ الرِجالِ إِلَيهِ لا إِلى نَفَرٍ مِن بَينِكُم سَبَقَ الأَنباءَ وَالكُتُبا +أَملى عَلَيهِ الهَوى وَالحِقدُ فَاِندَفَعَت يَداهُ تَرتَجِلانِ الماءَ وَاللَهَبا +إِذا رَأَيتَ الهَوى في أُمَّةٍ حَكَماً فَاِحكُم هُنالِكَ أَنَّ العَقلَ قَد ذَهَبا +قالوا الحِمايَةُ زالَ�� قُلتُ لا عَجَبٌ بَل كانَ باطِلُها فيكُم هُوَ العَجَبا +رَأسُ الحِمايَةِ مَقطوعٌ فَلا عَدِمَت كِنانَةُ اللَهِ حَزماً يَقطَعُ الذَنَبا +لَو تَسأَلونَ أَلِنبي يَومَ جَندَلَها بِأَيِّ سَيفٍ عَلى يافوخِها ضَرَبا +أَبا الَّذي جَرَّ يَومَ السِلمِ مُتَّشِحاً أَم بِالَّذي هَزَّ يَومَ الحَربِ مُختَضِبا +أَم بِالتَكاتُفِ حَولَ الحَقِّ في بَلَدٍ مِن أَربَعينَ يُنادي الوَيلَ وَالحَرَبا +يا فاتِحَ القُدسِ خَلِّ السَيفَ ناحِيَةً لَيسَ الصَليبُ حَديداً كانَ بَل خَشَبا +إِذا نَظَرتَ إِلى أَينَ اِنتَهَت يَدُهُ وَكَيفَ جاوَزَ في سُلطانِهِ القُطُبا +عَلِمتَ أَنَّ وَراءَ الضَعفِ مَقدِرَةً وَأَنَّ لِلحَقِّ لا لِلقُوَّةِ الغَلَبا +لِمَن ذَلِكَ المُلكُ الَّذي عَزَّ جانِبُهُ لَقَد وَعَظَ الأَملاكَ وَالناسَ صاحِبُه +أَمُلكُكَ يا داوُدُ وَالمُلكُ الَّذي يَغارُ عَلَيهِ وَالَّذي هُوَ واهِبُه +أَرادَ بِهِ أَمراً فَجَلَّت صُدورُهُ فَأَتبَعَهُ لُطفاً فَجَلَّت عَواقِبُه +رَمى وَاِستَرَدَّ السَهمَ وَالخَلقُ غافِلٌ فَهَل يَتَّقيهِ خَلقُهُ أَو يُراقِبُه +أَيَبطُلُ عيدُ الدَهرِ مِن أَجلِ دُمَّلٍ وَتَخبو مَجاليهِ وَتُطوى مَواكِبُه +وَيَرجِعُ بِالقَلبِ الكَسيرِ وُفودُهُ وَفيهِم مَصابيحُ الوَرى وَكَواكِبُه +وَتَسمو يَدُ الدَهرِ اِرتِجالاً بِبَأسِها إِلى طُنُبِ الأَقواسِ وَالنَصرُ ضارِبُه +وَيَستَغفِرُ الشَعبُ الفَخورُ لِرَبِّهِ وَيَجمَعُ مِن ذَيلِ المَخيلَةِ ساحِبُه +وَيُحجَبُ رَبُّ العيدِ ساعَةَ عيدِهِ وَتَنقُصُ مِن أَطرافِهِنَّ مَآرِبُه +أَلا هَكَذا الدُنيا وَذَلِكَ وُدُّها فَهَلّا تَأَتّى في الأَمانِيِّ خاطِبُه +أَعَدَّ لَها إِدوَردُ أَعيادَ تاجِهِ وَما في حِسابِ اللَهِ ما هُوَ حاسِبُه +مَشَت في الثَرى أَنباؤُها فَتَساءَلَت مَشارِقُهُ عَن أَمرِها وَمَغارِبُه +وَكاثَرَ في البَرِّ الحَصى مَن يَجوبُهُ وَكاثَرَ مَوجَ البَحرِ راكِبُه +إِلى مَوكِبٍ لَم تُخرِجِ الأَرضُ مِثلَهُ وَلَن يَتهادى فَوقَها ما يُقارِبُه +إِذا سارَ فيهِ سارَتِ الناسُ خَلفَهُ وَشَدَّت مَغاويرَ المُلوكِ رَكائِبُه +تُحيطُ بِهِ كَالنَملِ في البَرِّ خَيلُهُ وَتَملَأُ آفاقَ البِحارِ مَراكِبُه +نِظامُ المَجالي وَالمَواكِبِ حَلَّهُ زَمانٌ وَشيكٌ رَيبُهُ وَنَوائِبُه +فَبَينا سَبيلُ القَومِ أَمنٌ إِلى المُنى إِذا هُوَ خَوفٌ في الظُنونِ مَذاهِبُه +إِذا جَاءَتِ الأَعيادُ في كُلِّ مَسمَعٍ تَجوبُ الثَرى شَرقاً وَغَرباً جَوائِبُه +رَجاءٌ فَلَم يَلبُث فَخَوفٌ فَلَم يَدُم سَلِ الدَهرَ أَيُّ الحادِثَينِ عَجائِبُه +فيا لَيتَ شِعري أَينَ كانَت جُنودُهُ وَكَيفَ تَراخَت في الفِداءِ قَواضِبُه +وَرُدَّت عَلى أَعقابِهِنَّ سَفينُهُ وَما رَدَّها في البَحرِ يَوماً مُحارِبُه +وَكَيفَ أَفاتَتهُ الحَوادِثُ طِلبَةً وَما عَوَّدتَهُ أَن تَفوتَ رَغائِبُه +لَكَ المُلكُ يا مَن خَصَّ بِالعِزِّ ذاتَهُ وَمَن فَوقَ آرابَ المُلوكِ مَآرِبُه +فَلا عَرشَ إِلّا أَنتَ وارِثُ عِزِّهِ وَلا تاجَ إِلّا أَنتَ بِالحَقِّ كاسِبُه +وَآمَنتُ بِالعِلمِ الَّذي أَنتَ نورُهُ وَمِنكَ أَياديهِ وَمِنكَ مَناقِبُه +تُؤامِنُ مِن خَوفٍ بِهِ كُلُّ غالِبٍ عَلى أَمرِهِ في الأَرضِ وَالداءُ غالِبُه +سَلوا صاحِبَ المُلكَينِ هَل مَلَك القُوى وَأُسدُ الشَرى تَعنو لَهُ وَتُحارِبُه +وَهَل رَفَعَ الداءَ العُضالَ وَزيرُهُ وَهَل حَجَبَ البابَ المُمَنَّعَ حاجِبُه +وَهَل قَدَّمَت إِلّا دُعاةً شُعوبُهُ وَساعَفَ إِلّا بِالصَلاةِ أَقارِبُه +هُنالِكَ كانَ العِلمُ يُبلي بَلاءَهُ وَكانَ سِلاحُ النَفسِ تُغني تَجارِبُه +كَريمُ الظُبا لا يَقرُبُ الشَرَّ حَدُّهُ وَفي غَيرِهِ شَرُّ الوَرى وَمَعاطِبُه +إِذا مَرَّ نَحوَ المَرءِ كانَ حَياتَهُ كَإِصبَعِ عيسى نَحوَ مَيتٍ يُخاطِبُه +وَأَيسَرُ مِن جُرحِ الصُدودِ فِعالُهُ وَأَسهَلُ مِن سَيفِ اللِحاظِ مَضارِبُه +عَجيبٌ يُرَجّى مِشرَطاً أَو يَهابُهُ مَنِ الغَربُ راجيهِ مَنِ الشَرقُ هائِبُه +فَلَو تُفتَدى بِالبيضِ وَالسُمرِ فِديَةٌ لَأَلقَت قَناها في البِلادِ كَتائِبُه +وَلَو أَنَّ فَوقَ العِلمِ تاجاً لَتَوَّجوا طَبيباً لَهُ بِالأَمسِ كانَ يُصاحِبُه +فَآمَنتُ بِاللَهِ الَّذي عَزَّ شَأنُهُ وَآمَنتُ بِالعِلمِ الَّذي عَزَّ طالِبُه +في المَوتِ ما أَعيا وَفي أَسبابِهِ كُلُّ اِمرِئٍ رَهنٌ بِطَيِّ كِتابِهِ +أَسَدٌ لَعَمرُكَ مَن يَموتُ بِظُفرِهِ عِندَ اللِقاءِ كَمَن يَموتُ بِنابِهِ +إِن نامَ عَنكَ فَكُلُّ طِبٍّ نافِعٌ أَو لَم يَنَم فَالطِبُّ مِن أَذنابِهِ +داءُ النُفوسِ وَكُلُّ داءٍ قَبلَهُ هَمٌّ نَسينَ مَجيئَهُ بِذَهابِهِ +النَفسُ حَربُ المَوتِ إِلّا أَنَّها أَتَتِ الحَياةَ وَشُغلَها مِن بابِهِ +تَسَعُ الحَياةَ عَلى طَويلِ بَلائِها وَتَضيقُ عَنهُ عَلى قَصيرِ عَذابِهِ +هُوَ مَنزِلُ الساري وَراحَةُ رائِحٍ كَثُرَ النَهارُ عَلَيهِ في إِنعابِهِ +وَشَفاءُ هَذي الروحِ مِن آلامِها وَدَواءُ هَذا الجِسمِ مِن أَوصابِهِ +مَن سَرَّهُ أَلّا يَموتَ فَبِالعُلا خَلُدَ الرِجالُ وَبِالفِعالِ النابِهِ +ما ماتَ مَن حازَ الثَرى آثارَهُ وَاِستَولَتِ الدُنيا عَلى آدابِهِ +قُل لِلمُدِلِّ بِمالِهِ وَبِجاهِهِ وَبِما يُجِلُّ الناسُ مِن أَنسابِهِ +هَذا الأَديمُ يَصُدُّ عَن حُضّارِهِ وَيَنامُ مِلءَ الجَفنِ عَن غُيّابِهِ +إِلّا فَنىً يَمشي عَلَيهِ مُجَدِّداً ديباجَتَيهِ مُعَمِّراً بِخَرابِهِ +صادَت بِقارِعَةِ الصَعيدِ بَعوضَةٌ في الجَوِّ صائِدَ بازِهِ وَعُقابِهِ +وَأَصابَ خُرطومُ الذُبابَةِ صَفحَةً خُلِقَت لِسَيفِ الهِندِ أَو لِذُبابِهِ +طارَت بِخافِيَةِ القَضاءِ وَرَأرَأَت بِكَريمَتَيهِ وَلامَسَت بِلُعابِهِ +لا تَسمَعَنَّ لِعُصبَةِ الأَرواحِ ما قالوا بِباطِلِ عِلمِهِم وَكِذابِهِ +الروحُ لِلرَحمَنِ جَلَّ جَلالُهُ هِيَ مِن ضَنائِنِ عِلمِهِ وَغِيابِهِ +غُلِبوا عَلى أَعصابِهِم فَتَوَهَّموا أَوهامَ مَغلوبٍ عَلى أَعصابِهِ +ما آبَ جَبّارُ القُرونِ وَإِنَّما يَومُ الحِسابِ يَكونُ يَومَ إِيابِهِ +فَذَروهُ في بَلَدِ العَجائِبِ مُغمَداً لا تَشهَروهُ كَأَمسِ فَوقَ رِقابِهِ +المُستَبِدُّ يُطاقُ في ناووسِهِ لا تَحتَ تاجَيهِ وَفَوقَ وِثابِهِ +وَالفَردُ يُؤمَنُ شَرُّهُ في قَبرِهِ كَالسَيفِ نامَ الشَرُّ خَلفَ قِرابِهِ +هَل كانَ توتَنخٌ تَقَمَّصُ روحُهُ قُمُصَ البَعوضِ وَمُستَخَسَّ إِهابِهِ +أَو كانَ يَجزيكَ الرَدى عَن صُحبَةٍ وَهوَ القَديمُ وَفاؤُهُ لِصِحابِهِ +تَاللَهِ لَو أَهد�� لَكَ الهَرَمَينِ مِن ذَهَبٍ لَكانَ أَقَلَّ ما تُجزى بِهِ +أَنتَ البَشيرُ بِهِ وَقَيِّمُ قَصرِهِ وَمُقَدِّمُ النُبَلاءِ مِن حُجّابِهِ +أَعلَمتَ أَقوامَ الزَمانِ مَكانَهُ وَحَشَدتَهُم في ساحِهِ وَرِحابِهِ +لولا بَنانُكَ في طَلاسِمِ تُربِهِ ما زادَ في شَرَفٍ عَلى أَترابِهِ +أَخنى الحِمامُ عَلى اِبنِ هِمَّةِ نَفسِهِ في المَجدِ وَالباني عَلى أَحسابِهِ +الجائِبُ الصَخرَ العَتيدَ بِحاجِرٍ دَبَّ الزَمانُ وَشَبَّ في أَسرابِهِ +لَو زايَلَ المَوتى مَحاجِرَهُم بِهِ وَتَلَفَّتوا لَتَحَيَّروا كَضَبابِهِ +لَم يَألُهُ صَبراً وَلَم يَنِ هِمَّةً حَتّى اِنثَنى بِكُنوزِهِ وَرِغابِهِ +أَفضى إِلى خَتمِ الزَمانِ فَفَضَّهُ وَحَبا إِلى التاريخِ في مِحرابِهِ +وَطَوى القُرونَ القَهقَرى حَتّى أَتى فِرعَونَ بَينَ طَعامِهِ وَشَرابِهِ +المَندَلُ الفَيّاحُ عودُ سَريرِهِ وَاللُؤلُؤُ اللَمّاحُ وَشيُ ثِيابِهِ +وَكَأَنَّ راحَ القاطِفينَ فَرَغنَ مِن أَثمارِهِ صُبحاً وَمِن أَرطابِهِ +جَدَثٌ حَوى ما ضاقَ غُمدانٌ بِهِ مِن هالَةِ المُلكِ الجَسيمِ وَغابِهِ +بُنيانُ عُمرانٍ وَصَرحُ حَضارَةٍ في القَبرِ يَلتَقِيانِ في أَطنابِهِ +فَتَرى الزَمانَ هُناكَ عِندَ مَشيبِهِ مِثلَ الزَمانِ اليَومَ بَعدَ شَبابِهِ +وَتُحِسُّ ثَمَّ العِلمَ عِندَ عُبابِهِ تَحتَ الثَرى وَالفَنُّ عِندَ عُجابِهِ +يا صاحِبَ الأُخرى بَلَغتَ مَحَلَّةً هِيَ مِن أَخي الدُنيا مُناخُ رِكابِهِ +نُزُلٌ أَفاقَ بِجانِبَيهِ مِنَ الهَوى مَن لا يُفيقُ وَجَدَّ مِن تَلعابِهِ +نامَ العَدُوُّ لَدَيهِ عَن أَحقادِهِ وَسَلا الصَديقُ بِهِ هَوى أَحبابِهِ +الراحَةُ الكُبرى مِلاكُ أَديمِهِ وَالسَلوَةُ الطولى قِوامُ تُرابِهِ +وادي المُلوكِ بَكَت عَلَيكَ عُيونُهُ بِمُرَقرَقٍ كَالمُزنِ في تَسكابِهِ +أَلقى بَياضَ الغَيمِ عَن أَعطافِهِ حُزناً وَأَقبَلَ في سَوادِ سَحابِهِ +يَأسى عَلى حَرباءِ شَمسِ نَهارِهِ وَنَزيلُ قيعَتِهِ وَجارُ سَرابِهِ +وَيَوَدُّ لَو أُلبِستَ مِن بَردِيَّهِ بُردَينِ ثُمَّ دُفِنتَ بَينَ شِعابِهِ +نَوَّهتَ في الدُنيا بِهِ وَرَفَعتَهُ فَوقَ الأَديمِ بِطاحِهِ وَهِضابِهِ +أَخرَجتَ مِن قَبرٍ كِتابَ حَضارَةٍ الفَنُّ وَالإِعجازُ مِن أَبوابِهِ +فَصَّلتَهُ فَالبَرقُ في إيجازِهِ يُبنى البَريدُ عَلَيهِ في إِطنابِهِ +طَلَعا عَلى لَوزانَ وَالدُنيا بِها وَعَلى المُحيطِ ما وَراءَ عُبابِهِ +جِئتَ الشُعوبَ المُحسِنينَ بِشافِعٍ مِن مِثلِ مُتقَنِ فَنِّهِم وَلُبابِهِ +فَرَفَعتَ رُكناً لِلقَضِيَّةِ لَم يَكُن سَحبانُ يَرفَعُهُ بِسِحرِ خِطابِهِ +أَيُّها العُمّالُ أَفنوا ال عُمرَ كَدّاً وَاِكتِسابا +وَاِعمُروا الأَرضَ فَلَولا سَعيُكُم أَمسَت يَبابا +إِنَّ لي نُصحاً إِلَيكُم إِن أَذِنتُم وَعِتابا +في زَمانٍ غَبِيَ النا صِحُ فيهِ أَو تَغابى +أَينَ أَنتُم مِن جُدودٍ خَلَّدوا هَذا التُرابا +قَلَّدوهُ الأَثَرَ المُع جِزَ وَالفَنَّ العُجابا +وَكَسَوهُ أَبَدَ الدَه رِ مِنَ الفَخرِ ثِيابا +أَتقَنوا الصَنعَةَ حَتّى أَخَذوا الخُلدَ اِغتِصابا +إِنَّ لِلمُتقِنِ عِندَ اللَهِ وَالناسِ ثَوابا +أَتقِنوا يُحبِبكُمُ اللَ هُ وَيَرفَعكُم جَنابا +أَرَضيتُم أَن تُرى مِص رُ مِنَ ا��فَنِّ خَرابا +بَعدَ ما كانَت سَماءً لِلصِناعاتِ وَغابا +أَيُّها الجَمعُ لَقَد صِر تَ مِنَ المَجلِسِ قابا +فَكُنِ الحُرَّ اِختِياراً وَكُنِ الحُرَّ اِنتِخابا +إِنَّ لِلقَومِ لَعَيناً لَيسَ تَألوكَ اِرتِقابا +فَتَوَقَّع أَن يَقولوا مَن عَنِ العُمّالِ نابا +لَيسَ بِالأَمرِ جَديراً كُلُّ مَن أَلقى خِطابا +أَو سَخا بِالمالِ أَو قَد دَمَ جاهاً وَاِنتِسابا +أَو رَأى أُمِّيَّةً فَاِخ تَلَب الجَهلَ اِختِلابا +فَتَخَيَّر كُلَّ مَن شَب بَ عَلى الصِدقِ وَشابا +وَاِذكُرِ الأَنصارَ بِالأَم سِ وَلا تَنسَ الصِحابا +أَيُّها الغادونَ كَالنَح لِ اِرتِياداً وَطِلابا +في بُكورِ الطَيرِ لِلرِز قِ مَجيئاً وَذَهابا +اِطلُبوا الحَقَّ بِرِفقٍ وَاِجعَلوا الواجِبَ دابا +وَاِستَقيموا يَفتَحِ اللَ هُ لَكُم باباً فَبابا +اِهجُروا الخَمرَ تُطيعوا ال لَهَ أَو تُرضوا الكِتابا +إِنَّها رِجسٌ فَطوبى لِاِمرِئٍ كَفَّ وَتابا +تُرعِشُ الأَيدي وَمَن يُر عِش مِنَ الصُنّاعِ خابا +إِنَّما العاقِلُ مَن يَج عَلُ لِلدَهرِ حِسابا +فَاِذكُروا يَومَ مَشيبٍ فيهِ تَبكونَ الشَبابا +إِنَّ لِلسِنِّ لَهَمّاً حينَ تَعلو وَعَذابا +فَاِجعَلوا مِن مالِكُم لِلشَيبِ وَالضَعفِ نِصابا +وَاِذكُروا في الصَحَّةِ الدا ءَ إِذا ما السُقمُ نابا +وَاِجمَعوا المالَ لِيَومٍ فيهِ تَلقَونَ اِغتِصابا +قَد دَعاكُم ذَنبَ الهَي ئَةِ داعٍ فَأَصابا +هِيَ طاووسٌ وَهَل أَح سَنُهُ إِلّا الذُنابى +هَنيئاً أَميرَ المُؤمِنينَ فَإِنَّما نَجاتُكَ لِلدينِ الحَنيفِ نَجاةُ +هَنيئاً لِطَهَ وَالكِتابِ وَأُمَّةٍ بَقاؤُكَ إِبقاءٌ لَها وَحَياةُ +أَخَذتَ عَلى الأَقدارِ عَهداً وَمَوثِقاً فَلَستَ الَّذي تَرقى إِلَيهِ أَذاةُ +وَمَن يَكُ في بُردِ النَبِيِّ وَثَوبِهِ تَجُزهُ إِلى أَعدائِهِ الرَمَياتُ +يَكادُ يَسيرُ البَيتُ شُكراً لِرَبِّهِ إِلَيكَ وَيَسعى هاتِفاً عَرَفاتُ +وَتَستَوهِبُ الصَفحَ المَساجِدُ خُشَّعاً وَتَبسُطُ راحَ التَوبَةِ الجُمُعاتُ +وَتَستَغفِرُ الأَرضُ الخَصيبُ وَما جَنَت وَلَكِن سَقاها قاتِلونَ جُناةُ +وَتُثني مِنَ الجَرحى عَلَيكَ جِراحُهُم وَتَأتي مِنَ القَتلى لَكَ الدَعَواتُ +ضَحِكتَ مِنَ الأَهوالِ ثُمَّ بَكَيتَهُم بِدَمعٍ جَرَت في إِثرِهِ الرَحَماتُ +تُثابُ بِغاليهِ وَتُجزى بِطُهرِهِ إِلى البَعثِ أَشلاءٌ لَهُم وَرُفاتُ +وَما كُنتَ تُحييهِم فَكِلهُم لِرَبِّهِم فَما ماتَ قَومٌ في سَبيلِكَ ماتوا +رَمَتهُم بِسَهمِ الغَدرِ عِندَ صَلاتِهِم عِصابَةُ شَرٍّ لِلصَلاةِ عُداةُ +تَبَرَّأَ عيسى مِنهُمُ وَصِحابِهِ أَأَتباعُ عيسى ذي الحَنانِ جُفاةُ +يُعادونَ ديناً لا يُعادونَ دَولَةً لَقَد كَذِبَت دَعوى لَهُم وَشُكاةُ +وَلا خَيرَ في الدُنيا وَلا في حُقوقِها إِذا قيلَ طُلّابُ الحُقوقِ بُغاةُ +بِأَيِّ فُؤادٍ تَلتَقي الهَولَ ثابِتاً وَما لِقُلوبِ العالَمينَ ثَباتُ +إِذا زُلزِلَت مِن حَولِكَ الأَرضُ رادَها وَقارُكَ حَتّى تَسكُنَ الجَنَباتُ +وَإِن خَرَجَت نارٌ فَكانَت جَهَنَّماً تُغَذّى بِأَجسادِ الوَرى وَتُقاتُ +وَتَرتَجُّ مِنها لُجَّةٌ وَمَدينَةٌ وَتَصلى نَواحٍ حَرَّها وَجِهاتُ +تَمَشَّيتَ في بُردِ الخَليلِ فَخُضتَها سَلاماً وَبُرداً حَولَكَ الغ��مَراتُ +وَسِرتَ وَمِلءُ الأَرضِ أَدرُعٌ وَدِرعُكَ قَلبٌ خاشِعٌ وَصَلاةُ +ضَحوكاً وَأَصنافُ المَنايا عَوابِسٌ وَقوراً وَأَنواعُ الحُتوفِ طُغاةُ +يَحوطُكَ إِن خانَ الحُماةَ اِنتِباهُهُم مَلائِكُ مِن عِندِ الإِلَهِ حُماةُ +تُشيرُ بِوَجهٍ أَحمَدِيٍّ مُنَوِّرٍ عُيونُ البَرايا فيهِ مُنحَسِراتُ +يُحَيِّ الرَعايا وَالقَضاءُ مُهَلِّلٌ يُحَييهِ وَالأَقدارُ مُعتَذِراتُ +نَجاتُكَ نُعمى لِلإِلَهِ سَنِيَّةٌ لَها فيكَ شُكرٌ واجِبٌ وَزَكاةُ +فَصَيِّر أَميرَ المُؤمِنينَ ثَناءَها مَآثِرَ تُحيِ الأَرضَ وَهيَ مَواتُ +إِذا لَم يَفُتنا مِن وُجودِكَ فائِتٌ فَلَيسَ لِآمالِ النُفوسِ فَواتُ +بَلَوناكَ يَقظانَ الصَوارِمِ وَالقَنا إِذا ضَيَّعَ الصيدَ المُلوكَ سُباتُ +سَهِرتَ وَلَذَّ النَومُ وَهوَ مَنِيَّةٌ رَعايا تَوَلّاها الهَوى وَرُعاةُ +فَلَولاكَ مُلكُ المُسلِمينَ مُضَيَّعٌ وَلَولاكَ شَملُ المُسلِمينَ شَتاتُ +لَقَد ذَهَبَت راياتُهُم غَيرَ رايَةٍ لَها النَصرُ وَسمٌ وَالفُتوحُ شِياتُ +تَظَلُّ عَلى الأَيّامِ غَرّاءَ حُرَّةً مُحَجَّلَةً في ظِلِّها الغَزَواتُ +حَنيفِيَّةٌ قَد عَزَّها وَأَعَزَّها ثَلاثونَ مَلكاً فاتِحونَ غُزاةُ +حَماها وَأَسماها عَلى الدَهرِ مِنهُمُ مُلوكٌ عَلى أَملاكِهِ سَرَواتُ +غَمائِمُ في مَحلِ السِنينِ هَواطِلٌ مَصابيحُ في لَيلِ الشُكوكِ هُداةُ +تَهادَت سَلاماً في ذَراكَ مَطيفَةً لَها رَغَباتُ الخَلقِ وَالرَهَباتُ +تَموتُ سِباعُ الجَوِّ غَرثى حِيالَها وَتَحيا نُفوسُ الخَلقِ وَالمُهَجاتِ +سَنَنتَ اِعتِدالَ الدَهرِ في أَمرِ أَهلِهِ فَباتَ رَضِيّاً في دَراكَ وَباتوا +فَأَنتَ غَمامٌ وَالزَمانُ خَميلَةٌ وَأَنتَ سِنانٌ وَالزَمانُ قَناةُ +وَأَنتَ مِلاكُ السِلمِ إِن مادَ رُكنُهُ وَأَشفَقَ قُوّامٌ عَلَيهِ ثُقاتُ +أَكانَ لِهَذا الأَمرِ غَيرُكَ صالِحٌ وَقَد هَوَّنَتهُ عِندَكَ السَنَواتُ +وَمَن يَسُسِ الدُنيا ثَلاثينَ حِجَّةً تُعِنهُ عَلَيها حِكمَةٌ وَأَناةُ +مَلَكتَ أَميرَ المُؤمِنينَ اِبنَ هانِئٍ بِفَضلٍ لَهُ الأَلبابُ مُمتَلَكاتُ +وَمازِلتُ حَسّانَ المَقامِ وَلَم تَزَل تَليني وَتَسري مِنكَ لي النَفَحاتُ +زَهِدتُ الَّذي في راحَتَيكَ وَشاقَني جَوائِزُ عِندَ اللَهِ مُبتَغَياتُ +وَمَن كانَ مِثلي أَحمَدَ الوَقتِ لَم تَجُز عَلَيهِ وَلَو مِن مِثلِكَ الصَدَقاتُ +وَلي دُرَرُ الأَخلاقِ في المَدحِ وَالهَوى وَلِلمُتَنَبّي دُرَّةٌ وَحَصاةُ +نَجَت أُمَّةٌ لَمّا نَجَوتَ وَدورِكَت بِلادٌ وَطالَت لِلسَريرِ حَياةُ +وَصينَ جَلالُ المُلكِ وَاِمتَدَّ عِزُّهُ وَدامَ عَلَيهِ الحُسنُ وَالحَسَناتُ +وَأُمِّنَ في شَرقِ البِلادِ وَغَربِها يَتامى عَلى أَقواتِهِم وَعُفاةُ +سَلامِيَ عَن هَذا المَقامِ مُقَصِّرٌ عَلَيكَ سَلامُ اللَهِ وَالبَرَكاتُ +إِلى عَرَفاتِ اللَهِ يا خَيرَ زائِرٍ عَلَيكَ سَلامُ اللَهِ في عَرَفاتِ +وَيَومَ تُوَلّى وُجهَةَ البَيتِ ناضِراً وَسيمَ مَجالي البِشرِ وَالقَسَماتِ +عَلى كُلِّ أُفقٍ بِالحِجازِ مَلائِكٌ تَزُفُّ تَحايا اللَهِ وَالبَرَكاتِ +إِذا حُدِيَت عيسُ المُلوكِ فَإِنَّهُم لِعيسِكَ في البَيداءِ خَيرُ حُداةِ +لَدى البابِ جِبريلُ الأَمينُ بِراحِهِ رَسائِلُ رَحمانِيَّةُ النَفَحاتِ +وَفي الكَعبَةِ الغَرّاءِ رُكنٌ مُرَحِّبٌ بِكَعبَةِ قُصّادٍ وَرُكنِ عُفاةِ +وَما سَكَبَ الميزابُ ماءً وَإِنَّما أَفاضَ عَلَيكَ الأَجرَ وَالرَحَماتِ +وَزَمزَمُ تَجري بَينَ عَينَيكَ أَعيُناً مِنَ الكَوثَرِ المَعسولِ مُنفَجِراتِ +وَيَرمونَ إِبليسَ الرَجيمَ فَيَصطَلي وَشانيكَ نيراناً مِنَ الجَمَراتِ +يُحَيّيكَ طَهَ في مَضاجِعِ طُهرِهِ وَيَعلَمُ ما عالَجتَ مِن عَقَباتِ +وَيُثني عَلَيكَ الراشِدونَ بِصالِحٍ وَرُبَّ ثَناءٍ مِن لِسانِ رُفاتِ +لَكَ الدينُ يا رَبَّ الحَجيجِ جَمَعتَهُم لِبَيتٍ طَهورِ الساحِ وَالعَرَصاتِ +أَرى الناسَ أَصنافاً وَمِن كُلِّ بُقعَةٍ إِلَيكَ اِنتَهَوا مِن غُربَةٍ وَشَتاتِ +تَساوَوا فَلا الأَنسابُ فيها تَفاوُتٌ لَدَيكَ وَلا الأَقدارُ مُختَلِفاتِ +عَنَت لَكَ في التُربِ المُقَدَّسِ جَبهَةٌ يَدينُ لَها العاتي مِنَ الجَبَهاتِ +مُنَوِّرَةٌ كَالبَدرِ شَمّاءُ كَالسُها وَتُخفَضُ في حَقٍّ وَعِندَ صَلاةِ +وَيا رَبِّ لَو سَخَّرتَ ناقَةَ صالِحٍ لِعَبدِكَ ما كانَت مِنَ السَلِساتِ +وَيا رَبِّ هَل سَيّارَةٌ أَو مَطارَةٌ فَيَدنو بَعيدُ البيدِ وَالفَلَواتِ +وَيا رَبِّ هَل تُغني عَنِ العَبدِ حَجَّةٌ وَفي العُمرِ ما فيهِ مِنَ الهَفَواتِ +وَتَشهَدُ ما آذَيتُ نَفساً وَلَم أَضِر وَلَم أَبغِ في جَهري وَلا خَطَراتي +وَلا غَلَبَتني شِقوَةٌ أَو سَعادَةٌ عَلى حِكمَةٍ آتَيتَني وَأَناةِ +وَلا جالَ إِلّا الخَيرُ بَينَ سَرائِري لَدى سُدَّةٍ خَيرِيَّةِ الرَغَباتِ +وَلا بِتُّ إِلّا كَاِبنِ مَريَمَ مُشفِقاً عَلى حُسَّدي مُستَغفِراً لِعِداتي +وَلا حُمِّلَت نَفسٌ هَوىً لِبِلادِها كَنَفسِيَ في فِعلي وَفي نَفَثاتي +وَإِنّي وَلا مَنٌّ عَلَيكَ بِطاعَةٍ أُجِلُّ وَأُغلي في الفُروضِ زَكاتي +أُبلَغُ فيها وَهيَ عَدلٌ وَرَحمَةٌ وَيَترُكُها النُسّاكُ في الخَلَواتِ +وَأَنتَ وَلِيُّ العَفوِ فَاِمحُ بِناصِعٍ مِنَ الصَفحِ ما سَوَّدتُ مِن صَفَحاتي +وَمَن تَضحَكِ الدُنيا إِلَيهِ فَيَغتَرِر يَمُت كَقَتيلِ الغيدِ بِالبَسَماتِ +وَرَكِبَ كَإِقبالِ الزَمانِ مُحَجَّلٍ كَريمِ الحَواشي كابِرِ الخُطُواتِ +يَسيرُ بِأَرضٍ أَخرَجَت خَيرَ أُمَّةٍ وَتَحتَ سَماءِ الوَحيِ وَالسُوَراتِ +يُفيضُ عَلَيها اليُمنَ في غَدَواتِهِ وَيُضفي عَلَيها الأَمنَ في الرَوَحاتِ +إِذا زُرتَ يا مَولايَ قَبرَ مُحَمَّدٍ وَقَبَّلتَ مَثوى الأَعظَمِ العَطِراتِ +وَفاضَت مَعَ الدَمعِ العُيونُ مَهابَةً لِأَحمَدَ بَينَ السِترِ وَالحُجُراتِ +وَأَشرَقَ نورٌ تَحتَ كُلِّ ثَنِيَّةٍ وَضاعَ أَريجٌ تَحتَ كُلِّ حَصاةِ +لِمُظهِرِ دينِ اللَهِ فَوقَ تَنوفَةٍ وَباني صُروحِ المَجدِ فَوقَ فَلاةِ +فَقُل لِرَسولِ اللَهِ يا خَيرَ مُرسَلٍ أَبُثُّكَ ما تَدري مِنَ الحَسَراتِ +شُعوبُكَ في شَرقِ البِلادِ وَغَربِها كَأَصحابِ كَهفٍ في عَميقِ سُباتِ +بِأَيمانِهِم نورانِ ذِكرٌ وَسُنَّةٌ فَما بالُهُم في حالِكِ الظُلُماتِ +وَذَلِكَ ماضي مَجدِهِم وَفَخارِهِم فَما ضَرَّهُم لَو يَعمَلونَ لِآتي +وَهَذا زَمانٌ أَرضُهُ وَسَماؤُهُ مَجالٌ لِمِقدامٍ كَبيرِ حَياةِ +مَشى فيهِ قَومٌ في السَماءِ وَأَنشَئوا بَوارِجَ في الأَبراجِ مُمتَنِعاتِ +فَقُل رَبِّ وَفِّق لِلع��ظائِمِ أُمَّتي وَزَيِّن لَها الأَفعالَ وَالعَزَماتِ +قُم حَيِّ هَذي النَيِّراتِ حَيِّ الحِسانَ الخَيِّراتِ +وَاِخفِض جَبينَكَ هَيبَةً لِلخُرَّدِ المُتَخَفِّراتِ +زَينِ المَقاصِرِ وَالحِجا لِ وَزَينِ مِحرابِ الصَلاةِ +هَذا مَقامُ الأُمَّها تِ فَهَل قَدَرتَ الأُمَّهاتِ +لا تَلغُ فيهِ وَلا تَقُل غَيرَ الفَواصِلِ مُحكَماتِ +وَإِذا خَطَبتَ فَلا تَكُن خَطباً عَلى مِصرَ الفَتاةِ +اُذكُر لَها اليابانَ لا أُمَمَ الهَوى المُتَهَتِّكاتِ +ماذا لَقيتَ مِنَ الحَضا رَةِ يا أُخَيَّ التُرَّهاتِ +لَم تَلقَ غَيرَ الرِقِّ مِن عُسرٍ عَلى الشَرقِيِّ عاتِ +خُذ بِالكِتابِ وَبِالحَدي ثِ وَسيرَةِ السَلَفِ الثِقاةِ +وَاِرجِع إِلى سِنِّ الخَلي قَةِ وَاِتَّبِع نُظمَ الحَياةِ +هَذا رَسولُ اللَهِ لَم يُنقِص حُقوقَ المُؤمِناتِ +العِلمُ كانَ شَريعَةً لِنِسائِهِ المُتَفَقِّهاتِ +رُضنَ التِجارَةَ وَالسِيا سَةَ وَالشُؤونَ الأُخرَياتِ +وَلَقَد عَلَت بِبَناتِهِ لُجَجُ العُلومِ الزاخِراتِ +كانَت سُكَينَةُ تَملَأُ الدُن يا وَتَهزَأُ بِالرُواةِ +رَوَتِ الحَديثُ وَفَسَّرَت آيَ الكِتابِ البَيِّناتِ +وَحَضارَةُ الإِسلامِ تَن طِقُ عَن مَكانِ المُسلِماتِ +بَغدادُ دارُ العالِما تِ وَمَنزِلُ المُتَأَدِّباتِ +وَدِمَشقُ تَحتَ أُمَيَّةٍ أُمُّ الجَواري النابِغاتِ +وَرِياضُ أَندَلُسٍ نَمَي نَ الهاتِفاتِ الشاعِراتِ +أُدعُ الرِجالَ لِيَنظُروا كَيفَ اِتِّحادُ الغانِياتِ +وَالنَفعَ كَيفَ أَخَذنَ في أَسبابِهِ مُتَعاوِناتِ +لَمّا رَأَينَ نَدى الرِجا لِ تَفاخُراً أَو حَبَّ ذاتِ +وَرَأَينَ عِندَهُمُ الصَنا ئِعَ وَالفُنونَ مُضَيَّعاتِ +وَالبِرَّ عِندَ الأَغنِيا ءِ مِنَ الشُؤونِ المُهمَلاتِ +أَقبَلنَ يَبنينَ المَنا ئِرَ لِلنَجاحِ مُوَفَّقاتِ +لِلصالِحاتِ عَقائِلِ ال وادي هَوىً في الصالِحاتِ +اللَهُ أَنبَتَهُنَّ في طاعاتِهِ خَيرَ النَباتِ +فَأَتَينَ أَطيَبَ ما أَتى زَهَرُ المَناقِبِ وَالصِفاتِ +لَم يَكفِ أَن أَحسَنَّ حَت تى زِدنَ حَضَّ المُحصَناتِ +يَمشينَ في سوقِ الثَوا بِ مُساوِماتٍ رابِحاتِ +يَلبَسنَ ذُلَّ السائِلا تِ وَما ذَكَرنَ البائِساتِ +فَوُجوهُهُنَّ وَماؤُها سِترٌ عَلى المُتَجَمِّلاتِ +مِصرٌ تُجَدِّدُ مَجدَها بِنِسائِها المُتَجَدِّداتِ +النافِراتُ مِنَ الجُمو دِ كَأَنَّهُ شَبَحُ المَماتِ +هَل بَينَهُنَّ جَوامِداً فَرقٌ وَبَينَ المومِياتِ +لَمّا حَضَنَّ لَنا القَضِي يَةَ كُنَّ خَيرَ الحاضِناتِ +غَذَّينَها في مَهدِها بِلِبانِهِنَّ الطاهِراتِ +وَسَبَقنَ فيها المُعلَمي نَ إِلى الكَريهَةِ مُعلَماتِ +يَنفُثنَ في الفِتيانِ مِن روحِ الشَجاعَةِ وَالثَباتِ +يَهوَينَ تَقبيلَ المُهَن نَدِ أَو مُعانَقَةَ القَناةِ +وَيَرَينَ حَتّى في الكَرى قُبَلَ الرِجالِ مُحَرَّماتِ +عادَت أَغاني العُرسِ رَجعَ نُواحِ وَنُعيتِ بَينَ مَعالِمِ الأَفراحِ +كُفِّنتِ في لَيلِ الزَفافِ بِثَوبِهِ وَدُفِنتِ عِندَ تَبَلُّجِ الإِصباحِ +شُيِّعتِ مِن هَلَعٍ بِعَبرَةِ ضاحِكٍ في كُلِّ ناحِيَةٍ وَسَكرَةِ صاحِ +ضَجَّت عَلَيكِ مَآذِنٌ وَمَنابِرٌ وَبَكَت عَلَيكَ مَمالِكٌ وَنَواحِ +الهِندُ والِهَةٌ وَمِصرُ حَزينَةٌ تَبكي عَلَيكِ بِمَدمَعٍ سَحّاحِ +وَالشامُ تَسأَلُ وَالعِراقُ وَفارِسٌ أَمَحا مِنَ الأَرضِ الخِلافَةَ ماحِ +وَأَتَت لَكَ الجُمَعُ الجَلائِلُ مَأتَماً فَقَعَدنَ فيهِ مَقاعِدَ الأَنواحِ +يا لَلرِجالِ لَحُرَّةٍ مَوؤودَةٍ قُتِلَت بِغَيرِ جَريرَةٍ وَجُناحِ +إِنَّ الَّذينَ أَسَت جِراحَكِ حَربُهُم قَتَلَتكِ سَلمُهُمو بِغَيرِ جِراحِ +هَتَكوا بِأَيديهِم مُلاءَةَ فَخرِهِم مَوشِيَّةً بِمَواهِبِ الفَتّاحِ +نَزَعوا عَنِ الأَعناقِ خَيرَ قِلادَةٍ وَنَضَوا عَنِ الأَعطافِ خَيرَ وِشاحِ +حَسَبٌ أَتى طولُ اللَيالي دونَهُ قَد طاحَ بَينَ عَشِيَّةٍ وَصَباحِ +وَعَلاقَةٌ فُصِمَت عُرى أَسبابِها كانَت أَبَرَّ عَلائِقِ الأَرواحِ +جَمَعَت عَلى البِرِّ الحُضورَ وَرُبَّما جَمَعَت عَلَيهِ سَرائِرَ النُزّاحِ +نَظَمَت صُفوفَ المُسلِمينَ وَخَطوَهُم في كُلِّ غَدوَةِ جُمعَةٍ وَرَواحِ +بَكَتِ الصَلاةُ وَتِلكَ فِتنَةُ عابِثٍ بِالشَرعِ عِربيدِ القَضاءِ وَقاحِ +أَفتى خُزَعبِلَةً وَقالَ ضَلالَةً وَأَتى بِكُفرٍ في البِلادِ بَواحِ +إِنَّ الَّذينَ جَرى عَلَيهِم فِقهُهُ خُلِقوا لِفِقهِ كَتيبَةٍ وَسِلاحِ +إِن حَدَّثوا نَطَقوا بِخُرسِ كَتائِبٍ أَو خوطِبوا سَمِعوا بِصُمِّ رِماحِ +أَستَغفِرُ الأَخلاقَ لَستُ بِجاحِدٍ مَن كُنتُ أَدفَعُ دونَهُ وَأُلاحي +مالي أُطَوِّقُهُ المَلامَ وَطالَما قَلَّدتُهُ المَأثورَ مِن أَمداحي +هُوَ رُكنُ مَملَكَةٍ وَحائِطُ دَولَةٍ وَقَريعُ شَهباءٍ وَكَبشُ نِطاحِ +أَأَقولُ مَن أَحيا الجَماعَةَ مُلحِدٌ وَأَقولُ مَن رَدَّ الحُقوقَ إِباحي +الحَقُّ أَولى مِن وَلِيِّكَ حُرمَةً وَأَحَقُّ مِنكَ بِنُصرَةٍ وَكِفاحِ +فَاِمدَح عَلى الحَقِّ الرِجالَ وَلُمهُموا أَو خَلِّ عَنكَ مَواقِفَ النُصّاحِ +وَمِنَ الرِجالِ إِذا اِنبَرَيتَ لِهَدمِهِم هَرَمٌ غَليظُ مَناكِبِ الصُفّاحِ +فَإِذا قَذَفتَ الحَقَّ في أَجلادِهِ تَرَكَ الصِراعَ مُضَعضَعَ الأَلواحِ +أَدّوا إِلى الغازي النَصيحَةَ يَنتَصِح إِنَّ الجَوادَ يَثوبُ بَعدَ جِماحِ +إِنَّ الغُرورَ سَقى الرَئيسَ بِراحِهِ كَيفَ اِحتِيالُكَ في صَريعِ الراحِ +نَقَلَ الشَرائِعَ وَالعَقائِدَ وَالقُرى وَالناسَ نَقلَ كَتائِبٍ في الساحِ +تَرَكَتهُ كَالشَبَحِ المُؤَلَّهِ أُمَّةٌ لَم تَسلُ بَعدُ عِبادَةَ الأَشباحِ +هُم أَطلَقوا يَدَهُ كَقَيصَرَ فيهُمو حَتّى تَناوَلَ كُلَّ غَيرِ مُباحِ +غَرَّتهُ طاعاتُ الجُموعِ وَدَولَةٌ وَجَدَ السَوادُ لَها هَوى المُرتاحِ +وَإِذا أَخَذتَ المَجدَ مِن أُمِّيَّةٍ لَم تُعطَ غَيرَ سَرابِهِ اللَمّاحِ +مَن قائِلٌ لِلمُسلِمينَ مَقالَةً لَم يوحِها غَيرَ النَصيحَةِ واحِ +عَهدُ الخِلافَةِ فِيَّ أَوَّلُ ذائِدٍ عَن حَوضِها بِبَراعَةٍ نَضّاحِ +حُبٌّ لِذاتِ اللَهِ كانَ وَلَم يَزَل وَهَوىً لِذاتِ الحَقِّ وَالإِصلاحِ +إِنّي أَنا المِصباحُ لَستُ بِضائِعٍ حَتّى أَكونَ فَراشَةَ المِصباحِ +غَزَواتُ أَدهَمَ كُلِّلَت بَذَوابِلٍ وَفُتوحُ أَنوَرَ فُصِّلَت بِصِفاحِ +وَلَّت سُيوفُهُما وَبانَ قَناهُما وَشَبا يَراعي غَيرُ ذاتِ بَراحِ +لا تَبذُلوا بُرَدَ النَبِيِّ لِعاجِزٍ عُزُلٍ يُدافِعُ دونَهُ بِالراحِ +بِالأَمسِ أَوهى المُسلِمينَ جِراحَةً وَاليَومَ مَدَّ لَهُم يَدَ الجَرّاحِ +فَلتَسمَعُنَّ بِكُلِّ أَرضٍ داعِياً يَدعو إِلى الكَذّابِ أَو لِسَجاحِ +وَلتَشهَدُنَّ بِكُلِّ أَرضٍ فِتنَةً فيها يُباعُ الدينُ بَيعَ سَماحِ +يُفتى عَلى ذَهَبِ المُعِزِّ وَسَيفِهِ وَهَوى النُفوسِ وَحِقدِها المِلحاحِ +بِأَبي وَروحي الناعِماتِ الغيدا الباسِماتِ عَنِ اليَتيمِ نَضيدَ +الرانِياتِ بِكُلِّ أَحوَرَ فاتِرٍ يَذُرُ الخَلِيَّ مِنَ القُلوبِ عَميدا +الراوِياتِ مِنَ السُلافِ مَحاجِراً الناهِلاتِ سَوالِفاً وَخُدودا +اللاعِباتِ عَلى النَسيمِ غَدائِراً الراتِعاتِ مَعَ النَسيمِ قُدودا +أَقبَلنَ في ذَهَبِ الأَصيلِ وَوَشيِهِ مِلءَ الغَلائِلِ لُؤلُؤاً وَفَريدا +يَحدِجنَ بِالحَدقِ الحَواسِدِ دُميَةً كَظِباءِ وَجرَةَ مُقلَتَينِ وَجيدا +حَوَتِ الجَمالَ فَلَو ذَهَبتَ تَزيدُها في الوَهمِ حُسناً ما اِستَطَعتَ مَزيدا +لَو مَرَّ بِالوِلدانِ طَيفُ جَمالِها في الخُلدِ خَرّوا رُكَّعاً وَسُجودا +أَشهى مِنَ العودِ المُرَنَّمِ مَنطِقاً وَأَلَذُّ مِن أَوتارِهِ تَغريدا +لَو كُنتَ مُطلِقَ السُجَناءِ لَم تُطلِق لِساحِرِ طَرفِها مَصفودا +ما قَصَّرَ الرُؤَساءُ عَنهُ سَعى لَهُ سَعدٌ فَكانَ مُوَفَّقاً وَرَشيدا +يا مِصرُ أَشبالُ العَرينِ تَرَعرَعَت وَمَشَت إِلَيكِ مِنَ السُجونِ أُسودا +قاضى السِياسَةِ نالَهُم بِعِقابِهِ خَشِنَ الحُكومَةِ في الشَبابِ عَتيدا +أَتَتِ الحَوادِثُ دون عَقدِ قَضائِهِ فَاِنهارَ بَيِّنَةً وَدُكَّ شَهيدا +تَقضي السِياسَةُ غَيرَ مالِكَةٍ لِما حَكَمَت بِهِ نَقضاً وَلا تَوكيدا +قالوا أَتَنظُمُ لِلشَبابِ تَحِيَّةً تَبقى عَلى جيدِ الزَمانِ قَصيدا +قُلتُ الشَبابُ أَتَمُّ عِقدَ مَآثِرٍ مِن أَن أَزيدَهُمو الثَناءَ عُقودا +قَبِلَت جُهودَهُمُ البِلادُ وَقَبَّلَت تاجاً عَلى هاماتِهِم مَعقودا +خَرَجوا فَما مَدّوا حَناجِرَهُم وَلا مَنّوا عَلى أَوطانِهِم مَجهودا +خَفِيَ الأَساسُ عَنِ العُيونِ تَواضُعاً مِن بَعدِ ما رَفَعَ البِناءَ مَشيدا +ما كانَ أَفطَنَهُم لِكُلُّ خَديعَةٍ وَلِكُلِّ شَرٍّ بِالبِلادِ أُريدا +لَمّا بَنى اللَهُ القَضِيَّةَ مِنهُمُ قامَت عَلى الحَقِّ المُبينِ عَمودا +جادوا بِأَيّامِ الشَبابِ وَأَوشَكوا يَتَجاوَزونَ إِلى الحَياةِ الجودا +طَلَبوا الجَلاءَ عَلى الجِهادِ مَثوبَةً لَم يَطلُبوا أَجرَ الجِهادِ زَهيدا +وَاللَهِ ما دونَ الجَلاءِ وَيَومِهِ يَومٌ تُسَمّيهِ الكِنانَةُ عيدا +وَجَدَ السَجينُ يَداً تُحَطِّمُ قَيدَهُ مَن ذا يُحَطِّمُ لِلبِلادِ قُيودا +رَبِحَت مِنَ التَصريحِ أَنَّ قُيودَها قَد صِرنَ مِن ذَهَبٍ وَكُنَّ حَديدا +أَوَ ما تَرونَ عَلى المَنابِعِ عُدَّةً لا تَنجَلي وَعَلى الضِفافِ عَديدا +يا فِتيَةَ النيلِ السَعيدِ خُذوا المَدى وَاِستَأنِفوا نَفَسَ الجِهادِ مَديدا +وَتَنَكَّبوا العُدوانَ وَاِجتَنِبوا الأَذى وَقِفوا بِمِصرَ المَوقِفَ المَحمودا +الأَرضُ أَليَقُ مَنزِلاً بِجَماعَةٍ يَبغونَ أَسبابَ السَماءِ قُعودا +أَنتُم غَداً أَهلُ الأُمورِ وَإِنَّما كُنّا عَلَيكُم في الأُمورِ وُفودا +فَاِبنوا عَلى أُسُسِ الزَمانِ وَروحِهِ رُكنَ الحَضارَةِ باذِخاً وَشَديدا +الهَدمُ أَجمَلُ مِن بِنايَةِ مُصلِحٍ يَبني عَلى الأُسُسِ العِتاقِ جَديدا +وَجهُ الكِنانَةِ لَيسَ يُغضِبُ رَبَّكُم أَن تَجعَلوهُ كَوَجهِهِ مَعبودا +وَلّوا إِلَيهِ في الدُروسِ وُجوهَكُم وَإِذا فَرَغتُمُ وَاِعبُدوهُ هُجودا +إِنَّ الَّذي قَسَمَ البِلادَ حَباكُمُ بَلَداً كَأَوطانِ النُجومِ مَجيدا +قَد كانَ وَالدُنيا لُحودٌ كُلُّها لِلعَبقَرِيَّةِ وَالفُنونِ مُهودا +مَجدُ الأُمورِ زَوالُهُ في زَلَّةٍ لا تَرجُ لِاِسمِكَ بِالأُمورِ خُلودا +الفَردُ بِالشورى وَبِاِسمِ نَدِيِّها لُفِظَ الخَليفَةُ في الظَلامِ شَريدا +خَلَعَتهُ دونَ المُسلِمينَ عِصابَةٌ لَم يَجعَلوا لِلمُسلِمينَ وُجودا +يَقضونَ ذَلِكَ عَن سَوادٍ غافِلٍ خُلِقَ السَوادُ مُضَلَّلاً وَمَسودا +جَعَلوا مَشيئَتَهُ الغَبِيَّةَ سُلَّماً نَحوَ الأُمورِ لِمَن أَرادَ صُعودا +إِنّي نَظَرتُ إِلى الشُعوبِ فَلَم أَجِد كَالجَهلِ داءً لِلشُعوبِ مُبيدا +الجَهلُ لا يَلِدُ الحَياةَ مَواتُهُ إِلّا كَما تَلِدُ الرِمامُ الدودا +لَم يَخلُ مِن صُوَرِ الحَياةِ وَإِنَّما أَخطاهُ عُنصُرُها فَماتَ وَليدا +وَإِذا سَبى الفَردُ المُسَلَّطُ مَجلِساً أَلفَيتَ أَحرارَ الرِجالِ عَبيدا +وَرَأَيتَ في صَدرِ النَدِيِّ مُنَوَّماً في عُصبَةٍ يَتَحَرَّكونَ رُقودا +الحَقُّ سَهمٌ لا تَرِشهُ بِباطِلٍ ما كانَ سَهمُ المُبطِلينَ سَديدا +وَاِلعَب بِغَيرِ سِلاحِهِ فَلَرُبَّما قَتَلَ الرِجالَ سِلاحُهُ مَردودا +قِف ناجِ أَهرامَ الجَلالِ وَنادِ هَل مِن بُناتِكَ مَجلِسٌ أَو نادِ +نَشكو وَنَفزَعُ فيهِ بَينَ عُيونِهِم إِنَّ الأُبُوَّةَ مَفزِعُ الأَولادِ +وَنَبُثُّهُم عَبَثَ الهَوى بِتُراثِهِم مِن كُلِّ مُلقٍ لِلهَوى بِقِيادِ +وَنُبينُ كَيفَ تَفَرَّقَ الإِخوانُ في وَقتِ البَلاءِ تَفَرُّقَ الأَضدادِ +إِنَّ المَغالِطَ في الحَقيقَةِ نَفسَهُ باغٍ عَلى النَفسِ الضَعيفَةِ عادِ +قُل لِلأَعاجيبِ الثَلاثِ مَقالَةً مِن هاتِفٍ بِمَكانِهِنَّ وَشادِ +لِلَّهِ أَنتِ فَما رَأَيتُ عَلى الصَفا هَذا الجَلالَ وَلا عَلى الأَوتادِ +لَكِ كَالمَعابِدِ رَوعَةٌ قُدسِيَّةٌ وَعَلَيكِ روحانِيَّةُ العُبّادِ +أُسِّستِ مِن أَحلامِهِم بِقَواعِدٍ وَرُفِعتِ مِن أَخلاقِهِم بِعِمادِ +تِلكَ الرِمالُ بِجانِبَيكِ بَقِيَّةٌ مِن نِعمَةٍ وَسَماحَةٍ وَرَمادِ +إِن نَحنُ أَكرَمنا النَزيلَ حِيالَها فَالضَيفُ عِندَكِ مَوضِعُ الإِرفادِ +هَذا الأَمينُ بِحائِطَيكِ مُطَوِّفاً مُتَقَدِّمَ الحُجّاجِ وَالوُفّادِ +إِن يَعدُهُ مِنكِ الخُلودُ فَشَعرُهُ باقٍ وَلَيسَ بَيانُهُ لِنَفادِ +إيهِ أَمينُ لَمَستَ كُلَّ مُحَجَّبٍ في الحُسنِ مِن أَثَرِ العُقولِ وَبادي +قُم قَبِّلِ الأَحجارَ وَالأَيدي الَّتي أَخَذَت لَها عَهداً مِنَ الآبادِ +وَخُذِ النُبوغَ عَنِ الكِنانَةِ إِنَّها مَهدُ الشُموسِ وَمَسقَطُ الآرادِ +أُمُّ القِرى إِن لَم تَكُن أُمَّ القُرى وَمَثابَةُ الأَعيانِ وَالأَفرادِ +مازالَ يَغشى الشَرقَ مِن لَمَحاتِها في كُلِّ مُظلِمَةٍ شُعاعٌ هادي +رَفَعوا لَكَ الرَيحانَ كَاِسمِكَ طَيِّباً إِنَّ العَمارَ تَحِيَّةُ الأَمجادِ +وَتَخَيَّروا لِلمِهرَجانِ مَكانَهُ وَجَعَلتُ مَوضِعَ الاِحتِفاءِ فُؤادي +سَلَفَ الزَمانُ عَلى المَوَدَّةِ بَينَنا سَنَواتُ صَحوٍ بَل سَناتُ رُقادِ +وَإِذا جَمَعتَ الطَيِّباتِ رَدَدتَها لِعَتيقِ خَمرٍ أَو قَديمِ وِدادِ +يا نَجمَ سورِيّا وَلَستَ بِأَوَّلٍ ماذا نَمَت مِن نَيِّرٍ وَقّادِ +أُطلُع عَلى يَمَنٍ بِيُمنِكَ في غَدٍ وَتَجَلَّ بَعدَ غَدٍ عَلى بَغدادِ +وَأَجِل خَيالَكَ في طُلولِ مَمالِكٍ مِمّا تَجوبُ وَفي رُسومِ بِلادِ +وَسَلِ القُبورَ وَلا أَقولُ سَلِ القُرى هَل مِن رَبيعَةَ حاضِرٌ أَو بادي +سَتَرى الدِيارَ مِنِ اِختِلافِ أُمورِها نَطَقَ البَعيرُ بِها وَعَيَّ الحادي +قَضَّيتَ أَيّامَ الشَبابِ بِعالَمٍ لَبِسَ السِنينَ قَشيبَةَ الأَبرادِ +وَلَدَ البَدائِعَ وَالرَوائِعَ كُلَّها وَعَدَتهُ أَن يَلِدَ البَيانَ عُوادي +لَم يَختَرِع شَيطانَ حَسّانٍ وَلَم تُخرِج مَصانِعُهُ لِسانَ زِيادِ +اللَهُ كَرَّمَ بِالبَيانِ عِصابَةً في العالَمينَ عَزيزَةَ الميلادِ +هوميرُ أَحدَثُ مِن قُرونٍ بَعدَهُ شِعراً وَإِن لَم تَخلُ مِن آحادِ +وَالشِعرُ في حَيثُ النُفوسِ تَلَذُّهُ لا في الجَديدِ وَلا القَديمِ العادي +حَقُّ العَشيرَةِ في نُبوغِكَ أَوَّلٌ فَاِنظُر لَعَلَّكَ بِالعَشيرَةِ بادي +لَم يَكفِهِم شَطرُ النُبوغِ فَزُدهُمُ إِن كُنتَ بِالشَطرَينِ غَيرَ جَوادِ +أَو دَع لِسانَكَ وَاللُغاتِ فَرُبَّما غَنّى الأَصيلُ بِمَنطِقِ الأَجدادِ +إِنَّ الَّذي مَلَأَ اللُغاتِ مَحاسِناً جَعَلَ الجَمالَ وَسَرَّهُ في الضادِ +يا ناشِرَ العِلمِ بِهَذي البِلاد وُفِّقتَ نَشرُ العِلمِ مِثلُ الجِهاد +بانِيَ صَرحِ المَجدِ أَنتَ الَّذي تَبني بُيوتَ العِلمِ في كُلِّ ناد +بِالعِلمِ سادَ الناسُ في عَصرِهِم وَاِختَرَقوا السَبعَ الطِباقَ الشِداد +أَيَطلُبُ المَجدَ وَيَبغي العُلا قَومٌ لِسوقِ العِلمِ فيهِم كَساد +نَقّادُ أَعمالِكَ مُغلٍ لَها إِذا غَلا الدُرُّ غَلا الاِنتِقاد +ما أَصعَبَ الفِعلَ لِمَن رامَهُ وَأَسهَلَ القَولَ عَلى مَن أَراد +سَمعاً لِشَكوايَ فَإِن لَم تَجِد مِنكَ قُبولاً فَالشَكاوى تُعاد +عَدلاً عَلى ما كانَ مِن فَضلِكُم فَالفَضلُ إِن وُزِّع بِالعَدلِ زاد +أَسمَعُ أَحياناً وَحيناً أَرى مَدرَسَةً في كُلِّ حَيٍّ تُشاد +قَدَّمتَ قَبلي مُدُناً أَو قُرى كُنتُ أَنا السَيفَ وَكُنَّ النِجاد +أَنا الَّتي كُنتُ سَريراً لِمَن سادَ كَإِدوَردَ زَماناً وَشاد +قَد وَحَّدَ الخالِقَ في هَيكَلٍ مِن قَبلِ سُقراطَ وَمِن قَبلِ عاد +وَهَذَّبَ الهِندُ دِياناتِهِم بِكُلِّ خافٍ مِن رُموزي وَباد +وَمِن تَلاميذي موسى الَّذي أوحِيَ مِن بَعدُ إِلَيهِ فَهاد +وَأُرضِعَ الحِكمَةَ عيسى الهُدى أَيّامَ تُربي مَهدُهُ وَالوِساد +مَدرَسَتي كانَت حِياضَ النُهى قَرارَةَ العِرفانِ دارَ الرَشاد +مَشايِخُ اليونانِ يَأتونَها يُلقونَ في العِلمِ إِلَيها القِياد +كُنّا نُسَمّيهِم بِصِبيانِهِ وَصِبيَتي بِالشَيبِ أَهلُ السَداد +ذَلِكَ أَمسي ما بِهِ ريبَةٌ وَيَومِيَ القُبَّةُ ذاتُ العِماد +أَصبَحتُ كَالفِردَوسِ في ظِلِّها مِن مِصرَ لِلخَنكا لِظِلّي اِمتِداد +لَولا جُلّى زَيتونِيَ النَضرِ ما أَقسَمَ بِالزَيتونِ رَبُّ العِباد +الواحَةُ الزَهراءُ ذاتُ الغِنى تُربي الَّتي ما مِثلِها في البِلاد +تُريكَ بِالصُبحِ وَجُنحِ الدُجى بُدورَ حُسنٍ وَشُموسَ اِتِّقاد +بَنِيَّ يا سَعدُ كَزُغبِ القَطا لا نَقَّصَ اللَهُ لَهُم مِن عِد��د +إِن فاتَكَ النَسلُ فَأَكرِم بِهِم وَرُبَّ نَسلٍ بِالنَدى يُستَفاد +أَخشى عَلَيهِم مِن أَذىً رائِحٍ يَجمَعُهُم في الفَجرِ وَالعَصرِ غاد +صَفيرُهُ يَسلُبُني راحَتي وَيَمنَعُ الجَفنَ لَذيذَ الرُقاد +يَعقوبُ مِن ذِئبٍ بَكى مُشفِقاً فَكَيفَ أَنيابُ الحَديدِ الحِداد +فَاِنظُر رَعاكَ اللَهُ في حاجِهِم فَنَظرَةٌ مِنكَ تُنيلُ المُراد +قَد بَسَطوا الكَفَّ عَلى أَنَّهُم في كَرَمِ الراحِ كَصَوبِ العِهاد +إِن طُلِبَ القِسطُ فَما مِنهُمُ إِلّا جَوادٌ عَن أَبيهِ الجَواد +سَل يَلدِزاً ذاتَ القُصورِ هَل جاءَها نَبَأُ البُدور +لَو تَستَطيعُ إِجابَةً لَبَكَتكَ بِالدَمعِ الغَزير +أَخنى عَلَيها ما أَنا خَ عَلى الخَوَرنَقِ وَالسَدير +وَدَها الجَزيرَةَ بَعدَ إِس ماعيلَ وَالمَلِكِ الكَبير +ذَهَبَ الجَميعُ فَلا القُصو رُ تُرى وَلا أَهلُ القُصور +فَلَكٌ يَدورُ سُعودُهُ وَنُحوسُهُ بِيَدِ المُدير +أَينَ الأَوانِسُ في ذُرا ها مِن مَلائِكَةٍ وَحور +المُترَعاتُ مِنَ النَعي مِ الراوِياتُ مِنَ السُرور +العاثِراتُ مِنَ الدَلا لِ الناهِضاتُ مِنَ الغُرور +الآمِراتُ عَلى الوُلا ةِ الناهِياتُ عَلى الصُدور +الناعِماتُ الطَيِّبا تُ العَرفِ أَمثالُ الزُهور +الذاهِلاتُ عَنِ الزَما نِ بِنَشوَةِ العَيشِ النَضير +المُشرِفاتُ وَما اِنتَقَل نَ عَلى المَمالِكِ وَالبُحور +مِن كُلِّ بَلقيسٍ عَلى كُرسِيِّ عِزَّتِها الوَثير +أَمضى نُفوذاً مِن زُبَي دَةَ في الإِمارَةِ وَالأَمير +بَينَ الرَفارِفِ وَالمَشا رِفِ وَالزَخارِفِ وَالحَرير +وَالرَوضُ في حَجمِ الدُنا وَالبَحرِ في حَجمِ الغَدير +وَالدُرِّ مُؤتَلِقِ السَنا وَالمِسكِ فَيّاحِ العَبير +في مَسكَنٍ فَوقَ السِما كِ وَفَوقَ غاراتِ المُغير +بَينَ المَعاقِلِ وَالقَنا وَالخَيلِ وَالجَمِّ الغَفير +سَمَّوهُ يَلدِزَ وَالأُفو لُ نِهايَةُ النَجمِ المُغير +دارَت عَلَيهِنَّ الدَوا ئِرُ في المَخادِعِ وَالخُدور +أَمسَينَ في رِقِّ العَبي لِ وَبِتنَ في أَسرِ العَشير +ما يَنتَهينَ مِنَ الصَلا ةِ ضَراعَةً وَمِنَ النُذور +يَطلُبنَ نُصرَةَ رَبِّهِنَّ وَرَبُّهُنَّ بِلا نَصير +صَبَغَ السَوادُ حَبيرَهُنَّ وَكانَ مِن يَقَقِ الحُبور +أَنا إِن عَجِزتُ فَإِنَّ في بُردَيَّ أَشعَرَ مِن جَرير +خَطبُ الإِمامِ عَلى النَظي مِ يَعُزُّ شَرحاً وَالنَشير +عِظَةُ المُلوكِ وَعِبرَةُ ال أَيّامِ في الزَمَنِ الأَخير +شَيخُ المُلوكِ وَإِن تَضَع ضَعَ في الفُؤادِ وَفي الضَمير +تَستَغفِرُ المَولى لَهُ وَاللَهُ يَعفو عَن كَثير +وَنَراهُ عِندَ مُصابِهِ أَولى بِباكٍ أَو عَذير +وَنَصونُهُ وَنُجِلُّهُ بَينَ الشَماتَةِ وَالنَكير +عَبدَ الحَميدِ حِسابُ مِث لِكَ في يَدِ المَلِكِ الغَفور +سُدتَ الثَلاثينَ الطِوا لَ وَلَسنَ بِالحُكمِ القَصير +تَنهى وَتَأمُرُ ما بَدا لَكَ في الكَبيرِ وَفي الصَغير +لا تَستَشيرُ وَفي الحِمى عَدَدُ الكَواكِبِ مِن مُشير +كَم سَبَّحوا لَكَ في الرَوا حِ وَأَلَّهوكَ لَدى البُكور +وَرَأَيتَهُم لَكَ سُجَّداً كَسُجودِ موسى في الحُضور +خَفَضوا الرُؤوسَ وَوَتَّروا بِالذُلِّ أَقواسَ الظُهور +ماذا دَهاكَ مِنَ الأُمو رِ وَكُنتَ داهِيَةَ الأُمور +ما كُنتَ إِن حَدَثَت وَجَلَّت بِالجُزو��ِ وَلا العَثور +أَينَ الرَوِيَّةُ وَالأَنا ةُ وَحِكمَةُ الشَيخِ الخَبير +إِنَّ القَضاءَ إِذا رَمى دَكَّ القَواعِدِ مِن ثَبير +دَخَلوا السَريرَ عَلَيكَ يَح تَكِمونَ في رَبِّ السَرير +أَعظِم بِهِم مِن آسِري نَ وَبِالخَليفَةِ مِن أَسير +أَسَدٌ هَصورٌ أَنشَبَ ال أَظفارَ في أَسَدٍ هَصور +قالوا اِعتَزِل قُلتَ اِعتَزَل تُ وَالحُكمُ لِلَّهِ القَدير +صَبَروا لِدَولَتِكَ السِني نَ وَما صَبَرتَ سِوى شُهور +أوذيتَ مِن دُستورِهِم وَحَنَنتَ لِلحُكمِ العَسير +وَغَضِبتَ كَالمَنصورِ أَو هارونَ في خالي العُصور +ضَنّوا بِضائِعِ حَقِّهِم وَضَنَنتَ بِالدُنيا الغَرور +هَلّا اِحتَفَظتَ بِهِ اِحتِفا ظَ مُرَحِّبٍ فَرِحٍ قَرير +هُوَ حِليَةُ المَلِكِ الرَشي دِ وَعِصمَةُ المَلِكِ الغَرير +وَبِهِ يُبارِكُ في المَما لِكِ وَالمُلوكِ عَلى الدُهور +يا أَيُّها الجَيشُ الَّذي لا بِالدَعِيِّ وَلا الفَخور +يَخفي فَإِن ريعَ الحِمى لَفَتَ البَرِيَّةَ بِالظُهور +كَاللَيثِ يُسرِفُ في الفِعا لِ وَلَيسَ يُسرِفُ في الزَئير +الخاطِبُ العَلياءِ بِال أَرواحِ غالِيَةِ المُهور +عِندَ المُهَيمِنِ ما جَرى في الحَقِّ مِن دَمِكَ الطَهور +يَتلو الزَمانُ صَحيفَةً غَرّا مُذَهَّبَةَ السُطور +في مَدحِ أَنوَرِكَ الجَري ءِ وَفي نِيازيكَ الجَسور +يا شَوكَتَ الإِسلامِ بَل يا فاتِحَ البَلَدِ العَسير +وَاِبنَ الأَكارِمِ مِن بَني عُمَرَ الكَريمِ عَلى البَشير +القابِضينَ عَلى الصَلي لِ كَجَدِّهِم وَعَلى الصَرير +هَل كانَ جَدُّكَ في رِدا ئِكَ يَومَ زَحفِكَ وَالكُرور +فَقَنَصَت صَيّادَ الأُسو دِ وَصِدتَ قَنّاصَ النُسور +وَأَخَذتَ يَلدِزَ عَنوَةً وَمَلَكتَ عَنقاءَ الثُغور +المُؤمِنونَ بِمِصرَ يُه دونَ السَلامَ إِلى الأَمير +وَيُبايِعونَكَ يا مُحَم مَدُ في الضَمائِرِ وَالصُدور +قَد أَمَّلوا لِهِلالِهِم حَظَّ الأَهِلَّةِ في المَسير +فَاِبلُغ بِهِ أَوجَ الكَما لِ بِقُوَّةِ اللَهِ النَصير +أَنتَ الكَبيرُ يُقَلِّدو نَكَ سَيفَ عُثمانَ الكَبير +شَيخُ الغُزاةِ الفاتِحي نَ حُسامُهُ شَيخُ الذُكور +يَمضي وَيُغمِدُ بِالهُدى فَكَأَنَّهُ سَيفُ النَذير +بُشرى الإِمامُ مُحَمَّدٌ بِخِلافَةِ اللَهِ القَدير +بُشرى الخِلافَةِ بِالإِما مِ العادِلِ النَزِهِ الجَدير +الباعِثِ الدُستورَ في ال إِسلامِ مِن حُفَرِ القُبور +أَودى مُعاوِيَةٌ بِهِ وَبَعَثتَهُ قَبلَ النُشور +فَعَلى الخِلافَةِ مِنكُما نورٌ تَلَألَأَ فَوقَ نور +ناشِئٌ في الوَردِ مِن أَيّامِهِ حَسبُهُ اللَهُ أَبِالوَردِ عَثَر +سَدَّدَ السَهمَ إِلى صَدرِ الصِبا وَرَماهُ في حَواشيهِ الغُرَر +بِيَدٍ لا تَعرِفُ الشَرَّ وَلا صَلَحَت إِلّا لِتَلهو بِالأُكَر +بُسِطَت لِلسُمِّ وَالحَبلِ وَما بُسِطَت لِلكَأسِ يَوماً وَالوَتَر +غَفَرَ اللَهُ لَهُ ما ضَرَّهُ لَو قَضى مِن لَذَّةِ العَيشِ الوَطَر +لَم يُمَتَّع مِن صِبا أَيّامِهِ وَلَياليهِ أَصيلٌ وَسَحَر +يَتَمَنّى الشَيخُ مِنهُ ساعَةً بِحِجابِ السَمعِ أَو نورِ البَصَر +لَيسَ في الجَنَّةِ ما يُشبِهُهُ خِفَّةً في الظِلِّ أَو طيبَ قِصَر +فَصِبا الخُلدِ كَثيرٌ دائِمٌ وَصِبا الدُنيا عَزيزٌ مُختَصَر +كُلُّ يَومٍ خَبَرٌ عَن حَدَثٍ سَئِمَ العَيشَ وَمَن ��َسأَم يَذَر +عافَ بِالدُنيا بِناءً بَعدَ ما خَطَبَ الدُنيا وَأَهدى وَمَهَر +حَلَّ يَومَ العُرسِ مِنها نَفسَهُ رَحِمَ اللَهُ العَروسُ المُختَضَر +ضاقَ بِالعيشَةِ ذَرعاً فَهَوى عَن شَفا اليَأسِ وَبِئسَ المُنحَدَر +راحِلاً في مِثلِ أَعمارِ المُنى ذاهِباً في مِثلِ آجالِ الزَهَر +هارِباً مِن ساحَةِ العَيشِ وَما شارَفَ الغَمرَةَ مِنها وَالغُدُر +لا أَرى الأَيّامَ إِلّا مَعرَكاً وَأَرى الصِنديدَ فيهِ مَن صَبَر +رُبَّ واهي الجَأشِ فيهِ قَصَفٌ ماتَ بِالجُبنِ وَأَودى بِالحَذَر +لامَهُ الناسُ وَما أَظلَمَهُم وَقَليلٌ مَن تَغاضى أَو عَذَر +وَلَقَد أَبلاكَ عُذراً حَسَناً مُرتَدي الأَكفانِ مُلقىً في الحُفَر +قالَ ناسٌ صَرعَةٌ مِن قَدَرٍ وَقَديماً ظَلَمَ الناسُ القَدَر +وَيَقولُ الطِبُّ بَل مِن جَنَّةٍ وَرَأَيتُ العَقلَ في الناسِ نَدَر +وَيَقولونَ جَفاءٌ راعَهُ مِن أَبٍ أَغلَظَ قَلباً مِن حَجَر +وَاِمتِحانٌ صَعَّبَتهُ وَطأَةٌ شَدَّها في العِلمِ أُستاذٌ نَكِر +لا أَرى إِلّا نِظاماً فاسِداً فَكَّكَ الغَلمَ وَأَودى بِالأُسَر +مِن ضَحاياهُ وَما أَكثَرَها ذَلِكَ الكارِهُ في غَضِّ العُمُر +ما رَأى في العَيشِ شَيئاً سَرَّهُ وَأَخَفُّ العَيشِ ما ساءَ وَسَر +نَزَلَ العَيشَ فَلَم يَنزِل سِوى شُعبَةِ الهَمِّ وَبَيداءِ الفِكَر +وَنَهارٍ لَيسَ فيهِ غِبطَةٌ وَلَيالٍ لَيسَ فيهِنَّ سَمَر +وَدُروسٍ لَم يُذَلِّل قَطفَها عالِمٌ إِن نَطَقَ الدَرسَ سَحَر +وَلَقَد تُنهِكُهُ نَهكَ الضَنى ضَرَّةٌ مَنظَرُها سُقمٌ وَضُر +وَيُلاقي نَصَباً مِمّا اِنطَوى في بَني العَلّاتِ مِن ضِغنٍ وَشَر +إِخوَةٌ ما جَمَعَتهُم رَحِمٌ بَعضُهُم يَمشونَ لِلبَعضِ الخَمَر +لَم يُرَفرِف مَلَكُ الحُبِّ عَلى أَبَوَيهِم أَو يُبارِك في الثَمَر +خَلَقَ اللَهُ مِنَ الحُبِّ الوَرى وَبَنى المُلكَ عَلَيهِ وَعَمَر +نَشَأَ الخَيرِ رُوَيداً قَتلُكُم في الصِبا النَفسَ ضَلالٌ وَخُسُر +لَو عَصَيتُمُ كاذِبِ اليَأسِ فَما في صِباها يَنحَرُ النَفَسَ الضَجَر +تُضمِرُ اليَأسَ مِنَ الدُنيا وَما عِندَها عَن حادِثِ الدُنيا خَبَر +فيمَ تَجنونَ عَلى آبائِكُم أَلَمَ الثُكلِ شَديداً في الكِبَر +وَتَعُقّونَ بِلاداً لَم تَزَل بَينَ إِشفاقٍ عَلَيكُم وَحَذَر +فَمُصابُ المُلكِ في شُبّانِهِ كَمُصابِ الأَرضِ في الزَرعِ النَضِر +لَيسَ يَدري أَحَدٌ مِنكُم بِما كانَ يُعطى لَو تَأَنّى وَاِنتَظَر +رُبَّ طِفلٍ بَرَّحَ البُؤسُ بِهِ مُطِرَ الخَيرَ فَتِيّاً وَمَطَر +وَصَبِيٍّ أَزرَتِ الدُنيا بِهِ شَبَّ بَينَ العِزِّ فيها وَالخَطَر +وَرَفيعٍ لَم يُسَوِّدهُ أَبٌ مَن أَبو الشَمسِ وَمَن جَدُّ القَمَر +فَلَكٌ جارٍ وَدُنيا لَم يَدُم عِندَها السَعدُ وَلا النَحسُ اِستَمَر +رَوِّحوا القَلبَ بِلَذّاتِ الصِبا فَكَفى الشَيبُ مَجالاً لِلكَدَر +عالِجوا الحِكمَةَ وَاِستَشفوا بِها وَاِنشُدوا ما ضَلَّ مِنها في السِيَر +وَاِقرَأوا آدابَ مَن قَبلِكُم رُبَّما عَلَّمَ حَيّاً مَن غَبَر +وَاِغنَموا ما سَخَّرَ اللَهُ لَكُم مِن جَمالٍ في المَعاني وَالصُوَر +وَاِطلُبوا العِلمَ لِذاتِ العِلمِ لا لِشَهاداتٍ وَآرابٍ أُخَر +كَم غُلامٍ خامِلٍ في دَرسِهِ صارَ بَحرَ العِلمِ أُستاذَ العُصُر +وَمُجِدٍّ فيهِ أَمسى خامِلاً لَيسَ فيمَن غابَ أَو فيمَن حَضَر +قاتِلُ النَفسِ لَو كانَت لَهُ أَسخَطَ اللَهَ وَلَم يُرضِ البَشَر +ساحَةُ العَيشِ إِلى اللَهِ الَّذي جَعَلَ الوِردَ بِإِذنٍ وَالصَدَر +لا تَموتُ النَفسُ إِلّا بِاِسمِهِ قامَ بِالمَوتِ عَلَيها وَقَهَر +إِنَّما يَسمَحُ بِالروحِ الفَتى ساعَةَ الرَوعِ إِذا الجَمعُ اِشتَجَر +فَهُناكَ الأَجرُ وَالفَخرُ مَعاً مَن يَعِش يُحمَد وَمَن ماتَ أُجِر +ظَلَمَ الرِجالُ نِساءَهُم وَتَعَسَّفوا هَل لِلنِساءِ بِمِصرَ مِن أَنصارِ +يا مَعشَرَ الكُتّابِ أَينَ بَلاؤُكُم أَينَ البَيانُ وَصائِبُ الأَفكارِ +أَيَهُمُّكُم عَبَثٌ وَلَيسَ يَهُمُّكُم بُنيانُ أَخلاقٍ بِغَيرِ جِدارِ +عِندي عَلى ضَيمِ الحَرائِرِ بَينَكُم نَبَأٌ يُثيرُ ضَمائِرَ الأَحرارِ +مِمّا رَأَيتُ وَما عَلِمتُ مُسافِراً وَالعِلمُ بَعضُ فَوائِدِ الأَسفارِ +فيهِ مَجالٌ لِلكَلامِ وَمَذهَبٌ لِيَراعِ باحِثَةٍ وَسِتِّ الدارِ +كَثُرَت عَلى دارِ السَعادَةِ زُمرَةٌ مِن مِصرَ أَهلُ مَزارِعٍ وَيَسارِ +يَتَزَوَّجونَ عَلى نِساءٍ تَحتَهُم لا صاحِباتِ بُغىً وَلا بِشَرارِ +شاطَرنَهُم نِعَمَ الصِبا وَسَقَينَهُم دَهراً بِكَأسٍ لِلسُرورِ عُقارُ +الوالِداتُ بَنيهُمُ وَبَناتِهِم الحائِطاتُ العِرضَ كَالأَسوارِ +الصابِراتُ لِضَرَّةٍ وَمَضَرَّةٍ المُحيِياتُ اللَيلَ بِالأَذكارِ +مِن كُلِّ ذي سَبعينَ يَكتُمُ شَيبَهُ وَالشَيبُ في فَودَيهِ ضَوءُ نَهارِ +يَأبى لَهُ في الشَيبِ غَيرَ سَفاهَةٍ قَلبٌ صَغيرُ الهَمِّ وَالأَوطارِ +ما حَلَّهُ عَطفٌ وَلا رِفقٌ وَلا بِرٌّ بِأَهلٍ أَو هَوىً لِدِيارِ +كَم ناهِدٍ في اللّاعِباتِ صَغيرَةٍ أَلهَتهُ عَن حَفَدٍ بِمِصرَ صِغارِ +مَهما غَدا أَو راحَ في جَولاتِهِ دَفَعَتهُ خاطِبَةٌ إِلى سِمسارِ +شُغِلَ المَشايِخُ بِالمَتابِ وَشُغلُهُ بِتَبَدُّلِ الأَزواجِ وَالأَصهارِ +في كُلِّ عامٍ هَمُّهُ في طَفلَةٍ كَالشَمسِ إِن خُطِبَت فَلِلأَقمارِ +يَرشو عَلَيها الوالِدينَ ثَلاثَةً لَم أَدرِ أَيُّهُمُ الغَليظُ الضاري +المالُ حَلَّلَ كُلَّ غَيرِ مُحَلَّلِ حَتّى زَواجَ الشيبِ بِالأَبكارِ +سَحَرَ القُلوبَ فَرُبَّ أُمٍّ قَلبُها مِن سِحرِهِ حَجَرٌ مِنَ الأَحجارِ +دَفَعَت بُنَيَّتَها لِأَشأَمَ مَضجَعٍ وَرَمَت بِها في غُربَةٍ وَإِسارِ +وَتَعَلَّلَت بِالشَرعِ قُلتُ كَذِبتِهِ ما كانَ شَرعُ اللَهِ بِالجَزّارِ +ما زُوِّجَت تِلكَ الفَتاةُ وَإِنَّما بيعَ الصِبا وَالحُسنُ بِالدينارِ +بَعضُ الزَواجِ مُذَمَّمٌ ما بِالزِنا وَالرِقِّ إِن قيسا بِهِ مِن عارِ +فَتَّشتُ لَم أَرَ في الزَواجِ كَفاءَةً كَكَفاءَةِ الأَزواجِ في الأَعمارِ +أَسَفي عَلى تِلكَ المَحاسِنِ كُلَّما نُقِلَت مِنَ البالي إِلى الدَوّارِ +إِنَّ الحِجابَ عَلى فُروقٍ جَنَّةٌ وَحِجابُ مِصرَ وَريفِها مِن نارِ +وَعَلى وُجوهٍ كَالأَهِلَّةِ رُوِّعَت بَعدَ السُفورِ بِبُرقُعٍ وَخِمارِ +وَعَلى الذَوائِبِ وَهيَ مِسكٌ خولِطَت عِندَ العِناقِ بِمِثلِ ذَوبِ القارِ +وَعَلى الشِفاهِ المُحيِياتِ أَماتَها ريحُ الشُيوخِ تَهُبُّ في الأَسحارِ +وَعَلى المَجالِسِ فَوقَ كُلِّ خَميلَةٍ بَينَ الجِبالِ وَشاطِئٍ مِحبارِ +تَدنو الزَوارِقُ مِنهُ تُنزِلُ جُؤذَراً بِقِلادَةٍ أَو شادِناً بِسِوارِ +يَرفُلنَ في أُزُرِ الحَريرِ تَنَوَّعَت أَلوانُهُ كَالزَهرِ في آذارِ +الطاهِراتُ اللَحظِ أَمثالَ المَها الناطِقاتُ الجَرسِ كَالأَوتارِ +الدَهرُ فَرَّقَ شَملَهُنَّ فَمُر بِهِ يا رَبِّ تَجمَعُهُ يَدُ المِقدارِ +أَبا الهَولِ طالَ عَلَيكَ العُصُر وَبُلِّغتَ في الأَرضِ أَقصى العُمُر +فَيالِدَةَ الدَهرِ لا الدَهرُ شَبَّ وَلا أَنتَ جاوَزتَ حَدَّ الصِغَر +إِلامَ رُكوبُكَ مَتنَ الرِمالِ لِطَيِّ الأَصيلِ وَجَوبِ السَحَر +تُسافِرُ مُنتَقِلاً في القُرونِ فَأَيّانَ تُلقي غُبارَ السَفَر +أَبَينَكَ عَهدٌ وَبَينَ الجِبالِ تَزولانِ في المَوعِدِ المُنتَظَر +أَبا الهَولِ ماذا وَراءَ البَقاءِ إِذا ما تَطاوَلَ غَيرُ الضَجَر +عَجِبتُ لِلُقمانَ في حِرصِهِ عَلى لُبَدٍ وَالنُسورِ الأُخَر +وَشَكوى لَبيدٍ لِطولِ الحَياةِ وَلَو لَم تَطُل لَتَشَكّى القِصَر +وَلَو وُجِدَت فيكَ يا بنَ الصَفاةِ لَحَقتَ بِصانِعِكَ المُقتَدِر +فَإِنَّ الحَياةَ تَفُلُّ الحَديدَ إِذا لَبِسَتهُ وَتُبلى الحَجَر +أَبا الهَولِ ما أَنتَ في المُعضِلاتِ لَقَد ضَلَّتِ السُبلَ فيكَ الفِكَر +تَحَيَّرَتِ البَدوُ ماذا تَكونُ وَضَلَّت بِوادي الظُنونِ الحَضَر +فَكُنتَ لَهُم صورَةَ العُنفُوانُ وَكُنتَ مِثالَ الحِجى وَالبَصَر +وَسِرُّكَ في حُجبِهِ كُلَّما أَطَلَّت عَلَيهِ الظُنونُ اِستَتَر +وَما راعَهُم غَيرُ رَأسِ الرِجالِ عَلى هَيكَلٍ مِن ذَواتِ الظُفُر +وَلَو صُوِّروا مِن نَواحي الطِباعِ تَوالَوا عَلَيكَ سِباغَ الصُوَر +فَيا رُبَّ وَجهٍ كَصافي النَميرِ تَشابَهَ حامِلُهُ وَالنَمِر +أَبا الهَولِ وَيحَكَ لا يُستَقَلُّ مَعَ الدَهرِ شَيءٌ وَلا يُحتَقَر +تَهَزَّأتَ دَهراً بِديكِ الصَباحِ فَنَقَّرَ عَينَيكَ فيما نَقَر +أَسالَ البَياضَ وَسَلَّ السَوادَ وَأَوغَلَ مِنقارُهُ في الحُفَر +فَعُدتَ كَأَنَّكَ ذو المَحبِسَينِ قَطيعَ القِيامِ سَليبَ البَصَر +كَأَنَّ الرِمالَ عَلى جانِبَيكَ وَبَينَ يَدَيكَ ذُنوبُ البَشَر +كَأَنَّكَ فيها لِواءُ الفَضاءِ عَلى الأَرضِ أَو دَيدَبانُ القَدَر +كَأَنَّكَ صاحِبُ رَملٍ يَرى خَبايا الغُيوبِ خِلالَ السَطَر +أَبا الهَولِ أَنتَ نَديمُ الزَمانِ نَجِيُّ الأَوانِ سَميرُ العُصُر +بَسَطتَ ذِراعَيكَ مِن آدَمٍ وَوَلَّيتَ وَجهَكَ شَطرَ الزُمَر +تُطِلُّ عَلى عالَمٍ يَستَهِلُّ وَتوفي عَلى عالَمٍ يُحتَضَر +فَعَينٌ إِلى مَن بَدا لِلوُجودِ وَأُخرى مُشَيِّعَةٌ مِن غَبَر +فَحَدِّث فَقَد يُهتَدى بِالحَديثِ وَخَبِّر فَقَد يُؤتَسى بِالخَبَر +أَلَم تَبلُ فِرعَونَ في عِزِّهِ إِلى الشَمسِ مُعتَزِياً وَالقَمَر +ظَليلَ الحَضارَةِ في الأَوَّلينَ رَفيعَ البِناءِ جَليلَ الأَثَر +يُؤَسِّسُ في الأَرضِ لِلغابِرينَ وَيَغرِسُ لِلآخَرينَ الثَمَر +وَراعَكَ ما راعَ مِن خَيلِ قَمبي زَ تَرمي سَنابِكَها بِالشَرَر +جَوارِفُ بِالنارِ تَغزو البِلادَ وَآوِنَةً بِالقَنا المُشتَجِر +وَأَبصَرتَ إِسكَندَراً في المَلا قَشيبَ العُلا في الشَبابِ النَضِر +تَبَلَّجَ في مِصرَ إِكليلُهُ فَلَم يَعدُ في المُلكِ عُمرَ الزَهَر +وَشاهَدتَ قَيصَرَ كَيفَ اِستَبَدَّ وَكَيفَ أَذَلَّ بِمِصرَ القَصَر +وَكَيفَ تَجَبَّرَ أَعوانُهُ وَساقوا الخَلائِقَ سَوقَ الحُمُر +وَكَيفَ اِبتُلوا بِقَليلِ العَديدِ مِنَ الفاتِحينَ كَريمِ النَفَر +رَمى تاجَ قَيصَرَ رَميَ الزُجاجِ وَفَلَّ الجُموعَ وَثَلَّ السُرَر +فَدَع كُلَّ طاغِيَةٍ لِلزَمانِ فَإِنَّ الزَمانَ يُقيمُ الصَعَر +رَأَيتَ الدِياناتِ في نَظمِها وَحينَ وَهى سِلكُها وَاِنتَثَر +تُشادُ البُيوتُ لَها كَالبُروجِ إِذا أَخَذَ الطَرفُ فيها اِنحَسَر +تَلاقى أَساساً وَشُمَّ الجِبالِ كَما تَتَلاقى أُصولُ الشَجَر +وَإيزيسُ خَلفَ مَقاصيرِها تَخَطّى المُلوكُ إِلَيها السُتُر +تُضيءُ عَلى صَفَحاتِ السَماءِ وَتُشرِقُ في الأَرضِ مِنها الحُجَر +وَآبيسُ في نيرِهِ العالِمونَ وَبَعضُ العَقائِدِ نيرٌ عَسِر +تُساسُ بِهِ مُعضِلاتُ الأُمورِ وَيُرجى النَعيمُ وَتُخشى سَقَر +وَلا يَشعُرِ القَومُ إِلّا بِهِ وَلَو أَخَذَتهُ المُدى ما شَعَر +يَقِلُّ أَبو المِسكِ عَبداً لَهُ وَإِن صاغَ أَحمَدُ فيهِ الدُرَر +وَآنَستَ موسى وَتابوتَهُ وَنورَ العَصا وَالوَصايا الغُرَر +وَعيسى يَلُمُّ رِداءَ الحَياءِ وَمَريَمُ تَجمَعُ ذَيلَ الخَفَر +وَعَمرو يَسوقُ بِمِصرَ الصِحابَ وَيُزجي الكِتابَ وَيَحدو السُوَر +فَكَيفَ رَأَيتَ الهُدى وَالضَلالَ وَدُنيا المُلوكِ وَأُخرى عُمَر +وَنَبذَ المُقَوقِسِ عَهدَ الفُجورِ وَأَخذَ المُقَوقِسِ عَهدَ الفَجِر +وَتَبديلَهُ ظُلُماتِ الضَلالِ بِصُبحِ الهِدايَةِ لَمّا سَفَر +وَتَأليفَهُ القِبطَ وَالمُسلِمين كَما أُلِّفَت بِالوَلاءِ الأُسَر +أَبا الهَولِ لَو لَم تَكُن آيَةً لَكانَ وَفاؤُكَ إِحدى العِبَر +أَطَلتَ عَلى الهَرَمَينِ الوُقوفَ كَثاكِلَةٍ لا تَريمُ الحُفَر +تُرَجّي لِبانيهِما عَودَةً وَكَيفَ يَعودُ الرَميمُ النَخِر +تَجوسُ بِعَينٍ خِلالَ الدِيارِ وَتَرمي بِأُخرى فَضاءَ النَهَر +تَرومُ بِمَنفيسَ بيضَ الظُبا وَسُمرَ القَنا وَالخَميسَ الدُثَر +وَمَهدَ العُلومِ الخَطيرَ الجَلالِ وَعَهدِ الفُنونِ الجَليلَ الخَطَر +فَلا تَستَبينُ سِوى قَريَةٍ أَجَدَّ مَحاسِنَها ما اِندَثَر +تَكادُ لِإِغراقِها في الجُمودِ إِذا الأَرضُ دارَت بِها لَم تَدُر +فَهَل مَن يُبَلِّغُ عَنّا الأُصولَ بِأَنَّ الفُروعَ اِقتَدَت بِالسِيَر +وَأَنّا خَطَبنا حِسانَ العُلا وَسُقنا لَها الغالِيَ المُدَّخَر +وَأَنّا رَكِبنا غِمارَ الأُمورِ وَأَنّا نَزَلنا إِلى المُؤتَمَر +بِكُلِّ مُبينٍ شَديدِ اللِدادِ وَكُلِّ أَريبٍ بَعيدِ النَظَر +تُطالِبُ بِالحَقِّ في أُمَّةٍ جَرى دَمُها دونَهُ وَاِنتَشَر +وَلَم تَفتَخِر بِأَساطيلِها وَلَكِن بِدُستورِها تَفتَخِر +فَلَم يَبقَ غَيرُكَ مَن لَم يَحِف وَلَم يَبقَ غَيرُكَ مَن لَم يَطِر +تَحَرَّك أَبا الهَولِ هَذا الزَمانُ تَحَرَّكَ ما فيهِ حَتّى الحَجَر +نَجِيَّ أَبي الهَولِ آنَ الأَوانُ وَدانَ الزَمانُ وَلانَ القَدَر +خَبَأتُ لِقَومِكَ ما يَستَقونَ وَلا يَخبَأُ العَذبَ مِثلُ الحَجَر +فَعِندي المُلوكُ بِأَعيانِها وَعِندَ التَوابيتِ مِنها الأَثَر +مَحا ظُلمَةَ اليَأسِ صُبحُ الرَجاءِ وَهَذا هُوَ الفَلَقُ المُنتَظَر +اليَومُ نَسودُ بِوادينا وَنُعيدُ مَحاسِنَ ماضينا +وَيُشيدُ العِزُّ بَأَيدينا وَطَنٌ نَفديهِ وَيَفدينا +وَطَنٌ بِالحَقِّ نُؤَيِّدُهُ وَبِعَينِ اللَهِ نُشَيِّدُهُ +وَنُحَسِّنُهُ وَنُزَيِّنُهُ بِمَآثِرِنا وَمَساعينا +سِرُّ التاريخِ وَعُنصُرُهُ وَسَريرُ الدَهرِ وَمِنبَرُهُ +وَجِنانُ الخُلدِ وَكَوثَرُهُ وَكَفى الآباءُ رَياحينا +نَتَّخِذُ الشَمسَ لَهُ تاجاً وَضُحاها عَرشاً وَهّاجا +وَسَماءَ السُؤدَدِ أَبراجاً وَكَذلِكَ كانَ أَوالينا +العَصرُ يَراكُم وَالأُمَمُ وَالكَرنَكُ يَلحَظُ وَالهَرَمُ +أَبني الأَوطانَ أَلا هِمَمُ كَبِناءِ الأَوَّلِ يَبنينا +سَعياً أَبَداً سَعياً سَعياً لِأَثيلِ المَجدِ وَلِلعَليا +وَلنَجعَل مِصرَ هِيَ الدُنيا وَلنَجعَل مِصرَ هِيَ الدُنيا +مَملَكَةٌ مُدَبَّرَه بِاِمرَأَةٍ مُؤَمَّرَه +تَحمِلُ في العُمّالِ وَالص صُنّاعِ عِبءَ السَيطَرَه +فَاِعجَب لِعُمّالٍ يُوَل لونَ عَلَيهِم قَيصَرَه +تَحكُمُهُم راهِبَةً ذَكّارَةٌ مُغَبِّرَه +عاقِدَةٌ زُنّارَها عَن ساقِها مُشَمِّرَه +تَلَثَّمَت بِالأُرجُوا نِ وَاِرتَدَتهُ مِئزَرَه +وَاِرتَفَعَت كَأَنَّها شَرارَةٌ مُطَيَّرَه +وَوَقَعَت لَم تَختَلِج كَأَنَّها مُسَمَّرَه +مَخلوقَةٌ ضَعيفَةٌ مِن خُلُقٍ مُصَوَّرَه +يا ما أَقَلَّ مُلكَها وَما أَجَلَّ خَطَرَه +قِف سائِلِ النَحلَ بِهِ بِأَيِّ عَقلٍ دَبَّرَه +يُجِبكَ بِالأَخلاقِ وَه يَ كَالعُقولِ جَوهَرَه +تُغني قُوى الأَخلاقِ ما تُغني القُوى المُفَكِّرَه +وَيَرفَعُ اللَهُ بِها مَن شاءَ حَتّى الحَشَرَه +أَلَيسَ في مَملَكَةِ الن نَحلِ لِقَومٍ تَبصِرَه +مُلكٌ بَناهُ أَهلُهُ بِهِمَّةٍ وَمَجدَرَه +لَوِ اِلتَمَستَ فيهِ بَط طالَ اليَدَينِ لَم تَرَه +تُقتَلُ أَو تُنفى الكُسا لى فيهِ غَيرَ مُنذَرَه +تَحكُمُ فيهِ قَيصَرَه في قَومِها مُوَقَّرَه +مِنَ الرِجالِ وَقُيو دِ حُكمِهِم مُحَرَّرَه +لا تورِثُ القَومَ وَلَو كانوا البَنينَ البَرَرَه +المُلكُ لِلإِناثِ في الد دُستورِ لا لِلذُكَرَه +نَيِّرَةٌ تَنزِلُ عَن هالَتِها لِنَيِّرَه +فَهَل تُرى تَخشى الطَما عَ في الرِجالِ وَالشَرَه +فَطالَما تَلاعَبوا بِالهَمَجِ المُصَيَّرَه +وَعَبَروا غَفلَتَها إِلى الظُهورِ قَنطَرَه +وَفي الرِجالِ كَرَمُ الض ضَعفِ وَلُؤمُ المَقدِرَه +وَفِتنَةُ الرَأيِ وَما وَراءَها مِن أَثَرَه +أُنثى وَلَكِن في جَنا حَيها لَباةٌ مُخدِرَه +ذائِدَةٌ عَن حَوضِها طارِدَةٌ مَن كَدَّرَه +تَقَلَّدَت إِبرَتَها وَاِدَّرَعَت بِالحَبَرَه +كَأَنَّها تُركِيَّةٌ قَد رابَطَت بِأَنقَرَه +كَأَنَّها جاندَركُ في كَتيبَةٍ مُعَسكِرَه +تَلقى المُغيرَ بِالجُنو دِ الخُشُنِ المُنَمِّرَه +السابِغينَ شِكَّةً البالِغينَ جَسَرَه +قَد نَثَرَتهُم جُعبَةٌ وَنَفَضَتهُم مِئبَرَه +مَن يَبنِ مُلكاً أَو يَذُد فَبِالقَنا المُجَرَّرَه +إِنَّ الأُمورَ هِمَّةٌ لَيسَ الأُمورُ ثَرثَرَه +ما المُلكُ إِلّا في ذُرى ال أَلوِيَةِ المُنَشَّرَه +عَرينُهُ مُذ كانَ لا يَحميهِ إِلّا قَسوَرَه +رَبُّ النُيوبِ الزُرقِ وَال مَخالِبِ المُذَكَّرَه +مالِكَةٌ عامِلَةٌ مُصلِحَةٌ مُعَمِّرَه +المالُ في أَتباعِها لا تَستَبينُ أَثَرَه +لا يَعرِفونَ بَينَهُم أَصلاً لَهُ مِن ثَمَرَه +لَو عَرَفوهُ عَرَفوا مِنَ البَلاءِ أَكثَرَه +وَاِتَّخَذوا نَقابَةً لِأَمرِهِم مُسَيَّرَه +سُبحانَ مَن نَزَّهَ عَن هُ مُلكُهُم وَطَهَّرَه +وَساسَهُ بِحُرَّةٍ عامِلَةٍ مُسَخَّرَه +صاعِدَةٍ في مَعمَلٍ مِن مَعمَلٍ مُنحَدِرَه +وارِدَةٍ دَسكَرَةً صادِرَةٍ عَن دَسكَرَه +باكِرَةٍ تَستَنهِضُ ال عَصائِبَ المُبَكِّرَه +السامِعينَ الطائِعي نَ المُحسِنينَ المَهَرَه +مِن كُلِّ مَن خَطَّ البِنا ءَ أَو أَقامَ أَسطُرَه +أَو شَدَّ أَصلَ عَقدِهِ أَو سَدَّهُ أَو قَوَّرَه +أَو طافَ بِالماءِ عَلى جُدرانِهِ المُجَدَّرَه +وَتَذهَبُ النَحلُ خِفا فاً وَتَجيءُ مُوقَرَه +جَوالِبَ الشَمعِ مِنَ ال خَمائِلِ المُنَوَّرَه +حَوالِبُ الماذِيِّ مِن زَهرِ الرِياضِ الشَيِّرَه +مَشدودَةٌ جُيوبُها عَلى الجَنى مُزَرَّرَه +وَكُلُّ خُرطومٍ أَدا ةُ العَسَلِ المُقَطِّرَه +وَكُلُّ أَنفٍ قانِئٍ فيهِ مِنَ الشُهدِ بُرَه +حَتّى إِذا جاءَت بِهِ جاسَت خِلالَ الأَدوِرَه +وَغَيَّبَتهُ كَالسُلا فِ في الدِنانِ المُحضَرَه +فَهَل رَأَيتَ النَحلَ عَن أَمانَةٍ مُقَصِّرَه +ما اِقتَرَضَت مِن بَقلَةٍ أَوِ اِستَعارَت زَهَرَه +أَدَّت إِلى الناسِ بِهِ سُكَّرَةً بِسُكَّرَه +جِبريلُ هَلِّل في السَماءِ وَكَبِّرِ وَاِكتُب ثَوابَ المُحسِنينَ وَسَطِّرِ +سَل لِلفَقيرِ عَلى تَكَرُّمِهِ الغِنى وَاِطلُب مَزيداً في الرَخاءِ لِموسِرِ +وَاِدعُ الَّذي جَعَلَ الهِلالَ شِعارَهُ يَفتَح عَلى أُمَمِ الهِلالِ وَيَنصُرِ +وَتَوَلَّ في الهَيجاءِ جُندَ مُحَمَّدٍ وَاِقعُد بِهِم في ذَلِكَ المُستَمطَرِ +يا مِهرَجانَ البَرِّ أَنتَ تَحِيَّةٌ لِلَّهِ مِن مَلَإٍ كَريمٍ خَيِّرِ +هُم زَيَّنوكَ بِكُلِّ أَزهَرِ في الدُجى وَاللَهُ زانَكَ بِالقَبولِ الأَنوَرِ +حَسُنَت وُجوهُكَ في العُيونِ وَأَشرَقَت مِن كُلِّ أَبلَجَ في الأَكارِمِ أَزهَرِ +كَثُرَت عَلَيكَ أَكُفُّهُم في صَوبِها فَكَأَنَّها قِطَعُ الغَمامِ المُمطِرِ +لَو يَعلَمونَ السوقَ ما حَسَناتُها بيعَ الحَصى في السوقِ بَيعَ الجَوهَرِ +جِبريلُ يَعرُضُ وَالمَلائِكُ باعَةٌ أَينَ المُساوِمُ في الثَوابِ المُشتَري +وَمُجاهِدينَ هُناكَ عِندَ مُعَسكَرٍ وَمِنَ المَهابَةِ بَينَ أَلفِ مُعَسكَرِ +موفينَ لِلأَوطانِ بَينَ حِياضِها لا يَسمَحونَ بِها وَبَينَ الكَوثَرِ +عَرَبٌ عَلى دينِ الأُبُوَّةِ في الوَغى لا يَطعَنونَ القِرنَ ما لَم يُنذَرِ +أَلِفوا مُصاحَبَةَ السُيوفِ وَعُوِّدوا أَخذَ المَعاقِلِ بِالقَنا المُتَشَجِّرِ +يَمشونَ مِن تَحتِ القَذائِفِ نَحوَها لا يَسأَلونَ عَنِ السَعيرِ المُمطِرِ +في أَعيُنِ الباري وَفَوقَ يَمينِهِ جَرحى نُجِلُّهُمُ كَجَرحى خَيبَرِ +مِن كُلِّ مَيمونِ الضِمادِ كَأَنَّما دَمُ أَهلِ بَدرٍ فيهِ أَو دَمُ حَيدَرِ +جَذلانُ هَيِّنَةٌ عَلَيهِ جِراحُهُ وَجِراحُهُ في قَلبِ كُلِّ غَضَنفَرِ +ضُمِدَت بِأَهدابِ الجُفونِ وَطالَما ضُمِدَت بِأَعرافِ الجِيادِ الضُمَّرِ +عُوّادُهُ يَتَمَسَّحونَ بِرُدنِهِ كَالوَفدِ مَسَّحَ بِالحَطيمِ الأَطهَرِ +وَتَكادُ مِن نورِ الإِلَهِ حِيالَهُ تَبيَضُّ أَثناءُ الهِلالِ الأَحمَرِ +قُم في فَمِ الدُنيا وَحَيِّ الأَزهَرا وَاِنثُر عَلى سَمعِ الزَمانِ الجَوهَرا +وَاِجعَل مَكانَ الدُرِّ إِن فَصَّلتَهُ في مَدحِهِ خَرَزَ السَماءِ النَيِّرا +وَاِذكُرهُ بَعدَ ال��َسجِدَينِ مُعَظِّماً لِمَساجِدِ اللَهِ الثَلاثَةِ مُكبِرا +وَاِخشَع مَلِيّاً وَاِقضِ حَقَّ أَئِمَّةٍ طَلَعوا بِهِ زُهراً وَماجوا أَبحُرا +كانوا أَجَلَّ مِنَ المُلوكِ جَلالَةً وَأَعَزَّ سُلطاناً وَأَفخَمَ مَظهَرا +زَمَنُ المَخاوِفِ كانَ فيهِ جَنابُهُم حَرَمَ الأَمانِ وَكانَ ظِلُّهُمُ الذَرا +مِن كُلِّ بَحرٍ في الشَريعَةِ زاخِرٍ وَيُريكَهُ الخُلُقُ العَظيمُ غَضَنفَرا +لا تَحذُ حَذوَ عِصابَةٍ مَفتونَةٍ يَجِدونَ كُلَّ قَديمِ شَيءٍ مُنكَرا +وَلَوِ اِستَطاعوا في المَجامِعِ أَنكَروا مَن ماتَ مِن آبائِهِم أَو عُمِّرا +مِن كُلِّ ماضٍ في القَديمِ وَهَدمِهِ وَإِذا تَقَدَّمَ لِلبِنايَةِ قَصَّرا +وَأَتى الحَضارَةَ بِالصِناعَةِ رَثَّةً وَالعِلمِ نَزراً وَالبَيانِ مُثَرثِرا +يا مَعهَداً أَفنى القُرونَ جِدارُهُ وَطَوى اللَيالِيَ رَكنُهُ وَالأَعصُرا +وَمَشى عَلى يَبَسِ المَشارِقِ نورُهُ وَأَضاءَ أَبيَضَ لُجِّها وَالأَحمَرا +وَأَتى الزَمانُ عَلَيهِ يَحمي سُنَّةً وَيَذودُ عَن نُسُكٍ وَيَمنَعُ مَشعَرا +في الفاطِمِيّينَ اِنتَمى يَنبوعُهُ عَذبَ الأُصولِ كَجَدِّهِم مُتَفَجِّرا +عَينٌ مِنَ الفُرقانِ فاضَ نَميرُها وَحياً مِنَ الفُصحى جَرى وَتَحَدَّرا +ما ضَرَّني أَن لَيسَ أُفقُكَ مَطلَعي وَعَلى كَواكِبِهِ تَعَلَّمتُ السُرى +لا وَالَّذي وَكَلَ البَيانَ إِلَيكَ لَم أَكُ دونَ غاياتِ البَيانِ مُقَصِّرا +لَمّا جَرى الإِصلاحُ قُمتَ مُهَنِّئاً بِاِسمِ الحَنيفَةِ بِالمَزيدِ مُبَشِّرا +نَبَأٌ سَرى فَكَسا المَنارَةَ حَبرَةً وَزَها المُصَلّى وَاِستَخَفَّ المِنبَرا +وَسَما بِأَروِقَةِ الهُدى فَأَحَلَّها فَرعَ الثُرَيّا وَهيَ في أَصلِ الثَرى +وَمَشى إِلى الحَلَقاتِ فَاِنفَجَرَت لَهُ حَلقاً كَهالاتِ السَماءِ مُنَوِّرا +حَتّى ظَنَنّا الشافِعِيَّ وَمالِكاً وَأَبا حَنيفَةِ وَاِبنَ حَنبَلِ حُضَّرا +إِنَّ الَّذي جَعَلَ العَتيقَ مَثابَةً جَعَلَ الكِنانِيَّ المُبارَكَ كَوثَرا +العِلمُ فيهِ مَناهِلاً وَمَجانِياً يَأتي لَهُ النُزّاعُ يَبغونَ القِرى +يا فِتيَةَ المَعمورِ سارَ حَديثُكُم نَدّاً بِأَفواهِ الرِكابِ وَعَنبَرا +المَعهَدُ القُدسِيُّ كانَ نَدِيُّهُ قُطباً لِدائِرَةِ البِلادِ وَمِحوَرا +وُلِدَت قَضِيَّتُها عَلى مِحرابِهِ وَحَبَت بِهِ طِفلاً وَشَبَّت مُعصِرا +وَتَقَدَّمَت تُزجي الصُفوفَ كَأَنَّها جاندَركُ في يَدِها اللِواءُ مُظَفَّرا +هُزّوا القُرى مِن كَهفِها وَرَقيمِها أَنتُم لَعَمرُ اللَهِ أَعصابُ القُرى +الغافِلُ الأُمِّيُّ يَنطُقُ عِندَكُم كَالبَبَّغاءِ مُرَدِّداً وَمُكَرِّرا +يُمسي وَيُصبِحُ في أَوامِرِ دينِهِ وَأُمورِ دُنياهُ بِكُم مُستَبصِرا +لَو قُلتُمُ اِختَر لِلنِيابَةِ جاهِلاً أَو لِلخَطابَةِ باقِلاً لَتَخَيَّرا +ذُكِرَ الرِجالُ لَهُ فَأَلَّهَ عُصبَةً مِنهُم وَفَسَّقَ آخَرينَ وَكَفَّرا +آباؤُكُم قَرَأوا عَلَيهِ وَرَتَّلوا بِالأَمسِ تاريخَ الرِجالِ مُزَوَّرا +حَتّى تَلَفَّتَ عَن مَحاجِرِ رَومَةٍ فَرَأى عُرابي في المَواكِبِ قَيصَرا +وَدَعا لِمَخلوقٍ وَأَلَّهَ زائِلاً وَاِرتَدَّ في ظُلَمِ العُصورِ القَهقَرى +وَتَفَيَّئوا الدُستورَ تَحتَ ظِلالِهِ كَنَفاً أَهَشَّ مِنَ الرِياضِ وَأَنضَرا +لا تَجعَلوهُ هَوىً وَخُلقاً بَينَكُم وَمَجَرَّ دُنيا لِلنُفوسِ وَمَتجَرا +اليَومَ صَرَّحَتِ الأُمورُ فَأَظهَرَت ما كانَ مِن خُدَعِ السِياسَةِ مُضمَرا +قَد كانَ وَجهُ الرَأيِ أَن نَبقى يَداً وَنَرى وَراءَ جُنودِها إِنكِلتِرا +فَإِذا أَتَتنا بِالصُفوفِ كَثيرَةً جِئنا بِصَفٍّ واحِدٍ لَن يُكسَرا +غَضِبَت فَغَضَّ الطَرفَ كُلُّ مُكابِرٍ يَلقاكَ بِالخَدِّ اللَطيمِ مُصَعَّرا +لَم تَلقَ إِصلاحاً يُهابُ وَلَم تَجِد مِن كُتلَةٍ ما كانَ أَعيا مِلنَرا +حَظٌّ رَجَونا الخَيرَ مِن إِقبالِهِ عاثَ المُفَرِّقُ فيهِ حَتّى أَدبَرا +دارُ النِيابَةِ هَيَّأَت دَرَجاتُها فَليَرقَ في الدَرَجِ الذَوائِبُ وَالذُرا +الصارِخونَ إِذا أُسيءَ إِلى الحِمى وَالزائِرونَ إِذا أُغيرَ عَلى الشَرى +لا الجاهِلونَ العاجِزونَ وَلا الأُلى يَمشونَ في ذَهَبِ القُيودِ تَبَختُرا +تَجَلَّدَ لِلرَحيلِ فَما اِستَطاعا وَداعاً جَنَّةَ الدُنيا وَداعا +عَسى الأَيّامُ تَجمَعُني فَإِنّي أَرى العَيشَ اِفتِراقاً وَاِجتِماعا +أَلا لَيتَ البِلادَ لَها قُلوبُ كَما لِلناسِ تَنفَطِرُ اِلتِياعا +وَلَيتَ لَدى فُروقٍ بَعضَ بَثّي وَما فَعَلَ الفُراقُ غَداةَ راعا +أَما وَاللَهِ لَو عَلِمَت مَكاني لَأَنطَقَتِ المَآذِنَ وَالقِلاعا +حَوَت رِقَّ القَواضِبِ وَالعَوالي فَلَمّا ضُفتُها حَوَتِ اليَراعا +سَأَلتُ القَلبَ عَن تِلكَ اللَيالي أَكُنُّ لَيالِياً أَم كُنَّ ساعا +فَقالَ القَلبُ بَل مَرَّت عِجالاً كَدَقّاتي لِذِكراها سِراعا +أَدارَ مُحَمَّدٍ وَتُراثُ عيسى لَقَد رَضِياكِ بينَهُما مَشاعا +فَهَل نَبَذَ التَعصُّبُ فيكِ قَومٌ يَمُدُّ الجَهلُ بَينَهُمُ النِزاعا +أَرى الرَحمَنَ حَصَّنَ مَسجِدَيهِ بِأَطوَلِ حائِطٍ مِنكِ اِمتِناعا +فَكُنتِ لِبَيتِهِ المَحجوجِ رُكناً وَكُنتِ لِبَيتِهِ الأَقصى سِطاعا +هَواؤُكِ وَالعُيونُ مُفَجَّراتٌ كَفى بِهِما مِنَ الدُنيا مَتاعا +وَشَمسُكِ كُلَّما طَلَعَت بِأُفقٍ تَخَطَّرَتِ الحَياةُ بِهِ شُعاعا +وَغيدُكِ هُنَّ فَوقَ الأَرضِ حورٌ أَوانِسُ لا نِقابَ وَلا قِناعا +حَوالى لُجَّةٍ مِن لازَوَردٍ تَعالى اللَهُ خَلقاً وَاِبتِداعا +يَروحُ لُجَينُها الجاري وَيَغدو عَلى الفِردَوسِ آكاماً وَقاعا +أَقدِم فَلَيسَ عَلى الإِقدامِ مُمتَنِعُ وَاِصنَع بِهِ المَجدَ فَهوَ البارِعُ الصَنَعُ +لِلناسِ في كُلِّ يَومٍ مِن عَجائِبِهِ ما لَم يَكُن لِاِمرِئٍ في خاطِرٍ يَقَعُ +هَل كانَ في الوَهمِ أَنَّ الطَيرَ يَخلُفُها عَلى السَماءِ لَطيفُ الصُنعِ مُختَرَعُ +وَأَنَّ أَدراجَها في الجَوِّ يَسلُكُها جِنٌّ جُنودُ سُلَيمانٍ لَها تَبَعُ +أَعيا العُقابَ مَداهُم في السَماءِ وَما راموا مِنَ القُبَّةِ الكُبرى وَما فَرَعوا +قُل لِلشَبابِ بِمِصرَ عَصرُكُم بَطَلٌ بِكُلِّ غايَةِ إِقدامٍ لَهُ وَلَعُ +أُسُّ المَمالِكِ فيهِ هِمَّةٌ وَحِجىً لا التُرَّهاتُ لَها أُسٌّ وَلا الخِدَعُ +يُعطي الشُعوبَ عَلى مِقدارِ ما نَبَغوا وَلَيسَ يَبخَسُهُم شَيئاً إِذا بَرَعوا +ماذا تُعِدّونَ بَعدَ البَرلَمانِ لَهُ إِذا خِيارُكُمُ بِالدَولَةِ اِضطَلَعوا +البَرُّ لَيسَ لَكُم في طولِهِ لُجُمٌ وَالبَحرُ لَيسَ لَكُم في عَرضِهِ شُرُعُ +هَل تَنهَضونَ عَسا��ُمُ تَلحَقونَ بِهِ فَلَيسَ يَلحَقُ أَهلَ السَيرِ مُضطَجِعُ +لا يُعجَبَنَّكُمُ ساعٍ بِتَفرِقَةٍ إِنَّ المِقَصَّ خَفيفٌ حينَ يَقتَطِعُ +قَد أَشهَدوكُم مِنَ الماضي وَما نَبَشَت مِنهُ الضَغائِنُ ما لَم تَشهَدِ الضَبُعُ +ما لِلشَبابِ وَلِلماضي تَمُرُّ بِهِم فيهِ عَلى الجِيَفِ الأَحزابُ وَالشِيَعُ +إِنَّ الشَبابَ غَدٌ فَليَهدِهِم لِغَدٍ وَلِلمَسالِكِ فيهِ الناصِحُ الوَرِعُ +لا يَمنَعَنَّكُمُ بِرُّ الأُبُوَّةِ أَن يَكونَ صُنعُكُمُ غَيرَ الَّذي صَنَعوا +لا يُعجِبَنَّكُمُ الجاهُ الَّذي بَلَغوا مِنَ الوِلايَةِ وَالمالُ الَّذي جَمَعوا +ما الجاهُ وَالمالُ في الدُنيا وَإِن حَسُنا إِلّا عَوارِيُّ حَظٍّ ثُمَّ تُرتَجَعُ +عَلَيكُمُ بِخَيالِ المَجدِ فَأتَلِفوا حِيالَهُ وَعَلى تِمثالِهِ اِجتَمَعوا +وَأَجمِلوا الصَبرَ في جِدٍّ وَفي عَمَلٍ فَالصَبرُ يَنفَعُ ما لا يَنفَعُ الجَزَعُ +وَإِن نَبَغتُم فَفي عِلمٍ وَفي أَدَبٍ وَفي صِناعاتِ عَصرٍ ناسُهُ صُنُعُ +وَكُلُّ بُنيانِ قَومٍ لا يَقومُ عَلى دَعائِمَ العَصرِ مِن رُكنَيهِ مُنصَدِعُ +شَريفُ مَكَّةَ حُرٌّ في مَمالِكِهِ فَهَل تُرى القَومُ بِالحُرِيَّةِ اِنتَفَعوا +كَم في الحَياةِ مِنَ الصَحراءِ مِن شَبَهٍ كِلتاهُما في مُفاجاةِ الفَنى شَرَعُ +وَراءَ كُلِّ سَبيلٍ فيهِما قَدَرٌ لا تَعلَمُ النَفسُ ما يَأتي وَما يَدَعُ +فَلَستَ تَدري وَإِن كُنتَ الحَريصَ مَتى تَهُبُّ ريحاهُما أَو يَطلُعُ السَبَعُ +وَلَستَ تَأمَنُ عِندَ الصَحوِ فاجِئَةً مِنَ العَواصِفِ فيها الخَوفُ وَالهَلَعُ +وَلَستَ تَدري وَإِن قَدَّرتَ مُجتَهِداً مَتى تَحُطُّ رِحالاً أَو مَتى تَضَعُ +وَلَستَ تَملُكُ مِن أَمرِ الدَليلِ سِوى أَنَّ الدَليلَ وَإِن أَرداكَ مُتَّبَعُ +وَما الحَياةُ إِذا أَظمَت وَإِن خَدَعَت إِلّا سَرابٌ عَلى صَحراءَ يَلتَمِعُ +أَكبَرتُ مِن حَسَنَينٍ هِمَّةً طَمَحَت تَروُم ما لا يَرومُ الفِتيَةُ القُنُعُ +وَما البُطولَةُ إِلّا النَفسُ تَدفَعُها فيما يُبَلِغُها حَمداً فَتَندَفِعُ +وَلا يُبالي لَها أَهلٌ إِذا وَصَلوا طاحوا عَلى جَنَباتِ الحَمدِ أَم رَجَعوا +رَحّالَةَ الشَرقِ إِنَّ البيدَ قَد عَلِمَت بِأَنَّكَ اللَيثُ لَم يُخلَق لَهُ الفَزَعُ +ماذا لَقيتَ مِنَ الدَوِّ السَحيقِ وَمِن قَفرٍ يَضيقُ عَلى الساري وَيَتَّسِعُ +وَهَل مَرَرتَ بِأَقوامٍ كَفِطرَتِهِم مِن عَهدِ آدَمَ لا خُبثٌ وَلا طَبَعُ +وَمِن عَجيبٍ لِغَيرِ اللَهِ ما سَجَدوا عَلى الفَلا وَلِغَيرِ اللَهِ ما رَكَعوا +كَيفَ اِهتَدى لَهُمُ الإِسلامُ وَاِنتَقَلَت إِلَيهُمُ الصَلَواتُ الخَمسُ وَالجُمَعُ +جَزَتكَ مِصرُ ثَناءً أَنتَ مَوضِعُهُ فَلا تَذُب مِن حَياءٍ حينَ تَستَمِعُ +وَلَو جَزَتكَ الصَحارى جِئتَنا مَلِكاً مِنَ المُلوكِ عَلَيكَ الريشُ وَالوَدَعُ +الناسُ لِلدُنيا تَبَع وَلِمَن تُحالِفُهُ شِيَع +لا تَهجَعَنَّ إِلى الزَما نِ فَقَد يُنَبَّهُ مَن هَجَع +وَاِربَأ بِحِلمِكَ في النَوا زِلِ أَن يُلِمَّ بِهِ الجَزَع +لا تَخلُ مِن أَمَلٍ إِذا ذَهَب الزَمانُ فَكَم رَجَع +وَاِنفَع بِوُسعِكَ كُلِّهِ إِنَّ المُوَفَّقَ مَن نَفَع +مِصرٌ بِنَت لِقَضائِها رُكناً عَلى النَجمِ اِرتَفَع +فيهِ اِحتَمى اِستِقلالُها وَبِهِ تَحَص��َنَ وَاِمتَنَع +فَليَهنِها وَليَهنِنا أَنَّ القَضاءَ بِهِ اِضطَلَع +اللَهُ صانَ رِجالَهُ مِمّا يُدَنِّسُ أَو يَضَع +ساروا بِسيرَةِ مُنذِرٍ وَأَبي حَنيفَةَ في الوَرَع +وَكَأَنَّ أَيّامَ القَضا ءِ جَميعُها بِهِمُ الجُمَع +قُل لِلمُبَرَّإِ مُرقُصٍ أَنتَ النَقِيُّ مِنَ الطَبَع +هَذا القَضاءُ رَماكَ بِال يُمنى وَبِاليُسرى نَزَع +هَذا قَضاءُ اللَهِ مُم تَثَلُ الحُكومَةِ مُتَّبَع +عُد لِلمُحاماةِ الشَري فَةِ عَودَ مُشتاقٍ وَلِع +وَاِلبَس رِداءَكَ طاهِراً كَرِداءِ مُرقُصَ في البِيَع +وَاِدفَع عَنِ المَظلومِ وَال مَحرومِ أَبلَغَ مَن دَفَع +وَاِغفِر لِحاسِدِ نِعمَةٍ بِالأَمسِ نالَكَ أَو وَقَع +ما في الحَياةِ لِأَن تُعا تِبَ أَو تُحاسِبَ مُتَّسَع +لِكُلِّ زَمانٍ مَضى آيَةٌ وَآيَةُ هَذا الزَمانِ الصُحُف +لِسانُ البِلادِ وَنَبضُ العِبادِ وَكَهفُ الحُقوقِ وَحَربُ الجَنَف +تَسيرُ مَسيرَ الضُحى في البِلادِ إِذا العِلمُ مَزَّقَ فيها السَدَف +وَتَمشي تُعَلِّمُ في أُمَّةٍ كَثيرَةِ مَن لا يَخُطُّ الأَلِف +فَيا فِتيَةَ الصُحفُ صَبراً إِذا نَبا الرِزقُ فيها بِكُم وَاِختَلَف +فَإِنَّ السَعادَةَ غَيرُ الظُهو رِ وَغَيرُ الثَراءِ وَغَيرُ التَرَف +وَلَكِنَّها في نَواحي الضَميرِ إِذا هُوَ بِاللَومِ لَم يُكتَنَف +خُذوا القَصدَ وَاِقتَنِعوا بِالكَفافِ وَخَلّوا الفُضولَ يَغِلها السَرَف +وَروموا النُبوغَ فَمَن نالَهُ تَلَقّى مِنَ الحَظِّ أَسنى التُحَف +وَما الرِزقُ مُجتَنِبٌ حِرفَةً إِذا الحَظُّ لَم يَهجُرِ المُحتَرِف +إِذا آخَتِ الجَوهَرِيَّ الحُظوظُ كَفَلنَ اليَتيمَ لَهُ في الصَدَف +وَإِن أَعرَضَت عَنهُ لَم يَحلُ في عُيونِ الخَرائِدِ غَيرُ الخَزَف +رَعى اللَهُ لَيلَتَكُم إِنَّها تَلَت عِندَهُ لَيلَةَ المُنتَصَف +لَقَد طَلَعَ البَدرُ مِن جُنحِها وَأَوما إِلى صُبحِها أَن يَقِف +جَلَوتُم حَواشِيَها بِالفُنونِ فَمِن كُلِّ فَنٍّ جَميلٍ طَرَف +فَإِن تَسأَلوا ما مَكانُ الفُنونِ فَكَم شَرَفٍ فَوقَ هَذا الشَرَف +أَريكَةُ مولِييرَ فيما مَضى وَعَرشُ شِكِسبيرَ فيما سَلَف +وَعودُ اِبنِ ساعِدَةٍ في عُكاظَ إِذا سالَ خاطِرُهُ بِالطُرَف +فَلا يَرقَيَن فيهِ إِلّا فَتىً إِلى دَرَجاتِ النُبوغِ اِنصَرَف +تُعَلِّمُ حِكمَتُهُ الحاضِرينَ وَتُسمِعُ في الغابِرينَ النُطَف +حَمَدنا بَلاءَكُمُ في النِضالِ وَأَمسُ حَمَدنا بَلاءَ السَلَف +وَمَن نَسِيَ الفَضلَ لِلسابِقينَ فَما عَرَفَ الفَضلَ فيما عَرَف +أَلَيسَ إِلَيهِم صَلاحُ البِناءِ إِذا ما الأَساسُ سَما بِالغُرَف +فَهَل تَأذَنونَ لِذي خِلَّةٍ يَفُضُّ الرَياحينَ فَوقَ الجِيَف +فَأَينَ اللِواءُ وَرَبُّ اللِواءِ إِمامُ الشَبابِ مِثالُ الشَرَف +وَأَينَ الَّذي بَينَكُم شِبلُهُ عَلى غايَةِ الحَقِّ نِعمَ الخَلَف +وَلا بُدَّ لِلغَرسِ مِن نَقلِهِ إِلى مَن تَعَهَّدَ أَو مَن قَطَف +فَلا تَجحَدَنَّ يَدَ الغارِسينَ وَهَذا الجَنى في يَدَيكَ اِعتَرَف +أُولَئِكَ مَرّوا كَدودِ الحَريرِ شَجاها النَفاعُ وَفيهِ التَلَف +أَمّا العِتابُ فَبِالأَحِبَّةِ أَخلَقُ وَالحُبُّ يَصلُحُ بِالعِتابِ وَيَصدُقُ +يا مَن أُحِبُّ وَمَن أُجِلُّ وَحَسبُهُ في الغيدِ مَنزِلَةً يُجَلُّ وَيُعشَقُ +ال��ُعدُ أَدناني إِلَيكَ فَهَل تُرى تَقسو وَتَنفُرُ أَم تَلينُ وَتَرفُقُ +في جاهِ حُسنِكَ ذِلَّتي وَضَراعَتي فَاِعطِف فَذاكَ بِجاهِ حُسنِكَ أَليَقُ +خَلُقَ الشَبابُ وَلا أَزالُ أَصونُهُ وَأَنا الوَفِيُّ مَوَدَّتي لا تَخلُقُ +صاحَبتُهُ عِشرينَ غَيرَ ذَميمَةٍ حالي بِهِ حالٍ وَعَيشِيَ مونِقُ +قَلبي اِدَّكَرتَ اليَومَ غَيرُ مُوَفَّقٍ أَيّامَ أَنتَ مَعَ الشَبابِ مُوَفَّقُ +فَخَفَقتَ مِن ذِكرى الشَبابِ وَعَهدِهِ لَهفي عَلَيكَ لِكُلِّ ذِكرى تَخفُقُ +كَم ذُبتَ مِن حُرَقِ الجَوى وَاليَومَ مِن أَسَفٍ عَلَيهِ وَحَسرَةٍ تَتَحَرَّقُ +كُنتَ الشِباكَ وَكانَ صَيداً في الصِبا ما تَستَرِقُّ مِنَ الظِباءِ وَتُعتِقُ +خَدَعَت حَبائِلُك المِلاحَ هُنَيَّةً وَاليَومَ كُلُّ حِبالَةٍ لا تَعلَقُ +هَل دونَ أَيّامِ الشَبيبَةِ لِلفَتى صَفوٌ يُحيطُ بِهِ وَأُنسٌ يُحدِقُ +يا رَبِّ أَمرُكَ في المَمالِكِ نافِذٌ وَالحُكمُ حُكمُكَ في الدَمِ المَسفوكِ +إِن شِئتَ أَهرِقهُ وَإِن شِئتَ اِحمِهِ هُوَ لَم يَكُن لِسِواكَ بِالمَملوكِ +وَاِحكُم بِعَدلِكَ إِنَّ عَدلَكَ لَم يَكُن بِالمُمتَرى فيهِ وَلا المَشكوكِ +أَلِأَجلِ آجالٍ دَنَت وَتَهَيَّأَت قَدَّرتَ ضَربَ الشاطِئِ المَتروكِ +ما كانَ يَحميهِ وَلا يُحمى بِهِ فُلكانِ أَنعَمُ مِن بَواخِرِ كوكِ +هَذي بِجانِبِها الكَسيرِ غَريقَةٌ تَهوي وَتِلكَ بِرُكنِها المَدكوكِ +بَيروتُ ماتَ الأُسدُ حَتفَ أُنوفِهِم لَم يُشهِروا سَيفاً وَلَم يَحموكِ +سَبعونَ لَيثاً أُحرِقوا أَو أُغرِقوا يا لَيتَهُم قُتِلوا عَلى طَبَروكِ +كُلٌّ يَصيدُ اللَيثَ وَهوَ مُقَيَّدٌ وَيَعِزُّ صَيدَ الضَيغَمِ المَفكوكِ +يا مَضرِبَ الخِيَمِ المُنيفَةِ لِلقِرى ما أَنصَفَ العُجمُ الأُلى ضَرَبوكِ +ما كُنتِ يَوماً لِلقَنابِلِ مَوضِعاً وَلَو أَنَّها مِن عَسجَدٍ مَسبوكِ +بَيروتُ يا راحَ النَزيلِ وَأُنسِهُ يَمضي الزَمانُ عَلَيَّ لا أَسلوكِ +الحُسنُ لَفظٌ في المَدائِنِ كُلِّها وَوَجَدتُهُ لَفظاً وَمَعنىً فيكِ +نادَمتُ يَوماً في ظِلالِكِ فِتيَةً وَسَموا المَلائِكَ في جَلالِ مُلوكِ +يُنسونَ حَسّاناً عِصابَةَ جِلَّقٍ حَتّى يَكادُ بِجِلَّقٍ يَفديكِ +تَاللَهِ ما أَحدَثتِ شَرّاً أَو أَذىً حَتّى تُراعي أَو يُراعَ بَنوكِ +أَنتِ الَّتي يَحمي وَيَمنَعُ عِرضَها سَيفُ الشَريفِ وَخِنجَرُ الصُعلوكِ +إِن يَجهَلوكِ فَإِنَّ أُمَّكِ سورِيا وَالأَبلَقُ الفَردُ الأَشَمُّ أَبوكِ +وَالسابِقينَ إِلى المَفاخِرِ وَالعُلا بَلهُ المَكارِمَ وَالنَدى أَهلوكِ +سالَت دِماءٌ فيكِ حَولَ مَساجِدٍ وَكَنائِسٍ وَمَدارِسٍ وَبُنوكِ +كُنّا نُؤَمِّلُ أَن يُمَدَّ بَقاؤُها حَتّى تَبِلَّ صَدى القَنا المَشبوكِ +لَكِ في رُبى النيلِ المُبارَكِ جيرَةٌ لَو يَقدِرونَ بِدَمعِهِم غَسَلوكِ +قُم نادِ أَنقَرَةً وَقُل يَهنيكِ مُلكٌ بَنَيتِ عَلى سُيوفِ بَنيكِ +أَعطَيتِهِ ذَودَ اللُباةِ عَنِ الشَرى فَأَخَأتِهِ حُرّاً بِغَيرِ شَريكِ +وَأَقَمتِ بِالدَمِ جانِبَيهِ وَلَم تَزَل تُبنى المَمالِكُ بِالدَمِ المَسفوكِ +فَعَقَدتِ تاجَكِ مِن ظُبىً مَسلولَةً وَحَلَلتِ عَرشَكِ مِن قَناً مَشبوكِ +تاجٌ تَرى فيهِ إِذا قَلَّبتُهُ جَهدَ الشَريفِ وَهِمَّةَ الصُعلوكِ +وَتَرى الضَحايا مِن مَعاقِدَ غارِهِ وَعَلى جَوانِبِ تِبرِهِ المَسبوكِ +وَتَراهُ في صَخَبِ الحَوادِثِ صامِتاً كَالصَخرِ في عَصفِ الرِياحِ النوكِ +خَرزاتُهُ دَمُ أُمَّةٍ مَهضومَةٍ وَجُهودُ شَعبٍ مُجهَدٍ مَنهوكِ +بِالواجِبِ اِلتَمَسَ الحُقوقَ وَخابَ مَن طَلَبَ الحُقوقَ بِواجِبٍ مَتروكِ +لا الفَردُ مَسَّ جَبينَكِ العالي وَلا أَعوانُهُ بِأَكُفِّهِم لَمَسوكِ +لَمّا نَفَرتِ إِلى القِتالِ جَماعَةً أَصلَوكِ نارَ تَلَصُّصٍ وَفُتوكِ +هَدَروا دِماءَ الأُسدِ في آجامِها وَالأُسدُ شارِعَةُ القَنا تَحميكِ +يا بِنتَ طوروسَ المُمَرَّدِ طَأطَأَت شُمُّ الجِبالِ رُؤوسَها لِأَبيكِ +أَمعَنتُما في العِزِّ وَاِستَعصَمتُما هُوَ في السَحابِ وَأَنتِ في أَهليكِ +نَحَتَ الشُعوبُ مِنَ الجِبالِ دِيارَهُم وَالقَومُ مِن أَخلاقِهِم نَحَتوكِ +فَلَوَ اَنَّ أَخلاقَ الرِجالِ تَصَوَّرَت لَرَأَيتِ صَخرَتَها أَساساً فيكِ +إِنَّ الَّذينَ بَنَوكِ أَشبَهُ نِيَّةً بِشَبابِ خَيبَرَ أَو كُهولِ تَبوكِ +حَلَفوا عَلى الميثاقِ لا طَعِموا الكَرى حَتّى تَذوقي النَصرَ هَل نَصَروكِ +زَعَموا الفَرَنسِيَّ المُحَجَّلَ صورَةً في حَلبَةِ الفُرسانِ مِن حاميكِ +النَسرُ سَلَّ السَيفَ يَبني نَفسَهُ وَفَتاكِ سَلَّ حُسامَهُ يَبنيكِ +وَالنَسرُ مَملوكٌ لِسُلطانِ الهَوى وَوَجَدتُ نَسرَكِ لَيسَ بِالمَملوكِ +يا دَولَةَ الخُلُقِ الَّتي تاهَت عَلى رُكنِ السِماكِ بِرُكنِها المَسموكِ +بَيني وَبَينَكِ مِلَّةٌ وَكِتابُها وَالشَرقُ يَنميني كَما يَنميكِ +قَد ظَنَّني اللاحي نَطَقتُ عَنِ الهَوى وَرَكِبتُ مَتنَ الجَهلِ إِذ أَطريكِ +لَم يُنقِذِ الإِسلامَ أَو يَرفَع لَهُ رَأساً سِوى النَفَرِ الأُلى رَفَعوكِ +رَدّوا الخَيالَ حَقيقَةً وَتَطَلَّعوا كَالحَقِّ حَصحَصَ مِن وَراءِ شُكوكِ +لَم أَكذِبِ التاريخَ حينَ جَعَلتُهُم رُهبانَ نُسكٍ لا عُجولَ نَسيكِ +لَم تَرضَني ذَنباً لِنَجمِكِ هِمَّتي إِنَّ البَيانَ بِنَجمِهِ يُنبيكِ +قَلَمي وَإِن جَهِلَ الغَبِيُّ مَكانَهُ أَبقى عَلى الأَحقابِ مِن ماضيكِ +ظَفَرَت بِيونانَ القَديمَةِ حِكمَتي وَغَزا الحَديثَةَ ظافِراً غازيكِ +مِنّي لِعَهدِكِ يا فُروقُ تَحِيَّةٌ كَعُيونِ مائِكِ أَو رُبى واديكِ +أَو كَالنَسيمِ غَدا عَلَيكِ وَراحَ مِن فوفِ الرِياضِ وَوَشيِها المَحبوكِ +أَو كَالأَصيلِ جَرى عَلَيكِ عَقيقُهُ أَو سالَ مِن عِقيانِهِ شاطيكِ +تِلكَ الخَمائِلُ وَالعُيونُ اِختارَها لَكِ مِن رُبى جَنّاتِهِ باريكِ +قَد أَفرَغَت فيكِ الطَبيعَةُ سِحرَها مَن ذا الَّذي مِن سِحرِها يَرقيكِ +خَلَعَت عَلَيكِ جَمالَها وَتَأَمَّلَت فَإِذا جَمالُكِ فَوقَ ما تَكسوكِ +تَاللَهِ ما فَتَنَ العُيونَ وَلَذَّها كَقَلائِدِ الخُلجانِ في هاديكِ +عَن جيدِكِ الحالي تَلَفَّتَتِ الرُبى وَاِستَضحَكَت حورُ الجِنانِ بِفيكِ +إِن أَنسَ لا أَنسَ الشَبيبَةَ وَالهَوى وَسَوالِفَ اللَذّاتِ في ناديكِ +وَلَيالِياً لَم تَدرِ أَينَ عِشاؤُها مِن فَجرِها لَولا صِياحُ الديكِ +وَصَبوحَنا مِن بَندِلارَ وَشَرشَرٍ وَغَبوقَنا بِتَرابِيا وَبُيوكِ +لَو أَنَّ سُلطانَ الجَمالِ مُخَلَّدٌ لِمَليحَةٍ لَعَذَلتُ مَن عَذَلوكِ +خَلَعوكِ مِن سُلطانِهِم فَسَليهِمُ أَمِنَ القُلوبِ وَمُلكِ��ا خَلَعوكِ +لا يَحزُنَنَّكِ مِن حُماتِكِ خِطَّةٌ كانَت هِيَ المُثلى وَإِن ساؤوكِ +أَيُقالُ فِتيانُ الحِمى بِكِ قَصَّروا أَم ضَيَّعوا الحُرُماتِ أَم خانوكِ +وَهُمُ الخِفافُ إِلَيكِ كَالأَنصارِ إِذ قَلَّ النَصيرُ وَعَزَّ مَن يَفديكِ +المُشتَروكِ بِمالِهِم وَدِمائِهِم حينَ الشُيوخُ بِجُبَّةٍ باعوكِ +هَدَروا دِماءَ الذائِدينَ عَنِ الحِمى بِلِسانِ مُفتي النارِ لا مُفتيكِ +شَرِبوا عَلى سِرِّ العَدُوِّ وَغَرَّدوا كَالبومِ خَلفَ جِدارِكِ المَدكوكِ +لَو كُنتِ مَكَّةَ عِندَهُم لَرَأَيتِهِم كَمُحَمَّدٍ وَرَفيقِهِ هَجَروكِ +يا راكِبَ الطامي يَجوبُ لَجاجَهُ مِن كُلِّ نَيِّرَةٍ وَذاتِ حُلوكِ +إِن جِئتَ مَرمَرَةً تَحُثُّ الفُلكَ في بَهجٍ كَآفاقِ النَعيمِ ضَحوكِ +وَأَتَيتَ قَرنَ التِبرَ ثَمَّ تَحُفُّهُ تُحَفُ الضُحى مِن جَوهَرٍ وَسُلوكِ +فَاِطلَع عَلى دارِ السَعادَةِ وَاِبتَهِل في بابِها العالي وَأَدِّ أَلوكي +قُل لِلخِلافَةِ قَولَ باكٍ شَمسَها باِلأَمسِ لَمّا آذَنَت بِدُلوكِ +يا جَذوَةَ التَوحيدِ هَل لَكَ مُطفِئٌ وَاللَهُ جَلَّ جَلالُهُ مُذكيكِ +خَلَتِ القُرونُ وَأَنتِ حَربُ مَمالِكٍ لَم يَغفِ ضِدُّكِ أَي يَنَم شانيكِ +يَرميكِ بِالأُمَمِ الزَمانُ وَتارَةً بِالفَردِ وَاِستِبدادِهِ يَرميكِ +عودي إِلى ما كُنتِ في فَجرِ الهُدى عُمَرٌ يَسوسُكِ وَالعَتيقُ يَليكِ +إِنَّ الَّذينَ تَوارَثوكِ عَلى الهَوى بَعدَ اِبنِ هِندٍ طالَما كَذَبوكِ +لَم يَلبِسوا بُردَ النَبِيِّ وَإِنَّما لَبِسوا طُقوسَ الرومِ إِذ لَبِسوكِ +إِنّي أُعيذُكِ أَن تُرى جَبّارَةً كَالبابَوِيَّةِ في يَدَي رُدريكِ +أَو أَن تَزُفَّ لَكِ الوِراثَةُ فاسِقاً كَيَزيدَ أَو كَالحاكِمِ المَأفوكِ +فُضّي نُيوبَ الفَردِ ثُمَّ خَذي بِهِ في أَيِّ ثَوبَيهِ بِهِ جاؤوكِ +لا فَرقَ بَينَ مُسَلَّطٍ مُتَتَوِّجٍ وَمُسَلَّطٍ في غَيرِ ثَوبِ مَليكِ +إِنّي أَرى الشورى الَّتي اِعتَصَموا بِها هِيَ حَبلُ رَبِّكِ أَو زِمامُ نَبيكِ +المُلكُ بَينَ يَدَيكَ في إِقبالِهِ عَوَّذتُ مُلكَكَ بِالنَبِيِّ وَآلِهِ +حُرٌّ وَأَنتَ الحُرُّ في تاريخِهِ سَمحٌ وَأَنتَ السَمحُ في أَقيالِهِ +فيضا عَلى الأَوطانِ مِن حُرِيَّةٍ فَكِلاكُما المُفتَكُّ مِن أَغلالِهِ +سَعِدَت بِعَهدِكُما المُبارَكِ أُمَّةٌ رَقَّت لِحالِكِ حِقبَةً وَلِحالِهِ +يَفديكَ نَصرانِيُّهُ بِصَليبِهِ وَالمُنتَمي لِمُحَمَّدٍ بِهِلالِهِ +وَفَتى الدُروزِ عَلى الحُزونِ بِشَيخِهِ وَالمَوسَوِيُّ عَلى السُهولِ بِمالِهِ +صَدَقوا الخَليفَةَ طاعَةً وَمَحَبَّةً وَتَمَسَّكوا بِالطُهرِ مِن أَذيالِهِ +يَجِدونَ دَولَتَكَ الَّتي سَعِدوا بِها مِن رَحمَةِ المَولى وَمِن أَفضالِهِ +جَدَّدتَ عَهدَ الراشِدينَ بِسيرَةٍ نَسَجَ الرَشادُ لَها عَلى مِنوالِهِ +بُنِيَت عَلى الشورى كَصالِحِ حُكمِهِم وَعَلى حَياةِ الرَأيِ وَاِستِقلالِهِ +حَقٌّ أَعَزَّ بِكَ المُهَيمِنُ نَصرَهُ وَالحَقُّ مَنصورٌ عَلى خُذّالِهِ +شَرُّ الحُكومَةِ أَن يُساسَ بِواحِدٍ في المُلكِ أَقوامٌ عِدادُ رِمالِهِ +مُلكٌ تُشاطِرُهُ مَيامِنَ حالِهِ وَتَرى بِإِذنِ اللَهِ حُسنَ مَآلِهِ +أَخَذَت حُكومَتُكَ الأَمانَ لِظَبيَهِ في مُقفِراتِ البيدِ مِن رِئبالِهِ +مَكَّنتَ لِلدُستورِ فيهِ وَحُزتَهُ تاجاً لِوَجهِكَ فَوقَ تاجِ جَلالِهِ +فَكَأَنَّكَ الفاروقُ في كُرسِيِّهِ نَعِمَت شُعوبُ الأَرضِ تَحتَ ظِلالِهِ +أَو أَنتَ مِثلُ أَبي تُرابٍ يُتَّقى وَيَهابُهُ الأَملاكُ في أَسمالِهِ +عَهدُ النَبِيِّ هُوَ السَماحَةُ وَالرِضى بِمُحَمَّدٍ أَولى وَسَمحِ خِلالِهِ +بِالحَقِّ يَحمِلُهُ الإِمامُ وَبِالهُدى في حاضِرِ الدُستورِ وَاِستِقبالِهِ +يابنَ الخَواقينِ الثَلاثينَ الأُلى قَد جَمَّلوا الإِسلامَ فَوقَ جَمالِهِ +المُبلِغينَ الدينَ ذُروَةَ سَعدِهِ الرافِعينَ المُلكَ أَوجَ كَمالِهِ +الموطِئينَ مِنَ المَمالِكِ خَيلَهُم ما لَم يَفُز إِسكَندَرٌ بِوِصالِهِ +في عَدلِ فاتِحِهِم وَقانونِيِّهِم ما يَحتَذي الخُلَفاءُ حَذوَ مِثالِهِ +أَمّا الخِلافَةُ فَهيَ حائِطُ بَيتِكُم حَتّى يُبينَ الحَشرُ عَن أَهوالِهِ +أُخِذَت بِحَدِّ المَشرَفِيِّ وَحازَها لَكُمُ القَنا بِقِصارِهِ وَطِوالِهِ +لا تَسمَعوا لِلمُرجِفينَ وَجَهلِهِم فَمُصيبَةُ الإِسلامِ مِن جُهّالِهِ +طَمَعُ القَريبِ أَوِ البَعيدِ بِنَيلِها طَمَعُ الفَتى مِن دَهرِهِ بِمَحالِهِ +ما الذِئبُ مُجتَرِئاً عَلى لَيثِ الشَرى في الغالِبِ مُعتَدِياً عَلى أَشبالِهِ +بِأَضَلَّ عَقلاً وَهيَ في أَيمانِكُم مِمَّن يُحاوِلُ أَخذَها بِشِمالِهِ +رَضِيَ المُهَيمِنُ وَالمَسيحُ وَأَحمَدٌ عَن جَيشِكَ الفادي وَعَن أَبطالِهِ +الهازِئينَ مِنَ الثَرى بِسُهولِهِ الدائِسينَ عَلى رُؤوسِ جِبالِهِ +القاتِلينَ عَدُوَّهَم في حِصنِهِ بِالرَأيِ وَالتَدبيرِ قَبلَ قِتالِهِ +الآخِذينَ الحُصنَ عَزَّ سَبيلُهُ مِثلَ السُها أَو في اِمتِناعِ مَنالِهِ +المُعرِضينَ وَلَو بِساحَةِ يَلدِزٍ في الحَربِ عَن عِرضِ العَدُوِّ وَمالِهِ +القارِئينَ عَلى عَلِيٍّ عِلمُها وَعَلى الغُزاةِ المُتَّقينَ رِجالِهِ +المُلكُ زُلزِلَ في فُروقٍ ساعَةً كانوا لَهُ الأَوتادَ في زِلزالِهِ +لَولا اِنتِظامُ قُلوبِهِم كَكُفوفِهِم لَنَثَرتُ دَمعي اليَومَ في أَطلالِهِ +وَالمَرءُ لَيسَ بِصادِقٍ في قَولِهِ حَتّى يُؤَيِّدَ قَولَهُ بِفِعالِهِ +وَالشَعبُ إِن رامَ الحَياةَ كَبيرَةً خاضَ الغِمارَ دَماً إِلى آمالِهِ +شُكرُ المَمالِكِ لِلسَخِيِّ بِروحِهِ لا لِلسَخِيِّ بِقيلِهِ أَو قالِهِ +إيهٍ فُروقُ الحُسنِ نَجوى هائِمٍ يَسمو إِلَيكَ بِجَدِّهِ وَبِخالِهِ +أَخرَجتِ لِلعُربِ الفِصاحِ بَيانَهُ قَبَساً يُضيءُ الشَرقَ مِثلَ كَمالِهِ +لَم تُكثِرِ الحَمراءُ مِن نُظَرائِهِ نَسلاً وَلا بَغدادُ مِن أَمثالِهِ +جَعَلَ الإِلَهُ خَيالَهُ قَيسَ الهَوى وَجُعِلتِ لَيلى فِتنَةً لِخَيالِهِ +في كُلِّ عامٍ أَنتِ نُزهَةُ روحِهِ وَنَعيمُ مُهجَتِهِ وَراحَةُ بالِهِ +يَغشاكِ قَد حَنَّت إِلَيكِ مَطِيُّهُ وَيَؤوبُ وَالأَشواقُ مِلءُ رِحالِهِ +أَفراحُهُ لَمّا رَآكِ طَليقَةً أَفراحُ يوسُفَ يَومَ حَلِّ عِقالِهِ +وَسُرورُهُ بِكِ مِن قُيودِكِ حُرَّةً كَسُرورِ قَيسٍ بِاِنفِلاتِ غَزالِهِ +اللَهُ صاغَكِ جَنَّتَينِ لِخَلقِهِ مَحفوفَتَينِ بِأَنعُمٍ لِعِيالِهِ +لَو أَنَّ لِلَّهِ اِتِّخاذَ خَميلَةٍ ما اِختارَ غَيرَكَ رَوضَةً لِجَلالِهِ +فَكَأَنَّما الصِفَتانِ في حُسنَيهِما ديباجَتا خَدٍّ يَتيهُ بِخالِه�� +وَكَأَنَّما البُوسفورُ حَوضُ مُحَمَّدٍ وَسَطَ الجِنانِ وَهُنَّ في إِجلالِهِ +وَكَأَنَّ شاهِقَةَ القُصورِ حِيالَهُ حُجُراتُ طَهَ في الجِنانِ وَآلِهِ +وَكَأَنَّ عيدَكِ عيدُها لَمّا مَشى فيها البَشيرُ بِبِشرِهِ وَجَمالِهِ +تيهي بِعيدِكِ في المَمالِكِ وَاِسلَمي في السِلمِ لِلآلافِ مِن أَمثالِهِ +وَاِستَقبِلي عَهدَ الرَشادِ مُجَمَّلاً بِمَحاسِنِ الدُستورِ في اِستِهلالِهِ +دارُ السَعادَةِ أَنتِ ذَلِكَ بابُها شُلَّت يَدٌ مُدَّت إِلى إِقفالِهِ +أَيّامُكُم أَم عَهدُ إِسماعيلا أَم أَنتَ فِرعَونٌ يَسوسُ النيلا +أَم حاكِمٌ في أَرضِ مِصرَ بِأَمرِهِ لا سائِلاً أَبَداً وَلا مَسؤولا +يا مالِكاً رِقَّ الرِقابِ بِبَأسِهِ هَلّا اِتَّخَذتَ إِلى القُلوبِ سَبيلا +لَمّا رَحَلتَ عَنِ البِلادِ تَشَهَّدَت فَكَأَنَّكَ الداءُ العَياءُ رَحيلا +أَوسَعتَنا يَومَ الوَداعِ إِهانَةً أَدَبٌ لَعَمرُكَ لا يُصيبُ مَثيلا +هَلّا بَدا لَكَ أَن تُجامِلَ بَعدَ ما صاغَ الرَئيسُ لَكَ الثَنا إِكليلا +اُنظُر إِلى أَدَبِ الرَئيسِ وَلُطفِهِ تَجِدِ الرَئيسَ مُهَذَّباً وَنَبيلا +في مَلعَبٍ لِلمُضحِكاتِ مُشَيَّدٍ مَثَّلتَ فيهِ المُبكِياتِ فُصولا +شَهِدَ الحُسَينُ عَلَيهِ لَعنَ أُصولِهِ وَيُصَدَّرُ الأَعمى بِهِ تَطفيلا +جُبنٌ أَقَلَّ وَحَطَّ مِن قَدرَيهِما وَالمَرءُ إِن يَجبُن يَعِش مَرذولا +لَمّا ذَكَرتُ بِهِ البِلادَ وَأَهلَها مَثَّلتَ دَورَ مَماتِها تَمثيلا +أَنذَرتَنا رِقّاً يَدومُ وَذِلَّةً تَبقى رِحالاً لا تَرى تَحويلا +أَحَسِبتَ أَنَّ اللَهَ دونَكَ قُدرَةً لا يَملُكُ التَغييرَ وَالتَبديلا +اللَهُ يَحكُمُ في المُلوكِ وَلَم تَكُن دُوَلٌ تُنازِعُهُ القُوى لِتَدولا +فِرعَونُ قَبلَكَ كانَ أَعظَمَ سَطوَةً وَأَعَزَّ بَينَ العالَمينَ قَبيلا +اليَومَ أَخلَفَتِ الوُعودَ حُكومَةٌ كُنّا نَظُنُّ عُهودَها الإِنجيلا +دَخَلَت عَلى حُكمِ الوِدادِ وَشَرعِهِ مِصراً فَكانَت كَالسُلالِ دُخولا +هَدَمَت مَعالِمَها وَهَدَّت رُكنَها وَأَضاعَتِ اِستِقلالَها المَأمولا +قالوا جَلَبتَ لَنا الرَفاهَةَ وَالغِنى جَحَدوا الإِلَهَ وَصُنعَهُ وَالنيلا +كَم مِنَّةٍ مَوهومَةٍ أَتبَعتَها مِنّا عَلى الفَطِنِ الخَبيرِ ثَقيلا +في كُلِّ تَقريرٍ تَقولُ خَلَقتُكُم أَفَهَل تَرى تَقريرَكَ التَنزيلا +هَل مِن نَداكَ عَلى المَدارِسِ أَنَّها تَذَرُ العُلومَ وَتَأخُذُ الفُوتبولا +أَم مِن صِيانَتِكَ القَضاءَ بِمِصرَ أَن تَأتي بِقاضي دِنشِوايَ وَكيلا +أَم هَل يَعُدُّ لَكَ الإِضاعَةَ مِنَّةً جَيشٌ كَجَيشِ الهِندِ باتَ ذَليلا +اُنظُر إِلى فِتيانِهِ ما شَأنُهُم أَوَ لَيسَ شَأناً في الجُيوشِ ضَئيلا +حَرَّمتُهُم أَن يَبلُغوا رُتَبَ العُلا وَرَفَعتَ قَومَكَ فَوقَهُم تَفضيلا +فَإِذا تَطَلَّعَتِ الجُيوشُ وَأَمَّلَت مُستَقبَلاً لا يَملِكوا التَأميلا +مِن بَعدِ ما زَفّوا لِإِدوَردَ العُلا فَتحاً عَريضاً في البِلادِ طَويلا +لَو كُنتُ مِن جُمرِ الثِيابِ عَبَدتُكُم مِن دونِ عيسى مُحسِناً وَمُنيلا +أَو كُنتُ بَعضَ الإِنكِليزَ قَبِلتُكُم مَلِكاً أُقَطِّعُ كَفَّهُ تَقبيلا +أَو كُنتُ عُضواً في الكُلوبِ مَلَأتُهُ أَسَفاً لِفُرقَتِكُم بُكاً وَعَويلا +أَو كُنتُ قِسّ��ساً يَهيمُ مُبَشِّراً رَتَّلتُ آيَةَ مَدحِكُم تَرتيلا +أَو كُنتُ صَرّافاً بِلُندُنَ دائِناً أَعطَيتُكُم عَن طيبَةٍ تَحويلا +أَو كُنتُ تَيمَسَكُم مَلَأتُ صَحائِفي مَدحاً يُرَدَّدُ في الوَرى مَوصولا +أَو كُنتُ في مِصرٍ نَزيلاً جاهِداً سَبَّحتُ بِاِسمِكِ بُكرَةً وَأَصيلا +أَو كُنتُ سِريوناً حَلَفتُ بِأَنَّكُم أَنتُم حَوَيتُمُ بِالقَناةِ الجيلا +ما كانَ مِن عَقَباتِها وَصِعابِها ذَلَّلتُموهُ بِعَزمِكُم تَذليلا +عَهدُ الفِرَنجِ وَأَنتَ تَعلَمُ عَهدَهُم لا يَبخَسونَ المُحسِنينَ فَتيلا +فَاِرحَل بِحِفظِ اللَهِ جَلَّ صَنيعُهُ مُستَعفِياً إِن شِئتَ أَو مَعزولا +وَاِحمِل بِساقِكَ رَبطَةً في لُندُنٍ وَاِخلِف هُناكَ غِرايَ أَو كَمبيلا +أَو شاطِرِ المُلكَ العَظيمَ بِلادَهُ وَسُسِ المَمالِكَ عَرضَها وَالطولا +إِنّا تَمَنَّينا عَلى اللَهِ المُنى وَاللَهُ كانَ بِنَيلِهِنَّ كَفيلا +مَن سَبَّ دينَ مُحَمَّدٍ فَمُحَمَّدٌ مُتَمَكِّنٌ عَنّا الإِلَهُ رَسولا +صَدّاحُ يا مَلِكَ الكَنا رِ وَيا أَميرَ البُلبُلِ +قَد فُزتُ مِنكَ بِمَعبَدٍ وَرُزِقتُ قُربَ الموصِلي +وَأُتيحَ لي داودُ مِز ماراً وَحُسنَ تَرَتُّلِ +فَوقَ الأَسِرَّةِ وَالمَنا بِرِ قَطُّ لَم تَتَرَجَّلِ +تَهتَزُّ كَالدينارِ في مُرتَجِّ لَحظِ الأَحوَلِ +وَإِذا خَطَرتَ عَلى المَلا عِبِ لَم تَدَع لِمُمَثِّلِ +وَلَكَ اِبتِداءاتُ الفَرَز دَقِ في مَقاطِعِ جَروَلِ +وَلَقَد تَخِذتَ مِنَ الضُحى صُفرَ الغَلائِلِ وَالحَلي +وَرَوَيتَ في بيضِ القَلا نِسِ عَن عَذارى الهَيكَلِ +يا لَيتَ شِعرِيَ يا أَسي رُ شَجٍ فُؤادُكَ أَم خَلي +وَحَليفُ سُهدٍ أَم تَنا مُ اللَيلَ حَتّى يَنجَلي +بِالرُغمِ مِنّي ما تُعا لِجُ في النُحاسِ المُقفَلِ +حِرصي عَلَيكَ هَوىً وَمَن يُحرِز ثَميناً يَبخَلِ +وَالشُحُّ تُحدِثُهُ الضَرو رَةُ في الجَوادِ المُجزِلِ +أَنا إِن جَعَلتُكَ في نُضا رٍ بِالحَريرِ مُجَلَّلِ +وَلَفَفتُهُ في سَوسَنٍ وَحَفَفتُهُ بِقُرُنفُلِ +وَحَرَقتُ أَزكى العودِ حَو لَيهِ وَأَغلى الصَدنَلِ +وَحَمَلتُهُ فَوقَ العُيو نِ وَفَوقَ رَأسِ الجَدوَلِ +وَدَعَوتُ كُلَّ أَغَرَّ في مُلكِ الطُيورِ مُحَجَّلِ +فَأَتَتكَ بَينَ مُطارِحٍ وَمُحَبِّذٍ وَمُدَلِّلِ +وَأَمَرتَ بِاِبني فَاِلتَقا كَ بِوَجهِهِ المُتَهَلِّلِ +بِيَمينِهِ فالوذَجٌ لَم يُهدَ لِلمُتَوَكِّلِ +وَزُجاجَةٌ مِن فِضَّةٍ مَملوءَةٌ مِن سَلسَلِ +ما كُنتُ يا صَدّاحُ عِن دَكَ بِالكَريمِ المُفضَلِ +شَهدُ الحَياةِ مَشوبَةً بِالرِقِّ مِثلُ الحَنظَلِ +وَالقَيدُ لَو كانَ الجُما نُ مُنَظَّماً لَم يُحمَلِ +يا طَيرُ لَولا أَن يَقو لوا جُنَّ قُلتُ تَعَقَّلِ +اِسمَع فَرُبَّ مُفَصِّلٍ لَكَ لَم يُفِدكَ كَمُجمِلِ +صَبراً لِما تَشقى بِهِ أَو ما بَدا لَكَ فَاِفعَلِ +أَنتَ اِبنُ رَأيٍ لِلطَبي عَةِ فيكَ غَيرِ مُبَدَّلِ +قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا +أَعَلِمتَ أَشرَفَ أَو أَجَلَّ مِنَ الَّذي يَبني وَيُنشِئُ أَنفُساً وَعُقولا +سُبحانَكَ اللَهُمَّ خَيرَ مُعَلِّمٍ عَلَّمتَ بِالقَلَمِ القُرونَ الأولى +أَخرَجتَ هَذا العَقلَ مِن ظُلُماتِهِ وَهَدَيتَهُ النورَ المُبينَ سَبيلا +وَطَبَعتَهُ بِيَدِ المُعَلِّمِ تارَةً صَدِئَ الحَديدُ وَتارَةً مَصقولا +أَرسَلتَ بِالتَوراةِ موسى مُرشِداً وَاِبنَ البَتولِ فَعَلِّمِ الإِنجيلا +وَفَجَرتَ يَنبوعَ البَيانِ مُحَمَّداً فَسَقى الحَديثَ وَناوَلَ التَنزيلا +عَلَّمتَ يوناناً وَمِصرَ فَزالَتا عَن كُلِّ شَمسٍ ما تُريدُ أُفولا +وَاليَومَ أَصبَحَتا بِحالِ طُفولَةٍ في العِلمِ تَلتَمِسانِهِ تَطفيلا +مِن مَشرِقِ الأَرضِ الشَموسُ تَظاهَرَت ما بالُ مَغرِبِها عَلَيهِ أُديلا +يا أَرضُ مُذ فَقَدَ المُعَلِّمُ نَفسَهُ بَينَ الشُموسِ وَبَينَ شَرقِكِ حيلا +ذَهَبَ الَّذينَ حَمَوا حَقيقَةَ عِلمِهِم وَاِستَعذَبوا فيها العَذابَ وَبيلا +في عالَمٍ صَحِبَ الحَياةَ مُقَيَّداً بِالفَردِ مَخزوماً بِهِ مَغلولا +صَرَعَتهُ دُنيا المُستَبِدِّ كَما هَوَت مِن ضَربَةِ الشَمسِ الرُؤوسُ ذُهولا +سُقراطُ أَعطى الكَأسَ وَهيَ مَنِيَّةٌ شَفَتَي مُحِبٍّ يَشتَهي التَقبيلا +عَرَضوا الحَياةَ عَلَيهِ وَهيَ غَباوَةٌ فَأَبى وَآثَرَ أَن يَموتَ نَبيلا +إِنَّ الشَجاعَةَ في القُلوبِ كَثيرَةٌ وَوَجَدتُ شُجعانَ العُقولِ قَليلا +إِنَّ الَّذي خَلَقَ الحَقيقَةَ عَلقَماً لَم يُخلِ مِن أَهلِ الحَقيقَةِ جيلا +وَلَرُبَّما قَتَلَ الغَرامُ رِجالَها قُتِلَ الغَرامُ كَمِ اِستَباحَ قَتيلا +أَوَكُلُّ مَن حامى عَنِ الحَقِّ اِقتَنى عِندَ السَوادِ ضَغائِناً وَذُحولا +لَو كُنتُ أَعتَقِدُ الصَليبَ وَخَطبُهُ لَأَقَمتُ مِن صَلبِ المَسيحِ دَليلا +أَمُعَلِّمي الوادي وَساسَةَ نَشئِهِ وَالطابِعينَ شَبابَهُ المَأمولا +وَالحامِلينَ إِذا دُعوا لِيُعَلِّموا عِبءَ الأَمانَةِ فادِحاً مَسؤولا +كانَت لَنا قَدَمٌ إِلَيهِ خَفيفَةٌ وَرِمَت بِدَنلوبٍ فَكانَ الفيلا +حَتّى رَأَينا مِصرَ تَخطو إِصبَعاً في العِلمِ إِن مَشَتِ المَمالِكُ ميلا +تِلكَ الكُفورُ وَحَشوُها أُمِّيَّةٌ مِن عَهدِ خوفو لا تَرَ القِنديلا +تَجِدُ الَّذينَ بَنى المِسَلَّةَ جَدُّهُم لا يُحسِنونَ لِإِبرَةٍ تَشكيلا +وَيُدَلَّلونَ إِذا أُريدَ قِيادُهُم كَالبُهمِ تَأنَسُ إِذ تَرى التَدليلا +يَتلو الرِجالُ عَلَيهُمُ شَهَواتِهِم فَالناجِحونَ أَلَدُّهُم تَرتيلا +الجَهلُ لا تَحيا عَلَيهِ جَماعَةٌ كَيفَ الحَياةُ عَلى يَدَي عِزريلا +وَاللَهِ لَولا أَلسُنٌ وَقَرائِحٌ دارَت عَلى فِطَنِ الشَبابِ شَمولا +وَتَعَهَّدَت مِن أَربَعينَ نُفوسَهُم تَغزو القُنوطَ وَتَغرِسُ التَأميلا +عَرَفَت مَواضِعَ جَدبِهِم فَتَتابَعَت كَالعَينِ فَيضاً وَالغَمامِ مَسيلا +تُسدي الجَميلَ إِلى البِلادِ وَتَستَحي مِن أَن تُكافَأَ بِالثَناءِ جَميلا +ما كانَ دَنلوبٌ وَلا تَعليمُهُ عِندَ الشَدائِدِ يُغنِيانِ فَتيلا +رَبّوا عَلى الإِنصافِ فِتيانَ الحِمى تَجِدوهُمُ كَهفَ الحُقوقِ كُهولا +فَهوَ الَّذي يَبني الطِباعَ قَويمَةً وَهوَ الَّذي يَبني النُفوسَ عُدولا +وَيُقيمُ مَنطِقَ كُلِّ أَعوَجِ مَنطِقٍ وَيُريهِ رَأياً في الأُمورِ أَصيلا +وَإِذا المُعَلِّمُ لَم يَكُن عَدلاً مَشى روحُ العَدالَةِ في الشَبابِ ضَئيلا +وَإِذا المُعَلِّمُ ساءَ لَحظَ بَصيرَةٍ جاءَت عَلى يَدِهِ البَصائِرُ حولا +وَإِذا أَتى الإِرشادُ مِن سَبَبِ الهَوى وَمِنَ الغُرورِ فَسَمِّهِ التَضليلا +و��إِذا أُصيبَ القَومُ في أَخلاقِهِم فَأَقِم عَلَيهِم مَأتَماً وَعَويلا +إِنّي لَأَعذُرُكُم وَأَحسَبُ عِبئَكُم مِن بَينِ أَعباءِ الرِجالِ ثَقيلا +وَجَدَ المُساعِدَ غَيرُكُم وَحُرِمتُمُ في مِصرَ عَونَ الأُمَّهاتِ جَليلا +وَإِذا النِساءُ نَشَأنَ في أُمِّيَّةً رَضَعَ الرِجالُ جَهالَةً وَخُمولا +لَيسَ اليَتيمُ مَنِ اِنتَهى أَبَواهُ مِن هَمِّ الحَياةِ وَخَلَّفاهُ ذَليلا +فَأَصابَ بِالدُنيا الحَكيمَةِ مِنهُما وَبِحُسنِ تَربِيَةِ الزَمانِ بَديلا +إِنَّ اليَتيمَ هُوَ الَّذي تَلقى لَهُ أُمّاً تَخَلَّت أَو أَباً مَشغولا +مِصرٌ إِذا ما راجَعَت أَيّامَها لَم تَلقَ لِلسَبتِ العَظيمِ مَثيلا +البَرلَمانُ غَداً يُمَدُّ رُواقُهُ ظِلّاً عَلى الوادي السَعيدِ ظَليلا +نَرجو إِذا التَعليمُ حَرَّكَ شَجوَهُ أَلّا يَكونَ عَلى البِلادِ بَخيلا +قُل لِلشَبابِ اليَومَ بورِكَ غَرسُكُم دَنَتِ القُطوفُ وَذُلِّلَت تَذليلا +حَيّوا مِنَ الشُهَداءِ كُلَّ مُغَيَّبٍ وَضَعوا عَلى أَحجارِهِ إِكليلا +لِيَكونَ حَظُّ الحَيِّ مِن شُكرانِكُم جَمّاً وَحَظُّ المَيتِ مِنهُ جَزيلا +لا يَلمَسُ الدُستورُ فيكُم روحَهُ حَتّى يَرى جُندِيَّهُ المَجهولا +ناشَدتُكُم تِلكَ الدِماءَ زَكِيَّةً لا تَبعَثوا لِلبَرلَمانِ جَهولا +فَليَسأَلَنَّ عَنِ الأَرائِكِ سائِلٌ أَحَمَلنَ فَضلاً أَم حَمَلنَ فُضولا +إِن أَنتَ أَطلَعتَ المُمَثِّلَ ناقِصاً لَم تَلقَ عِندَ كَمالِهِ التَمثيلا +فَاِدعوا لَها أَهلَ الأَمانَةِ وَاِجعَلوا لِأولى البَصائِرِ مِنهُمُ التَفضيلا +إِنَّ المُقَصِّرَ قَد يَحولُ وَلَن تَرى لِجَهالَةِ الطَبعِ الغَبِيِّ مُحيلا +فَلَرُبَّ قَولٍ في الرِجالِ سَمِعتُمُ ثُمَّ اِنقَضى فَكَأَنَّهُ ما قيلا +وَلَكَم نَصَرتُم بِالكَرامَةِ وَالهَوى مَن كانَ عِندَكُمُ هُوَ المَخذولا +كَرَمٌ وَصَفحٌ في الشَبابِ وَطالَما كَرُمَ الشَبابُ شَمائِلاً وَمُيولا +قوموا اِجمَعوا شَعبَ الأُبُوَّةِ وَاِرفَعوا صَوتَ الشَبابِ مُحَبَّباً مَقبولا +ما أَبعَدَ الغاياتِ إِلّا أَنَّني أَجِدُ الثَباتَ لَكُم بِهِنَّ كَفيلا +فَكِلوا إِلى اللَهِ النَجاحَ وَثابِروا فَاللَهُ خَيرٌ كافِلاً وَوَكيلا +قِف بِالمَمالِكِ وَاِنظُر دَولَةَ المالِ وَاِذكُر رِجالاً أَدالوها بِإِجمالِ +وَاِنقُل رُكابَ القَوافي في جَوانِبِها لا في جَوانِبِ رَسمِ المَنزِلِ البالي +ما هَيكَلُ الهَرَمِ الجيزِيِّ مِن ذَهَبٍ في العَينِ أَزيَنَ مِن بُنيانِها الحالي +عَلا بِها الحِرصُ أَركاناً وَأَخرَجَها عَلى مِثالٍ مِنَ الدُنيا وَمِنوالِ +فيها الشَقاءُ لِقَومٍ وَالنَعيمُ لَهُم وَبُؤسُ ساعٍ وَنُعمى قاعِدٍ سالي +وَالمالُ مُذ كانَ تِمثالٌ يُطافُ بِهِ وَالناسُ مُذ خُلِقوا عُبّادُ تِمثالِ +إِذا جَفا الدورَ فَاِنعَ النازِلينَ بِها أَوِ المَمالِكَ فَاِندُبها كَأَطلالِ +يا طالِباً لِمَعالي المُلكِ مُجتَهِداً خُذها مِنَ العِلمِ أَو خُذها مِنَ المالِ +بِالعِلمِ وَالمالِ يَبني الناسُ مُلكَهُمُ لمَ يُبنَ مُلكٌ عَلى جَهلٍ وَإِقلالِ +سَراةَ مِصرَ عَهِدناكُم إِذا بُسِطَت يَدُ الدُعاءِ سِراعاً غَيرَ بُخّالِ +تَبَيَّنَ الصِدقُ مِن بَينِ الأُمورِ لَكُمُ فَاِمضوا إِلى الماءِ لا تُلووا عَلى الآلِ +لا يَذهَبِ الدَهرُ بَينَ التُرَّهاتِ بِكُم وَبَينَ زَهرٍ مِنَ الأَحلامِ قَتّالِ +هاتوا الرِجالَ وَهاتوا المالَ وَاِحتَشِدوا رَأياً لِرَأيٍ وَمِثقالاً لِمِثقالِ +هَذا هُوَ الحَجَرُ الدُرِّيُّ بَينَكُمُ فَاِبنوا بِناءَ قُرَيشٍ بَيتَها العالي +دارٌ إِذا نَزَلَت فيها وَدائِعُكُم أَودَعتُمُ الحَبَّ أَرضاً ذاتَ إِغلالِ +آمالُ مِصرَ إِلَيها طالَما طَمَحَت هَل تَبخَلونَ عَلى مِصرَ بِآمالِ +فَاِبنوا عَلى بَرَكاتِ اللَهِ وَاِغتَنِموا ما هَيَّأَ اللَهُ مِن حَظٍّ وَإِقبالِ +العامُ أَقبَلَ قُم نُحَيِّ هِلالا كَالتاجِ في هامِ الوُجودِ جَلالا +طُغرى كِتابِ الكائِناتِ لِقارِئٍ يَزِنُ الكَلامَ وَيَقدُرُ الأَقوالا +مَلَكَ السَماءَ فَكانَ في كُرسِيِّهِ بَينَ المَلائِكِ وَالمُلوكِ مِثالا +تَتَنافَسُ الآمالُ فيهِ كَأَنَّهُ ثَغرُ العِنايَةِ ضاحَكَ الآمالا +وَالشَمسُ تُزلِفُ عيدَها وَتَزُفُّهُ بُشرى بِمَطلَعِهِ السَعيدِ وَفالا +عيدُ المَسيحِ وَعيدُ أَحمَدَ أَقبَلا يَتَبارَيانِ وَضاءَةً وَجَمالا +ميلادُ إِحسانٍ وَهِجرَةُ سُؤدَدٍ قَد غَيَّرا وَجهَ البَسيطَةِ حالا +قُم لِلهِلالِ قِيامَ مُحتَفِلٍ بِهِ أَثنى وَبالَغَ في الثَناءِ وَغالى +نورُ السَبيلِ هَدى لِكُلِّ فَضيلَةٍ يَهدي الحَكيمُ لَها وَسَنَّ خِلالا +ما بَينَ مَولِدِهِ وَبَينَ بُلوغِهِ مَلَأَ الحَياةَ مَآثِراً وَفِعالا +مُتَواضِعٌ وَاللَهُ شَرَّفَ قَدرَهُ بِالشَمسِ نِدّاً وَالكَواكِبِ آلا +مُتَوَدِّدٌ عِندَ الكَمالِ تَخالُهُ في راحَتَيكَ وَعَزَّ ذاكَ مَنالا +وافٍ لِجارَةِ بَيتِهِ يَرعى لَها عَهدَ السَمَوأَلِ عُروَةٌ وَحِبالا +عَونُ السُراةِ عَلى تَصاريفِ النَوى أَمِنوا عَلَيهِ وَحشَةً وَضَلالا +وَيُصانُ مِن سِرِّ الصَبابَةِ عِندَهُ ما باتَ عِندَ الأَكثَرينَ مُذالا +وَيُشَكُّ فيهِ فَلا يُكَلِّفُ نَفسَهُ غَيرَ التَرَفُّعِ وَالوَقارِ نِضالا +ساءَت ظُنونُ الناسِ حَتّى أَحدَثوا لِلشَكِّ في النورِ المُبينِ مَجالا +وَالظَنُّ يَأخُذُ في ضَميرِكَ مَأخَذاً حَتّى يُريكَ المُستَقيمَ مُحالا +وَمِنَ العَجائِبِ عِندَ قِمَّةِ مَجدِهِ رامَ المَزيدَ فَجَدَّ فيهِ فَنالا +يَطوي إِلى الأَوجِ السَماواتِ العُلا وَيَشُدُّ في طَلَبِ الكَمالِ رِحالا +وَيَفُلُّ مِن هوجِ الرِياحِ عَزائِماً وَيَدُكُّ مِن مَوجِ البِحارِ جِبالا +وَيُضيءُ أَثناءَ الخَمائِلِ وَالرُبى حَتّى تَرى أَسحارَها آصالا +وَيَجولُ في زُهرِ الرِياضِ كَأَنَّهُ صَيبُ الرَبيعِ مَشى بِهِنَّ وَجالا +أُمَمَ الهِلالِ مَقالَةً مِن صادِقٍ وَالصِدقُ أَليَقُ بِالرِجالِ مَقالا +مُتَلَطِّفٍ في النُصحِ غَيرِ مُجادِلٍ وَالنُصحُ أَضيَعُ ما يَكونُ جِدالا +مِن عادَةِ الإِسلامِ يَرفَعُ عامِلاً وَيُسَوِّدُ المِقدامَ وَالفَعّالا +ظَلَمَتهُ أَلسِنَةٌ تُؤاخِذُهُ بِكُم وَظَلَمتُموهُ مُفَرِّطينَ كَسالى +هَذا هِلالُكُمُ تَكَفَّلَ بِالهُدى هَل تَعلَمونَ مَعَ الهِلالِ ضَلالا +سَرَتِ الحَضارَةُ حُقبَةً في ضَوئِهِ وَمَشى الزَمانُ بِنورِهِ مُختالا +وَبَنى لَهُ العَرَبُ الأَجاوِدُ دَولَةً كَالشَمسِ عَرشاً وَالنُجومِ رِجالا +رَفَعوا لَهُ فَوقَ السِماكِ دَعائِماً مِن عِلمِهِم وَمِنَ البَيانِ طِوالا +اللَهُ جَلَّ ثَناؤُه�� بِلِسانِهِم خَلَقَ البَيانَ وَعَلَّمَ الأَمثالا +وَتَخَيَّرَ الأَخلاقَ أَحسَنَها لَهُم وَمَكارِمُ الأَخلاقِ مِنهُ تَعالى +كَالرُسلِ عَزماً وَالمَلائِكِ رَحمَةً وَالأُسدِ بَأساً وَالغُيوثِ نَوالا +عَدَلوا فَكانوا الغَيثَ وَقعاً كُلَّما ذَهَبوا يَميناً في الوَرى وَشَمالا +وَالعَدلُ في الدُولاتِ أُسٌّ ثابِتٌ يُفني الزَمانَ وَيُنفِدُ الأَجيالا +أَيّامَ كانَ الناسُ في جَهَلاتِهِم مِثلَ البَهائِمِ أُرسِلَت إِرسالا +مِن جَهلِهِم بِالدينِ وَالدُنيا مَعاً عَبَدوا الأَصَمَّ وَأَلَّهوا التِمثالا +ضَلّوا عُقولاً بَعدَ عِرفانِ الهُدى وَالعَقلُ إِن هُوَ ضَلَّ كانَ عِقالا +حَتّى إِذا اِنقَسَموا تَقَوَّضَ مُلكُهُم وَالمُلكُ إِن بَطُلَ التَعاوُنُ زالا +لَو أَنَّ أَبطالَ الحُروبِ تَفَرَّقوا غَلَبَ الجَبانُ عَلى القَنا الأَبطالا +غالِ في قيمَةِ اِبنِ بُطرُسَ غالي عَلِمَ اللَهُ لَيسَ في الحَقِّ غالي +نَحتَفي بِالأَديبِ وَالحَقُّ يَقضي وَجَلالُ الأَخلاقِ وَالأَعمالِ +أَدَبُ الأَكثَرينَ قَولٌ وَهَذا أَدَبٌ في النُفوسِ وَالأَفعالِ +يُظهِرُ المَدحُ رَونَقَ الرَجُلِ الما جِدِ كَالسَيفِ يَزدَهي بِالصِقالِ +رُبَّ مَدحٍ أَذاعَ في الناسِ فَضلاً وَأَتاهُمُ بِقُدرَةٍ وَمِثالِ +وَثَناءٍ عَلى فَتى عَمَّ قَوماً قيمَةُ العِقدِ حُسنُ بَعضِ اللَآلي +إِنَّما يَقدُرُ الكِرامُ كَريمٌ وَيُقيمُ الرِجالُ وَزنَ الرِجالِ +وَإِذا عَظَّمَ البِلادَ بَنوها أَنَزَلتُهُم مَنازِلَ الإِجلالِ +تَوَّجَت هامَهُم كَما تَوَّجوها بِكَريمٍ مِنَ الثَناءِ وَغالي +إِنَّما واصِفٌ بِناءٌ مِنَ الأَخ لاقِ في دَولَةِ المَشارِقِ عالي +وَنَجيبٌ مُهَذَّبٌ مِن نَجيبٍ هَذَّبَتهُ تَجارِبُ الأَحوالِ +واهِبُ المالِ وَالشَبابِ لِما يَن فَعُ لا لِلهَوى وَلا لِلضَلالِ +وَمُذيقُ العُقولِ في الغَربِ مِمّا عَصَرَ العُربُ في السِنينَ الخَوالي +في كِتابٍ حَوى المَحاسِنَ في الشِع رِ وَأَوعى جَوائِزَ الأَمثالِ +مِن صِفاتٍ كَأَنَّها العَينُ صِدقاً في أَداءِ الوُجوهِ وَالأَشكالِ +وَنَسيبٌ تُحاذِرُ الغيدُ مِنهُ شَرَكَ الحُسنِ أَو شِباكَ الدَلالِ +وَنِظامٍ كَأَنَّهُ فَلَكُ اللَي لِ إِذا لاحَ وَهوَ بِالزُهرِ حالي +وَبَيانٍ كَما تَجَلّىعَلى الرُس لِ تَجَلّى عَلى رُعاةِ الضالِ +ما عِلمُنا لِغَيرِهِم مِن لِسانٍ زالَ أَهلوهُ وَهوَ في إِقبالِ +بَلِيَت هاشِمٌ وَبادَت نِزارٌ وَاللِسانُ المُبينُ لَيسَ بِبالي +كُلَّما هَمَّ مَجدُهُ بِزَوالٍ قامَ فَحلُ فَحالَ دونَ الزَوالِ +يا بَني مِصرَ لَم أَقُل أُمَّةَ ال قِبطِ فَهَذا تَشَبُّثٌ بِمُحالِ +وَاِحتِيالٌ عَلى خَيالٍ مِنَ المَج دِ وَدَعوى مِنَ العِراضِ الطِوالِ +إِنَّما نَحنُ مُسلِمينَ وَقِبطاً أُمَّةٌ وُحِّدَت عَلى الأَجيالِ +سَبَقَ النيلُ بِالأُبُوَّةِ فينا فَهوَ أَصلُ وَآدَمُ الجَدُّ تالي +نَحنُ مِن طينِهِ الكَريمِ عَلى اللَ هِ وَمِن مائِهِ القَراحِ الزُلالِ +مَرَّ ما مَرَّ مِن قُرونٍ عَلَينا رُسَّفاً في القُيودِ وَالأَغلالِ +وَاِنقَضى الدَهرُ بَينَ زَغرَدَةِ العُر سِ وَحَثوِ التُرابِ وَالإِعوالِ +ما تَحَلّى بِكُم يَسوعُ وَلا كُن نا لِطَهَ وَدينِهِ بِجَمالِ +وَتُضاعُ البِلادُ بِالقَومِ عَنها وَتُضاع�� الأُمورُ بِالإِهمالِ +يا شَبابَ الدِيارِ مِصرُ إِلَيكُم وَلِواءُ العَرينِ لِلأَشبالِ +كُلَّما رُوِّعَت بِشُبهَةِ بَأسٍ جَعَلَتكُم مَعاقِلَ الآمالِ +هَيِّؤوها لِما يَليقُ بِمَنفٍ وَكَريمِ الآثارِ وَالأَطلالِ +وَاِنهَضوا نَهضَةَ الشُعوبِ لِدُنيا وَحَياةٍ كَبيرَةِ الأَشغالِ +وَإِلى اللَهِ مَن مَشى بِصَليبٍ في يَدَيهِ وَمَن مَشى بِهِلالِ +ريمٌ عَلى القاعِ بَينَ البانِ وَالعَلَمِ أَحَلَّ سَفكَ دَمي في الأَشهُرِ الحُرُمِ +رَمى القَضاءُ بِعَينَي جُؤذَرٍ أَسَداً يا ساكِنَ القاعِ أَدرِك ساكِنَ الأَجَمِ +لَمّا رَنا حَدَّثَتني النَفسُ قائِلَةً يا وَيحَ جَنبِكَ بِالسَهمِ المُصيبِ رُمي +جَحَدتُها وَكَتَمتُ السَهمَ في كَبِدي جُرحُ الأَحِبَّةِ عِندي غَيرُ ذي أَلَمِ +رُزِقتَ أَسمَحَ ما في الناسِ مِن خُلُقٍ إِذا رُزِقتَ اِلتِماسَ العُذرِ في الشِيَمِ +يا لائِمي في هَواهُ وَالهَوى قَدَرٌ لَو شَفَّكَ الوَجدُ لَم تَعذِل وَلَم تَلُمِ +لَقَد أَنَلتُكَ أُذناً غَيرَ واعِيَةٍ وَرُبَّ مُنتَصِتٍ وَالقَلبُ في صَمَمِ +يا ناعِسَ الطَرفِ لا ذُقتَ الهَوى أَبَداً أَسهَرتَ مُضناكَ في حِفظِ الهَوى فَنَمِ +أَفديكَ إِلفاً وَلا آلو الخَيالَ فِدىً أَغراكَ باِلبُخلِ مَن أَغراهُ بِالكَرَمِ +سَرى فَصادَفَ جُرحاً دامِياً فَأَسا وَرُبَّ فَضلٍ عَلى العُشّاقِ لِلحُلُمِ +مَنِ المَوائِسُ باناً بِالرُبى وَقَناً اللاعِباتُ بِروحي السافِحاتُ دَمي +السافِراتُ كَأَمثالِ البُدورِ ضُحىً يُغِرنَ شَمسَ الضُحى بِالحَليِ وَالعِصَمِ +القاتِلاتُ بِأَجفانٍ بِها سَقَمٌ وَلِلمَنِيَّةِ أَسبابٌ مِنَ السَقَمِ +العاثِراتُ بِأَلبابِ الرِجالِ وَما أُقِلنَ مِن عَثَراتِ الدَلِّ في الرَسَمِ +المُضرِماتُ خُدوداً أَسفَرَت وَجَلَت عَن فِتنَةٍ تُسلِمُ الأَكبادَ لِلضَرَمِ +الحامِلاتُ لِواءَ الحُسنِ مُختَلِفاً أَشكالُهُ وَهوَ فَردٌ غَيرُ مُنقَسِمِ +مِن كُلِّ بَيضاءَ أَو سَمراءَ زُيِّنَتا لِلعَينِ وَالحُسنُ في الآرامِ كَالعُصُمِ +يُرَعنَ لِلبَصَرِ السامي وَمِن عَجَبٍ إِذا أَشَرنَ أَسَرنَ اللَيثَ بِالغَنَمِ +وَضَعتُ خَدّي وَقَسَّمتُ الفُؤادَ رُبيً يَرتَعنَ في كُنُسٍ مِنهُ وَفي أَكَمِ +يا بِنتَ ذي اللَبَدِ المُحَمّى جانِبُهُ أَلقاكِ في الغابِ أَم أَلقاكِ في الأُطُمِ +ما كُنتُ أَعلَمُ حَتّى عَنَّ مَسكَنُهُ أَنَّ المُنى وَالمَنايا مَضرِبُ الخِيَمِ +مَن أَنبَتَ الغُصنَ مِن صَمصامَةٍ ذَكَرٍ وَأَخرَجَ الريمَ مِن ضِرغامَةٍ قَرِمِ +بَيني وَبَينُكِ مِن سُمرِ القَنا حُجُبٌ وَمِثلُها عِفَّةٌ عُذرِيَّةُ العِصَمِ +لَم أَغشَ مَغناكِ إِلّا في غُضونِ كِرىً مَغناكَ أَبعَدُ لِلمُشتاقِ مِن إِرَمِ +يا نَفسُ دُنياكِ تُخفى كُلَّ مُبكِيَةٍ وَإِن بَدا لَكِ مِنها حُسنُ مُبتَسَمِ +فُضّي بِتَقواكِ فاهاً كُلَّما ضَحِكَت كَما يَفُضُّ أَذى الرَقشاءِ بِالثَرَمِ +مَخطوبَةٌ مُنذُ كانَ الناسُ خاطِبَةٌ مِن أَوَّلِ الدَهرِ لَم تُرمِل وَلَم تَئَمِ +يَفنى الزَمانُ وَيَبقى مِن إِساءَتِها جُرحٌ بِآدَمَ يَبكي مِنهُ في الأَدَمِ +لا تَحفَلي بِجَناها أَو جِنايَتِها المَوتُ بِالزَهرِ مِثلُ المَوتِ بِالفَحَمِ +كَم نائِمٍ لا يَراها وَهيَ ساهِرَةٌ لَولا الأَمانِيُّ وَالأَحلامُ لَم يَنَمِ +طَوراً تَمُدُّكَ في نُعمى وَعافِيَةٍ وَتارَةً في قَرارِ البُؤسِ وَالوَصَمِ +كَم ضَلَّلَتكَ وَمَن تُحجَب بَصيرَتُهُ إِن يَلقَ صابا يَرِد أَو عَلقَماً يَسُمُ +يا وَيلَتاهُ لِنَفسي راعَها وَدَها مُسوَدَّةُ الصُحفِ في مُبيَضَّةِ اللَمَمِ +رَكَضتُها في مَريعِ المَعصِياتِ وَما أَخَذتُ مِن حِميَةِ الطاعاتِ لِلتُخَمِ +هامَت عَلى أَثَرِ اللَذّاتِ تَطلُبُها وَالنَفسُ إِن يَدعُها داعي الصِبا تَهِمِ +صَلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ فَقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ +وَالنَفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وَخِمِ +تَطغى إِذا مُكِّنَت مِن لَذَّةٍ وَهَوىً طَغيَ الجِيادِ إِذا عَضَّت عَلى الشُكُمِ +إِن جَلَّ ذَنبي عَنِ الغُفرانِ لي أَمَلٌ في اللَهِ يَجعَلُني في خَيرِ مُعتَصِمِ +أَلقى رَجائي إِذا عَزَّ المُجيرُ عَلى مُفَرِّجِ الكَرَبِ في الدارَينِ وَالغَمَمِ +إِذا خَفَضتُ جَناحَ الذُلِّ أَسأَلُهُ عِزَّ الشَفاعَةِ لَم أَسأَل سِوى أُمَمِ +وَإِن تَقَدَّمَ ذو تَقوى بِصالِحَةٍ قَدَّمتُ بَينَ يَدَيهِ عَبرَةَ النَدَمِ +لَزِمتُ بابَ أَميرِ الأَنبِياءِ وَمَن يُمسِك بِمِفتاحِ بابِ اللَهِ يَغتَنِمِ +فَكُلُّ فَضلٍ وَإِحسانٍ وَعارِفَةٍ ما بَينَ مُستَلِمٍ مِنهُ وَمُلتَزِمِ +عَلَّقتُ مِن مَدحِهِ حَبلاً أُعَزُّ بِهِ في يَومِ لا عِزَّ بِالأَنسابِ وَاللُحَمِ +يُزري قَريضي زُهَيراً حينَ أَمدَحُهُ وَلا يُقاسُ إِلى جودي لَدى هَرِمِ +مُحَمَّدٌ صَفوَةُ الباري وَرَحمَتُهُ وَبُغيَةُ اللَهِ مِن خَلقٍ وَمِن نَسَمِ +وَصاحِبُ الحَوضِ يَومَ الرُسلِ سائِلَةٌ مَتى الوُرودُ وَجِبريلُ الأَمينُ ظَمي +سَناؤُهُ وَسَناهُ الشَمسُ طالِعَةً فَالجِرمُ في فَلَكٍ وَالضَوءُ في عَلَمِ +قَد أَخطَأَ النَجمَ ما نالَت أُبُوَّتُهُ مِن سُؤدُدٍ باذِخٍ في مَظهَرٍ سَنِمِ +نُموا إِلَيهِ فَزادوا في الوَرى شَرَفاً وَرُبَّ أَصلٍ لِفَرعٍ في الفَخارِ نُمي +حَواهُ في سُبُحاتِ الطُهرِ قَبلَهُمُ نورانِ قاما مَقامَ الصُلبِ وَالرَحِمِ +لَمّا رَآهُ بَحيرا قالَ نَعرِفُهُ بِما حَفِظنا مِنَ الأَسماءِ وَالسِيَمِ +سائِل حِراءَ وَروحَ القُدسِ هَل عَلِما مَصونَ سِرٍّ عَنِ الإِدراكِ مُنكَتِمِ +كَم جيئَةٍ وَذَهابٍ شُرِّفَت بِهِما بَطحاءُ مَكَّةَ في الإِصباحِ وَالغَسَمِ +وَوَحشَةٍ لِاِبنِ عَبدِ اللَهِ بينَهُما أَشهى مِنَ الأُنسِ بِالأَحسابِ وَالحَشَمِ +يُسامِرُ الوَحيَ فيها قَبلَ مَهبِطِهِ وَمَن يُبَشِّر بِسيمى الخَيرِ يَتَّسِمِ +لَمّا دَعا الصَحبُ يَستَسقونَ مِن ظَمَإٍ فاضَت يَداهُ مِنَ التَسنيمِ بِالسَنَمِ +وَظَلَّلَتهُ فَصارَت تَستَظِلُّ بِهِ غَمامَةٌ جَذَبَتها خيرَةُ الدِيَمِ +مَحَبَّةٌ لِرَسولِ اللَهِ أُشرِبَها قَعائِدُ الدَيرِ وَالرُهبانُ في القِمَمِ +إِنَّ الشَمائِلَ إِن رَقَّت يَكادُ بِها يُغرى الجَمادُ وَيُغرى كُلُّ ذي نَسَمِ +وَنودِيَ اِقرَأ تَعالى اللَهُ قائِلُها لَم تَتَّصِل قَبلَ مَن قيلَت لَهُ بِفَمِ +هُناكَ أَذَّنَ لِلرَحَمَنِ فَاِمتَلَأَت أَسماعُ مَكَّةَ مِن قُدسِيَّةِ النَغَمِ +فَلا تَسَل عَن قُرَيشٍ كَيفَ حَيرَتُها وَكَيفَ نُفرَتُها في السَهلِ وَالعَلَمِ +تَساءَلوا عَن عَظيمٍ قَد أَلَمَّ بِهِم رَمى المَشايِخَ وَالوِلدانِ بِاللَمَمِ +يا جاهِلينَ عَلى الهادي وَدَعوَتِهِ هَل تَجهَلونَ مَكانَ الصادِقِ العَلَمِ +لَقَّبتُموهُ أَمينَ القَومِ في صِغَرٍ وَما الأَمينُ عَلى قَولٍ بِمُتَّهَمِ +فاقَ البُدورَ وَفاقَ الأَنبِياءَ فَكَم بِالخُلقِ وَالخَلقِ مِن حُسنٍ وَمِن عِظَمِ +جاءَ النبِيّونَ بِالآياتِ فَاِنصَرَمَت وَجِئتَنا بِحَكيمٍ غَيرِ مُنصَرِمِ +آياتُهُ كُلَّما طالَ المَدى جُدُدٌ يَزينُهُنَّ جَلالُ العِتقِ وَالقِدَمِ +يَكادُ في لَفظَةٍ مِنهُ مُشَرَّفَةٍ يوصيكَ بِالحَقِّ وَالتَقوى وَبِالرَحِمِ +يا أَفصَحَ الناطِقينَ الضادَ قاطِبَةً حَديثُكَ الشَهدُ عِندَ الذائِقِ الفَهِمِ +حَلَّيتَ مِن عَطَلٍ جيدَ البَيانِ بِهِ في كُلِّ مُنتَثِرٍ في حُسنِ مُنتَظِمِ +بِكُلِّ قَولٍ كَريمٍ أَنتَ قائِلُهُ تُحيِ القُلوبَ وَتُحيِ مَيِّتَ الهِمَمِ +سَرَت بَشائِرُ باِلهادي وَمَولِدِهِ في الشَرقِ وَالغَربِ مَسرى النورِ في الظُلَمِ +تَخَطَّفَت مُهَجَ الطاغينَ مِن عَرَبٍ وَطَيَّرَت أَنفُسَ الباغينَ مِن عُجُمِ +ريعَت لَها شَرَفُ الإيوانِ فَاِنصَدَعَت مِن صَدمَةِ الحَقِّ لا مِن صَدمَةِ القُدُمِ +أَتَيتَ وَالناسُ فَوضى لا تَمُرُّ بِهِم إِلّا عَلى صَنَمٍ قَد هامَ في صَنَمِ +وَالأَرضُ مَملوءَةٌ جَوراً مُسَخَّرَةٌ لِكُلِّ طاغِيَةٍ في الخَلقِ مُحتَكِمِ +مُسَيطِرُ الفُرسِ يَبغي في رَعِيَّتِهِ وَقَيصَرُ الرومِ مِن كِبرٍ أَصَمُّ عَمِ +يُعَذِّبانِ عِبادَ اللَهِ في شُبَهٍ وَيَذبَحانِ كَما ضَحَّيتَ بِالغَنَمِ +وَالخَلقُ يَفتِكُ أَقواهُم بِأَضعَفِهِم كَاللَيثِ بِالبَهمِ أَو كَالحوتِ بِالبَلَمِ +أَسرى بِكَ اللَهُ لَيلاً إِذ مَلائِكُهُ وَالرُسلُ في المَسجِدِ الأَقصى عَلى قَدَمِ +لَمّا خَطَرتَ بِهِ اِلتَفّوا بِسَيِّدِهِم كَالشُهبِ بِالبَدرِ أَو كَالجُندِ بِالعَلَمِ +صَلّى وَراءَكَ مِنهُم كُلُّ ذي خَطَرٍ وَمَن يَفُز بِحَبيبِ اللَهِ يَأتَمِمِ +جُبتَ السَماواتِ أَو ما فَوقَهُنَّ بِهِم عَلى مُنَوَّرَةٍ دُرِّيَّةِ اللُجُمِ +رَكوبَةً لَكَ مِن عِزٍّ وَمِن شَرَفٍ لا في الجِيادِ وَلا في الأَينُقِ الرُسُمِ +مَشيئَةُ الخالِقِ الباري وَصَنعَتُهُ وَقُدرَةُ اللَهِ فَوقَ الشَكِّ وَالتُهَمِ +حَتّى بَلَغتَ سَماءً لا يُطارُ لَها عَلى جَناحٍ وَلا يُسعى عَلى قَدَمِ +وَقيلَ كُلُّ نَبِيٍّ عِندَ رُتبَتِهِ وَيا مُحَمَّدُ هَذا العَرشُ فَاِستَلِمِ +خَطَطتَ لِلدينِ وَالدُنيا عُلومَهُما يا قارِئَ اللَوحِ بَل يا لامِسَ القَلَمِ +أَحَطتَ بَينَهُما بِالسِرِّ وَاِنكَشَفَت لَكَ الخَزائِنُ مِن عِلمٍ وَمِن حِكَمِ +وَضاعَفَ القُربُ ما قُلِّدتَ مِن مِنَنٍ بِلا عِدادٍ وَما طُوِّقتَ مِن نِعَمِ +سَل عُصبَةَ الشِركِ حَولَ الغارِ سائِمَةً لَولا مُطارَدَةُ المُختارِ لَم تُسَمَ +هَل أَبصَروا الأَثَرَ الوَضّاءَ أَم سَمِعوا هَمسَ التَسابيحِ وَالقُرآنِ مِن أُمَمِ +وَهَل تَمَثَّلَ نَسجُ العَنكَبوتِ لَهُم كَالغابِ وَالحائِماتُ وَالزُغبُ كَالرُخَمِ +فَأَدبَروا وَوُجوهُ الأَرضِ تَلعَنُهُم كَباطِلٍ مِن جَلالِ الحَقِّ مُنهَزِمِ +لَولا يَدُ اللَهِ بِالجارَينَ ما سَلِما وَعَينُهُ حَولَ رُكنِ الدينِ لَم يَقُمِ +تَوارَيا بِجَناحِ اللَهِ وَاِستَتَرا وَمَن يَضُمُّ جَناحُ اللَهِ لا يُضَمِ +يا أَحمَدَ الخَيرِ لي جاهٌ بِتَسمِيَتي وَكَيفَ لا يَتَسامى بِالرَسولِ سَمي +المادِحونَ وَأَربابُ الهَوى تَبَعٌ لِصاحِبِ البُردَةِ الفَيحاءِ ذي القَدَمِ +مَديحُهُ فيكَ حُبٌّ خالِصٌ وَهَوىً وَصادِقُ الحُبِّ يُملي صادِقَ الكَلَمِ +اللَهُ يَشهَدُ أَنّي لا أُعارِضُهُ من ذا يُعارِضُ صَوبَ العارِضِ العَرِمِ +وَإِنَّما أَنا بَعضُ الغابِطينَ وَمَن يَغبِط وَلِيَّكَ لا يُذمَم وَلا يُلَمِ +هَذا مَقامٌ مِنَ الرَحمَنِ مُقتَبَسٌ تَرمي مَهابَتُهُ سَحبانَ بِالبَكَمِ +البَدرُ دونَكَ في حُسنٍ وَفي شَرَفٍ وَالبَحرُ دونَكَ في خَيرٍ وَفي كَرَمِ +شُمُّ الجِبالِ إِذا طاوَلتَها اِنخَفَضَت وَالأَنجُمُ الزُهرُ ما واسَمتَها تَسِمِ +وَاللَيثُ دونَكَ بَأساً عِندَ وَثبَتِهِ إِذا مَشَيتَ إِلى شاكي السِلاحِ كَمي +تَهفو إِلَيكَ وَإِن أَدمَيتَ حَبَّتَها في الحَربِ أَفئِدَةُ الأَبطالِ وَالبُهَمِ +مَحَبَّةُ اللَهِ أَلقاها وَهَيبَتُهُ عَلى اِبنِ آمِنَةٍ في كُلِّ مُصطَدَمِ +كَأَنَّ وَجهَكَ تَحتَ النَقعِ بَدرُ دُجىً يُضيءُ مُلتَثِماً أَو غَيرَ مُلتَثِمِ +بَدرٌ تَطَلَّعَ في بَدرٍ فَغُرَّتُهُ كَغُرَّةِ النَصرِ تَجلو داجِيَ الظُلَمِ +ذُكِرتَ بِاليُتمِ في القُرآنِ تَكرِمَةً وَقيمَةُ اللُؤلُؤِ المَكنونِ في اليُتُمِ +اللَهُ قَسَّمَ بَينَ الناسِ رِزقَهُمُ وَأَنتَ خُيِّرتَ في الأَرزاقِ وَالقِسَمِ +إِن قُلتَ في الأَمرِ لا أَو قُلتَ فيهِ نَعَم فَخيرَةُ اللَهِ في لا مِنكَ أَو نَعَمِ +أَخوكَ عيسى دَعا مَيتاً فَقامَ لَهُ وَأَنتَ أَحيَيتَ أَجيالاً مِنَ الزِمَمِ +وَالجَهلُ مَوتٌ فَإِن أوتيتَ مُعجِزَةً فَاِبعَث مِنَ الجَهلِ أَو فَاِبعَث مِنَ الرَجَمِ +قالوا غَزَوتَ وَرُسلُ اللَهِ ما بُعِثوا لِقَتلِ نَفسٍ وَلا جاؤوا لِسَفكِ دَمِ +جَهلٌ وَتَضليلُ أَحلامٍ وَسَفسَطَةٌ فَتَحتَ بِالسَيفِ بَعدَ الفَتحِ بِالقَلَمِ +لَمّا أَتى لَكَ عَفواً كُلُّ ذي حَسَبٍ تَكَفَّلَ السَيفُ بِالجُهّالِ وَالعَمَمِ +وَالشَرُّ إِن تَلقَهُ بِالخَيرِ ضِقتَ بِهِ ذَرعاً وَإِن تَلقَهُ بِالشَرِّ يَنحَسِمِ +سَلِ المَسيحِيَّةَ الغَرّاءَ كَم شَرِبَت بِالصابِ مِن شَهَواتِ الظالِمِ الغَلِمِ +طَريدَةُ الشِركِ يُؤذيها وَيوسِعُها في كُلِّ حينٍ قِتالاً ساطِعَ الحَدَمِ +لَولا حُماةٌ لَها هَبّوا لِنُصرَتِها بِالسَيفِ ما اِنتَفَعَت بِالرِفقِ وَالرُحَمِ +لَولا مَكانٌ لِعيسى عِندَ مُرسِلِهِ وَحُرمَةٌ وَجَبَت لِلروحِ في القِدَمِ +لَسُمِّرَ البَدَنُ الطُهرُ الشَريفُ عَلى لَوحَينِ لَم يَخشَ مُؤذيهِ وَلَم يَجِمِ +جَلَّ المَسيحُ وَذاقَ الصَلبَ شانِئُهُ إِنَّ العِقابَ بِقَدرِ الذَنبِ وَالجُرُمِ +أَخو النَبِيِّ وَروحُ اللَهِ في نُزُلٍ فَوقَ السَماءِ وَدونَ العَرشِ مُحتَرَمِ +عَلَّمتَهُم كُلَّ شَيءٍ يَجهَلونَ بِهِ حَتّى القِتالَ وَما فيهِ مِنَ الذِمَمِ +دَعَوتَهُم لِجِهادٍ فيهِ سُؤدُدُهُم وَالحَربُ أُسُّ نِظامِ الكَونِ وَالأُمَمِ +لَولاهُ لَم نَرَ لِلدَولاتِ في زَمَنٍ ما طالَ مِن عُمُدٍ أَو قَرَّ مِن دُهُمِ +تِلكَ الشَواهِدُ تَترى كُلَّ آوِنَةٍ في الأَعصُرِ الغُرِّ لا في الأَعصُرِ الدُهُمِ +بِالأَمسِ مالَت عُروشٌ وَاِعتَلَت سُرُرٌ لَو��ا القَذائِفُ لَم تَثلَم وَلَم تَصُمِ +أَشياعُ عيسى أَعَدّوا كُلَّ قاصِمَةٍ وَلَم نُعِدُّ سِوى حالاتِ مُنقَصِمِ +مَهما دُعيتَ إِلى الهَيجاءِ قُمتَ لَها تَرمي بِأُسدٍ وَيَرمي اللَهُ بِالرُجُمِ +عَلى لِوائِكَ مِنهُم كُلُّ مُنتَقِمٍ لِلَّهِ مُستَقتِلٍ في اللَهِ مُعتَزِمِ +مُسَبِّحٍ لِلِقاءِ اللَهِ مُضطَرِمٍ شَوقاً عَلى سابِخٍ كَالبَرقِ مُضطَرِمِ +لَو صادَفَ الدَهرَ يَبغي نَقلَةً فَرَمى بِعَزمِهِ في رِحالِ الدَهرِ لَم يَرِمِ +بيضٌ مَفاليلُ مِن فِعلِ الحُروبِ بِهِم مِن أَسيُفِ اللَهِ لا الهِندِيَّةُ الخُذُمُ +كَم في التُرابِ إِذا فَتَّشتَ عَن رَجُلٍ مَن ماتَ بِالعَهدِ أَو مَن ماتَ بِالقَسَمِ +لَولا مَواهِبُ في بَعضِ الأَنامِ لَما تَفاوَتَ الناسُ في الأَقدارِ وَالقِيَمِ +شَريعَةٌ لَكَ فَجَّرتَ العُقولَ بِها عَن زاخِرٍ بِصُنوفِ العِلمِ مُلتَطِمِ +يَلوحُ حَولَ سَنا التَوحيدِ جَوهَرُها كَالحَليِ لِلسَيفِ أَو كَالوَشيِ لِلعَلَمِ +غَرّاءُ حامَت عَلَيها أَنفُسٌ وَنُهىً وَمَن يَجِد سَلسَلاً مِن حِكمَةٍ يَحُمِ +نورُ السَبيلِ يُساسُ العالِمونَ بِها تَكَفَّلَت بِشَبابِ الدَهرِ وَالهَرَمِ +يَجري الزَمانُ وَأَحكامُ الزَمانِ عَلى حُكمٍ لَها نافِذٍ في الخَلقِ مُرتَسِمِ +لَمّا اِعتَلَت دَولَةُ الإِسلامِ وَاِتَّسَعَت مَشَت مَمالِكُهُ في نورِها التَمَمِ +وَعَلَّمَت أُمَّةً بِالقَفرِ نازِلَةً رَعيَ القَياصِرِ بَعدَ الشاءِ وَالنَعَمِ +كَم شَيَّدَ المُصلِحونَ العامِلونَ بِها في الشَرقِ وَالغَربِ مُلكاً باذِخَ العِظَمِ +لِلعِلمِ وَالعَدلِ وَالتَمدينِ ما عَزَموا مِنَ الأُمورِ وَما شَدّوا مِنَ الحُزُمِ +سُرعانَ ما فَتَحوا الدُنيا لِمِلَّتِهِم وَأَنهَلوا الناسَ مِن سَلسالِها الشَبِمِ +ساروا عَلَيها هُداةَ الناسِ فَهيَ بِهِم إِلى الفَلاحِ طَريقٌ واضِحُ العَظَمِ +لا يَهدِمُ الدَهرُ رُكناً شادَ عَدلَهُمُ وَحائِطُ البَغيِ إِن تَلمَسهُ يَنهَدِمِ +نالوا السَعادَةَ في الدارَينِ وَاِجتَمَعوا عَلى عَميمٍ مِنَ الرُضوانِ مُقتَسَمِ +دَع عَنكَ روما وَآثينا وَما حَوَتا كُلُّ اليَواقيتِ في بَغدادَ وَالتُوَمِ +وَخَلِّ كِسرى وَإيواناً يَدِلُّ بِهِ هَوىً عَلى أَثَرِ النيرانِ وَالأَيُمِ +وَاِترُك رَعمَسيسَ إِنَّ المُلكَ مَظهَرُهُ في نَهضَةِ العَدلِ لا في نَهضَةِ الهَرَمِ +دارُ الشَرائِعِ روما كُلَّما ذُكِرَت دارُ السَلامِ لَها أَلقَت يَدَ السَلَمِ +ما ضارَعَتها بَياناً عِندَ مُلتَأَمٍ وَلا حَكَتها قَضاءً عِندَ مُختَصَمِ +وَلا اِحتَوَت في طِرازٍ مِن قَياصِرِها عَلى رَشيدٍ وَمَأمونٍ وَمُعتَصِمِ +مَنِ الَّذينَ إِذا سارَت كَتائِبُهُم تَصَرَّفوا بِحُدودِ الأَرضِ وَالتُخَمِ +وَيَجلِسونَ إِلى عِلمٍ وَمَعرِفَةٍ فَلا يُدانَونَ في عَقلٍ وَلا فَهَمِ +يُطَأطِئُ العُلَماءُ الهامَ إِن نَبَسوا مِن هَيبَةِ العِلمِ لا مِن هَيبَةِ الحُكُمِ +وَيُمطِرونَ فَما بِالأَرضِ مِن مَحَلٍ وَلا بِمَن باتَ فَوقَ الأَرضِ مِن عُدُمِ +خَلائِفُ اللَهِ جَلّوا عَن مُوازَنَةٍ فَلا تَقيسَنَّ أَملاكَ الوَرى بِهِمِ +مَن في البَرِيَّةِ كَالفاروقِ مَعدَلَةً وَكَاِبنِ عَبدِ العَزيزِ الخاشِعِ الحَشِمِ +وَكَالإِمامِ إِذا ما فَضَّ مُزدَحِماً بِمَدمَعٍ ف�� مَآقي القَومِ مُزدَحِمِ +الزاخِرُ العَذبُ في عِلمٍ وَفي أَدَبٍ وَالناصِرُ النَدبِ في حَربٍ وَفي سَلَمِ +أَو كَاِبنِ عَفّانَ وَالقُرآنُ في يَدِهِ يَحنو عَلَيهِ كَما تَحنو عَلى الفُطُمِ +وَيَجمَعُ الآيَ تَرتيباً وَيَنظُمُها عِقداً بِجيدِ اللَيالي غَيرَ مُنفَصِمِ +جُرحانِ في كَبِدِ الإِسلامِ ما اِلتَأَما جُرحُ الشَهيدِ وَجُرحٌ بِالكِتابِ دَمي +وَما بَلاءُ أَبي بَكرٍ بِمُتَّهَمٍ بَعدَ الجَلائِلِ في الأَفعالِ وَالخِدَمِ +بِالحَزمِ وَالعَزمِ حاطَ الدينَ في مِحَنٍ أَضَلَّتِ الحُلمَ مِن كَهلٍ وَمُحتَلِمِ +وَحِدنَ بِالراشِدِ الفاروقِ عَن رُشدٍ في المَوتِ وَهوَ يَقينٌ غَيرُ مُنبَهِمِ +يُجادِلُ القَومَ مُستَلّاً مُهَنَّدَهُ في أَعظَمِ الرُسلِ قَدراً كَيفَ لَم يَدُمِ +لا تَعذُلوهُ إِذا طافَ الذُهولُ بِهِ ماتَ الحَبيبُ فَضَلَّ الصَبُّ عَن رَغَمِ +يا رَبِّ صَلِّ وَسَلِّم ما أَرَدتَ عَلى نَزيلِ عَرشِكَ خَيرِ الرُسلِ كُلِّهِمِ +مُحيِ اللَيالي صَلاةً لا يُقَطِّعُها إِلّا بِدَمعٍ مِنَ الإِشفاقِ مُنسَجِمِ +مُسَبِّحاً لَكَ جُنحَ اللَيلِ مُحتَمِلاً ضُرّاً مِنَ السُهدِ أَو ضُرّاً مِنَ الوَرَمِ +رَضِيَّةٌ نَفسُهُ لا تَشتَكي سَأَماً وَما مَعَ الحُبِّ إِن أَخلَصتَ مِن سَأَمِ +وَصَلِّ رَبّي عَلى آلٍ لَهُ نُخَبٍ جَعَلتَ فيهِم لِواءَ البَيتِ وَالحَرَمِ +بيضُ الوُجوهِ وَوَجهُ الدَهرِ ذو حَلَكٍ شُمُّ الأُنوفِ وَأَنفُ الحادِثاتِ حَمى +وَأَهدِ خَيرَ صَلاةٍ مِنكَ أَربَعَةً في الصَحبِ صُحبَتُهُم مَرعِيَّةُ الحُرَمِ +الراكِبينَ إِذا نادى النَبِيُّ بِهِم ما هالَ مِن جَلَلٍ وَاِشتَدَّ مِن عَمَمِ +الصابِرينَ وَنَفسُ الأَرضِ واجِفَةٌ الضاحِكينَ إِلى الأَخطارِ وَالقُحَمِ +يا رَبِّ هَبَّت شُعوبٌ مِن مَنِيَّتِها وَاِستَيقَظَت أُمَمٌ مِن رَقدَةِ العَدَمِ +سَعدٌ وَنَحسٌ وَمُلكٌ أَنتَ مالِكُهُ تُديلُ مِن نِعَمٍ فيهِ وَمِن نِقَمِ +رَأى قَضاؤُكَ فينا رَأيَ حِكمَتِهِ أَكرِم بِوَجهِكَ مِن قاضٍ وَمُنتَقِمِ +فَاِلطُف لِأَجلِ رَسولِ العالَمينَ بِنا وَلا تَزِد قَومَهُ خَسفاً وَلا تُسِمِ +يا رَبِّ أَحسَنتَ بَدءَ المُسلِمينَ بِهِ فَتَمِّمِ الفَضلَ وَاِمنَح حُسنَ مُختَتَمِ +كَبيرُ السابِقينَ مِنَ الكِرامِ بِرُغمي أَن أَنالَكَ بِالمَلامِ +مَقامُكَ فَوقَ ما زَعَموا وَلَكِن رَأَيتُ الحَقَّ فَوقَكَ وَالمَقامِ +لَقَد وَجَدوكَ مَفتوناً فَقالوا خَرَجتَ مِنَ الوَقارِ وَالاِحتِشامِ +وَقالَ البَعضُ كَيدُكَ غَيرُ خافٍ وَقالوا رَميَةٌ مِن غَيرِ رامِ +وَقيلَ شَطَطتَ في الكُفرانِ حَتّى أَرَدتَ المُنعِمينَ بِالاِنتِقامِ +غَمَرتَ القَومَ إِطراءً وَحَمداً وَهُم غَمَروكَ بِالنِعَمِ الجسامِ +رَأَوا بِالأَمسِ أَنفَكَ في الثُرَيّا فَكَيفَ اليَومَ أَصبَحَ في الرِغامِ +أَما وَاللَهِ ما عَلِموكَ إِلّا صَغيراً في وَلائِكَ وَالخِصامِ +إِذا ما لَم تَكُن لِلقَولِ أَهلاً فَما لَكَ في المَواقِفِ وَالكَلامِ +خَطَبتَ فَكُنتَ خَطباً لا خَطيباً أُضيفَ إِلى مَصائِبِنا العِظامِ +لُهِجتَ باِلاِحتِلالِ وَما أَتاهُ وَجُرحُكَ مِنهُ لَو أَحسَستَ دامي +وَما أَغناهُ عَمَّن قالَ فيهِ وَما أَغناكَ عَن هَذا التَرامي +أَحَبَّتكَ البِلادُ طَويلَ دَهرٍ وَذا ثَمَنُ الوَلاءِ وَالاِحتِرامِ +حَقَرتَ لَها زِماماً كُنتَ فيهِ لَعوباً بِالحُكومَةِ وَالذِمامِ +مَحاسِنُهُ غِراسُكَ وَالمَساوي لَكَ الثَمَرانِ مِن حَمدٍ وَذامِ +فَهَلّا قُلتَ لِلشانِ قَولاً يَليقُ بِحاِلِ الماضِيَ الهُمامِ +يَبُثُّ تَجارِبَ الأَيّامِ فيهِم وَيَدعو الرابِضينَ إِلى القِيامِ +خَطَبتَ عَلى الشَبيبَةِ غَيرَ دارٍ بِأَنَّكَ مِن مَشيبِكَ في مَنامِ +وَلَولا أَنَّ لِلأَوطانِ حُبّاً يُصِمُّ عَنِ الوِشايَةِ كَالغَرامِ +جَنَيتَ عَلى قُلوبِ الجَمعِ يَأساً كَأَنَّكَ بَينَهُم داعي الحِمامِ +أَراعَكَ مَقتَلٌ مِن مِصرَ باقٍ فَقُمتَ تَزيدُ سَهماً في السِهامِ +وَهَل تَرَكَت لَكَ السَبعونَ عَقلاً لِعِرفانِ الحَلالِ مِنَ الحَرامِ +أَلا أُنبيكَ عَن زَمَنٍ تَوَلّى فَتَذكُرَهُ وَدَمعُكَ في اِنسِجامِ +سَلِ الحِلمِيَّةَ الفَيحاءَ عَنهُ وَسَل داراً عَلى نورِ الظَلامِ +وَسَل مَن كانَ حَولَكَ عَبدَ جاهٍ يُريكَ الحُبَّ أَو باغي حُطامِ +رَأَوا إِرثاً سَيَذهَبُ بَعدَ حينٍ فَكانوا عُصبَةً في الاِقتِسامِ +وَنالوا السَمعَ مِن أُذُنٍ كَريمٍ فَنالوا مِنهُ أَنواعَ المَرامِ +هُمُ حِزبٌ وَسائِرُ مِصرَ حِزبٌ وَأَنتَ أَصَمُّ عَن داعي الوِئامِ +وَكَيفَ يَنالُ عَونَ اللَهِ قَومٌ سَراتُهُمُ عَوامِلُ الاِنقِسامِ +إِذا الأَحلامُ في قَومٍ تَوَلَّت أَتى الكُبَراءُ أَفعالَ الطَغامِ +فَيا تِلكَ اللَيالي لا تَعودي وَيا زَمَنَ النِفاقِ بِلا سَلامِ +أُحِبُّكِ مِصرُ مِن أَعماقِ قَلبي وَحُبُّكِ في صَميمِ القَلبِ نامي +سَيَجمَعُني بِكِ التاريخُ يَوماً إِذا ظَهَرَ الكِرامُ عَلى اللِئامِ +لِأَجلِكِ رُحتُ بِالدُنيا شَقِيّاً أَصُدُّ الوَجهَ وَالدُنيا أَمامي +وَأَنظُرُ جَنَّةً جَمَعَت ذِئاباً فَيَصرُفُني الإِباءُ عَنِ الزِحامِ +وَهَبتُكِ غَيرَ هَيّابٍ يَراعاً أَشَدَّ عَلى العَدُوِّ مِنَ الحُسامِ +سَيَكتُبُ عَنكِ فَوقَ ثَرى رِياضٍ وَفي التاريخِ صَفحَةَ الاِتِّهامِ +أَفي السَبعينَ وَالدُنيا تَوَلَّت وَلا يُرجى سِوى حُسنِ الخِتامِ +تَكونُ وَأَنتَ رِياضُ مِصرٍ عُرابي اليَومَ في نَظَرِ الأَنامِ +ضَجَّ الحِجازُ وَضَجَّ البَيتُ وَالحَرَمُ وَاِستَصرَخَت رَبَّها في مَكَّةَ الأُمَمُ +قَد مَسَّها في حِماكَ الضُرُّ فَاِقضِ لَها خَليفَةَ اللَهِ أَنتَ السَيِّدُ الحَكَمُ +لَكَ الرُبوعُ الَّتي ريعَ الحَجيجُ بِها أَلِلشَريفِ عَلَيها أَم لَكَ العَلَمُ +أُهينَ فيها ضُيوفُ اللَهِ وَاِضطُهِدوا إِن أَنتَ لَم تَنتَقِم فَاللَهُ مُنتَقِمُ +أَفي الضُحى وَعُيونُ الجُندِ ناظِرَةٌ تُسبى النِساءُ وَيُؤذى الأَهلُ وَالحَشَمُ +وَيُسفِكُ الدَمُ في أَرضٍ مُقَدَّسَةٍ وَتُستَباحُ بِها الأَعراضُ وَالحُرَمُ +يَدُ الشَريفِ عَلى أَيدي الوُلاةِ عَلَت وَنَعلُهُ دونَ رُكنِ البَيتِ تُستَلَمُ +نَيرونُ إِن قيسَ في بابِ الطُغاةِ بِهِ مُبالَغٌ فيهِ وَالحَجّاجُ مُتَّهَمُ +أَدِّبهُ أَدِّب أَميرَ المُؤمِنينَ فَما في العَفوِ عَن فاسِقٍ فَضلٌ وَلا كَرَمُ +لا تَرجُ فيهِ وَقاراً لِلرَسولِ فَما بَينَ البُغاةِ وَبَينَ المُصطَفى رَحِمُ +اِبنُ الرَسولِ فَتىً فيهِ شَمائِلُهُ وَفيهِ نَخوَتُهُ وَالعَهدُ وَالشَمَمُ +ما كانَ طَهَ لِرَهطِ الفاسِقينَ أَباً آلَ النَبِيِّ بِأَعلامِ الهُدى خُتِموا +خَليفَةَ اللَهِ شَكوى المُسلِمينَ رَقَت لِسُدَّةِ اللَهِ هَل تَرقى لَكَ الكَلِمُ +الحَجُّ رُكنٌ مِنَ الإِسلامِ نُكبِرُهُ وَاليَومَ يوشِكُ هَذا الرُكنُ يَنهَدِمُ +مِنَ الشَريفِ وَمِن أَعوانِهِ فَعَلَت نُعمى الزِيادَةِ ما لا تَفعَلُ النِقَمُ +عَزَّ السَبيلُ إِلى طَهَ وَتُربَتِهِ فَمَن أَرادَ سَبيلاً فَالطَريقُ دَمُ +مُحَمَّدٌ رُوِّعتَ في القَبرِ أَعظَمُهُ وَباتَ مُستَأمَناً في قَومِهِ الصَنَمُّ +وَخانَ عَونُ الرَفيقِ العَهدَ في بَلَدٍ مِنهُ العُهودُ أَتَت لِلناسِ وَالذِمَمُ +قَد سالَ بِالدَمِ مِن ذَبحٍ وَمِن بَشَرٍ وَاِحمَرَّ فيهِ الحِمى وَالأَشهُرُ الحُرُمُ +وَفُزِّعَت في الخُدورِ الساعِياتُ لَهُ الداعِياتُ وَقُربُ اللَهِ مُغتَنَمُ +آبَت ثَكالى أَيامى بَعدَ ما أَخَذَت مِن حَولِهِنَّ النَوى وَالأَينُقُ الرَسُمُ +حُرِمنَ أَنوارَ خَيرِ الخَلقِ مِن كَثَبٍ فَدَمعُهُنَّ مِنَ الحِرمانِ مُنسَجِمُ +أَيُّ الصَغائِرِ في الإِسلامِ فاشِيَةً تودى بِأَيسَرِها الدَولاتُ وَالأُمَمُ +يَجيشُ صَدري وَلا يَجري بِها قَلَمي وَلَو جَرى لَبَكى وَاِستَضحَكَ القَلَمُ +أَغضَيتُ ضَنّاً بِعِرضي أَن أَلَمَّ بِهِ وَقَد يَروقُ العَمى لِلحُرِّ وَالصَمَمِ +مَوِّه عَلى الناسِ أَو غالِطهُمُ عَبَثاً فَلَيسَ تَكتُمُهُم ما لَيسَ يَنكَتِمُ +مِنَ الزِيادَةِ في البَلوى وَإِن عَظُمَت أَن يَعلَمَ الشامِتونَ اليَومَ ما عَلِموا +كُلُّ الجِراحِ بِآلامٍ فَما لَمَسَت يَدُ العَدُوِّ فَثَمَّ الجُرحُ وَالأَلَمُ +وَالمَوتُ أَهوَنُ مِنها وَهيَ دامِيَةٌ إِذا أَساها لِسانٌ لِلعِدى وَفَمُ +رَبَّ الجَزيرَةِ أَدرِكها فَقَد عَبَثَت بِها الذِئابُ وَضَلَّ الراعِيَ الغَنَمُ +إِنَّ الَّذينَ تَوَلَّوا أَمرَها ظَلَموا وَالظُلمُ تَصحَبُهُ الأَهوالُ وَالظُلَمُ +في كُلِّ يَومٍ قِتالٌ تَقشَعِرُّ لَهُ وَفِتنَةٌ في رُبوعِ اللَهِ تَضطَرِمُ +أَزرى الشَريفُ وَأَحزابُ الشَريفِ بِها وَقَسَّموها كَإِرثِ المَيتِ وَاِنقَسَموا +لا تُجزِهِم عَنكَ حُلماً وَاِجزِهِم عَنَتاً في الحِلمِ ما يَسَمُ الأَفعالَ أَو يَصِمِ +كَفى الجَزيرَةَ ما جَرّوا لَها سَفَهاً وَما يُحاوِلُ مِن أَطرافِها العَجَمُ +تِلكَ الثُغورُ عَلَيها وَهيَ زينَتُها مَناهِلٌ عَذُبَت لِلقَومِ فَاِزدَحَموا +في كُلِّ لُجٍّ حَوالَيها لَهُم سُفُنٌ وَفَوقَ كُلِّ مَكانٍ يابِسٍ قَدَمُ +والاهُمُ أُمَراءُ السوءِ وَاِتَّفَقوا مَعَ العُداةِ عَلَيها فَالعُداةُ هُمُ +فَجَرِّدِ السَيفَ في وَقتٍ يُفيدُ بِهِ فَإِنَّ لِلسَيفِ يَوماً ثُمَّ يَنصَرِمُ +يا راكِبَ الريحِ حَيِّ النيلَ وَالهَرَما وَعَظِّمِ السَفحَ مِن سيناءَ وَالحَرَما +وَقِف عَلى أَثَرٍ مَرَّ الزَمانُ بِهِ فَكانَ أَثبَتَ مِن أَطوادِهِ قِمَما +وَاِخفِض جَناحَكَ في الأَرضِ الَّتي حَمَلَت موسى رَضيعاً وَعيسى الطُهرَ مُنفَطِما +وَأَخرَجَت حِكمَةَ الأَجيالِ خالِدَةً وَبَيَّنَت لِلعِبادِ السَيفَ وَالقَلَما +وَشُرِّفَت بِمُلوكٍ طالَما اِتَّخَذوا مَطِيَّهُم مِن مُلوكِ الأَرضِ وَالخَدَما +هَذا فَضاءٌ تُلِمُّ الريحُ خاشِعَةً بِهِ وَيَمشي عَلَيهِ الدَهرُ مُحتَشِما +فَمَرحَباً بِكُما مِن طالِعينَ بِهِ عَلى سِوى الطائ��رِ المَيمونِ ما قَدِما +عادَ الزَمانُ فَأَعطى بَعدَما حَرَما وَتابَ في أُذُنِ المَحزونِ فَاِبتَسَما +فَيا رَعى اللَهُ وَفداً بَينَ أَعيُنِنا وَيَرحَمُ اللَهُ ذاكَ الوَفدُ ما رَحِما +هُم أَقسَموا لِتَدينَنَّ السَماءُ لَهُم وَاليَومَ قَد صَدَّقوا في قَبرِهِم قَسَما +وَالناسُ باني بِناءٍ أَو مُتَمِّمُهُ وَثالِثٌ يَتَلافى مِنهُ ما اِنهَدَما +تَعاوُنٌ لا يُحِلُّ المَوتُ عُروَتَهُ وَلا يُرى بِيَدِ الأَرزاءِ مُنفَصِما +يا صاحِبي أَدرَميدٍ حَسبُها شَرَفاً أَنَّ الرِياحَ إِلَيها أَلقَتِ اللُجُما +وَأَنَّها جاوَزَت في القُدسِ مِنطَقَةً جَرى البِساطُ فَلَم يَجتَز لَها حَرَما +مَشَت عَلى أُفقٍ مَرَّ البُراقُ بِهِ فَقَبَّلَت أَثَراً لِلخُفِّ مُرتَسِما +وَمَسَّحَت بِالمُصَلّى فَاِكتَسَت شَرَفاً وَبِالمَغارِ المُعَلّى فَاِكتَسَت عِظَما +وَكُلَّما شاقَها حادٍ عَلى أُفُقٍ كانَت مَزاميرُ داوُدٍ هِيَ النَغَما +جَشَّمتُماها مِنَ الأَهوالِ أَربَعَةً الرَعدَ وَالبَرقَ وَالإِعصارَ وَالظُلَما +حَتّى حَوَتها سَماءُ النيلِ فَاِنحَدَرَت كَالنَسرِ أَعيا فَوافى الوَكرَ فَاِعتَصَما +يا آلَ عُثمانَ أَبناءَ العُمومَةِ هَل تَشكونَ جُرحاً وَلا نَشكو لَهُ أَلَما +إِذا حَزِنتُم حَزِنّا في القُلوبِ لَكُم كَالأُمِّ تَحمِلُ مِن هَمِّ اِبنِها سَقَما +وَكَم نَظَرنا بِكُم نُعمى فَجَسَّمَها لَنا السُرورُ فَكانَت عِندَنا نِعَما +وَنَبذُلُ المالَ لَم نُحمَل عَلَيهِ كَما يَقضي الكَريمُ حُقوقَ الأَهلِ وَالذِمَما +صَبراً عَلى الدَهرِ إِن جَلَّت مَصائِبُهُ إِنَّ المَصائِبَ مِمّا يوقِظُ الأُمَما +إِذا المُقاتِلُ مِن أَخلاقِهِم سَلَمَت فَكُلُّ شَيءٍ عَلى آثارِها سَلَما +وَإِنَّما الأُمَمُ الأَخلاقُ ما بَقِيَت فَإِن تَوَلَّت مَضَوا في إِثرِها قُدُما +نِمتُم عَلى كُلِّ ثارٍ لا قَرارَ لَهُ وَهَل يَنامُ مُصيبٌ في الشُعوبِ دَما +فَنالَ مِن سَيفِكُم مَن كانَ ساقِيَهُ كَما تَنالُ المُدامُ الباسِلَ القَدَما +قالَ العَذولُ خَرَجنا في مَحَبَّتِكُم مِنَ الوَقارِ فَيا صِدقَ الَّذي زَعَما +فَما عَلى المَرءِ في الأَخلاقِ مِن حَرَجٍ إِذا رَعى صِلَةً في اللَهِ أَو رَحِما +وَلَو وَهَبتُم لَنا عُليا سِيادَتِكُم ما زادَنا الفَضلُ في إِخلاصِنا قُدُما +نَحنو عَلَيكُم وَلا نَنسى لَنا وَطَناً وَلا سَريراً وَلا تاجاً وَلا عَلَما +هَذي كَرائِمُ أَشياءِ الشُعوبِ فَإِن ماتَت فَكُلُّ وُجودٍ يُشبِهُ العَدَما +عَلَّمتَ بِالقَلَمِ الحَكيمِ وَهَدَيتَ بِالنَجمِ الكَريمِ +وَأَتَيتَ مِن مِحرابِهِ بِأَرِسطَطاليسَ العَظيمِ +مَلِكِ العُقولِ وَإِنَّها لَنِهايَةُ المُلكِ الجَسيمِ +شَيخُ اِبنِ رُشدٌ وَاِبنِ سي نا وَاِبنِ بَرقَينِ الحَكيمِ +مَن كانَ في هَديِ المَسي حِ وَكانَ في رُشدِ الكَليمِ +وَغَدا وَراحَ مُوَحِّداً قَبلَ البَنِيَّةِ وَالحَطيمِ +صَوتُ الحَقيقَةِ بَينَ رَع دِ الجاهِلِيَّةِ وَالهَزيمِ +ما بَينَ عادِيَةِ السَوا مِ وَبَينَ طُغيانِ المَسيمِ +يَبني الشَرائِعَ لِلعُصو رِ بِناءَ جَبّارٍ رَحيمِ +وَيُفَصِّلُ الأَخلاقَ لِل أَجيالِ تَفصيلَ اليَتيمِ +في واضِحٍ لَحبِ الطَري قِ مِنَ المَذاهِبِ مُستَقيمِ +وَرَسائِلٍ مِثلِ السُلا فِ إِذا تَمَشَّ�� في النَديمِ +قُدسِيَّةُ النَفَحاتِ تُس كِرُ بِالمَذاقِ وَبِالشَميمِ +يا لُطفِ أَنتَ هُوَ الصَدى مِن ذَلِكَ الصَوتِ الرَخيمِ +أَرجُ الرِياضِ نَقَلتَهُ وَنَسَختَهُ نَسخَ النَسيمِ +وَسَرَيتَ مِن شَعبِ الأَلَم بِ بِهِ إِلى وادي الصَريمِ +فَتجارَتِ اللُغَتانِ لِل غاياتِ في الحَسِبِ الصَميمِ +لُغَةٌ مِنَ الإِغريقِ قَي يِمَةٌ وَأُخرى مِن تَميمِ +وَأَتَيتَنا بِمُفَصَّلٍ بِالتِبرِ عُلوِيِّ الرَقيمِ +هُوَ ضِنَّةُ المُثري مِنَ ال أَخلاقِ أَو مالُ العَديمِ +مَشّاءَ هَذا العَصرِ قِف حَدِّث عَنِ العُصُرِ القَديمِ +مَثِّل لَنا اليونانَ بَي نَ العِلمِ وَالخُلُقِ القَويمِ +أَخلاقُها نورُ السَبي لِ وَعِلمُها نورُ الأَديمِ +وَشَبابُها يَتَعَلَّمو نَ عَلى الفَراقِدِ وَالنُجومِ +لَمَسوا الحَقيقَةَ في الفُنو نِ وَأَدرَكوها في العُلومِ +حَلَّت مَكاناً عِندَهُم فَوقَ المُعَلِّمِ وَالزَعيمِ +وَالجَهلُ حَظُّكَ إِن أَخَذ تَ العِلمَ مِن غَيرِ العَليمِ +وَلَرُبَّ تَعليمٍ سَرى بِالنَشءِ كَالمَرَضِ المُنيمِ +يَتَلَبَّسُ الحُلُمُ اللَذي ذُ عَلَيهِ بِالحُلُمِ الأَثيمِ +وَمَدارِسٌ لا تُنهِضُ ال أَخلاقَ دارِسَةَ الرُسومِ +يَمشي الفَسادُ بِنَبتِها مَشيَ الشَرارَةِ بِالهَشيمِ +لَمّا رَأَيتُ سَوادَ قَو مي في دُجى لَيلٍ بَهيمِ +يُسقَونَ مِن أُمِّيَّةٍ هِيَ غُصَّةُ الوَطَنِ الكَظيمِ +وَسُراتُهُم في مُقعِدٍ مِن مَطلَبِ الدُنيا مُقيمِ +يَسعَونَ لِلجاهِ العَظي مِ وَلَيسَ لِلحَقِّ الهَضيمِ +وَبَصُرتُ بِالدُستورِ يُز هَقُ وَهوَ في عُمرِ الفَطيمِ +لَم يَنجُ مِن كَيدِ العَدُو وِ لَهُ وَمِن عَبَثِ الحَميمِ +أَيقَنتَ أَنَّ الجَهلَ عِل لَةُ كُلِّ مُجتَمَعٍ سَقيمِ +وَأَتَيتُ يا رَبَّ النَثي رِ بِما تُحِبُّ مِنَ النَظيمِ +أَحزِ اِجتِهادَكَ في جَنى الثَمَراتِ لِلنَشءِ النَهيمِ +مِن رَوضَةِ العِلمِ الصَحي حِ وَرَبوَةِ الأَدَبِ السَليمِ +العاشِقينَ العِلمَ لا يَألونَهُ طَلَبَ الغَريمِ +المُعرِضينَ عَنِ الصَغا ئِرِ وَالسِعايَةِ وَالنَميمِ +قَسَماً بِمَذهَبِكَ الجَمي لِ وَوَجهِ صُحبَتِكَ القَسيمِ +وَقَديمِ عَهدٍ لا ضَئي لٍ في الوِدادِ وَلا ذَميمِ +ما كُنتَ يَوماً لِلكِنا نَةِ بِالعَدُوِّ وَلا الخَصيمِ +لَمّا تَلاحى الناسُ لَم تَنزِل إِلى المَرعى الوَخيمِ +كَم شاتِمٍ قابَلتَهُ بِتَرَفُّعِ الأَسَدِ الشَتيمِ +وَشَغَلتَ نَفسَكَ بِالخَصي بِ مِنَ الجُهودِ عَنِ العَقيمِ +فَخَدَمتَ بِالعِلمِ البِلا دَ وَلَم تَزَل أَوفى خَديمِ +وَالعِلمُ بَنّاءُ المآ ثِرِ وَالمَمالِكِ مِن قَديمِ +كَسَروا بِهِ نيرَ الهَوا نِ وَحَطَّموا ذُلَّ الشَكيمِ +إِلامَ الخُلفُ بَينَكُمُ إِلاما وَهَذي الضَجَّةُ الكُبرى عَلاما +وَفيمَ يَكيدُ بَعضُكُمُ لِبَعضٍ وَتُبدونَ العَداوَةَ وَالخِصاما +وَأَينَ الفَوزُ لا مِصرُ اِستَقَرَّت عَلى حالٍ وَلا السودانُ داما +وَأَينَ ذَهَبتُمُ بِالحَقِّ لَمّا رَكِبتُم في قَضِيَّتِهِ الظَلاما +لَقَد صارَت لَكُم حُكماً وَغُنماً وَكانَ شِعارُها المَوتَ الزُؤاما +وَثِقتُم وَاِتَّهَمتُم في اللَيالي فَلا ثِقَةً أَدَمنَ وَلا اِتِّهاما +شَبَبتُم بَينَكُم في القُطرِ ناراً عَلى مُحتَلِّهِ كانَت سَلاما +إِذا ما راضَها بِالعَقلِ قَومٌ أَجَدَّ لَها هَوى قَومٍ ضِراما +تَرامَيتُم فَقالَ الناسُ قَومٌ إِلى الخِذلانِ أَمرُهُمُ تَرامى +وَكانَت مِصرُ أَوَّلَ مَن أَصَبتُم فَلَم تُحصِ الجِراحَ وَلا الكِلاما +إِذا كانَ الرِماةُ رِماةَ سوءٍ أَحَلّوا غَيرَ مَرماها السِهاما +أَبَعدَ العُروَةِ الوُثقى وَصَفٍّ كَأَنيابِ الغِضَنفَرِ لَن يُراما +تَباغَيتُم كَأَنَّكُمُ خَلايا مِنَ السَرَطانِ لا تَجِدُ الضِماما +أَرى طَيّارَهُم أَوفى عَلَينا وَحَلَّقَ فَوقَ أَرؤُسِنا وَحاما +وَأَنظُرُ جَيشَهُم مِن نِصفِ قَرنٍ عَلى أَبصارِنا ضَرَبَ الخِياما +فَلا أُمَناؤُنا نَقَصوهُ رُمحاً وَلا خُوّانُنا زادوا حُساما +وَنَلقى الجَوَّ صاعِقَةً وَرَعداً إِذا قَصرُ الدُبارَةِ فيهِ غاما +إِذا اِنفَجَرَت عَلَينا الخَيلُ مِنهُ رَكِبنا الصَمتَ أَو قُدنا الكَلاما +فَأُبنا بِالتَخاذُلِ وَالتَلاحي وَآبَ مِمّا اِبتَغى مِنّا وَراما +مَلَكنا مارِنَ الدُنيا بِوَقتٍ فَلَم نُحسِن عَلى الدُنيا القِياما +طَلَعنا وَهيَ مُقبِلَةٌ أُسوداً وَرُحنا وَهيَ مُدبِرَةٌ نَعاما +وَلينا الأَمرَ حِزباً بَعدَ حِزبٍ فَلَم نَكُ مُصلِحينَ وَلا كِراما +جَعَلنا الحُكمَ تَولِيَةً وَعَزلاً وَلَم نَعدُ الجَزاءَ وَالاِنتِقاما +وَسُسنا الأَمرَ حينَ خَلا إِلَينا بِأَهواءِ النُفوسِ فَما اِستَقاما +إِذا التَصريحُ كانَ بِراحَ كُفرٍ فَلِم جُنَّ الرِجالُ بِهِ غَراما +وَكَيفَ يَكونُ في أَيدٍ حَلالاً وَفي أُخرى مِنَ الأَيدي حَراما +وَما أَدرى غَداةَ سُقيتُموهُ أَتِرياقاً سُقيتُمُ أَم سِماما +شَهيدَ الحَقِّ قُم تَرَهُ يَتيماً بِأَرضٍ ضُيِّعَت فيها اليَتامى +أَقامَ عَلى الشِفاهِ بِها غَريباً وَمَرَّ عَلى القُلوبِ فَما أَقاما +سَقِمتَ فَلَم تَبِت نَفسٌ بِخَيرٍ كَأَنَّ بِمُهجَةِ الوَطَنِ السَقاما +وَلَم أَرَ مِثلَ نَعشِكَ إِذ تَهادى فَغَطّى الأَرضَ وَاِنتَظَمَ الأَناما +تَحَمَّلَ هِمَّةً وَأَقَلَّ ديناً وَضَمَّ مُروءَةً وَحَوى زِماما +وَما أَنساكَ في العِشرينَ لَمّا طَلَعتَ حِيالَها قَمَراً تَماما +يُشارُ إِلَيكَ في النادي وَتُرمى بِعَينَي مَن أَحَبَّ وَمَن تَعامى +إِذا جِئتَ المَنابِرَ كُنتَ قُسّاً إِذا هُوَ في عُكاظَ عَلا السَناما +وَأَنتَ أَلَذُّ لِلحَقِّ اِهتِزازاً وَأَلطَفُ حينَ تَنطِقُهُ اِبتِساما +وَتَحمُلُ في أَديمِ الحَقِّ وَجهاً صُراحاً لَيسَ يَتَّخِذُ اللِثاما +أَتَذكُرُ قَبلَ هَذا الجيلِ جيلاً سَهِرنا عَن مُعَلِّمِهِم وَناما +مِهارُ الحَقِّ بَغَّضَنا إِلَيهِم شَكيمَ القَيصَرِيَّةِ وَاللِجاما +لِواؤُكَ كانَ يَسقيهِم بِجامٍ وَكانَ الشِعرُ بَينَ يَدَيَّ جاما +مِنَ الوَطَنِيَّةِ اِستَبقَوا رَحيقاً فَضَضنا عَن مُعَتِّقِها الخِتاما +غَرَسنا كَرمَها فَزَكا أُصولاً بِكُلِّ قَرارَةٍ وَزَكا مُداما +جَمَعتَهُمُ عَلى نَبَراتِ صَوتٍ كَنَفخِ الصورِ حَرَّكَتِ الرِجاما +لَكَ الخُطَبُ الَّتي غَصَّ الأَعادي بِسَورَتِها وَساغَت لِلنُدامى +فَكانَت في مَرارَتِها زَئيراً وَكانَت في حَلاوَتِها بُغاما +بِكَ الوَطَنِيَّةُ اِعتَدَلَت وَكانَت حَديثاً مِن خُرافَةٍ أَو مَناما +بَنَيتَ قَضِيَّةَ الأَوطانِ مِنها وَصَيَّرتَ الجَلاءَ لَها دِعاما +هَزَزتَ بَني الزَمانِ بِهِ صَب��يّاً وَرُعتَ بِهِ بَني الدُنيا غُلاما +الدَهرُ يَقظانُ وَالأَحداثُ لَم تَنَمِ فَما رُقادُكُمُ يا أَشرَفَ الأُمَمِ +لَعَلَّكُم مِن مِراسِ الحَربِ في نَصَبٍ وَهَذِهِ ضَجعَةُ الآسادِ في الأَجَمِ +لَقَد فَتَحتُم فَأَعرَضتُم عَلى شَبَعٍ وَالفَتحُ يَعتَرِضُ الدَولاتِ بِالتُخَمِ +هَبّوا بِكُم وَبِنا لِلمَجدِ في زَمَنٍ مَن لَم يَكُن فيهِ ذِئباً كانَ في الغَنَمِ +هَذا الزَمانُ تُناديكُم حَوادِثُهُ يا دَولَةَ السَيفِ كوني دَولَةَ القَلَمِ +فَالسَيفُ يَهدِمُ فَجراً ما بَنى سَحَراً وَكُلُّ بُنيانِ عِلمٍ غَيرُ مُنهَدِمِ +قَد ماتَ في السِلمِ مَن لا رَأيَ يَعصِمُهُ وَسَوَّتِ الحَربُ بَينَ البَهمِ وَالبُهَمِ +وَأَصبَحَ العِلمُ رُكنَ الآخِذينَ بِهِ مَن لا يُقِم رُكنَهُ العِرفانُ لَم يَقُمِ +الناسُ تَسحَبُ فَضفاضَ الغَنِيِّ مَرَحاً وَنَحنُ نَلبُسُ عَنهُ ضيقَةَ العُدُمِ +يا فِتيَةَ التُركِ حَيّا اللَهُ طَلعَتَكُم وَصانَكُم وَهَداكُم صادِقَ الخِدَمِ +أَنتُم غَدُ المُلكِ وَالإِسلامِ لا بَرِحا مِنكُم بِخَيرِ غَدٍ في المَجدِ مُبتَسِمِ +تُحِلُّكُم مِصرُ مِنها في ضَمائِرِها وَتُعلِنُ الحُبَّ جَمّاً غَيرَ مُتَّهَمِ +فَنَحنُ إِن بَعُدَت دارٌ وَإِن قَرُبَت جارانِ في الضادِ أَو في البَيتِ وَالحَرَمِ +ناهيكَ بِالسَبَبِ الشَرقِيِّ مِن نَسَبٍ وَحَبَّذا سَبَبُ الإِسلامِ مِن رَحِمِ +شَملُ اللُغاتِ لَدى الأَقوامِ مُلتَئِمٌ وَالضادُ فينا بِشَملٍ غَيرِ مُلتَئِمِ +فَقَرِّبوا بَينَنا فيها وَبَينَكُمُ فَإِنَّها أَوثَقُ الأَسبابِ وَالذِمَمِ +وَكُلُّنا إِن أَخَذنا بِالفَلاحِ يَدٌ وَسَعَينا قَدَمٌ فيهِ إِلى قَدَمِ +فَلا تَكونُنَّ تُركِيّا الفَتاةُ وَلا تِلكَ العَجوزَ وَكونوا تُركِيا القِدَمِ +فَسَيفُها سَيفُها في كُلِّ مُعتَرَكٍ وَعَدلُها طَوَّقَ الإِسلامَ بِالنِعَمِ +هَزَّ اللِواءُ بِعِزِّكَ الإِسلامُ وَعَنَت لِقائِمِ سَيفِكَ الأَيّامُ +وَاِنقادَتِ الدُنيا إِلَيكَ فَحَسبُها عُذراً قِيادٌ أَسلَسَت وَزِمامُ +وَمَشى الزَمانُ إِلى سَريرِكَ تائِباً خَجِلاً عَلَيهِ الذُلُّ وَالإِرغامِ +عَرشُ النَبِيِّ مُحَمَّدٍ جَنَباتُهُ نورٌ وَرَفرَفُهُ الطَهورُ غَمامُ +لَمّا جَلَستَ سَما وَعَزَّ كَأَنَّما هارونُ وَاِبناهُ عَلَيهِ قِيامُ +البَحرُ مَحشودُ البَوارِجِ دونَهُ وَالبَرُّ تَحتَ ظِلالِهِ آجامُ +نَعَمَ الرَعِيَّةُ في ذَراكَ وَنَضَّرَت أَيّامَهُم في ظِلِّكَ الأَحكامُ +في كُلِّ ناحِيَةٍ وَكُلِّ قَبيلَةٍ عَدلٌ وَأَمنٌ مورِفٌ وَوِئامُ +حَمَلَ الصَليبُ إِلَيكَ مِن فِتيانِهِ جُنداً وَقاتَلَ دونَكَ الحاخامُ +وَالدينُ لَيسَ بِرافِعٍ مُلكاً إِذا لَم يَبدُ لِلدُنيا عَلَيهِ نِظامُ +بِاللَهِ قَد دانَ الجَميعُ وَشَأنُهُم بِاللَهِ ثُمَّ بِعَرشِكَ اِستِعصامُ +يا اِبنَ الَّذينَ إِذا الحُروبُ تَتابَعَت صَلَّوا عَلى حَدِّ السُيوفِ وَصاموا +المُظهِرينَ لِنورِ بَدرٍ بَعدَما خيفَ المَحاقُ عَلَيهِ وَالإِظلامُ +عِشرونَ خاقاناً نَمَوكَ وَعَشرَةٌ غُرُّ الفُتوحِ خَلائِفٌ أَعلامُ +نَسَبٌ إِذا ذُكِرَ المُلوكُ فَإِنَّهُ لِرَفيعِ أَنسابِ المُلوكِ سَنامُ +لا تَحفَلَنَّ مِنَ الجِراحِ بَقِيَّةً إِنَّ البَقِيَّةَ في غَدٍ تَلتامُ +جَرَتِ النُحوسُ لِغايَةٍ فَتَبَدَّلَت وَلِكُلِّ شَيءٍ غايَةٌ وَتَمامُ +تَعِبَت بِأُمَّتِكَ الخُطوبُ فَأَقصَرَت وَالدَهرُ يُقصِرُ وَالخُطوبُ تَنامُ +لَبِثَت تَنوشُهُمُ الحَوادِثُ حِقبَةً وَتَصُدُّها الأَخلاقُ وَالأَحلامُ +وَلَقَد يُداسُ الذِئبُ في فَلَواتِهِ وَيُهابُ بَينَ قُيودِهِ الضِرغامُ +زِدهُم أَميرَ المُؤمِنينَ مِنَ القُوى إِنَّ القُوى عِزٌّ لَهُم وَقَوامُ +المُلكُ وَالدُوَلاتُ ما يَبني القَنا وَالعِلمُ لا ما تَرفَعُ الأَحلامُ +وَالحَقُّ لَيسَ وَإِن عَلا بِمُؤَيَّدٍ حَتّى يُحَوِّطَ جانِبَيهِ حُسامُ +خَطَّ النَبِيُّ بِراحَتَيهِ خَندَقاً وَمَشى يُحيطُ بِهِ قَناً وَسِهامُ +يا بَربَروسُ عَلى ثَراكَ تَحِيَّةٌ وَعَلى سَمِيِّكَ في البِحارِ سَلامُ +أَعَلِمتَ ما أَهدى إِلَيكَ عِصابَةٌ غُرُّ المَآثِرِ مِن بَنيكَ كِرامُ +نَشَروا حَديثَكَ في البَرِيَّةِ بَعدَ ما هَمَّت بِطَيِّ حَديثِكَ الأَيّامُ +خَصّوكَ مِن أُسطولِهِم بِدَعامَةٍ يُبنى عَلَيها رُكنُهُ وَيُقامُ +شَمّاءُ في عَرضِ الخِضَمِّ كَأَنَّها بُرجٌ بِذاتِ الرَجعِ لَيسَ يُرامُ +كانَت كَبَعضِ البارِجاتِ فَحَفَّها لَمّا تَحَلَّت بِاِسمِكَ الإِعظامُ +ما ماتَ مِن نُبُلِ الرِجالِ وَفَضلِهِم يَحيا لَدى التاريخِ وَهوَ عِظامُ +يَمضي وَيُنسى العالَمونَ وَإِنَّما تَبقى السُيوفُ وَتَخلُدُ الأَقلامُ +وَتَلاكَ طُرغودُ كَما قَد كُنتُما جَنباً لِجَنبٍ وَالعُبابُ ضِرامُ +أَرسى عَلى بابِ الإِمامِ كَأَنَّهُ لِلفُلكِ مِن فَرطِ الجَلالِ إِمامُ +جَمَعَتكُما الأَيّامُ بَعدَ تَفَرُّقٍ ما لِلِقاءِ وَلِلفُراقِ دَوامُ +سَيَشُدُّ أَزرَكَ وَالشَدائِدُ جُمَّةٌ وَيُعِزُّ نَصرَكَ وَالخُطوبُ جِسامُ +ما السُفنُ في عَدَدِ الحَصى بِنَوافِعٍ حَتّى يَهُزَّ لِواءَها مِقدامُ +لَمّا لَمَحتُكُما سَكَبتُ مَدامِعي فَرَحاً وَطالَ تَشَوُّفٌ وَقِيامُ +وَسَأَلتُ هَل مِن لُؤلُؤٍ أَو طارِقٍ في البَحرِ تَخفُقُ فَوقَهُ الأَعلامُ +يا مَعشَرَ الإِسلامِ في أُسطولِكُم عِزٌّ لَكُم وَوِقايَةٌ وَسَلامُ +جودوا عَلَيهِ بِمالِكُم وَاِقضوا لَهُ ما توجِبُ الأَعلاقُ وَالأَرحامُ +لا الهِندُ قَد كَرُمَت وَلا مِصرٌ سَخَت وَالغَربُ قَصَّرَ عَن نَدىً وَالشامُ +سَيلُ المَمالِكِ جارِفٌ مِن شِدَّةٍ وَقُوىً وَأَنتُم في الطَريقِ نِيامُ +حُبُّ السِيادَةِ في شَمائِلِ دينِكُم وَالجِدُّ روحٌ مِنهُ وَالإِقدامُ +وَالعِلمُ مِن آياتِهِ الكُبرى إِذا رَجَعَت إِلى آياتِهِ الأَقوامُ +لَو تُقرِؤونَ صِغارَكُم تاريخَهُ عَرَفَ البَنونُ المَجدَ كَيفَ يُرامُ +كَم واثِقٍ بِالنَفسِ نَهّاضٍ بِها سادَ البَرِيَّةَ فيهِ وَهوَ عِصامُ +يا أُختَ أَندَلُسٍ عَلَيكِ سَلامُ هَوَتِ الخِلافَةُ عَنكِ وَالإِسلامُ +نَزَلَ الهِلالُ عَنِ السَماءِ فَلَيتَها طُوِيَت وَعَمَّ العالَمينَ ظَلامُ +أَزرى بِهِ وَأَزالَهُ عَن أَوجِهِ قَدَرٌ يَحُطُّ البَدرَ وَهوَ تَمامُ +جُرحانِ تَمضي الأُمَّتانِ عَلَيهِما هَذا يَسيلُ وَذاكَ لا يَلتامُ +بِكُما أُصيبَ المُسلِمونَ وَفيكُما دُفِنَ اليَراعُ وَغُيِّبَ الصَمصامُ +لَم يُطوَ مَأتَمُها وَهَذا مَأتَمٌ لَبِسوا السَوادَ عَلَيكِ فيهِ وَقاموا +ما بَينَ مَصرَعِها وَمَصرَعِكِ اِنقَضَت فيما نُ��ِبُّ وَنَكرَهُ الأَيّامُ +خَلَتِ القُرونُ كَلَيلَةٍ وَتَصَرَّمَت دُوَلُ الفُتوحِ كَأَنَّها أَحلامُ +وَالدَهرُ لا يَألو المَمالِكَ مُنذِراً فَإِذا غَفَلنَ فَما عَلَيهِ مَلامُ +مَقدونِيا وَالمُسلِمونَ عَشيرَةٌ كَيفَ الخُئولَةُ فيكِ وَالأَعمامُ +أَتَرَينَهُم هانوا وَكانَ بِعِزِّهِم وَعُلُوِّهِم يَتَخايَلُ الإِسلامُ +إِذ أَنتِ نابُ اللَيثِ كُلَّ كَتيبَةٍ طَلَعَت عَلَيكِ فَريسَةٌ وَطَعامُ +ما زالَتِ الأَيّامُ حَتّى بُدِّلَت وَتَغَيَّرَ الساقي وَحالَ الجامُ +أَرَأَيتِ كَيفَ أُديلَ مِن أُسدِ الشَرى وَشَهِدتِ كَيفَ أُبيحَتِ الآجامُ +زَعَموكِ هَمّاً لِلخِلافَةِ ناصِباً وَهَلِ المَمالِكُ راحَةٌ وَمَنامُ +وَيَقولُ قَومٌ كُنتِ أَشأَمَ مَورِدٍ وَأَراكِ سائِغَةً عَلَيكِ زِحامُ +وَيَراكِ داءَ المُلكُ ناسُ جَهالَةٍ بِالمُلكِ مِنهُم عِلَّةٌ وَسَقامُ +لَو آثَروا الإِصلاحَ كُنتِ لِعَرشِهِم رُكناً عَلى هامِ النُجومِ يُقامُ +وَهمٌ يُقَيِّدُ بَعضُهُم بَعضاً بِهِ وَقُيودُ هَذا العالَمِ الأَوهامُ +صُوَرُ العَمى شَتّى وَأَقبَحُها إِذا نَظَرَت بِغَيرِ عُيونِهِنَّ الهامُ +وَلَقَد يُقامُ مِنَ السُيوفِ وَلَيسَ مِن عَثَراتِ أَخلاقِ الشُعوبِ قِيامُ +وَمُبَشِّرٍ بِالصُلحِ قُلتُ لَعَلَّهُ خَيرٌ عَسى أَن تَصدُقَ الأَحلامُ +تَرَكَ الفَريقانِ القِتالَ وَهَذِهِ سِلمٌ أَمَرُّ مِنَ القِتالِ عُقامُ +يَنعى إِلَينا المَلِكَ ناعٍ لَم يَطَأ أَرضاً وَلا اِنتَقَلَت بِهِ أَقدامُ +بَرقٌ جَوائِبُهُ صَواعِقُ كُلُّها وَمِنَ البُروقِ صَواعِقٌ وَغَمامُ +إِن كانَ شَرٌّ زارَ غَيرَ مُفارِقٍ أَو كانَ خَيرٌ فَالمَزارُ لِمامُ +بِالأَمسِ أَفريقا تَوَلَّت وَاِنقَضى مُلكٌ عَلى جيدِ الخِضَمِّ جِسامُ +نَظَمَ الهِلالُ بِهِ مَمالِكَ أَربَعاً أَصبَحنَ لَيسَ لِعَقدِهِنَّ نِظامُ +مِن فَتحِ هاشِمَ أَو أُمَيَّةَ لَم يُضِع آساسَها تَتَرٌ وَلا أَعجامُ +وَاليَومَ حُكمُ اللَهِ في مَقدونِيا لا نَقضَ فيهِ لَنا وَلا إِبرامُ +كانَت مِنَ الغَربِ البَقِيَّةُ فَاِنقَضَت فَعَلى بَني عُثمانَ فيهِ سَلامُ +أَخَذَ المَدائِنَ وَالقُرى بِخِناقِها جَيشٌ مِنَ المُتَحالِفينَ لُهامُ +غَطَّت بِهِ الأَرضُ الفَضاءَ وَجَوَّها وَكَسَت مَناكِبَها بِهِ الآكامُ +تَمشي المَناكِرُ بَينَ أَيدي خَيلِهِ أَنّى مَشى وَالبَغيُ وَالإِجرامُ +وَيَحُثُّهُ بِاِسمِ الكِتابِ أَقِسَّةٌ نَشَطوا لِما هُوَ في الكِتابِ حَرامُ +وَمُسَيطِرونَ عَلى المَمالِكِ سُخِّرَت لَهُمُ الشُعوبُ كَأَنَّها أَنعامُ +مِن كُلِّ جَزّارٍ يَرومُ الصَدرَ في نادي المُلوكِ وَجَدُّهُ غَنّامُ +سِكّينُهُ وَيَمينُهُ وَحِزامُهُ وَالصَولَجانُ جَميعُها آثامُ +عيسى سَبيلُكَ رَحمَةٌ وَمَحَبَّةٌ في العالَمينَ وَعِصمَةٌ وَسَلامُ +ما كُنتَ سَفّاكَ الدِماءِ وَلا اِمرَأً هانَ الضِعافُ عَلَيهِ وَالأَيتامُ +يا حامِلَ الآلامِ عَن هَذا الوَرى كَثُرَت عَلَيهِ بِاِسمِكَ الآلامُ +أَنتَ الَّذي جَعَلَ العِبادَ جَميعَهُم رَحِماً وَبِاِسمِكَ تُقطَعُ الأَرحامُ +أَتَتِ القِيامَةُ في وِلايَةِ يوسُفٍ وَاليَومَ بِاِسمِكَ مَرَّتَينِ تُقامُ +كَم هاجَهُ صَيدُ المُلوكِ وَهاجَهُم وَتَكافَأَ الفُرسانُ وَالأَعلامُ +البَغيُ ف�� دينِ الجَميعِ دَنِيَّةٌ وَالسَلمُ عَهدٌ وَالقِتالُ زِمامُ +وَاليَومَ يَهتِفُ بِالصَليبِ عَصائِبٌ هُم لِلإِلَهِ وَروحِهِ ظُلّامُ +خَلَطوا صَليبَكَ وَالخَناجِرَ وَالمُدى كُلٌّ أَداةٌ لِلأَذى وَحِمامُ +أَوَ ما تَراهُم ذَبَّحوا جيرانَهُم بَينَ البُيوتِ كَأَنَّهُم أَغنامُ +كَم مُرضَعٍ في حِجرِ نِعمَتِهِ غَدا وَلَهُ عَلى حَدِّ السُيوفِ فِطامُ +وَصَبِيَّةٍ هُتِكَت خَميلَةُ طُهرِها وَتَناثَرَت عَن نَورِهِ الأَكمامُ +وَأَخي ثَمانينَ اِستُبيحَ وَقارُهُ لَم يُغنِ عَنهُ الضَعفُ وَالأَعوامُ +وَجَريحِ حَربٍ ظامِئٍ وَأَدوهُ لَم يَعطِفهُمُ جُرحٌ دَمٍ وَأُوامُ +وَمُهاجِرينَ تَنَكَّرَت أَوطانُهُم ضَلّوا السَبيلَ مِنَ الذُهولِ وَهاموا +السَيفُ إِن رَكِبوا الفِرارَ سَبيلُهُم وَالنِطعُ إِن طَلَبوا القَرارَ مُقامُ +يَتَلَفَّتونَ مُوَدِّعينَ دِيارَهُم وَاللَحظُ ماءٌ وَالدِيارُ ضِرامُ +يا أُمَّةً بِفَروقَ فَرِّقَ بَينَهُم قَدَرٌ تَطيشُ إِذا أَتى الأَحلامُ +فيمَ التَخاذُلُ بَينَكُم وَوَراءَكُم أُمَمٌ تُضاعُ حُقوقُها وَتُضامُ +اللَهُ يَشهَدُ لَم أَكُن مُتَحَزِّباً في الرُزءِ لا شِيَعٌ وَلا أَحزامُ +وَإِذا دَعَوتُ إِلى الوِئامِ فَشاعِرٌ أَقصى مُناهُ مَحَبَّةٌ وَوِئامُ +مَن يَضجُرُ البَلوى فَغايَةُ جَهدِهِ رُجعى إِلى الأَقدارِ وَاِستِسلامُ +لا يَأخُذَنَّ عَلى العَواقِبِ بَعضُكُم بَعضاً فَقِدماً جارَتِ الأَحكامُ +تَقضي عَلى المَرءِ اللَيالي أَو لَهُ فَالحَمدُ مِن سُلطانِها وَالذامُ +مِن عادَةِ التاريخِ مِلءُ قَضائِهِ عَدلٌ وَمِلءُ كِنانَتَيهِ سِهامُ +ما لَيسَ يَدفَعُهُ المُهَنَّدُ مُصلَتاً لا الكُتبُ تَدفَعُهُ وَلا الأَقلامُ +إِنَّ الأُلى فَتَحوا الفُتوحَ جَلائِلاً دَخَلوا عَلى الأُسدِ الغِياضَ وَناموا +هَذا جَناهُ عَلَيكُمُ آباؤُكُم صَبراً وَصَفحاً فَالجُناةُ كِرامُ +رَفَعوا عَلى السَيفِ البِناءَ فَلَم يَدُم ما لِلبِناءِ عَلى السُيوفِ دَوامُ +أَبقى المَمالِكَ ما المَعارِفُ أُسُّهُ وَالعَدلُ فيهِ حائِطٌ وَدِعامُ +فَإِذا جَرى رَشداً وَيُمناً أَمرُكُم فَاِمشوا بِنورِ العِلمِ فَهوَ زِمامُ +وَدَعوا التَفاخُرَ بِالتُراثِ وَإِن غَلا فَالمَجدُ كَسبٌ وَالزَمانُ عِصامُ +إِنَّ الغُرورَ إِذا تَمَلَّكَ أُمَّةً كَالزَهرِ يُخفي المَوتَ وَهوَ زُؤامُ +لا يَعدِلَنَّ المُلكَ في شَهَواتِكُم عَرَضٌ مِنَ الدُنيا بَدا وَحُطامُ +وَمَناصِبٌ في غَيرِ مَوضِعِها كَما حَلَّت مَحَلَّ القُدوَةِ الأَصنامُ +المُلكُ مَرتَبَةُ الشُعوبِ فَإِن يَفُت عِزُّ السِيادَةِ فَالشُعوبُ سَوامُ +وَمِنَ البَهائِمِ مُشبَعٌ وَمُدَلَّلٌ وَمِنَ الحَريرِ شَكيمَةٌ وَلِجامُ +وَقَفَ الزَمانُ بِكُم كَمَوقِفِ طارِقٍ اليَأسُ خَلفٌ وَالرَجاءُ أَمامُ +الصَبرُ وَالإِقدامُ فيهِ إِذا هُما قُتِلا فَأَقتُلُ مِنهُما الإِحجامُ +يُحصي الدَليلُ مَدى مَطالِبِهِ وَلا يَحصي مَدى المُستَقبِلِ المِقدامُ +هَذي البَقِيَّةُ لَو حَرَصتُم دَولَةٌ صالَ الرَشيدُ بِها وَطالَ هِشامُ +قِسمُ الأَئِمَّةِ وَالخَلائِفِ قَبلَكُم في الأَرضِ لَم تُعدَل بِهِ الأَقسامُ +سَرَتِ النُبُوَّةُ في طَهورِ فَضائِهِ وَمَشى عَلَيهِ الوَحيُ وَالإِلهامُ +وَتَدَفَّقَ النَهرانِ فيهِ وَأَزهَرَت بَغدادُ تَحتَ ظِلالِهِ وَالشامُ +أَثرَت سَواحِلُهُ وَطابَت أَرضُهُ فَالدُرُّ لُجٌّ وَالنُضارُ رَغامُ +شَرَفاً أَدِرنَةُ هَكَذا يَقِفُ الحِمى لِلغاضِبينَ وَتَثبُتُ الأَقدامُ +وَتُرَدُّ بِالدَمِ بُقعَةٌ أُخِذَت بِهِ وَيَموتُ دونَ عَرينِهِ الضِرغامُ +وَالمُلكُ يُؤخَذُ أَو يُرَدُّ وَلَم يَزَل يَرِثُ الحُسامَ عَلى البِلادِ حُسامُ +عِرضُ الخِلافَةِ ذادَ عَنهُ مُجاهِدٌ في اللَهِ غازٍ في الرَسولِ هُمامُ +تَستَعصِمُ الأَوطانُ خَلفَ ظُباتِهِ وَتَعُزُّ حَولَ قَناتِهِ الأَعلامُ +عُثمانُ في بُردَيهِ يَمنَعُ جَيشَهُ وَاِبنُ الوَليدِ عَلى الحِمى قَوّامُ +عَلِمَ الزَمانُ مَكانَ شُكري وَاِنتَهى شُكرُ الزَمانِ إِلَيهِ وَالإِعظامُ +صَبراً أَدِرنَةُ كُلُّ مُلكٍ زائِلٌ يَوماً وَيَبقى المالِكُ العَلّامُ +خَفَتِ الأَذانُ فَما عَلَيكِ مُوَحِّدٌ يَسعى وَلا الجُمَعُ الحِسانُ تُقامُ +وَخَبَت مَساجِدُ كُنَّ نوراً جامِعاً تَمشي إِلَيهِ الأُسدُ وَالآرامُ +يَدرُجنَ في حَرَمِ الصَلاةِ قَوانِتاً بيضَ الإِزارِ كَأَنَّهُنَّ حَمامُ +وَعَفَت قُبورُ الفاتِحينَ وَفُضَّ عَن حُفَرِ الخَلائِفِ جَندَلٌ وَرِجامُ +نُبِشَت عَلى قَعساءِ عِزَّتِها كَما نُبِشَت عَلى اِستِعلائِها الأَهرامُ +في ذِمَّةِ التاريخِ خَمسَةُ أَشهُرٍ طالَت عَلَيكِ فَكُلُّ يَومٍ عامُ +السَيفُ عارٍ وَالوَباءُ مُسَلَّطٌ وَالسَيلُ خَوفٌ وَالثُلوجُ رُكامُ +وَالجوعُ فَتّاكٌ وَفيهِ صَحابَةٌ لَو لَم يَجوعوا في الجِهادِ لَصاموا +ضَنّوا بِعِرضِكِ أَن يُباعَ وَيُشتَرى عِرضُ الحَرائِرِ لَيسَ فيهِ سُوامُ +ضاقَ الحِصارُ كَأَنَّما حَلَقاتُهُ فَلَكٌ وَمَقذوفاتُها أَجرامُ +وَرَمى العِدى وَرَمَيتِهِم بِجَهَنَّمٍ مِمّا يَصُبُّ اللَهُ لا الأَقوامُ +بِعتِ العَدُوَّ بِكُلِّ شِبرٍ مُهجَةً وَكَذا يُباعُ المُلكُ حينَ يُرامُ +ما زالَ بَينَكِ في الحِصارِ وَبَينَهُ شُمُّ الحُصونِ وَمِثلُهُنَّ عِطامُ +حَتّى حَواكِ مَقابِراً وَحَوَيتِهِ جُثَثاً فَلا غَبنٌ وَلا اِستِذمامُ +يا دِنشِوايَ عَلى رُباكِ سَلامُ ذَهَبَت بِأُنسِ رُبوعِكِ الأَيّامُ +شُهَداءُ حُكمِكِ في البِلادِ تَفَرَّقوا هَيهاتَ لِلشَملِ الشَتيتِ نِظامُ +مَرَّت عَلَيهِم في اللُحودِ أَهِلَّةٌ وَمَضى عَلَيهِم في القُيودِ العامُ +كَيفَ الأَرامِلُ فيكِ بَعدَ رِجالِها وَبِأَيِّ حالٍ أَصبَحَ الأَيتامُ +عِشرونَ بَيتاً أَقفَرَت وَاِنتابَها بَعدَ البَشاشَةِ وَحشَةٌ وَظَلامُ +يا لَيتَ شِعري في البُروجِ حَمائِمٌ أَم في البُروجِ مَنِيَّةٌ وَحِمامُ +نَيرونُ لَو أَدرَكتَ عَهدَ كَرومِرٍ لَعَرَفتَ كَيفَ تُنَفَّذُ الأَحكامُ +نوحي حَمائِمَ دِنشِوايَ وَرَوِّعي شَعباً بِوادي النيلِ لَيسَ يَنامُ +إِن نامَتِ الأَحياءُ حالَت بَينَهُ سَحراً وَبَينَ فِراشِهِ الأَحلامُ +مُتَوَجِّعٌ يَتَمَثَّلُ اليَومَ الَّذي ضَجَّت لِشِدَّةِ هَولِهِ الأَقدامُ +السوطُ يَعمَلُ وَالمَشانِقُ أَربَعٌ مُتَوَحِّداتٌ وَالجُنودُ قِيامُ +وَالمُستَشارُ إِلى الفَظائِعِ ناظِرٌ تَدمى جُلودٌ حَولَهُ وَعِظامُ +في كُلِّ ناحِيَةٍ وَكُلِّ مَحَلَّةٍ حَزعاً مِنَ المَلَأِ الأَسيَفِ زِحامُ +وَعَلى وُجوهِ الثاكِلينَ كَآبَةٌ وَعَلى وُجوهِ ا��ثاكِلاتِ رُغامُ +يا قَومَ عُثمانَ وَالدُنيا مُداوَلَةٌ تَعاوَنوا بَينَكُم يا قَومَ عُثمانَ +كونوا الجِدارَ الَّذي يَقوى الجِدارُ بِهِ فَاللَهُ جَعَلَ الإِسلامَ بُنيانا +أَمسى السَبيلُ لِغَيرِ المُحسِنينَ دَماً فَشَأنُكُم وَسَبيلاً نورُهُ بانا +البِرُّ مِن شُعَبِ الإيمانِ أَفضَلُها لا يَقبَلُ اللَهُ دونَ البِرِّ إيمانا +هَل تَرحَمونَ لَعَلَّ اللَهَ يَرحَمُكُم بِالبيدِ أَهلاً وَبِالصَحراءِ جيرانا +في ذِمَّةِ اللَهِ أَوفى ذِمَّةٍ نَفَرٌ عَلى طَرابُلُسٍ يَقضونَ شُجعانا +إِن سالَ جَرحاهُمُ في غُربَةٍ وَوَغىً باتوا عَلى الجَمرِ أَرواحاً وَأَبدانا +هَذا يَحُنُّ إِلى البُسفورِ مُحتَضِراً وَذاكَ يَبكي الغَضا وَالشيحَ وَالبانا +يُوَدِّعونَ عَلى بُعدٍ دِيارَهُمُ وَيَنشِدونَ بُنَيّاتٍ وَصِبيانا +أَذَنبُهُم عِندَ هَذا الدَهرِ أَنَّهُمُ يَحمونَ أَرضاً لَهُم ديسَت وَأَوطانا +ماتوا وَعِرضُهُمُ المَوفورُ بَعدَهُمُ وَالعِرضُ لا عِزَّ في الدُنيا إِذا هانا +قَومي وَجَلَّت وُجوهُ القَومِ مِصرُ بِكُم أَلقَت عَلى كُرَماءِ الدَهرِ نِسيانا +لا تَسأَلونَ عَنِ الأَعوانِ إِن قَعَدوا وَتَنهَضونَ إِلى المَلهوفِ أَعوانا +أَكُلَّما هَزَّكُم داعٍ لِصالِحَةٍ قُمتُم كُهولاً إِلى الداعي وَفِتيانا +لَو صُوِّرَ الشَرقُ إِنساناً أَخا كَرَمٍ لَكُنتُمُ الروحَ وَالأَقوامُ جُثمانا +إِذا هُزِزتُم تَلاقى السَيفُ مُنصَلِتاً وَالريحُ مُرسَلَةً وَالغَيثُ هَتّانا +إِذا المَكارِمُ في الدُنيا أُشيدَ بِها كانَت كِتاباً وَكُنّا نَحنُ عُنوانا +إِنَّ الحَياةَ نَهارٌ أَو سَحابَتُهُ فَعِش نَهارَكَ مِن دُنياكَ إِنسانا +أَرى الكَريمَ بِوِجدانٍ وَعاطِفَةٍ وَلا أَرى لِبَخيلِ القَومِ وُجدانا +هَذا الهِلالُ الَّذي تُحيونَ لَيلَتَهُ أَبهى الأَهِلَّةِ عِندَ اللَهِ أَلوانا +أَراهُ مِن بَينِ أَعلامِ الوَغى مَلَكاً وَما سِواهُ مِنَ الأَعلامِ شَيطانا +فانٍ فَفيهِ مِنَ الجَرحى مُشاكَلَةٌ حَتّى إِذا قيلَ ماتوا اِخضَرَّ رَيحانا +لِحامِليهِ جَلالٌ مِنهُ مُقتَبَسٌ كَأَنَّما رَفَعوا لِلناسِ قُرآنا +كَأَنَّ ما اِحمَرَّ مِنهُ حَولَ غُرَّتِهِ دَمُ البَريءِ ذَكِيِّ الشَيبِ عُثمانا +كَأَنَّ ما اِبيَضَّ في أَثناءِ حُمرَتِهِ نورُ الشَهيدِ الَّذي قَد ماتَ ظَمآنا +كَأَنَّهُ شَفَقٌ تَسمو العُيونُ لَهُ قَد قَلَّدَ الأُفقَ ياقوتاً وَمُرجانا +كَأَنَّهُ مِن دَمِ العُشّاقِ مُختَضَبٌ يُثيرُ حَيثُ بَدا وَجداً وَأَشجانا +كَأَنَّهُ مِن جَمالٍ رائِعٍ وَهُدىً خُدودُ يوسُفَ لَمّا عَفَّ وَلهانا +كَأَنَّهُ وَردَةٌ حَمراءُ زاهِيَةٌ في الخُلدِ قَد فُتِّحَت في كَفِّ رُضوانا +قِف بِروما وَشاهِدِ الأَمرَ وَاِشهَد أَنَّ لِلمُلكِ مالِكاً سُبحانَه +دَولَةٌ في الثَرى وَأَنقاضُ مُلكٍ هَدَمَ الدَهرُ في العُلا بُنيانَه +مَزَّقَت تاجَهُ الخُطوبُ وَأَلقَت في التُرابِ الَّذي أَرى صَولَجانَه +طَلَلٌ عِندَ دِمنَةٍ عِندَ رَسمٍ كَكِتابٍ مَحا البِلى عُنوانَه +وَتَماثيلُ كَالحَقائِقِ تَزدا دُ وُضوحاً عَلى المَدى وَإِبّانَه +مَن رَآها يَقولُ هَذي مُلوكُ الدَهرِ هَذا وَقارُهُم وَالرَزانَه +وَبَقايا هَياكِلٍ وَقُصورٍ بَينَ أَخذِ البِلى وَدَفعِ المَتانَه +عَبَثَ الدَهرُ بِالح��وارِيِّ فيها وَبَيلَيوسَ لَم يَهَب أُرجُوانَه +وَجَرَت هاهُنا أُمورٌ كِبارٌ واصَلَ الدَهرُ بَعدَها جَرَيانَه +راحَ دينٌ وَجاءَ دينٌ وَوَلّى مُلكُ قَومٍ وَحَلَّ مَلِكٌ مَكانَه +وَالَّذي حَصَّلَ المُجِدّونَ إِهرا قُ دِماءٍ خَليقَةٍ بِالصِيانَه +لَيتَ شِعري إِلامَ يَقتَتِلُ النا سُ عَلى ذي الدَنِيَّةِ الفَتّانَه +بَلَدٌ كانَ لِلنَصارى قَتاداً صارَ مُلكَ القُسوسِ عَرشُ الدِيانَه +وَشُعوبٌ يَمحونَ آيَةَ عيسى ثُمَّ يُعلونَ في البَرِيَّةِ شانَه +وَيُهينونَ صاحِبَ الروحِ مَيتاً وَيُعِزّونَ بَعدَهُ أَكفانَه +عالَمٌ قُلَّبٌ وَأَحلامُ خَلقٍ تَتَبارى غَباوَةً وَفَطانَه +رَومَةُ الزَهوِ في الشَرائِعِ وَالحِك مَةِ في الحُكمِ وَالهَوى وَالمَجانَه +وَالتَناهي فَما تَعَدّى عَزيزاً فيكِ عِزٌّ وَلا مَهيناً مَهانَه +ما لِحَيٍّ لَم يُمسِ مِنكِ قَبيلٌ أَو بِلادٌ يُعِدُّها أَوطانَه +يُصبِحُ الناسُ فيكِ مَولى وَعَبداً وَيَرى عَبدُكِ الوَرى غِلمانَه +أَينَ مُلكٌ في الشَرقِ وَالغَربِ عالٍ تَحسُدُ الشَمسُ في الضُحى سُلطانَه +قادِرٌ يَمسَخُ المَمالِكَ أَعما لاً وَيُعطي وَسيعَها أَعوانَه +أَينَ مالٌ جَبَيتِهِ وَرَعايا كُلُّهُم خازِنٌ وَأَنتِ الخَزانَه +أَينَ أَشرَافُكِ الَّذينَ طَغَوا في الدَه رِ حَتّى أَذاقَهُم طُغيانَه +أَينَ قاضيكِ ما أَناخَ عَلَيهِ أَينَ ناديكِ ما دَهى شَيخانَه +قَد رَأَينا عَلَيكِ آثارَ حُزنٍ وَمِنَ الدورِ ما تَرى أَحزانَه +اِقصِري وَاِسأَلي عَنِ الدَهرِ مِصراً هَل قَضَت مَرَّتَينِ مِنهُ اللُبانَه +إِنَّ مَن فَرَّقَ العِبادَ شُعوباً جَعَلَ القِسطَ بَينَها ميزانَه +هَبكِ أَفنَيتِ بِالحِدادِ اللَيالي لَن تَرَدّى عَلى الوَرى رومانَه +قِف عَلى كِنزٍ بِباريسَ دَفين مِن فَريدٍ في المَعاني وَثَمين +وَاِفتَقِد جَوهَرَةً مِن شَرَفٍ صَدَفُ الدَهرِ بِتُربَتِها ضَنين +قَد تَوارَت في الثَرى حَتّى إِذا قَدُمَ العَهدُ تَوارَت في السِنين +غَرَّبَت حَتّى إِذا ما اِستَيأَسَت دَنَتِ الدارُ وَلَكِن لاتَ حين +لَم تُذِب نارُ الوَغى ياقوتَها وَأَذابَتهُ تَباريحُ الحَنين +لا تَلوموها أَلَيسَت حُرَّةً وَهَوى الأَوطانِ لِلأَحرارِ دين +غَيَّبَت باريسُ ذُخراً وَمَضى تُربُها القَيِّمُ بِالحِرزِ الحَصين +نَزَلَ الأَرضَ وَلَكِن بَعدَ ما نَزَلَ التاريخَ قَبرَ النابِغين +أَعظُمُ اللَيثِ تَلقاها الشَرى وَرُفاتُ النَسرِ حازَتهُ الوُكون +وَحَوى الغِمدُ بَقايا صارِمٍ لَم تُقَلِّب مِثلَهُ أَيدي القُيون +شَيَّدَ الناسُ عَلَيهِ وَبَنوا حائِطَ الشَكِّ عَلى أُسِّ اليَقين +لَستَ تُحصي حَولَهُ أَلوِيَةً أُسِرَت أَمسِ وَراياتٍ سُبين +نامَ عَنها وَهيَ في سُدَّتِهِ دَيدَبانٌ ساهِرُ الجَفنِ أَمين +وَكَأَيٍّ مِن عَدُوٍّ كاشِحٍ لَكَ بِالأَمسِ هُوَ اليَومَ خَدين +وَوَلّى كانَ يَسقيكَ الهَوى عَسَلاً قَد باتَ يَسقيكَ الوَزين +فَإِذا اِستَكرَمتَ وُدّاً فَاِتَّهِم جَوهَرُ الوُدِّ وَإِن صَحَّ ظَنين +مَرمَرٌ أُضجِعَ في مَسنونِهِ حَجَرُ الأَرضِ وَضِرغامُ العَرين +جَلَّلَتهُ هَيبَةُ الثاوي بِهِ رَوعَةَ الحِكمَةِ في الشِعرِ الرَصين +هَل دَرى المَرمَرُ ماذا تَحتَهُ مِن قُوى نَفسٍ وَمِن خَلقٍ مَتين +أَيُّها الغالونَ في أَج��اثِهِم اِبحَثوا في الأَرضِ هَل عيسى دَفين +يُمَحّي المَيتُ وَيَبلى رَمسُهُ وَيَغولُ الرَبعَ ما غالَ القَطين +حَصِّنوا ما شِئتُمُ مَوتاكُمُ هَل وَراءَ المَوتِ مِن حِصنٍ حَصين +لَيسَ في قَبرٍ وَإِن نالَ السُها ما يَزيدُ المَيتَ وَزناً وَيَزين +فَاِنزِلِ التاريخَ قَبراً أَو فَنَم في الثَرى غُفلاً كَبَعضِ الهامِدين +وَاِخدَعِ الأَحياءَ ما شِئتَ فَلَن تَجِدَ التاريخَ في المُنخَدِعين +يا عِصامِيّاً حَوى المَجدَ سِوى فَضلَةٍ قَد قُسِّمَت في المُعرِقين +أُمُّكَ النَفسُ قَديماً أَكرَمَت وَأَبوكَ الفَضلُ خَيرُ المُنجِبين +نَسَبُ البَدرِ أَوِ الشَمسِ إِذا جيءَ باِلآباءِ مَغمورٌ رَهين +وَأُصولُ الخَمرِ ما أَزكى عَلى خُبثِ ما قَد فَعَلَت بِالشارِبين +لا يَقولَنَّ اِمرو أَصلي فَما أَصلُهُ مِسكٌ وَأَصلُ الناسِ طين +قَد تَتَوَّجتَ فَقالَت أُمَمٌ وَلَدُ الثَورَةِ عَقَّ الثائِرين +وَتَزَوَّجتَ فَقالوا مالَهُ وَلِحورٍ مِن بَناتِ المَلكِ عين +قَسَماً لَو قَدَروا ما اِحتَشَموا لا يَعِفُّ الناسُ إِلّا عاجِزين +أَرَأَيتَ الخَيرَ وافى أُمَّةً لَم يَنالوا حَظَّهُم في النابِغين +يَصلُحُ المُلكُ عَلى طائِفَةٍ هُم جَمالُ الأَرضِ حيناً بَعدَ حين +مَلَؤوا الدُنيا عَلى قِلَّتِهِم وَقَديماً مُلِئَت بِالمُرسَلين +يَحسُنُ الدَهرُ بِهِم ما طَلَعوا وَبِهِم يَزدادُ حُسناً آفِلين +قَد أَقاموا قُدوَةً صالِحَةً وَمَضَوا أَمثِلَةً لِلمُحتَذين +إِنَّما الأُسوَةُ وَالدُنيا أُسىً سَبَبُ العُمرانِ نَظمُ العالَمين +يا صَريعَ المَوتِ نَدمانَ البِلى كُلُّ حَيٍّ بِالَّذي ذُقتَ رَهين +كِدتَ مِن قَتلِ المَنايا خِبرَةً تَعلَمُ الآجالَ أَيّانَ تَحين +يا مُبيدَ الأَسدِ في آجامِها هَل أَبادَت خَيلُكَ الدودَ المَهين +يا عَزيزَ السِجنِ بِالبابا إِلى كَم تَرَدّى في الثَرى ذُلَّ السَجين +رُبَّ يَومٍ لَكَ جَلّى وَاِنثَنى سائِلَ الغُرَّةِ مَمسوحَ الجَبين +أَحرَزَ الغايَةَ نَصراً غالِياً لِفَرَنسا وَحَوى الفَتحَ الثَمين +قَيصَرا الأَنسابِ فيهِ نازَلا قَيصَرَ النَفسِ عِصامَ المالِكين +مُجلِسَ التاجِ عَلى مَفرِقِهِ بِيَدَيهِ لا بِأَيدي المُجلِسين +حَولَ اِستَرلَتزَ كانَ المُتلَقّى وَاِصطِدامُ النَسرِ بِالمُستَنسِرين +وُضِعَ الشَطرَنجُ فَاِستَقبَلتَهُ بِبَنانٍ عابِثٍ بِاللاعِبين +فَإِذا المَلكانِ هَذا خاضِعٌ لَكَ في الجَمعِ وَهَذا مُستَكين +صِدتَ شاهَ الروسِ وَالنِمسا مَعاً مَن رَأى شاهَينِ صَيداً في كَمين +يا مُلَقّى النَصرِ في أَحلامِهِ أَينَ مِن وادي الكَرى سَنتِ هِلين +يا مُنيلَ التاجِ في المَهدِ اِبنُه ما الَّذي غَرَّكَ بِالغَيبِ الجَنين +اِتَّئِد في أُمَّةٍ أَرهَقتَها إِنَّها كَالناسِ مِن ماءٍ وَطين +أَتعَبَ الريحَ مَدى ما سَلَكَت مِن سُهولٍ وَأَجازَت مِن حُزون +مِن أَديمٍ يَهرَأُ الدُبَّ إِلى فَلَواتٍ تُنضِجُ الضَبَّ الكَنين +لَكَ في كُلِّ مُغارٍ غارَةٌ وَعَلَيها الدَمعُ فيهِ وَالأَنين +وَمِنَ المَكرِ تَغَنّيكَ بِها هَل يُزَكّي الذَبحَ غَيرُ الذابِحين +سُخِّرَ الناسُ وَإِن لَم يَشعُروا لِقَوِيٍّ أَو غَنِيٍّ أَو مُبين +وَالجَماعاتُ ثَنايا المُرتَقى في المَعالي وَجُسورُ العابِرين +يا خَطيبَ الدَهرِ هَل مالَ البِلى بِلِسانٍ كانَ ميزانَ الشُؤون +تُرجَحُ السِلمُ إِذا حَرَّكتَهُ كِفَّةً أَو تُرجَحُ الحَربُ الزَبون +خُطَبٌ لا صَوتَ إِلّا دونَها في صَداها الخَيلُ تَجري وَالسِنين +مِن قَصيرِ اللَفظِ في مَكرِ النُهى وَطَويلِ الرُمحِ في كِبارِ الوَتين +غَيرَ وَضاعٍ وَلا واشٍ وَلا مُنكِرِ القَولِ وَلا لَغوِ اليَمين +سِرنَ أَمثالاً فَلَو لَم يُحيِهِ سَيفُهُ أَحيَينَهُ في الغابِرين +قُم إِلى الأَهرامِ وَاِخشَع وَاِطَّرِح خَيلَةَ الصيدِ وَزَهوَ الفاتِحين +وَتَمَهَّل إِنَّما تَمشي إِلى حَرَمِ الدَهرِ وَمِحرابِ القُرون +هُوَ كَالصَخرَةِ عِندَ القِبطِ أَو كَالحَطيمِ الطُهرِ عِندَ المُسلِمين +وَتَسَنَّم مِنبَراً مِن حَجَرٍ لَم يَكُن قَبلَكَ حَظَّ الخاطِبين +وَاِدعُ أَجيالاً تَوَلَّت يَسمَعوا لَكَ وَاِبعَث في الأُوالي حاشِرين +وَأَعِدها كَلِماتٍ أَربَعاً قَد أَحاطَت بِالقُرونِ الأَربَعين +أَلهَبَت خَيلاً وَحَضَّت فَيلَقاً وَأَحالَت عَسَلاً صابَ المَنون +قَد عَرَضتَ الدَهرَ وَالجَيشَ مَعاً غايَةٌ قَصَّرَ عَنها الفاتِحون +ما عَلِمنا قائِداً في مَوطِنٍ صَفَحَ الدَهرَ وَصَفَّ الدارِعين +فَتَرى الأَحياءَ في مُعتَرَكٍ وَتَرى المَوتى عَلَيهِم مُشرِفين +عِظَةٌ قومي بِها أَولى وَإِن بَعُدَ العَهدُ فَهَل يَعتَبِرون +هَذِهِ الأَهرامُ تاريخُهُمُ كَيفَ مِن تاريخِهِم لا يَستَحون +يا كَثيرَ الصَيدِ لِلصَيدِ العُلا قُم تَأَمَّل كَيفَ صادَتكَ المَنون +قُم تَرَ الدُنيا كَما غادَرتَها مَنزِلَ الغَدرِ وَماءَ الخادِعين +وَتَرَ الحَقَّ عَزيزاً في القَنا هَيِّناً في العُزَّلِ المُستَضعَفين +وَتَرَ الأَمرَ يَداً فَوقَ يَدٍ وَتَرَ الناسَ ذِئاباً وَضيئين +وَتَرَ العِزَّ لِسَيفٍ نَزِقٍ في بِناءِ المُلكِ أَو رَأيٍ رَزين +سُنَنٌ كانَت وَنَظمٌ لَم يَزَل وَفَسادٌ فَوقَ باعِ المُصلِحين +وَطَنٌ يَرُفُّ هَوىً إِلى شُبّانِهِ كَالرَوضِ رِفَّتُهُ عَلى رَيحانِهِ +هُم نَظمُ حِليَتِهِ وَجَوهَرُ عِقدِهِ وَالعِقدُ قيمَتُهُ يَتيمُ جُمانِهِ +يَرجو الرَبيعَ بِهِم وَيَأمَلُ دَولَةً مِن حُسنِهِ وَمِنِ اِعتِدالِ زَمانِهِ +مَن غابَ مِنهُم لَم يَغِب عَن سَمعِهِ وَضَميرِهِ وَفُؤادِهِ وَلِسانِهِ +وَإِذا أَتاهُ مُبَشِّرٌ بِقُدومِهِم فَمِنَ القَميصِ وَمِن شَذى أَردانِهِ +وَلَقَد يَخُصُّ النافِعينَ بِعَطفِهِ كَالشَيخِ خَصَّ نَجيبَهُ بِحَنانِهِ +هَيهاتَ يَنسى بَذلَهُم أَرواحَهُم في حِفظِ راحَتِهِ وَجَلبِ أَمانِهِ +وَقَفوا لَهُ دونَ الزَمانِ وَرَيبِهِ وَمَشَت حَداثَتُهُم عَلى حَدَثانِهِ +في شِدَّةٍ نُقِلَت أَناةُ كُهولِهِ فيها وَحِكمَتُهُم إِلى فِتيانِهِ +قُم يا خَطيبَ الجَمعِ هاتِ مِنَ الحَلي ما كُنتَ تَنثُرُهُ عَلى آذانِهِ +فَلَطالَما أَبدى الحَنينَ لِقِسِّهِ وَاِهتَزَّ أَشواقاً إِلى سَحبانِهِ +نادِ الشَبابَ فَلَم يَزَل لَكَ نادِياً وَالمَرءُ ذو أَثَرٍ عَلى أَخدانِهِ +اُمدُد حُداءَكَ في النَجائِبِ تَنصَرِف يَهوى أَعِنَّتِها إِلى تَحنانِهِ +أَلقَ النَصيحَةَ غَيرَ هائِبِ وَقعِها لَيسَ الشُجاعُ الرَأيِ مِثلَ جَبانِهِ +قُل لِلشَبابِ زَمانُكُم مُتَحَرِّكٌ هَل تَأخُذونَ القِسطَ مِن دَوَرانِهِ +نِمتُم عَلى الأَحلامِ تَلتَزِمونَها كَالعالَمِ الخالي عَلى أَوثانِهِ +وَتُنازِعونَ الحَيَّ فَضلَ ثِيابِهِ وَالمَيتَ ما قَد رَثَّ مِن أَكفانِهِ +وَلَقَد صَدَقتُم هَذِهِ الأَرضَ الهَوى وَالحُرُّ يَصدُقُ في هَوى أَوطانِهِ +أَمَلٌ بَذَلتُم كُلَّ غالٍ دونَهُ وَفَقَدتُمُ ما عَزَّ في وُجدانِهِ +اللَيثُ يَدفَعُكُم بِشِدَّةِ بَأسِهِ عَنهُ وَيُطعِمُكُم بِفَرطِ لِبانِهِ +وَيُريدُ هَذا الطَيرَ حُرّاً مُطلَقاً لَكِن بِأَعيُنِهِ وَفي بُستانِهِ +أَوفَدتُمُ وَفداً وَأَوفَدَ رَبُّكُم مَعَهُ العِنايَةَ فَهيَ مِن أَعوانِهِ +العَصرُ حُرٌّ وَالشُعوبُ طَليقَةً ما لَم يَحُزها الجَهلُ في أَرسانِهِ +فاضَ الزَمانُ مِنَ النُبوغِ فَهَل فَتى غَمَرَ الزَمانَ بِعِلمِهِ وَبَيانِهِ +أَينَ التِجارَةَ وَهيَ مِضمارُ الغِنى أَينَ الصِناعَةُ وَهيَ وَجهُ عَنانِهِ +أَينَ الجَوادُ عَلى العُلومِ بِمالِهِ أَينَ المُشارِكُ مِصرَ في فِدانِهِ +أَينَ الزِراعَةُ في جِنانٍ تَحتَكُم كَخَمائِلِ الفِردَوسِ أَو كَجِنانِهِ +أَإِذا أَصابَ القُطنَ كاسِدُ سوقِهِ قُمنا عَلى ساقٍ إِلى أَثمانِهِ +يا مَن لِشَعبٍ رُزؤُهُ في مالِهِ أَنساهُ ذِكرَ مُصابِهِ بِكَيانِهِ +المُلكُ كانَ وَلَم يَكُن قُطنٌ فَلَم يُغلَب أُبُوَّتُنا عَلى عُمرانِهِ +الفاطِمِيَّةُ شُيِّدَت مِن عِزِّهِ وَبَنى بَنو أَيّوبَ مِن سُلطانِهِ +بِالقُطنِ لَم يَرفَع قَواعِدَ مُلكِهِ فِرعَونُ وَالهَرَمانُ مِن بُنيانِهِ +لَكِن بِأَوَّلِ زارِعٍ نَقَضَ الثَرى بِذَكائِهِ وَأَثارِهِ بِبَنانِهِ +وَبِكُلِّ مُحسِنِ صَنعَةٍ في دَهرِهِ تَتَعَجَّبُ الأَجيالُ مِن إِتقانِهِ +وَبِهِمَّةٍ في كُلِّ نَفسٍ حَلَّقَت في الجَوِّ وَاِرتَفَعَت عَلى كَيوانِهِ +مَلِكٌ مِنَ الأَخلاقِ كانَ بِناؤُهُ مِن نَحتِ أَوَّلِكُم وَمِن صَوّانِهِ +فَأتوا الهَياكِلَ إِن بَنَيتُم وَاِقبُسوا مِن عَرشِهِ فيها وَمِن تيجانِهِ +نَجا وَتَماثَلَ رُبّانُها وَدَقَّ البَشائِرَ رُكبانُها +وَهَلَّلَ في الجَوِّ قَيدومُها وَكَبَّرَ في الماءِ سُكّانُها +تَحَوَّلَ عَنها الأَذى وَاِنثَنى عُبابُ الخُطوبِ وَطوفانُها +نَجا نوحُها مِن يَدِ المُعتَدي وَضَلَّ المُقاتِلَ عُدوانُها +يَدٌ لِلعِنايَةِ لا يَنقَضي وَإِن نَفَدَ العُمرُ شُكرانُها +وَقى الأَرضَ شَرَّ مَقاديرِهِ لَطيفُ السَماءِ وَرَحمانُها +وَنَجّى الكِنانَةَ مِن فِتنَةٍ تَهَدَّدَتِ النيلَ نيرانُها +يَسيلُ عَلى قَرنِ شَيطانِها عَقيقُ الدِماءِ وَعِقيانِها +فَيا سَعدُ جُرحُكَ ساءَ الرِجالَ فَلا جُرِحَت فيكَ أَوطانُها +وَقَتكَ العِنايَةُ بِالراحَتَينِ وَطَوَّقَ جيدَكَ إِحسانُها +مَنايا أَبى اللَهُ إِذ ساوَرَتكَ فَلَم يَلقَ نابَيهِ ثُعبانُها +حَوَت دَمَكَ الأَرضُ في أَنفِها زَكِيّاً كَأَنَّكَ عُثمانُها +وَرَقَّت لِآثارِهِ في القَميصِ كَأَنَّ قَميصَكَ قُرآنُها +وَريعَت كَما ريعَتِ الأَرضُ فيكَ نَواحي السَماءِ وَأَعنانُها +وَلَو زُلتَ غُيَّبَ عَمرُو الأُمورِ وَأَخلى المَنابِرَ سَحبانُها +رَماكَ عَلى غِرَّةٍ يافِعٌ مُثارُ السَريرَةِ غَضبانُها +وَقِدماً أَحاطَت بِأَهلِ الأُمورِ مُيولُ النُفوسِ وَأَضغانُها +تَلَمَّسَ نَفسَكَ بَينَ الصُفوفِ وَمِن دونِ نَفسِكَ إيمانُها +يُريدُ الأُمورَ كَما شاءَها وَتَأبى الأُمورُ وَسُلطانُها +وَعِندَ الَّذي قَهَرَ القَيصَرَينِ مَصيرُ الأُمورِ وَأَحيانُها +وَلَو لَم يُسابِق دُروسَ الحَياةِ لَبَصَّرَهُ الرُشدَ لُقمانُها +فَإِنَّ اللَيالي عَلَيها يَحولُ شُعورُ النُفوسِ وَوُجدانُها +وَيَختَلِفُ الدَهرُ حَتّى يَبينَ رُعاةُ العُهودِ وَخُوّانُها +أَرى مِصرَ يَلهو بِحَدِّ السِلاحِ وَيَلعَبُ بِالنارِ وِلدانُها +وَراحَ بِغَيرِ مَجالِ العُقولِ يُجيلُ السِياسَةَ غُلمانُها +وَما القَتلُ تَحيا عَلَيهِ البِلادُ وَلا هِمَّةُ القَولِ عُمرانُها +وَلا الحُكمُ أَن تَنقَضي دَولَةٌ وَتُقبِلَ أُخرى وَأَعوانُها +وَلَكِن عَلى الجَيشِ تَقوى البِلادُ وَبِالعِلمِ تَشتَدُّ أَركانُها +فَأَينَ النُبوغُ وَأَينَ العُلومُ وَأَينَ الفُنونُ وَإِتقانُها +وَأَينَ مِن الخُلقِ حَظُّ البِلادِ إِذا قَتَلَ الشيبَ شُبّانُها +وَأَينَ مِنَ الرِبحِ قِسطُ الرِجالِ إِذا كانَ في الخُلقِ خُسرانُها +وَأَينَ المُعَلِّمُ ما خَطبُهُ وَأَينَ المَدارِسُ ما شَأنُها +لَقَد عَبَثَت بِالنِياقِ الحُداةُ وَنامَ عَنِ الإِبلِ رُعيانُها +إِلى الخُلقِ أَنظُرُ فيما أَقولُ وَتَأخُذُ نَفسِيَ أَشجانُها +وَيا سَعدُ أَنتَ أَمينُ البِلادِ قَدِ اِمتَلَأَت مِنكَ أَيمانُها +وَلَن تَرتَضي أَن تُقَدَّ القَناةُ وَيُبتَرَ مِن مِصرَ سودانُها +وَحُجَّتُنا فيهِما كَالصَباحِ وَلَيسَ بِمُعييكَ تِبيانُها +فَمِصرُ الرِياضُ وَسودانُها عُيونُ الرِياضِ وَخُلجانُها +وَما هُوَ ماءٌ وَلَكِنَّهُ وَريدُ الحَياةِ وَشِريانُها +تُتَمِّمُ مِصرَ يَنابيعُهُ كَما تَمَّمَ العَينَ إِنسانُها +وَأَهلوهُ مُنذُ جَرى عَذبُهُ عَشيرَةُ مِصرَ وَجيرانُها +وَأَمّا الشَريكُ فَعِلّاتُهُ هِيَ الشَرِكاتُ وَأَقطانُها +وَحَربٌ مَضَت نَحنُ أَوزارُها وَخَيلٌ خَلَت نَحنُ فُرسانُها +وَكَم مَن أَتاكَ بِمَجموعَةٍ مِنَ الباطِلِ الحَقُّ عُنوانُها +فَأَينَ مِنَ المَنشِ بَحرُ الغَزالِ وَفَيضُ نِيانزا وَتَهتانُها +وَأَينَ التَماسيحُ مِن لُجَّةٍ يَموتُ مِنَ البَردِ حيتانُها +وَلَكِن رُؤوسٌ لِأَموالِهِم يُحَرِّكُ قَرنَيهِ شَيطانُها +وَدَعوى القَوِيِّ كَدَعوى السِباعِ مِنَ النابِ وَالظُفرِ بُرهانُها +قِفي يا أُختَ يوشَعَ خَبِّرينا أَحاديثَ القُرونِ الغابِرينا +وَقُصّي مِن مَصارِعِهِم عَلَينا وَمِن دولاتِهِم ما تَعلَمينا +فَمِثلُكِ مَن رَوى الأَخبارَ طُرّاً وَمَن نَسَبَ القَبائِلَ أَجمَعينا +نَرى لَكِ في السَماءِ خَضيبَ قَرنٍ وَلا نُحصي عَلى الأَرضِ الطَعينا +مَشَيتِ عَلى الشَبابِ شَواظَ نارٍ وَدُرتِ عَلى المَشيبِ رَحىً طَحونا +تُعينينَ المَوالِدَ وَالمَنايا وَتَبنينَ الحَياةَ وَتَهدُمينا +فَيا لَكِ هِرَّةً أَكَلَت بَنيها وَما وَلَدوا وَتَنتَظِرُ الجَنينا +أَأُمَّ المالِكينَ بَني أَمونٍ لِيَهنِكِ أَنَّهُم نَزَعوا أَمونا +وَلِدتِ لَهُ المَآمينَ الدَواهي وَلَم تَلِدي لَهُ قَطُّ الأَمينا +فَكانوا الشُهبَ حينَ الأَرضُ لَيلٌ وَحينَ الناسُ جَدُّ مُضَلَّلينا +مَشَت بِمَنارِهِم في الأَرضِ روما وَمِن أَنوارِهِم قَبَسَت أَثينا +مُلوكُ الدَهرِ بِالوادي أَقاموا عَلى وادي المُلوكِ مُحَجَّبينا +فَرُبَّ مُصَفِّدٍ مِنهُم وَكانَت تُساقُ لَهُ المُلوكُ مُصَفّ��دينا +تَقَيَّدَ في التُرابِ بِغَيرِ قَيدٍ وَحَلَّ عَلى جَوانِبِهِ رَهينا +تَعالى اللهُ كانَ السِحرُ فيهِم أَلَيسوا لِلحِجارَةِ مُنطِقينا +غَدَوا يَبنونَ ما يَبقى وَراحوا وَراءَ الآبِداتِ مُخَلَّدينا +إِذا عَمِدوا لِمَأثُرَةٍ أَعَدّوا لَها الإِتقانَ وَالخُلقَ المَتينا +وَلَيسَ الخُلدُ مَرتَبَةً تَلَقّى وَتُؤخَذُ مِن شِفاهِ الجاهِلينا +وَلَكِن مُنتَهى هِمَمٍ كِبارٍ إِذا ذَهَبَت مَصادِرُها بَقينا +وَسِرُّ العَبقَرِيَّةِ حينَ يَسري فَيَنتَظِمُ الصَنائِعَ وَالفُنونا +وَآثارُ الرِجالِ إِذا تَناهَت إِلى التاريخِ خَيرُ الحاكِمينا +وَأَخذُكَ مِن فَمِ الدُنيا ثَناءً وَتَركُكَ في مَسامِعِها طَنينا +فَغالي في بَنيكَ الصيدِ غالي فَقَد حُبَّ الغُلُوُّ إِلى بَنينا +شَبابٌ قُنَّعٌ لا خَيرَ فيهِم وَبورِكَ في الشَبابِ الطامِحينا +فَناجيهِم بِعَرشٍ كانَ صِنواً لِعَرشِكَ في شَبيبَتِهِ سَنينا +وَكانَ العِزُّ حُليَتَهُ وَكانَت قَوائِمُهُ الكَتائِبَ وَالسَفينا +وَتاجٍ مِن فَرائِدِهِ اِبنُ سيتى وَمِن خَرَزاتِهِ خوفو وَمينا +عَلا خَدّاً بِهِ صَعَرٌ وَأَنفاً تَرَفَّعَ في الحَوادِثِ أَن يَدينا +وَلَستُ بِقائِلٍ ظَلَموا وَجاروا عَلى الأُجَراءِ أَو جَلَدوا القَطينا +فَإِنّا لَم نُوَقَّ النَقصَ حَتّى نُطالِبَ بِالكَمالِ الأَوَّلينا +وَما البَستيلُ إِلّا بِنتُ أَمسٍ وَكَم أَكَلَ الحَديدُ بِها صَحينا +وَرُبَّةَ بَيعَةٍ عَزَّت وَطالَت بَناها الناسُ أَمسُ مُسخِرينا +مُشَيَّدَةٍ لِشافي العُميِ عيسى وَكَم سَمَلَ القَسوسُ بِها عُيونا +أَخا اللورداتِ مِثلُكَ مَن تَحَلّى بِحِليَةِ آلِهِ المُتَطَوِّلينا +لَكَ الأَصلُ الَّذي نَبَتَت عَلَيهِ فُروعُ المَجدِ مِن كِرنارَفونا +وَمالُكَ لا يُعَدُّ وَكُلُّ مالٍ سَيَفنى أَو سَيُفني المالِكينا +وَجَدتَ مَذاقَ كُلِّ تَليدِ مَجدٍ فَكَيفَ وَجَدتَ مَجدَ الكاسِبينا +نَشَرتَ صَفائِحاً فَجَزَتكَ مِصرٌ صَحائِفَ سُؤدُدٍ لا يَنطَوينا +فَإِن تَكُ قَد فَتَحتَ لَها كُنوزاً فَقَد فَتَحَت لَكَ الفَتحَ المُبينا +فَلَو قارونُ فَوقَ الأَرضِ إِلّا تَمَنّى لَو رَضيتَ بِهِ قَرينا +سَبيلُ الخُلدِ كانَ عَلَيكَ سَهلاً وَعادَتُهُ يَكُدُّ السالِكينا +رَأَيتَ تَنَكُّراً وَسَمِعتَ عَتباً فَعُذراً لِلغِضابِ المُحنِقينا +أُبُوَّتُنا وَأَعظَمُهُم تُراثٌ نُحاذِرُ أَن يَؤولَ لِآخَرينا +وَنَأبى أَن يَحُلَّ عَلَيهِ ضَيمٌ وَيَذهَبَ نَهبَةً لِلناهِبينا +سَكَتَّ فَحامَ حَولَكَ كُلُّ ظَنٍّ وَلَو صَرَّحَت لَم تُثِرِ الظُنونا +يَقولُ الناسُ في سِرٍّ وَجَهرٍ وَمالَكَ حيلَةٌ في المُرجِفينا +أَمَن سَرَقَ الخَليفَةَ وَهوَ حَيٌّ يَعِفُّ عَنِ المُلوكِ مُكَفَّنينا +خَليلَيَّ اِهبِطا الوادي وَميلا إِلى غُرَفِ الشُموسِ الغارِبينا +وَسيرا في مَحاجِرِهِم رُوَيداً وَطوفا بِالمَضاجِعِ خاشِعينا +وَخُصّا بِالعَمارِ وَبِالتَحايا رُفاتَ المَجدِ مِن توتَنخَمينا +وَقَبراً كادَ مِن حُسنٍ وَطيبٍ يُضيءُ حِجارَةً وَيَضوعُ طينا +يُخالُ لِرَوعَةِ التاريخِ قُدَّت جَنادِلُهُ العُلا مِن طورِ سينا +وَكانَ نَزيلُهُ بِالمَلكِ يُدعى فَصارَ يُلَقَّبُ الكَنزَ الثَمينا +وَقوما هاتِفَينِ بِهِ وَلَكِن كَما كانَ الأَوائِلُ يَهتِفونا +فَثَمَّ جَلالَةٌ قَرَّت وَرامَت عَلى مَرِّ القُرونِ الأَربَعينا +جَلالُ المُلكِ أَيّامٌ وَتَمضي وَلا يَمضي جَلالُ الخالِدينا +وَقولا لِلنَزيلِ قُدومَ سَعدٍ وَحَيّا اللَهُ مَقدَمَكَ اليَمينا +سَلامٌ يَومَ وارَتكَ المَنايا بِواديها وَيَومَ ظَهَرتَ فينا +خَرَجتَ مِنَ القُبورِ خُروجَ عيسى عَلَيكَ جَلالَةٌ في العالَمينا +يَجوبُ البَرقُ بِاِسمِكَ كُلَّ سَهلٍ وَيَختَرِقُ البُخارُ بِهِ الحُزونا +وَأُقسِمُ كُنتَ في لَوزانَ شُغلاً وَكُنتَ عَجيبَةَ المُتَفاوِضينا +أَتَعلَمُ أَنَّهُم صَلِفوا وَتاهوا وَصَدّوا البابَ عَنّا موصِدينا +وَلَو كُنّا نَجُرُّ هُناكَ سَيفاً وَجَدنا عِندَهُم عَطفاً وَلينا +سَيَقضي كِرزُنٌ بِالأَمرِ عَنّا وَحاجاتُ الكِنانَةِ ما قُضينا +تَعالَ اليَومَ خَبِّرنا أَكانَت نَواكَ سِناتِ نَومٍ أَم سِنينا +وَماذا جُبتَ مِن ظُلُماتِ لَيلٍ بَعيدِ الصُبحِ يُنضي المُدلِجينا +وَهَل تَبقى النُفوسُ إِذا أَقامَت هَياكِلُها وَتَبلى إِن بَلينا +وَما تِلكَ القِبابُ وَأَينَ كانَت وَكَيفَ أَضَلَّ حافِرُها القُرونا +مُمَرَّدَةَ البِناءِ تُخالُ بُرجاً بِبَطنِ الأَرضِ مَحظوظاً دَفينا +تَغَطّى بِالأَثاثِ فَكانَ قَصراً وَبِالصُوَرِ العِتاقِ فَكانَ زونا +حَمَلتَ العَرشَ فيهِ فَهَل تُرَجّي وَتَأمَلُ دَولَةً في الغابِرينا +وَهَل تَلقى المُهَيمِنَ فَوقَ عَرشٍ وَيَلقاهُ المَلا مُتَرَجِّلينا +وَما بالُ الطَعامِ يَكادُ يَقدى كَما تَرَكَتهُ أَيدي الصانِعينا +وَلَم تَكُ أَمسُ تَصبُرُ عَنهُ يَوماً فَكَيفَ صَبِرتَ أَحقاباً مَئينا +لَقَد كانَ الَّذي حَذِرَ الأَوالي وَخافَ بَنو زَمانِكَ أَن يَكونا +يُحِبُّ المَرءُ نَبشَ أَخيهِ حَيّاً وَيَنبُشُهُ وَلَو في الهالِكينا +سُلِلتَ مِنَ الحَفائِرِ قَبلَ يَومٍ يَسُلُّ مِنَ التُرابِ الهامِدينا +فَإِن تَكُ عِندَ بَعثٍ فيهِ شَكٌّ فَإِنَّ وَراءَهُ البَعثَ اليَقينا +وَلَو لَم يَعصِموكَ لَكانَ خَيراً كَفى بِالمَوتِ مُعتَصِماً حَصينا +يُضَرُّ أَخو الحَياةِ وَلَيسَ شَيءٌ بِضائِرِهِ إِذا صَحِبَ المَنونا +زَمانُ الفَردِ يا فِرعَونُ وَلّى وَدالَت دَولَةُ المُتَجَبِّرينا +وَأَصبَحَتِ الرُعاةُ بِكُلِّ أَرضٍ عَلى حُكمِ الرَعِيَّةِ نازِلينا +هَل تَهبِطُ النَيِّراتُ الأَرضَ أَحيانا وَهَل تَصورُ أَفراداً وَأَعيانا +نَزَلنَ أَوَّلَ دارٍ في الثَرى رَفَعَت لِلشَمسِ مُلكاً وَلِلأَقمارِ سُلطانا +تَفَنَّنَت قَبلَ خَلقِ الفَنِّ وَاِنفَجَرَت عِلماً عَلى العُصُرِ الخالي وَعِرفانا +أُبُوَّةٌ لَو سَكَتنا عَن مَفاخِرِهِم تَواضُعاً نَطَقَت صَخراً وَصَوّانا +هُم قَلَّبوا كُرَةَ الدُنيا فَما وَجَدَت أَقوى عَلى صَولَجانِ المَلكِ أَيمانا +وَصَيَّروا الدَهرَ هُزءاً يَسخَرونَ بِهِ حَتّى يَنالَ لَهُم بِالهَدمِ بُنيانا +لَم يَسلُكِ الأَرضَ قَومٌ قَبلَهُم سُبُلاً وَلا الزَواخِرَ أَثباجاً وَشُطّانا +تَقَدَّمَ الناسَ مِنهُم مُحسِنونَ مَضَوا لِلمَوتِ تَحتَ لِواءِ العِلمِ شُجعانا +جابوا العُبابَ عَلى عودٍ وَسارِيَةٍ وَأَوغَلوا في الفَلا كَالأُسدِ وُحدانا +أَزمانَ لا البَرُّ بِالوابورِ مُنتَهَباً وَلا البُخارُ لِبِنتِ الماءِ رُبّانا +هَل شَيَّعَ النَشءُ رَكبَ العِل��ِ وَاِكتَنَفوا لِعَبقَرِيَّةٍ أَحمالاً وَأَظعانا +وَسايَروا المَوكِبَ المَرموقَ مُتَّشِحاً عِزَّ الحَضارَةِ أَعلاماً وَرُكبانا +يَسيرُ تَحتَ لِوائِهِ العَلَمُ مُؤتَلِفاً وَلَن تَرى كَجُنودِ العِلمِ إِخوانا +العِلمُ يَجمَعُ في جِنسٍ وَفي وَطَنٍ شَتّى القَبائِلِ أَجناساً وَأَوطانا +وَلَم يَزِدكَ كَرَسمِ الأَرضِ مَعرِفَةً بِالأَرضِ داراً وَبِالأَحياءِ جيرانا +عَلَمٌ أَبانَ عَنِ الغَبراءِ فَاِنكَشَفَت زَرعاً وَضَرعاً وَإِقليماً وَسُكّانا +وَقَسَّمَ الأَرضَ آكاماً وَأَودِيَةً وَفَصَّلَ البَحرَ أَصدافاً وَمُرجانا +وَبَيَّنَ الناسَ عاداتٍ وَأَمزِجَةٍ وَمَيَّزَ الناسَ أَجناساً وَأَديانا +وَفدَ المَمالِكِ هَزَّ النيلُ مَنكَبَهُ لَمّا نَزَلتُم عَلى واديهِ ضيفانا +غَدا عَلى الثَغرِ غادٍ مِن مَواكِبِكُم فَراحَ مُبتَسِمَ الأَرجاءِ جَذلانا +جَرَت سَفينَتُكُم فيهِ فَقَلَّبَها عَلى الكَرامَةِ قَيدوماً وَسُكّانا +بِلُقاكُمُ بِسَماءِ البَحرِ ضاحِيَةً وَتارَةً بِفَضاءِ البَرِّ مُزدانا +وَلَو نَزَلتُمُ بِهِ وَالدَهرُ مُعتَدِلٌ نَزَلتُمُ بِعَروسِ المُلكِ عُمرانا +إِذِ الفَنارُ وَراءَ البَحرِ مُؤتَلِقٌ كَأَنَّهُ فَلَقٌ مِن خِدرِهِ بانا +أَنافَ خَلفَ سَماءِ اللَيلِ مُتَّقِداً يُخالُ في شُرَفاتِ الجَوِّ كيوانا +تَطوي الجَواري إِلَيهِ اليَمَّ مُقبِلَةً تَجري بَوارِجَ أَو تَنسابُ خُلجانا +نورُ الحَضارَةِ لا تَبغي الرُكابُ لَهُ لا بِالنَهارِ وَلا بِاللَيلِ بُرهانا +يا مَوكِبَ العِلمِ قِف في أَرضِ مَنفَ بِهِ يُناجِ مَهداً وَيَذكُر لِلصِبا شابا +بَكى تَمائِمَهُ طِفلاً بِها وَبَكي مَلاعِباً مِن رُبى الوادي وَأَحضانا +أَرضٌ تَرَعرَعَ لَم يَصحَب بِساحَتِها إِلّا نَبِيّينَ قَد طابوا وَكُهّانا +عيسى اِبنُ مَريَمَ فيها جَرَّ بُردَتَهُ وَجَرَّ فيها العَصا موسى بنُ عِمرانا +لَولا الحَياءُ لَناجَتكُم بِحاجَتِها لَعَلَّ مِنكُم عَلى الأَيّامِ أَعوانا +إِذا تَفَرَّقتُمُ في الغَربِ أَلسِنَةً لَيَّنتُمُ كُلَّ قَلبٍ لَم يَكُن لانا +سِر يا صَليبَ الرِفقِ في ساحِ الوَغى وَاِنشُر عَلَيها رَحمَةً وَحَنانا +وَاِدخِل عَلى المَوتِ الصُفوفَ مُواسِياً وَأَعِن عَلى آلامِهِ الإِنسانا +وَاِلمُس جِراحاتِ البَرِيَّةِ شافِياً ما كُنتَ إِلّا لِلمَسيحِ بَنانا +وَإِذا الوَطيسُ رَمى الشَبابَ بِنارِهِ خُض كَالخَليلِ إِلَيهُمُ النيرانا +وَاِجعَل وَسيلَتَكَ المَسيحَ وَأُمَّهُ وَاِضرَع وَسَل في خَلقِهِ الرَحمانا +اللَهُ جارُكَ في عَوانٍ لَم تَهَب لِلَّهِ لا بِيَعاً وَلا صُلبانا +وَسَلِمتَ يا حَرَمَ المَعارِكِ مِن يَدٍ هَدَمَت لِسِلمِ العالَمينَ كَيانا +يا أَهلَ مِصرَ رَمى القَضاءُ بِلُطفِهِ وَأَرادَ أَمراً بِالبِلادِ فَكانا +إِنَّ الَّذي أَمرُ المَمالِكِ كُلِّها بِيَدَيهِ أَحدَثَ في الكِنانَةِ شانا +أَبقى عَلَيها عَرشَها في بُرهَةٍ تَرمي العُروشَ وَتَنثُرُ التيجانا +وَكَسا البِلادَ سَكينَةً مِن أَهلِها وَوَقى مِنَ الفِتَنِ العِبادَ وَصانا +أَوَما تَرَونَ الأَرضَ خُرِّبَ نِصفُها وَدِيارُ مِصرٍ لا تَزالُ جِنانا +يَرعى كَرامَتَها وَيَمنَعُ حَوضَها جَيشٌ يَعافُ البَغيَ وَالعُدوانا +كَجُنودِ عَمروٍ أَينَما رَكَزوا القَنا عَفّوا يَداً وَمُهَنَّداً وَسِنانا +إِنَّ الشُجاعَ هُوَ الجَبانُ عَنِ الأَذى وَأَرى الجَريءَ عَلى الشُرورِ جَبانا +أُمَمُ الحَضارَةِ أَنتُمُ آباؤُنا مِنكُم أَخَذنا العِلمَ وَالعِرفانا +رَقَّت لَكُم مِنّا القُلوبُ كَأَنَّما جَرحاكُمُ يَومَ الوَغى جَرحانا +وَمِنَ المُروءَةِ وَهيَ حائِطُ دينِنا أَن نَذكُرَ الإِصلاحَ وَالإِحسانا +وَلَئِن غَزاكُم مِن ذَوينا مَعشَرٌ فَلَرُبَّ إِخوانٍ عَزَوا إِخوانا +حَتّى إِذا الشَحناءُ نامَت بَينَهُم لَم يَعرِفوا الأَحقادَ وَالأَضغانا +بِحَمدِ اللَهِ رَبِّ العالَمينا وَحَمدِكَ يا أَميرَ المُؤمِنينا +لَقينا في عَدُوِّكَ ما لَقينا لَقينا الفَتحَ وَالنَصرَ المُبينا +هُمُ شَهَروا أَذىً وَشَهَرتَ حَرباً فَكُنتَ أَجَلَّ إِقداماً وَضَربا +أَخَذتَ حُدودَهُم شَرقاً وَغَرباً وَطَهَّرتَ المَواقِعَ وَالحُصونا +وَقَبلَ الحَربِ حَربٌ مِنكَ كانَت نَتائِجُها لَنا ظَهَرَت وَبانَت +أَلَنتَ الحادِثاتِ بِها فَلانَت وَغادَرتَ القَياصِرَ حائِرينا +جَمَعتَ لَنا المَمالِكَ وَالشُعوبا وَكانَت في سِياسَتِها ضُروبا +فَلَمّا هَبَّ جورجِيَهُم هُبوباً تَلَفَّتَ لا يُصيبُ لَهُ مَعينا +رَأى كَيفَ السَبيلُ إِلى كَريدٍ وَكَيفَ عَواقِبُ الطَيشِ المَزيدِ +وَكَيفَ تَنامُ يا عَبدَ الحَميدِ وَتَغفُلُ عَن دِماءِ العالَمينا +وَلا وَاللَهِ وَالرُسلِ الكِرامِ وَبَيتِكَ خَيرُ بَيتٍ في الأَنامِ +لَما كانوا وَسَيفُكَ ذو اِنتِقامٍ يُعادِلُ جَمعُهُم مِنّا جَنينا +رَأَيتَ الحِلمَ لَمّا زادَ غَرّا وَجَرَّأَ مَلكَهُم حَتّى تَجَرّا +فَجاءَتكَ الدَعاوى مِنهُ تَترى وَجاءَتهُ جُنودُكَ مُبطِلينا +بِخَيلٍ في الهِضابِ وَفي الرَوابي وَنارٍ في القِلاعِ وَفي الطَوابي +وَسَيفٍ لا يَلينُ وَلا يُحابي إِذا الآجالُ رَجَّت مِنهُ لينا +وَجَيشٍ مِن غُزاةٍ عَن غُزاةٍ هُمُ الأَبطالُ في ماضٍ وَآتي +وَمِن كَرَمٍ أَذَلّوا كُلَّ عاتي وَذَلّوا في قِتالِ المُؤمِنينا +أَبَعدَ بَلائِهِم في كُلِّ حَربٍ وَضَربٍ في المَمالِكِ أَيِّ ضَربِ +تُحاوِلُ صِبيَةٌ في زِيِّ شَعبٍ وَتَطمَعُ أَن تَدوسَ لَهُم عَرينا +جُنودٌ لِلجِراحِ الدَهرَ مِرهَم يُدَبِّرُها البَعيدُ الصيتِ أَدهَم +فَأَنجَدَ في تَسالِيَةٍ وَأَتهَم وَكانَت لِلعِدا حِصناً حَصينا +أَروتَرُ لا تَدُسَّ السُمَّ دَسّاً وَمَهلاً في التَهَوُّسِ يا هَوَسا +سَلِ اليونانَ هَل ثَبَتَت لِرِسّا وَهَل حُفِظَ الطَريقُ إِلى أَثينا +مَعاذَ اللَهِ كَلّا ثُمَّ كَلّا هُمُ البَحّارَةُ الغُرُّ الأَجِلّا +وَما أُسطولُهُم في البَحرِ إِلّا شَخاشِخُ ما يَرُحنَ وَما يَجينا +وَكَم بَعَثوا جُيوشاً مِن أَماني أَتَت دارَ السَعادَةِ في أَمانِ +وَما سارَت سِوى يَومَي زَمانٍ فَأَهلاً بِالغُزاةِ الفاتِحينا +وَكَم باتوا عَلى هَرجٍ وَمَرجِ وَقالوا المالُ مَبذولٌ لِجورجي +وَكُلُّ المالِ مِن دَخلٍ وَخَرجٍ دُيونٌ لا تُقَدِّرُها دُيونا +وَكَم فَتَحوا الثُغورَ بِلا تَواني وَبِالأُسطولِ جاؤوا مِن مَواني +وَلِلبُسفورِ طاروا في ثَواني فَأَهلاً بِالأَوَزِّ العائِمينا +وَفي الآسِتانَةِ اِنتَصَروا اِنتِصاراً وَبُطرُسبُرجَ دَكّوها حِصارا +فَيا لِلمُسلِمينَ وَلِلنَصارى وَقَيصَرَ وَالمُلوكِ الآ��َرينا +وَيا غَليومُ أَينَ لَكَ الفِرارُ إِذا جورجي وَعَسكَرَهُ أَغاروا +فَضاقَت عَن سَفينِهِمُ البِحارُ وَضاقَ البَرُّ عَنهُمُ واجِفينا +أُمورٌ تَضحَكُ الصِبيانُ مِنها وَلا تَدري لَها العُقَلاءُ كُنها +فَسَل روتَر وَسَل هافاسَ عَنها فَإِنَّ لَدَيهِما الخَبَرَ اليَقينا +وَيَومَ مَلَونَ إِذ صِحنا وَصاحوا ذَكَرنا اللَهَ مِن فَرَحٍ وَناحوا +وَدارَت بَينَهُم بِالراحِ راحُ وَدارَت راحَةُ الإيمانِ فينا +عَلَى الجَبَلَينِ قَد بِتنا وَباتوا وَقُتناهُم مَنِيَّتَهُم وَقاتوا +وَقَد مِتنا ثَباتاً وَاِستَماتوا وَما البُسَلاءُ كَالمُستَبسِلينا +خَسَفنا بِالحُصونِ الأَرضَ خَسفاً تَزيدُ تَأَبِّياً فَنَزيدُ قَذفا +بِنارٍ تَنسُفُ الأَجيالَ نَسفاً وَتَلقَفُ نارَهُم وَالمُطلِقينا +مَدافِعُ ما تَثوبُ بِغَيرِ زادٍ بَراكينٌ تَصوبُ بِلا نَفادِ +نَصَبناها لَهُم في كُلِّ وادي فَكُنَّ المَوتَ أَو أَهدى عُيونا +جَعَلنا الأَرضَ تَحتَهُمُ دِماءَ وَصَيَّرنا الدُخانَ لَهُم سَماءَ +وَإِذ راموا مِنَ النارِ اِحتِماءَ حَمَت أَسيافُنا مِنهُم مِئينا +وَرُبَّ مُجاهِدٍ شَيخٍ مُبَجَّل تَرَجَّلَتِ الجِبالُ وَما تَرَجَّل +أَرادَ لِيَركَبَ المَوتَ المُحَجَّل إِلى أَجدادِهِ المُستَشهِدينا +وَفى لِجَوادِهِ وَحَنا عَلَيهِ وَقَد شَخَصَت بَنادِقُهُم إِلَيهِ +وَصابَ رَصاصُها يُدمي يَدَيهِ وَأَوشَكَتِ السَواعِدُ أَن تَخونا +تَعَوَّدَ أَن يُصيبَ وَأَن يُصابا فَخوطِبَ في النُزولِ فَما أَجابا +وَقالَ وَقَد قَضى قَولاً صَوابا هُنا فَليَطلُبِ المَرءُ المَنونا +وَقَد زادَ البَسالَةَ مِن وَقارِ هِزَبرٌ مِن لُيوثِ التُركِ ضاري +تَقَدَّمَ نَحوَ نارٍ أَيُّ نارِ لِيَسبِقَ نَحوَ خالِقِهِ القَرينا +جَرى فَأَذَلَّ هاتيكَ الأُلوفا وَزَحزَحَ عَن مَواضِعِها الصُفوفا +فَخاضَ إِلى مَكامِنِها الحُتوفا وَما هابَ الرُماةَ مُسَدِّدينا +دَعا لِلَّهِ في وَجهِ الأَعادي كَلَيثٍ زائِرٍ في بَطنِ وادي +فَلَبَّتهُ الفَيالِقُ وَالأَرادي وَدارَ هِلالُ رايَتِنا يَمينا +فَلَمّا أَذعَنوا أَنّا المَنايا وَأَنّا خَيرُ مَن قادَ السَرايا +تَفَرَّقَ جَمعُهُم إِلّا بَقايا عَلى قُلَلِ الجِبالِ مُجَندِلينا +صَلاةُ اللَهِ رَبّي وَالسَلامُ عَلى قَتلى بِفِرسالو أَقاموا +هُمُ الشُهَداءُ حَولَ اللَهِ حاموا فَأَدناهُم وَكانوا الفائِزينا +أَنالوا المُلكَ فَتحاً أَيَّ فَتحٍ وَشادوا لِلخِلافَةِ أَيَّ صَرحِ +وَجاؤوا رَبَّهُم مِنهُم بِذَبحٍ تَقَبَّلَهُ وَكانَ بِهِ ضَنينا +سَلاماً سَفحَ فِرسالو سَلاما وَكُن خَيرَ المُقامِ لِمَن أَقاما +وَضَنَّ بِها وَإِن بَلِيَت عِظاماً تُطيفُ بِها المَلائِكُ حائِمينا +أَأَدهَمُ هَكَذا تُقنى المَعالي وَتُقنى بِالقَواضِبِ وَالعَوالي +لَقَد بَيَّضتَ لِلمُلكِ اللَيالي بِسَيفٍ يَفضَحُ الفَجرَ المُبينا +أَخَذتَ النَصرَ بِالجَبَلَينِ غَصباً وَكُنتَ اللَيثَ تَخطاراً وَوَثبا +حَمَلتَ فَماجَتِ الحُملانُ رُعباً يَظُنُّهُمُ الجَهولُ مُقاتِلينا +وَفي فِرسالَ قَد جِئتَ العُجابا بَسَطتَ الجَيشَ تَقرَؤُهُ كِتابا +وَقَد أَحصَيتَهُ باباً فَبابا وَكانوا عَن كِتابِكَ غافِلينا +ثَبَتَّ مُؤَمِّلاً مِنكَ الثَباتُ تُوافيكَ الرَسائِلُ وَالسُعاةُ +وَحَولَكَ أَهلُ شوراكَ الثُقاتُ تَسوسونَ الجُيوشَ مُظَفَّرينا +هُناكَ الصُحفُ سارَت حاكِياتٍ وَطَيَّرَتِ البُروقُ مُحَدِّثاتِ +وَحَدَّثَتِ المَمالِكُ آخِذاتِ عُلومَ الحَربِ عَنكُمُ وَالفُنونا +بَني عُثمانَ إِنّا قَد قَدَرنا فُتوحَكُمُ الكِبارَ وَقَد شَكَرنا +سَأَلنا اللَهَ نَصراً فَاِنتَصَرنا بِكُم وَاللَهُ خَيرُ الناصِرينا +بُشرى البَرِيَّةِ قاصيها وَدانيها حاطَ الخِلافَةَ بِالدُستورِ حاميها +لَمّا رَآها بِلا رُكنٍ تَدارَكَها بَعدَ الخَليفَةِ بِالشورى وَناديها +وَبِالأَبِيّينَ مِن قَومٍ أَماتَهُمُ بُعدُ الدِيارِ وَأَحياهُم تَدانيها +حَنّوا إِلَيها كَما حَنَّت لَهُم زَمَناً وَأَوشَكَ البَينُ يُبليهُم وَيُبليها +مُشَتَّتينَ عَلى الغَبراءِ تَحسَبُهُم رَحّالَةَ البَدوِ هاموا في فَيافيها +لا يَقرُبُ اليَأسُ في البَأساءِ أَنفُسَهُم وَالنَفسُ إِن قَنَطَت فَاليَأسُ مُرديها +أَسدى إِلَينا أَميرَ المُؤمِنينَ يَداً جَلَّت كَما جَلَّ في الأَملاكِ مُسديها +بَيضاءَ ما شابَها لِلأَبرِياءِ دَمٌ وَلا تَكَدَّرَ بِالآثامِ صافيها +وَلَيسَ مُستَعظَماً فَضلٌ وَلا كَرَمٌ مِن صاحِبِ السِكَّةِ الكُبرى وَمُنشيها +إِنَّ النَدى وَالرِضى فيهِ وَأُسرَتِهِ وَاللَهُ لِلخَيرِ هاديهِ وَهاديها +قَومٌ عَلى الحُبِّ وَالإِخلاصِ قَد مَلَكوا وَحَسبُ نَفسِكَ إِخلاصٌ يُزَكّيها +إِذا الخَلائِفُ مِن بَيتِ الهُدى حُمِدَت أَعلى الخَواقينَ مِن عُثمانَ ماضيها +خِلافَةُ اللَهِ في أَحضانِ دَولَتِهِم شابَ الزَمانُ وَما شابَت نَواصيها +دُروعُها تَحتَمي في النائِباتِ بِهِم مِن رُمحِ طاعِنِها أَو سَهمِ راميها +الرَأيُ رَأيُ أَميرِ المُؤمِنينَ إِذا حارَت رِجالٌ وَضَلَّت في مَرائيها +وَإِنَّما هِيَ شورى اللَهِ جاءَ بِها كِتابُهُ الحَقُّ يُعليها وَيُغليها +حَقَنتَ عِندَ مُناداةِ الجُيوشِ بِها دَمَ البَرِيَّةِ إِرضاءً لِباريها +وَلَو مُنِعَت أُريقَت لِلعِبادِ دِماً وَطاحَ مِن مُهَجِ الأَجنادِ غاليها +وَمَن يَسُس دَولَةً قَد سُستَها زَمَناً تَهُن عَلَيهِ مِنَ الدُنيا عَواديها +أَتى ثَلاثونَ حَولاً لَم تَذُق سِنَةً وَلا اِستَخَفَّكَ لِلَذّاتِ داعيها +مُسَهَّدَ الجَفنِ مَكدودَ الفُؤادِ بِما يُضني القُلوبَ شَجِيَّ النَفسِ عانيها +تَكادُ مِن صُحبَةِ الدُنيا وَخِبرَتِها تُسيءُ ظَنَّكَ بِالدُنيا وَما فيها +أَما تَرى المُلكَ في عُرسٍ وَفي فَرَحٍ بِدَولَةِ الرَأيِ وَالشورى وَأَهليها +لَمّا اِستَعَدَّ لَها الأَقوامُ جِئتَ بِها كَالماءِ عِندَ غَليلِ النَفسِ صاديها +فَضلٌ لِذاتِكَ في أَعناقِنا وَيَدٌ عِندَ الرَعِيَّةِ مِن أَسنى أَياديها +خِلافَةُ اللَهِ جَرَّ الذَيلَ حاضِرُها بِما مَنَحتَ وَهَزَّ العِطفَ باديها +طارَت قَناها سُروراً عَن مَراكِزِها وَأَلقَتِ الغِمدَ إِعجاباً مَواضيها +هَبَّ النَسيمُ عَلى مَقدونيا بَرداً مِن بَعدِ ما عَصَفَت جَمراً سَوافيها +تَغلي بِساكِنِها ضِغناً وَنائِرَةً عَلى الصُدورِ إِذا ثارَت دَواعيها +عاثَت عَصائِبُ فيها كَالذِئابِ عَدَت عَلى الأَقاطيعِ لَمّا نامَ راعيها +خَلا لَها مِن رُسومِ الحُكمِ دارِسُها وَغَرَّها مِن طُلولِ المُلكِ باليها +فَسامَرَ الشَرَّ في الأَجبالِ رائِحُها وَصَبَّحَ السَهلَ بِالعِدوانِ غاديها +مَظلومَةٌ في جِوارِ الخَوفِ ظالِمَةٌ وَالنَفسُ مُؤذِيَةٌ مَن راحَ يُؤذيها +رَثَت لَها وَبَكَت مِن رِقَّةٍ فُوَلٌ كَالبومِ يَبكي رُبوعاً عَزَّ باكيها +أَعلامُ مَملَكَةٍ في الغَربِ خائِفَةٌ لِآلِ عُثمانَ كادَ الدَهرُ يَطويها +لَمّا مُلِئنا قُنوطاً مِن سَلامَتِها تَوَثَّبَت أُسُدُ الآجامِ تَحميها +مِن كُلِّ مُستَبسِلٍ يَرمي بِمُهجَتِهِ في الهَولِ إِن هِيَ جاشَت لا يُراعيها +كَأَنَّها وَسَلامُ المُلكِ يَطلُبُها أَمانَةٌ عِندَ ذي عَهدٍ يُؤَدّيها +الدينُ لِلَّهِ مَن شاءَ الإِلَهُ هَدى لِكُلِّ نَفسٍ هَوىً في الدينِ داعيها +ما كانَ مُختَلِفُ الأَديانِ داعِيَةً إِلى اِختِلافِ البَرايا أَو تَعاديها +الكُتبُ وَالرُسلُ وَالأَديانُ قاطِبَةً خَزائِنُ الحِكمَةِ الكُبرى لِواعيها +مَحَبَّةُ اللَهِ أَصلٌ في مَراشِدِها وَخَشيَةُ اللَهِ أُسٌّ في مَبانيها +وَكُلُّ خَيرٍ يُلَقّى في أَوامِرِها وَكُلُّ شَرٍّ يُوَقّى في نَواهيها +تَسامُحُ النَفسِ مَعنىً مِن مُروءَتِها بَلِ المُروءَةُ في أَسمى مَعانيها +تَخَلَّقِ الصَفحَ تَسعَد في الحَياةِ بِهِ فَالنَفسُ يُسعِدُها خُلقٌ وَيُشقيها +اللَهُ يَعلَمُ ما نَفسي بِجاهِلَةٍ مَن أَهلُ خِلَّتِها مِمَّن يُعاديها +لَئِن غَدَوتُ إِلى الإِحسانِ أَصرُفُها فَإِنَّ ذَلِكَ أَجرى مِن مَعاليها +وَالنَفسُ إِن كَبُرَت رَقَّت لِحاسِدِها وَاِستَغفَرَت كَرَماً مِنها لِشانيها +يا شَعبَ عُثمانَ مِن تُركٍ وَمِن عَرَبٍ حَيّاكَ مَن يَبعَثُ المَوتى وَيُحييها +صَبَرتَ لِلحَقِّ حينَ النَفسُ جازِعَةٌ وَاللَهُ بِالصَبرِ عِندَ الحَقِّ موصيها +نِلتَ الَّذي لَم يَنَلهُ بِالقَنا أَحَدٌ فَاِهتِف لِأَنوَرِها وَاِحمِد نَيازيها +ما بَينَ آمالِكَ اللائي ظَفِرتَ بِها وَبَينَ مِصرَ مَعانٍ أَنتَ تَدريها +جِبريلُ أَنتَ هُدى السَما ءِ وَأَنتَ بُرهانُ العِنايَه +اُبسُط جَناحَيكَ اللَذَي نِ هُما الطَهارَةُ وَالهِدايَه +وَزِدِ الهِلالَ مِنَ الكَرا مَةِ وَالصَليبَ مِنَ الرِعايَه +فَهُما لِرَبِّكَ رايَةٌ وَالحَربُ لِلشَيطانِ رايَه +لَم يَخلِقِ الرَحمَنُ أَك بَرَ مِنهُما في البَرِّ آيَه +الأَحمَرانِ عَنِ الدَمِ ال غالي وَحُرمَتِهِ كِنايَه +الغادِيانِ لِنَجدَةٍ الرائِحانِ إِلى وِقايَه +يَتَأَلَّقانِ عَلى الوَغى رَشَداً تَبَيَّنَ مِن غِوايَه +يَقِفانِ في جَنبِ الدِما كَالعُذرِ في جَنَبِ الجِنايَه +لَو خَيَّما في كَربُلا لَم يُمنَعِ السِبطُ السِقايَه +أَو أَدرَكا يَومَ المَسي حِ لَعاوَناهُ عَلى النِكايَه +وَلَنا وَلاهُ الشَهدَ لا ال خَلَّ الَّذي تَصِفُ الرِوايَه +ياأَيُّها اللادي الَّتي أَلقَت عَلى الجَرحى حِمايَه +أَبلَيتِ في نَزعِ السِها مِ بَلاءَ دَهرِكِ في الرِمايَه +وَمَرَرتِ بِالأَسرى فَكُن تِ نَسيمَ واديهِم سِرايَه +وَبَناتُ جِنسِكِ إِن بَنَي نَ البِرَّ أَحسَنَّ البِنايَه +بِالأَمسِ لادى لوثَرٍ لَم تَألُ جيرَتَها عِنايَه +أَسدَت إِلى أَهلِ الجُنو دِ يَداً وَغالَت في الحِفايَه +وَمُحَجَّباتٍ هُنَّ أَط هَرُ عِندَ نائِبَةٍ كِفايَه +يُسعِفنَ رِيّاً أَو قِرىً كَنِساءِ طَيٍّ في البِدايَه +إِن لَم يَكُنَّ مَلائِكَ الر رَحمَنِ كُنَّ هُمُ حِكايَه +لَبَّين�� دَعوَتَكِ الكَري مَةِ وَاِستَبَقنَ البَرَّ غايَه +المُحسِنونَ هُمُ اللُبا بُ وَسائِرُ الناسِ النِفايَه +يا أَيُّها الباغونَ رُك كابَ الجَهالَةِ وَالعِمايَه +الباعِثونَ الحَربَ حُب باً لِلتَوَسُّعِ في الوِلايَه +المُدَّعونَ عَلى الوَرى حَقَّ القِيامَةِ وَالوِصايَه +المُثكِلونَ الموتِمو نَ الهادِمونَ بِلا نِهايَه +كُلُّ الجِراحِ لَها اِلتِئا مٌ مِن عَزاءٍ أَو نِسايَه +إِلّا جِراحُ الحَقِّ في عَصرِ الحَصافَةِ وَالدِرايَه +سَتَظَلُّ دامِيَةً إِلى يَومِ الخُصومَةِ وَالشِكايَه +يا فَرَنسا نِلتِ أَسبابَ السَماء وَتَمَلَّكتِ مَقاليدَ الجِواء +غُلِبَ النَسرُ عَلى دَولَتِهِ وَتَنَحّى لَكِ عَن عَرشِ الهَواء +وَأَتَتكِ الريحُ تَمشي أَمَةً لَكِ يا بَلقيسُ مِن أَوفى الإِماء +رُوِّضَت بَعدَ جِماحٍ وَجَرَت طَوعَ سُلطانَينِ عِلمٌ وَذَكاء +لَكِ خَيلٌ بِجَناحٍ أَشبَهَت خَيلَ جِبريلَ لِنَصرِ الأَنبِياء +وَبَريدٌ يَسحَبُ الذَيلَ عَلى بُرُدٍ في البَرِّ وَالبَحرِ بِطاء +تَطلُعُ الشَمسُ فَيَجري دونَها فَوقَ عُنُقِ الريحِ أَو مَتنِ العَماء +رِحلَةُ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ ما لَبِثَت غَيرَ صَباحٍ وَمَساء +بُسَلاءُ الإِنسِ وَالجِنِّ فِدىً لِفَريقٍ مِن بَنيكِ البُسَلاء +ضاقَتِ الأَرضُ بِهِم فَاِتَّخَذوا في السَماواتِ قُبورَ الشُهَداء +فِتيَةٌ يُمسونَ جيرانَ السُها سُمَراءَ النَجمِ في أَوجِ العَلاء +حُوَّماً فَوقَ جِبالٍ لَم تَكُن لِلرِياحِ الهوجِ يَوماً بِوِطاء +لِسُلَيمانَ بِساطٌ واحِدٌ وَلَهُم أَلفُ بِساطٍ في الفَضاء +يَركَبونَ الشُهبَ وَالسُحبَ إِلى رِفعَةِ الذِكرِ وَعَلياءِ الثَناء +يا نُسوراً هَبَطوا الوادي عَلى سالِفِ الحُبِّ وَمَأثورِ الوَلاء +دارُكُم مِصرُ وَفيها قَومُكُم مَرحَباً بِالأَقرَبينَ الكُرَماء +طِرتُمُ فيها فَطارَت فَرَحاً بِأَعَزِّ الضَيفِ خَيرِ النُزَلاء +هَل شَجاكُم في ثَرى أَهرامِها ما أَرَقتُم مِن دُموعٍ وَدِماء +أَينَ نَسرٌ قَد تَلَقّى قَبلَكُم عِظَةَ الأَجيالِ مِن أَعلى بِناء +لَو شَهِدتُم عَصرَهُ أَضحى لَهُ عالَمُ الأَفلاكِ مَعقودَ اللِواء +جَرَحَ الأَهرامَ في عِزَّتِها فَمَشى لِلقَبرِ مَجروحَ الإِباء +أَخَذَت تاجاً بِتاجٍ ثَأرَها وَجَزَت مِن صَلَفٍ بِالكِبرِياء +وَتَمَنَّت لَو حَوَت أَعظُمَهُ بَينَ أَبناءِ الشُموسِ العُظَماء +جَلَّ شَأنُ اللَهِ هادي خَلقِهِ بِهُدى العِلمِ وَنورِ العُلَماء +زَفَّ مِن آياتِهِ الكُبرى لَنا طِلبَةً طالَ بِها عَهدُ الرَجاء +مَركَبٌ لَو سَلَفَ الدَهرُ بِهِ كانَ إِحدى مُعجِزاتِ القُدَماء +نِصفُهُ طَيرٌ وَنِصفٌ بَشَرٌ يا لَها إِحدى أَعاجيبِ القَضاء +رائِعٌ مُرتَفِعاً أَو واقِعاً أَنفُسَ الشُجعانِ قَبلَ الجُبَناء +مُسرَجٌ في كُلِّ حينٍ مُلجَمٌ كامِلُ العُدَّةِ مَرموقُ الرُواء +كَبِساطِ الريحِ في القُدرَةِ أَو هُدهُدِ السيرَةِ في صِدقِ البَلاء +أَو كَحوتٍ يَرتَمي المَوجُ بِهِ سابِحٌ بَينَ ظُهورٍ وَخَفاء +راكِبٌ ما شاءَ مِن أَطرافِهِ لا يُرى مِن مَركَبٍ ذي عُدَواء +مَلَأَ الجَوَّ فِعالاً وَغَدا عَجَبَ الغِربانِ فيهِ وَالحِداء +وَتَرى السُحبَ بِهِ راعِدَةً مِن حَديدٍ جُمِّعَت لا مِن رَواء +حَمَلَ الفولاذَ ريشاً وَجَرى في عِنانَينِ لَهُ نارٍ وَماء +وَجَناحٍ غَيرِ ذي قادِمَةٍ كَجَناحِ النَحلِ مَصقولٍ سَواء +وَذُنابى كُلُّ ريحٍ مَسَّها مَسَّهُ صاعِقَةٌ مِن كَهرُباء +يَتَراءى كَوكَباً ذا ذَنَبٍ فَإِذا جَدَّ فَسَهماً ذا مَضاء +فَإِذا جازَ الثُرَيّا لِلثَرى جَرَّ كَالطاووسِ ذَيلَ الخُيَلاء +يَملَأُ الآفاقَ صَوتاً وَصَدىً كَعَزيفِ الجِنِّ في الأَرضِ العَراء +أَرسَلَتهُ الأَرضُ عَنها خَبَراً طَنَّ في آذانِ سُكّانِ السَماء +يا شَبابَ الغَدِ وَاِبنايَ الفِدى لَكُمُ أَكرِم وَأَعزِز بِالفِداء +هَل يَمُدُّ اللَهُ لِيَ العَيشَ عَسى أَن أَراكُم في الفَريقِ السُعَداء +وَأَرى تاجَكُمُ فَوقَ السُها وَأَرى عَرشَكُمُ فَوقَ ذُكاء +مَن رَآكُم قالَ مِصرُ اِستَرجَعَت عِزَّها في عَهدِ خوفو وَمِناء +أُمَّةٌ لِلخُلدِ ما تَبني إِذا ما بَنى الناسُ جَميعاً لِلعَفاء +تَعصِمُ الأَجسامَ مِن عادي البِلا وَتَقي الآثارَ مِن عادي الفَناء +إِن أَسَأنا لَكُمُ أَو لَم نُسِئ نَحنُ هَلكى فَلَكُم طولُ البَقاء +إِنَّما مِصرُ إِلَيكُم وَبِكُم وَحُقوقُ البِرِّ أَولى بِالقَضاء +عَصرُكُم حُرٌّ وَمُستَقبَلُكُم في يَمينِ اللَهِ خَيرِ الأُمَناء +لا تَقولوا حَطَّنا الدَهرُ فَما هُوَ إِلّا مِن خَيالِ الشُعَراء +هَل عَلِمتُم أُمَّةً في جَهلِها ظَهَرَت في المَجدِ حَسناءَ الرِداء +باطِنُ الأُمَّةِ مِن ظاهِرِها إِنَّما السائِلُ مِن لَونِ الإِناء +فَخُذوا العِلمَ عَلى أَعلامِهِ وَاِطلُبوا الحِكمَةَ عِندَ الحُكَماء +وَاِقرَأوا تاريخَكُم وَاِحتَفِظوا بِفَصيحٍ جاءَكُم مِن فُصَحاء +أَنزَلَ اللَهُ عَلى أَلسُنِهِم وَحيَهُ في أَعصُرِ الوَحيِ الوِضاء +وَاِحكُموا الدُنيا بِسُلطانٍ فَما خُلِقَت نَضرَتُها لِلضُعَفاء +وَاِطلُبوا المَجدَ عَلى الأَرضِ فَإِن هِيَ ضاقَت فَاِطلُبوهُ في السَماء +أَعلى المَمالِكِ ما كُرسِيُّهُ الماءُ وَما دِعامَتُهُ بِالحَقِّ شَمّاءُ +يا جيرَةَ المَنشِ حَلّاكُم أُبُوَّتُكُم ما لَم يُطَوِّق بِهِ الأَبناءُ آباءُ +مُلكٌ يُطاوِلُ الشَمسَ عِزَّتُهُ في الغَربِ باذِخَةٌ في الشَرقِ قَعساءُ +تَأوي الحَقيقَةُ مِنهُ وَالحُقوقُ إِلى رُكنٍ بَناهُ مِنَ الأَخلاقِ بَنّاءُ +أَعلاهُ بِالنَظَرِ العالي وَنَطَّقَهُ بِحائِطِ الرَأيِ أَشياخٌ أَجِلّاءُ +وَحاطَهُ بِالقَنا فِتيانُ مَملَكَةٍ في السِلمِ زَهرُ رُبىً في الرَوعِ أَرزاءُ +يُستَصرَخونَ وَيُرجى فَضلُ نَجدَتِهِم كَأَنَّهُم عَرَبٌ في الدَهرِ عَرباءُ +وَدَولَةٌ لا يَراها الظَنُّ مِن سِعَةٍ وَلا وَراءَ مَداها فيهِ عَلياءُ +عَصماءُ لا سَبَبُ الرَحمَنِ مُطَّرَحٌ فيها وَلا رَحِمُ الإِنسانِ قَطعاءُ +تِلكَ الجَزائِرُ كانَت تَحتَهُم رُكناً وَراءَهُنَّ لِباغي الصَيدِ عَنقاءُ +وَكانَ وُدُّهُمُ الصافي وَنُصرَتُهُم لِلمُسلِمينَ وَراعيهِم كَما شاؤوا +دُستورُهُم عَجَبُ الدُنيا وَشاعِرُهُم يَدٌ عَلى خَلقِهِ لِلَّهِ بَيضاءُ +ما أَنجَبَت مِثلَ شيكِسبيرَ حاضِرَةٌ وَلا نَمَت مِن كَريمِ الطَيرِ غَنّاءُ +نالَت بِهِ وَحدَهُ إِنكِلتِرا شَرَفاً ما لَم تَنَل بِالنُجومِ الكُثرِ جَوزاءُ +لَم تُكشَفِ النَفسُ لَولاهُ وَلا بُلِيَت لَها سَرائِرُ لا تُحصى وَأَهواءُ +شِعرٌ مِنَ النَسَقِ الأَعلى يُؤَيِّدُهُ مِن جانِبِ اللَه�� إِلهامٌ وَإيحاءُ +مِن كُلِّ بَيتٍ كَآيِ اللَهِ تَسكُنُهُ حَقيقَةٌ مِن خَيالِ الشِعرِ غَرّاءُ +وَكُلِّ مَعنىً كَعيسى في مَحاسِنِهِ جاءَت بِهِ مِن بَناتِ الشِعرِ عَذراءُ +أَو قِصَّةٍ كَكِتابِ الدَهرِ جامِعَةٍ كِلاهُما فيهِ إِضحاكٌ وَإِبكاءُ +مَهما تُمَثَّل تُرَ الدُنيا مُمَثَّلَةً أَو تُتلَ فَهيَ مِنَ الإِنجيلِ أَجزاءُ +يا صاحِبَ العُصُرِ الخالي أَلا خَبَرٌ عَن عالَمِ المَوتِ يَرويهِ الأَلِبّاءُ +أَمّا الحَياةُ فَأَمرٌ قَد وَصَفتَ لَنا فَهَل لِما بَعدُ تَمثيلٌ وَإِدناءُ +بِمَن أَماتَكَ قُل لي كَيفَ جُمجُمَةٌ غَبراءُ في ظُلُماتِ الأَرضِ جَوفاءُ +كانَت سَماءَ بَيانٍ غَيرَ مُقلِعَةٍ شُؤبوبُها عَسَلٌ صافٍ وَصَهباءُ +فَأَصبَحَت كَأَصيصٍ غَيرَ مُفتَقَدٍ جَفَتهُ رَيحانَةٌ لِلشِعرِ فَيحاءُ +وَكَيفَ باتَ لِسانٌ لَم يَدَع غَرَضاً وَلَم تَفُتهُ مِنَ الباغينَ عَوراءُ +عَفا فَأَمسى زُنابى عَقرَبٍ بَلِيَت وَسُمُّها في عُروقِ الظُلمِ مَشّاءُ +وَما الَّذي صَنَعَت أَيدي البِلى بِيَدٍ لَها إِلى الغَيبِ بِالأَقلامِ إيماءُ +في كُلِّ أُنمُلَةٍ مِنها إِذا اِنبَجَسَت بَرقٌ وَرَعدٌ وَأَرواحٌ وَأَنواءُ +أَمسَت مِنَ الدودِ مِثلَ الدودِ في جَدَثٍ قُفّازُها فيهِ حَصباءٌ وَبَوغاءُ +وَأَينَ تَحتَ الثَرى قَلبٌ جَوانِبُهُ كَأَنَّهُنَّ لِوادي الحَقِّ أَرجاءُ +تُصغي إِلى دَقِّهِ أُذنُ البَيانِ كَما إِلى النَواقيسِ لِلرُهبانِ إِصغاءُ +لَئِن تَمَشّى البِلى تَحتَ التُرابِ بِهِ لا يُؤكَلُ اللَيثُ إِلّا وَهوَ أَشلاءُ +وَالناسُ صِنفانِ مَوتى في حَياتِهُمُ وَآخَرونَ بِبَطنِ الأَرضِ أَحياءُ +تَأبى المَواهِبُ فَالأَحياءُ بَينَهُمُ لا يَستَوونَ وَلا الأَمواتُ أَكفاءُ +يا واصِفَ الدَمِ يَجري هَهُنا وَهُنا قُمِ اُنظُرِ الدَمَ فَهوَ اليَومَ دَأماءُ +لاموكَ في جَعلِكَ الإِنسانَ ذِئبَ دَمٍ وَاليَومَ تَبدو لَهُم مِن ذاكَ أَشياءُ +وَقيلَ أَكثَرَ ذِكرَ القَتلِ ثُمَّ أَتَوا ما لَم تَسَعهُ خَيالاتٌ وَأَنباءُ +كانوا الذِئابَ وَكانَ الجَهلُ داءَهُمو وَاليَومَ عِلمُهُمُ الراقي هُوَ الداءُ +لُؤمُ الحَياةِ مَشى في الناسِ قاطِبَةً كَما مَشى آدَمٌ فيهِم وَحَوّاءُ +قُم أَيِّدِ الحَقَّ في الدُنيا أَلَيسَ لَهُ كَتيبَةٌ مِنكَ تَحتَ الأَرضِ خَرساءُ +وَأَينَ صَوتٌ تَميدُ الراسِياتُ لَهُ كَما تَمايَدَ يَومَ النارِ سَيناءُ +وَأَينَ ماضِيَةٌ في الظُلمِ قاضِيَةٌ وَأَينَ نافِذَةٌ في البَغيِ نَجلاءُ +أَيَترُكُ الأَرضَ جانوها وَلَيسَ بِها صَحيفَةٌ مِنكَ في الجانِبَينِ سَوداءُ +تَأوي إِلَيها الأَيامى فَهيَ تَعزِيَةٌ وَيَستَريحُ اليَتامى فَهيَ تَأساءُ + +مالَ وَاِحتَجَب وَاِدَّعى الغَضَب +لَيتَ هاجِري يَشرَحُ السَبَب +عَتبُهُ رِضىً لَيتَهُ عَتَب +عَلَّ بَينَنا واشِياً كَذَب +أَو مُفَنِّداً يَخلُقُ الرِيَب +مَن لِمُدنِفٍ دَمعُهُ سُحُب +باتَ مُتعَباً هَمُّهُ اللَعِب +يَستَوي خَلٍ عِندَهُ وَصَب +ذُقتُ صَدَّهُ غَيرَ مُحتَسِب +ضِقتُ فيهِ بِالر رُسلِ وَالكُتُب +كُلَّما مَشى أَخجَلَ القُضُب +بَينَ عَينِهِ وَالمَها نَسَب +ماءُ خَدِّهِ شَفَّ عَن لَهَب +ساقِيَ الطِلا شُربُها وَجَب +أَنا مَن بَدَّلَ بِالكُتبِ الصِحابا لَم أَجِد لي وافِيا�� إِلّا الكِتابا +صاحِبٌ إِن عِبتَهُ أَو لَم تَعِب لَيسَ بِالواجِدِ لِلصاحِبِ عابا +كُلَّما أَخلَقتُهُ جَدَّدَني وَكَساني مِن حِلى الفَضلِ ثِيابا +صُحبَةٌ لَم أَشكُ مِنها ريبَةً وَوِدادٌ لَم يُكَلِّفني عِتابا +رُبَّ لَيلٍ لَم نُقَصِّر فيهِ عَن سَمَرٍ طالَ عَلى الصَمتِ وَطابا +كانَ مِن هَمِّ نَهاري راحَتي وَنَدامايَ وَنَقلِيَ وَالشَرابا +إِن يَجِدني يَتَحَدَّث أَو يَجِد مَلَلاً يَطوي الأَحاديثَ اِقتِضابا +تَجِدُ الكُتبَ عَلى النَقدِ كَما تَجِدُ الإِخوانَ صِدقاً وَكِذابا +فَتَخَيَّرها كَما تَختارُهُ وَاِدَّخِر في الصَحبِ وَالكُتبِ اللُبابا +صالِحُ الإِخوانِ يَبغيكَ التُقى وَرَشيدُ الكُتبِ يَبغيكَ الصَوابا +غالِ بِالتاريخِ وَاِجعَل صُحفَهُ مِن كِتابِ اللَهِ في الإِجلالِ قابا +قَلِّبِ الإِنجيلَ وَاِنظُر في الهُدى تَلقَ لِلتاريخِ وَزناً وَحِسابا +رُبَّ مَن سافَرَ في أَسفارِهِ بِلَيالي الدَهرِ وَالأَيّامِ آبا +وَاِطلُبِ الخُلدَ وَرُمهُ مَنزِلاً تَجِدِ الخُلدَ مِنَ التاريخِ بابا +عاشَ خَلقٌ وَمَضَوا ما نَقَصوا رُقعَةَ الأَرضِ وَلا زادوا التُرابا +أَخَذَ التاريخُ مِمّا تَرَكوا عَمَلاً أَحسَنَ أَو قَولاً أَصابا +وَمِنَ الإِحسانِ أَو مِن ضِدِّهِ نَجَحَ الراغِبُ في الذِكرِ وَخابا +مَثَلُ القَومِ نَسوا تاريخَهُم كَلَقيطٍ عَيَّ في الناسِ اِنتِسابا +أَو كَمَغلوبٍ عَلى ذاكِرَةٍ يَشتَكي مِن صِلَةِ الماضي اِنقِضابا +يا أَبا الحُفّاظِ قَد بَلَّغتَنا طِلبَةً بَلَّغَكَ اللَهُ الرِغابا +لَكَ في الفَتحِ وَفي أَحداثِهِ فَتَحَ اللَهُ حَديثاً وَخِطابا +مَن يُطالِعهُ وَيَستَأنِس بِهِ يَجِدُ الجِدَّ وَلا يَعدَم دِعابا +صُحُفٌ أَلَّفَتها في شِدَّةٍ يَتَلاشى دونَها الفِكرُ اِنتِهابا +لُغَةُ الكامِلِ في اِستِرسالِهِ وَاِبنُ خَلدونَ إِذا صَحَّ وَصابا +إِنَّ لِلفُصحى زِماماً وَيَداً تَجنِبُ السَهلَ وَتَقتادُ الصَعابا +لُغَةُ الذِكرِ لِسانُ المُجتَبى كَيفَ تَعيا بِالمُنادينَ جَوابا +كُلُّ عَصرٍ دارُها إِن صادَفَت مَنزِلاً رَحباً وَأَهلاً وَجَنابا +إِئتِ بِالعُمرانِ رَوضاً يانِعاً وَاِدعُها تَجرِ يَنابيعَ عِذابا +لا تَجِئها بِالمَتاعِ المُقتَنى سَرَقاً مِن كُلِّ قَومٍ وَنِهابا +سَل بِها أَندَلُساً هَل قَصَّرَت دونَ مِضمارِ العُلى حينَ أَهابا +غُرِسَت في كُلِّ تُربٍ أَعجَمٍ فَزَكَت أَصلاً كَما طابَت نِصابا +وَمَشَت مِشيَتَها لَم تَرتَكِب غَيرَ رِجلَيها وَلَم تَحجِل غُرابا +إِنَّ عَصراً قُمتَ تَجلوهُ لَنا لَبِسَ الأَيّامَ دَجناً وَضَبابا +المَماليكُ تَمَشّى ظُلمُهُم ظُلُماتٍ كَدُجى اللَيلِ حِجابا +كُلُّهُم كافورُ أَو عَبدُ الخَنا غَيرَ أَنَّ المُتَنَبّي عَنهُ خابا +وَلِكُلٍّ شيعَةٌ مِن جِنسِهِ إِنَّ لِلشَرِّ إِلى الشَرِّ اِنجِذابا +ظُلُماتٌ لا تَرى في جُنحِها غَيرَ هَذا الأَزهَرِ السَمحِ شِهابا +زيدَتِ الأَخلاقُ فيهِ حائِطاً فَاِحتَمى فيها رِواقاً وَقِبابا +وَتَرى الأَعزالَ مِن أَشياخِهِ صَيَّروهُ بِسِلاحِ الحَقِّ غابا +قَسَماً لَولاهُ لَم يَبقَ بِها رَجُلٌ يَقرَأُ أَو يَدري الكِتابا +حَفِظَ الدينَ مَلِيّاً وَمَضى يُنقِذُ الدُنيا فَلَم يَملِك ذَهابا +أوذِيَت هَيبَتُهُ مِن عَجزِهِ وَقُصارى عاجِزٍ أَن لا يُهابا +لَم تُغادِر قَلَماً في راحَةٍ دَولَةٌ ما عَرَفَت إِلّا الحِرابا +أَقعَدَ اللَهُ الجَبرَتِيَّ لَها قَلَماً عَن غائِبِ الأَقلامِ نابا +خَبَّأَ الشَيخُ لَها في رُدنِهِ مِرقَماً أَدهى مِنَ الصِلِّ اِنسِيابا +مَلِكٌ لَم يُغضِ عَن سَيِّئَةٍ يا لَهُ مِن مَلَكٍ يَهوى السِبابا +لا يَراهُ الظُلمُ في كاهِلِهِ وَهوَ يَكوي كاهِلَ الظُلمِ عِقابا +صُحُفُ الشَيخِ وَيَومِيّاتُهُ كَزَمانِ الشَيخِ سُقماً وَاِضطِرابا +مِن حَواشٍ كَجَليدٍ لَم يَذُب وَفُصولٍ تُشبِهُ التِبرَ المُذابا +وَالجَبَرتِيُّ عَلى فِطنَتِهِ مَرَّةً يَغبى وَحيناً يَتَغابى +مُنصِفٌ ما لَم يَرُض عاطِفَةً أَو يُعالِجُ لِهَوى النَفسِ غِلابا +وَإِذا الحَيُّ تَوَلّى بِالهَوى سيرَةَ الحَيِّ بَغى فيها وَحابى +وَقعَةُ الأَهرامِ جَلَّت مَوقِعاً وَتَعالَت في المَغازي أَن تُرابا +عِظَةُ الماضي وَمُلقى دَرسِهِ لِعُقولٍ تَجعَلُ الماضي مَثابا +مِن بَناتِ الدَهرِ إِلّا أَنَّها تَنشُرُ الدَهرَ وَتَطويهِ كَعابا +وَمِنَ الأَيّامِ ما يَبقى وَإِن أَمعَنَ الأَبطالُ في الدَهرِ اِحتِجابا +هِيَ مِن أَيِّ سَبيلٍ جِئتَها غايَةٌ في المَجدِ لا تَدنو طِلابا +اُنظُرِ الشَرقَ تَجِدها صَرَّفَت دَولَةَ الشَرقِ اِستِواءً وَاِنقِلابا +جَلَبَت خَيراً وَشَرّاً وَسَقَت أُمَماً في مَهدِهِم شُهداً وَصابا +في نَصيبينَ لَبِسنا حُسنَها وَعَلى التَلِّ لَبِسناها مَعابا +إِنَّ سِرباً زَحَفَ النَسرُ بِهِ قَطَعَ الأَرضَ بِطاحاً وَهِضابا +إِن تَرامَت بَلَداً عِقبانُهُ خَطَفَت تاجاً وَاِصطادَت عُقابا +شَهِدَ الجَيزِيُّ مِنهُم عُصبَةً لَبِسوا الغارَ عَلى الغارِ اِغتِصابا +كَذِئابِ القَفرِ مِن طولِ الوَغى وَاِختِلافِ النَقعِ لَوناً وَإِهابا +قادَهُم لِلفَتحِ في الأَرضِ فَتىً لَو تَأَنّى حَظَّهُ قادَ الصَحابا +غَرَّتِ الناسَ بِهِ نَكبَتُهُ جَمَعَ الجُرحُ عَلى اللَيثِ الذُبابا +بَرَزَت بِالمَنظَرِ الضاحي لَهُم فَيلَقٌ كَالزَهرِ حُسناً وَاِلتِهابا +حُلِّيَ الفُرسانُ فيها جَوهَراً وَجَلالُ الخَيلِ دُرّاً وَذَهابا +في سِلاحٍ كَحُلِيِّ الغيدِ ما لَمَسَت طَعناً وَلا مَسَّت ضِرابا +طَرِحَت مِصرٌ فَكانَت مومِيا بَينَ لِصَّينِ أَراداها جُذابا +نالَها الأَعرَضُ ظَفَراً مِنهُما مِن ذِئابِ الحَربِ وَالأَطوَلُ نابا +وَبَنو الوادي رِجالاتُ الحِمى وَقَفوا مِن ساقِهِ الجَيشَ ذُنابى +مَوقِفَ العاجِزِ مِن حِلفِ الوَغى يَحرُسُ الأَحمالَ أَو يَسقي مُصابا +آذارُ أَقبَلَ قُم بِنا يا صاحِ حَيِّ الرَبيعَ حَديقَةَ الأَرواحِ +وَاِجمَع نَدامى الظَرفِ تَحتَ لِوائِهِ وَاِنشُر بِساحَتِهِ بِساطَ الراحِ +صَفوٌ أُتيحَ فَخُذ لِنَفسِكَ قِسطَها فَالصَفوُ لَيسَ عَلى المَدى بِمُتاحِ +وَاِجلِس بِضاحِكَةِ الرِياضِ مُصَفِّقاً لِتَجاوُبِ الأَوتارِ وَالأَقداحِ +وَاِستَأنِسَنَّ مِنَ السُقاةِ بِرُفقَةٍ غُرٍّ كَأَمثالِ النُجومِ صِباحِ +رَقَّت كَنُدمانِ المُلوكِ خِلالُهُم وَتَجَمَّلوا بِمُروءَةٍ وَسَماحِ +وَاِجعَل صَبوحَكَ في البُكورِ سَليلَةً لِلمُنجِبَينِ الكَرمِ وَالتُفّاحِ +مَهما فَضَضتَ دِنانَها فَاِستَضحَكَت مُلِئَ المَكانُ سَنىً وَطيبَ نُقاحِ +تَطغى فَإِن ذَكَرَت كَريمَ أُ��ولِها خَلَعَت عَلى النَشوانِ حِليَةَ صاحي +فِرعَونُ خَبَّأَها لِيَومِ فُتوحِهِ وَأَعَدَّ مِنها قُربَةً لِفَتاحِ +ما بَينَ شادٍ في المَجالِسِ أَيكُهُ وَمُحَجَّباتِ الأَيكِ في الأَدواحِ +غَرِدٌ عَلى أَوتارِهِ يوحي إِلى غَرِدٍ عَلى أَغصانِهِ صَدّاحِ +بيضُ القَلانِسِ في سَوادِ جَلابِبٍ حُلّينَ بِالأَطواقِ وَالأَوضاحِ +رَتَّلنَ في أَوراقِهِنَّ مَلاحِناً كَالراهِباتِ صَبيحَةَ الإِفصاحِ +يَخطُرنَ بَينَ أَرائِكٍ وَمَنابِرٍ في هَيكَلٍ مِن سُندُسٍ فَيّاحِ +مَلِكُ النَباتِ فَكُلُّ أَرضٍ دارُهُ تَلقاهُ بِالأَعراسِ وَالأَفراحِ +مَنشورَةٌ أَعلامُهُ مِن أَحمَرٍ قانٍ وَأَبيَضَ في الرُبى لَمّاحِ +لَبِسَت لِمَقدَمِهِ الخَمائِلُ وَشيَها وَمَرَحنَ في كَنَفٍ لَهُ وَجَناحِ +يَغشى المَنازِلَ مِن لَواحِظِ نَرجِسٍ آناً وَآناً مِن ثُغورِ أَقاحِ +وَرُؤوسُ مَنثورٍ خَفَضنَ لِعِزِّهِ تيجانَهُنَّ عَواطِرَ الأَرواحِ +الوَردُ في سُرُرِ الغُصونِ مُفَتَّحٍ مُتَقابِلٍ يُثنى عَلى الفَتّاحِ +ضاحي المَواكِبِ في الرِياضِ مُمَيَّزٌ دونَ الزُهورِ بِشَوكَةٍ وَسِلاحِ +مَرَّ النَسيمُ بِصَفحَتَيهِ مُقبِلاً مَرَّ الشِفاهِ عَلى خُدودِ مِلاحِ +هَتَكَ الرَدى مِن حُسنِهِ وَبَهائِهِ بِاللَيلِ ما نَسَجَت يَدُ الإِصباحِ +يُنبيكَ مَصرَعُهُ وَكُلٌّ زائِلٌ أَنَّ الحَياةَ كَغَدوَةٍ وَرَواحِ +وَيَقائِقُ النَسرينِ في أَغصانِها كَالدُرِّ رُكِّبَ في صُدورِ رِماحِ +وَالياسَمينُ لَطيفُهُ وَنَقِيُّهُ كَسَريرَةِ المُتَنَزِّهِ المِسماحِ +مُتَأَلِّقٌ خَلَلَ الغُصونِ كَأَنَّهُ في بُلجَةِ الأَفنانِ ضَوءُ صَباحِ +وَالجُلَّنارُ دَمٌ عَلى أَوراقِهِ قاني الحُروفِ كَخاتَمِ السَفّاحِ +وَكَأَنَّ مَخزونَ البَنَفسَجِ ثاكِلٌ يَلقى القَضاءَ بِخَشيَةٍ وَصَلاحِ +وَعَلى الخَواطِرِ رِقَّةٌ وَكَآبَةٌ كَخَواطِرِ الشُعَراءِ في الأَتراحِ +وَالسَروُ في الحِبَرِ السَوابِغِ كاشِفٌ عَن ساقِهِ كَمَليحَةٍ مِفراحِ +وَالنَخلُ مَمشوقُ العُذوقِ مُعَصَّبٌ مُتَزَيِّنٌ بِمَناطِقٍ وَوِشاحِ +كَبَناتِ فِرعَونٍ شَهِدنَ مَواكِباً تَحتَ المَراوِحِ في نَهارٍ ضاحِ +وَتَرى الفَضاءَ كَحائِطٍ مِن مَرمَرٍ نُضِدَت عَلَيهِ بَدائِعُ الأَلواحِ +الغَيمُ فيهِ كَالنَعامِ بَدينَةٌ بَرَكَت وَأُخرى حَلَّقَت بِجَناحِ +وَالشَمسُ أَبهى مِن عَروسٍ بُرقِعَت يَومَ الزِفافِ بِعَسجَدٍ وَضّاحِ +وَالماءُ بِالوادي يُخالُ مَسارِباً مِن زِئبَقٍ أَو مُلقِياتِ صِفاحِ +بَعَثَت لَهُ شَمسُ النَهارِ أَشِعَّةً كانَت حُلى النَيلوفَرِ السَبّاحِ +يَزهو عَلى وَرَقِ الغُصونِ نَثيرُها زَهوَ الجَواهِرِ في بُطونِ الراحِ +وَجَرَت سَواقٍ كَالنَوادابِ بِالقُرى رُعنَ الشَجِيَّ بِأَنَّةٍ وَنُواحِ +الشاكِياتُ وَما عَرَفنَ صَبابَةً الباكِياتُ بِمَدمَعٍ سَحّاحِ +مِن كُلِّ بادِيَةِ الضُلوعِ غَليلَةٍ وَالماءُ في أَحشائِها مِلواحِ +تَبكي إِذا رَتَبَت وَتَضحَكُ إِن هَفَت كَالعيسِ بَينَ تَنَشُّطٍ وَرَزاحِ +هِيَ في السَلاسِلِ وَالغُلولِ وَجارُها أَعمى يَنوءُ بِنيرِهِ الفَدّاحِ +إِنّي لَأَذكُرُ بِالرَبيعِ وَحُسنِهِ عَهدَ الشَبابِ وَطِرفِهِ المِمراحِ +هَل كانَ إِلّا زَهرَةً كَزُهورِهِ عَجِلَ الفَناءُ لَها بِغَيرِ جُناحِ +هَولَ كينِ مِصرُ رِوايَةٌ لا تَنتَهي مِنها يَدُ الكُتّابِ وَالشُرّاحِ +فيها مِنَ البُردِيِّ وَالمُزمورِ وَال تَوراةِ وَالفُرقانِ وَالإِصحاحِ +وَمِنا وَقِمبيزٌ إِلى إِسكَندَرٍ فَالقَيصَرَينِ فِذى الجَلالِ صَلاحِ +تِلكَ الخَلائِقُ وَالدُهورُ خَزانَةٌ فَاِبعَث خَيالَكَ يَأتِ بِالمِفتاحِ +أُفقُ البِلادِ وَأَنتَ بَينَ رُبوعِها بِالنَجمِ مُزدانٌ وَبِالمِصباحِ +كَنيسَةٌ صارَت إِلى مَسجِدِ هَدِيَّةُ السَيِّدِ لِلسَيِّدِ +كانَت لِعيسى حَرَماً فَاِنتَهَت بِنُصرَةِ الروحِ إِلى أَحمَدِ +شَيَّدَها الرومُ وَأَقيالُهُمُ عَلى مِثالِ الهَرَمِ المُخلَدِ +تُنبِئُ عَن عِزٍّ وَعَن صَولَةٍ وَعَن هَوىً لِلدينِ لَم يَخمُدِ +مَجامِرُ الياقوتِ في صَحنِها تَملُؤُهُ مِن نَدِّها الموقَدِ +وَمِثلُ ما قَد أودِعَت مِن حُلىً لَم تَتَّخِذ داراً وَلَم تُحشَدِ +كانَت بِها العَذراءُ مِن فَضَّةٍ وَكانَ روحُ اللَهِ مِن عَسجَدِ +عيسى مِنَ الأُمِّ لَدى هالَةٍ وَالأُمُّ مِن عيسى لَدى فَرقَدِ +جَلّاهُما فيها وَحَلّاهُما مُصَوِّرُ الرومِ القَديرُ اليَدِ +وَأَودَعَ الجُدرانَ مِن نَقشِهِ بَدائِعاً مِن فَنِّهِ المُفرَدِ +فَمِن مَلاكٍ في الدُجى رائِحٍ عِندَ مَلاكٍ في الضُحى مُغتَدي +وَمِن نَباتٍ عاشَ كَالبَبَّغا وَهوَ عَلى الحائِطِ غَضٌّ نَدي +فَقُل لِمَن شادَ فَهَدَّ القُوى قُوى الأَجيرِ المُتعَبِ المُجهَدِ +كَأَنَّهُ فِرعَونُ لَمّا بَنى لِرَبِّهِ بَيتاً فَلَم يَقصِدِ +أَيُعبَدُ اللَهُ بِسَومِ الوَرى ما لا يُسامُ العَيرُ في المِقوَدِ +كَنيسَةٌ كَالفَدَنِ المُعتَلي وَمَسجِدٌ كَالقَصرِ مِن أَصيَدِ +وَاللَهُ عَن هَذا وَذا في غِنىً لَو يَعقِلُ الإِنسانُ أَو يَهتَدي +قَد جاءَها الفاتِحُ في عُصبَةٍ مِنَ الأُسودِ الرُكَّعِ السُجَّدِ +رَمى بِهِم بُنيانَها مِثلَما يَصطَدِمُ الجَلمَدُ بِالجَلمَدِ +فَكَبَّروا فيها وَصَلّى العِدا وَاِختَلَطَ المَشهَدُ بِالمَشهَدِ +وَما تَوانى الرومُ يَفدونَها وَالسَيفُ في المُفدِيِّ وَالمُفتَدي +فَخانَها مِن قَيصَرٍ سَعدُهُ وَأُيِّدَت بِالقَيصَرِ الأَسعَدِ +بِفاتِحٍ غازٍ عَفيفِ القَنا لا يَحمِلُ الحِقدَ وَلا يَعتَدي +أَجارَ مَن أَلقى مَقاليدَهُ مِنهُم وَأَصفى الأَمنَ لِلمُرتَدي +وَنابَ عَمّا كانَ مِن زُخرُفٍ جَلالَةُ المَعبودِ في المَعبَدِ +فَيا لِثَأرٍ بَينَنا بَعدَهُ أَقامَ لَم يَقرُب وَلَم يَبعُدِ +باقٍ كَثَأرِ القُدسِ مِن قَبلِهِ لا نَنتَهي مِنهُ وَلا يَبتَدي +فَلا يَغُرَّنكَ سُكونُ المَلا فَالشَرُّ حَولَ الصارِمِ المُغمَدِ +لَن يَترُكَ الرومُ عِباداتِهِم أَو يَنزِلَ التُركُ عَنِ السُؤدَدِ +هَذا لَهُم بَيتٌ عَلى بَيتِهِم ما أَشبَهَ المَسجِدَ بِالمَسجِدِ +فَإِن يُعادوا في مَفاتيحِهِ فَيا لِيَومٍ لِلوَرى أَسوَدِ +يَشيبُ فيهِ الطِفلُ في مَهدِهِ وَيُزعَجُ المَيتُ مِنَ الَمرقَدِ +فَكُن لَنا اللَهُمَّ في أَمسِنا وَكُن لَنا اليَومَ وَكُن في غَدِ +لَولا ضَلالٌ سابِقٌ لَم يَقُم مِن أَجلِكَ الخَلقُ وَلَم يَقعُدِ +فَكُلُّ شَرٍّ بَينَهُم أَو أَذى أَنتَ بَراءٌ مِنهُ طُهرُ اليَدِ +يا غابَ بولونَ وَلي ذِمَمٌ عَلَيكَ وَلي عُهود +زَمَنٌ تَقَضّى لِلهَوى وَلَنا بِظِلِّكَ ��َل يَعود +حُلُمٌ أُريدُ رُجوعَهُ وَرُجوعُ أَحلامي بَعيد +وَهَبِ الزَمانَ أَعادَها هَل لِلشَبيبَةِ مَن يُعيد +يا غابَ بولونَ وَبي وَجدٌ مَعَ الذِكرى يَزيد +خَفَقَت لِرُؤيَتِكَ الضُلو عُ وَزُلزِلَ القَلبُ العَميد +وَأَراكَ أَقسى ما عَهِد تُ فَما تَميلُ وَلا تَميد +كَم يا جَمادُ قَساوَةً كَم هَكَذا أَبَداً جُحود +هَلّا ذَكَرتَ زَمانَ كُنّا وَالزَمانُ كَما نُريد +نَطوي إِلَيكَ دُجى اللَيا لي وَالدُجى عَنّا يَذود +فَنَقولُ عِندَكَ ما نَقو لُ وَلَيسَ غَيرُكَ مَن يُعيد +نُطقي هَوىً وَصَبابَةٌ وَحَديثُها وَتَرٌ وَعود +نَسري وَنَسرَحُ في فَضا ئِكَ وَالرِياحُ بِهِ هُجود +وَالطَيرُ أَقعَدَها الكَرى وَالناسُ نامَت وَالوُجود +فَنَبيتُ في الإيناسِ يَغ بُطُنا بِهِ النَجمُ الوَحيد +في كُلِّ رُكنٍ وَقفَةٌ وَبِكُلِّ زاوِيَةٍ قُعود +نَسقي وَنُسقى وَالهَوى ما بَينَ أَعيُنِنا وَليد +فَمِنَ القُلوبِ تَمائِمٌ وَمِنَ الجُنوبِ لَهُ مُهود +وَالغُصنُ يَسجُدُ في الفَضا ءِ وَحَبَّذا مِنهُ السُجود +وَالنَجمُ يَلحَظُنا بِعَي نٍ ما تَحولُ وَلا تَحيد +حَتّى إِذا دَعَتِ النَوى فَتَبَدَّدَ الشَملُ النَضيد +بِتنا وَمِمّا بَينَنا بَحرٌ وَدونَ البَحرِ بيد +لَيلي بِمِصرَ وَلَيلُها بِالغَربِ وَهوَ بِها سَعيد +يا مَلَكاً تَعَبَّدا مُصَلِّياً مُوَحِّدا +مُبارَكاً في يَومِهِ وَالأَمسِ مَيموناً غَدا +مُسَخَّراً لِأُمَّةٍ مِن حَقِّها أَن تَسعَدا +قَد جَعَلَتهُ تاجَها وَعِزَّها وَالسُؤدُدا +وَأَعرَضَت حَيثُ مَشى وَأَطرَقَت حَيثَ بَدا +تُجِلُّهُ في حُسنِهِ كَما تُجِلُّ الفَرقَدا +أَنتَ شُعاعٌ مِن عَلٍ أَنزَلَهُ اللَهُ هُدى +كَم قَد أَضاءَ مَنزِلاً وَكَم أَنارَ مَسجِدا +وَكَم كَسا الأَسواقَ مِن حُسنٍ وَزانَ البَلَدا +لَولا التُقى لَقُلتُ لَم يَخلُق سِواكَ الوَلَدا +إِن شِئتَ كانَ العَيرَ أَو إِن شِئتَ كانَ الأَسَدا +وَإِن تُرِد غَيّاً غَوى أَو تَبغِ رُشداً رَشَدا +وَالبَيتُ أَنتَ الصَوتُ في هِ وَهوَ لِلصَوتِ صَدى +كَالبَبَّغا في قَفَصٍ قيلَ لَهُ فَقَلَّدا +وَكَالقَضيبِ اللَدنِ قَد طاوَعَ في الشَكلِ اليَدا +يَأخُذُ ما عَوَّدتَهُ وَالمَرءُ ما تَعَوَّدا +مِمّا اِنفَرَدتَ في الوَرى بِفَضلِهِ وَاِنفَرَدا +وَكُلُّ لَيثٍ قَد رَمى بِهِ الإِمامُ في العِدا +أَنتَ الَّذي جَنَّدتَهُ وَسُقتَهُ إِلى الرَدى +وَقُلتَ كُن لِلَّهِ وَالس سُلطانِ وَالتُركِ فِدى +سُنونٌ تُعادُ وَدَهرٌ يُعيد لَعَمرُكَ ما في اللَيالي جَديد +أَضاءَ لِآدَمَ هَذا الهِلالُ فَكَيفَ تَقولُ الهِلالُ الوَليد +نَعُدُّ عَلَيهِ الزَمانَ القَريبَ وَيُحصي عَلَينا الزَمانَ البَعيد +عَلى صَفحَتَيهِ حَديثُ القُرى وَأَيّامُ عادٍ وَدُنيا ثَمود +وَطيبَةُ آهِلَةٌ بِالمُلوكِ وَطيبَةُ مُقفِرَةٌ بِالصَعيد +يَزولُ بِبَعضِ سَناهُ الصَفا وَيَفنى بِبَعضِ سَناهُ الحَديد +وَمِن عَجَبٍ وَهوَ جَدُّ اللَيالي يُبيدُ اللَيالِيَ فيما يُبيد +يَقولونَ يا عامُ قَد عُدتَ لي فَيالَيتَ شِعري بِماذا تَعود +لَقَد كُنتَ لي أَمسِ ما لَم أُرِد فَهَل أَنتَ لي اليَومَ ما لا أُريد +وَمَن صابَرَ الدَهرَ صَبري لَهُ شَكا في الثَلاثينَ شَكوى لَبيد +ظَمِئتُ وَمِثلي بَرِيٍّ أَحَقُّ كَأَنّي حُسَينٌ وَدَهري يَزيد +تَغابَيتُ حَتّى صَحِبتُ الجَهولَ وَدارَيتُ حَتّى صَبِحتُ الحَسود +لِمَن غُرَّةٌ تَنجَلي مِن بَعيد بِمَرأىً كَما الحُلمُ ضاحَ سَعيد +تَهُزُّ الوُجودَ تَباشيرُها كَما هَزَّ مِن والِدَيهِ الوَليد +وَيَغشى الدُنا مِن حُلاها سَنىً أَضاءَ لَنا كُلَّ حالٍ نَضيد +مِنَ المَوجِ مُلتَمِعٌ مِثلَما تَحَلَّت نُحورُ الدُمى بِالعُقود +أَتَتنا مِنَ الماءِ مُهتَزَّةً مُنَوِّرَةً تَعتَلي لِلوُجود +وَتَصعَدُ مِن غَيرِ ما سُلَّمٍ فَيا لِلمُصَوِّرِ هَذا الصُعود +وَهَذا المُنيرُ القَريبُ القَريب وَهَذا المُنيرُ البَعيدُ البَعيد +وَهَذا المُنيرُ الَّذي لَن يُرى وَهَذا المُنيرُ وَكُلٌّ شَهيد +وَهَذا الجُسامُ الخَفيفُ الخُطا وَهَذا الجُسامُ الَّذي ما يَميد +وَيا لِلمُصَوِّرِ آثارَها بِكُلِّ بِحارٍ وَفي كُلِّ بيد +وَتَقليلِها كُلَّ جَمِّ السَنا وَتَصغيرِها كُلَّ عالٍ مَشيد +مِنَ النارِ لَكِنَّ أَطرافَها تَدورُ بِياقوتَةٍ لَن تَبيد +مِنَ النارِ لَكِنَّ أَنوارَها إِلَهِيَّةٌ زُيِّنَت لِلعَبيد +هِيَ الشَمسُ كانَت كَما شاءَها مَماتُ القَديمِ حَياةُ الجَديد +تَرُدُّ المِياهَ إِلى حَدِّها وَتُبلي جِبالَ الصَفا وَالحَديد +وَتَطلُعُ بِالعَيشِ أَو بِالرَدى عَلى الزَرعِ قائِمِهِ وَالحَصيد +وَتَسعى لِذا الناسِ مَهما سَعَت بِخَيرِ الوُعودِ وَشَرِّ الوَعيد +وَقَد تَتَجَلّى إِذا أَقبَلَت بِنُعمى الشَقِيِّ وَبُؤسى السَعيد +وَقَد تَتَوَلّى إِذا أَدبَرَت وَلَيسَت بِمَأمونَةٍ أَن تَعود +فَما لِلغُروبِ يَهيجُ الأَسى وَكانَ الشُروقُ لَنا أَيَّ عيد +كَذا المَرءُ ساعَةَ ميلادِهِ وَساعَةَ يَدعو الحِمامُ العَنيد +وَلَيسَ بِجارٍ وَلا واقِعٍ سِوى الحَقِّ مِمّا قَضاهُ المُريد +مَلِكَ السَماءِ بَهَرتَ في الأَنوارِ فَفَداك كُلُّ مُتَوَّجٍ مِن ساري +لَمّا طَلَعتَ عَلى المِياهِ تُنيرُها سَكَنَت وَقَد كانَت بِغَيرِ قَرارِ +وَزَهَت لِناظِرِها السَماءُ وَقَرَّ ما في البَحرِ مِن عُبُبٍ وَمِن تَيّارِ +وَأَهَلَّ لِلَّهِ السُراةُ وَأَزلَفوا لَكَ في الكَمالِ تَحِيَّةَ الإِكبارِ +وَتَأَمَّلوكَ فَكُلُّ جارِحَةٍ لَهُم عَينٌ تُسامِرُ نورَها وَتُساري +وَالبَدرُ مِنكَ عَلى العَوالِمِ يَجتَلي بِشرَ الوُجوهِ وَزَحمَةِ الأَبصارِ +مُتَقَدِّمٌ في النورِ مَحجوبٌ بِهِ موفٍ على الآفاقِ بِالأَسفارِ +يا دُرَّةَ الغَوّاصِ أَخرَجَ ظافِراً يُمناهُ يَجلوها عَلى النُظّارِ +مُتَهَلِّلاً في الماءِ أَبدى نِصفَهُ يَسمو بِها وَالنِصفُ كاسٍ عارِ +وافى بِكَ الأُفُقُ السَماءَ فَأَسفَرَت عَن قُفلِ ماسٍ في سِوارِ نُضارِ +وَنَهَضتَ يَزهو الكَونُ مِنكَ بِمَنظَرٍ ضاحٍ وَيَحمُلُ مِنكَ تاجَ فَخارِ +الماءُ وَالآفاقُ حَولَكَ فِضَّةٌ وَالشُهبُ دينارٌ لَدى دينارِ +وَالفُلكُ مُشرِقَةُ الجَوانِبِ في الدُجى يَبدو لَها ذَيلٌ مِنَ الأَنوارِ +بَينا تَخَطَّرُ في لُجَينٍ مائِجٍ إِذ تَنثَني في عَسجَدٍ زَخّارِ +وَكَأَنَّها وَالمَوجُ مُنتَظِمٌ وَقَد أَوفَيتَ ثُمَّ دَنَوتَ كَالمُختارِ +غَيداءُ لاهِيَةٌ تَخُطُّ لِأَغيَدٍ شِعراً لِيَقرَأَهُ وَأَنتَ القاري +فَليَهنِ بَدرَ الأَرضِ أَنَّكَ صِنوُهُ وَنَظيرُهُ قُرباً وَبُعدَ مَزارِ +وَحَلاكُما ما البَدرُ إِلّا أَنتُما وَسِواكُما قَمَرٌ مِنَ الأَقمارِ +أَنتَ الكَريمُ عَلى الوُجودِ بِوَجهِهِ وَهيَ الضَنينَةُ بِالخَيالِ الساري +هَيفاءُ أَهواها وَأَعشَقُ ذِكرَها لَكِن أُداري وَالمُحِبُّ يُداري +لي في الهَوى سِرٌّ أَبيتُ أَصونُهُ وَاللَهُ مُطَّلِعٌ عَلى الأَسرارِ +لا السُهدُ يُدنيني إِلَيهِ وَلا الكَرى طَيفٌ يَزورُ بِفَضلِهِ مَهما سَرى +تَخِذَ الدُجى وَسَماءَهُ وَنُجومَهُ سُبُلاً إِلى جَفنَيكِ لَم يَرضَ الثَرى +وَأَتاكَ مَوفورَ النَعيمِ تَخالُهُ مَلَكاً تَنُمُّ بِهِ السَماءُ مُطَهَّرا +عَلِمَ الظَلامُ هُبوطَهُ فَمَشَت لَهُ أَهدابُهُ يَأخُذنَهُ مُتَحَدِّرا +وَحَمى النَسائِمَ أَن تَروحَ وَأَن تَجي حَذَراً وَخَوفاً أَن يُراعَ وَيُذعَرا +وَرَقَدتَ تُزلِفُ لِلخَيالِ مَكانَهُ بَينَ الجُفونِ وَبَينَ هُدبِكَ وَالكَرى +فَهَنِئتَهُ مِثلَ السَعادَةِ شائِقاً مُتَصَوِّراً ما شِئتَ أَن يَتَصَوَّرا +تَطوي لَهُ الرَقباءُ مَنصورَ الهَوى وَتَدوسُ أَلسِنَةَ الوُشاةِ مُظَفَّرا +لَولا اِمتِنانُ العَينِ يا طَيفَ الرِضا ما سامَحَت أَيّامَها فيما جَرى +باتَت مُشَوَّقَةً وَباتَ سَوادُها زونا بِتِمثالِ الجَمالِ مُنَوِّرا +تُعطى المُنى وَتُنيلُهُنَّ خَليقَةً بِكَ أَن تُقَدِّمَ في المِنى وَتُؤَخِّرا +وَتُعانِقُ القَمَرَ السَنِيَّ عَزيزَةً حَتّى إِذا وَدَّعتَ عانَقتَ الثَرى +في لَيلَةٍ قَدِمَ الوُجودَ هِلالُها فَدَنَت كَواكِبُها تُعَلِّمُهُ السُرى +وَتُريهِ آثارَ البُدورِ لِيَقتَفي وَيَرى لَهُ الميلادُ أَن يَتَصَدَّرا +ناجَيتُ مَن أَهوى وَناجاني بِها بَينَ الرِياضِ وَبَينَ ماءِ سُوَيسِرا +حَيثُ الجِبالُ صِغارُها وَكِبارُها مِن كُلِّ أَبيَضَ في الفَضاءِ وَأَخضَرا +تَخِذَ الغَمامُ بِها بُيوتاً فَاِنجَلَت مَشبوبَةَ الأَجرامِ شائِبَةَ الذُرى +وَالصَخرُ عالٍ قامَ يُشبِهُ قاعِداً وَأَنافَ مَكشوفَ الجَوانِبِ مُنذِرا +بَينَ الكَواكِبِ وَالسَحابِ تَرى لَهُ أُذُناً مِنَ الحَجَرِ الأَصَمِّ وَمِشفَرا +وَالسَفحُ مِن أَيِّ الجِهاتِ أَتَيتَهُ أَلفَيتَهُ دَرَجاً يَموجُ مُدَوَّرا +نَثَرَ الفَضاءُ عَلَيهِ عِقدَ نُجومِهِ فَبَدا زَبَرجَدُهُ بِهِنَّ مُجَوهَرا +وَتَنَظَّمَت بيضُ البُيوتِ كَأَنَّها أَوكارُ طَيرٍ أَو خَميسٌ عَسكَرا +وَالنَجمُ يَبعَثُ لِلمِياهِ ضِياءَهُ وَالكَهرُباءُ تُضيءُ أَثناءَ الثَرى +هامَ الفِراشُ بِها وَحامَ كَتائِباً يَحكي حَوالَيها الغَمامُ مُسَيَّرا +خُلِقَت لِرَحمَتِهِ فَباتَت نارُهُ بَرداً وَنارُ العاشِقينَ تَسَعُّرا +وَالماءُ مِن فَوقِ الدِيارِ وَتَحتَها وَخِلالِها يَجري وَمِن حَولِ القُرى +مُتَصَوِّباً مُتَصَعِّداً مُتَمَهِّلاً مُتَسَرِّعاً مُتَسَلسِلاً مُتَعَثِّرا +وَالأَرضُ جِسرٌ حَيثُ دُرتَ وَمَعبَرٌ يَصِلانِ جِسراً في المِياهِ وَمَعبَرا +وَالفُلكُ في ظِلِّ البُيوتِ مَواخِراً تَطوي الجَداوِلَ نَحوَها وَالأَنهُرا +حَتّى إِذا هَدَأَ المَلا في لَيلِهِ جاذَبتُ لَيلي ثَوبَهُ مُتَحَيِّرا +وَخَرَجتُ مِن بَينَ الجُسورِ لَعَلَّني أَستَقبِلُ العَرفَ الحَبيبَ إِذا سَرى +آوي إِلى الشَجَراتِ وَهيَ تَهُزُّني وَقَدِ اِطمَأَنَّ الطَيرُ فيها بِالكَرى +وَيَهُزُّ مِنّي الماءُ في لَمَع��نِهِ فَأَميلُ أَنظُرُ فيهِ أَطمَعُ أَن أَرى +وَهُنالِكَ اِزدَهَتِ السَماءُ وَكانَ أَن آنَستُ نوراً ما أَتَمَّ وَأَبهَرا +فَسَرَيتُ في لَألائِهِ وَإِذا بِهِ بَدرٌ تُسايِرُهُ الكَواكِبُ خُطَّرا +حُلُمٌ أَعارَتني العِنايَةُ سَمعَها فيهِ فَما اِستَتمَمتُ حَتّى فُسِّرا +فَرَأَيتُ صَفوى جَهرَةً وَأَخَذتُ أَن سى يَقظَةً وَمُنايَ لَبَّت حُضَّرا +وَأَشَرتَ هَل لُقيا فَأوحِيَ أَن غَداً بِالطَودِ أَبيَضَ مِن جِبالِ سُوَيسِرا +إِن أَشرَقَت زَهراءَ تَسمو لِلضُحى وَإِذا هَوَت حَمراءَ في تِلكَ الذُرى +فَشُروقُها مِنهُ أَتَمُّ مَعانِياً وَغُروبُها أَجلى وَأَكمَلُ مَنظَرا +تَبدو هُنالِكَ لِلوُجودِ وَليدَةً تَهنا بِها الدُنيا وَيَغتَبِطُ الثَرى +وَتُضيءُ أَثناءَ الفَضاءِ بِغُرَّةٍ لاحَت بِرَأسِ الطَودِ تاجاً أَزهَرا +فَسَمَت فَكانَت نِصفَ طارٍ ما بَدا حَتّى أَنافَ فَلاحَ طاراً أَكبَرا +يَعلو العَوالِمَ مُستَقِلّاً نامِياً مُستَعصِياً بِمَكانِهِ أَن يُنقَرا +سالَت بِهِ الآفاقُ لَكِن عَسجَداً وَتَغَطَّتِ الأَشباحُ لَكِن جَوهَرا +وَاِهتَزَّ فَالدُنيا لَهُ مُهتَزَّةٌ وَأَنارَ فَاِنكَشَفَ الوُجودُ مُنَوَّرا +حَتّى إِذا بَلَغَ السُمُوُّ كَمالَهُ أَذِنَت لِداعي النَقصِ تَهوى القَهقَرى +فَدَنَت لِناظِرِها وَدانَ عَنانُها وَتَبَدَّلَ المُستَعظِمُ المُستَصغِرا +وَاِصفَرَّ أَبيَضُ كُلِّ شَيءٍ حَولَها وَاِحمَرَّ بُرقُعُها وَكانَ الأَصفَرا +وَسَما إِلَيها الطَودُ يَأخُذُها وَقَد جَعَلَت أَعالِيَهُ شَريطاً أَحمَرا +مَسَّتهُ فَاِشتَعَلَت بِها جَنَباتُهُ وَبَدَت ذُراهُ الشُمُّ تَحمِلُ مِجمَرا +فَكَأَنَّما مَدَّت بِهِ نيرانَها شَرَكاً لِتَصطادَ النَهارَ المُدبِرا +حَرَقَتهُ وَاِحتَرَقَت بِهِ فَتَوَلَّيا وَأَتى طُلولَهُما الظَلامُ فَعَسكَرا +فَشُروقُها الأَمَلُ الحَبيبُ لِمَن رَأى وَغُروبُها الأَجَلُ البَغيضُ لِمَن دَرى +خَطبانِ قاما بِالفَناءِ عَلى الصَفا ما كانَ بَينَهُما الصَفاءُ لِيَعمُرا +تَتَغَيَّرُ الأَشياءُ مَهما عاوَدا وَاللَهُ عَزَّ وَجَلَّ لَن يَتَغَيَّرا +أَنهارُنا تَحتَ السَليفِ وَفَوقَهُ وَلَدى جَوانِبِهِ وَما بَينَ الذُرى +رَجلاً وَرُكباناً وَزَحلَقَةً عَلى عَجلٍ هُنالِكَ كَهرُبائِيِّ السَرى +في مَركَبٍ مُستَأنِسٍ سالَت بِهِ قُضُبُ الحَديدِ تَعَرُّجاً وَتَحَدُّرا +يَنسابُ ما بَينَ الصُخورِ تَمَهُّلاً وَيَخِفُّ بَينَ الهُوَّتَينِ تَخَطُّرا +وَإِذا اِعتَلى بِالكَهرُباءِ لِذَروَةٍ عَصماءَ هَمَّ مُعانِقاً مُتَسَوِّرا +لَمّا نَزَلنا عَنهُ في أُمِّ الذُرى قُمنا عَلى فَرعِ السَليفِ لِنَنظُرا +أَرضٌ تَموجُ بِها المَناظِرُ جَمَّةٌ وَعَوالِمٌ نِعمَ الكِتابُ لِمَن قَرا +وَقُرىً ضَرَبنَ عَلى المَدائِنِ هالَةً وَمَدائِنٌ حَلَّينَ أَجيادَ القُرى +وَمَزارِعٌ لِلناظِرينَ رَوائِعٌ لَبِسَ الفَضاءُ بِها طِرازاً أَخضَرا +وَالماءُ غَدرٌ ما أَرَقَّ وَأَغزَرا وَجَداوِلٌ هُنَّ اللُجَينُ وَقَد جَرى +فَحَشَونَ أَفواهَ السُهولِ سَبائِكاً وَمَلَأنَ أَقبالَ الرَواسِخِ جَوهَرا +قَد صَغَّرَ البُعدُ الوُجودَ لَنا فَيا لِلَّهِ ما أَحلى الوُجودَ مُصَغَّرا +تِلكَ الطَبيعَةُ قِف بِنا يا ساري حَتّى أُريكَ بَديعَ صُنعِ الباري +الأَرضُ حَولَكَ وَالسَماءُ اِهتَزَّتا لِرَوائِعِ الآياتِ وَالآثارِ +مِن كُلِّ ناطِقَةِ الجَلالِ كَأَنَّها أُمُّ الكِتابِ عَلى لِسانِ القاري +دَلَّت عَلى مَلِكِ المُلوكِ فَلَم تَدَع لِأَدِلَّةِ الفُقَهاءِ وَالأَحبارِ +مَن شَكَّ فيهِ فَنَظرَةٌ في صُنعِهِ تَمحو أَثيمَ الشَكِّ وَالإِنكارِ +كَشَفَ الغَطاءُ عَنِ الطُرولِ وَأَشرَقَت مِنهُ الطَبيعَةُ غَيرَ ذاتِ سِتارِ +شَبَّهتُها بَلقيسَ فَوقَ سَريرِها في نَضرَةٍ وَمَواكِبٍ وَجَواري +أَو بِاِبنِ داوُدٍ وَواسِعِ مُلكِهِ وَمَعالِمٍ لِلعِزِّ فيهِ كِبارِ +هوجُ الرِياحِ خَواشِعٌ في بابِهِ وَالطَيرُ فيهِ نَواكِسُ المِنقارِ +قامَت عَلى ضاحي الجِنانِ كَأَنَّها رَضوانُ يُزجي الخُلدُ لِلأَبرارِ +كَم في الخَمائِلِ وَهيَ بَعضُ إِمائِها مِن ذاتِ خِلخالٍ وَذاتِ سِوارِ +وَحَسيرَةٍ عَنها الثِيابُ وَبَضَّةٍ في الناعِماتِ تَجُرُّ فَضلَ إِزارِ +وَضَحوكِ سِنٍّ تَملَأُ الدُنيا سَنىً وَغَريقَةٍ في دَمعِها المِدرارِ +وَوَحيدَةٍ بِالنَجدِ تَشكو وَحشَةً وَكَثيرَةِ الأَترابِ بِالأَغوارِ +وَلَقَد تَمُرُّ عَلى الغَديرِ تَخالُهُ وَالنَبتُ مِرآةً زَهَت بِإِطارِ +حُلوُ التَسَلسُلِ مَوجُهُ وَجَريرُهُ كَأَنامِلٍ مَرَّت عَلى أَوتارِ +مَدَّت سَواعِدُ مائِهِ وَتَأَلَّقَت فيها الجَواهِرُ مِن حَصىً وَجِمارِ +يَنسابُ في مُخضَلَّةٍ مُبتَلَّةٍ مَنسوجَةٍ مِن سُندُسٍ وَنُضارِ +زَهراءَ عَونِ العاشِقينَ عَلى الهَوى مُختارَةِ الشُعَراءِ في آذارِ +قامَ الجَليدُ بِها وَسالَ كَأَنَّهُ دَمعُ الصَبابَةِ بَلَّ غُضنَ عَذارِ +وَتَرى السَماءَ ضُحىً وَفي جُنحِ الدُجى مُنشَقَّةً مِن أَنهُرٍ وَبِحارِ +في كُلِّ ناحِيَةٍ سَلَكتَ وَمَذهَبٍ جَبَلانِ مِن صَخرٍ وَماءٍ جاري +مِن كُلِّ مُنهَمِرِ الجَوانِبِ وَالذُرى غَمرِ الحَضيضِ مُحَلَّلٍ بِوَقارِ +عَقَدَ الضَريبُ لَهُ عَمامَةَ فارِعٍ جَمِّ المَهابَةِ مِن شُيوخِ نِزارِ +وَمُكَذِّبٍ بِالجِنِّ ريعَ لِصَوتِها في الماءِ مُنحَدِراً وَفي التَيّارِ +مَلَأَ الفَضاءَ عَلى المَسامِعِ ضَجَّةً فَكَأَنَّما مَلَأَ الجِهاتِ ضَواري +وَكَأَنَّما طوفانُ نوحٍ ما نَرى وَالفُلكُ قَد مُسِخَت حَثيثَ قِطارِ +يَجري عَلى مَثَلِ الصِراطِ وَتارَةً ما بَينَ هاوِيَةٍ وَجُرفٍ هاري +جابَ المَمالِكَ حَزنَها وَسُهولَها وَطَوى شِعابَ الصِربِ وَالبُلغارِ +حَتّى رَمى بِرِحالِنا وَرَجائِنا في ساحِ مَأمولٍ عَزيزِ الجارِ +مَلِكٌ بِمَفرَقِهِ إِذا اِستَقبَلتَهُ تاجانِ تاجُ هُدىً وَتاجُ فَخارِ +سَكَنَ الثُرَيّا مُستَقَرَّ جَلالِهِ وَمَشَت مَكارِمُهُ إِلى الأَمصارِ +فَالشَرقُ يُسقى ديمَةً بِيَمينِهِ وَالغَربُ تُمطِرُهُ غُيوثُ يَسارِ +وَمَدائِنُ البَرَّينِ في إِعظامِهِ وَعَوالِمُ البَحرَينِ في الإِكبارِ +اللَهُ أَيَّدَهُ بِآسادِ الشَرى في صورَةِ المُتَدَجِّجِ الجَرّارِ +الصاعِدينَ إِلى العَدُوِّ عَلى الظُبى النازِلينَ عَلى القَنا الخَطّارِ +المُشتَرينَ اللَهَ بِالأَبناءِ وَال أَزواجِ وَالأَموالِ وَالأَعمارِ +القائِمينَ عَلى لِواءِ نَبِيِّهِ المُنزَلينَ مَنازِلَ الأَنصارِ +يا عَرشَ قُسطَنطينَ نِلتَ مَكانَةً لَم تُعطَها في سالِفِ الأَعصارِ +شُرِّفتَ بِالصَديقِ وَالفاروقِ بَل بِالأَقرَبِ الأَدنى مِنَ المُختارِ +حامي الخِلافَةِ مَجدِها وَكِيانِها بِالرَأيِ آوِنَةً وَبِالبَتّارِ +تاهَت فُروقُ عَلى العَواصِمِ وَاِزدَهَت بِجُلوسِ أَصيَدَ باذِخِ المِقدارِ +جَمِّ الجَلالِ كَأَنَّما كُرسِيُّهُ جُزءٌ مِنَ الكُرسِيِّ ذي الأَنوارِ +أَخَذَت عَلى البوسفورِ زُخرُفَها دُجىً وَتَلَألَأَت كَمَنازِلِ الأَقمارِ +فَالبَدرُ يَنظُرُ مِن نَوافِذِ مَنزِلٍ وَالشَمسُ ثَمَّ مُطِلَّةٌ مِن دارِ +وَكَواكِبُ الجَوزاءِ تَخطُرُ في الرُبى وَالنَسرُ مَطلَعُهُ مِنَ الأَشجارِ +وَاِسمُ الخَليفَةِ في الجِهاتِ مُنَوِّرٌ تَبدو السَبيلُ بِهِ وَيَهدي الساري +كَتَبوهُ في شُرَفِ القُصورِ وَطالَما كَتَبوهُ في الأَسماعِ وَالأَبصارِ +يا واحِدَ الإِسلامِ غَيرَ مُدافِعٍ أَنا في زَمانِكَ واحِدُ الأَشعارِ +لي في ثَنائِكَ وَهوَ باقٍ خالِدٌ شَعرٌ عَلى الشِعرى المَنيعَةِ زاري +أَخلَصتُ حُبّي في الإِمامِ دِيانَةً وَجَعَلتُهُ حَتّى المَماتِ شِعاري +لَم أَلتَمِس عَرضَ الحَياةِ وَإِنَّما أَقرَضتُهُ في اللَهِ وَالمُختارِ +إِنَّ الصَنيعَةَ لا تَكونُ كَريمَةً حَتّى تُقَلِّدُها كَريمَ نِجارِ +وَالحُبُّ لَيسَ بِصادِقٍ ما لَم تَكُن حَسَنَ التَكَرُّمِ فيهِ وَالإيثارِ +وَالشِعرُ إِنجيلٌ إِذا اِستَعمَلتَهُ في نَشرِ مَكرُمَةٍ وَسَترِ عَوارِ +وَثَنَيتَ عَن كَدَرِ الحِياضِ عِنانَهُ إِنَّ الأَديبَ مُسامِحٌ وَمُداري +عِندَ العَواهِلِ مِن سِياسَةِ دَهرِهِم سِرٌّ وَعِندَكَ سائِرُ الأَسرارِ +هَذا مُقامٌ أَنتَ فيهِ مُحَمَّدٌ أَعداءُ ذاتِكَ فِرقَةٌ في النارِ +إِنَّ الهِلالَ وَأَنتَ وَحدَكَ كَهفُهُ بَينَ المَعاقِلِ مِنكَ وَالأَسوارِ +لَم يَبقَ غَيرُكَ مَن يَقولُ أَصونُهُ صُنهُ بِحَولِ الواحِدِ القَهّارِ +عَلى أَيِّ الجِنانِ بِنا تَمُرُّ وَفي أَيِّ الحَدائِقِ تَستَقِرُّ +رُوَيداً أَيُّها الفُلكُ الأَبَرُّ بَلَغتَ بِنا الرُبوعَ فَأَنتَ حُرُّ +سَهِرتَ وَلَم تَنَم لِلرَكبِ عَينُ كَأَن لَم يُضوِهِم ضَجَرٌ وَأَينُ +يَحُثُّ خُطاكَ لُجٌّ بَل لُجَينُ بَلِ الإِبريزُ بَل أُفقٌ أَغَرُّ +عَلى شِبهِ السُهولِ مِنَ المِياهِ تُحيطُ بِكَ الجَزائِرُ كَالشِياهِ +وَأَنتَ لَهُنَّ راعٍ ذو اِنتِباهِ تَكُرُّ مَعَ الظَلامِ وَلا تَفِرُّ +يُنيفُ البَدرُ فَوقَكَ بِالهَباءِ رَفيعاً في السُمُوِّ بِلا اِنتِهاءِ +تَخالُكُما العُيونُ إِلى اِلتِقاءِ وَدونَ المُلتَقى كَونٌ وَدَهرُ +إِلى أَن قيلَ هَذا الدَردَنيلُ فَسِرتَ إِلَيهِ وَالفَجرُ الدَليلُ +يُجيزُكَ وَالأَمانُ بِهِ سَبيلُ إِذا هُوَ لَم يُجِز فَالماءُ خَمرُ +تَمُرُّ مِنَ المَعاقِلِ وَالجِبالِ بِعالٍ فَوقَ عالٍ خَلفَ عالي +إِذا أَومَأنَ وَقَّفَتِ اللَيالي وَتَحمي الحادِثاتُ فَلا تَمُرُّ +مَدافِعُ بَعضَها مُتَقابِلاتُ وَمِنها الصاعِداتُ النازِلاتُ +وَمِنها الظاهِراتُ وَأُخرَياتُ تَوارى في الصُخورِ وَتَستَسِرُّ +فَلَو أَنَّ البِحارَ جَرَت مِئينا وَكانَ اللُجُّ أَجمَعُهُ سَفينا +لِتَلقى مَنفَذاً لَلَقينَ حَينا وَلَمّا يَمسَسِ البوغازَ ضُرُّ +وَبَعدَ الأَرخَبيلُ وَما يَليهِ وَتيهٍ في العَيالِمِ تيهِ +بَدا ضَوءُ الصَباحِ فَسِرتَ فيهِ إِلى البُسفورِ وَاِقتَرَبَ المَقَرُّ +تُسايِرُكَ المَدائِنُ وَالأَناسي وَفُلكٌ بَينَ جَوّالٍ وَراسي +وَتَحضُنُكَ الجَزائِرُ وَالرَواسي وَتَجري رِقَّةً لَكَ وَهيَ صَخرُ +تَسيرُ مِنَ الفَضاءِ إِلى المَضيقِ فَآناً أَنتَ في بَحرٍ طَليقِ +وَآوِنَةً لَدى مَجرىً سَحيقٍ كَما الشَلّالُ قامَ لَدَيهِ نَهرُ +وَتَأَتي الأُفقَ تَطويهِ سِجِلّاً لِآخَرَ كَالسَرابِ إِذا أَضَلّا +إِذا قُلنا المَنازِلُ قيلَ كَلّا فَدونَ بُلوغِها ظُهرٌ وَعَصرُ +إِلى أَن حَلَّ في الأَوجِ النَهارُ وَلِلرائي تَبَيَّنَتِ الدِيارُ +فَقُلنا الشَمسُ فيها أَم نُضارُ وَياقوتٌ وَمُرجانٌ وَدُرُّ +وَدِدنا لَو مَشَيتَ بِنا الهُوَينا وَأَينَ الخُلودُ لَدَيكَ أَينا +لِنَبهَجَ خاطِراً وَنَقَرَّ عَيناً بِأَحسَنِ ما رَأى في البَحرِ سَفرُ +بِلَوحٍ جامِعِ الصُّوَرِ الغَوالي وَديوانٍ تَفَرَّدَ بِالخَيالِ +وَمِرآةِ المَناظِرِ وَالمَجالي تَمُرُّ بِها الطَبيعَةُ ما تَمُرُّ +فَضاءٌ مُثِّلَ الفِردَوسُ فيهِ وَمَرأَىً في البِحارِ بِلا شَبيهِ +فَإيهٍ يا بَناتِ الشِعرِ إيهِ فَمالَكِ في عُقوقِ الشِعرِ عُذرُ +لِأَجلِكِ سِرتُ في بَرٍّ وَبَحرِ وَأَنتِ الدَهرَ أَنتِ بِكُلِّ قُطرِ +حَنَنتِ إِلى الطَبيعَةِ دونَ مِصرِ وَقُلتِ لَدى الطَبيعَةِ أَينَ مِصرُ +فَهَلّا هَزَّكِ التِبرُ المُذابُ وَهَذا اللَوحُ وَالقَلَمُ العُجابُ +وَما بَيني وَبَينَهُما حِجابُ وَلا دوني عَلى الآياتِ سِترُ +جِهاتٌ أَم عَذارى حالِياتُ وَماءٌ أَم سَماءٌ أَم نَباتُ +وَتِلكَ جَزائِرٌ أَم نَيِّراتُ وَكَيفَ طُلوعُها وَالوَقتُ ظُهرُ +جَلاها الأُفقُ صُفراً وَهيَ خُضرُ كَزَهرٍ دونَهُ في الرَوضِ زَهرُ +لَوى نَحرٌ بِها وَاِلتَفَّ بَحرُ كَما مَلَكَت جِهاتِ الدَوحِ غُدرُ +تَلوحُ بِها المَساجِدُ باذِخاتِ وَتَتَّصِلُ المَعاقِلُ شامِخاتُ +طِباقاً في العُلى مُتَفاوِتاتِ سَما بَرٌّ بِها وَاِنحَطَّ بَرُّ +وَكَم أَرضٍ هُنالِكَ فَوقَ أَرضِ وَرَوضٍ فَوقَ رَوضٍ فَوقَ رَوضِ +وَدورٍ بَعضُها مِن فَوقِ بَعضِ كَسَطرٍ في الكِتابِ عَلاهُ سَطرِ +سُطورٌ لا يُحيطُ بِهِنَّ رَسمٌ وَلا يُحصي مَعانيهِنَّ عِلمُ +إِذا قُرِئَت جَميعاً فَهيَ نَظمُ وَإِن قُرِئَت فُرادى فَهيَ نَثرُ +تَأَرَّجُ كُلَّما اِقتَرَبَت وَتَزكو وَيَجمَعُها مِنَ الآفاقِ سِلكُ +تُشاكِلُ ما بِهِ فَالقَصرُ فُلكُ عَلى بُعدٍ لَنا وَالفُلكُ قَصرُ +وَنونٌ دونَها في البَحرِ نونُ مِنَ البُسفورِ نَقَّطَها السَفينُ +كَأَنَّ السُبلَ فيهِ لَنا عُيونٌ وَإِنسانُ السَفينَةِ لا يَقِرُّ +هُنالِكَ حَفَّتِ النُعمى خُطانا وَحاطَتنا السَلامَةُ في حِمانا +فَأَلقَينا المَراسِيَ وَاِحتَوانا بِناءٌ لِلخِلافَةِ مُشمَخِرُّ +فَيا مَن يَطلُبِ المَرأى البَديعا وَيَعشَقهُ شَهيداً أَو سَميعا +رَأَيتَ مَحاسِنَ الدُنيا جَميعاً فَهُنَّ الواوُ وَالبُسفورُ عَمرو +اِختِلافُ النَهارِ وَاللَيلِ يُنسي اُذكُرا لِيَ الصِبا وَأَيّامَ أُنسي +وَصِفا لي مُلاوَةً مِن شَبابٍ صُوِّرَت مِن تَصَوُّراتٍ وَمَسِّ +عَصَفَت كَالصِبا اللَعوبِ وَمَرَّت سِنَةً حُلوَةً وَلَذَّةُ خَلسِ +وَسَلا مِصرَ هَل سَلا القَلبُ عَنها أَو أَسا جُرحَهُ الزَمانَ المُؤَسّي +كُلَّما مَرَّتِ اللَيالي عَلَ��هِ رَقَّ وَالعَهدُ في اللَيالي تُقَسّي +مُستَطارٌ إِذا البَواخِرُ رَنَّت أَوَّلَ اللَيلِ أَو عَوَت بَعدَ جَرسِ +راهِبٌ في الضُلوعِ لِلسُفنِ فَطنُ كُلَّما ثُرنَ شاعَهُنَّ بِنَقسِ +يا اِبنَةَ اليَمِّ ما أَبوكِ بَخيلٌ ما لَهُ مولَعاً بِمَنعٍ وَحَبسِ +أَحرامٌ عَلى بَلابِلِهِ الدَو حُ حَلالٌ لِلطَيرِ مِن كُلِّ جِنسِ +كُلُّ دارٍ أَحَقُّ بِالأَهلِ إِلّا في خَبيثٍ مِنَ المَذاهِبِ رِجسِ +نَفسي مِرجَلٌ وَقَلبي شِراعٌ بِهِما في الدُموعِ سيري وَأَرسي +وَاِجعَلي وَجهَكِ الفَنارَ وَمَجرا كِ يَدَ الثَغرِ بَينَ رَملٍ وَمَكسِ +وَطَني لَو شُغِلتُ بِالخُلدِ عَنهُ نازَعَتني إِلَيهِ في الخُلدِ نَفسي +وَهَفا بِالفُؤادِ في سَلسَبيلٍ ظَمَأٌ لِلسَوادِ مِن عَينِ شَمسِ +شَهِدَ اللَهُ لَم يَغِب عَن جُفوني شَخصُهُ ساعَةً وَلَم يَخلُ حِسّي +يُصبِحُ الفِكرُ وَالمَسَلَّةُ نادي هِ وَبِالسَرحَةِ الزَكِيَّةِ يُمسي +وَكَأَنّي أَرى الجَزيرَةَ أَيكاً نَغَمَت طَيرُهُ بِأَرخَمَ جَرسِ +هِيَ بَلقيسُ في الخَمائِلِ صَرحٌ مِن عُبابٍ وَصاحَت غَيرُ نِكسِ +حَسبُها أَن تَكونَ لِلنيلِ عِرساً قَبلَها لَم يُجَنَّ يَوماً بِعِرسِ +لَبِسَت بِالأَصيلِ حُلَّةَ وَشيٍ بَينَ صَنعاءَ في الثِيابِ وَقَسِّ +قَدَّها النيلُ فَاِستَحَت فَتَوارَت مِنهُ بِالجِسرِ بَينَ عُريٍ وَلُبسِ +وَأَرى النيلَ كَالعَقيقِ بَوادي هِ وَإِن كانَ كَوثَرَ المُتَحَسّي +اِبنُ ماءِ السَماءِ ذو المَوكِبِ الفَخمِ الَّذي يَحسُرُ العُيونَ وَيُخسي +لا تَرى في رِكابِهِ غَيرَ مُثنٍ بِخَميلٍ وَشاكِرٍ فَضلَ عُرسِ +وَأَرى الجيزَةَ الحَزينَةَ ثَكلى لَم تُفِق بَعدُ مِن مَناحَةِ رَمسي +أَكثَرَت ضَجَّةَ السَواقي عَلَيهِ وَسُؤالَ اليَراعِ عَنهُ بِهَمسِ +وَقِيامَ النَخيلِ ضَفَّرنَ شِعراً وَتَجَرَّدنَ غَيرَ طَوقٍ وَسَلسِ +وَكَأَنَّ الأَهرامَ ميزانُ فِرعَو نَ بِيَومٍ عَلى الجَبابِرِ نَحسِ +أَو قَناطيرُهُ تَأَنَّقَ فيها أَلفُ جابٍ وَأَلفُ صاحِبِ مَكسِ +رَوعَةٌ في الضُحى مَلاعِبُ جِنٍّ حينَ يَغشى الدُجى حِماها وَيُغسي +وَرَهينُ الرِمالِ أَفطَسُ إِلّا أَنَّهُ صُنعُ جِنَّةٍ غَيرُ فُطسِ +تَتَجَلّى حَقيقَةُ الناسِ فيهِ سَبُعُ الخَلقِ في أَساريرِ إِنسي +لَعِبَ الدَهرُ في ثَراهُ صَبِيّاً وَاللَيالي كَواعِباً غَيرَ عُنسِ +رَكِبَت صُيَّدُ المَقاديرِ عَينَيهِ لِنَقدٍ وَمَخلَبَيهِ لِفَرسِ +فَأَصابَت بِهِ المَمالِكَ كِسرى وَهِرَقلاً وَالعَبقَرِيَّ الفَرَنسي +يا فُؤادي لِكُلِّ أَمرٍ قَرارٌ فيهِ يَبدو وَيَنجَلي بَعدَ لَبسِ +عَقَلَت لُجَّةُ الأُمورِ عُقولاً طالَت الحوتَ طولَ سَبحٍ وَغَسِّ +غَرِقَت حَيثُ لا يُصاحُ بِطافٍ أَو غَريقٍ وَلا يُصاخُ لِحِسِّ +فَلَكٌ يَكسِفُ الشُموسَ نَهاراً وَيَسومُ البُدورَ لَيلَةَ وَكسِ +وَمَواقيتُ لِلأُمورِ إِذا ما بَلَغَتها الأُمورُ صارَت لِعَكسِ +دُوَلٌ كَالرِجالِ مُرتَهَناتٌ بِقِيامٍ مِنَ الجُدودِ وَتَعسِ +وَلَيالٍ مِن كُلِّ ذاتِ سِوارٍ لَطَمَت كُلَّ رَبِّ رومٍ وَفُرسِ +سَدَّدَت بِالهِلالِ قَوساً وَسَلَّت خِنجَراً يَنفُذانِ مِن كُلِّ تُرسِ +حَكَمَت في القُرونِ خوفو وَدارا وَعَفَت وائِلاً وَأَلوَت بِعَبسِ +أَينَ مَروانُ في المَشارِقِ عَرشٌ أَمَوِيٌّ وَفي المَغارِبِ كُرسي +سَقِمَت شَمسُهُم فَرَدَّ عَلَيها نورَها كُلُّ ثاقِبِ الرَأيِ نَطسِ +ثُمَّ غابَت وَكُلُّ شَمسٍ سِوى هاتي كَ تَبلى وَتَنطَوي تَحتَ رَمسِ +وَعَظَ البُحتُرِيَّ إيوانُ كِسرى وَشَفَتني القُصورُ مِن عَبدِ شَمسِ +رُبَّ لَيلٍ سَرَيتُ وَالبَرقُ طِرفي وَبِساطٍ طَوَيتُ وَالريحُ عَنسي +أَنظِمُ الشَرقَ في الجَزيرَةِ بِالغَر بِ وَأَطوي البِلادَ حَزناً لِدَهسِ +في دِيارٍ مِنَ الخَلائِفِ دَرسٍ وَمَنارٍ مِنَ الطَوائِفِ طَمسِ +وَرُبىً كَالجِنانِ في كَنَفِ الزَيتو نِ خُضرٍ وَفي ذَرا الكَرمِ طُلسِ +لَم يَرُعني سِوى ثَرىً قُرطُبِيٍّ لَمَسَت فيهِ عِبرَةَ الدَهرِ خَمسي +يا وَقى اللَهُ ما أُصَبِّحُ مِنهُ وَسَقى صَفوَةَ الحَيا ما أُمَسّي +قَريَةٌ لا تُعَدُّ في الأَرضِ كانَت تُمسِكُ الأَرضَ أَن تَميدَ وَتُرسي +غَشِيَت ساحِلَ المُحيطِ وَغَطَّت لُجَّةَ الرومِ مِن شِراعٍ وَقَلسِ +رَكِبَ الدَهرُ خاطِري في ثَراها فَأَتى ذَلِكَ الحِمى بَعدَ حَدسِ +فَتَجَلَّت لِيَ القُصورُ وَمَن في ها مِنَ العِزِّ في مَنازِلَ قُعسِ +ما ضَفَت قَطُّ في المُلوكِ عَلى نَذ لِ المَعالي وَلا تَرَدَّت بِنَجسِ +وَكَأَنّي بَلَغتُ لِلعِلمِ بَيتاً فيهِ ما لِلعُقولِ مِن كُلِّ دَرسِ +قُدُساً في البِلادِ شَرقاً وَغَرباً حَجَّهُ القَومُ مِن فَقيهٍ وَقَسِّ +وَعَلى الجُمعَةِ الجَلالَةُ وَالنا صِرُ نورُ الخَميسِ تَحتَ الدَرَفسِ +يُنزِلُ التاجَ عَن مَفارِقِ دونٍ وَيُحَلّى بِهِ جَبينَ البِرِنسِ +سِنَةٌ مِن كَرىً وَطَيفُ أَمانٍ وَصَحا القَلبُ مِن ضَلالٍ وَهَجسِ +وَإِذا الدارُ ما بِها مِن أَنيسٍ وَإِذا القَومُ ما لَهُم مِن مُحِسِّ +وَرَقيقٍ مِنَ البُيوتِ عَتيقٌ جاوَزَ الأَلفَ غَيرَ مَذمومِ حَرسِ +أَثَرٌ مِن مُحَمَّدٍ وَتُراثٌ صارَ لِلروحِ ذي الوَلاءِ الأَمَسِّ +بَلَغَ النَجمَ ذِروَةً وَتَناهى بَينَ ثَهلانَ في الأَساسِ وَقُدسِ +مَرمَرٌ تَسبَحُ النَواظِرُ فيهِ وَيَطولُ المَدى عَلَيها فَتُرسي +وَسَوارٍ كَأَنَّها في اِستِواءٍ أَلِفاتُ الوَزيرِ في عَرضِ طِرسِ +فَترَةُ الدَهرِ قَد كَسَت سَطَرَيها ما اِكتَسى الهُدبُ مِن فُتورٍ وَنَعسِ +وَيحَها كَم تَزَيَّنَت لِعَليمٍ واحِدِ الدَهرِ وَاِستَعدَت لِخَمسِ +وَكَأَنَّ الرَفيفَ في مَسرَحِ العَي نِ مُلاءٌ مُدَنَّراتُ الدِمَقسِ +وَكَأَنَّ الآياتِ في جانِبَيهِ يَتَنَزَّلنَ في مَعارِجِ قُدسِ +مِنبَرٌ تَحتَ مُنذِرٍ مِن جَلالٍ لَم يَزَل يَكتَسيهِ أَو تَحتَ قُسِّ +وَمَكانُ الكِتابِ يُغريكَ رَيّا وَردِهِ غائِباً فَتَدنو لِلَمسِ +صَنعَةُ الداخِلِ المُبارَكِ في الغَر بِ وَآلٍ لَهُ مَيامينَ شُمسِ +مَن لِحَمراءَ جُلِّلَت بِغُبارِ ال دَهرِ كَالجُرحِ بَينَ بُرءٍ وَنُكسِ +كَسَنا البَرقِ لَو مَحا الضَوءُ لَحظاً لَمَحَتها العُيونُ مِن طولِ قَبسِ +حِصنُ غِرناطَةَ وَدارُ بَني الأَح مَرِ مِن غافِلٍ وَيَقظانَ نَدسِ +جَلَّلَ الثَلجُ دونَها رَأسَ شيرى فَبَدا مِنهُ في عَصائِبَ بِرسِ +سَرمَدٌ شَيبُهُ وَلَم أَرَ شَيباً قَبلَهُ يُرجى البَقاءَ وَيُنسي +مَشَتِ الحادِثاتُ في غُرَفِ الحَم راءِ مَشيَ النَعِيِّ في دارِ عُرسِ +هَتَكَت عِزَّةَ الحِجابِ وَفَضَّت سُدَّةَ البابِ مِن سَميرٍ وَأُنسِ +عَرَصاتٌ تَخَل��َتِ الخَيلُ عَنها وَاِستَراحَت مِن اِحتِراسٍ وَعَسِّ +وَمَغانٍ عَلى اللَيالي وِضاءٌ لَم تَجِد لِلعَشِيِّ تَكرارَ مَسِّ +لا تَرى غَيرَ وافِدينَ عَلى التا ريخِ ساعينَ في خُشوعٍ وَنَكسِ +نَقَّلوا الطَرفَ في نَضارَةِ آسٍ مِن نُقوشٍ وَفي عُصارَةِ وَرسِ +وَقِبابٍ مِن لازَوَردٍ وَتِبرٍ كَالرُبى الشُمِّ بَينَ ظِلٍّ وَشَمسِ +وَخُطوطٍ تَكَفَّلَت لِلمَعاني وَلِأَلفاظِها بِأَزيَنَ لَبسِ +وَتَرى مَجلِسَ السِباعِ خَلاءً مُقفِرَ القاعِ مِن ظِباءٍ وَخَنسِ +لا الثُرَيّا وَلا جَواري الثُرَيّا يَتَنَزَّلنَ فيهِ أَقمارَ إِنسِ +مَرمَرٌ قامَتِ الأُسودُ عَلَيهِ كَلَّةَ الظُفرِ لَيِّناتِ المَجَسِّ +تَنثُرُ الماءَ في الحِياضِ جُماناً يَتَنَزّى عَلى تَرائِبَ مُلسِ +آخَرَ العَهدِ بِالجَزيرَةِ كانَت بَعدَ عَركٍ مِنَ الزَمانِ وَضَرسِ +فَتَراها تَقولُ رايَةُ جَيشٍ بادَ بِالأَمسِ بَينَ أَسرٍ وَحَسِّ +وَمَفاتيحُها مَقاليدُ مُلكٍ باعَها الوارِثُ المُضيعُ بِبَخسِ +خَرَجَ القَومُ في كَتائِبَ صُمٍّ عَن حِفاظٍ كَمَوكِبِ الدَفنِ خُرسِ +رَكِبوا بِالبِحارِ نَعشاً وَكانَت تَحتَ آبائِهِم هِيَ العَرشُ أَمسِ +رُبَّ بانٍ لِهادِمٍ وَجَموعٍ لِمُشِتٍّ وَمُحسِنٍ لِمُخِسِّ +إِمرَةُ الناسِ هِمَّةٌ لا تَأَنّى لِجَبانٍ وَلا تَسَنّى لِجِبسِ +وَإِذا ما أَصابَ بُنيانَ قَومٍ وَهيُ خُلقٍ فَإِنَّهُ وَهيُ أُسِّ +يا دِياراً نَزَلتُ كَالخُلدِ ظِلّاً وَجَنىً دانِياً وَسَلسالَ أُنسِ +مُحسِناتِ الفُصولِ لا ناجِرٌ في ها بِقَيظٍ وَلا جُمادى بِقَرسِ +لا تَحِشَّ العُيونُ فَوقَ رُباها غَيرَ حورٍ حُوِّ المَراشِفِ لُعسِ +كُسِيَت أَفرُخي بِظِلِّكِ ريشاً وَرَبا في رُباكِ وَاِشتَدَّ غَرسي +هُم بَنو مِصرَ لا الجَميلُ لَدَيهِمُ بِمُضاعٍ وَلا الصَنيعُ بِمَنسي +مِن لِسانٍ عَلى ثَنائِكِ وَقفٌ وَجَنانٍ عَلى وَلائِكِ حَبسِ +حَسبُهُم هَذِهِ الطُلولُ عِظاتٍ مِن جَديدٍ عَلى الدُهورِ وَدَرسِ +وَإِذا فاتَكَ اِلتِفاتٌ إِلى الما ضي فَقَد غابَ عَنكَ وَجهُ التَأَسّي +تَحِيَّةُ شاعِرٍ يا ماءَ جَكسو فَلَيسَ سِواكَ لِلأَرواحِ أُنسُ +فَدَتكَ مِياهُ دِجلَةَ وَهيَ سَعدٌ وَلا جُعِلَت فِداءَكَ وَهيَ نَحسُ +وَجاءَكَ ماءُ زَمزَمَ وَهوَ طُهرٌ وَأَمواهٌ عَلى الأَردُنِّ قُدسُ +وَكانَ النيلُ يَعرِسُ كُلَّ عامٍ وَأَنتَ عَلى المَدى فَرحٌ وَعُرسُ +وَقَد زَعَموهُ لِلغاداتِ رَمساً وَأَنتَ لِهَمِّهِنَّ الدَهرَ رَمسُ +وَرَدنَكَ كَوثَراً وَسَفَرنَ حوراً وَهَل بِالحورِ إِن أَسفَرنَ بَأسُ +فَقُل لِلجانِحينَ إِلى حِجابٍ أَتُحجَبُ عَن صَنيعِ اللَهِ نَفسُ +إِذا لَم يَستُرِ الأَدَبُ الغَواني فَلا يُغني الحَريرُ وَلا الدِمَقسُ +تَأَمَّل هَل تَرى إِلّا جَلالاً تُحِسُّ النَفسُ مِنهُ ما تُحِسُّ +كَأَنَّ الخودُ مَريَمُ في سُفورٍ وَرائيها حَوارِيٌّ وَقِسُّ +تَهَيَّبَها الرِجالُ فَلا ضَميرٌ يَهِم بِها وَلا عَينٌ تُحِسُّ +غَشيتُكَ وَالأَصيلُ يَفيضُ تِبراً وَيَنسُجُ لِلرُبى حُلَلاً وَيَكسو +وَتَذهَبُ في الخَليجِ لَهُ وَتَأتي أَنامِلُ تَنثُرُ العِقيانَ خَمسُ +وَفي جيدِ الخَميلَةِ مِنهُ عِقدٌ وَفي آذانِها قُرطٌ وَسَلسُ +وَلَألَأَتِ الجِبالُ فَضاءَ سَفحٍ يَسُرُّ الناظِرينَ وَنارَ رَأسُ +عَلى فُلكٍ تَسيرُ بِنا الهَوُينى وَمِن شِعري نَديمٌ لي وَجِلسُ +تُنازِعُنا المَذاهِبَ حَيثُ مِلنا زَوارِقُ حَولَنا تَجري وَتَرسو +لَها في الماءِ مُنسابٌ كَطَيرٍ تُسِفُّ عَلَيهِ أَحياناً وَتَحسو +صِغارِ الحَجمِ مُرهَفَةِ الحَواشي لَها عُرفٌ إِذا خَطَرَت وَجَرسُ +إِذا المِجدافُ حَرَّكَها اِطمَأَنَّت وَإِن هُوَ لَم يُحَرِّك فَهيَ رُعسُ +وَإِن هُوَ جَدَّ في الماءِ اِنسِياباً فَكُلُّ طَريقِهِ وَتَرٌ وَقَوسُ +حَمَلنَ اللُؤلُؤَ المَنثورَ عَيناً كَما حَمَلَت حَبابَ الراحِ كَأسُ +كَأَنَّ سَوافِرَ الغاداتِ فيها مَلائِكُ هَمُّها نَظَرٌ وَهَمسُ +كَأَنَّ بِرافِعَ الغاداتِ تَهفو عَلى وَجَناتِها غَيمٌ وَشَمسُ +كَأَنَّ مَآزِرَ العينِ اِنتِساباً زُهورٌ لا تُشَمُّ وَلا تُمَسُّ +إِذا نُشِرَت فَرَيحانٌ وَوَردٌ وَإِن طُوِيَت فَنَسرينٌ وَوَرسُ +عَجِبتُ لَهُنَّ يُجَمِّعُهُنَّ حُسنٌ وَلَكِن لَيسَ يُجَمِّعُهُنَّ لُبسُ +فَكانَ لَنا بِظِلِّكَ خَيرُ وَقتٍ وَخَيرُ الوَقتِ ما لَكَ فيهِ أُنسُ +نُمَتِّعُ مِنكَ يا جَكسو نُفوساً بِها مِن دَهرِها هَمٌّ وَبُؤسُ +إِلى أَن بانَ سِرُّكَ فَاِنثَنَينا وَقَد طُوِيَ النَهارُ وَماتَ أَمسُ +قالوا فَروقُ المُلكِ دارُ مَخاوِفٍ لا يَنقَضي لِنَزيلِها وُسواسُ +وَكِلابُها في مَأمَنٍ فَاِعجَب لَها أَمِنَ الكِلابُ بِها وَخافَ الناسُ +أَيُّها المُنتَحي بِأَسوانَ داراً كَالثُرَيّا تُريدُ أَن تَنقَضّا +اِخلَعِ النَعلَ وَاِخفِضِ الطَرفَ وَاِخشَع لا تُحاوِل مِن آيَةِ الدَهرِ غَضّا +قِف بِتِلكَ القُصورِ في اليَمِّ غَرقى مُمسِكاً بَعضُها مِنَ الذُعرِ بَعضا +كَعَذارى أَخفَينَ في الماءِ بَضّاً سابِحاتٍ بِهِ وَأَبدَينَ بَضّا +مُشرِفاتٍ عَلى الزَوالِ وَكانَت مُشرِفاتٍ عَلى الكَواكِبِ نَهضا +شابَ مِن حَولِها الزَمانُ وَشابَت وَشَبابُ الفُنونِ مازالَ غَضّا +رُبَّ نَقشٍ كَأَنَّما نَفَضَ الصا نِعُ مِنهُ اليَدَينِ بِالأَمسِ نَفضا +وَدُهانٍ كَلامِعِ الزَيتِ مَرَّت أَعصُرٌ بِالسِراجِ وَالزَيتِ وُضّا +وَخُطوطٍ كَأَنَّها هُدبُ ريمٍ حَسُنَت صَنعَةً وَطولاً وَعَرضا +وَضَحايا تَكادُ تَمشي وَتَرعى لَو أَصابَت مِن قُدرَةِ اللَهِ نَبضا +وَمَحاريبَ كَالبُروجِ بَنَتها عَزَماتٌ مِن عَزمَةِ الجِنِّ أَمضى +شَيَّدَت بَعضَها الفَراعينُ زُلفى وَبَنى البَعضَ أَجنَبٌ يَتَرَضّى +وَمَقاصيرُ أُبدِلَت بِفُتاتِ ال مِسكِ تُرباً وَبِاليَواقيتِ قَضّا +حَظُّها اليَومَ هَدَّةٌ وَقَديماً صُرِّفَت في الحُظوظِ رَفعاً وَخَفضا +سَقَتِ العالَمينَ بِالسَعدِ وَالنَخ سِ إِلى أَن تَعاطَتِ النَحسَ مَحضا +صَنعَةٌ تُدهِشُ العُقولَ وَفَنٌّ كانَ إِتقانُهُ عَلى القَومِ فَرضا +يا قُصوراً نَظَرتُها وَهيَ تَقضي فَسَكَبتُ الدُموعَ وَالحَقُّ يُقضى +أَنتِ سَطرٌ وَمَجدُ مِصرَ كِتابٌ كَيفَ سامَ البِلى كِتابَكَ فَضّا +وَأَنا المُحتَفي بِتاريخِ مِصرٍ مَن يَصُن مَجدَ قَومِهِ صانَ عِرضا +رُبَّ سِرٍّ بِجانِبَيكَ مُزالٍ كانَ حَتّى عَلى الفَراعينِ غُمضا +قُل لَها في الدُعاءِ لَو كانَ يُجدي يا سَماءَ الجِلالِ لا صِرتِ أَرضا +حارَ فيكِ المُهَندِسونَ عُقولاً وَتَوَلَّت عَزائِمُ العِلمِ مَرضى +أَينَ مَلِكٌ حِيالَها وَفَريدٌ مِن نِ��امِ النَعيمِ أَصبَحَ فَضا +أَينَ فِرعَونُ في المَواكِبِ تَترى يَركُضُ المالِكينَ كَالخَيلِ رَكضا +ساقَ لِلفَتحِ في المَمالِكِ عَرضاً وَجَلا لِلفَخارِ في السِلمِ عَرضا +أَينَ إيزيسَ تَحتَها النيلُ يَجري حَكَمَت فيهِ شاطِئَينِ وَعَرضا +أَسدَلَ الطَرفَ كاهِنٌ وَمَليكٌ في ثَراها وَأَرسَلَ الرَأسَ خَفضا +يُعرَضُ المالِكونَ أَسرى عَلَيها في قُيودِ الهَوانِ عانينَ جَرضى +ما لَها أَصبَحَت بِغَيرِ مُجيرٍ تَشتَكي مِن نَوائِبِ الدَهرِ عَضّا +هِيَ في الأَسرِ بَينَ صَخرٍ وَبَحرٍ مُلكَةٌ في السُجونِ فَوقَ حَضوضى +أَينَ هوروسُ بَينَ سَيفٍ وَنِطعٍ أَبِهَذا في شَرعِهِم كانَ يُقضى +لَيتَ شِعري قَضى شَهيدَ غَرامٍ أَم رَماهُ الوُشاةُ حِقداً وَبُغضا +رُبَّ ضَربٍ مِن سَوطِ فِرعَونَ مَضٍّ دونَ فِعلِ الفِراقِ بِالنَفسِ مَضّا +وَهَلاكٍ بِسَيفِهِ وَهوَ قانٍ دونَ سَيفٍ مِنَ اللَواحِظِ يُنضى +قَتَلوهُ فَهَل لِذاكَ حَديثٌ أَينَ راوي الحَديثِ نَثراً وَقَرضا +يا إِمامَ الشُعوبِ بِالأَمسِ وَاليَو مِ سَتُعطى مِنَ الثَناءِ فَتَرضى +مِصرُ بِالنازِلينَ مِن ساحِ مَعنٍ وَحِمى الجودِ حاتِمُ الجودِ أَفضى +كُن ظَهيراً لِأَهلِها وَنَصيراً وَاِبذُلِ النُصحَ بَعدَ ذَلِكَ مَحضا +قُل لِقَومٍ عَلى الوِلاياتِ أَيقا ظٍ إِذا ذاقَتِ البَرِيَّةُ غُمضا +شيمَةُ النيلِ أَن يَفي وَعَجيبٌ أَحرَجوهُ فَضَيَّعَ العَهدَ نَقضا +حاشَهُ الماءُ فَهوَ صَيدٌ كَريمٌ لَيتَ بِالنيلِ يَومَ يَسقُطُ غَيضا +شيدَ وَالمالُ وَالعُلومُ قَليلٌ أَنقَذوهُ بِالمالِ وَالعِلمِ نَقضا +ضُمّي قِناعَكِ يا سُعادُ أَو اِرفَعي هَذي المَحاسِنُ ما خُلِقنَ لِبُرقُعِ +اَلضاحِياتُ الضاحِكاتُ وَدونَها سِترُ الجَلالِ وَبُعدُ شَأوِ المَطلَعِ +يا دُميَةً لا يُستَزادُ جَمالُها زيديهِ حُسنَ المُحسِنِ المُتَبَرِّعِ +ماذا عَلى سُلطانِهِ مِن وَقفَةٍ لِلضارِعينَ وَعَطفَةٍ لِلخُشَّعِ +بَل ما يَضُرُّكِ لَو سَمَحتِ بِجَلوَةٍ إِنَّ العَروسَ كَثيرَةُ المُتَطَلِّعِ +لَيسَ الحِجابُ لِمَن يَعِزُّ مَنالُهُ إِنَّ الحِجابَ لَهَيِّنٌ لَم يُمنَعِ +أَنتِ الَّتي اِتَّخَذَ الجَمالَ لِعِزِّهِ مِن مَظهَرٍ وَلِسِرِّهِ مِن مَوضِعِ +وَهوَ الصَناعُ يَصوغُ كُلَّ دَقيقَةٍ وَأَدَقَّ مِنكَ بَنانُهُ لَم تَصنَعِ +لَمَسَتكِ راحَتُهُ وَمَسَّكِ روحُهُ فَأَتى البَديعُ عَلى مِثالِ المُبدِعِ +اللَهَ في الأَحبارِ مِن مُتَهالِكٍ نِضوٍ وَمَهتوكِ المُسوحِ مُصَرَّعِ +مِن كُلِّ غاوٍ في طَوِيَّةِ راشِدٍ عاصي الظَواهِرِ في سَريرَةِ طَيِّعِ +يَتَوَهَّجونَ وَيَطفَأونَ كَأَنَّهُم سُرُجٌ بِمُعتَرَكِ الرِياحِ الأَربَعِ +عَلِموا فَضاقَ بِهِم وَشَقَّ طَريقُهُم وَالجاهِلونَ عَلى الطَريقِ المَهيَعِ +ذَهَبَ اِبنُ سينا لَم يَفُز بِكِ ساعَةً وَتَوَلَّتِ الحُكَماءُ لَم تَتَمَتَّعِ +هَذا مَقامٌ كُلُّ عِزٍّ دونَهُ شَمسُ النَهارِ بِمِثلِهِ لَم تَطمَعِ +فَمُحَمَّدٌ لَكِ وَالمَسيحُ تَرَجَّلا وَتَرَجَّلَت شَمسُ النَهارِ لِيوشَعِ +ما بالُ أَحمَدَ عَيَّ عَنكِ بَيانُهُ بَل ما لِعيسى لَم يَقُل أَو يَدَّعِ +وَلِسانُ موسى اِنحَلَّ إِلّا عُقدَةً مِن جانِبَيكَ عِلاجُها لَم يَنجَعِ +لَمّا حَلَلتِ بِآدَمٍ حَلَّ الحِبا وَمَشى عَلى المَلَأ السُجودِ الرُكَّعِ +وَأَرى النُبُوَّةَ في ذَراكِ تَكَرَّمَت في يوسُفٍ وَتَكَلَّمَت في المُرضَعِ +وَسَقَت قُريشَ عَلى لِسانِ مُحَمَّدٍ بِالبابِلِيِّ مِنَ البَيانِ المُمتِعِ +وَمَشَت بِموسى في الظَلامِ مُشَرَّداً وَحَدَتهُ في قُلَلِ الجِبالِ اللُمَّعِ +حَتّى إِذا طُوِيَت وَرِثتِ خِلالَها رُفِعَ الرَحيقُ وَسِرُّهُ لَم يُرفَعِ +قَسَمَت مَنازِلَكِ الحُظوظُ فَمَنزِلاً أُترَعنَ مِنكِ وَمَنزِلاً لَم تُترَعِ +وَخَلِيَّةً بِالنَحلِ مِنكِ عَميرَةً وَخَلِيَّةً مَعمورَةٍ بِالتُبَّعِ +وَحَظيرَةً قَد أودِعَت غُرَرَ الدُمى وَحَظيرَةً مَحرومَةً لَم تودَعِ +نَظَرَ الرَئيسُ إِلى كَمالِكِ نَظرَةً لَم تَخلُ مِن بَصَرِ اللَبيبِ الأَروَعِ +فَرآهُ مَنزِلَةً تَعَرَّضَ دونَها قِصَرُ الحَياةِ وَحالَ وَشكُ المَصرَعِ +لَولا كَمالُكِ في الرَئيسِ وَمِثلِهِ لَم تَحسُنِ الدُنيا وَلَم تَتَرَعرَعِ +اللَهُ ثَبَّتَ أَرضَهُ بِدَعائِمٍ هُم حائِطُ الدُنيا وَرُكنُ المَجمَعِ +لَو أَنَّ كُلَّ أَخي يَراعٍ بالِغٌ شَأوَ الرَئيسِ وَكُلَّ صاحِبِ مِبضَعِ +ذَهَبَ الكَمالُ سُدىً وَضاعَ مَحَلُّهُ في العالَمِ المُتَفاوِتِ المُتَنَوِّعِ +يا نَفسُ مِثلُ الشَمسِ أَنتِ أَشِعَّةٌ في عامِرٍ وَأَشِعَّةٌ في بَلقَعِ +فَإِذا طَوى اللَهُ النَهارَ تَراجَعَت شَتّى الأَشِعَّةِ فَاِلتَقَت في المَرجِعِ +لَما نُعيتِ إِلى المَنازِلِ غودِرَت دَكّاً وَمِثلُكِ في المَنازِلِ ما نُعي +ضَجَّت عَلَيكِ مَعالِماً وَمَعاهِداً وَبَكَت فُراقُكِ بِالدُموعِ الهُمَّعِ +آذَنتِها بِنَوىً فَقالَت لَيتَ لَم تَصِلِ الحِبالَ وَلَيتَها لَم تَقطَعِ +وَرِداءُ جُثمانٍ لَبِستِ مُرَقَّمٍ بِيَدِ الشَبابِ عَلى المَشيبِ مُرَقَّعِ +كَم بِنتِ فيهِ وَكَم خَفيتِ كَأَنَّهُ ثَوبُ المُمَثِّلِ أَو لِباسُ المَرفَعِ +أَسَئِمتِ مِن ديباجِهِ فَنَزَعتِهِ وَالخَزُّ أَكفانٌ إِذا لَم يُنزَعِ +فَزِعَت وَما خَفِيَت عَلَيها غايَةٌ لَكِنَّ مَن يَرِدِ القِيامَةَ يَفزَعِ +ضَرَعَت بِأَدمُعِها إِلَيكِ وَما دَرَت أَنَّ السَفينَةَ أَقلَعَت في الأَدمُعِ +أَنتِ الوَفِيَّةُ لا الذِمامُ لَدَيكِ مَذ مومٌ وَلا عَهدُ الهَوى بِمُضَيَّعِ +أَزمَعتِ فَاِنهَلَّت دُموعُكِ رِقَّةً وَلَوِ اِستَطَعتِ إِقامَةً لَم تُزمِعي +بانَ الأَحِبَّةُ يَومَ بَينِكِ كُلُّهُم وَذَهَبتِ بِالماضي وَبِالمُتَوَقَّعِ +أَمَيدانَ الوِفاقِ وَكُنتَ تُدعى بِمَيدانِ العَداوَةِ وَالشِقاقِ +أَتَدري أَيُّ ذَنبٍ أَنتَ جانٍ وَأَيُّ دَمٍ ذَهَبتَ بِهِ مُراقِ +هَوى فيكَ السَريرُ وَمَن عَلَيهِ وَماتَ الثائِرونَ وَأَنتَ باقِ +أَصابوا وَاِستَراحَ لُويسُ مِنهُم لِذا سُمّيتَ مَيدانَ الوِفاقِ +مِن أَيِّ عَهدٍ في القُرى تَتَدَفَّقُ وَبِأَيِّ كَفٍّ في المَدائِنِ تُغدِقُ +وَمِنَ السَماءِ نَزَلتَ أَم فُجِّرتَ مِن عَليا الجِنانِ جَداوِلاً تَتَرَقرَقُ +وَبِأَيِّ عَينٍ أَم بِأَيَّةِ مُزنَةٍ أَم أَيِّ طوفانٍ تَفيضُ وَتَفهَقُ +وَبِأَيِّ نَولٍ أَنتَ ناسِجُ بُردَةٍ لِلضِفَّتَينِ جَديدُها لا يُخلَقُ +تَسوَدُّ ديباجاً إِذا فارَقتَها فَإِذا حَضَرتَ اِخضَوضَرَ الإِستَبرَقُ +في كُلِّ آوِنَةٍ تُبَدِّلُ صِبغَةً عَجَباً وَأَنتَ الصابِغُ المُتَأَنِّقُ +أَتَتِ الدُهورُ عَلَيكَ مَهدُكَ مُترَعٌ وَحِياضُكَ الشُرقُ الشَهِيَّةُ دُفَّقُ +تَسقي وَتُطعِمُ لا إِناؤُكَ ضائِقٌ بِالوارِدينَ وَلا خُوّانُكَ يَنفُقُ +وَالماءُ تَسكُبُهُ فَيُسبَكُ عَسجَداً وَالأَرضُ تُغرِقُها فَيَحيا المُغرَقُ +تُعي مَنابِعُكَ العُقولَ وَيَستَوي مُتَخَبِّطٌ في عِلمِها وَمُحَقِّقُ +أَخلَقتَ راووقَ الدُهورِ وَلَم تَزَل بِكَ حَمأَةٌ كَالمِسكِ لا تَتَرَوَّقُ +حَمراءُ في الأَحواضِ إِلّا أَنَّها بَيضاءُ في عُنُقِ الثَرى تَتَأَلَّقُ +دينُ الأَوائِلِ فيكَ دينُ مُروءَةٍ لِمَ لا يُؤَلَّهُ مَن يَقوتُ وَيَرزُقُ +لَو أَنَّ مَخلوقاً يُؤَلَّهُ لَم تَكُن لِسِواكَ مَرتَبَةُ الأُلوهَةِ تَخلُقُ +جَعَلوا الهَوى لَكَ وَالوَقارَ عِبادَةً إِنَّ العِبادَةَ حَشيَةٌ وَتَعَلُّقُ +دانوا بِبَحرٍ بِالمَكارِمِ زاخِرٍ عَذبِ المَشارِعِ مَدُّهُ لا يُلحَقُ +مُتَقَيِّدٌ بِعُهودِهِ وَوُعودِهِ يَجري عَلى سَنَنِ الوَفاءِ وَيَصدُقُ +يَتَقَبَّلُ الوادي الحَياةَ كَريمَةً مِن راحَتَيكَ عَميمَةً تَتَدَفَّقُ +مُتَقَلِّبُ الجَنبَينِ في نَعمائِهِ يَعرى وَيُصبَغُ في نَداكَ فَيورِقُ +فَيَبيتُ خِصباً في ثَراهُ وَنِعمَةٍ وَيَعُمُّهُ ماءُ الحَياةِ الموسِقِ +وَإِلَيكَ بَعدَ اللَهِ يَرجِعُ تَحتَهُ ما جَفَّ أَو ما ماتَ أَو ما يَنفُقُ +أَينَ الفَراعِنَةُ الأُلى اِستَذرى بِهِم عيسى وَيوسُفُ وَالكَليمُ المُصعَقُ +المورِدونَ الناسَ مَنهَلَ حِكمَةٍ أَفضى إِلَيهِ الأَنبِياءُ لِيَستَقوا +الرافِعونَ إِلى الضُحى آباءَهُم فَالشَمسُ أَصلُهُمُ الوَضيءُ المُعرِقُ +وَكَأَنَّما بَينَ البِلى وَقُبورِهِم عَهدٌ عَلى أَن لا مِساسَ وَمَوثِقُ +فَحِجابُهُم تَحتَ الثَرى مِن هَيبَةٍ كَحِجابِهِم فَوقَ الثَرى لا يُخرَقُ +بَلَغوا الحَقيقَةَ مِن حَياةٍ عِلمُها حُجُبٌ مُكَثَّفَةٌ وَسِرٌّ مُغلَقُ +وَتَبَيَّنوا مَعنى الوُجودِ فَلَم يَرَوا دونَ الخُلودِ سَعادَةً تَتَحَقَّقُ +يَبنونَ لِلدُنيا كَما تَبني لَهُم خِرَباً غُرابُ البَينِ فيها يَنعَقُ +فَقُصورُهُم كوخٌ وَبَيتُ بَداوَةٍ وَقُبورُهُم صَرحٌ أَشَمُّ وَجَوسَقُ +رَفَعوا لَها مِن جَندَلٍ وَصَفائِحٍ عَمَداً فَكانَت حائِطاً لا يُنتَقُ +تَتَشايَعُ الدارانِ فيهِ فَما بَدا دُنيا وَما لَم يَبدُ أُخرى تَصدُقُ +لِلمَوتِ سِرٌّ تَحتَهُ وَجِدارُهُ سورٌ عَلى السِرِّ الخَفِيِّ وَخَندَقُ +وَكَأَنَّ مَنزِلَهُم بِأَعماقِ الثَرى بَينَ المَحَلَّةِ وَالمَحَلَّةِ فُندُقُ +مَوفورَةٌ تَحتَ الثَرى أَزوادُهُم رَحبٌ بِهِم بَينَ الكُهوفِ المُطبِقُ +وَلِمَن هَياكِلُ قَد عَلا الباني بِها بَينَ الثُرَيّا وَالثَرى تَتَنَسَّقُ +مِنها المُشَيَّدُ كَالبُروجِ وَبَعضُها كَالطَودِ مُضطَجِعٌ أَشَمُّ مُنَطَّقُ +جُدُدٌ كَأَوَّلِ عَهدِها وَحِيالَها تَتَقادَمُ الأَرضُ الفَضاءُ وَتَعتُقُ +مِن كُلِّ ثِقلٍ كاهِلُ الدُنيا بِهِ تَعِبٌ وَوَجهُ الأَرضِ عَنهُ ضَيِّقُ +عالٍ عَلى باعِ البِلى لا يَهتَدي ما يَعتَلي مِنهُ وَما يَتَسَلَّقُ +مُتَمَكِّنٌ كَالطَودِ أَصلاً في الثَرى وَالفَرعُ في حَرَمِ السَماءِ مُحَلِّقُ +هِيَ مِن بِناءِ الظُلمِ إِلّا أَنَّهُ يَبيَضُّ وَجهُ الظُلمِ مِنهُ وَيُشرِقُ +لَم يُرهِقِ الأُمَمَ المُلوكُ بِمِثلِها فَخراً لَهُم يَبقى وَذِكراً يَعبَقُ +فُتِنَت بِشَطَّيكَ العِبادُ فَلَم يَزَل قاصٍ يَحُجُّهُما وَدانٍ يَرمُقُ +وَتَضَوَّعَت مِنكَ الدُهورِ كَأَنَّما في كُلِّ ناحِيَةٍ بَخورٌ يُحرَقُ +وَتَقابَلَت فيها عَلى السُرُرِ الدُمى مُستَردِياتِ الذُلِّ لا تَتَفَتَّقُ +عَطَلَت وَكانَ مَكانُهُنَّ مِنَ العُلى بَلقيسُ تَقبِسُ مِن حُلاهُ وَتَسرِقُ +وَعَلا عَلَيهُنَّ التُرابُ وَلَم يَكُن يَزكو بِهِنَّ سِوى العَبيرُ وَيَلبَقُ +حُجُراتُها مَوطوءَةٌ وَسُتورُها مَهتوكَةٌ بِيَدِ البِلى تَتَخَرَّقُ +أَودى بِزينَتِها الزَمانُ وَحَليِها وَالحُسنُ باقٍ وَالشَبابُ الرَيِّقُ +لَو رُدَّ فِرعَونُ الغَداةَ لَراعَهُ أَنَّ الغَرانيقَ العُلى لا تَنطِقُ +خَلَعَ الزَمانُ عَلى الوَرى أَيّامَهُ فَإِذا الضُحى لَكَ حِصَّةٌ وَالرَونَقُ +لَكَ مِن مَواسِمِهِ وَمِن أَعيادِهِ ما تَحسِرُ الأَبصارُ فيهِ وَتَبرَقُ +لا الفُرسُ أوتوا مِثلَهُ يَوماً وَلا بَغدادُ في ظِلِّ الرَشيدِ وَجِلَّقُ +فَتحُ المَمالِكِ أَو قِيامُ العِجلِ أَو يَومُ القُبورِ أَوِ الزَفافُ المونِقُ +كَم مَوكِبٍ تَتَخايَلُ الدُنيا بِهِ يُجلى كَما تُجلى النُجومُ وَيُنسَقُ +فِرعَونُ فيهِ مِنَ الكَتائِبِ مُقبِلٌ كَالسُحبِ قَرنُ الشَمسِ مِنها مُفتِقُ +تَعنو لِعِزَّتِهِ الوُجوهُ وَوَجهُهُ لِلشَمسِ في الآفاقِ عانٍ مُطرِقُ +آبَت مِنَ السَفَرِ البَعيدِ جُنودُهُ وَأَتَتهُ بِالفَتحِ السَعيدِ الفَيلَقُ +وَمَشى المُلوكُ مُصَفَّدينَ خُدودُهُم نَعلٌ لِفِرعَونَ العَظيمِ وَنُمرُقُ +مَملوكَةٌ أَعناقُهُم لِيَمينِهِ يَأبى فَيَضرِبُ أَو يَمُنُّ فَيُعتِقُ +وَنَجيبَةٍ بَينَ الطُفولَةِ وَالصِبا عَذراءَ تَشرَبُها القُلوبُ وَتَعلَقُ +كانَ الزَفافُ إِلَيكَ غايَةَ حَظِّها وَالحَظُّ إِن بَلَغَ النِهايَةَ موبِقُ +لافَيتَ أَعراساً وَلافَت مَأتَماً كَالشَيخِ يَنعَمُ بِالفَتاةِ وَتُزهَقُ +في كُلِّ عامٍ دُرَّةٌ تُلقى بِلا ثَمَنٍ إِلَيكَ وَحُرَّةٌ لا تُصدَقُ +حَولٌ تُسائِلُ فيهِ كُلُّ نَجيبَةٍ سَبَقَت إِلَيكَ مَتى يَحولُ فَتَلحَقُ +وَالمَجدُ عِندَ الغانِياتِ رَغيبَةٌ يُبغى كَما يُبغى الجَمالُ وَيُعشَقُ +إِن زَوَّجوكَ بِهِنَّ فَهيَ عَقيدَةٌ وَمِنَ العَقائِدِ ما يَلَبُّ وَيَحمُقُ +ما أَجمَلَ الإيمانَ لَولا ضَلَّةٌ في كُلِّ دينٍ بِالهِدايَةِ تُلصَقُ +زُفَّت إِلى مَلِكِ المُلوكِ يَحُثُّها دينٌ وَيَدفَعُها هَوىً وَتَشَوُّقُ +وَلَرُبَّما حَسَدَت عَلَيكَ مَكانَها تِربٌ تَمَسَّحُ بِالعَروسِ وَتُحدِقُ +مَجلُوَّةٌ في الفُلكِ يَحدو فُلكَها بِالشاطِئَينِ مُزَغرِدٌ وَمُصَفِّقُ +في مِهرَجانٍ هَزَّتِ الدُنيا بِهِ أَعطافَها وَاِختالَ فيهِ المَشرِقُ +فِرعَونُ تَحتَ لِوائِهِ وَبَناتُهُ يَجري بِهِنَّ عَلى السَفينِ الزَورَقُ +حَتّى إِذا بَلَغَت مَواكِبُها المَدى وَجَرى لِغايَتِهِ القَضاءُ الأَسبَقُ +وَكَسا سَماءَ المِهرَجانِ جَلالَةً سَيفُ المَنِيَّةِ وَهوَ صَلتٌ يَبرُقُ +وَتَلَفَّتَت في اليَمِّ كُلُّ سَفينَةٍ وَاِنثالَ بِالوادي الجُموعُ وَحَدَّقوا +أَلقَت إِلَيكَ بِنَفسِها وَنَفيسِها وَأَتَتكَ شَيِّقَةً حَواها شَيِّقُ +خَلَعَت عَلَيكَ حَياءَها وَحَياتَها أَأَعَزُّ مِن هَذَينِ شَيءٌ يُنفَقُ +وَإِذا تَناهى الحُبُّ وَاِتَّفَقَ الفِدى فَالروحُ في بابِ الضَحِيَّةِ أَليَقُ +ما العالَمُ السُفلِيُّ إِلّا طينَةٌ أَزَلِيَّةٌ فيهِ تُضيءُ وَتَغسِقُ +هِيَ فيهِ لِلخِصبِ العَميمِ خَميرَةٌ يَندى بِما حَمَلَت إِلَيهِ وَيَبثُقُ +ما كانَ فيها لِلزِيادَةِ مَوضِعٌ وَإِلى حِماها النَقصُ لا يَتَطَرَّقُ +مُنبَثَّةٌ في الأَرضِ تَنتَظِمُ الثَرى وَتَنالُ مِمّا في السَماءِ وَتَعلَقُ +مِنها الحَياةُ لَنا وَمِنها ضِدُّها أَبَداً نَعودُ لَها وَمِنها نُخلَقُ +وَالزَرعُ سُنبُلُهُ يَطيبُ وَحَبُّهُ مِنها فَيَخرُجُ ذا وَهَذا يُفلَقُ +وَتَشُدُّ بَيتَ النَحلِ فَهوَ مُطَنَّبٌ وَتَمُدُّ بَيتَ النَملِ فَهوَ مُرَوَّقُ +وَتَظَلُّ بَينَ قُوى الحَياةِ جَوائِلاً لا تَستَقِرُّ دَوائِلاً لا تُمحَقُ +هِيَ كِلمَةُ اللَهِ القَديرِ وَروحُهُ في الكائِناتِ وَسِرُّهُ المُستَغلِقُ +في النَجمِ وَالقَمَرَينِ مَظهَرُها إِذا طَلَعَت عَلى الدُنيا وَساعَةَ تَخفُقُ +وَالذَرُّ وَالصَخَراتُ مِمّا كَوَّرَت وَالفيلُ مِمّا صَوَّرَت وَالخِرنِقُ +فَتَنَت عُقولَ الأَوَّلينَ فَأَلَّهوا مِن كُلِّ شَيءٍ ما يَروعُ وَيَخرُقُ +سَجَدوا لِمَخلوقٍ وَظَنّوا خالِقاً مَن ذا يُمَيِّزُ في الظَلامِ وَيَفرُقُ +دانَت بِآبيسَ الرَعِيَّةُ كُلُّها مَن يَستَغِلُّ الأرضَ أَو مَن يَعزُقُ +جاؤوا مِنَ المَرعى بِهِ يَمشي كَما تَمشي وَتَلتَفِتُ المَهاةُ وَتَرشُقُ +داجٍ كَجُنحِ اللَيلِ زانَ جَبينُهُ وَضَحٌ عَلَيهِ مِنَ الأَهِلَّةِ أَشرَقُ +العَسجَدُ الوَهّاجُ وَشيُ جَلالِهِ وَالوَردُ مَوطِئُ خُفِّهِ وَالزَنبَقُ +وَمِنَ العَجائِبِ بَعدَ طولِ عِبادَةٍ يُؤتى بِهِ حَوضَ الخُلودِ فَيُغرَقُ +يا لَيتَ شِعري هَل أَضاعوا العَهدَ أَم حَذِروا مِنَ الدُنيا عَلَيهِ وَأَشفَقوا +قَومٌ وَقارُ الدينِ في أَخلاقِهِم وَالشَعبُ ما يعتادُ أَو يَتَخَلَّقُ +يَدعونَ خَلفَ السِترِ آلِهَةً لَهُم مَلَأوا النَدِيَّ جَلالَةً وَتَأَبَّقوا +وَاِستَحجَبوا الكُهّانَ هَذا مُبلِغٌ ما يَهتِفونَ بِهِ وَذاكَ مُصَدِّقُ +لا يُسأَلونَ إِذا جَرَت أَلفاظُهُم مِن أَينَ لِلحَجَرِ اللِسانُ الأَذلَقُ +أَو كَيفَ تَختَرِقُ الغُيوبَ بَهيمَةٌ فيما يَنوبُ مِنَ الأُمورِ وَيَطرُقُ +وَإِذا هُمو حَجّوا القُبورَ حَسِبتَهُم وَفدَ العَتيقِ بِهِم تَرامى الأَينُقُ +يَأتونَ طيبَةَ بِالهَدِيِّ أَمامَهُم يَغشى المَدائِنَ وَالقُرى وَيُطَبِّقُ +فَالبَرُّ مَشدودُ الزَواحِلِ مُحدَجٌ وَالبَحرُ مَمدودُ الشِراعِ مُوَسَّقُ +حَتّى إِذا أَلقَوا بِهَيكَلِها العَصا وَفّوا النُذورَ وَقَرَّبوا وَاِصَّدَّقوا +وَجَرَت زَوارِقُ بِالحَجيجِ كَأَنَّها رُقطٌ تَدافَعُ أَو سِهامٌ تَمرُقُ +مِن شاطِئٍ فيهِ الحَياةُ لِشاطِئٍ هُوَ مُضجَعٌ لِلسابِقينَ وَمِرفَقُ +غَرَبوا غُروبَ الشَمسِ فيهِ وَاِستَوى شاهٌ وَرُخٌّ في التُرابِ وَبَيدَقُ +حَيثُ القُبورُ عَلى الفَضاءِ كَأَنَّها قِطَعُ السَحابِ أَوِ السَرابِ الدَيسَقُ +لِلحَقِّ فيهِ جَولَةٌ وَلَهُ سَناً كَالصُبحِ مِن جَنَباتِها يَتَفَلَّقُ +نَزَلوا بِها فَمَشى المُلوكُ كَرامَةً وَجَثا المُدِلُّ بِمالِهِ وَالمُملَقُ +ضاقَت بِهِم عَرَصاتُها فَكَأَنَّما رَدَّت وَدائِعَها الفَلاةُ الفَيهَقُ +وَتَنادَمَ الأَحياءُ وَالمَوتى بِها فَكَأَنَّهُم في الدَهرِ لَم يَتَفَرَّقوا +أَصلُ الحَضارَةِ في صَعيدِكَ ثابِتٌ وَنَباتُها حَسَنٌ عَلَيكَ مُخَلَّقُ +وُلِدَت فَكُنتَ المَهدَ ثُمَّ تَرَعرَعَت فَأَظَلَّها مِنكَ الحَفِيُّ المُشفِقُ +مَلَأَت دِيارَكَ حِكمَةً مَأثورُها في الصَخرِ وَالبَردي الكَريمِ مُنَبَّقُ +وَبَنَت بُيوتَ العِلمِ باذِخَةَ الذُرى يَسعى لَهُنَّ مُغَرِّبٌ وَمُشَرِّقُ +وَاِستَحدَثَت ديناً فَكانَ فَضائِلاً وَبِناءِ أَخلاقٍ يَطولُ وَيَشهَقُ +مَهَدَ السَبيلَ لِكُلِّ دينٍ بَعدَهُ كَالمِسكِ رَيّاهُ بِأُخرى تُفتَقُ +يَدعو إِلى بِرٍّ وَيَرفَعُ صالِحاً وَيَعافُ ما هُوَ لِلمُروءَةِ مُخلِقُ +لِلناسِ مِن أَسرارِهِ ما عُلِّموا وَلِشُعبَةِ الكَهَنوتِ ما هُوَ أَعمَقُ +فيهِ مَحَلٌّ لِلأَقانيمِ العُلى وَلِجامِعِ التَوحيدِ فيهِ تَعَلُّقُ +تابوتُ موسى لا تَزالُ جَلالَةٌ تَبدو عَلَيكَ لَهُ وَرَيّا تُنشَقُ +وَجَمالُ يوسُفَ لا يَزالُ لِواؤُهُ حَولَيكَ في أُفُقِ الجَلالِ يُرَنَّقُ +وَدُموعُ إِخوَتِهِ رَسائِلُ تَوبَةٍ مَسطورُهُنَّ بِشاطِئَيكَ مُنَمَّقُ +وَصَلاةُ مَريَمَ فَوقَ زَرعِكَ لَم يَزَل يَزكو لِذِكراها النَباتَ وَيَسمُقُ +وَخُطى المَسيحِ عَلَيكَ روحاً طاهِراً بَرَكاتُ رَبِّكَ وَالنَعيمُ الغَيدَقُ +وَوَدائِعُ الفاروقِ عِندَكَ دينَهُ وَلِواؤُهُ وَبَيانُهُ وَالمَنطِقُ +بَعَثَ الصَحابَةَ يَحمِلونَ مِنَ الهُدى وَالحَقُّ ما يُحيي العُقولَ وَيَفتُقُ +فَتحُ الفُتوحِ مِنَ المَلائِكِ رَزدَقٌ فيهِ وَمِن أَصحابِ بَدرٍ رَزدَقُ +يَبنونَ لِلَّهِ الكِنانَةَ بِالقَنا وَاللَهُ مِن حَولِ البِناءِ مُوَفِّقُ +أَحلاسُ خَيلٍ بَيدَ أَنَّ حُسامَهُم في السِلمِ مِن حِذرِ الحَوادِثِ مُقلَقُ +تُطوى البِلادُ لَهُم وَيُنجِدُ جَيشُهُم جَيشٌ مِنَ الأَخلاقِ غازٍ مورِقُ +في الحَقِّ سُلَّ وَفيهِ أُغمِدَ سَيفُهُم سَيفُ الكَريمِ مِنَ الجَهالَةِ يَفرَقُ +وَالفَتحُ بَغيٌ لا يُهَوِّنُ وَقعَهُ إِلّا العَفيفُ حُسامُهُ المُتَرَفِّقُ +ما كانَتِ الفُسطاطُ إِلّا حائِطاً يَأوي الضَعيفُ لِرُكنِهِ وَالمُرهَقُ +وَبِهِ تَلوذُ الطَيرُ في طَلَبِ الكَرى وَيَبيتُ قَيصَرُ وَهوَ مِنهُ مُؤَرَّقُ +عَمرٌو عَلى شَطبِ الحَصيرِ مُعَصَّبٌ بِقِلادَةِ اللَهِ العَلِيِّ مُطَوَّقُ +يَدعو لَهُ الحاخامُ في صَلَواتِهِ موسى وَيَسأَلُ فيهِ عيسى البَطرَقُ +يا نيلُ أَنتَ يَطيبُ ما نَعَتَ الهُدى وَبِمَدحَةِ التَوراةِ أَحرى أَخلَقُ +وَإِلَيكَ يُهدي الحَمدَ خَلقٌ حازَهُم كَنَفٌ عَلى مَرِّ الدُهورِ مُرَهَّقُ +كَنَفٌ كَمَعنٍ أَو كَساحَةِ حاتِمٍ خَلقٌ يُوَدِّعُهُ وَخَلقٌ يَطرُقُ +وَعَلَيكَ تُجلى مِن مَصوناتِ النُهى خودٌ عَرائِسُ خِدرُهُنَّ المُهرَقُ +الدُرُّ في لَبّاتِهِنَّ مُنَظَّمٌ وَالطيبُ في حَبراتِهِنَّ مُرَقرَقُ +لي فيكَ مَدحٌ لَيسَ فيهِ تَكَلُّفٌ أَملاهُ حُبٌّ لَيسَ فيهِ تَمَلُّقُ +مِمّا يُحَمِّلُنا الهَوى لَكَ أَفرُخٌ سَنَطيرُ عَنها وَهيَ عِندَكَ تُرزَقُ +تَهفو إِلَيهِم في التُرابِ قُلوبُنا وَتَكادُ فيهِ بِغَيرِ عِرقٍ تَخفُقُ +تُرجى لَهُم وَاللَهُ جَلَّ جَلالُهُ مِنّا وَمِنكَ بِهِم أَبَرُّ وَأَرفَقُ +فَاِحفَظ وَدائِعَكَ الَّتي اِستودَعتَها أَنتَ الوَفِيُّ إِذا اؤتُمِنتَ الأَصدَقُ +لِلأَرضِ يَومٌ وَالسَماءِ قِيامَةٌ وَقِيامَةُ الوادي غَداةَ تُحَلِّقُ +سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ وَدَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا دِمَشقُ +وَمَعذِرَةُ اليَراعَةِ وَالقَوافي جَلالُ الرُزءِ عَن وَصفٍ يَدِقُّ +وَذِكرى عَن خَواطِرِها لِقَلبي إِلَيكِ تَلَفُّتٌ أَبَداً وَخَفقُ +وَبي مِمّا رَمَتكِ بِهِ اللَيالي جِراحاتٌ لَها في القَلبِ عُمقُ +دَخَلتُكِ وَالأَصيلُ لَهُ اِئتِلاقٌ وَوَجهُكِ ضاحِكُ القَسَماتِ طَلقُ +وَتَحتَ جِنانِكِ الأَنهارُ تَجري وَمِلءُ رُباكِ أَوراقٌ وَوُرقُ +وَحَولي فِتيَةٌ غُرٌّ صِباحٌ لَهُم في الفَضلِ غاياتٌ وَسَبقُ +عَلى لَهَواتِهِم شُعَراءُ لُسنٌ وَفي أَعطافِهِم خُطَباءُ شُدقُ +رُواةُ قَصائِدي فَاِعجَب لِشِعرٍ بِكُلِّ مَحَلَّةٍ يَرويهِ خَلقُ +غَمَزتُ إِباءَهُم حَتّى تَلَظَّت أُنوفُ الأُسدِ وَاِضطَرَمَ المَدَقُّ +وَضَجَّ مِنَ الشَكيمَةِ كُلُّ حُرٍّ أَبِيٍّ مِن أُمَيَّةَ فيهِ عِتقُ +لَحاها اللَهُ أَنباءً تَوالَت عَلى سَمعِ الوَلِيِّ بِما يَشُقُّ +يُفَصِّلُها إِلى الدُنيا بَريدٌ وَيُجمِلُها إِلى الآفاقِ بَرقُ +تَكادُ لِرَوعَةِ الأَحداثِ فيها تُخالُ مِنَ الخُرافَةِ وَهيَ صِدقُ +وَقيلَ مَعالِمُ التاريخِ دُكَّت وَقيلَ أَصابَها تَلَفٌ وَحَرقُ +أَلَستِ دِمَشقُ لِلإِسلامِ ظِئراً وَمُرضِعَةُ الأُبُوَّةِ لا تُعَقُّ +صَلاحُ الدينِ تاجُكَ لَم يُجَمَّل وَلَم يوسَمَ بِأَزيَنَ مِنهُ فَرقُ +وَكُلُّ حَضارَةٍ في الأَرضِ طالَت لَها مِن سَرحِكِ العُلوِيِّ عِرقُ +سَماؤُكِ مِن حُلى الماضي كِتابٌ وَأَرضُكِ مِن حُلى التاريخِ رِقُّ +بَنَيتِ الدَولَةَ الكُبرى وَمُلكاً غُبارُ حَضارَتَيهِ لا يُشَقُّ +لَهُ بِالشامِ أَعلامٌ وَعُرسٌ بَشائِرُهُ بِأَندَلُسٍ تَدُقُّ +رُباعُ الخلدِ وَيحَكِ ما دَهاها أَحَقٌّ أَنَّها دَرَسَت أَحَقُّ +وَهَل غُرَفُ الجِنانِ مُنَضَّداتٌ وَهَل لِنَعيمِهِنَّ كَأَمسِ نَسقُ +وَأَينَ دُمى المَقاصِرِ مِن حِجالٍ مُهَتَّكَةٍ وَأَستارٍ تُشَقُّ +بَرَزنَ وَفي نَواحي الأَيكِ نارٌ وَخَلفَ الأَيكِ أَفراخٌ تُزَقُّ +إِذا رُمنَ السَلامَةَ مِن طَريقٍ أَتَت مِن دونِهِ لِلمَوتِ طُرقُ +بِلَيلٍ لِلقَذائِفِ وَالمَنايا وَراءَ سَمائِهِ خَطفٌ وَصَعقُ +إِذا عَصَفَ الحَديدُ اِحمَرَّ أُفقٌ عَلى جَنَباتِهِ وَاِسوَدَّ أُفقُ +سَلي مَن راعَ غيدَكِ بَعدَ وَهنٍ أَبَينَ فُؤادِهِ وَالصَخرِ فَرقُ +وَلِلمُستَعمِرينَ وَإِن أَلانو قُلوبٌ كَالحِجارَةِ لا تَرِقُّ +رَماكِ بِطَيشِهِ وَرَمى فَرَنسا أَخو حَربٍ بِهِ صَلَفٌ وَحُمقُ +إِذا ماجاءَهُ طُلّابُ حَقٍّ يَقولُ عِصابَةٌ خَرَجوا وَشَقّوا +دَمُ الثُوّارِ تَعرِفُهُ فَرَنسا وَتَعلَمُ أَنَّهُ نورٌ وَحَقُّ +جَرى في أَرضِها فيهِ حَياةٌ كَمُنهَلِّ السَماءِ وَفيهِ رِزقُ +بِلادٌ ماتَ فِتيَتُها لِتَحيا وَزالوا دونَ قَومِهِمُ لِيَبقوا +وَحُرِّرَتِ الشُعوبُ عَلى قَناها فَكَيفَ عَلى قَناها تُستَرَقُّ +بَني سورِيَّةَ اِطَّرِحوا الأَماني وَأَلقوا عَنكُمُ الأَحلامَ أَلقوا +فَمِن خِدَعِ السِياسَةِ أَن تُغَرّوا بِأَلقابِ الإِمارَةِ وَهيَ ��ِقُّ +وَكَم صَيَدٍ بَدا لَكَ مِن ذَليلٍ كَما مالَت مِنَ المَصلوبِ عُنقُ +فُتوقُ المُلكِ تَحدُثُ ثُمَّ تَمضي وَلا يَمضي لِمُختَلِفينَ فَتقُ +نَصَحتُ وَنَحنُ مُختَلِفونَ داراً وَلَكِن كُلُّنا في الهَمِّ شَرقُ +وَيَجمَعُنا إِذا اِختَلَفَت بِلادٌ بَيانٌ غَيرُ مُختَلِفٍ وَنُطقُ +وَقَفتُم بَينَ مَوتٍ أَو حَياةٍ فَإِن رُمتُم نَعيمَ الدَهرِ فَاِشقوا +وَلِلأَوطانِ في دَمِ كُلِّ حُرٍّ يَدٌ سَلَفَت وَدَينٌ مُستَحِقُّ +وَمَن يَسقى وَيَشرَبُ بِالمَنايا إِذا الأَحرارُ لَم يُسقوا وَيَسقوا +وَلا يَبني المَمالِكَ كَالضَحايا وَلا يُدني الحُقوقَ وَلا يُحِقُّ +فَفي القَتلى لِأَجيالٍ حَياةٌ وَفي الأَسرى فِدىً لَهُمو وَعِتقُ +وَلِلحُرِّيَّةِ الحَمراءِ بابٌ بِكُلِّ يَدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ +جَزاكُم ذو الجَلالِ بَني دِمَشقٍ وَعِزُّ الشَرقِ أَوَّلُهُ دِمَشقُ +نَصَرتُم يَومَ مِحنَتِهِ أَخاكُم وَكُلُّ أَخٍ بِنَصرِ أَخيهِ حَقُّ +وَما كانَ الدُروزُ قَبيلَ شَرٍّ وَإِن أُخِذوا بِما لَم يَستَحِقّوا +وَلَكِن ذادَةٌ وَقُراةُ ضَيفٍ كَيَنبوعِ الصَفا خَشُنوا وَرَقّوا +لَهُم جَبَلٌ أَشَمُّ لَهُ شَعافٌ مَوارِدُ في السَحابِ الجونِ بُلقُ +لِكُلِّ لَبوءَةٍ وَلِكُلِّ شِبلٍ نِضالٌ دونَ غايَتِهِ وَرَشقُ +كَأَنَّ مِنَ السَمَوأَلِ فيهِ شَيئاً فَكُلُّ جِهاتِهِ شَرَفٌ وَخَلقُ +رَمَضانُ وَلّى هاتِها يا ساقي مُشتاقَةً تَسعى إِلى مُشتاقِ +ما كانَ أَكثَرَهُ عَلى أُلّافِها وَأَقَلَّهُ في طاعَةِ الخَلّاقِ +اللَهُ غَفّارُ الذُنوبِ جَميعِها إِن كانَ ثَمَّ مِنَ الذُنوبِ بَواقي +بِالأَمسِ قَد كُنّا سَجينَي طاعَةٍ وَاليَومَ مَنَّ العيدُ بِالإِطلاقِ +ضَحِكَت إِلَيَّ مِنَ السُرورِ وَلَم تَزَل بِنتُ الكُرومِ كَريمَةَ الأَعراقِ +هاتِ اِسقِنيها غَيرَ ذاتِ عَواقِبٍ حَتّى نُراعَ لِصَيحَةِ الصَفّاقِ +صِرفاً مُسَلَّطَةَ الشُعاعِ كَأَنَّما مِن وَجنَتَيكَ تُدارُ وَالأَحداقِ +حَمراءَ أَو صَفراءَ إِنَّ كَريمَها كَالغيدِ كُلُّ مَليحَةٍ بِمَذاقِ +وَحَذارِ مِن دَمِها الزَكِيِّ تُريقُهُ يَكفيكَ يا قاسي دَمُ العُشّاقِ +لا تَسقِني إِلّا دِهاقاً إِنَّني أُسقى بِكَأسٍ في الهُمومِ دِهاقِ +فَلَعَلَّ سُلطانَ المُدامَةِ مُخرِجي مِن عالَمٍ لَم يَحوِ غَيرَ نِفاقِ +وَطَني أَسِفتُ عَلَيكَ في عيدِ المَلا وَبَكَيتُ مِن وَجدٍ وَمِن إِشفاقِ +لا عيدَ لي حَتّى أَراكَ بِأُمَّةٍ شَمّاءَ راوِيَةٍ مِنَ الأَخلاقِ +ذَهَبَ الكِرامُ الجامِعونَ لِأَمرِهِم وَبَقيتُ في خَلَفٍ بِغَيرِ خَلاقِ +أَيَظَلُّ بَعضُهُمُ لِبَعضٍ خاذِلاً وَيُقالُ شَعبٌ في الحَضارَةِ راقي +وَإِذا أَرادَ اللَهُ إِشقاءَ القُرى جَعَلَ الهُداةَ بِها دُعاةَ شِقاقِ +العيدُ بَينَ يَدَيكَ يا اِبنَ مُحَمَّدٍ نَثَرَ السُعودَ حُلىً عَلى الآفاقِ +وَأَتى يُقَبِّلُ راحَتَيكَ وَيَرتَجي أَن لايَفوتَكُما الزَمانَ تَلاقِ +قابَلتُهُ بِسُعودِ وَجهِكَ وَالسَنا فَاِزدادَ مِن يُمنٍ وَمِن إِشراقِ +فَاِهنَأ بِطالِعِهِ السَعيدِ يَزينُهُ عيدُ الفَقيرِ وَلَيلَةُ الأَرزاقِ +يَتَنَزَّلُ الأَجرانِ في صُبحَيهِما جَزلَينِ عَن صَومٍ وَعَن إِنفاقِ +إِنّي أُجِلُّ عَنِ القِتالِ سَرائِري إِلّا قِتالَ البُؤسِ وَالإِملاقِ +وَأَرى سُمومَ العالَمينَ كَثيرَةً وَأَرى التَعاوُنَ أَنجَعَ التِرياقِ +قَسَمَت بَنيها وَاِستَبَدَّت فَوقَهُم دُنيا تَعُقُّ لَئيمَةُ الميثاقِ +وَاللَهُ أَتعَبَها وَضَلَّلَ كَيدَها مِن راحَتَيكَ بِوابِلٍ غَيداقِ +يَأسو جِراحَ اليائِسينَ مِنَ الوَرى وَيُساعِدُ الأَنفاسَ في الأَرماقِ +بَلَغَ الكِرامُ المَجدَ حينَ جَرَوا لَهُ بِسَوابِقٍ وَبَلَغتَهُ بِبُراقِ +وَرَأَوا غُبارَكَ في السُها وَتَراكَضوا مَن لِلنُجومِ وَمَن لَهُم بِلَحاقِ +مَولايَ طِلبَةُ مِصرَ أَن تَبقى لَها فَإِذا بَقيتَ فَكُلُّ خَيرٍ باقِ +سَبَقَ القَريضُ إِلَيكَ كُلَّ مُهَنِّئٍ مِن شاعِرٍ مُتَفَرِّدٍ سَبّاقِ +لَم يَدَّخِر إِلّا رِضاكَ وَلا اِقتَنى إِلّا وَلاءَكَ أَنفَسَ الأَعلاقِ +إِنَّ القُلوبَ وَأَنتَ مِلءُ صَميمِها بَعَثَت تَهانيها مِنَ الأَعماقِ +وَأَنا الفَتى الطائِيُّ فيكَ وَهَذِهِ كَلِمي هَزَزتُ بِها أَبا إِسحاقِ +أَيُّها الكاتِبُ المُصَوِّرُ صَوِّر مِصرَ بِالمَنظَرِ الأَنيقِ الخَليقِ +إِنَّ مِصراً رِوايَةُ الدَهرِ فَاِقرَأ عِبرَةَ الدَهرِ في الكِتابِ العَتيقِ +مَلعَبُ مَثَّلَ القَضاءُ عَلَيهِ في صِبا الدَهرِ آيَةَ الصِدّيقِ +وَاِمِّحاءَ الكَليمِ آنَسَ ناراً وَاِلتِجاءَ البَتولِ في وَقتِ ضيقِ +وَمَنايا مِنّا فَكِسرى فَذي القَر نَينِ فَالقَيصَرَينِ فَالفاروقِ +دُوَلٌ لَم تَبِد وَلَكِن تَوارَت خَلفَ سِترٍ مِنَ الزَمانِ رَقيقِ +رَوضَتي اِزَّيَّنَت وَأَبدَت حُلاها حينَ قالوا رِكابُكُم في الطَريقِ +مِثلَ عَذراءَ مِن عَجائِزِ روما بَشَّروها بِزَورَةِ البَطريقِ +ضَحِكُ الماءِ وَالأَقاحي عَلَيها قابَلَتهُ الغُصونُ بِالتَصفيقِ +زُرنَها وَالرَبيعُ فَصلاً فَخَفَّت نَحوَ رَكبَيكُما خُفوفَ المَشوقِ +فَاِنزِلا في عُيونِ نَرجِسِها الغَضِّ صِياناً وَفَوقَ خَدِّ الشَقيقِ +أَيُّ المَمالِكِ أَيُّها في الدَهرِ ما رَفَعَت شِراعَك +يا أَبيَضَ الآثارِ وَالص صَفَحاتِ ضُيِّعَ مَن أَضاعَك +إِنَّ البَيانَ وَإِنَّ حُس نَ العَقلِ ما زالا مَتاعَك +أَبَداً تُذَكِّرُنا الَّذي نَ جَلَوا عَلى الدُنيا شُعاعَك +وَبَنَوا مَنارَكَ عالِياً مُتَأَلِّقاً وَبَنَوا قِلاعَك +وَتَحَكَّموا بِكَ في الوُجو دِ تَحَكُّماً كانَ اِبتِداعَك +حَتّى إِذا جِئتَ الأَنا مَ بِأَهلِ حِكمَتِهِ أَطاعَك +وَاليَومَ عَقَّ كَأَنَّما يَنسى جَميلَكَ وَاِصطِناعَك +فَاِبلَغ فَدَيتُكَ كُلَّ ما ئِكَ فَالمَلا يَنوي اِبتِلاعَك +رَزَقَ اللَهُ أَهلَ باريسَ خَيراً وَأَرى العَقلَ خَيرَ ما رُزِقوهُ +عِندَهُم لِلثِمارِ وَالزَهرِ مِمّا تُنجِبُ الأَرضُ مَعرِضٌ نَسَقوهُ +جَنَّةٌ تَخلِبُ العُقولَ وَرَوضٌ تَجمَعُ العَينُ مِنهُ ما فَرَقوهُ +مَن رَآهُ يَقولُ قَد حُرِموا الفِر دَوسَ لَكِن بِسِحرِهِم سَرَقوهُ +ما تَرى الكَرمَ قَد تَشاكَلَ حَتّى لَو رَآهُ السُقاةُ ما حَقَّقوهُ +يُسكِرُ الناظِرينَ كَرماً وَلَمّا تَعتَصِرهُ يَدٌ وَلا عَتَّقوهُ +صَوَّروهُ كَما يَشاؤونَ حَتّى عَجِبَ الناسُ كَيفَ لَم يُنطِقوهُ +يَجِدُ المُتَّقي يَدَ اللَهِ فيهِ وَيَقولُ الجَحودُ قَد خَلَقوهُ +جَهدُ الصَبابَةِ ما أُكابِدُ فيكِ لَو كانَ ما قَد ذُقتُهُ يَكفيكِ +حَتّامَ هِجراني وَفيمَ تَجَنُّبي و��إِلامَ بي ذُلُّ الهَوى يُغريكِ +قَد مُتُّ مِن ظَمَإٍ فَلَو سامَحتِني أَن أَشتَهي ماءَ الحَياةِ بِفيكِ +أَجِدُ المَنايا في رِضاكِ هِيَ المُنى ماذا وَراءَ المَوتِ ما يُرضيكِ +يا بِنتَ مَخضوبِ الصَوارِمِ وَالقَنا بَرِأَت بَنانُكِ مِن سِلاحِ أَبيكِ +فَخِضابُ تِلكَ مِنَ العُيونِ وِقايَةٌ وَخِضابُ ذاكَ مِنَ الدَمِ المَسفوكِ +جَفناكِ أَيَّهُما الجَريءُ عَلى دَمي بِأَبي هُما مِن قاتِلٍ وَشَريكِ +بِالسَيفِ وَالسِحرِ المُبينِ وَبِالطِلى حَمَلا عَلَيَّ وَبِالقَنا المَشبوكِ +بِهِما وَبي سقَمٌ وَمِن عَجَبِ الهَوى عُدوانُ مُنكَسِرٍ عَلى مَنهوكِ +رِفقاً بِمُسبِلَةِ الشُؤونِ قَريحَةٍ تَسلو عَنِ الدُنيا وَلا تَسلوكِ +أَبكَيتِها وَقَعَدتِ عَن إِنسانِها يا لِلرِجالِ لِمُغرَقٍ مَتروكِ +ضَلَّت كَراها في غَياهِبِ حالِكٍ ضَلَّ الصَباحَ عَلَيهِ صَوتُ الديكِ +رَقَّ النَسيمُ عَلى دُجاهُ لِأَنَّتي وَرَثى لِحالي في السَماءِ أَخوكِ +قاسَيتُهُ حَتّى اِنجَلى بِالصُبحِ عَن سِرّي المَصونِ وَمَدمَعي المَهتوكِ +سُلَّت سُيوفُ الحَيِّ إِلّا واحِداً إِفرِندُهُ في جَفنِهِ يَحميكِ +جَرَّدتِهِ في غَيرِ حَقٍّ كَالأُلى سَلّوا سُيوفَهُمُ عَلى أَهليكِ +طَلَعَت عَلى حَرَمِ المَمالِكِ خيَلُهُم ناراً سَنابِكُها عَلى البَلجيكِ +البَأسُ وَالجَبَروتُ في أَعرافِها وَالمَوتُ حَولَ شَكيمِها المَعلوكِ +عَرَّت لِياجَ عَنِ الحُصونِ وَجَرَّدَت نامورَ عَن فولاذِها المَشكوكِ +تَمشي عَلى خَطِّ المُلوكِ وَخَتمِهِم وَعَلى مَصونِ مَواثِقٍ وَصُكوكِ +وَالحَربُ لا عَقلٌ لَها فَتَسومُها ما يَنبَغي مِن خُطَّةٍ وَسُلوكِ +دَكَّت حُصونَ القَومِ إِلّا مَعقِلاً مِن نَخوَةٍ وَحَمِيَّةٍ وَفُتوكِ +وَإِذا اِحتَمى الأَقوامُ بِاِستِقلالِهِم لاذَوا بِرُكنٍ لَيسَ بِالمَدكوكِ +وَلَقَد أَقولُ وَأَدمُعي مُنهَلَّةٌ باريرُ لَم يَعرِفكِ مَن يَغزوكِ +ما خِلتُ جَنّاتِ النَعيمِ وَلا الدُمى تُرمى بِمَشهودِ النَهارِ سَفوكِ +زَعَموكِ دارَ خَلاعَةٍ وَمَجانَةٍ وَدَعارَةٍ يا إِفكِ ما زَعَموكِ +إِن كُنتِ لِلشَهَواتِ رَيّاً فَالعُلا شَهَواتُهُنَّ مُرَوَّياتٌ فيكِ +تَلِدينَ أَعلامَ البَيانِ كَأَنَّهُم أَصحابُ تيجانٍ مُلوكُ أَريكِ +فاضَت عَلى الأَجيالِ حِكمَةُ شِعرِهِم وَتَفَجَّرَت كَالكَوثَرِ المَعروكِ +وَالعِلمُ في شَرقِ البِلادِ وَغَربِها ما حَجَّ طالِبُهُ سِوى ناديكِ +العَصرُ أَنتِ جَمالُهُ وَجَلالُهُ وَالرُكنُ مِن بُنيانِهِ المَسموكِ +أَخَذَت لِواءَ الحَقِّ عَنكِ شُعوبُهُ وَمَشَت حَضارَتُهُ بِنورِ بَنيكِ +وَخِزانَةُ التاريخِ ساعَةَ عَرضِها لِلفَخرِ خَيرُ كُنوزِها ماضيكِ +وَمِنَ العَجائِبِ أَنَّ واديكِ الثَرى وَمَراتِعَ الغُزلانِ في واديكِ +يا مَكتَبي قَبلَ الشَبابِ وَمَلعَبي وَمَقيلَ أَيّامِ الشَبابِ النوكِ +وَمَراحَ لَذّاتي وَمَغداها عَلى أُفُقٍ كَجَنّاتِ النَعيمِ ضَحوكِ +وَسَماءَ وَحيِ الشِعرِ مِن مُتَدَفِّقٍ سَلِسٍ عَلى نَولِ السَماءِ مَحوكِ +لَمّا اِحتَمَلتُ لَكَ الصَنيعَةَ لَم أَجِد غَيرَ القَوافي ما بِهِ أُجزيكِ +إِن لَم يَقوكِ بِكُلِّ نَفسٍ حُرَّةٍ فَاللَهُ جَلَّ جَلالُهُ واقيكِ +لَنا صاحِبٌ قَد مُسَّ إِلّا بَقِيَّةٌ فَلَيسَ بِمَجنونٍ وَلَيسَ بِعاقِلِ +لَهُ قَدَمٌ لا تَستَقِرُّ بِمَوضِعٍ كَما يَتَنَزّى في الحَصى غَيرُ ناعِلِ +إِذا ما بَدا في مَجلِسٍ ظُنَّ حافِلاً مِنَ الصَخَبِ العالي وَلَيسَ بِحافِلِ +وَيُمطِرُنا مِن لَفظِهِ كُلَّ جامِدٍ وَيُمطِرُنا مِن رَيلِهِ شَرَّ سائِلِ +وَيُلقي عَلى السُمّارِ كَفّاً دِعابُها كَعَضَّةِ بَردٍ في نَواحي المَفاصِلِ +مَحجوبُ إِن جِئتَ الحِجا زَ وَفي جَوانِحِكَ الهَوى لَه +شَوقاً وَحُبّاً بِالرَسو لِ وَآلِهِ أَزكى سُلالَه +فَلَمَحتَ نَضرَةَ بانِهِ وَشَمَمتَ كَالرَيحانِ ضالَه +وَعَلى العَتيقِ مَشَيتَ تَن ظُرُ فيهِ دَمعَكَ وَاِنهِمالَه +وَمَضى السُرى بِكَ حَيثُ كا نَ الروحُ يَسري وَالرِسالَه +وَبَلَغتَ بَيتاً بِالحِجا زِ يُبارِكُ الباري حِيالَه +اللَهُ فيهِ جَلا الحَرا مَ لِخَلقِهِ وَجَلا حَلالَه +فَهُناكَ طِبُّ الروحِ طِب بُ العالَمينَ مِنَ الجَهالَه +وَهُناكَ أَطلالُ الفَصا حَةِ وَالبَلاغَةِ وَالنَبالَه +وَهُناكَ أَزكى مَسجِدٍ أَزكى البَرِيَّةِ قَد مَشى لَه +وَهُناكَ عُذرِيُّ الهَوى وَحَديثُ قَيسٍ وَالغَزالَه +وَهُناكَ مُجري الخَيلِ يَج ري في أَعِنَّتِها خَيالَه +وَهُناكَ مَن جَمَعَ السَما حَةَ وَالرَجاحَةَ وَالبَسالَه +وَهُناكَ خَيَّمَتِ النُهى وَالعِلمُ قَد أَلقى رِحالَه +وَهُناكَ سَرحُ حَضارَةٍ اللَهُ فَيَّأَنا ظِلالَه +إِنَّ الحُسَينَ اِبنَ الحُسَي نِ أَميرَ مَكَّةَ وَالإِيالَه +قَمَرُ الحَجيجِ إِذا بَدا دارُ الحَجيجِ عَلَيهِ هالَه +أَنتَ العَليلُ فَلُذ بِهِ مُستَشفِياً وَاِغنَم نَوالَه +لا طِبَّ إِلّا جَدُّهُ شافي العُقولِ مِنَ الضَلالَه +قَبِّل ثَراهُ وَقُل لَهُ عَنّي وَبالِغ في المَقالَه +أَنا يا اِبنَ أَحمَدَ بَعدَ مَد حي في أَبيكَ بِخَيرِ حالَه +أَنا في حِمى الهادي أَبي كَ أُحِبُّهُ وَأُجِلُّ آلَه +شَوقي إِلَيكَ عَلى النَوى شَوقُ الضَريرِ إِلى الغَزالَه +يا اِبنَ المُلوكِ الراشِدي نَ الصالِحينَ أُلي العَدالَه +إِن كانَ بِالمُلكِ الجَلا لَةُ فَالنَبِيُّ لَكُم جَلالَه +أَوَلَيسَ جَدُّكُمُ الَّذي بَلَغَ الوُجودَ بِهِ كَمالَه +قِف بِطوكِيو وَطُف عَلى يوكاهامَه وَسَلِ القَريَتَينِ كَيفَ القِيامَه +دَنَتِ الساعَةُ الَّتي أُنذِرَ النا سُ وَحَلَّت أَشراطُها وَالعَلامَه +قِف تَأَمَّل مَصارِعَ القَومِ وَاِنظُر هَل تَرى دِيارَ عادٍ دِعامَه +خُسِفَت بِالمَساكِنِ الأَرضُ خَسفاً وَطَوى أَهلُها بِساطَ الإِقامَه +طَوَّفَت بِالمَدينَتَينِ المَنايا وَأَدارَ الرَدى عَلى القَومِ جامَه +لا تَرى العَينُ مِنهُما أَينَ جالَت غَيرَ نِقضٍ أَو رِمَّةٍ أَو حُطامَه +حازَهُم مِن مَراجِلِ الأَرضِ قَبرٌ في مَدى الظَنِّ عُمقُهُ أَلفُ قامَه +تَحسَبُ المَيتَ في نَواحيهِ يُعي نَفخَةَ الصورِ أَن تَلُمَّ عِظامَه +أَصبَحوا في ذَرا الحَياةِ وَأَمسَوا ذَهَبَت ريحُهُم وَشالوا نَعامَه +ثِق بِما شِئتَ مِن زَمانِكَ إِلّا صُحبَةَ العَيشِ أَو جِوارَ السَلامَه +دَولَةُ الشَرقِ وَهيَ في ذِروَةِ العِزِّ تَحارُ العُيونُ فيها فَخامَه +خانَها الجَيشُ وَهوَ في البَرِّ دِرعٌ وَالأَساطيلُ وَهيَ في البَحرِ لامَه +لَو تَأَمَّلتَها عَشِيَّةَ جاشَت خِلتَها في يَدِ القَضاءِ حَمامَه +رَجَّها رَجَّةً أَكَبَّت عَلى قَر تَيهِ بوذا وَزَلزَلَت أَقدامَه +اِستَعَذنا بِاللَهِ مِن ذَلِكَ السَي لِ الَّذي يَكسَحُ البِلادَ أَمامَه +مَن رَأى جَلمَداً يَهُبُّ هُبوباً وَحَميماً يَسُحَّ سَحَّ الغَمامَه +وَدُخاناً يَلُفُّ جُنحاً بِجُنحٍ لا تَرى فيهِ مِعصَمَيها اليَمامَه +وَهَزيماً كَما عَوى الذِئبُ في كُل لِ مَكانٍ وَزَمجَرَ الضِرغامَه +أَتَتِ الأَرضُ وَالسَماءُ بِطوفا نٍ يُنَسّي طوفانَ نوحٍ وَعامَه +فَتَرى البَحرَ جُنَّ حَتّى أَجازَ ال بَرَّ وَاِحتَلَّ مَوجُهُ أَعلامَه +مُزبِداً ثائِرَ اللُجاجِ كَجَيشٍ قَوَّضَ العاصِفُ الهَبوبُ خِيامَه +فُلكُ نوحٍ تَعوذُ مِنهُ بِنوحٍ لَو رَأَتهُ وَتَستَجيرُ زِمامَه +قَد تَخَيَّلتُهُم مَتابيلَ سِحرٍ مِن قِراعِ القَضاءِ صَرعى مُدامَه +وَتَخَيَّلتُ مَن تَخَلَّفَ مِنهُمُ ظَنَّ لَيلَ القِيامِ ذاكَ فَنامَه +أَبَراكينُ تِلكَ أَم نَزَواتٌ مِن جِراحٍ قَديمَةٍ مُلتامَه +تَجِدُ الأَرضَ راحَةً حَيثُ سالَت راحَةُ الجِسمِ مِن وَراءِ الحَجامَه +ما لَها لا تَضِجُّ مِمّا أَقَلَّت مِن فَسادٍ وَحُمِّلَت مِن ظُلامَه +كُلَّما لُبِّسَت بِأَهلِ زَمانٍ شَهِدَت مِن زَمانِهِم آثامَه +اِستَوَوا بِالأَذى ضِرِيّاً وَبِالشَر رِ وُلوعاً وَبِالدِماءِ نَهامَه +لَبَّسَت هَذِهِ الحَياةُ عَلَينا عالَمَ الشَرِّ وَحشَهُ وَأَنامَه +ذاكَ مِن مُؤنِساتِهِ الظُفرُ وَالنا بُ وَهَذا سِلاحُهُ الصَمصامَه +سَرَّهُ مِن أُسامَةَ البَطشُ وَالفَت كُ فَسَمّى وَليدَهُ بِأُسامَه +لَؤُمَت مِنهُما الطِباعُ وَلَكِن وَلَدُ العاصِيَينِ شَرٌّ لَآمَه +أَنا مِن خَمسَةٍ وَعِشرينَ عاما لَم أُرِح في رِضاكُمُ الأَقداما +أَركَبُ البَحرَ تارَةً وَأَجوبُ ال بَرَّ طَوراً وَأَقطَعُ الأَيّاما +وَيُوافي النُفوسَ مِنّي رَسولٌ لَم يَكُن خائِناً وَلا نَمّاما +يَحمِلُ الغِشَّ وَالنَصيحَةَ وَالبَغضا ءَ وَالحُبَّ وَالرِضى وَالمَلاما +وَيَعي ما تُسِرُّهُ مِن كَلامٍ وَيُؤَدّي كَما وَعاهُ الكَلاما +وَلَقَد أُضحِكُ العَبوسَ بِيَومٍ فيهِ أُبكي المُنَعَّمَ البَسّاما +وَأُهَنّي عَلى النَوى وَأُعَزّي وَأُفيدُ الحِرمانَ وَالإِنعاما +وَجَزائِيَ عَن خِدمَتي وَوَفائي ثَمَنٌ لا يُكَلِّفُ الأَقواما +رُبَّ عَبدٍ قَدِ اِشتَراني بِمالٍ وَغُلامٍ قَد ساقَ مِنّي غُلاما +عَرَفَ القَومُ في جِنيفا مَحَلّي وَجَزَوني عَن خِدمَتي إِكراما +جامَلوني إِذ تَمَّ لي رُبعُ قَرنٍ مِثلَما جامَلوا المُلوكَ العِظاما +وَيوبيلُ المُلوكِ يَلبَثُ يَوماً وَيوبيلي يَدومُ في الناسِ عاما +قُم سُلَيمانُ بِساطُ الريحِ قاما مَلَكَ القَومُ مِنَ الجَوِّ الزِماما +حينَ ضاقَ البَرُّ وَالبَحرُ بِهِم أَسرَجوا الريحَ وَساموها اللِجاما +صارَ ما كانَ لَكُم مُعجِزَةً آيَةً لِلعِلمِ آتاها الأَناما +قُدرَةٌ كُنتَ بِها مُنفَرِداً أَصبَحَت حِصَّةَ مَن جَدَّ اِعتِزاما +عَينُ شَمسٍ قامَ فيها مارِدٌ مِن عَفاريتِكَ يُدعى شاتَهاما +يَملَأُ الجَوَّ عَزيفاً كُلَّما ضَرَبَ الريحَ بِسَوطٍ وَالغَماما +مَلِكُ الجَوِّ تَليهِ عُصبَةٌ جَمَعَت شَهماً وَنَدباً وَهُماما +اِستَوَوا فَوقَ مَناطيدِهمُ ما يُبالونَ حَياةً أَم حِماما +وَقُبوراً في السَمَواتِ العُلا نَزَلوا أَم حُفَراتٌ وَرَغاما +مُط��َئِنّينَ نُفوساً كُلَّما عَبَسَت كارِثَةٌ زادوا اِبتِساما +صَهوَةَ العِزِّ اِعتَلَوا تَحسَبُهُم جَمعَ أَملاكٍ عَلى الخَيلِ تَسامى +رَفَعوا لَولَبَها فَاِندَفَعَت هَل رَأَيتَ الطَيرَ قَد زَفَّ وَحاما +شالَ بِالأَذنابِ كُلٌّ وَرَمى بِجَناحَيهِ كَما رُعتَ النَعاما +ذَهَبَت تَسمو فَكانَت أَعقُباً فَنُسوراً فَصُقوراً فَحَماما +تَنبَري في زَرَقِ الأُفقِ كَما سَبَحَ الحوتُ بِدَأماءٍ وَعاما +بَعضُها في طَلَبِ البَعضِ كَما طارَدَ النَسرُ عَلى الجَوِّ القُطاما +وَيَراها عالَمٌ في زُحَلٍ أَرسَلَت مِن جانِبِ الأَرضِ سِهاما +أَو نُجوماً ذاتَ أَذنابٍ بَدَت تُنذِرُ الناسَ نُشوراً وَقِياما +أَتَرى القُوَّةَ في جُؤجُؤهِ وَهوَ بِالجُؤجُؤِ ماضٍ يَتَرامى +أَم تَراها في الخَوافي خَفِيَت أَم مَقَرُّ الحَولِ في بَعضِ القُدامى +أَم ذُناباهُ إِذا حَرَّكَهُ يَزِنُ الجِسمَ هُبوطاً وَقِياما +أَم بِعَينَيهِ إِذا ما جالَتا تَكشِفانِ الجَوَّ غَيثاً أَم جَهاما +أَم بِأَظفارٍ إِذا شَبَّكَها نَفَذَت في الريحِ دَفعاً وَاِستِلاما +أَم أَمَدَّتهُ بِروحٍ أُمُّهُ يَومَ أَلقَتهُ وَما جازَ الفِطاما +فَتَلَقّاهُ أَبٌ كَم مِن أَبٍ دونَهُ في الناسِ بِالوُلدِ اِهتِماما +فَلَكِيٌّ هُوَ إِلّا أَنَّهُ لَم يَنَل فَهماً وَلَم يُعطَ الكَلاما +طِلبَةٌ قَد رامَها آباؤُنا وَاِبتَغاها مَن رَأى الدَهرَ غُلاما +أَسقَطَت إيكارَ في تَجرِبَةٍ وَاِبنَ فِرناسٍ فَما اِستَطاعا قِياما +في سَبيلِ المَجدِ أَودى نَفَرٌ شُهَداءُ العِلمِ أَعلاهُم مَقاما +خُلَفاءُ الرُسلِ في الأَرضِ هُمو يَبعَثُ اللَهُ بِهِم عاماً فَعاما +قَطرَةٌ مِن دَمِهِم في مُلكِهِ تَملَأُ المُلكَ جَمالاً وَنِظاما +رَبِّ إِن كانَت لِخَيرٍ جُعِلَت فَاِجعَلِ الخَيرَ بِناديها لِزاما +وَإِنِ اِعتَزَّ بِها الشَرُّ غَداً فَتَعالَت تُمطِرُ المَوتَ الزُؤاما +فَاِملَأ الجَوَّ عَلَيها رُجُماً رَحمَةً مِنكَ وَعَدلاً وَاِنتِقاما +يا فَرَنسا لا عَدِمنا مِنَناً لَكِ عِندَ العِلمِ وَالفَنِّ جُساما +لَطَفَ اللَهُ بِباريسَ وَلا لَقِيَت إِلّا نَعيماً وَسَلاما +رَوَّعَت قَلبي خُطوبٌ رَوَّعَت سامِرَ الأَحياءِ فيها وَالنِياما +أَنا لا أَدعو عَلى سينٍ طَغى إِنَّ لِلسينِ وَإِن جارَ ذِماما +لَستُ بِالناسي عَلَيهِ عيشَةً كانَتِ الشَهدَ وَأَحباباً كِراما +اِجعَلوها رُسلَكُم أَهلَ الهَوى تَحمِلُ الأَشواقَ عَنكُم وَالغَراما +وَاِستَعيروها جَناحاً طالَما شَغَفَ الصَبَّ وَشاقَ المُستَهاما +يَحمِلُ المُضنى إِلى أَرضِ الهَوى يَمَناً حَلَّ هَواهُ أَم شَآما +أَركَبُ اللَيثَ وَلا أَركَبُها وَأَرى لَيثَ الشَرى أَوفى ذِماما +غَدَرَت جَيرونَ لَم تَحفِل بِهِ وَبِما حاوَلَ مِن فَوزٍ وَراما +وَقَعَت ناحِيَةً فَاِحتَرَقَت مِثلَ قُرصِ الشَمسِ بِالأُفقِ اِضطِراما +راضَها بِاليُمنِ مِن طَلعَتِهِ خَيرُ مَن حَجَّ وَمَن صَلّى وَصاما +كَخَليلِ اللَهِ في حَضرَتِهِ خَرَّتِ النارُ خُشوعاً وَاِحتِراما +ما لِروحي صاعِداً ما يَنتَهي أَتُراهُ آثَرَ الجَوَّ فَراما +كُلَّما دارَ بِهِ دَورَتَهُ أَبدَتِ الريحُ اِمتِثالاً وَاِرتِساما +أَنا لَو نِلتُ الَّذي قَد نالَهُ ما هَبَطتُ الأَرضَ أَرضاها مُقاما +هَل تَرى في ��لأَرضِ إِلّا حَسَداً وَرِياءً وَنِزاعاً وَخِصاما +مُلكُ هَذا الجَوِّ في مَنعَتِهِ طالَما لِلنَجمِ وَالطَيرِ اِستَقاما +حَسَدَ الإِنسانُ سِربَيهِ بِما أوتِيا في ذُروَةِ العِزِّ اِعتِصاما +دَخَلَ العُشَّ عَلى أَنسُرِهِ أَتُرى يَغشى مِنَ النَجمِ السَناما +أَيُّها الشَرقُ اِنتَبِه مِن غَفلَةٍ ماتَ مَن في طُرُقاتِ السَيلِ ناما +لا تَقولَنَّ عِظامِيٌّ أَنا في زَمانٍ كانَ لِلناسِ عِصاما +شاقَتِ العَلياءُ فيهِ خَلفاً لَيسَ يَألوها طِلاباً وَاِغتِناما +كُلَّ حينٍ مِنهُمو نابِغَةٌ يَفضُلُ البَدرَ بَهاءً وَتَماما +خالِقَ العُصفورِ حَيَّرتَ بِهِ أُمَماً بادوا وَما نالوا المَراما +أَفنَوا النَقدَينِ في تَقليدِهِ وَهوَ كَالدِرهَمِ ريشاً وَعِظاما +طالَ عَلَيها القِدَم فَهيَ وُجودٌ عَدَم +قَد وُئِدَت في الصِبا وَاِنبَعَثَت في الهَرَم +بالَغَ فِرعَونُ في كَرمَتِها مَن كَرَم +أَهرَقَ عُنقودَها تَقدِمَةً لِلصَنَم +خَبَّأَها كاهِنٌ ناحِيَةً في الهَرَم +اِكتُشِفَت فَاِمَّحَت غَيرَ شَذاً أَو ضَرَم +أَو كَخَيالٍ لَها بَعدَ مَتابٍ أَلَم +نَمَّ بِها دَنُّها وَهيَ عَلَيهِ أَنَم +بي رَشَأٌ ناعِمٌ ما عَرفَ العُمرَ هَم +أَخرَجَها اللَهُ كَال زَهرَةِ وَالحُسنُ كِم +تَخطُرُ عَن عادِلٍ لَم يُرَ إِلّا ظَلَم +تَبسِمُ عَن لُؤلُؤٍ قَدَّرَهُ مَن قَسَم +كَرَّمَهُ في النَوى هَذَّبَهُ في اليُتَم +مُضطَهَدٌ خَصرُها جانِبُهُ مُهتَضَم +طاوَعَ مِن صَدرِها أَيَّ قَوِيٍّ حَكَم +حَمَّلَهُ ثِقلَهُ ثُمَّ عَلَيهِ اِدَّعَم +تَسأَلُ أَترابَها مومِئَةً بِالعَنَم +أَيُّ فَتىً ذَلِكُن نَ العَرَبِيَّ العَلَم +يَشرَبُها ساهِراً لَيلَتَهُ لَم يَنَم +قُلنَ تَجاهَلتِهِ ذَلِكَ رَبُّ القَلَم +شاعِرُ مِصرَ الَّذي لَو خَفِيَ النَجمُ لَم +قُلتُ لَها لَيتَ لَم نُرمَ وَفي نُتَّهَم +عاذِلَتي في الطِلى لَو أَنصَفَت لَم أُلَم +إِن عَبَسَ العَيشُ لي عُذتُ بِها فَاِبتَسَم +يَشرَبُها كابِرٌ بَينَ ضُلوعي أَشَم +يَبذُلُ إِلّا النُهى يَهتِكُ إِلّا الحُرَم +يُكسِبُها خُلقَهُ يَمزُجُها بِالشِيَم +يَمنَعُها حِلمَهُ إِن دَفَعَتهُ اِحتَشَم +تِلكَ شُموسُ الدُجى أَم ظَبِيّاتُ الخِيَم +تُقبِلُ في مَوكِبٍ شَقَّ سَناهُ الظُلَم +خِلتُ بِأَنوارِهِ قَرنَ ذُكاءٍ نَجَم +مَقصِدُها سُدَّةٌ آلَ إِلَيها العِظَم +حَيثُ كِبارُ المَلا بَعضُ صِغارِ الخَدَم +قَد وَقَفوا لِلمَها فَاِنسَرَبَت مِن أَمَم +تَخطِرُ مِن جَمعِهِم بَينَ لُيوثٍ بُهَم +خارِجَةً مِن شَرىً داخِلَةً في أَجَم +ناعِمَةً لَم تُرَع لاهِيَةً لَم تَجَم +اِنتَشَرَت لُؤلُؤاً في المُهَجاتِ اِنتَظَم +تَمرَجُ في مَأمَنٍ مِثلَ حَمامِ الحَرَم +مُؤتَلِفٌ سِربُها حَيثُ تَلاقى اِلتَأَم +مُندَفِعاتٌ عَلى مُختَلِفاتِ النَغَم +بَينَ يَدٍ في يَدٍ أَو قَدَمٍ في قَدَم +تَذهَبُ مَشيَ القَطا تَرجِعُ كَرَّ النَسَم +تَبعَثُ أَنّى بَدَت ضَوءَ جَبينٍ وَفَم +تُعجِلُ خَطواً تَني فاتِنَةً بِالرَسَم +تَجمَعُ مِن ذَيلِها تَترُكُهُ لَم يُلَم +تَرفُلُ في مُخمَلٍ نَمَّ وَلَمّا يَتِم +تَتبَعُ إِلّا الهَوى تَقرَبُ إِلّا التُهَم +فَاِجتَمَعَت فَاِلتَقَت حَولَ خِوانٍ نُظِم +مُنتَهَبٍ كُلَّما ظُنَّ بِهِ ا��نَقصُ تَم +مائِدَةٌ مَدَّها بَحرُ نَوالٍ خِضَم +تَحسَبُها صُوِّرَت مِن شَهَواتِ النَهَم +لَم تُرَ في بابِلٍ ما عُهِدَت في إِرَم +حاتِمُ لَو شامَها أَقلَعَ عَمّا زَعَم +مَعنُ لَوِ اِنتابَها أَدرَكَ مَعنى الكَرَم +أَشبَهُ بِالبَحرِ لا يُحرِجُها مُزدَحَم +قامَ لَدَيها المَلا يَبلُغُ أَلفَينِ ثَم +مُقتَرِحاً ما اِشتَهى مُلتَقِياً ما رَسَم +لَو طَلَبَ الطَيرَ مِن أَيكَتِهِ ما اِحتَرَم +يا مَلِكاً لَم تَضِق ساحَتُهُ بِالأُمَم +تَجمَعُ أَشرافَها مِن عَرَبٍ أَو عَجَم +تُخطِرُ مَن أَمَّها بَينَ صُنوفِ النِعَم +سادَةُ أَفريقيا لُجَّتِها وَالأَكَم +أَنتَ رَشيدُ العُلى في المَلأَينِ اِحتَكَم +لَيلَتُكُم قَدرُها فَوقَ غَوالي القِيَم +مُشرِقَةٌ مِثلُها في زَمَنٍ لَم يَقُم +لا بَرَحَ الصَفوُ في ظِلِّكُمو يُغتَنَم +ما شَرِبوها وَما طالَ عَلَيها القِدَم +دَرَجَت عَلى الكَنزِ القُرون وَأَتَت عَلى الدَنِّ السُنون +خَيرُ السُيوفِ مَضى الزَما نُ عَلَيهِ في خَيرِ الجُفون +في مَنزِلٍ كَمُحَجَّبِ ال غَيبِ اِستَسَرَّ عَنِ الظُنون +حَتّى أَتى العِلمُ الجَسو رُ فَفَضَّ خاتَمَهُ المَصون +وَالعِلمُ بَدرِيٌّ أُحِل لَ لِأَهلِهِ ما يَصنَعون +هَتَكَ الحِجالَ عَلى الحَضا رَةِ وَالخُدورَ عَلى الفُنون +وَاِندَسَّ كَالمِصباحِ في حُفَرٍ مِنَ الأَجداثِ جون +حُجَرٌ مُمَرَّدَةُ المَعا قِلِ في الثَرى شُمُّ الحُصون +لا تَهتَدي الريحُ الهَبو بُ لَها وَلا الغَيثُ الهَتون +خانَت أَمانَةَ جارِها وَالقَبرُ كَالدُنيا يَخون +يا اِبنَ الثَواقِبِ مِن رَعٍ وَاِبنَ الزَواهِرِ مِن أَمون +نَسَبٌ عَريقٌ في الضُحى بَذَّ القَبائِلَ وَالبُطون +أَرَأَيتَ كَيفَ يَثوبُ مِن غَمرِ القَضاءِ المُغرَقون +وَتَدولُ آثارُ القُرو نِ عَلى رَحى الزَمَنِ الطَحون +حُبُّ الخُلودِ بَنى لَكُم خُلُقاً بِهِ تَتَفَرَّدون +لَم يَأخُذِ المُتَقَدِّمو نَ بِهِ وَلا المُتَأَخِّرون +حَتّى تَسابَقتُم إِلى الإِح سانِ فيما تَعمَلون +لَم تَترُكوهُ في الجَلي لِ وَلا الحَقيرِ مِنَ الشُؤون +هَذا القِيامُ فَقُل لنا ال يَومُ الأَخيرُ مَتى يَكون +البَعثُ غايَةُ زائِلٍ فانٍ وَأَنتُم خالِدون +السَبقُ مِن عاداتِكُم أَتُرى القِيامَةَ تَسبِقون +أَنتُم أَساطينُ الحَضا رَةِ وَالبُناةُ المُحسِنون +المُتقِنونَ وَإِنَّما يُجزى الخُلودَ المُتقِنون +أَنَزَلتَ حُفرَةَ هالِكٍ أَم حُجرَةَ المَلِكِ المَكين +أَم في مَكانٍ بَينَ ذَ لِكَ يُدهِشُ المُتَأَمِّلين +هُوَ مِن قُبورِ المُتلَفي نَ وَمِن قُصورِ المُترَفين +لَم يَبقَ غالٍ في الحَضا رَةِ لَم يَحُزهُ وَلا ثَمين +مَيتٌ تُحيطُ بِهِ الحَيا ةُ زَمانُهُ مَعَهُ دَفين +وَذَخائِرٌ مِن أَعصُرٍ وَل لَت وَمِن دُنيا وَدين +حَمَلَت عَلى العَجَبِ الزَما نَ وَأَهلَهُ المُستَكبِرين +فَتَلَفَّتَت باريسُ تَح سَبُ أَنَّها صُنعُ البَنين +ذَهَبٌ بِبَطنِ الأَرضِ لَم تَذهَب بِلَمحَتِهِ القُرون +اِستَحدَثَت لَكَ جَندَلاً وَصَفائِحاً مِنهُ القُيون +وَنَواوِساً وَهّاجَةً لَم يَتَّخِذها الهامِدون +لَو يَفطُنُ المَوتى لَها سَرَحوا الأَنامِلَ يَنبِشون +وَتَنازَعوا الذَهَبَ الَّذي كانوا لَهُ يَتَفاتَنون +أَكفانُ وَشيٍ فُصِّلَت بِرَقائِقِ الذَهَبِ الفَتين +قَد لَفَّها لَفَّ الضِما دِ مُحَنِّطٌ آسٍ رَزين +وَكَأَنَّهُنَّ كَمائِمٌ وَكَأَنَّكَ الوَردُ الجَنين +وَبِكُلِّ رُكنٍ صورَةٌ وَبِكُلِّ زاوِيَةٍ رَقين +وَتَرى الدُمى فَتَخالُها اِن تَثَرَت عَلى جَنَباتِ زون +صُوَرٌ تُريكَ تَحَرُّكاً وَالأَصلُ في الصُوَرِ السُكون +وَيَمُرُّ رائِعُ صَمتِها بِالحِسِّ كَالنُطقِ المُبين +صَحِبَ الزَمانَ دِهانُها حيناً عَهيداً بَعدَ حين +غَضٌّ عَلى طولِ البِلى حَيٌّ عَلى طولِ المَنون +خَدَعَ العُيونَ وَلَم يَزَل حَتّى تَحَدّى اللامِسين +غِلمانُ قَصرِك في الرِكا بِ يُناوِلونَ وَيَطرَدون +وَالبوقُ يَهتِفُ وَالسِها مُ تَرِنُّ وَالقَوسُ الحَنون +وَكِلابُ صَيدِكَ لُهَّثٌ وَالخَيلُ جُنَّ لَها جُنون +وَالوَحشُ تَنفُرُ في السُهو لِ وَتارَةً تَثِبُ الحُزون +وَالطَيرُ تَرسُفُ في الجِرا حِ وَفي مَناقِرِها أَنين +وَكَأَنَّ آباءَ البَرِي يَةِ في المَدائِنِ مُحضَرون +وَكَأَنَّ دَولَةَ آلِ شَم سٍ عَن شِمالِكَ وَاليَمين +مَلِكَ المُلوكِ تَحِيَّةً وَوَلاءَ مُحتَفِظٍ أَمين +هَذا المُقامُ عَرَفتُهُ وَسَبَقتُ فيهِ القائِلين +وَوَقَفتُ في آثارِكُم أَزِنُ الجَلالَ وَأَستَبين +وَبَنَيتُ في العِشرينَ مِن أَحجارِها شِعري الرَصين +سالَت عُيونُ قَصائِدي وَجَرى مِنَ الحَجَرِ المَعين +أَقعَدتُ جيلاً لِلهَوى وَأَقَمتُ جيلاً آخَرين +كُنتُم خَيالَ المَجدِ يُر فَعُ لِلشَبابِ الطامِحين +وَكَم اِستَعَرتَ جَلالَكُم لِمُحَمَّدٍ وَالمالِكين +تاجٌ تَنَقَّلَ في الخَيا لِ فَما اِستَقَرَّ عَلى جَبين +خَرَزاتُهُ السَيفُ الصَقي لُ يَشُدُّهُ الرُمحُ السَنين +قُل لي أَحينَ بَدا الثَرى لَكَ هَل جَزِعتَ عَلى العَرين +آنَستَ مُلكاً لَيسَ بِالشا كي السِلاحِ وَلا الحَصين +البَرُّ مَغلوبُ القَنا وَالبَحرُ مَسلوبُ السَفين +لَمّا نَظَرتَ إِلى الدِيا رِ صَدَفتَ بِالقَلبِ الحَزين +لَم تَلقَ حَولَكَ غَيرَ كَر تَرَ وَالنِطاسِيِّ المُعين +أَقبَلتَ مِن حُجُبِ الجَلا لِ عَلى قَبيلٍ مُعرِضين +تاجُ الحَضارَةِ حينَ أَش رَقَ لَم يَجِدهُم حافِلين +وَاللَهُ يَعلَمُ لَم يَرَو هُ مِن قُرونٍ أَربَعين +قَسَماً بِمَن يُحيي العِظا مَ وَلا أَزيدُكَ مِن يَمين +لَو كانَ مِن سَفَرٍ إِيا بُكَ أَمسِ أَو فَتحٍ مُبين +أَو كانَ بَعثُكَ مِن دَبي بِ الروحِ أَو نَبضِ الوَتين +وَطَلَعتَ مِن وادي المُلو كِ عَلَيكَ غارُ الفاتِحين +الخَيلُ حَولَكَ في الجِلا لِ العَسجَدِيَّةِ يَنثَنين +وَعَلى نِجادِكَ هالَتا نِ مِنَ القَنا وَالدارِعين +وَالجُندُ يَدفَعُ في رِكا بِكَ بِالمُلوكِ مُصَفَّدين +لَرَأَيتَ جيلاً غَيرَ جي لِكَ بِالجَبابِرِ لا يَدين +وَرَأَيتَ مَحكومينَ قَد نَصَبوا وَرَدّوا الحاكِمين +روحُ الزَمانِ وَنَظمُهُ وَسَبيلُهُ في الآخَرين +إِنَّ الزَمانَ وَأَهلَهُ فَرَغا مِنَ الفَردِ اللَعين +فَإِذا رَأَيتَ مَشايِخاً أَو فِتيَةً لَكَ ساجِدين +لاقِ الزَمانَ تَجِدهُمو عَن رَكبِهِ مُتَخَلِّفين +هُم في الأَواخِرِ مَولِداً وَعُقولُهُم في الأَوَّلين +قُم ناجِ جِلَّقَ وَاِنشُد رَسمَ مَن بانوا مَشَت عَلى الرَسمِ أَحداثٌ وَأَزمانُ +هَذا الأَديمُ كِتابٌ لا كِفاءَ لَهُ رَثُّ الصَحائِفِ باقٍ مِنهُ عُنوانُ +الدينُ وَالوَحيُ وَالأَخلاقُ طائِفَةٌ مِنهُ وَسائِرُهُ دُنيا وَبُهتانُ +ما فيهِ إِن قُلِّبَت يَوماً جَواهِرُهُ إِلّا قَرائِحُ مِن رادٍ وَأَذهانُ +بَنو أُمَيَّةَ لِلأَنباءِ ما فَتَحوا وَلِلأَحاديثِ ما سادوا وَما دانوا +كانوا مُلوكاً سَريرُ الشَرقِ تَحتَهُمُ فَهَل سَأَلتَ سَريرَ الغَربِ ما كانوا +عالينَ كَالشَمسِ في أَطرافِ دَولَتِها في كُلِّ ناحِيَةٍ مُلكٌ وَسُلطانُ +يا وَيحَ قَلبِيَ مَهما اِنتابَ أَرسُمَهُم سَرى بِهِ الهَمُّ أَو عادَتهُ أَشجانُ +بِالأَمسِ قُمتُ عَلى الزَهراءِ أَندُبُهُم وَاليَومَ دَمعي عَلى الفَيحاءِ هَتّانُ +في الأَرضِ مِنهُم سَماواتٌ وَأَلوِيَةٌ وَنَيِّراتٌ وَأَنواءٌ وَعُقبانُ +مَعادِنُ العِزِّ قَد مالَ الرَغامُ بِهِم لَو هانَ في تُربِهِ الإِبريزُ ما هانوا +لَولا دِمَشقُ لَما كانَت طُلَيطِلَةٌ وَلا زَهَت بِبَني العَبّاسِ بَغدانُ +مَرَرتُ بِالمَسجِدِ المَحزونِ أَسأَلَهُ هَل في المُصَلّى أَوِ المِحرابِ مَروانُ +تَغَيَّرَ المَسجِدُ المَحزونُ وَاِختَلَفَت عَلى المَنابِرِ أَحرارٌ وَعِبدانُ +فَلا الأَذانُ أَذانٌ في مَنارَتِهِ إِذا تَعالى وَلا الآذانُ آذانُ +آمَنتُ بِاللَهِ وَاِستَثنَيتُ جَنَّتَهُ دِمَشقُ روحٌ وَجَنّاتٌ وَرَيحانُ +قالَ الرِفاقُ وَقَد هَبَّت خَمائِلُها الأَرضُ دارٌ لَها الفَيحاءُ بُستانُ +جَرى وَصَفَّقَ يَلقانا بِها بَرَدى كَما تَلقاكَ دونَ الخُلدِ رَضوانُ +دَخَلتُها وَحَواشيها زُمُرُّدَةٌ وَالشَمسُ فَوقَ لُجَينِ الماءِ عِقيانُ +وَالحورُ في دُمَّرَ أَو حَولَ هامَتِها حورٌ كَواشِفُ عَن ساقٍ وَوِلدانُ +وَرَبوَةُ الوادِ في جِلبابِ راقِصَةٍ الساقُ كاسِيَةٌ وَالنَحرُ عُريانُ +وَالطَيرُ تَصدَحُ مِن خَلفِ العُيونِ بِها وَلِلعُيونِ كَما لِلطَيرِ أَلحانُ +وَأَقبَلَت بِالنَباتِ الأَرضُ مُختَلِفاً أَفوافُهُ فَهوَ أَصباغٌ وَأَلوانُ +وَقَد صَفا بَرَدى لِلريحِ فَاِبتَدَرَت لَدى سُتورٍ حَواشيهُنَّ أَفنانُ +ثُمَّ اِنثَنَت لَم يَزَل عَنها البَلالُ وَلا جَفَّت مِنَ الماءِ أَذيالٌ وَأَردانُ +خَلَّفتُ لُبنانَ جَنّاتِ النَعيمِ وَما نُبِّئتُ أَنَّ طَريقَ الخُلدِ لُبنانُ +حَتّى اِنحَدَرتُ إِلى فَيحاءَ وارِفَةٍ فيها النَدى وَبِها طَيٌّ وَشَيبانُ +نَزَلتُ فيها بِفِتيانٍ جَحاجِحَةٍ آباؤُهُم في شَبابِ الدَهرِ غَسّانُ +بيضُ الأَسِرَّةِ باقٍ فيهُمُ صَيَدٌ مِن عَبدِ شَمسٍ وَإِن لَم تَبقَ تيجانُ +يا فِتيَةَ الشامِ شُكراً لا اِنقِضاءَ لَهُ لَو أَنَّ إِحسانَكُم يَجزيهِ شُكرانُ +ما فَوقَ راحاتِكُم يَومَ السَماحِ يَدٌ وَلا كَأَوطانِكُم في البِشرِ أَوطانُ +خَميلَةُ اللَهِ وَشَّتها يَداهُ لَكُم فَهَل لَها قَيِّمٌ مِنكُم وَجَنّانُ +شيدوا لَها المُلكَ وَاِبنوا رُكنَ دَولَتِها فَالمُلكُ غَرسٌ وَتَجديدٌ وَبُنيانُ +لَو يُرجَعُ الدَهرُ مَفقوداً لَهُ خَطَرٌ لَآبَ بِالواحِدِ المَبكِيِّ ثَكلانُ +المُلكُ أَن تَعمَلوا ما اِستَطَعتُمو عَمَلاً وَأَن يَبينَ عَلى الأَعمالِ إِتقانُ +المُلكُ أَن تُخرَجَ الأَموالُ ناشِطَةً لِمَطلَبٍ فيهِ إِصلاحٌ وَعُمرانُ +المُلكُ تَحتَ لِسانٍ حَولَهُ أَدَبٌ وَتَحتَ عَقلٍ عَلى جَنبَيهِ عِرفانُ +المُلكُ أَن تَتَلافَوا في هَوى وَطَنٍ تَفَرَّقَت فيهِ أَجناسٌ وَأَديانُ +نَصيحَةٌ مِلؤُها الإِخلاصُ صادِقَةٌ وَالنُصحُ خالِصُهُ دينٌ وَإيمانُ +وَالشِعرُ ما لَم يَكُن ذِكرى وَعاطِفَةً أَو حِكمَةً فَهوَ تَقطيعٌ وَأَوزانُ +وَنَحنُ في الشَرقِ وَالفُصحى بَنو رَحِمٍ وَنَحنُ في الجُرحِ وَالآلامِ إِخوانُ +هَذِهِ نورُ السَفينَه هَذِهِ شِبهُ أَمينَه +هَذِهِ صورَتُها مُن بِئَةٌ عَنها مُبينَه +هَذِهِ لُؤلُؤَةٌ عِن دي لَها مِثلٌ ثَمينَه +مِن بَناتِ الرومِ لَكِن لَم تَكُن عِندي مَهينَه +أَنا مَن يَترُكُ لِلدَي يانِ في الدُنيا شُؤونَه +يا مَلاكَ الفُلكِ لي صِن وُكِ في تِلكَ المَدينَه +أَنتِ في الفُلكِ بَهاءٌ وَهوَ في حُلوانَ زينَه +ناجِهِ وَاِذكُر لَهُ وَج دَ أَبيهِ وَحَنينَه +وَأَفِدهُ أَنَّني في ال بَحرِ مُذ دُستُ عَرينَه +لَستُ بِالنَفسِ ضَنيناً وَبِهِ نَفسي ضَنينَه +أَسأَلُ الرَحمَنَ يُرعي كَ وَإِيّاهُ عُيونَه +يا نائِحَ الطَلحِ أَشباهٌ عَوادينا نَشجى لِواديكَ أَم نَأسى لِوادينا +ماذا تَقُصُّ عَلَينا غَيرَ أَنَّ يَداً قَصَّت جَناحَكَ جالَت في حَواشينا +رَمى بِنا البَينُ أَيكاً غَيرَ سامِرِنا أَخا الغَريبِ وَظِلّاً غَيرَ نادينا +كُلٌّ رَمَتهُ النَوى ريشَ الفِراقُ لَنا سَهماً وَسُلَّ عَلَيكَ البَينُ سِكّينا +إِذا دَعا الشَوقُ لَم نَبرَح بِمُنصَدِعٍ مِنَ الجَناحَينِ عَيٍّ لا يُلَبّينا +فَإِن يَكُ الجِنسُ يا اِبنَ الطَلحِ فَرَّقَنا إِنَّ المَصائِبَ يَجمَعنَ المُصابينا +لَم تَألُ ماءَكَ تَحناناً وَلا ظَمَأً وَلا اِدِّكاراً وَلا شَجوا أَفانينا +تَجُرُّ مِن فَنَنٍ ساقاً إِلى فَنَنٍ وَتَسحَبُ الذَيلَ تَرتادُ المُؤاسينا +أُساةُ جِسمِكَ شَتّى حينَ تَطلُبُهُم فَمَن لِروحِكَ بِالنُطسِ المُداوينا +آها لَنا نازِحي أَيكٍ بِأَندَلُسٍ وَإِن حَلَلنا رَفيقاً مِن رَوابينا +رَسمٌ وَقَفنا عَلى رَسمِ الوَفاءِ لَهُ نَجيشُ بِالدَمعِ وَالإِجلالِ يَثنينا +لِفِتيَةٍ لا تَنالُ الأَرضُ أَدمُعَهُم وَلا مَفارِقَهُم إِلّا مُصَلّينا +لَو لَم يَسودوا بِدينٍ فيهِ مَنبَهَةٌ لِلناسِ كانَت لَهُم أَخلاقُهُم دينا +لَم نَسرِ مِن حَرَمٍ إِلّا إِلى حَرَمٍ كَالخَمرِ مِن بابِلٍ سارَت لِدارينا +لَمّا نَبا الخُلدُ نابَت عَنهُ نُسخَتُهُ تَماثُلَ الوَردِ خِيرِيّاً وَنَسرينا +نَسقي ثَراهُم ثَناءً كُلَّما نُثِرَت دُموعُنا نُظِمَت مِنها مَراثينا +كادَت عُيونُ قَوافينا تُحَرِّكُهُ وَكِدنَ يوقِظنَ في التُربِ السَلاطينا +لَكِنَّ مِصرَ وَإِن أَغضَت عَلى مِقَةٍ عَينٌ مِنَ الخُلدِ بِالكافورِ تَسقينا +عَلى جَوانِبِها رَفَّت تَمائِمُنا وَحَولَ حافاتِها قامَت رَواقينا +مَلاعِبٌ مَرِحَت فيها مَآرِبُنا وَأَربُعٌ أَنِسَت فيها أَمانينا +وَمَطلَعٌ لِسُعودٍ مِن أَواخِرِنا وَمَغرِبٌ لِجُدودٍ مِن أَوالينا +بِنّا فَلَم نَخلُ مِن رَوحٍ يُراوِحُنا مِن بَرِّ مِصرَ وَرَيحانٍ يُغادينا +كَأُمِّ موسى عَلى اِسمِ اللَهِ تَكفُلُنا وَبِاِسمِهِ ذَهَبَت في اليَمِّ تُلقينا +وَمِصرُ كَالكَرمِ ذي الإِحسانِ فاكِهَةٌ لِحاضِرينَ وَأَكوابٌ لِبادينا +يا سارِيَ البَرقِ يَرمي عَن جَوانِحِنا بَعدَ الهُدوءِ وَيَهمي عَن مَآقينا +لَمّا تَرَقرَقَ في دَمعِ السَماءِ دَماً هاجَ البُكا فَخَضَبنا الأَرضَ باكينا +اللَيلُ يَشهَدُ لَم نَهتِك دَياجِيَهُ عَلى نِيامٍ وَلَم نَهتِف بِسالينا +وَالنَجمُ لَم يَرَنا إِلّا عَلى قَدَمٍ قِيامَ لَيلِ الهَوى لِلعَهدِ راعينا +كَزَفرَةٍ في سَماءِ اللَيلِ حائِرَةٍ مِمّا نُرَدِّدُ فيهِ حينَ يُضوينا +بِاللَهِ إِن جُبتَ ظَلماءَ العُبابِ عَلى نَجائِبِ النورِ مَحدُوّاً بِجرينا +تَرُدُّ عَنكَ يَداهُ كُلَّ عادِيَةٍ إِنساً يَعِثنَ فَساداً أَو شَياطينا +حَتّى حَوَتكَ سَماءُ النيلِ عالِيَةٍ عَلى الغُيوثِ وَإِن كانَت مَيامينا +وَأَحرَزَتكَ شُفوفُ اللازَوَردِ عَلى وَشيِ الزَبَرجَدِ مِن أَفوافِ وادينا +وَحازَكَ الريفُ أَرجاءً مُؤَرَّجَةً رَبَت خَمائِلَ وَاِهتَزَّت بَساتينا +فَقِف إِلى النيلِ وَاِهتُف في خَمائِلِهِ وَاِنزِل كَما نَزَلَ الطَلُّ الرَياحينا +وَآسِ ما باتَ يَذوي مِن مَنازِلِنا بِالحادِثاتِ وَيَضوى مِن مَغانينا +وَيا مُعَطِّرَةَ الوادي سَرَت سَحَراً فَطابَ كُلُّ طُروحٍ مِن مَرامينا +ذَكِيَّةُ الذَيلِ لَو خِلنا غِلالَتَها قَميصَ يوسُفَ لَم نُحسَب مُغالينا +جَشِمتِ شَوكَ السُرى حَتّى أَتَيتِ لَنا بِالوَردِ كُتباً وَبِالرَيّا عَناوينا +فَلَو جَزَيناكِ بِالأَرواحِ غالِيَةً عَن طيبِ مَسراكِ لَم تَنهَض جَوازينا +هَل مِن ذُيولِكِ مَسكِيٌّ نُحَمِّلُهُ غَرائِبَ الشَوقِ وَشياً مِن أَمالينا +إِلى الَّذينَ وَجَدنا وُدَّ غَيرِهِمُ دُنيا وَوُدَّهُمو الصافي هُوَ الدينا +يا مَن نَغارُ عَلَيهِم مِن ضَمائِرِنا وَمِن مَصونِ هَواهُم في تَناجينا +غابَ الحَنينُ إِلَيكُم في خَواطِرِنا عَنِ الدَلالِ عَلَيكُم في أَمانينا +جِئنا إِلى الصَبرِ نَدعوهُ كَعادَتِنا في النائِباتِ فَلَم يَأخُذ بِأَيدينا +وَما غُلِبنا عَلى دَمعٍ وَلا جَلَدٍ حَتّى أَتَتنا نَواكُم مِن صَياصينا +وَنابِغي كَأَنَّ الحَشرَ آخِرُهُ تُميتُنا فيهِ ذِكراكُم وَتُحيينا +نَطوي دُجاهُ بِجُرحٍ مِن فُراقِكُمو يَكادُ في غَلَسِ الأَسحارِ يَطوينا +إِذا رَسا النَجمُ لَم تَرقَأ مَحاجِرُنا حَتّى يَزولَ وَلَم تَهدَأ تَراقينا +بِتنا نُقاسي الدَواهي مِن كَواكِبِهِ حَتّى قَعَدنا بِها حَسرى تُقاسينا +يَبدو النَهارُ فَيَخفيهِ تَجَلُّدُنا لِلشامِتينَ وَيَأسوهُ تَأَسّينا +سَقياً لِعَهدٍ كَأَكنافِ الرُبى رِفَةً أَنّى ذَهَبنا وَأَعطافِ الصَبا لينا +إِذِ الزَمانُ بِنا غَيناءُ زاهِيَةٌ تَرِفُّ أَوقاتُنا فيها رَياحينا +الوَصلُ صافِيَةٌ وَالعَيشُ ناغِيَةٌ وَالسَعدُ حاشِيَةٌ وَالدَهرُ ماشينا +وَالشَمسُ تَختالُ في العِقيانِ تَحسَبُها بَلقيسَ تَرفُلُ في وَشيِ اليَمانينا +وَالنيلُ يُقبِلُ كَالدُنيا إِذا اِحتَفَلَت لَو كانَ فيها وَفاءٌ لِلمُصافينا +وَالسَعدُ لَو دامَ وَالنُعمى لَوِ اِطَّرَدَت وَالسَيلُ لَو عَفَّ وَالمِقدارُ لَو دينا +أَلقى عَلى الأَرضِ حَتّى رَدَّها ذَهَباً ماءً لَمَسنا بِهِ الإِكسيرَ أَو طينا +أَعداهُ مِن يُمنِهِ التابوتُ وَاِرتَسَمَت عَلى جَوانِبِهِ الأَنوارُ مِن سينا +لَهُ مَبالِغُ ما في الخُلقِ مِن كَرَمٍ عَهدُ الكِرامِ وَميثاقُ الوَفِيّينا +لَم يَجرِ لِلدَهرِ إِعذارٌ وَلا عُرُسٌ إِلّا بِأَيّامِنا أَو في لَيالينا +وَلا حَوى السَعدُ أَطغى في أَعِنَّتِهِ مِنّا جِياداً وَلا أَرحى مَيادينا +نَحنُ اليَواقيتُ خاضَ النار�� جَوهَرُنا وَلَم يَهُن بِيَدِ التَشتيتِ غالينا +وَلا يَحولُ لَنا صِبغٌ وَلا خُلُقٌ إِذا تَلَوَّنَ كَالحِرباءِ شانينا +لَم تَنزِلِ الشَمسُ ميزاناً وَلا صَعَدَت في مُلكِها الضَخمِ عَرشاً مِثلَ وادينا +أَلَم تُؤَلَّه عَلى حافاتِهِ وَرَأَت عَلَيهِ أَبناءَها الغُرَّ المَيامينا +إِن غازَلَت شاطِئَيهِ في الضُحى لَبِسا خَمائِلَ السُندُسِ المَوشِيَّةِ الغينا +وَباتَ كُلُّ مُجاجِ الوادِ مِن شَجَرٍ لَوافِظَ القَزِّ بِالخيطانِ تَرمينا +وَهَذِهِ الأَرضُ مِن سَهلٍ وَمِن جَبَلٍ قَبلَ القَياصِرِ دِنّاها فَراعينا +وَلَم يَضَع حَجَراً بانٍ عَلى حَجَرٍ في الأَرضِ إِلّا عَلى آثارِ بانينا +كَأَنَّ أَهرامَ مِصرٍ حائِطٌ نَهَضَت بِهِ يَدُ الدَهرِ لا بُنيانُ فانينا +إيوانُهُ الفَخمُ مِن عُليا مَقاصِرِهِ يُفني المُلوكَ وَلا يُبقي الأَواوينا +كَأَنَّها وَرِمالاً حَولَها اِلتَطَمَت سَفينَةٌ غَرِقَت إِلّا أَساطينا +كَأَنَّها تَحتَ لَألاءِ الضُحى ذَهَباً كُنوزُ فِرعَونَ غَطَّينَ المَوازينا +أَرضُ الأُبُوَّةِ وَالميلادِ طَيَّبَها مَرُّ الصِبا في ذُيولٍ مِن تَصابينا +كانَت مُحَجَّلَةٌ فيها مَواقِفُنا غُرّاً مُسَلسَلَةَ المَجرى قَوافينا +فَآبَ مِن كُرَةِ الأَيّامِ لاعِبُنا وَثابَ مِن سِنَةِ الأَحلامِ لاهينا +وَلَم نَدَع لِلَيالي صافِياً فَدَعَت بِأَن نَغَصَّ فَقالَ الدَهرُ آمينا +لَوِ اِستَطَعنا لَخُضنا الجَوَّ صاعِقَةً وَالبَرَّ نارَ وَغىً وَالبَحرَ غِسلينا +سَعياً إِلى مِصرَ نَقضي حَقَّ ذاكِرِنا فيها إِذا نَسِيَ الوافي وَباكينا +كَنزٌ بِحُلوانَ عِندَ اللَهِ نَطلُبُهُ خَيرَ الوَدائِعِ مِن خَيرِ المُؤَدّينا +لَو غابَ كُلُّ عَزيزٍ عَنهُ غَيبَتَنا لَم يَأتِهِ الشَوقُ إِلّا مِن نَواحينا +إِذا حَمَلنا لِمِصرٍ أَو لَهُ شَجَناً لَم نَدرِ أَيُّ هَوى الأُمَّينِ شاجينا +رَأَيتُ عَلى لَوحِ الخَيالِ يَتيمَةً قَضى يَومَ لوسيتانيا أَبَواها +فَيا لَكَ مِن حاكٍ أَمينٍ مُصَدَّقٍ وَإِن هاجَ لِلنَفسِ البُكا وَشَجاها +فَواهاً عَلَيها ذاقَتِ اليُتمَ طِفلَةً وَقُوِّضَ رُكناها وَذَلَّ صِباها +وَلَيتَ الَّذي قاسَت مِنَ المَوتِ ساعَةً كَما راحَ يَطوي الوالِدَينِ طَواها +كَفَرخٍ رَمى الرامي أَباهُ فَغالَهُ فَقامَت إِلَيهِ أُمُّهُ فَرَماها +فَلا أَبَ يَستَذري بِظِلِّ جَناحِهِ وَلا أُمَّ يَبغي ظِلَّها وَذَراها +وَدَبّابَةٍ تَحتَ العُبابِ بِمَكمَنٍ أَمينٍ تَرى الساري وَلَيسَ يَراها +هِيَ الحوتُ أَو في الحوتِ مِنها مَشابِهٌ فَلَو كانَ فولاذاً لَكانَ أَخاها +أَبَثُّ لِأَصحابِ السَفينِ غَوائِلاً وَأَلأَمُ ناباً حينَ تَفغَرُ فاها +خَئونٌ إِذا غاصَت غَدورٌ إِذا طَفَت مُلَعَّنَةٌ في سَبحِها وَسُراها +تُبَيِّتُ سُفنَ الأَبرِياءِ مِنَ الوَغى وَتَجني عَلى مَن لا يَخوضُ رَحاها +فَلَو أَدرَكَت تابوتُ موسى لَسَلَّطَت عَلَيهِ زُباناها وَحَرَّ حُماها +وَلَو لَم تُغَيَّب فُلكُ نوحٍ وَتَحتَجِب لَما أَمِنَت مَقذوفَها وَلَظاها +فَلا كانَ بانيها وَلا كانَ رَكبُها وَلا كانَ بَحرٌ ضَمَّها وَحَواها +وَأُفٍّ عَلى العِلمِ الَّذي تَدَّعونَهُ إِذا كانَ في عِلمِ النُفوسِ رَداها +أَميرَ المُؤمِنينَ رَأَيتُ جِسراً أَمُرُّ عَلى الصِراطِ وَلا عَلَيهِ +لَهُ خَشَبٌ يَجوعُ السوسُ فيهِ وَتَمضي الفَأرُ لا تَأوي إِلَيهِ +وَلا يَتَكَلَّفُ المِنشارُ فيهِ سِوى مَرِّ الفَطيمِ بِساعِدَيهِ +وَكَم قَد جاهَدَ الحَيوانُ فيهِ وَخَلَّفَ في الهَزيمَةِ حافِرَيهِ +وَأَسمَجُ مِنهُ في عَيني جُباةٌ تَراهُم وَسطَهُ وَبِجانِبَيهِ +إِذا لاقَيتَ واحِدَهُم تَصَدّى كَعِفريتٍ يُشيرُ بِراحَتَيهِ +وَيَمشي الصَدرُ فيهِ كُلَّ يَومٍ بِمَوكِبِهِ السَنِيِّ وَحارِسَيهِ +وَلَكِن لا يَمُرُّ عَلَيهِ إِلّا كَما مَرَّت يَداهُ بِعارِضَيهِ +وَمِن عَجَبٍ هُوَ الجِسرُ المُعَلّى عَلى البُسفورِ يَجمَعُ شاطِئَيهِ +يُفيدُ حُكومَةَ السُلطانِ مالاً وَيُعطيها الغِنى مِن مَعدِنَيهِ +يَجودُ العالَمونَ عَلَيهِ هَذا بِعَشرَتِهِ وَذاكَ بِعَشرَتَيهِ +وَغايَةُ أَمرِهِ أَنّا سَمِعنا لِسانَ الحالِ يُنشِدُنا لَدَيهِ +أَلَيسَ مِنَ العَجائِبِ أَنَّ مِثلي يَرى ما قَلَّ مُمتَنِعاً عَلَيهِ +وَتُؤخَذُ بِاِسمِهِ الدُنيا جَميعاً وَما مِن ذاكَ شَيءٌ في يَدَيهِ +إِلى حُسَينٍ حاكِمِ القَنالِ مِثالِ حُسنِ الخُلقِ في الرِجالِ +أُهدي سَلاماً طَيِّباً كَخُلقِهِ مَع اِحتِرامٍ هُوَ بَعضُ حَقِّهِ +وَأَحفَظُ العَهدَ لَهُ عَلى النَوى وَالصِدقَ في الوُدِّ لَهُ وَفي الهَوى +وَبَعدُ فَالمَعروفُ بَينَ الصَحبِ أَنَّ التَهادي مِن دَواعي الحُبِّ +وَعِندَكَ الزَهرُ وَعِندي الشِعرُ كِلاهُما فيما يُقالُ نَدرُ +وَقَد سَمِعتُ عَنكَ مِن ثِقاتِ أَنَّكَ أَنتَ مَلِكُ النَباتِ +زَهرُكَ لَيسَ لِلزُهورِ رَونَقُهُ تَكادُ مِن فَرطِ اِعتِناءٍ تَخلُقُهُ +ما نَظَرَت مِثلَكَ عَينُ النَرجِسِ بَعدَ مُلوكِ الظُرفِ في الأَندَلُسِ +وَلي مِنَ الحَدائِقِ الغَنّاءِ رَوضٌ عَلى المَطَرِيَّةِ الفَيحاءِ +أَتَيتُ أَستَهدي لَها وَأَسأَلُ وَأَرتَضي النَزرُ وَلا أُثَقِّلُ +عَشرَ شُجَيراتٍ مِنَ الغَوالي تَندُرُ إِلّا في رِياضِ الوالي +تَزكو وَتَزهو في الشِتا وَالصَيفِ وَتَجمَعُ الأَلوانَ مِثلَ الطَيفِ +تُرسِلُها مُؤَمِّناً عَلَيها إِن هَلَكَت لِيَ الحَقُّ في مِثلَيها +وَالحَقُّ في الخُرطومِ أَيضاً حَقّي وَالدَرسُ لِلخادِمِ كَيفَ يَسقي +وَبَعدَ هَذا لي عَلَيكَ زَورَه لِكَي تَدورَ حَولَ رَوضِيَ دَورَه +فَإِن فَعَلتَ فَالقَوافي تَفعَلُ ما هُوَ مِن فِعلِ الزُهورِ أَجمَلُ +فَما رَأَيتُ في حَياتي أَزيَنا لِلمَرءِ بَينَ الناسِ مِن حُسنِ الثَنا +خَدَعوها بِقَولِهِم حَسناءُ وَالغَواني يَغُرُّهُنَّ الثَناءُ +أَتُراها تَناسَت اِسمِيَ لَمّا كَثُرَت في غَرامِها الأَسماءُ +إِن رَأَتني تَميلُ عَنّي كَأَن لَم تَكُ بَيني وَبَينَها أَشياءُ +نَظرَةٌ فَاِبتِسامَةٌ فَسَلامٌ فَكَلامٌ فَمَوعِدٌ فَلِقاءُ +يَومَ كُنّا وَلا تَسَل كَيفَ كُنّا نَتَهادى مِنَ الهَوى ما نَشاءُ +وَعَلَينا مِنَ العَفافِ رَقيبٌ تَعِبَت في مِراسِهِ الأَهواءُ +جاذَبَتني ثَوبي العصِيَّ وَقالَت أَنتُمُ الناسُ أَيُّها الشُعَراءُ +فَاِتَّقوا اللَهَ في قُلوبِ العَذارى فَالعَذارى قُلوبُهُنَّ هَواءُ +فَفِراقٌ يَكونُ فيهِ دَواءٌ أَو فِراقٌ يَكونُ مِنهُ الداءُ +لا السُهدُ يَطويهِ وَلا الإِغضاءُ لَيلٌ عِدادُ نُجومِهِ رُقَباءُ +داجي عُبابِ الجُنحِ فَوضى فُلكُهُ ما لِلهُمومِ وَلا لَها إِرساءُ +أَغَزالَةُ الإِشراقِ أَنتِ مِنَ الدُجى وَمِنَ السُهادِ إِذا طَلَعتِ شِفاءُ +رِفقاً بِجَفنٍ كُلَّما أَبكَيتِهِ سالَ العَقيقُ بِهِ وَقامَ الماءُ +ما مَدَّ هُدبَيهِ لِيَصطادَ الكَرى إِلّا وَطَيفُكَ في الكَرى العَنقاءُ +مَن لي بِهِنَّ لَيالِياً نَهِلَ الصِبا مِمّا أَفَضنَ وَعَلَّتِ الأَهواءُ +أَلَّفنَ أَوطاري فَعَيشِيَ وَالمُنى في ظِلِّهِنَّ الكَأسُ وَالصَهباءُ +سُوَيجعَ النيلِ رِفقاً بِالسُوَيداءِ فَما تُطيقُ أَنينَ المُفرَدِ النائي +لِلَّهِ وادٍ كَما يَهوى الهَوى عَجَبٌ تَرَكتَ كُلَّ خَلِيٍّ فيهِ ذا داءِ +وَأَنتَ في الأَسرِ تَشكو ما تُكابِدُهُ لِصَخرَةٍ مِن بَني الأَعجامِ صَمّاءُ +اللَهُ في فَنَنٍ تَلهو الزَمانَ بِهِ فَإِنَّما هُوَ مَشدودٌ بِأَحشائي +وَفي جَوانِحِكَ اللاتي سَمَحتَ بِها فَلَو تَرَفَّقتَ لَم تَسمَح بِأَعضائي +ماذا تُريدُ بِذي الأَنّاتِ في سَهَري هَذي جُفوني تَسقي عَهدَ إِغفائي +حَسبُ المَضاجِعِ مِنّي ما تُعالِجُ مِن جَنبي وَمِن كَبِدٍ في الجَنبِ حَرّاءِ +أُمسي وَأُصبِحُ مِن نَجواك في كَلَفٍ حَتّى لَيَعشَقُ نُطقي فيكِ إِصغائي +اللَيلُ يُنهِضُني مِن حَيثُ يُقعِدُني وَالنَجمُ يَملَأُ لي وَالفِكرُ صَهبائي +آتي الكَواكِبَ لَم أَنقُل لَها قَدَماً لا يَنقَضي سَهَري فيها وَإِسرائي +وَأَلحَظُ الأَرضَ أَطوي ما يَكونُ إِلى ما كانَ مِن آدَمٍ فيها وَحَوّاءِ +مُؤَيَّداً بِكَ في حِلّي وَمُرتَحَلي وَما هُما غَيرُ إِصباحي وَإِمسائي +توحي إِلَيَّ الَّذي توحي وَتَسمَعُ لي وَفي سَماعِكَ بَعدَ الوَحيِ إِغرائي +يا وَيحَ أَهلِيَ أَبلى بَينَ أَعيُنِهِم وَيَدرُجُ المَوتُ في جِسمي وَأَعضائي +وَيَنظُرونَ لِجَنبٍ لا هُدوءَ لَهُ عَلى الفِراشِ وَلا يَدرونَ ما دائي +مِنكَ يا هاجِرُ دائي وَبِكَفَّيكَ دَوائي +يا مُنى روحي وَدُنيا يَ وَسُؤلي وَرَجائي +أَنتَ إِن شِئتَ نَعيمي وَإِذا شِئتَ شَقائي +لَيسَ مِن عُمرِيَ يَومٌ لا تَرى فيهِ لِقائي +وَحَياتي في التَداني وَمَماتي في التَنائي +نَم عَلى نِسيانِ سُهدي فيكَ وَاِضحَك مِن بُكائي +كُلُّ ما تَرضاهُ يا مَو لايَ يَرضاهُ وَلائي +وَكَما تَعلَمُ حُبّي وَكَما تَدري وَفائي +فيكَ يا راحَةَ روحي طالَ بِالواشي عَنائي +وَتَوارَيتُ بِدَمعي عَن عُيونِ الرُقَباءِ +أَنا أَهواكَ وَلا أَر ضى الهَوى مِن شُرَكائي +غِرتُ حَتّى لَتَرى أَر ضِيَ غَيرى مِن سَمائي +لَيتَني كُنتُ رِداءً لَكَ أَو كُنتَ رِدائي +لَيتَني ماؤُكَ في الغُل لَةِ أَو لَيتَكَ مائي +لَقَد لامَني يا هِندُ في الحُبِّ لائِمٌ مُحِبٌّ إِذا عُدَّ الصِحابُ حَبيبُ +فَما هُوَ بِالواشي عَلى مَذهَبِ الهَوى وَلا هُوَ في شَرعِ الوِدادِ مُريبُ +وَصَفتُ لَهُ مَن أَنتِ ثُمَّ جَرى لَنا حَديثٌ يَهُمُّ العاشِقينَ عَجيبُ +وَقُلتُ لَه صَبراً فَكُلُّ أَخي هَوى عَلى يَدِ مَن يَهوى غَداً سَيَتوبُ +عَلى قَدرِ الهَوى يَأتي العِتابُ وَمَن عاتَبتُ يَفديهِ الصِحابُ +أَلومُ مُعَذِبي فَأَلومُ نَفسي فَأُغضِبُها وَيُرضيها العَذابُ +وَلَو أَنّي اِستَطَعتُ لَتُبتُ عَنهُ وَلَكِن كَيفَ عَن روحي المَتابُ +وَلي قَلبٌ بِأَن يَهوى يُجازى وَمالِكُهُ بِأَن يَجني يُثابُ +وَلَو وُجِدَ العِقابُ فَعَلتُ لَكِن نِفارُ الظَبيِ لَيس�� لَهُ عِقابُ +يَلومُ اللائِمونَ وَما رَأَوهُ وَقِدماً ضاعَ في الناسِ الصَوابُ +صَحَوتُ فَأَنكَرَ السُلوانَ قَلبي عَلَيَّ وَراجَعَ الطَرَبَ الشَبابُ +كَأَنَّ يَدَ الغَرامِ زِمامُ قَلبي فَلَيسَ عَلَيهِ دونَ هَوىً حِجابُ +كَأَنَّ رِوايَةَ الأَشواقِ عَودٌ عَلى بَدءٍ وَما كَمُلَ الكِتابُ +كَأَنِّيَ وَالهَوى أَخَوا مُدامٍ لَنا عَهدٌ بِها وَلَنا اِصطِحابُ +إِذا ما اِعتَضتُ عَن عِشقٍ بِعِشقِ أُعيدَ العَهدُ وَاِمتَدَّ الشَرابُ +رَوَّعوهُ فَتَوَلّى مُغضَبا أَعَلِمتُم كَيفَ تَرتاعُ الظِبا +خُلِقَت لاهِيَةً ناعِمَةً رُبَّما رَوَّعَها مُرُّ الصَبا +لي حَبيبٌ كُلَّما قيلَ لَهُ صَدَّقَ القَولَ وَزَكّى الرِيَبا +كَذَبَ العُذّالُ فيما زَعَموا أَمَلي في فاتِني ما كَذَبا +لَو رَأَونا وَالهَوى ثالِثُنا وَالدُجى يُرخي عَلَينا الحُجُبا +في جِوارِ اللَيلِ في ذِمَّتِهِ نَذكُرُ الصُبحَ بِأَن لا يَقرُبا +مِلءُ بُردَينا عَفافٌ وَهَوى حَفظَ الحُسنَ وَصُنتُ الأَدَبا +يا غَزالاً أَهِلَ القَلبُ بِهِ قَلبِيَ السَفحُ وَأَحنى مَلعَبا +لَكَ ما أَحبَبتَ مِن حَبَّتِهِ مَنهَلاً عَذباً وَمَرعىً طَيِّبا +هُوَ عِندَ المالِكِ الأَولى بِهِ كَيفَ أَشكو أَنَّهُ قَد سُلِبا +إِن رَأى أَبقى عَلى مَملوكِهِ أَو رَأى أَتلَفَهُ وَاِحتَسَبا +لَكَ قَدٌّ سَجَدَ البانُ لَهُ وَتَمَنَّت لَو أَقَلَّتهُ الرُبى +وَلِحاظٌ مِن مَعاني سِحرِهِ جَمَعَ الجَفنُ سِهاماً وَظُبى +كانَ عَن هَذا لِقَلبي غُنيَةٌ ما لِقَلبِيَ وَالهَوى بَعدَ الصِبا +فِطرَتي لا آخُذُ القَلبَ بِها خُلِقَ الشاعِرُ سَمحاً طَرِبا +لَو جَلَوا حُسنَكَ أَو غَنّوا بِهِ لِلَبيدٍ في الثَمانينَ صَبا +أَيُّها النَفسُ تَجِدّينَ سُدىً هَل رَأَيتِ العَيشَ إِلّا لَعِبا +جَرِّبي الدُنيا تَهُن عِندَكِ ما أَهوَنَ الدُنيا عَلى مَن جَرَّبا +نِلتِ فيما نِلتِ مِن مَظهَرِها وَمُنِحتِ الخُلدَ ذِكراً وَنَبا +ما تِلكَ أَهدابي تَنَظ ظَمَ بَينَها الدَمعُ السَكوب +بَل تِلكَ سُبحَةُ لُؤلُؤٍ تُحصى عَلَيكَ بِها الذُنوب +لَحظَها لَحظَها رُوَيداً رُوَيدا كَم إِلى كَم تَكيدُ لِلروحِ كَيدا +كُفَّ أَو لا تَكُفَّ إِنَّ بِجَنبي لَسِهاماً أَرسَلتَها لَن تُرَدّا +تَصِلُ الضَربَ ما أَرى لَكَ حَدّا فَاِتَّقِ اللَهَ وَاِلتَزِم لَكَ حَدّا +أَو فَصُغ لي مِنَ الحِجارَةِ قَلبا ثُمَّ صُغ لي مِنَ الحَدائِدِ كِبدا +وَاِكفِ جَفنَيَّ دافِقاً لَيسَ يَرقا وَاِكفِ جَنبَيَّ خافِقاً لَيسَ يَهدا +فَمِنَ الغَبنِ أَن يَصيرَ وَعيداً ما قَطَعتُ الزَمانَ أَرجوهُ وَعدا +الرُشدُ أَجمَلُ سيرَةً يا أَحمَدُ وُدُّ الغَواني مِن شَبابِكَ أَبعَدُ +قَد كانَ فيكَ لِوُدِّهِنَّ بَقِيَّةٌ وَاليَومَ أَوشَكَتِ البَقِيَّةُ تَنفَدُ +هاروتُ شِعرِكَ بَعدَ ماروتِ الصِبا أَعيا وَفارَقَهُ الخَليلُ المُسعِدُ +لَمّا سَمِعنَكَ قُلنَ شِعرٌ أَمرَدٌ يا لَيتَ قائِلَهُ الطَريرُ المُسعِدُ +ما لِلَّواهي الناعِماتِ وَشاعِرٍ جَعَلَ النَسيبَ حِبالَةً يَتَصَيَّدُ +وَلَكَم جَمَعتَ قُلوبَهُنَّ عَلى الهَوى وَخَدَعتَ مَن قَطَعَت وَمَن تَتَوَدَّدُ +وَسَخِرتَ مِن واشٍ وَكِدتَ لِعاذِلٍ وَاليَومَ تَنشُدُ مَن يَشي وَيُفَنِّدُ +أَإِذا وَجَدتَ الغيدَ أَلهاكَ الهَوى وَإِذا وَجَدتَ الشِعرَ عَزَّ الأَغيَدُ +إِنَّ الوُشاةَ وَإِن لَم أَحصِهِم عَدَدا تَعَلَّموا الكَيدَ مِن عَينَيكَ وَالفَنَدا +لا أَخلَفَ اللَهُ ظَنّي في نَواظِرِهِم ماذا رَأَت بِيَ مِمّا يَبعَثُ الحَسَدا +هُم أَغضَبوكَ فَراحَ القَدُّ مُنثَنِياً وَالجَفنُ مُنكَسِراً وَالخَدُّ مُتَّقِدا +وَصادَفوا أُذُناً صَغواءَ لَيِّنَةً فَأَسمَعوها الَّذي لَم يُسمِعوا أَحَدا +لَولا اِحتِراسِيَ مِن عَينَيكَ قُلتُ أَلا فَاِنظُر بِعَينَيكَ هَل أَبقَيتَ لي جَلَدا +اللَهُ في مُهجَةٍ أَيتَمتَ واحِدَها ظُلماً وَما اِتَّخَذَت غَيرَ الهَوى وَلَدا +وَروحِ صَبٍّ أَطالَ الحُبُّ غُربَتَها يَخافُ إِن رَجَعَت أَن تُنكِرَ الجَسَدا +دَعِ المَواعيدَ إِني مِتُّ مِن ظَمَإٍ وَلِلمَواعيدِ ماءٌ لا يَبُلُّ صَدى +تَدعو وَمَن لِيَ أَن أَسعى بِلا كَبِدٍ فَمَن مُعيرِيَ مِن هَذا الوَرى كَبِدا +بَثَثتُ شَكوايَ فَذابَ الجَليدُ وَأَشفَقَ الصَخرُ وَلانَ الحَديد +وَقَلبُكَ القاسي عَلى حالِهِ هَيهاتَ بَل قَسوَتُهُ لي تَزيد +يَمُدُّ الدُجى في لَوعَتي وَيَزيدُ وَيُبدِئُ بَثّي في الهَوى وَيُعيدُ +إِذا طالَ وَاِستَعصى فَما هِيَ لَيلَةٌ وَلَكِن لَيالٍ ما لَهُنَّ عَديدُ +أَرِقتُ وَعادَتني لِذِكرى أَحِبَّتي شُجونٌ قِيامٌ بِالضُلوعِ قُعودُ +وَمَن يَحمِلِ الأَشواقَ يَتعَب وَيَختَلِف عَلَيهِ قَديمٌ في الهَوى وَجَديدُ +لَقيتَ الَّذي لَم يَلقَ قَلبٌ مِنَ الهَوى لَكَ اللَهُ يا قَلبي أَأَنتَ حَديدُ +وَلَم أَخلُ مِن وَجدٍ عَلَيكَ وَرِقَّةٍ إِذا حَلَّ غيدٌ أَو تَرَحَّلَ غيدُ +وَرَوضٍ كَما شاءَ المُحِبّونَ ظِلُّهُ لَهُم وَلِأَسرارِ الغَرامِ مَديدُ +تُظَلِّلُنا وَالطَيرَ في جَنَباتِهِ غُصونٌ قِيامٌ لِلنَسيمِ سُجودُ +تَميلُ إِلى مُضنى الغَرامِ وَتارَةً يُعارِضُها مُضنى الصَبا فَتَحيدُ +مَشى في حَواشيها الأَصيلُ فَذُهِّبَت وَمارَت عَلَيها الحَليُ وَهيَ تَميدُ +وَقامَت لَدَيها الطَيرُ شَتّى فَآنِسٌ بِأَهلٍ وَمَفقودُ الأَليفِ وَحيدُ +وَباكٍ وَلا دَمعٌ وَشاكٍ وَلا جَوىً وَجَذلانُ يَشدو في الرُبى وَيُشيدُ +وَذي كَبرَةٍ لَم يُعطَ بِالدَهرِ خِبرَةً وَعُريانُ كاسٍ تَزدَهيهِ مُهودُ +غَشَيناهُ وَالأَيّامُ تَندى شَبيبَةً وَيَقطُرُ مِنها العَيشُ وَهوَ رَغيدُ +رَأَت شَفَقاً يَنعى النَهارَ مُضَرَّجاً فَقُلتُ لَها حَتّى النَهارُ شَهيدُ +فَقالَت وَما بِالطَيرِ قُلتُ سَكينَةٌ فَما هِيَ مِمّا نَبتَغي وَنَصيدُ +أُحِلَّ لَنا الصَيدانِ يَومَ الهَوى مَهاً وَيَومَ تُسَلُّ المُرهَفاتُ أُسودُ +يُحَطَّمُ رُمحٌ دونَنا وَمُهَنَّدٌ وَيَقتُلُنا لَحظٌ وَيَأسِرُ جيدُ +وَنَحكُمُ حَتّى يُقبِلَ الدَهرُ حُكمَنا وَنَحنُ لِسُلطانِ الغَرامِ عَبيدُ +أَقولُ لِأَيّامِ الصِبا كُلَّما نَأَت أَما لَكَ يا عَهدَ الشَبابِ مُعيدُ +وَكَيفَ نَأَت وَالأَمسُ آخرُ عَهدِها لَأَمسُ كَباقي الغابِراتِ عَهيدُ +جَزِعتُ فَراعَتني مِنَ الشَيبِ بَسمَةٌ كَأَنّي عَلى دَربِ المَشيبِ لَبيدُ +وَمِن عَبَثِ الدُنيا وَما عَبَثَت سُدىً شَبَبنا وَشِبنا وَالزَمانُ وَليدُ +هامَ الفُؤادُ بِشادِنٍ أَلِفَ الدَلالَ عَلى المَدى +أَبكي فَيَضحَكُ ثَغرُهُ وَالكِمُّ يَفتَحُهُ النَدى +لِلعاشِقينَ رِضاكَ وَ��ل حُسنى وَلي هَجرٌ وَصَدُّ +ذُكِروا فَكانوا سُبحَةً وَأَنا العَلامَةُ لا تُعَدُّ +في مُقلَتَيكِ مَصارِعُ الأَكبادِ اللَهُ في جَنبٍ بِغَيرِ عِمادِ +كانَت لَهُ كَبِدٌ فَحاقَ بِها الهَوى قُهِرَت وَقَد كانَت مِنَ الأَطوادِ +وَإِذا النُفوسُ تَطَوَّحَت في لَذَّةٍ كانَت جِنايَتُها عَلى الأَجسادِ +نَشوى وَما يُسقَينَ إِلّا راحَتي وَسنى وَما يَطعَمنَ غَيرَ رُقادي +ضَعفي وَكَم أَبلَينَ مِن ذي قُوَّةٍ مَرضى وَكَم أَفنَينَ مِن عُوّادِ +يا قاتَلَ اللَهُ العُيونَ فَإِنَّها في حَرِّ ما نَصلى الضَعيفُ البادي +قاتَلنَ في أَجفانِهِنَّ قُلوبَنا فَصَرَعنَها وَسَلِمنَ بِالأَغمادِ +وَصَبَغنَ مِن دَمِها الخُدودَ تَنَصُّلاً وَلَقينَ أَربابَ الهَوى بِسَوادِ +قِف بِاللَواحِظِ عِندَ حَدِّك يَكفيكَ فِتنَةُ نارِ خَدِّك +وَاِجعَل لِغِمدِكَ هُدنَةً إِنَّ الحَوادِثَ مِلءُ غِمدِك +وَصُنِ المَحاسِنَ عَن قُلو بٍ لا يَدَينِ لَها بِجُندِك +نَظَرَت إِلَيكَ عَنِ الفُتو رِ وَما اِتَّقَت سَطَواتِ حَدِّك +أَعلى رِواياتِ القَنا ما كانَ نِسبَتُهُ لِقَدِّك +نالَ العَواذِلُ جَهدَهُم وَسَمِعتَ مِنهُم فَوقَ جَهدِك +نَقَلوا إِلَيكَ مَقالَةً ما كانَ أَكثَرُها لِعَبدِك +قَسَماً بِما حَمَّلتَني فَحَمَلتُ مِن وَجدي وَصَدِّك +ما بي السِهامُ الكُثرُ مِن جَفنَيكَ لَكِن سَهمُ بُعدِك +مُضناكَ جَفاهُ مَرقَدُهُ وَبَكاهُ وَرَحَّمَ عُوَّدُهُ +حَيرانُ القَلبِ مُعَذَّبُهُ مَقروحُ الجَفنِ مُسَهَّدُهُ +أَودى حَرَفاً إِلّا رَمَقاً يُبقيهِ عَلَيكَ وَتُنفِدُهُ +يَستَهوي الوُرقَ تَأَوُّهُهُ وَيُذيبُ الصَخرَ تَنَهُّدُهُ +وَيُناجي النَجمَ وَيُتعِبُهُ وَيُقيمُ اللَيلَ وَيُقعِدُهُ +وَيُعَلِّمُ كُلَّ مُطَوَّقَةٍ شَجَناً في الدَوحِ تُرَدِّدُهُ +كَم مَدَّ لِطَيفِكَ مِن شَرَكٍ وَتَأَدَّبَ لا يَتَصَيَّدُهُ +فَعَساكَ بِغُمضٍ مُسعِفُهُ وَلَعَلَّ خَيالَكَ مُسعِدُهُ +الحُسنُ حَلَفتُ بِيوسُفِهِ وَالسورَةِ إِنَّكَ مُفرَدُهُ +قَد وَدَّ جَمالَكَ أَو قَبَساً حَوراءُ الخُلدِ وَأَمرَدُهُ +وَتَمَنَّت كُلُّ مُقَطَّعَةٍ يَدَها لَو تُبعَثُ تَشهَدُهُ +جَحَدَت عَيناكَ زَكِيَّ دَمي أَكَذلِكَ خَدُّكَ يَجحَدُهُ +قَد عَزَّ شُهودي إِذ رَمَتا فَأَشَرتُ لِخَدِّكَ أُشهِدُهُ +وَهَمَمتُ بِجيدِكِ أَشرَكُهُ فَأَبى وَاِستَكبَرَ أَصيَدُهُ +وَهَزَزتُ قَوامَكَ أَعطِفُهُ فَنَبا وَتَمَنَّعَ أَملَدُهُ +سَبَبٌ لِرِضاكَ أُمَهِّدُهُ ما بالُ الخَصرِ يُعَقِّدُهُ +بَيني في الحُبِّ وَبَينَكَ ما لا يَقدِرُ واشٍ يُفسِدُهُ +ما بالُ العاذِلِ يَفتَحُ لي بابَ السُلوانِ وَأوصِدُهُ +وَيَقولُ تَكادُ تُجَنُّ بِهِ فَأَقولُ وَأوشِكُ أَعبُدُهُ +مَولايَ وَروحي في يَدِهِ قَد ضَيَّعَها سَلِمَت يَدُهُ +ناقوسُ القَلبِ يَدُقُّ لَهُ وَحَنايا الأَضلُعِ مَعبَدُهُ +قَسَماً بِثَنايا لُؤلُؤها قَسَمَ الياقوتُ مُنَضَّدُهُ +وَرُضابٍ يوعَدُ كَوثَرُهُ مَقتولُ العِشقِ وَمُشهَدُهُ +وَبِخالٍ كادَ يُحَجُّ لَهُ لَو كانَ يُقَبَّلُ أَسوَدُهُ +وَقَوامٍ يَروي الغُصنُ لَهُ نَسَباً وَالرُمحُ يُفَنِّدُهُ +وَبِخَصرٍ أَوهَنَ مِن جَلَدي وَعَوادي الهَجرِ تُبَدِّدُهُ +ما خُنتُ هَواكَ وَلا خَطَرَت سَلوى ��ِالقَلبِ تُبَرِّدُهُ +بِاللَهِ يا نَسَماتِ النيلِ في السَحَرِ هَل عِندَكُنَّ عَنِ الأَحبابِ مِن خَبَرِ +عَرَفتُكُنَّ بِعَرفٍ لا أُكَيِّفُهُ لا في الغَوالي وَلا في النَورِ وَالزَهَرِ +مِن بَعضِ ما مَسَحَ الحُسنُ الوُجوهَ بِهِ بَينَ الجَبينِ وَبَينَ الفَرقِ وَالشَعَرِ +فَهَل عَلِقتُنَّ أَثناءَ السُرى أَرَجاً مِنَ الغَدائِرِ أَو طيباً مِنَ الطُرَرِ +هِجتُنَّ لي لَوعَةً في القَلبِ كامِنَةً وَالجُرحُ إِن تَعتَرِضهُ نَسمَةٌ يَثُرِ +ذَكَرتُ مِصرَ وَمَن أَهوى وَمَجلِسَنا عَلى الجَزيرَةِ بَينَ الجِسرِ وَالنَهَرِ +وَاليَومُ أَشيَبُ وَالآفاقُ مُذهَبَةٌ وَالشَمسُ مُصفَرَةٌ تَجري لِمُنحَدَرِ +وَالنَخلُ مُتَّشِحٌ بِالغَيمِ تَحسَبُهُ هيفَ العَرائِسِ في بيضٍ مِنَ الأَزُرِ +وَما شَجانِيَ إِلّا صَوتُ ساقِيَةٍ تَستَقبِلُ اللَيلَ بَينَ النَوحِ وَالعَبَرِ +لَم يَترُكِ الوَجدُ مِنها غَيرَ أَضلُعِها وَغَيرَ دَمعٍ كَصَوبِ الغَيثِ مُنهَمِرِ +بَخيلَةٌ بِمَآقيها فَلَو سُئِلَت جَفناً يُعينُ أَخا الأَشواقِ لَم تُعِرِ +في لَيلَةٍ مِن لَيالي الدَهرِ طَيِّبَةٍ مَحا بِها كُلَّ ذَنبٍ غَيرِ مُغتَفَرِ +عَفَّت وَعَفَّ الهَوى فيها وَفازَ بِها عَفُّ الإِشارَةِ وَالأَلفاظِ وَالنَظَرِ +بِتنا وَباتَت حَناناً حَولَنا وَرِضاً ثَلاثَةٌ بَينَ سَمعِ الحُبِّ وَالبَصَرِ +لا أَكذِبُ اللَهَ كانَ النَجمُ رابِعَنا لَو يُذكَرُ النَجمُ بَعدَ البَدرِ في خَبَرِ +وَأَنصَفَتنا فَظُلمٌ أَن تُجازِيَها شَكوى مِنَ الطولِ أَو شَكوى مِنَ القِصَرِ +دَع بَعدَ ريقَةِ مَن تَهوى وَمَنطِقِهِ ما قيلَ في الكَأسِ أَو ما قيلَ في الوَتَرِ +وَلا تُبالِ بِكِنزٍ بَعدَ مَبسِمِهِ أَغلى اليَواقيتُ ما أُعطيتَ وَالدُرَرِ +وَلَم يَرُعني إِلّا قَولُ عاذِلَةٍ ما بالُ أَحمَدَ لَم يَحلُم وَلَم يَقِرِ +هَلّا تَرَفَّعَ عَن لَهوٍ وَعَن لَعِبٍ إِنَّ الصَغائِرَ تُغري النَفسَ بِالصَغَرِ +فَقُلتُ لِلمَجدِ أَشعاري مُسَيَّرَةً وَفي غَواني العُلا لا في المَها وَطَري +مِصرُ العَزيزَةُ ما لي لا أُوَدِّعُها وَداعَ مُحتَفِظٍ بِالعَهدِ مُدَّكِرِ +خَلَّفتُ فيها القَطا ما بَينَ ذي زَغَبٍ وَذي تَمائِمَ لَم يَنهَض وَلَم يَطِرِ +أَسلَمتُهُم لِعُيونِ اللَهِ تَحرُسُهُم وَأَسلَموني لِظِلِّ اللَهِ في البَشَرِ +عَرَضوا الأَمانَ عَلى الخَواطِر وَاِستَعرَضوا السُمرَ الخَواطِر +فَوَقَفتُ في حَذَرٍ وَيَأ بى القَلبُ إِلّا أَن يُخاطِر +يا قَلبُ شَأنَكَ وَالهَوى هَذي الغُصونُ وَأَنتَ طائِر +إِنَّ الَّتي صادَتكَ تَس عى بِالقُلوبِ لَها النَواظِر +يا ثَغرَها أَمسَيتُ كَال غَوّاصِ أَحلُمُ بِالجَواهِر +يا لَحظَها مَن أُمُّها أَو مَن أَبوها في الجَآذِر +يا شَعرَها لا تَسعَ في هَتكي فَشَأنُ اللَيلِ ساتِر +يا قَدَّها حَتّامَ تَغ دو عاذِلاً وَتَروحُ جائِر +وَبِأَيِّ ذَنبٍ قَد طَعَن تَ حَشايَ يا قَدَّ الكَبائِر +في ذي الجُفونِ صَوارِمُ الأَقدارِ راعي البَرِيَّةَ يا رَعاكِ الباري +وَكَفى الحَياةُ لَنا حَوادِثَ فَاِفتِني مَلَأَ النُجوم وَعالَمَ الأَقمارِ +ما أَنتِ في هَذي الحلى إِنسِيَّة إِن أَنتِ إِلّا الشَمسُ في الأَنوارِ +زَهراءُ بِالأُفقِ الَّذي مِن دونِهِ وَثبُ النُهى وَتَطاوُلُ الأَفكارِ +تَتَهَتَّكُ الأَلبابُ خَلفَ حِجابِها مَهما طَلَعتِ فَكَيفَ بِالأَبصارِ +يا زينَةَ الإِصباحِ وَالإِمساءِ بَل يا رَونَقَ الآصالِ وَالأَسحارِ +ماذا تُحاوِلُ مِن تَنائينا النَوى أَنتِ الدُنى وَأَنا الخَيالُ الساري +أَلقى الضُحى أَلقاكِ ثُمَّ مِنَ الدُجى سُبُلٌ إِلَيك خَفِيَّةُ الأَغوارِ +وَإِذا أَنِستُ بِوَحدَتي فَلِأَنَّها سَبَبي إِلَيكِ وَسُلَّمي وَمَناري +إيهٍ زَماني في الهَوى وَزَمانَها ما كُنتُما إِلّا النَميرَ الجاري +مُتَسَلسِلاً بَينَ الصَبابَةِ وَالصِبا مُتَرَقرِقاً بِمَسارِحِ الأَوطارِ +نَظَرَ الفُراقُ إِلَيكُما فَطَواكُما إِنَّ الفِراقَ جَهَنَّمُ الأَقدارِ +لَكَ أَن تَلومَ وَلي مِنَ الأَعذارِ أَنَّ الهَوى قَدَرٌ مِنَ الأَقدارِ +ما كُنتُ أَسلَمُ لِلعُيونِ سَلامَتي وَأُبيحُ حادِثَةَ الغَرامِ وَقاري +وَطَرٌ تَعَلَّقَهُ الفُؤادُ وَيَنقَضي وَالنَفسُ ماضِيَةٌ مَعَ الأَوطارِ +يا قَلبُ شَأنَكَ لا أَمُدُّكَ في الهَوى أَبَداً وَلا أَدعوكَ لِلإِقصارِ +أَمري وَأَمرُكَ في الهَوى بِيَدِ الهَوى لَو أَنَّهُ بِيَدي فَكَكتُ إِساري +جارِ الشَبيبَةَ وَاِنتَفِع بِجِوارِها قَبلَ المَشيبِ فَما لَهُ مِن جارِ +مَثَلُ الحَياةِ تُحَبُّ في عَهدِ الصِبا مَثَلُ الرِياضِ تُحَبُّ في آذارِ +أَبَداً فروقُ مِنَ البِلادِ هِيَ المُنى وَمُنايَ مِنها ظَبيَةٌ بِسِوارِ +مَمنوعَةٌ إِلّا الجَمالَ بِأَسرِهِ مَحجوبَةٌ إِلّا عَنِ الأَنظارِ +خُطُواتُها التَقوى فَلا مَزهُوَّةٌ تَمشي الدَلالَ وَلا بِذاتِ نِفارِ +مَرَّت بِنا فَوقَ الخَليجِ فَأَسفَرَت عَن جَنَّةٍ وَتَلَفَّتَت عَن نارِ +في نِسوَةٍ يورِدنَ مَن شِئنَ الهَوى نَظَراً وَلا يَنظُرنَ في الإِصدارِ +عارَضتُهُنَّ وَبَينَ قَلبِيَ وَالهَوى أَمرٌ أُحاوِلُ كَتمَهُ وَأُداري +أَتَغلِبُني ذاتُ الدَلالِ عَلى صَبري إِذَن أَنا أَولى بِالقِناعِ وَبِالخِدرِ +تَتيهُ وَلي حِلمٌ إِذا ما رَكِبتُهُ رَدَدتُ بِهِ أَمرَ الغَرامِ إِلى أَمري +وَما دَفعِيَ اللُوّامَ فيها سَآمَةٌ وَلَكِنَّ نَفسَ الحُرِّ أَزجَرُ لِلحُرِّ +وَلَيلٍ كَأَنَّ الحَشرَ مَطلَعُ فَجرِهِ تَراءَت دُموعي فيهِ سابِقَةَ الفَجرِ +سَرَيتُ بِهِ طَيفاً إِلى مَن أُحِبُّها وَهَل بِالسُها في حُلَّةِ السُقمِ مِن نُكرِ +طَرَقتُ حِماها بَعدَ ما هَبَّ أَهلُها أَخوضُ غِمارَ الظَنِّ وَالنَظَرِ الشَزرِ +فَما راعَني إِلّا نِساءٌ لَقَينَني يُبالِغنَ في زَجري وَيُسرِفنَ في نَهري +يَقُلنَ لِمَن أَهوى وَآنَسنَ ريبَةً نَرى حالَةً بَينَ الصَبابَةِ وَالسِحرِ +إِلَيكُنَّ جاراتِ الحِمى عَن مَلامَتي وَذَرنَ قَضاءَ اللَهِ في خَلقِهِ يَجري +وَأَحرَجَني دَمعي فَلَمّا زَجَرتُهُ رَدَدتُ قُلوبَ العاذِلاتِ إِلى العُذرِ +فَساءَلنَها ما اِسمي فَسَمَّت فَجِئنَني يَقُلنَ أَماناً لِلعَذارى مِنَ الشِعرِ +فَقُلتُ أَخافُ اللَهَ فيكُنَّ إِنَّني وَجَدتُ مَقالَ الهُجرِ يُزرى بِأَن يُزري +أَخَذتُ بِحَظِّ مَن هَواها وَبَينِها وَمَن يَهوَ يَعدِل في الوِصالِ وَفي الهَجرِ +إِذا لَم يَكُن لِلمَرءِ عَن عيشَةٍ غِنىً فَلا بُدَّ مِن يُسرٍ وَلا بُدَّ مِن عُسرِ +وَمَن يَخبُرِ الدُنيا وَيَشرَب بِكَأسِها يَجِد مُرَّها في الحُلوِ وَالحُلوَ في المُرِّ +وَمَ�� كانَ يَغزو بِالتَعِلّاتِ فَقرَهُ فَإِنّي وَجَدتُ الكَدَّ أَقتَلَ لِلفَقرِ +وَمَن يَستَعِن في أَمرِهِ غَيرَ نَفسِهِ يَخُنهُ الرَفيقُ العَون في المَسلَكِ الوَعرِ +وَمَن لَم يُقِم سِتراً عَلى عَيبِ غَيرِهِ يَعِش مُستَباحَ العِرضِ مُنهَتِكَ السِترِ +وَمَن لَم يُجَمِّل بِالتَواضُعِ فَضلَهُ يَبِن فَضلُهُ عَنهُ وَيَعطَل مِنَ الفَخرِ +قَلبٌ يَذوبُ وَمَدمَعٌ يَجري يا لَيلُ هَل خَبَرٌ عَنِ الفَجرِ +حالَت نُجومُكَ دونَ مَطلَعِهِ لا تَبتَغي حِوَلاً وَلا يَسري +وَتَطاوَلَت جُنحاً فَخُيِّلَ لي أَنَّ الصَباحَ رَهينَةُ الحَشرِ +أَرسَيتَها وَمَلَكتَ مَذهَبَها بِدُجُنَّةٍ كَسَريرَةِ الدَهرِ +ظُلُمٌ تَجيءُ بِها وَتُرجِعُها وَالمَوجُ مُنقَلِبٌ إِلى البَحرِ +لَيتَ الكَرى موسى فَيورِدَها فِرعَونُ هَذا السُهدِ وَالفِكرِ +وَلَقَد أَقولُ لِهاتِفٍ سحراً يَبكي لِغَيرِ نَوىً وَلا أَسرِ +وَالرَوضُ أَخرَسُ غَيرَ وَسوَسَةٍ خَفَقَ الغُصونِ وَجِريَةِ الغَدرِ +وَالطَيرُ مِلءُ الأَيكِ أَرؤُسُها مِثلُ الثِمارِ بَدَت مِنَ السِدرِ +أَلقى الجَناحَ وَناءَ بِالصَدرِ وَرَنا بِصَفراوَينِ كَالتِبرِ +كَلَمَ السُهادُ بُيوتَ هُدبِهِما وَأَقامَ بَينَ رُسومِها الحُمرِ +تَهدا جَوانِحُهُ فَتَحسَبُهُ مِن صَنعَةِ الأَيدي أَوِ السِحرِ +وَتَثورُ فَهوَ عَلى الغُصونِ يَدٌ عَلِقَت أَنامِلُها مِنَ الجَمرِ +يا طَيرُ بُثَّ أَخاكَ ما يَجري إِنّا كِلانا مَوضِعُ السِرِّ +بي مِثلُ ما بِكَ مِن جَوىً وَنَوىً أَنا في الأَنامِ وَأَنتَ في القُمرِ +عَبَثَ الغَرامُ بِنا وَرَوَّعَنا أَنا بِالمَلامِ وَأَنتَ بِالزَجرِ +يا طَيرُ لا تَجزَع لِحادِثَةٍ كُلُّ النُفوسِ رَهائِنُ الضَرِّ +فيما دَهاكَ لَوِ اِطَّلَعتَ رِضىً شَرٌّ أَخَفُّ عَلَيكَ مِن شَرِّ +يا طَيرُ كَدرُ العَيشِ لَو تَدري في صَفوِهِ وَالصَفوُ في الكَدرِ +وَإِذا الأُمورُ اِستُصعِبَت صَعُبَت وَيَهونُ ما هَوَّنتَ مِن أَمرِ +يا طَيرُ لَو لُذنا بِمُصطَبَرٍ فَلَعَلَّ روحَ اللَهِ في الصَبرِ +وَعَسى الأَمانِيُّ العِذابُ لَنا عَونٌ عَلى السُلوانِ وَالهَجرِ +بَدَأَ الطَيفُ بِالجَميلِ وَزارا يا رَسولَ الرِضى وُقيتَ العِثارا +خُذ مِنَ الجَفنِ وَالفُؤادِ سَبيلاً وَتَيَمَّم مِنَ السُوَيداءِ دارا +أَنتَ إِن بِتَّ في الجُفونِ فَأَهلٌ عادَةُ النورِ يُنزِلُ الأَبصارا +زارَ وَالحَربُ بَينَ جَفني وَنَومي قَد أَعَدَّ الدُجى لَها أَوزارا +حَسَنٌ يا خَيالُ صُنعُكَ عِندي أَجمَلُ الصُنعِ ما يُصيبُ اِفتِقارا +ما لِرَبِّ الجَمالِ جارَ عَلى القَل بِ كَأَن لَم يَكُن لَهُ القَلبُ جارا +وَأَرى القَلبَ كُلَّما ساءَ يَجزي هِ عَنِ الذَنبِ رِقَّةً وَاِعتِذارا +أَجَريحُ الغَرامِ يَطلُبُ عَطفاً وَجَريحُ الأَنامِ يَطلُبُ ثارا +أَيُّها العاذِلونَ نِمتُم وَرامَ الس سُهدُ مِن مُقلَتَيَّ أَمراً فَصارا +آفَةُ النُصحِ أَن يَكونَ لَجاجاً وَأَذى النُصحِ أَن يَكونَ جِهارا +ساءَلتَني عَنِ النَهارِ جُفوني رَحِمَ اللَهُ يا جُفوني النَهارا +قُلنَ نَبكيهِ قُلتُ هاتي دُموعاً قُلنَ صَبراً فَقُلتُ هاتي اِصطِبارا +يا لَيالِيَّ لَم أَجِدكِ طِوالاً بَعدَ لَيلي وَلَم أَجِدكِ قِصارا +إِنَّ مَن يَحمِلُ الخُطوبَ كِباراً لا يُبالي بِحَ��لِهِنَّ صِغارا +لَم نُفِق مِنكَ يا زَمانُ فَنَشكو مُدمِنُ الخَمرِ لا يُحِسُّ الخُمارا +فَاِصرِفِ الكَأسَ مُشفِقاً أَو فَواصِل خَرجَ الرُشدُ عَن أَكُفِّ السُكارى +أَبُثُّكَ وَجدي يا حَمامُ وَأودِعُ فَإِنَّكَ دونَ الطَيرِ لِلسِرِّ مَوضِعُ +وَأَنتَ مُعينُ العاشِقينَ عَلى الهَوى تَإِنُّ فَنُصغي أَو تَحِنُّ فَنَسمَعُ +أَراكَ يَمانِيّاً وَمِصرُ خَميلَتي كِلانا غَريبٌ نازِحُ الدارِ موجَعُ +هُما اِثنانِ دانٍ في التَغَرُّبِ آمِنٌ وَناءٍ عَلى قُربِ الدِيارِ مُروَعُ +وَمِن عَجَبِ الأَشياءِ أَبكي وَأَشتَكي وَأَنتَ تُغَنّي في الغُصونِ وَتَسجَعُ +لَعَلَّكَ تُخفي الوَجدَ أَو تَكتُمُ الجَوى فَقَد تُمسِكُ العَينانِ وَالقَلبُ يَدمَعُ +شَجاكَ صِغارٌ كَالجُمانِ وَمَوطِنٌ نَدٍ مِثلَ أَيّامِ الحَداثَةِ مُمرَعُ +إِذا كانَ في الآجالِ طولٌ وَفُسحَةٌ فَما البَينُ إِلّا حادِثٌ مُتَوَقَّعُ +وَما الأَهلُ وَالأَحبابُ إِلّا لَآلِئٌ تُفَرِّقُها الأَيّامُ وَالسِمطُ يَجمَعُ +أَمُنكِرَتي قَلبي دَليلٌ وَشاهِدي فَلا تُنكِريهِ فَهوَ عِندَكَ مودَعُ +أَسيرُكِ لَو يُفدى فَدَتهُ بِجَمعِها جَوانِحُ في شَوقٍ إِلَيهِ وَأَضلُعُ +رَماهُ إِلَيكِ الدَهرُ في حالِقِ الهَوى يُذالُ عَلى سَفحِ الهَوانِ وَيوضَعُ +وَمِن عَجَبٍ يَأسى إِذا قُلتُ مُتعَبٌ وَيَطرَبُ إِن قُلتُ الأَسيرُ المُمَنَّعُ +لَقيتِ عَليماً بِالغَواني وَإِنَّما هُوَ القَلبُ كَالإِنسانِ يُغرى وَيُخدَعُ +وَأَعلَمُ أَنَّ الغَدرَ في الناسِ شائِعٌ وَأَنَّ خَليلَ الغانِياتِ مُضَيَّعُ +وَأَنَّ نِزاعَ الرُشدِ وَالغَيِّ حالَةٌ تَجيءُ بِأَحلامِ الرِجالِ وَتَرجِعُ +وَأَنَّ أَمانِيَّ النُفوسِ قَواتِلٌ وَكَثرَتُها مِن كَثرَةِ الزَهرِ أَصرَعُ +وَأَنَّ دُعاةَ الخَيرِ وَالحَقِّ حَربُهُم زَمانٌ بِهِم مِن عَهدِ سُقراطَ مولَعُ +تَأتي الدَلالَ سَجِيَّةً وَتَصَنُّعاً وَأَراكَ في حالَي دَلالِكَ مُبدِعا +تِه كَيفَ شِئتَ فَما الجَمالُ بِحاكِمٍ حَتّى يُطاعَ عَلى الدَلالِ وَيُسمَعا +لَكَ أَن يُرَوِّعَكَ الوُشاةُ مِنَ الهَوى وَعَلَيَّ أَن أَهوى الغَزالَ مُرَوَّعا +قالوا لَقَد سَمِعَ الغَزالُ لِمَن وَشى وَأَقولُ ما سَمِعَ الغَزالُ وَلا وَعى +أَنا مَن يُحِبُّكَ في نِفارِكَ مُؤنِساً وَيُحِبُّ تيهَكَ في نِفارِكَ مَطمَعا +قَدَّمتُ بَينَ يَدَيَّ أَيّامَ الهَوى وَجَعَلتُها أَمَلاً عَلَيكَ مُضَيَّعا +وَصَدَقتُ في حُبّي فَلَستُ مُبالِياً أَن أُمنَحَ الدُنيا بِهِ أَو أُمنَعا +يا مَن جَرى مِن مُقلَتَيهِ إِلى الهَوى صِرفاً وَدارَ بِوَجنَتَيهِ مُشعشَعا +اللَهَ في كَبِدٍ سَقَيتَ بِأَربَعٍ لَو صَبَّحوا رَضوى بِها لَتَصَدَّعا +رُدَّتِ الروحُ عَلى المُضنى مَعَك أَحسَنُ الأَيّامِ يَومٌ أَرجَعَك +مَرَّ مِن بُعدِكَ ما رَوَّعَني أَتُرى يا حُلوُ بُعدي رَوَّعَك +كَم شَكَوتُ البَينَ بِاللَيلِ إِلى مَطلَعِ الفَجرِ عَسى أَن يُطلِعَك +وَبَعَثتُ الشَوقَ في ريحِ الصَبا فَشَكا الحُرقَةَ مِمّا اِستَودَعَك +يا نَعيمي وَعَذابي في الهَوى بِعَذولي في الهَوى ما جَمَعَك +أَنتَ روحي ظَلَمَ الواشي الَّذي زَعَمَ القَلبَ سَلا أَو ضَيَّعَك +مَوقِعي عِندَكَ لا أَعلَمُه آهِ لَو تَعلَمُ عِندي مَوقِعَك +أَرجَفوا أَنَّ��َ شاكٍ موجَعٌ لَيتَ لي فَوقَ الضَنا ما أَوجَعَك +نامَتِ الأَعيُنُ إِلّا مُقلَةً تَسكُبُ الدَمعَ وَتَرعى مَضجَعَك +يَقولُ أُناسُ لَو وَصَفتَ لَنا الهَوى لَعَلَّ الَّذي لا يَعرِفُ الحُبَّ يَعرِفُ +فَقُلتُ لَقَد ذُقتُ الهَوى ثُمَّ ذُقتُهُ فَوَ اللَهِ ما أَدري الهَوى كَيفَ يوصَفُ +عَلَّموهُ كَيفَ يَجفو فَجَفا ظالِمٌ لاقَيتُ مِنهُ ما كَفى +مُسرِفٌ في هَجرِهِ ما يَنتَهي أَتُراهُم عَلَّموهُ السَرَفا +جَعَلوا ذَنبي لَدَيهِ سَهَري لَيتَ يَدري إِذ دَرى الذَنبَ عَفا +عَرَفَ الناسُ حُقوقي عِندَهُ وَغَريمي ما دَرى ما عَرَفا +صَحَّ لي في العُمرِ مِنهُ مَوعِدٌ ثُمَّ ما صَدَّقتُ حَتّى أَخلَفا +وَيَرى لي الصَبرَ قَلبٌ ما دَرى أَنَّ ما كَلَّفَني ما كَلَّفا +مُستَهامٌ في هَواهُ مُدنَفٌ يَتَرَضّى مُستَهاماً مُدنَفا +يا خَليلَيَّ صِفا لي حيلَةً وَأَرى الحيلَةَ أَن لا تَصِفا +أَنا لَو نادَيتُهُ في ذِلَّةٍ هِيَ ذي روحي فَخُذها ما اِحتَفى +جِئنَنا بِالشُعورِ وَالأَحداقِ وَقَسَمنَ الحُظوظَ في العُشّاقِ +وَهَزَزنَ القَنا قُدوداً فَأَبلى كُلَّ قَلبٍ مُستَضعَفٍ خَفّاقِ +حَبَّذا القِسمُ في المُحِبّينَ قِسمي لَو يُلاقونَ في الهَوى ما أُلاقي +حيلَتي في الهَوى وَما أَتَمَنّى حيلَةَ الأَذكِياءِ في الأَرزاقِ +لَو يُجازى المُحِبُّ عَن فَرطِ شَوقٍ لَجُزيتُ الكَثيرَ عَن أَشواقِ +وَفَتاةٍ ما زادَها في غَريبِ ال حُسنِ إِلّا غَرائِبُ الأَخلاقِ +ذُقتُ مِنها حُلواً وَمُرّاً وَكانَت لَذَّةُ العِشقِ في اِختِلافِ المَذاقِ +ضَرَبَت مَوعيداً فَلَمّا اِلتَقَينا جانَبَتني تَقولُ فيمَ التَلاقي +قُلتُ ما هَكَذا المَواثيقُ قالَت لَيسَ لِلغانِياتِ مِن مِثاقِ +عَطَفَتها نَحافَتي وَشَجاها شافِعٌ بادِرٌ مِنَ الآماقِ +فَأَرَتني الهَوى وَقالَت خَشينا وَالهَوى شُعبَةٌ مِنَ الإِشفاقِ +يا فَتاةَ العِراقِ أَكتُمُ مَن أَن تِ وَأَكني عَن حُبِّكُم بِالعِراقِ +لي قَوافٍ تَعِفُّ في الحُبِّ إِلّا عَنكِ سارَت جَوائِبَ الآفاقِ +لا تَمَنّى الزَمانُ مِنها مَزيداً إِن تَمَنَّيتُ أَن تَفُكّي وِثاقي +حَمِّليني في الحُبِّ ما شِئتِ إِلّا حادِثَ الصَدِّ أَو بَلاءَ الفِراقِ +وَاِسمَحي بِالعِناقِ إِن رَضِيَ الدَلُّ وَسامَحتِ فانِياً في العِناقِ +مُضنىً وَلَيسَ بِهِ حِراك لَكِن يَخِفُّ إِذا رَآك +وَيَميلُ مِن طَرَبٍ إِذا ما مِلتَ يا غُصنَ الأَراك +إِنَّ الجَمالَ كَساكَ مِن وَرَقِ المَحاسِنِ ما كَساك +وَنَبَتَّ بَينَ جَوانِحي وَالقَلبُ مِن دَمِهِ سَقاك +حُلوَ الوُعودِ مَتى وَفاك أَتُراكَ مُنجِزَها تُراك +مِن كُلِّ لَفظٍ لَو أَذِن تَ لِأَجلِهِ قَبَّلتُ فاك +أَخَذَ الحَلاوَةَ عَن ثَنا ياكَ العِذابِ وَعَن لَماك +ظُلماً أَقولُ جَنى الهَوى لَم يَجنِ إِلّا مُقلَتاك +غَدَتا مَنِيَّةَ مَن رَأَي تَ وَرُحتَ مُنيَةَ مَن رَآك +فَدَتكَ الجَوانِحُ مِن نازِلٍ وَأَهلاً بِطَيفِكَ مِن واصِلِ +بَذَلتَ لَهُ الجَفنَ دونَ الكَرى وَمَن بِالكَرى لِلشَجِيِ الباذِلِ +وَقُلتُ أَراكَ بِرُغمِ العَذول فَنابَ السُهادُ عَنِ العاذِلِ +فَوَيحَ المُتَيَّمِ حَتّى الخَيالُ إِذا زارَ لَم يَخلُ مِن حائِلِ +يَحِنُّ إِلَيكَ ضُلوعٌ عَفَت مِنَ البَينِ في جَسَدٍ ناحِلِ +وَقَلبٌ جَوٍ عِندَها خافِقٌ تَعَلَّقَ بِالسَنَدِ المائِلِ +وَمِن عَبَثِ العِشقِ بِالعاشِقين حَنينُ القَتيلِ إِلى القاتِلِ +غَفِلتُ عَنِ الكَأسِ حَتّى طَغَت وَلي أَدَبٌ لَيسَ بِالغافِلِ +وَشَفَّت وَما شَفَّ مِنّي الضَميرُ وَأَينَ الجَمادُ مِنَ العاقِلِ +يَظَلُّ نَديمي يُسقى بِها وَيَشرَبُ مِن خُلُقي الفاضِلِ +أُبِدِّدُها كَرَماً كُلَّما بَدَت لِيَ كَالذَهَبِ السائِلِ +لامَ فيكُم عَذولُهُ وَأَطالا كَم إِلى كَم يُعالِجُ العُذّالا +كُلَّ يَومٍ لَهُم أَحاديثُ لَومٍ بَدَأَت راحَةً وَعادَت مَلالا +بَعَثتُ ذِكرَكُم فَجاءَت خِفافاً وَاِقتَضَت هَجرَكُم فَراحَت ثِقالا +أَيُّها المُنكِرُ الغَرامَ عَلَينا حَسبُكَ اللَهُ قَد جَحَدتَ الجَمالا +آيَةُ الحُسنِ لِلقُلوبِ تَجَلَّت كَيفَ لا تَعشَقُ العُيونُ اِمتِثالا +لَكَ نُصحي وَما عَلَيكَ جِدالي آفَةُ النُصحِ أَن يَكونَ جِدالا +وَهَبِ الرُشدَ أَنَّني أَنا أَسلو ما مِنَ العَقلِ أَن تَرومَ مُحالا +باتَ المُعَنّى وَالدُجى يَبتَلي وَالبَرحُ لا وانٍ وَما مُنجَلي +وَالشُهبُ في كُلِّ سَبيلٍ لَهُ بِمَوقِفِ اللُوّامِ وَالعُذَّلِ +إِذا رَعاها ساهِياً ساهِراً رَعَينَهُ بِالحَدَقِ الغُفَّلِ +يا لَيلُ قَد جُرتَ وَلَم تَعدِلِ ما أَنتَ يا أَسوَدُ إِلّا خَلي +تَاللَهِ لَو حُكِّمَت في الصُبحِ أَن تَفعَلَ أَحجَمتَ فَلَم تَفعَلِ +أَو شِمتَ سَيفاً في جُيوشِ الضُحى ما كُنتَ لِلأَعداءِ ما أَنتَ لي +أَبيتُ أُسقى وَيُديرُ الجَوى وَالكَأسُ لا تَفنى وَلا تَمتَلي +الخَدُّ مِن دَمعي وَمِن فَيضِهِ يَشرَبُ مِن عَينٍ وَمِن جَدوَلِ +وَالشَوقُ نارٌ في رَمادِ الأَسى وَالفِكرُ يُذكي وَالحَشا يَصطَلي +وَالقَلبُ قَوّامٌ عَلى أَضلُعي كَأَنَّهُ الناقوسُ في الهَيكَلِ +أَنا إِن بَذَلتُ الروحَ كَيفَ أُلامُ لَمّا رَمَت فَأَصابَتِ الآرامُ +عَمَدَت إِلى قَلبي بِسَهمٍ نافِذٍ فيهِ لِمَحتومِ القَضاءِ سِهامُ +يا قَلبُ لا تَجزَع لِحادِثَةِ الهَوى وَاِصبِر فَما لِلحادِثاتِ دَوامُ +عَرَفَت قُلوبُ الناسِ قَبلَكَ ما الجَوى وَأَذاقَها قَدَرٌ لَهُ أَحكامُ +تَجري العُقولُ بِأَهلِها فَإِذا جَرى كَبَتِ العُقولُ وَزَلَّتِ الأَحلامُ +أَكُنتُ أَعلَمُ وَالحَوادِثُ جَمَّةٌ أَنَّ الحَوادِثَ مُقلَةٌ وَقَوامُ +جَنَيا عَلى كَبِدي وَما عَرَّضتُها كَبِدي عَلَيكِ مِنَ البَريءِ سَلامُ +وَلَقَد أَقولُ لِمَن يَحُثُّ كُؤوسَها قَعَدَت كُؤوسُكِ وَالهُمومُ قِيامُ +لَم تَجرِ بَينَ جَوانِحي إِلّا كَما جَرَتِ الدِنانَ بِها وَسالَ الجامُ +هَل تَيَّمَ البانُ فُؤادَ الحَمام فَناحَ فَاِستَبكى جُفونَ الغَمام +أَم شَفَّهُ ما شَفَّني فَاِنثَنى مُبَلبَلَ البالِ شَريدَ المَنام +يَهُزُّهُ الأَيكُ إِلى إِلفِهِ هَزَّ الفِراشِ المُدنَفَ المُسَتهام +وَتوقِدُ الذِكرى بِأَحشائِهِ جَمراً مِنَ الشَوقِ حَثيثَ الضِرام +كَذَلِكَ العاشِقُ عِندَ الدُجى يا لِلهَوى مِمّا يُثيرُ الظلام +لَهُ إِذا هَبَّ الجَوى صَرعَةٌ مِن دونِها السِحرُ وَفِعلُ المُدام +يا عادِيَ البَينِ كَفى قَسوَةً رَوَّعتَ حَتّى مُهَجاتِ الحَمام +تِلكَ قُلوبُ الطَيرِ حَمَّلتَها ما ضَعُفَت عَنهُ قُلوبُ الأَنام +لا ضَرَبَ المَقدورُ أَحبابَنا وَلا أَعادينا بِهَذا الحُسام +يا زَمَنَ الوَصلِ لَأَنتَ المُنى وَلِلمُنى عِقدٌ وَأَنتَ النِظام +لِلَّهِ عَيشٌ لي وَعَيشٌ لَها كُنتَ بِهِ سَمحاً رَخِيَّ الزِمام +وَأُنسُ أَوقاتٍ ظَفِرنا بِها في غَفلَةِ الأَيّامِ لَو دُمتَ دام +لَكِنَّهُ الدَهرُ قَليلُ الجَدى مُضَيَّعُ العَهدِ لَئيمُ الذِمام +لَو سامَحَتنا في السَلامِ النَوى لَطالَ حَتّى الحَشرِ ذاكَ السَلام +وَلَاِنقَضى العُمرانُ في وَقفَةٍ نَسلو بِها الغُمضَ وَنَسلو الطَعام +قالَت وَقَد كادَ يَميدُ الثَرى مِن هَدَّةِ الصَبرِ وَهَولِ المَقام +وَغابَتِ الأَعيُنُ في دَمعِها وَنالَتِ الأَلسُنُ إِلّا الكَلام +يا بَينُ وَلّى جَلَدي فَاِتَّئِد وَيا زَماني بَعضُ هَذا حَرام +فَقُلتُ وَالصَبرُ يُجاري الأَسى وَاللُبُّ مَأخوذٌ وَدَمعي اِنسِجام +إِن كانَ لي عِندَكَ هَذا الهَوى بِأَيِّما قُلتُ كَتَمتُ الغَرام +صَريعُ جَفنَيكِ وَنفي عَنهُما التُهَما فَما رُميتُ وَلَكِنَّ القَضاءَ رَمى +اللَهَ في روحِ صَبٍّ يَغشِيانِ بِها مَوارِدَ الحَتفِ لَم يَنقُل لَها قَدَما +وَكَفَّ عَن قَلبِهِ المَعمودِ نَبلَهُما أَلَيسَ عَهدُكَ فيهِ حَبَّةً وَدَما +سَلوا غَزالاً غَزا قَلبي بِحاجِبِهِ أَما كَفى السَيفُ حَتّى جَرَّدَ القَلَما +وَاِستَخبِروهُ إِلى كَم نارُ جَفوَتِهِ أَما كَفى ما جَنَت نارُ الخُدودِ أَما +وَاِستَوهِبوهُ يَداً في العُمرِ واحِدةً وَمَهِّدا عُذرَهُ عَنّي إِذا حَرَما +وَلا تَرَوا مِنهُ ظُلماً أَن يُضَيِّعُني مَن ضَيَّعَ العَرَضَ المَملوكَ ما ظَلَما +ذادَ الكَرى عَن مُقلَتَيكَ حِمامُ لَبّاهُ شَوقٌ ساهِرٌ وَغَرامُ +حَيرانُ مَشبوبُ المَضاجِعِ لَيلُهُ حَربٌ وَلَيلُ النائِمينَ سَلامُ +بَينَ الدُجى لَكُما وَعادِيَةِ الدُجى مُهَجٌ تُؤَلِّفُ بينَها الأَسقامُ +تَتَعاوَنانِ وَلِلتَعاوُنِ أُمَّةٌ لا الدَهرُ يَخذُلُها وَلا الأَيّامُ +يا أَيُّها الطَيرُ الكَثيرُ سَميرُهُ هَل ريشَةٌ لِجَناحيهِ فَيُقامُ +عانَقتَ أَغصاناً وَعانَقتُ الجَوى وَشَكَوتَ وَالشَكوى عَلَيَّ حَرامُ +أَمُحَرِّمَ الأَجفانِ إِدناءَ الكَرى يَهنيكَ ما حَرَّمَت حينَ تَنامُ +حاوَلنَ إِلى خَيالِكَ سُلَّماً لَو سامَحَت بِخَيالِكَ الأَحلامُ +فَأذَن لِطَيفِكَ أَن يُلِمَّ مُجامِلاً وَمُؤَمَلٌ مِن طَيفِكَ الإِلمامُ +شَغَلَتهُ أَشغالٌ عَنِ الآرامِ وَقَضى اللُبانَةَ مِن هَوىً وَغَرامِ +وَمَضى يَجُرُّ عَلى الهَوى أَذيالَهُ وَيَلومُ حامِلَهُ مَعَ اللُوّامِ +وَيَذُمُّ عَهدَ الغانِياتِ كَناقَةٍ بَعدَ الشِفاءِ يَذُمُّ عَهدَ سَقامِ +لا تَعجَلَنَّ وَفي الشَبابِ بَقِيَّةٌ إِنَّ الشَبابَ مَزَلَّةَ الأَحلامِ +كانَتَ إِنابَتُكَ المُريبَةُ سَلوَةً نُسِجَت عَلى جُرحٍ بِجَنبِكَ دامي +إِنَّ الَّذي جَعَلَ القُلوبَ أَعِنَّةً قادَ الشَبيبَةَ لِلهَوى بِزِمامِ +يا قَلبَ أَحمَدَ وَالسِهامُ شَديدَةٌ ماذا لَقيتَ مِنَ الغَزالِ الرامي +تَدري وَتَسأَلُني تَجاهُلَ عارِفٍ أَرَنا بِعَينٍ أَم رَمى بِسِهامِ +ما زِلتَ تَركَبُ كُلَّ صَعبٍ في الهَوى حَتّى رَكِبتَ إِلى هَواكَ حِمامي +وَإِذا القُلوبُ اِستَرسَلَت في غَيِّها كانَت بَلِيَّتُها عَلى الأَجسامِ +بِهِ سِحرٌ يُتَيِّمُهُ كِلا جَفنَيكَ يَعلَمُهُ +هُما كادا لِمُهجَتِهِ وَمِنكَ الكَيدُ مُعظَمُهُ +تُعَذِّبُهُ بِسِحرِهِما وَتوجِدُهُ وَتُعدِمُهُ +فَلا هاروتَ رَقَّ لَهُ وَلا ماروتَ يَرحَمُهُ +وَتَظلِمُهُ فَلا يَشكو إِلى مَن لَيسَ يَظلِمُهُ +أَسَرَّ فَماتَ كُتماناً وَباحَ فخانَهُ فَمُهُ +فَوَيحَ المُدنَفِ المَع مودِ حَتّى البَثُّ يُحرَمُهُ +طَويلُ اللَيلِ تَرحَمُهُ هَواتِفُهُ وَأَنجُمُهُ +إِذا جَدَّ الغَرامُ بِهِ جَرى في دَمعِهِ دَمُهُ +يَكادُ لِطولِ صُحبَتِهِ يُعادي السُقمَ يُسقِمُهُ +ثَنى الأَعناقَ عُوَّدُهُ وَأَلقى العُذرَ لُوَّمُهُ +قَضى عِشقاً سِوى رَمَقٍ إِلَيكَ غَدا يُقَدِّمُهُ +عَسى إِن قيلَ ماتَ هَوىً تَقولُ اللَهُ يَرحَمُهُ +فَتَحيا في مَراقِدِها بِلَفظٍ مِنكَ أَعظُمُهُ +بِروحِيَ البانُ يَومَ رَنا عَنِ المَقدورِ أَعصَمُهُ +وَيَومَ طُعِنتُ مِن غُصنٍ مُعَلِّمُهُ مُنَعِّمُهُ +قَضاءُ اللَهِ نَظرَتُهُ وَلُطفُ اللَهِ مَبسِمُهُ +رَمى فَاِستَهدَفَت كَبِدي بِيَ الرامي وَأَسهُمَهُ +لَهُ مِن أَضلُعي قاعٌ وَمِن عَجَبٍ يُسَلِّمُهُ +وَمِن قَلبي وَحَبَّتِهِ كِناسٌ باتَ يَهدِمُهُ +غَزالٌ في يَدَيهِ التي هُ بَينَ الغيدِ يَقسِمُهُ +مَن صَوَّرَ السِحرَ المُبينَ عُيوناً وَأَحَلَّهُ حَدَقاً وَجُفونا +نَظَرَت فَحُلتُ بِجانِبي فَاِستَهدَفَت كَبِدي وَكانَ فُوادِيَ المَغبونا +وَرَمَت بِسَهمٍ جالَ فيهِ جَولَةً حَتّى اِستَقَرَّ فَرَنَّ فيهِ رَنينا +فَلَمَستُ صَدري موجِساً وَمُرَوَّعاً وَلَمَستُ جَنبي مُشفِقاً وَضَنينا +يا قَلبُ إِنَّ مِنَ البَواتِرِ أَعيُناً سوداً وَإِنَّ مِنَ الجَآذِرِ عينا +لا تَأخُذَنَّ مِنَ الأُمورِ بِظاهِرٍ إِنَّ الظَواهِرَ تَخدَعُ الرائينا +فَلَكَم رَجَعتُ مِنَ الأَسِنَّةِ سالِماً وَصَدَرتُ عَن هيفِ القُدودِ طَعينا +وَخَميلَةٍ فَوقَ الجَزيرَةِ مَسَّها ذَهَبُ الأَصيلِ حَواشِياً وَمُتونا +كَالتِبرِ أُفقاً وَالزَبَرجَدِ رَبوَةً وَالمِسكِ تُرباً وَاللُجَينِ مَعينا +وَقَفَ الحَيا مِن دونِها مُستَأذِناً وَمَشى النَسيمُ بِظِلِّها مَأذونا +وَجَرى عَلَيها النيلُ يَقذِفُ فَضَّةً نَثراً وَيَكسِرُ مَرمَراً مَسنونا +يُغري جَوارِيَهُ بِها فَيَجِئنَها وَيُغيرُهُنَّ بِها فَيَستَعلينا +راعَ الظَلامُ بِها أَوانِسَ تَرتَمي مِثلَ الظِباءِ مِنَ الرُبى يَهوينا +يَخطُرنَ في ساحِ القُلوبِ عَوالِياً وَيَمِلنَ في مَرأى العُيونِ غُصونا +عِفنَ الذُيولِ مِنَ الحَريرِ وَغَيرِهِ وَسَحَبنَ ثَمَّ الآسَ وَالنَسرينا +عارَضتُهُنَّ وَلي فُؤادٌ عُرضَةٌ لِهَوى الجَآذِرِ دانَ فيهِ وَدينا +فَنَظَرنَ لا يَدرينَ أَذهَبُ يَسرَةً فَيَحِدنَ عَنّي أَم أَميلُ يَمينا +وَنَفَرنَ مِن حَولي وَبَينَ حَبائِلي كَالسِربِ صادَفَ في الرَواحِ كَمينا +فَجَمَعتُهُنَّ إِلى الحَديثِ بَدَأتُهُ فَغَضِبنَ ثُمَّ أَعَدتُهُ فَرَضينا +وَسَمِعتُ مَن أَهوى تَقولُ لِتُربِها أَحرى بِأَحمَدَ أَن يَكونَ رَزينا +قالَت أَراهُ عِندَ غايَةِ وَجدِهِ فَلَعَلَّ لَيلى تَرحَمُ المَجنونا +أَذعَنَ لِلحُسنِ عَصِيُّ العِنان وَحاوَلَت عَيناكَ أَمراً فَكان +يَعيشُ جَفناكَ لِبَثِّ المُنى أَوِ الأَسى في قَلبِ راجٍ وَعان +يا مُسرِفاً في التيهِ ما يَنتَهي أَخافُ أَن يَفنى عَلَينا الزَمان +وَيا كَثيرَ الدَلِّ في عِزِّهِ لا تَ��سَ لي عِزّي قُبَيلَ الهَوان +وَيا شَديدَ العُجبِ مَهلاً فَما مِن مُنكِرٍ أَنَّكَ زَينُ الحِسان +يا حُسنَهُ بَينَ الحِسان في شَكلِهِ إِن قيلَ بان +كَالبَدرِ تَأخُذُهُ العُيو نُ وَما لَهُنَّ بِهِ يَدان +مَلَكَ الجَوانِحَ وَالفُوا دَ فَفي يَدَيهِ الخافِقان +وَمُنايَ مِنهُ نَظرَةٌ فَعَسى يُشيرُ الحاجِبان +فَعَسى يُزَكّي حُسنَهُ مَن لا لَهُ في الحُسنِ ثان +فَدَعوهُ يَعدِلُ أَو يَجو رُ فَإِنَّهُ مَلَكَ العِنان +حَقَّ الدَلالُ لِمَن لَهُ في كُلِّ جارِحَةٍ مَكان +يا ناعِماً رَقَدَت جُفونُهُ مُضناكَ لا تَهدا شُجونُهُ +حَمَلَ الهَوى لَكَ كُلَّهُ إِن لَم تُعِنهُ فَمَن يُعينُهُ +عُد مُنعِماً أَو لا تَعُد أَودَعتَ سِرَّكَ مَن يَصونُهُ +بَيني وَبَينَكَ في الهَوى سَبَبٌ سَيَجمَعُنا مَتينُهُ +رَشَأٌ يُعابُ الساحِرو نَ وَسِحرُهُم إِلّا جُفونُهُ +الروحُ مِلكُ يَمينِهِ يَفديهِ ما مَلَكَت يَمينُهُ +ما البانُ إِلّا قَدُّهُ لَو تَيَّمَت قَلباً غُصونُهُ +وَيَزينُ كُلَّ يَتيمَةٍ فَمُهُ وَتَحسَبُها تَزينُهُ +ما العُمرُ إِلّا لَيلَةً كانَ الصَباحَ لَها جَبينُهُ +باتَ الغَرامُ يَدينُنا فيها كَما بِتنا نُدينُهُ +بَينَ الرَقيبِ وَبَينَنا وادٍ تُباعِدُهُ حُزونُهُ +نَغتابُهُ وَنَقولُ لا بَقِيَ الرَقيبُ وَلا عُيونُهُ +صَحا القَلبُ إِلّا مِن خُمارِ أَماني يُجاذِبُني في الغيدِ رَثَّ عِناني +حَنانَيكَ قَلبي هَل أُعيدُ لَكَ الصِبا وَهَل لِلفَتى بِالمُستَحيلِ يَدانِ +تَحُنُّ إِلى ذاكَ الزَمانِ وَطيبِهِ وَهَل أَنتَ إِلّا مِن دَمٍ وَحَنانِ +إِذا لَم تَصُن عَهداً وَلَم تَرعَ ذِمَّةً وَلَم تَدَّكِر إِلفاً فَلَستَ جَناني +أَتَذَكُرُ إِذ نُعطي الصَبابَةَ حَقَّها وَنَشرَبُ مِن صِرفِ الهَوى بِدِنانِ +وَأَنتَ خَفوقٌ وَالحَبيبُ مُباعِدٌ وَأَنتَ خَفوقٌ وَالحَبيبُ مُدانُ +وَأَيّامَ لا آلو رِهاناً مَعَ الهَوى وَأَنتَ فُؤادي عِندَ كُلِّ رِهانِ +لَقَد كُنتُ أَشكو مِن خُفوقِكِ دائِباً فَوَلّى فَيا لَهَفي عَلى الخَفَقانِ +سَقاكَ التَصابي بَعدَ ما عَلَّكَ الصِبا فَكَيفَ تَرى الكَأسَينِ تَختَلِفانِ +وَما زُلتُ في رَيعِ الشَبابِ وَإِنَّما يَشيبُ الفَتى في مِصرَ قَبلَ أَوانِ +وَلا أَكذِبُ الباري بَنى اللَهُ هَيكَلي صَنيعَةَ إِحسانٍ وَرِقَّ حِسانِ +أَدينُ إِذا اِقتادَ الجَمالُ أَزِمَّتي وَأَعنو إِذا اِقتادَ الجَميلُ عِناني +اللَهُ في الخَلقِ مِن صَبٍّ وَمِن عاني تَفنى القُلوبُ وَيَبقى قَلبُكِ الجاني +صوني جَمالَكِ عَنّا إِنَّنا بَشَرٌ مِنَ التُرابِ وَهَذا الحُسنُ روحاني +أَو فَاِبتَغي فَلَكاً تَأوينَهُ مَلَكاً لَم يَتَّخِذ شَرَكاً في العالَمِ الفاني +يَنسابُ في النورِ مَشغوفاً بِصورَتِهِ مُنَعَّماً في بَديعاتِ الحُلى هاني +إِذا تَبَسَّمَ أَبدى الكَونُ زينَتَهُ وَإِن تَنَفَّسَ أَهدى طيبَ رَيحانِ +وَأَشرِقي مِن سَماءِ العِزِّ مُشرِقَةً بِمَنظَرٍ ضاحِكِ اللَألاءِ فَتّانِ +عَسى تَكُفُّ دُموعٌ فيكِ هامِيَةٌ لا تَطلُعُ الشَمسُ وَالأَنداءُ في آنِ +يا مَن هَجَرتُ إِلى الأَوطانِ رُؤيَتَها فَرُحتُ أَشوَقَ مُشتاقٍ لِأَوطانِ +أَتَذكُرينَ حَنيني في الزَمانِ لَها وَسَكبِيَ الدَمعَ مِن تَذكارِها قاني +وَغَبطِيَ الطَيرَ أَلقاهُ أَصيحُ بِهِ لَيتَ الكَريمَ الَّذي أَعطاكِ أَعطاني +قَلبٌ بِوادي الحِمى خَلَّفتِهِ رَمِقاً ماذا صَنَعتِ بِهِ يا ظَبيَةَ البانِ +أَحنى عَلَيكِ مِنَ الكُثبانِ فَاِتَّخِذي عَلَيهِ مَرعاكِ مِن قاعٍ وَكُثبانِ +غَرَّبتِهِ فَوَهى جَنبي لِفُرقَتِهِ وَحَنَّ لِلنازِحِ المَأسورِ جُثماني +لا رَدَّهُ اللَهُ مِن أَسرٍ وَمِن خَبَلٍ إِن كانَ في رَدِّهِ صَحوي وَسُلواني +دَلَّهتِهِ بِعَزيزٍ في مَحاجِرِهِ ماضٍ لَهُ مِن مُبينِ السِحرِ جَفنانِ +رَمى فَضَجَّت عَلى قَلبي جَوانِحُهُ وَقُلنَ سَهمٌ فَقالَ القَلبُ سَهمانِ +يا صورَةَ الحورِ في جِلبابِ فانِيَةٍ وَكَوكَبَ الصُبحِ في أَطافِ إِنسانِ +مُري عَصِيَّ الكَرى يَغشى مُجامَلَةً وَسامِحي في عِناقِ الطَيفِ أَجفانِ +فَحَسبُ خَدّي مِن عَينَيَّ ما شَرِبا فَمِثلُ ما قَد جَرى لَم تَلقَ عَينانِ +قالوا لَهُ روحي فِداهُ هَذا التَجَنّي ما مَداهُ +أَنا لَم أَقُم بِصُدودِهِ حَتّى يُحَمِّلُني نَواهُ +تَجري الأُمورُ لِغايَةٍ إِلّا عَذابي في هَواهُ +سَمَّيتُهُ بَدرَ الدُجى وَمِنَ العَجائِبِ لا أَراهُ +وَدَعَوتُهُ غُصنَ الرِيا ضِ فَلَم أَجِد رَوضاً حَواهُ +وَأَقولُ عَنهُ أَخو الغَزا لِ وَلا أَرى إِلّا أَخاهُ +قالَ العَواذِلُ قَد جَفا ما بالُ قَلبِكَ ما جَفاهُ +أَنا لَو أَطَعتُ القَلبَ في هِ لَم أَزِدهِ عَلى جَواهُ +وَالنُصحُ مُتَّهَمٌ وَإِن نَثَرَتهُ كَالدُرِّ الشِفاهُ +أُذُنُ الفَتى في قَلبِهِ حيناً وَحيناً في نُهاهُ +مَقاديرُ مِن جَفنَيكِ حَوَلنَ حالِيا فَذُقتُ الهَوى بَعدَما كُنتُ خالِيا +نَفَذنَ عَلَيَّ اللُبَّ بِالسَهمِ مُرسَلاً وَبِالسِحرِ مَقضِيّاً وَبِالسَيفِ قاضِيا +وَأَلبَسنَني ثَوبَ الضَنى فَلَبِستُهُ فَأَحبِب بِهِ ثَوباً وَإِن ضَمَّ بالِيا +وَما الحُبُّ إِلّا طاعَةٌ وَتَجاوُزٌ وَإِن أَكثَروا أَوصافَهُ وَالمَعانِيا +وَما هُوَ إِلّا العَينُ بِالعَينِ تَلتَقي وَإِن نَوَّعوا أَسبابَهُ وَالدَواعِيا +وَعِندي الهَوى مَوصوفُهُ لا صِفاتُهُ إِذا سَأَلوني ما الهَوى قُلتُ ما بِيا +وَبي رَشَأٌ قَد كانَ دُنيايَ حاضِراً فَغادَرَني أَشتاقُ دُنيايَ نائِيا +سَمَحتُ بِروحي في هَواهُ رَخيصَةً وَمَن يَهوَ لا يوثِرُ عَلى الحُبِّ غالِيا +وَلَم تَجرِ أَلفاظُ الوُشاةِ بِريبَةٍ كَهَذي الَّتي يَجري بِها الدَمعُ واشِيا +أَقولُ لِمَن وَدَّعتُ وَالرَكبُ سائِرٌ بِرُغمِ فُؤادي سائِرٌ بِفُؤاديا +أَماناً لِقَلبي مِن جُفونِكِ في الهَوى كَفى بِالهَوى كَأساً وَراحاً وَساقِيا +وَلا تَجعَليهِ بَينَ خَدَيكِ وَالنَوى مِنَ الظُلمِ أَن يَغدو لِنارَينِ صالِيا +وَلَم يَندَمِل مِن طَعنَةِ القَدِّ جُرحُهُ فَرِفقاً بِهِ مِن طَعنَةِ البَينِ دامِيا +أَهلَ القُدودِ الَّتي صالَت عَواليها اللَهَ في مُهَجٍ طاحَت غَواليها +خُذنَ الأَمانَ لَها لَو كانَ يَنفَعُها وَاِردُدنَها كَرَماً لَو كانَ يُجديها +وَاِنظُرنَ ما فَعَلَت أَحداقُكُنَّ بِها ما كانَ مِن عَبَثِ الأَحداقِ يَكفيها +تَعَرَّضَت أَعينٌ مِنّا فَعارَضَنا عَلى الجَزيرَةِ سِربٌ من غَوانيها +ما ثُرنَ مِن كُنُسٍ إِلّا إِلى كُنُسٍ مِنَ الجَوانِحِ ضَمَّتها حَوانيها +عَنَّت لَنا أُصُلاً تُغري بِنا أَسَلاً مَهزوزَةً شَكلاً مَشروعَةً تيها +وَأَرهَفَت أَعيُناً ضَعفى حَمائِلُها نَشوى مَناصِلُها كَحلى مَواضيها +لَنا الحَبائِلُ نُلقيها نَصيدُ بِها وَلَم نَخَل ظَبَياتِ القاعِ تَلقيها +نَصَبنَها لَكَ مِن هُدبٍ وَمِن حَدَقٍ حَتّى اِنثَنَيتَ بِنَفسٍ عَزَّ فاديها +مِن كُلِّ زَهراءَ في إِشراقِها ضَحِكَت لَبّاتُها عَن شَبيهِ الدُرِّ مِن فيها +شَمسُ المَحاسِنِ يُستَبقى النَهارُ بِها كَأَنَّ يوشَعَ مَفتونٌ يُجاريها +مَشَت عَلى الجِسرِ ريماً في تَلَفُّتِها لِلناظِرينَ وَباناً في تَثَنّيها +كَأَنَّ كُلَّ غَوانيهِ ضَرائِرُها عُجباً وَكُلَّ نَواحيهِ مَرائيها +عارَضتُها وَضَميري مِن مَحارِمِها يَزوَرُّ عَن لَحَظاتي في مَساريها +أَعِفُّ مِن حَليِها عَمّا يُجاوِرُهُ وَمِن غَلائِلِها عَمّا يُدانيها +قالَت لَعَلَّ أَديبَ النيلِ يُحرِجُنا فَقُلتُ هَل يُحرِجُ الأَقمارَ رائيها +بَيني وَبَينَكِ أَشعارٌ هَتَفتُ بِها ما كُنتُ أَعلَمُ أَنَّ الريمَ يَرويها +وَالقَولُ إِن عَفَّ أَو ساءَت مَواقِعُهُ صَدى السَريرَةِ وَالآدابِ يَحكيها +أُداري العُيونَ الفاتِراتِ السَواجِيا وَأَشكو إِلَيها كَيدَ إِنسانِها لِيا +قَتَلنَ وَمَنَّينَ القَتيلَ بِأَلسُنٍ مِنَ السِحرِ يُبدِلنَ المَنايا أَمانِيا +وَكَلَّمنَ بِالأَلحاظِ مَرضى كَليلَةٍ فَكانَت صِحاحاً في القُلوبِ مَواضِيا +حَبَبتُكِ ذاتَ الخالِ وَالحُبُّ حالَةٌ إِذا عَرَضَت لِلمَرءِ لَم يَدرِ ماهِيا +وَإِنَّكِ دُنيا القَلبِ مَهما غَدَرتِهِ أَتى لَكِ مَملوءً مِنَ الوَجدِ وافِيا +صُدودُكِ فيهِ لَيسَ يَألوهُ جارِحاً وَلَفظُكِ لا يَنفَكُّ لِلجُرحِ آسِيا +وَبَينَ الهَوى وَالعَذلِ لِلقَلبِ مَوقِفٌ كَخالِكِ بَينَ السَيفِ وَالنارِ ثاوِيا +وَبَينَ المُنى وَاليَأسِ لِلصَبرِ هِزَّةٌ كَخَصرِكِ بَينَ النَهدِ وَالرِدفِ واهِيا +وَعَرَّضَ بي قَومي يَقولونَ قَد غَوى عَدِمتُ عَذولي فيكِ إِن كُنتُ غاوِيا +يَرومونَ سُلواناً لِقَلبي يُريحُهُ وَمَن لي بِالسُلوانِ أَشريهِ غالِيا +وَما العِشقُ إِلّا لَذَّةٌ ثُمَّ شِقوَةٌ كَما شَقِيَ المَخمورُ بِالسُكرِ صاحِيا +أَلا حَبَّذا صُحبَةَ المَكتَبِ وَأَحبِب بِأَيّامِهِ أَحبِبِ +وَيا حَبَّذا صِبيَةٌ يَمرَحو نَ عِنانُ الحَياةِ عَلَيهِم صَبي +كَأَنَّهُمو بَسَماتُ الحَيا ةِ وَأَنفاسُ رَيحانَها الطَيِّبِ +يُراحُ وَيُغدى بِهِم كَالقَطي عِ عَلى مَشرِقِ الشَمسِ وَالمَغرِبِ +إِلى مَرتَعٍ أَلِفوا غَيرَهُ وَراعٍ غَريبِ العَصا أَجنَبي +وَمُستَقبَلٍ مِن قُيودِ الحَيا ةِ شَديدٍ عَلى النَفسِ مُستَصعَبِ +فِراخٌ بِأَيكٍ فَمِن ناهِضٍ يَروضُ الجَناحَ وَمِن أَزغَبِ +مَقاعِدُهُم مِن جَناحِ الزَما نِ وَما عَلِموا خَطَرَ المَركَبِ +عَصافيرُ عِندَ تَهَجّي الدُرو سِ مِهارٌ عَرابيدُ في المَلعَبِ +خَلِيّونَ مِن تَبِعاتِ الحَيا ةِ عَلى الأُمِّ يَلقونَها وَالأَبِ +جُنونُ الحَداثَةِ مِن حَولِهِم تَضيقُ بِهِ سَعَةُ المَذهَبِ +عَدا فَاِستَبَدَّ بِعَقلِ الصَبِيّ وَأَعدى المُؤَدِّبَ حَتّى صَبى +لَهُم جَرَسٌ مُطرِبٌ في السَرا حِ وَلَيسَ إِذا جَدَّ بِالمُطرِبِ +تَوارَت بِهِ ساعَةٌ لِلزَما نِ عَلى الناسِ دائِرَةُ العَقرَبِ +تَشولُ بِإِبرَتِها لِلشَبا بِ وَتَقذِفُ بِالسُمِّ في الشُيَّبِ +يَدُقُّ بِمِطرَقَتَيها القَضا ءَ وَتَجري المَقاديرُ في اللَولَبِ +وَتِلكَ الأَواعي بِأَيمانِهِم حَقائِبُ فيها الغَدُ المُختَبي +فَفيها الَّذي إِن يُقِم لا يُعَدَّ مِنَ الناسِ أَو يَمضِ لا يُحسَبِ +وَفيها اللِواءُ وَفيها المَنا رُ وَفيها التَبيعُ وَفيها النَبي +وَفيها المُؤَخَّرُ خَلفَ الزِحا مِ وَفيها المُقَدَّمُ في المَوكِبِ +جَميلٌ عَلَيهِم قَشيبُ الثِيا بِ وَما لَم يُجَمَّل وَلَم يَقشِبِ +كَساهُم بَنانُ الصِبا حُلَّةً أَعَزَّ مِن المِخمَلِ المُذهَبِ +وَأَبهى مِنَ الوَردِ تَحتَ النَدى إِذا رَفَّ في فَرعِهِ الأَهدَبِ +وَأَطهَرَ مِن ذَيلِها لَم يَلُمّ مِنَ الناسِ ماشٍ وَلَم يَسحَبِ +قَطيعٌ يُزَجّيهِ راعٍ مِنَ الدَه رِ لَيسَ بِلَينٍ وَلا صُلَّبِ +أَهابَت هِرواتُهُ بِالرِفا قِ وَنادَت عَلى الحُيَّدِ الهُرَّبِ +وَصَرَّفَ قُطعانَهُ فَاِستَبَدّ وَلَم يَخشَ شَيئاً وَلَم يَرهَبِ +أَرادَ لِمَن شاءَ رَعيَ الجَدي بِ وَأَنزَلَ مَن شاءَ بِالمُخصِبِ +وَرَوّى عَلى رِيِّها الناهلا تِ وَرَدَّ الظِماءَ فَلَم تَشرَبِ +وَأَلقى رِقاباً إِلى الضارِبي نَ وَضَنَّ بِأُخرى فَلَم تُضرَبِ +وَلَيسَ يُبالي رِضا المُستَري حِ وَلا ضَجَرَ الناقِمِ المُتعَبِ +وَلَيسَ بِمُبقٍ عَلى الحاضِري نَ وَلَيسَ بِباكٍ عَلى الغُيَّبِ +فَيا وَيحَهُم هَل أَحَسّوا الحَيا ةَ لَقَد لَعِبوا وَهيَ لَم تَلعَبِ +تُجَرِّبُ فيهِم وَما يَعلَمو نَ كَتَجرُبَةِ الطِبِّ في الأَرنَبِ +سَقَتهُم بِسُمٍّ جَرى في الأُصو لِ وَرَوّى الفُروعَ وَلَم يَنضُبِ +وَدارَ الزَمانُ فَدالَ الصِبا وَشَبَّ الصِغارُ عَنِ المَكتَبِ +وَجَدَّ الطِلابُ وَكَدَّ الشَبا بُ وَأَوغَلَ في الصَعبِ فَالأَصعَبِ +وَعادَت نَواعِمُ أَيّامِهِ سِنينَ مِنَ الدَأَبِ المُنصِبِ +وَعُذِّبَ بِالعِلمِ طُلّابُهُ وَغَصّوا بِمَنهَلِهِ الأَعذَبِ +رَمَتهُم بِهِ شَهَواتُ الحَيا ةِ وَحُبُّ النَباهَةِ وَالمَكسَبِ +وَزَهو الأُبُوَّةِ مِن مُنجِبٍ يُفاخِرُ مَن لَيسَ بِالمُنجِبِ +وَعَقلٌ بَعيدُ مَرامي الطِما حِ كَبيرُ اللُبانَةِ وَالمَأرَبِ +وَلوعُ الرَجاءِ بِما لَم تَنَل عُقولُ الأَوالي وَلَم تَطلُبِ +تَنَقَّلَ كَالنَجمِ مِن غَيهَبٍ يَجوبُ العُصورَ إِلى عَيهَبِ +قَديمُ الشُعاعِ كَشَمسِ النَها رِ جَديدٌ كَمِصباحِها المُلهِبِ +أَبُقراطُ مِثلُ اِبنِ سينا الرَئي سِ وَهوميرُ مِثلُ أَبي الطَيِّبِ +وَكُلُّهُمو حَجَرٌ في البِنا ءِ وَغَرسٌ مِنَ المُثمِرِ المُعقِبِ +تُؤَلِفُهُم في ظِلالِ الرَخا ءِ وَفي كَنَفِ النَسَبِ الأَقرَبِ +وَتَكسِرُ فيهِم غُرورَ الثَرا ءِ وَزَهوَ الوِلادَةِ وَالمَنصِبِ +بُيوتٌ مُنَزَّهَةٌ كَالعَتي قِ وَإِن لَم تُسَتَّر وَلَم تُحجَبِ +يُداني ثَراها ثَرى مَكَّةٍ وَيَقرُبُ في الطُهرِ مِن يَثرِبِ +إِذا ما رَأَيتَهُمو عِندَها يَموجونَ كَالنَحلِ عِندَ الرُبى +رَأَيتَ الحَضارَةَ في حُصنِها هُناكَ وَفي جُندِها الأَغلَبِ +وَتَعرِضُهُم مَوكِباً مَوكِباً وَتَسأَلُ عَن عَلَمِ المَوكِبِ +دَعِ الحَظَّ يَطلَع بِهِ في غَدٍ فَإِنَّكَ لَم تَدرِ مَن يَجتَبي +لَقَد زَيَّنَ الأَرضَ بِالعَبقَرِيِّ مُحَلّي السَماواتِ بِالكَوكَبِ +وَخَدَّشَ ظُفرُ الزَمانِ الوُجو هَ وَغَيَّضَ مِن بِشرِها المُعجِبِ +وَغالَ ال��َداثَةَ شَرخُ الشَبا بِ وَلَو شِيَتِ المُردُ في الشُيَّبِ +سَرى الشَيبُ مُتَّئِداً في الرُؤو سِ سُرى النارِ في المَوضِعِ المُعشِبِ +حَريقٌ أَحاطَ بِخَيطِ الحَيا ةِ تَعَجَّبتُ كَيفَ عَلَيهِم غَبي +وَمَن تُظهِرِ النارُ في دارِهِ وَفي زَرعِهِ مِنهُمو يَرعَبِ +قَدِ اِنصَرَفوا بَعدَ عِلمِ الكِتا بِ لِبابٍ مِنَ العِلمِ لَم يُكتَبِ +حَياةٌ يُغامِرُ فيها اِمرُؤٌ تَسَلَّحَ بِالنابِ وَالمِخلَبِ +وَصارَ إِلى الفاقَةِ اِبنُ الغَنِيّ وَلاقى الغِنى وَلَدُ المُترَبِ +وَقَد ذَهَبَ المُمتَلي صِحَّةً وَصَحَّ السَقيمُ فَلَم يَذهَبِ +وَكَم مُنجِبٍ في تَلَقِّ الدُرو سِ تَلَقّى الحَياةَ فَلَم يُنجِبِ +وَغابَ الرِفاقُ كَأَن لَم يَكُن بِهِم لَكَ عَهدٌ وَلَم تَصحَبِ +إِلى أَن فَنوا ثَلَّةً ثَلَّةً فَناءَ السَرابِ عَلى السَبسَبِ +السِحرُ مِن سودِ العُيونِ لَقيتُهُ وَالبابِلِيُّ بِلَحظِهِنَّ سُقيتُهُ +الفاتِراتِ وَما فَتَرنَ رِمايَةً بِمُسَدَّدٍ بَينَ الضُلوعِ مَبيتُهُ +الناعِساتِ الموقِظاتِ لِلهَوى المُغرِياتِ بِهِ وَكُنتُ سَليتُهُ +القاتِلاتِ بِعابِثٍ في جَفنِهِ ثَمِلُ الغِرارِ مُعَربَدٌ إِصليتُهُ +الشارِعاتِ الهُدبَ أَمثالَ القَنا يُحيِ الطَعينَ بِنَظرَةٍ وَيُميتُهُ +الناسِجاتِ عَلى سَواءِ سُطورِهِ سَقَماً عَلى مُنوالِهِنَّ كُسيتُهُ +وَأَغَنَّ أَكحَلَ مِن مَها بِكَفَّية عَلِقَت مَحاجِرُهُ دَمي وَعَلِقتُهُ +لُبنانُ دارَتُهُ وَفيهِ كِناسُهُ بَينَ القَنا الخَطّارِ خُطَّ نَحَيتُهُ +السَلسَبيلُ مِنَ الجَداوِلِ وَردُهُ وَالآسُ مِن خُضرِ الخَمائِلِ قوتُهُ +إِن قُلتُ تِمثالَ الجَمالِ مُنَصَّباً قالَ الجَمالُ بِراحَتَيَّ مَثَلتُهُ +دَخَلَ الكَنيسَةَ فَاِرتَقَبتُ فَلَم يُطِل فَأَتَيتُ دونَ طَريقِهِ فَزَحَمتُهُ +فَاِزوَرَّ غَضباناً وَأَعرَضَ نافِراً حالٌ مِنَ الغيدِ المِلاحِ عَرَفتُهُ +فَصَرَفتُ تِلعابي إِلى أَترابِهِ وَزَعَمتُهُنَّ لُبانَتي فَأَغَرتُهُ +فَمَشى إِلَيَّ وَلَيسَ جُؤذَرٍ وَقَعَت عَلَيهِ حَبائِلي فَقَنَصتُهُ +قَد جاءَ مِن سِحرِ الجُفونِ فَصادَني وَأَتَيتُ مِن سِحرِ البَيانِ فَصدتُهُ +لَمّا ظَفَرتُ بِهِ عَلى حَرَمِ الهُدى لِاِبنِ البَتولِ وَلِلصَلاةِ وَهبتُهُ +قالَت تَرى نَجمَ البَيانِ فَقُلتُ بَل أُفقُ البَيانِ بِأَرضِكُم يَمَّمتُهُ +بلغ السُها بِشُموسِهِ وَبُدورِهِ لُبنانُ وَاِنتَظَمَ المَشارِقَ صيتُهُ +مِن كُلِّ عالي القَدرِ مِن أَعلامِهِ تَتَهَلَّلُ الفُصحى إِذا سُمّيتُهُ +حامي الحَقيقَةِ لا القَديمَ يَؤودُهُ حِفظاً وَلا طَلَبُ الجَديدِ يَفوتُهُ +وَعَلى المَشيدِ الفَخمِ مِن آثارِهِ خُلقٌ يُبينُ جَلالُهُ وَثُبوتُهُ +في كُلِّ رابِيَةٍ وَكُلِّ قَرارَةٍ تِبرُ القَرائِحِ في التُرابِ لَمَحتُهُ +أَقبَلتُ أَبكي العِلمَ حَولَ رُسومِهِم ثُمَّ اِنثَنَيتُ إِلى البَيانِ بَكَيتُهُ +لُبنانُ وَالخُلدُ اِختِراعُ اللَهِ لَم يوسَمَ بِأَزيَنَ مِنهُما مَلَكوتُهُ +هُوَ ذِروَةٌ في الحُسنِ غَيرُ مَرومَةٍ وَذَرا البَراعَةِ وَالحِجى بَيروتُهُ +مَلِكُ الهِضابِ الشُمِّ سُلطانُ الرُبى هامُ السَحابِ عُروشُهُ وَتُخوتُهُ +سيناءُ شاطَرَهُ الجَلالَ فَلا يُرى إِلّا لَهُ سُبُحاتُهُ وَسُموتُهُ +وَالأَبلَقُ الفَردُ اِنتَهَت أَوصافُهُ في السُؤدُدِ العالي لَهُ وَنُعوتُهُ +جَبَلٌ عَن آذارَ يُزرى صَيفُهُ وَشِتائُهُ يَئِدِ القُرى جَبَروتُهُ +أَبهى مِنَ الوَشِيِ الكَريمِ مِروجُهُ وَأَلَذُّ مِن عَطَلِ النُحورِ مُروتُهُ +يَغشى رَوابيهِ عَلى كافورِها مِسكُ الوِهادِ فَتيقُهُ وَفَتيتُهُ +وَكَأَنَّ أَيّامَ الشَبابِ رُبوعُهُ وَكَأَنَّ أَحلامَ الكِعابِ بُيوتُهُ +وَكَأَنَّ رَيعانَ الصِبا رَيحانُهُ سِرَّ السُرورِ يَجودُهُ وَيَقوتُهُ +وَكَأَنَّ أَثداءَ النَواهِدِ تينُهُ وَكَأَنَّ أَقراطَ الوَلائِدِ توتُهُ +وَكَأَنَّ هَمسَ القاعِ في أُذُنِ الصَفا صَوتُ العِتابِ ظُهورُهُ وَخُفوتُهُ +وَكَأَنَّ ماءَهُما وَجَرسَ لُجَينِهِ وَضحُ العَروسِ تَبينُهُ وَتُصيتُهُ +زُعَماءُ لُبنانٍ وَأَهلَ نَدِيِّهِ لُبنانُ في ناديكُمو عَظَمتُهُ +قَد زادَني إِقبالُكُم وَقُبولُكُم شَرَفاً عَلى الشَرَفِ الَّذي أُولٍيتُهُ +تاجُ النِيابَةِ في رَفيعِ رُؤوسِكُم لَم يُشرَ لُؤلُؤُهُ وَلا ياقوتُهُ +موسى عَدُوُّ الرِقِّ حَولَ لِوائِكُم لا الظُلمُ يُرهِبُهُ وَلا طاغوتُهُ +أَنتُم وَصاحِبُكُم إِذا أَصبَحتُموا كَالشَهرِ أَكمَلَ عُدَّةً مَوقوتُهُ +هُوَ غُرَّةُ الأَيّامِ فيهِ وَكُلُّكُم آحادُهُ في فَضلِها وَسُبوتُهُ +صَرحٌ عَلى الوادي المُبارَكِ ضاحي مُتَظاهِرُ الأَعلامِ وَالأَوضاحِ +ضافي الجَلالَةِ كَالعَتيقِ مُفضَلٌ ساحاتِ فَضلٍ في رِحابِ سَماحِ +وَكَأَنَّ رَفرَفَهُ رِواقٌ مِن ضُحىً وَكَأَنَّ حائِطَهُ عَمودُ صَباحِ +الحَقُّ خَلفَ جَناحٍ اِستَذرى بِهِ وَمَراشِدُ السُلطانِ خَلفَ جَناحِ +هُوَ هَيكَلُ الحُرِيَّةِ القاني لَهُ ما لِلهَياكِلِ مِن فِدىً وَأَضاحِ +يَبني كَما تُبنى الخَنادِقُ في الوَغى تَحتَ النِبالِ وَصَوبِها السَحّاحِ +يَنهارُ الاِستِبدادُ حَولَ عِراصِهِ مِثلَ اِنهِيارِ الشِركِ حَولَ صَلاحِ +وَيُكَبُّ طاغوتُ الأُمورِ لِوَجهِهِ مُتَحَطِّمَ الأَصنامِ وَالأَشباحِ +هُوَ ما بَنى الأَعزالُ بِالراحاتِ أَو هُوَ ما بَنى الشُهَداءُ بِالأَرواحِ +أَخَذَتهُ مِصرُ بكُلِّ يَومٍ قاتِمٍ وَردِ الكَواكِبِ أَحمَرِ الإِصباحِ +هَبَّت سِماحاً بِالحَياةِ شَبابُها وَالشَيبُ بِالأَرماقِ غَيرُ شِحاحِ +وَمَشَت إِلى الخَيلِ الدَوارِعِ وَاِنبَرَت لِلظافِرِ الشاكي بِغَيرِ سِلاحِ +وَقَفاتُ حَقٍّ لَم تَقِفها أُمَّةٌ إِلّا اِنثَنَت آمالُها بِنَجاحِ +وَإِذا الشُعوبُ بَنَوا حَقيقَةَ مُلكِهِم جَعَلوا المَآتِمَ حائِطَ الأَفراحِ +بُشرى إِلى الوادي تَهُزُّ نَباتَهُ هَزَّ الرَبيعِ مَناكِبَ الأَدواحِ +تَسري مُلَمَّحَةَ الحُجولِ عَلى الرُبى وَتَسيلُ غُرَّتُها بِكُلِّ بِطاحِ +اِلتامَتِ الأَحزابُ بَعدَ تَصَدُّعٍ وَتَصافَتِ الأَقلامُ بَعدَ تَلاحي +سُحِبَت عَلى الأَحقادِ أَذيالُ الهَوى وَمَشى عَلى الضِغنِ الوِدادُ الماحي +وَجَرَت أَحاديثُ العِتابِ كَأَنَّها سَمَرٌ عَلى الأَوتارِ وَالأَقداحِ +تَرمي بِطَرفِكَ في المَجامِعِ لا تَرى غَيرَ التَعانُقِ وَاِشتِباكِ الراحِ +شَمسَ النَهارِ تَعَلَّمي الميزانَ مِن سَعدِ الدِيارِ وَشَيخِها النَضّاحِ +ميلي اِنظُريهِ في النَدِيِّ كَأَنَّهُ عُثمانُ عَن أُمِّ الكِتابِ يُلاحي +كَم تاجِ تَضحِيَةٍ وَتاجِ ��َرامَةٍ لِلعَينِ حَولَ جَبينِهِ اللَمّاحِ +وَالشَيبُ مُنبَثِقٌ كَنورِ الحَقِّ مِن فَودَيهِ أَو فَجرِ الهُدى المِنصاحِ +لَبّى أَذانَ الصُلحِ أَوَّلَ قائِمٍ وَالصُلحُ خُمسُ قَواعِدُ الإِصلاحِ +سَبَقَ الرِجالَ مُصافِحاً وَمُعانِقاً يُمنى السَماحِ وَهَيكَلَ الإِسحاجِ +عَدلى الجَليلِ اِبنِ الجَليلِ مِنَ المَلا وَالماجِدِ اِبنِ الماجِدِ المِسماحِ +حُلوُ السَجِيَّةِ في قَناةٍ مُرَّةٍ ثَمِلُ الشَمائِلِ في وَقارٍ صاحِ +شَتّى فَضائِلَ في الرِجالِ كَأَنَّها شَتّى سِلاحٍ مِن قَنا وَصِفاحِ +فَإِذا هِيَ اِجتَمَعَت لِمُلكِ جَبهَةً كانَت حُصونَ مَناعَةٍ وَنِطاحِ +اللَهُ أَلَّفَ لِلبِلادِ صُدورَها مِن كُلِّ داهِيَةٍ وَكُلِّ صُراحِ +وَزُراءُ مَملَكَةٍ وَدَعائِمُ دَولَةٍ أَعلامُ مُؤتَمَرٍ أُسودُ صَباحِ +يَبنونَ بِالدُستورِ حائِطَ مُلكِهِم لا بِالصِفاحِ وَلا عَلى الأَرماحِ +وَجَواهِرُ التيجانِ ما لَم تُتَّخَذ مِن مَعدِنِ الدُستورِ غَيرُ صِحاحِ +اِحتَلَّ حِصنَ الحَقِّ غَيرُ جُنودِهِ وَتَكالَبَت أَيدٍ عَلى المِفتاحِ +ضَجَّت عَلى أَبطالِها ثُكُناتُهُ وَاِستَوحَشَت لِكُماتِها النُزّاحِ +هُجِرَت أَرائِكُهُ وَعُطِّلَ عودُهُ وَشَلا مِنَ الغادينَ وَالروّاحِ +وَعَلاهُ نَسجُ العَنكَبوتِ فَزادَهُ كَالغارِ مِن شَرَفٍ وَسِمتِ صَلاحِ +قُل لِلبَنينِ مَقالَ صِدقٍ وَاِقتَصِد ذَرعُ الشَبابِ يَضيقُ بِالنُصّاحِ +أَنتُم بَنو اليَومَ العَصيبِ نَشَأتُمو في قَصفِ أَنواءٍ وَعَصفِ رِياحِ +وَرَأَيتُمو الوَطَنَ المُؤَلَّفَ صَخرَةً في الحادِثاتِ وَسَيلِها المُجتاحِ +وَشَهِدتُمو صَدعَ الصُفوفِ وَما جَنى مِن أَمرِ مُفتاتٍ وَنَهيِ وَقاحِ +صَوتُ الشُعوبِ مِنَ الزَئيرِ مُجَمَّعاً فَإِذا تَفَرَّقَ كانَ بَعضَ نُباحِ +أَظمَتكُموُ الأَيّامُ ثُمَّ سَقَتكُمو رَنَقاً مِنَ الإِحسانِ غَيرَ قَراحِ +وَإِذا مُنِحتَ الخَيرَ مِن مُتَكَلِّفٍ ظَهَرَت عَلَيهِ سَجِيَّةُ المَنّاحِ +تَرَكتُكُمو مِثلَ المَهيضِ جَناحُهُ لا في الحِبالِ وَلا طَليقَ سَراحِ +مَن صَيَّرَ الأَغلالَ زَهرَ قَلائِدٍ وَكَسا القُيودَ مَحاسِنَ الأَوضاحِ +إِنَّ الَّتي تَبغونَ دونَ مَنالِها طولُ اِجتِهادٍ وَاِضطِرادُ كِفاحِ +سيروا إِلَيها بِالأَناةِ طَويلَةً إِنَّ الأَناةَ سَبيلُ كُلِّ فَلاحِ +وَخُذوا بِناءَ المُلكِ عَن دُستورِكُم إِنَّ الشِراعَ مُثَقِّفُ المَلّاحِ +يا دارَ مَحمودٍ سَلِمتِ وَبورِكَت أَركانُكِ الهرَمِيَّةُ الصُفّاحِ +وَاِزدَدتِ مِن حُسنِ الثَناءِ وَطيبِهِ حَجَراً هُوَ الدُرِيُّ في الأَمداحِ +الأُمَّةُ اِنتَقَلَت إِلَيكِ كَأَنَّما أَنزَلتِها مِن بَيتِها بِجَناحِ +بَرَكاتُ شَيخٍ بِالصَعيدِ مُحَمَّلٌ عِبءَ السِنينَ مُؤَمَّلٍ نَفّاحِ +بِالأَمسِ جادَ عَلى القَضِيَّةِ بِاِبنِهِ وَاليَومَ آواها بِأَكرَمَ ساحِ +أَعُقابٌ في عَنانِ الجَوِّ لاح أَم سَحابٌ فَرَّ مِن هَوجِ الرِياح +أَم بِساطُ الريحِ رَدَّتهُ النَوى بَعدَ ما طَوَّفَ في الدَهرِ وَساح +أَو كَأَنَّ البُرجَ أَلقى حوتَهُ فَتَرامى في السَماواتِ الفِساح +أَقبَلَت مِن بُعُدٍ تَحسَبُها نَحلَةً عَنَّت وَطَنَّت في الرِياح +يا سِلاحَ العَصرِ بُشِّرنا بِهِ كُلُّ عَصرٍ بِكَمِيٍّ وَسِلاح +إِنَّ ع��زّاً لَم يُظَلَّل في غَدٍ بِجَناحَيكَ ذَليلٌ مُستَباح +فَتَكاثَر وَتَأَلَّف فَيلَقاً تَعصِمُ السِلمَ وَتَعلو لِلكِفاح +مِصرُ لِلطَيرِ جَميعاً مَسرَحٌ ما لَنا فيهِ ذُنابى أَو جَناح +رُبَّ سِربٍ قاطِعٍ مَرَّ بِهِ هَبَطَ الأَرضَ مَلِيّاً وَاِستَراح +لِمَ لا يُفتَنُ فِتيانَ الحِمى ذَلِكَ الإِقدامُ أَو ذاكَ الطِماح +مِن فَتىً حَلَّ مِنَ الجَوِّ بِهِم فَتَلَقّوهُ عَلى هامٍ وَراح +إِنَّهُ أَوَّلُ عُصفورٍ لَهُم هَزَّ في الجَوِّ جَناحَيهِ وَصاح +دَبَّت الهِمَّةُ فيهِ وَمَشَت عَزَماتٌ مِنكَ يا حَربُ صِحاح +ناطَحَ النَجمَ فَتىً عَلَّمتُهُ في حَياةٍ حُرَّةٍ كَيفَ النِطاح +لَكَ في الأَجيالِ تِمثالٌ مَشى وَجَدوا الرُشدَ عَلَيهِ وَالصَلاح +جاوَزَ النيلَ وَعَبرَيهِ إِلى أَكَمِ الشامِ وَهاتيكَ البِطاح +فارِسَ الجَوِّ سَلامٌ في الذُرى وَعَلى الماءِ وَمِن كُلِّ النَواح +ثِب إِلىالنَجمِ وَزاحِم رُكنَهُ وَاِمتَلِئ مِن خُيَلاءٍ وَمِراح +إِنَّ هَذا الفَتحَ لا عَهدَ بِهِ لِضِفافِ النيلِ مِن عَهدِ فِتاح +تِلكَ أَبوابُ السَماءِ اِنفَتَحَت ما وَراءَ البابِ يا طَيرَ النَجاح +أَسَماءُ النيلِ أَيضاً حَرَمٌ مِن طَريقِ الهِندِ أَم جَوٌّ مُباح +عَينُ شَمسٍ مُلِأَت مِن مَوكِبٍ كانَ لِلأَبطالِ أَحياناً يُتاح +رُبَّما جَلَّلَ وَجهَ الأَرضِ أَو رُبَّما سَدَّ عَلى الشَمسِ السَراح +إِن يَفُتهُ الجَيشُ أَو رَوَّعتُهُ لَم يَفُتهُ النَشَأُ الزُهرُ الصِباح +وَفِدى فائِزَةٍ سُمرُ القَنا وَفِدى حارِسِها بيضُ الصِفاح +وَلَقَد أَبطَأَت حَتّى لَم يَنَم لِلحِمى لَيلٌ وَلَم يَنعَم صَباح +فَاِبتَغي العُذرَ كِرامٌ وَاِنبَرَت أَلسُنٌ في الثَلمِ وَالهَدمِ فِصاح +تَلتَوي الخَيلُ عَلى راكِبِها كَيفَ بِالعاصِفِ في يَومِ الجِماح +لَيسَ مَن يَركَبُ سَرجاً لَيِّناً مِثلَ مَن يَركَبُ أَعرافَ الرِياح +سِر رُوَيداً في فَضاءٍ سافِرٍ ضاحِكِ الصَفحَةِ كَالفِردَوسِ صاح +طَرَفَت عَيناً بِهِ الشَمسُ فَلَو خُيِّرَت لَم تَتَحَفَّز لِلرَواح +وَتَكادُ الطَيرُ مِن خِفَّتِهِ تَتَعالى فيهِ مِن غَيرِ جَناح +قِف تَأَمَّل مِن عُلُوٍّ قُبَّةً رُفِعَت لِلفَصلِ وَالرَأيِ الصُراح +نَزَلَ النُوّابُ فيها فِتيَةً في جَناحٍ وَشُيوخاً في جَناح +حَمَلوا الحَقَّ وَقاموا دونَهُ كَرَعيلِ الخَيلِ أَو صَفِّ الرِماح +يا أَبا الفاروقِ مَن تَرعى فَفي كَنَفِ الفَضلِ وَفي ظِلِّ السِماح +أَنتَ مِن آباؤُكِ السُحبُ وَما في بِناءِ السُحُبِ الأَيدي الشِحاح +يَدُكَ السَمحَةُ في الخَيرِ وَفي هِمَّةِ الغَرسِ وَفي أُسوِ الجِراح +نَحنُ أَفلَحنا عَلى الأَرضِ بِكُم وَرَجَونا في السَماواتِ الفَلاح +قُم سابِقِ الساعَةَ وَاِسبِق وَعدَها الأَرضُ ضاقَت عَنكَ فَاِصدَع غِمدَها +وَاِملَأ رِماحاً غَورَها وَنَجدَها وَاِفتَح أُصولَ النيلِ وَاِستَرِدَّها +شَلّالَها وَعَذبَها وَعِدَّها وَاِصرِف إِلَينا جَزرَها وَمَدَّها +تِلكَ الوُجوهُ لا شَكَونا فَقدَها بَيَّضَتِ القُربى لَنا مُسوَدَّها +سُلِلَت مِن وادي المُلوكِ فَاِزدَهى وَأَلقَتِ الشَمسُ عَلَيهِ رَأدَها +وَاِستَرجَعَت دَولَتُهُ إِفرِندَها أَبيَضَ رَيّانَ المُتونِ وَردَها +أَبلى ظُبى الدَهرِ وَفَلَّ حَدَّها وَأَخلَقَ العُصورَ وَاِستَجَدَّها +سافَرَ أَربَعينَ قَرناً عَدَّها حَتّى أَتى الدارَ فَأَلفى عِندَها +إِنجِلتِرا وَجَيشَها وَلوردَها مَسلولَةَ الهِندِيِّ تَحمي هِندَها +قامَت عَلى السودانِ تَبني سَدَّها وَرَكَزَت دونَ القَناةِ بَندَها +فَقالَ وَالحَسرَةُ ما أَشَدَّها لَيتَ جِدارَ القَبرِ ما تَدَهدَها +وَلَيتَ عَيني لَم تُفارِق رَقدَها قُم نَبِّني يا بَنتَؤورُ ما دَها +مِصرُ فَتاتي لَم تُوَقِّر جَدَّها دَقَّت وَراءَ مَضجَعي جازَبَندَها +وَخَلَطَت ظِباءَها وَأُسدَها وَسَكَبَ الساقي الطِلا وَبَدَّها +قَد سَحَبَت عَلى جَلالي بُردَها لَيتَ جَلالَ المَوتِ كانَ صَدَّها +فَقُلتُ يا ماجِدَها وَجَعدَها لَو لَم تَكُ اِبنَ الشَمسِ كُنتَ رِئدَها +لَحدُكَ وَدَّتهُ النُجومُ لَحدَها أَرَيتَنا الدُنيا بِهِ وَجِدَّها +سُلطانَها وَعِزَّها وَرَغدَها وَكَيفَ يُعطى المُتَّقونَ خُلدَها +آثارُكُم يُخطي الحِسابُ عَدَّها اِنهَدَمَ الدَهرُ وَلَم يَهُدَّها +أَبوابُكَ اللاتي قَصَدنا قَصدَها كارتِرُ في وَجهِ الوُفودِ رَدَّها +لَولا جُهودٌ لا نُريدُ جَحدَها وَحُرمَةٌ مِن قُربِكَ اِستَمَدَّها +قُلتُ لَكَ اِضرِب يَدَهُ وَقُدَّها وَاِبعَث لَهُ مِنَ البَعوضِ نُكدَها +مِصرُ الفَتاةُ بَلَغَت أَشُدَّها وَأَثبَتَ الدَمُ الزَكِيُّ رُشدَها +وَلَعِبَت عَلى الحِبالِ وَحدَها وَجَرَّبَت إِرخائَها وَشَدَّها +فَأَرسَلَت دُهاتَها وَلُدَّها في الغَربِ سَدّوا عِندَهُ مَسَدَّها +وَبَعَثَت لِلبَرلَمانِ جُندَها وَحَشَدَت لِلمِهرَجانِ حَشدَها +حَدَت إِلَيهِ شيبَها وَمُردَها وَأَبرَزَت كِعابَها وَخَودَها +وَنَثَرَت فَوقَ الطَريقِ وَردَها وَاِستَقبَلَت فُؤادَها وَوَفدَها +مَوئِلَها وَكَهفَها وَرِدَّها وَاِبنَ الَّذينَ قَوَّموا مَقَدَّها +وَأَلَّفوا بَعدَ اِنفِراطٍ عِقدَها وَجَعَلوا صَحراءَ ليبيا حَدَّها +وَبَسَطوا عَلى الحِجازِ أَيدَها وَصَيَّروا العاتِيَ فيهِ عَبدَها +حَتّى أَتى الدارَ الَّتي أَعَدَّها لِمِصرَ تَبني في ذَراها مَجدَها +فَثَبَّتَ الشورى وَشَدَّ عَقدَها وَقَلَّدَ الجيلَ السَعيدَ عَهدَها +سُلطَتُهُ إِلى بَنينا رَدَّها +يا رَبِّ قَوِّ يَدَها وَشُدَّها وَاِفتَح لَها السُبلُ وَلا تَسُدَّها +وَقِس لِكُلِّ خُطوَةٍ ما بَعدَها وَعَن صَغيراتِ الأُمورِ حُدَّها +وَاِصرِف إِلى جِدِّ الشُؤونِ جَدَّها وَلا تُضِع عَلى الضَحايا جُهدَها +وَاِكبَح هَوى الأَنفُسِ وَاِكسِر حِقدَها وَاِجمَع عَلى الأُمِّ الرَؤومِ وِلدَها +وَاِملَأ بِأَلبانِ النُبوغِ نَهدَها وَلا تَدَعها تُحيِ مُستَبِدَها +وَتَنتَحِت بِراحَتَيها فَردَها +قِف بِهَذا البَحرِ وَاُنظُر ما غَمَر مَظهَرَ الشَمسِ وَإِقبالَ القَمَر +وَاَعرِضِ المَوجَ مَلِيّاً هَل تَرى غَمرَةً أَودَت بِخَوّاصِ الغُمَر +أَخَذَت ناحِيَةَ الحَقِّ بِهِ وَسَبيلَ الناسِ في خالي العُصُر +مَنَعَ اللُبثَ وَإِن طالَ المَدى فَلَكٌ ما لِعَصاهُ مُستَقَر +دائِرُ الدولابِ بِالناسِ عَلى جانِبَيهِ المُرتَقى وَالمُنحَدَر +نَقَضَ الإيوانَ مِن آساسِهِ وَأَتى الأَهرامَ مِن أُمِّ الحُجَر +وَمَحا الحَمراءَ إِلّا عَمَداً نَزعُها مِن عَضُدِ الأَرضِ عَسِر +أَينَ رومِيَّةُ ما قَيصَرُها ما لَياليها المُرِن��اتُ الوَتَر +أَينَ وادي الطَلحِ وَاللائي بِهِ مِن دُمىً يَسحَبنَ في المِسكِ الحِبَر +أَينَ نابِلِيونُ ما غاراتُهُ شَنَّها الدَهرُ عَلَيهِ مِن غِيَر +أَيُّها الساكِنُ في ظِلِّ المُنى نَم طَويلاً قَد تَوَسَّدتَ الزَهَر +شَجَرٌ نامٍ وَظِلٌّ سابِغٌ بَيدَ أَنَّ الصِلَّ في أَصلِ الشَجَر +يَذَرُ المَرءُ وَيَأتي ما اِشتَهى وَقَضاءُ اللَهِ يَأتي وَيَذَر +كُلُّ مَحمولٍ عَلى النَعشِ أَخٌ لَكَ صافٍ وُدُّهُ بَعدَ الكَدَر +إِن تَكُن سِلماً لَهُ لَم يَنتَفِع أَو تَكُن حَرباً فَقَد فاتَ الضَرَر +راكِبَ البَحرِ أَمَوجٌ ما تَرى أَم كِتابُ الدَهرِ أَم صُحفُ القَدَر +لُجَّةٌ كَاللَوحِ لا يُحصى عَلى قَلَمِ القُدرَةِ فيها ما سُطِر +فَتَلَفَّت وَتَنَسَّم حِكمَةً وَاِلمِس العِبرَةَ مِن بَينِ الفِقَر +وَتَأَمَّل مَلعَباً أَعجَبُهُ آيَةً جانِبُهُ المُرخى السُتُر +هَهُنا تَمشي الجَواري مَرَحاً وَجَواري الدَهرِ يَمشينَ الخَمَر +رُبَّ سَيفٍ ضَرَبَ الجَمعُ بِهِ في كُنوزِ البَحرِ مَطروحَ الكِسَر +وَنِجادَ لَم يُطاوَل ضَحوَةً نالَهُ الفَجرُ عِشاءً بِالقِصَر +وَسَفينَ آمِرٍ فيها البِلى طالَما أَوحَت إِلَيهِ فَأتَمَر +وَوُجوهٍ ذَهَبَ الماءُ بِها في نَهارِ الفَرقِ أَو لَيلِ الشَعَر +وَعُيونٍ ساجِياتٍ سُجِّيَت بِرُفاتِ السِحرِ أَو فَلِّ الحَوَر +قُل لِلَيثٍ خُسِفَ الغيلُ بِهِ بَينَ طِمٍّ وَظَلامٍ مُعتَكِر +اُنظُرِ الفُلكَ أَمِنها أَثَرٌ هَكَذا الدُنيا إِذا المَوتُ حَضَر +هَذِهِ مَنزِلَةٌ لَو زِدتَها ضاقَ عَنكَ السَعدُ أَو ضاقَ العُمُر +فَاِمضِ شَيخاً في هَوى المَجدِ قَضى رَحمَةَ المَجدِ وَرِفقاً بِالكِبَر +ميتَةٌ لَم تَلقَ مِنها عَلَزاً مِن وَقارِ اللَيثِ أَن لا يُحتَضَر +أَنتُمُ القَومُ حِمى الماءِ لَكُم يَرجِعُ الوِردُ إِلَيكُم وَالصَدَر +لُجَجُ الدَأماءِ أَوطانٌ لَكُم وَمِنَ الأَوطانِ دورٌ وَحُفَر +لَستَ في البَحرِ وَحيداً فَاِستَضِف فيهِ آباءَكَ تَنزِل بِالدُرَر +رَسَبوا فيهِ كِراماً وَطَفا طائِفُ النَصرِ عَلَيهِم وَالظَفَر +نَشَأَ النيلُ إِلَيكُم سيرَةً لَكُمو فيها عِظاتٌ وَعِبَر +إِقرَأوها يُكشَفُ العَصرُ لَكُم كُلُّ عَصرٍ بِرِجالٍ وَسِيَر +لا تَقولوا شاعِرُ الوادي غَوى مَن يُغالِط نَفسَهُ لا يُعتَبَر +مَوقِفُ التاريخِ مِن فَوقِ الهَوى وَمَقامُ المَوتِ مِن فَوقِ الهَذَر +لَيسَ مَن ماتَ بِخافٍ عَنكُمو أَو قَليلِ الفِعلِ فيكُم وَالأَثَر +شِدتُمو دُنياهُ في أَحسَنِها غَزوَةَ السودانِ وَالفَتحِ الأَغَر +وَبَنى مَملَكَةَ النوبِ بِكُم فَاِذكُروا القَتلى وَلا تَنسوا البِدَر +وَاِحذَروا مِن قِسمَةِ النيلِ فَيا ضَيعَةَ الوادي إِذا النيلُ شُطِر +رَجُلٌ لَيسَ اِبنَ قارونَ وَلا بِاِبنِ عادِيٍّ مِنَ العَظمِ النَخِر +لَيسَ بِالزاخِرِ في العِلمِ وَلا هُوَ يَنبوعُ البَيانِ المُنفَجِر +رَضَعَ الأَخلاقَ مِن أَلبانِها إِنَّ لِلأَخلاقِ وَقعاً في الصِغَر +وَرَآها صورَةً في أُمَّةٍ وَمِنَ القُدوَةِ ما توحي الصُوَر +ذَلِكَ المَجدُ وَهَذي سُبلُهُ بَيِّنٌ فيها سُبلُ المُعتَذِر +أَبَعدَ الساعونَ يَبغونَ المَدى وَالمَدى في المَجدِ دانٍ لِنَفَر +كَجيادِ السَبقِ لَن تُغنِيَها أَدَواتُ السَبقِ ما تُغني الفِطَر +وَجَناحُ السِلمِ إِلّا أَنَّها ساعَةَ الرَوعِ جَناحٌ مِن سَقَر +مِن حَديدٍ جانِباها سابِغٍ رَبَضَ المَوتُ عَلَيهِ وَفَغَر +أَشبَهَت أَفواهُها أَعجازَها قُنفُذٌ في اليَمِّ مَشروعُ الإِبَر +أَرهَفَت سَمعَ العَصا وَاِكتَحَلَت إِثمِدَ الزَرقاءِ في عَرضِ السَدَر +وَتُؤَدّي القَولَ لا يَسبِقُها رُسُلُ الأَرواحِ في نَقلِ الفِكَر +خَطَرَت في مِحجَرَيها وَمَشَت بِعُيونِ المُلكِ في بَحرٍ وَبَر +غابَةٌ تَجري بِسُلطانِ الشَرى خادِراً مِن أَلفِ نابٍ وَظُفُر +وَإِذا المَوتُ إِلى النَفسِ مَشى وَرَكِبتَ النَجمَ بِالمَوتِ عَثَر +رُبَّ ثاوٍ في الظُبى مُمتَنِعٍ سَلَّهُ المِقدارُ مِن جَفنِ الحَذَر +تَسحَبُ الفولاذَ في مُلتَطَمٍ بِالعَوادي مُتَعالٍ مُعتَكِر +لَو أَشارَت جاءَها ساحِلُه في حَديدٍ وَعَديدٍ مُنتَصِر +أَو فَدى المَيِّتَ حَيٌّ فُدِيَت بِوَقاحٍ في الجَواري وَخِفَر +بَعَثَ البَحرُ بِها كَالمَوجِ مِن لُجَجِ السِندِ وَخُلجانِ الخَزَر +لَمَسَتها لِلمَقاديرِ يَدٌ تَلمَسُ الماءَ فَيَرمي بِالشَرَر +ضَرَبَتها وَهيَ سِرٌّ في الدُجى لَيسَ دونَ اللَهِ تَحتَ اللَيلِ سِر +وَجَفَت قَلباً وَخارَت جُؤجُؤاً وَنَزَت جَنباً وَناءَت مِن أُخَر +طُعِنَت فَاِنبَجَسَت فَاِستَصرَخَت فَأَتاها حينُها فَهيَ خَبَر +سَكَنَ الزَمانُ وَلانَتِ الأَقدارُ وَلِكُلِّ أَمرٍ غايَةٌ وَقَرارُ +أَرخى الأَعِنَّةَ لِلخُطوبِ وَرَدَّها فَلَكٌ بِكُلِّ فُجاءَةٍ دَوّارُ +يَجري بِأَمرٍ أَو يَدورُ بِضِدِّهِ لا النَقضُ يُعجِزُهُ وَلا الإِمرارُ +هَل آذَنَتنا الحادِثاتُ بِهُدنَةٍ وَهَل اِستَجابَ فَسالَمَ المِقدارُ +سُدِلَ السِتارُ وَهَل شَهِدتَ رِوايَةً لَم يَعتَرِضها في الفُصولِ سِتارُ +وَجَرَت فَما اِستَولَت عَلى الأَمَدِ المُنى وَعَدَت فَما حَوَتِ المَدى الأَوطارُ +دونَ الجَلاءِ وَدونَ يانِعِ وَردِهِ خُطُواتُ شَعبٍ في القَتادِ تُسارُ +وَبِناءُ أَخلاقٍ عَلَيهِ مِنَ النُهى سُوَرٌ وَمِن عِلمِ الزَمانِ إِطارُ +وَحَضارَةٌ مِن مَنطِقِ الوادي لَها أَصلٌ وَمِن أَدَبِ البِلادِ نِجارُ +أَعمى هَوى الوَطَنِ العَزيزِ عِصابَةٌ مُستَهتِرينَ إِلى الجَرائِمِ ساروا +يا سوءَ سُنَّتِهِم وَقُبحَ غُلُوِّهِم إِنَّ العَقائِدَ بِالغُلُوِّ تُضارُ +وَالحَقُّ أَرفَعُ مِلَّةً وَقَضِيَّةً مِن أَن يَكونَ رَسولُهُ الإِضرارُ +أُخِذَت بِذَنبِهِمُ البِلادُ وَأُمَّةٌ بِالريفِ ما يَدرونَ ما السِردارُ +في فِتنَةٍ خُلِطَ البَريءُ بِغَيرِهِ فيها وَلُطِّخَ بِالدَمِ الأَبرارُ +لَقِيَ الرِجالُ الحادِثاتِ بِصَبرِهِم حَتّى اِنجَلَت غُمَمٌ لَها وَغِمارُ +لانوا لَها في شِدَّةٍ وَصَلابَةٍ لَينَ الحَديدِ مَشَت عَلَيهِ النارُ +الحَقُّ أَبلَجُ وَالكِنانَةُ حُرَّةٌ وَالعِزُّ لِلدُستورِ وَالإِكبارُ +الأَمرُ شورى لا يَعيثُ مُسَلَّطٌ فيهِ وَلا يَطغى بِهِ جَبّارُ +إِنَّ العِنايَةَ لِلبِلادِ تَخَيَّرَت وَالخَيرُ ما تَقضي وَما تَختارُ +عَهدٌ مِنَ الشورى الظَليلَةِ نُضِّرَت آصالُهُ وَاِخضَلَّتِ الأَسحارُ +تَجني البِلادُ بِهِ ثِمارَ جُهودِها وَلِكُلِّ جُهدٍ في الحَياةِ ثِمارُ +بُنيانُ آباءٍ مَشَوا بِسِلاحِهِم وَبَنينَ لَم يَجِدوا السِلاحَ فَثاروا +فيهِ مِنَ التَلِّ المُدَرَّجِ حائِطٌ وَمِنَ المَشانِقِ وَالسُجونِ جِدارُ +أَبَتِ التَقَيُّدَ بِالهَوى وَتَقَيَّدَت بِالحَقِّ أَو بِالواجِبِ الأَحرارُ +في مَجلِسٍ لا مالُ مِصرَ غَنيمَةٌ فيهِ وَلا سُلطانُ مِصرَ صِغارُ +ما لِلرِجالِ سِوى المَراشِدَ مَنهَجٌ فيهِ وَلا غَيرَ الصَلاحِ شِعارُ +يَتَعاوَنونَ كَأَهلِ دارٍ زُلزِلَت حَتّى تَقَرَّ وَتَطمَئِنَّ الدارُ +يُجرونَ بِالرِفقِ الأُمورَ وَفُلكَها وَالريحُ دونَ الفُلكِ وَالإِعصارُ +وَمَعَ المُجَدِّدِ بِالأَناةِ سَلامَةٌ وَمَعَ المُجَدِّدِ بِالجِماحِ عِثارُ +الأُمَّةُ اِئتَلَفَت وَرَصَّ بِناءَها بانٍ زَعامَتُهُ هُدىً وَمَنارُ +أَسَدٌ وَراءَ السِنِّ مَعقودُ الحُبا يَأبى وَيَغضَبُ لِلشَرى وَيَغارُ +كَهفُ القَضِيَّةِ لا تَنامُ نُيوبُهُ عَنها وَلا تَتَناعَسُ الأَظفارُ +يَومَ الخَميسِ وَراءَ فَجرِكَ لِلهُدى صُبحٌ وَلِلحَقِّ المُبينِ نَهارُ +ما أَنتَ إِلّا فارِسِيٌّ لَيلُهُ عُرسٌ وَصَدرُ نَهارِهِ إِعذارُ +بَكَرَت تُزاحِمُ مِهرَجانِكَ أُمَّةٌ وَتَلَفَّتَت خَلفَ الزِحامِ دِيارُ +وَرَوى مَواكِبَكَ الزَمانُ لِأَهلِهِ وَتَنَقَّلَت بِجَلالِها الأَخبارُ +أَقبَلتَ بِالدُستورِ أَبلَجَ زاهِراً يَفتَنُّ في قَسَماتِهِ النُظّارُ +وَذُؤابَةُ الدُنيا تَرِفُّ حَداثَةً عَن جانِبَيهِ وَلِلزَمانِ عِذارُ +يَحمي لَفائِفَهُ وَيَحرُسُ مَهدَهُ شَيخٌ يَذودُ وَفِتيَةٌ أَنصارُ +وَكَأَنَّهُ عيسى الهُدى في مَهدِهِ وَكَأَنَّ سَعداً يوسُفُ النَجّارُ +التاجُ فُصِّلَ في سَمائِكَ بِالضُحى مِنكَ الحِلى وَمِنَ الضُحى الأَنوارُ +يَكسو مِنَ الدُستورِ هامَةَ رَبِّهِ ما لَيسَ يَكسو الفاتِحينَ الغارُ +بِالحَقِّ يَفتَحُ كُلُّ هادٍ مُصلِحٍ ما لَيسَ يَفتَحُ بِالقَنا المِغوارُ +وَطَني لَدَيكَ وَأَنتَ سَمحٌ مُفضِلٌ تُنسى الذُنوبُ وَتُذكَرُ الأَعذارُ +تابَ الزَمانُ إِلَيكَ مِن هَفَواتِهِ بِوَزارَةٍ تُمحى بِها الأَوزارُ +قُل لِلرِجالِ طَغى الأَسير طَيرُ الحِجالِ مَتى يَطير +أَوهى جَناحَيهِ الحَدي دُ وَحَزَّ ساقَيهِ الحَرير +ذَهَبَ الحِجابُ بِصَبرِهِ وَأَطالَ حَيرَتَهُ السُفور +هَل هُيِّئَت دَرَجُ السَما ءِ لَهُ وَهَل نُصَّ الأَثير +وَهَل اِستَمَرَّ بِهِ الجَنا حُ وَهَمَّ بِالنَهضِ الشَكير +وَسَما لِمَنزِلِهِ مِنَ الدُن يا وَمَنزِلُهُ خَطير +وَمَتى تُساسُ بِهِ الرِيا ضُ كَما تُساسُ بِهِ الوُكور +أَوَ كُلُّ ما عِندَ الرِجا لِ لَهُ الخَواطِبُ وَالمُهور +وَالسِجنُ في الأَكواخِ أَو سِجنٌ يُقالُ لَهُ القُصور +تَاللَهِ لَو أَنَّ الأَدي مَ جَميعُهُ رَوضٌ وَنور +في كُلِّ ظِلٍّ رَبوَةٌ وَبِكُلِّ وارِفَةٍ غَدير +وَعَلَيهِ مِن ذَهَبٍ سِيا جٌ أَو مِنَ الياقوتِ سور +ما تَمَّ مِن دونِ السَما ءِ لَهُ عَلى الأَرضِ الحُبور +إِنَّ السَماءَ جَديرَةٌ بِالطَيرِ وَهوَ بِها جَدير +هِيَ سَرجُهُ المَشدودُ وَه وَ عَلى أَعِنَّتِها أَمير +حُرِّيَّةٌ خُلِقَ الإِنا ثُ لَها كَما خُلِقَ الذُكور +هاجَت بَناتَ الشِعرِ عَي نٌ مِن بَناتِ النيلِ حور +لي بَينَهُنَّ وَلائِدٌ هُم مِن سَوادِ العَينِ نور +لا الشِعرُ يَأتي في الجُما نِ بِمِثلِهِنَّ وَلا البُحور +مِن أَجلِهِنَّ أَنا الشَفي قُ عَلى الدُمى وَأَنا الغَيور +أَرجو وَآمَلُ أَن سَتَج ري بِالَّذي شِئنَ الأُمور +يا قاسِمُ اُنظُر كَيفَ سا رَ الفِكرُ وَاِنتَقلَ الشُعور +جابَت قَضَيَّتُكَ البِلا دَ كَأَنَّها مَثَلٌ يَسير +ما الناسُ إِلّا أَوَّلٌ يَمضي فَيَخلِفُهُ الأَخير +الفِكرُ بَينَهُما عَلى بُعدِ المَزارِ هُوَ السَفير +هَذا البِناءُ الفَخمُ لَي سَ أَساسُهُ إِلّا الحَفير +إِنَّ الَّتي خَلَّفتَ أَم سِ وَما سِواكَ لَها نَصير +نَهَضَ الحَقُّ بِشَأنِها وَسَعى لِخِدمَتِها الظَهِر +في ذِمَّةِ الفُضلى هُدى جيلٌ إِلى هادٍ فَقير +أَقبَلنَ يَسأَلنَ الحَضا رَةَ ما يُفيدُ وَما يُضير +ما السُبلُ بَيِّنَةٌ وَلا كُلُّ الهُداةِ بِها بَصير +ما في كِتابِكَ طَفرَةٌ تُنعى عَلَيكَ وَلا غُرور +هَذَّبتَهُ حَتّى اِستَقامَت مِن خَلائِقِكَ السُطور +وَوَضَعتَهُ وَعَلِمتَ أَن نَ حِسابَ واضِعِهِ عَسير +لَكَ في مَسائِلِهِ الكَلا مُ العَفُّ وَالجَدَلُ الوَقور +وَلَكَ البَيانُ الجَذلُ في أَثنائِهِ العِلمُ الغَزير +في مَطلَبٍ خَشِنٍ كَثي رٌ في مَزالِقِهِ العُثور +ما بِالكِتابِ وَلا الحَدي ثِ إِذا ذَكَرتَهُما نَكير +حَتّى لَنَسأَلُ هَل تَغا رُ عَلى العَقائِدِ أَم تُغير +عُشرونَ عاماً مِن زَوا لِكَ ما هِيَ الشَيءُ الكَثير +رُعنَ النِساءَ وَقَد يَرو عُ المُشفِقَ الجَلَلُ اليَسير +فَنَسينَ أَنَّكَ كَالبُدو رِ وَدونَ رِفعَتِكَ البُدور +تَفنى السِنونُ بِها وَما آجالُها إِلّا شُهور +لَقَد اِختَلَفنا وَالمُعا شِرُ قَد يُخالِفُهُ العَشير +في الرَأيِ ثُمَّ أَهابَ بي وَبِكَ المُنادِمُ وَالسَمير +وَمَحا الرَواحُ إِلى مَغا ني الوُدِّ ما اِقتَرَفَ البُكور +في الرَأيِ تَضطَغِنُ العُقو لُ وَلَيسَ تَضطَغِنُ الصُدور +قُل لي بِعَيشِكَ أَينَ أَن تَ وَأَينَ صاحِبُكَ الكَبير +أَينَ الإِمامُ وَأَينَ إِس ماعيلُ وَالمَلَأُ المُنير +لَمّا نَزَلتُم في الثَرى تاهَت عَلى الشُهُبِ القُبور +عَصرُ العَباقِرَةِ النُجو مِ بِنورِهِ تَمشي العُصور +جِنٌّ عَلَى حَرَمِ السَماءِ أَغاروا أَم فِتيَةٌ رَكِبوا الجَناحَ فَطاروا +مِن كُلِّ أَهوَجَ في الهَواءِ عِنانُهُ هَوَجُ الرِياحِ وَسَرجُهُ الإِعصارُ +يَبغي حِجابَ الشَمسِ يَطلُبُ عِندَها عِزّاً تَحَمَّلَهُ الجُدودُ وَساروا +لَم يَبقَ مِنهُ وَمِن حَضارَةِ عَهدِهِ إِلّا صُوى مَحجوبَةٌ وَمَنارُ +وَمَقالَةُ الأَجيالِ لَم يَلحَق بِهِم بانٍ وَلَم يُدرِكُهُمُ حَفّارُ +طَلَعوا عَلى الوادي بِرايَةِ عَصرِهِم وَلِكُلِّ عَصرٍ رايَةٌ وَشِعارُ +اِثنانِ ثَمَّ تَرى النُسورَ كَثيرَةً مِن كُلِّ ناحِيَةٍ لَها أَوكارُ +سِرُّ النَجاحِ وَرُكنُ حَضارَةٍ هِمَمٌ مِنَ المُتَطَوِّعينَ كِبارُ +نُسِخَت بِأَبطالِ السَماءِ بُطولَةٌ في الأَرضِ يوشِكُ رُكنُها يَنهارُ +هَذا زَمانٌ لا الأَعِنَّةُ مَنزِلٌ لِلبَأسِ فيهِ وَلا الأَسِنَّةُ دارُ +ما البَأسُ إِلّا مِن جَناحَي خاطِفٍ في البَرِّ وَالبَحرِ اِسمُهُ الطَيّارُ +أَتُرى السَلامَةُ في السَماءِ وَظِلِّها أَم بِالسَماءِ يَصولُ الاِستِعمارُ +حَرَمُ الهُدى وَالحَقُّ ريعَ جَلالُهُ وَغَدا وَراحَ بِجانِبَيهِ دَمارُ +يا جائِبَ الصَحراءِ مِلءُ سَرابِها غَرَرٌ وَمِلءُ تُرابِها أَخطارُ +يَكفيكَ مِن هِمَمِ الشَجاعَةِ لَيلَةٌ لَكَ مِن غَوائِلِها ��َلَت وَنَهارُ +لَمّا اِعتَمَدتَ عَلى الجَناحِ تَلَفَّتَت بيدٌ وَقَلَّبَتِ العُيونَ قِفارُ +في كُلِّ صَحراءٍ وَكُلِّ تَنوفَةٍ أَرضٌ عَلَيكَ مِنَ السَماءِ تَغارُ +حَسَنَينُ لَو لَم يَعذِروكَ لبادَرَت لَكَ مِن لِسانِ جِراحِكَ الأَعذارُ +لِلَّهِ سَرجُكَ في السَماءِ فَإِنَّهُ سَرجُ الأَهِلَّةِ ما عَلَيهِ غُبارُ +عَرَضَ الخُسوفُ لَهُ فَما أَزرى بِهِ ما في الخُسوفِ عَلى الأَهِلَّةِ عارُ +أَوَ لَم تَطَءُ أَرضَ السَماءِ وَلَم تَدُر حَيثُ الشُموسُ تَدورُ وَالأَقمارُ +أَلقى أَبو الفاروقِ نَحوَكَ بالَهُ وَتَشاغَلَت بِكَ أُمَّةٌ وَدِيارُ +مَلِكٌ رُحِمتَ بِقُربِهِ وَجِوارِهِ حَتّى كَأَنَّكَ لِلعِنايَةِ جارُ +نُصِبَ السُرادِقُ وَالمَطارُ وَحَلَّقَت في الجَوِّ تَلمَسُ شَخصَكَ الأَبصارُ +فَلَمَستَ أَقضِيَةِ السَماءِ وَأَسفَرَت حَتّى نَظَرَت وُجوهَها الأَقدارُ +قَدَرٌ عَلى يُمنى يَدَيهِ سَلامَةٌ لَكَ حَيثُ مِلتَ وَفي السَماءِ عِثارُ +فَإِذا سَقَطتَ عَلى حَديدٍ مُضرَمٍ صَدَفَ الحَديدُ وَلَم تَنَلكَ النارُ +ماذا لَقيتَ مِنَ النَجائِبِ كُلِّها قُل لي أَعِندَكَ لِلنَجائِبِ ثارُ +هَذي تَعَثَّرُ في الزِمامِ وَتِلكَ لا تَمضي وَأُخرى في السُلوكِ تَحارُ +فَشَلٌ يُعَظَّمُ كَالنَجاحِ عَلَيهِ مِن شَرَفِ الجُروحِ وَنورِهِنَّ فَخارُ +لَو لَم يَكُن قَتلى وَجَرحى في الوَغى لَم يَعلُ هامَ الظافِرينَ الغارُ +مَن لِنِضوٍ يَتَنَزّى أَلَما بَرَّحَ الشَوقَ بِهِ في الغَلَسِ +حَنَّ لِلبانِ وَناجى العَلَما أَينَ شَرقُ الأَرضِ مِن أَندَلُسِ +بُلبُلٌ عَلَّمَهُ البَينُ البَيان باتَ في حَبلِ الشُجونِ اِرتَبَكا +في سَماءِ اللَيلِ مَخلوعَ العِنان ضاقَتِ الأَرضُ عَلَيهِ شَبَكا +كُلَّما اِستَوحَشَ في ظِلِّ الجِنان جُنَّ فَاِسَتَضحَكَ مِن حَيثُ بَكى +اِرتَدى بُرنُسَهُ وَاِلتَثَما وَخَطا خُطوَةَ شَيخٍ مُرعَسِ +وَيُرى ذا حَدَبٍ إِن جَثَما فَإِن اِرتَدَّ بَدا ذا قَعَسِ +فَمُهُ القاني عَلى لَبَّتِهِ كَبَقايا الدَمِ في نَصلِ دَقيقِ +مَدَّهُ فَاِنشَقَّ مِن مَنبَتِهِ مَن رَأى شِقَّي مِقَصٍ مِن عَقيقِ +وَبَكى شَجواً عَلى شَعبِهِ شَجوَ ذاتِ الثُكلِ في السِترِ الرَقيقِ +سَلَّ مَن فيهِ لِساناً عَنَماً ماضِياً في البَثِّ لَم يَحتَبِسِ +وَتَرٌ مِن غَيرِ ضَربٍ رَنَّما في الدُجى أَو شَرَرٌ مِن قَبَسِ +نَفَرَت لَوعَتُهُ بَعدَ الهُدوء وَالدُجى بَيتُ الجَوى وَالبُرَحا +يَتَعايا بِجَناحٍ وَيَنوء بِجناحٍ مُذ وَهى ما صَلَحا +سائَهُ الدَهرُ وَما زالَ يَسوء ما عَلَيهِ لَو أَسا ما جَرَحا +كُلَّما أَدمى يَدَيهِ نَدَماً سالَتا مِن طَوقِهِ وَالبُرنُسِ +فَنِيَت أَهدابُهُ إِلّا دَماً قامَ كَالياقوتِ لَم يَنبَجِسِ +مَدَّ في اللَيلِ أَنيناً وَخَفَق خَفَقانَ القُرطِ في جُنحِ الشَعَر +فَرَغَت مِنهُ النَوى غَيرَ رَمَق فَضلَةَ الجُرحِ إِذا الجُرحُ نَغَر +يَتَلاشى نَزَواتٍ في حُرَق كَذُبالٍ آخِرَ اللَيلِ اِستَعَر +لَم يَكُن طَوقاً وَلَكِن ضَرَما ما عَلى لَبَّتِهِ مِن قَبَسِ +رَحمَةُ اللَهِ لَهُ هَل عَلِما أَنَّ تِلكَ النَفسَ مِن ذا النَفَسِ +قُلتُ لِلَّيلِ وَلِلَّيلِ عَواد مَن أَخو البَثِّ فَقالَ فِراق +قُلتُ ما واديهِ قالَ الشَجوُ واد لَيسَ فيهِ مِن حِجازٍ أَو عِراق +قُلتُ لَكِن جَفنُهُ غَيرُ جَواد قالَ شَرُّ الدَمعِ ما لَيسَ يُراق +نَغبِطُ الطَيرَ وَما نَعلَمُ ما هِيَ فيهِ مِن عَذابٍ بَئِسِ +فَدَعِ الطَيرَ وَحَظّاً قُسِما صَيَّرَ الأَيكَ كَدورِ الأَنَسِ +ناحَ إِذ جَفنايَ في أَسرِ النُجوم رَسَفا في السُهدِ وَالدَمعُ طَليق +أَيُّها الصارِخُ مِن بَحرِ الهُموم ما عَسى يُغني غَريقٌ مِن غَريق +إِنَّ هَذا السَهمَ لي مِنهُ كُلوم كُلُّنا نازِحُ أَيكٍ وَفَريق +قَلِّبِ الدُنيا تَجِدها قِسَماً صُرِّفَت مِن أَنعُمٍ أَو أَبؤُسِ +وَاِنظُرِ الناسَ تَجِد مَن سَلِما مِن سِهامِ الدَهرِ شَجَّتهُ القِسي +يا شَبابَ الشَرقِ عُنوانَ الشَباب ثَمَراتِ الحَسَبِ الزاكي النَمير +حَسبُكُم في الكَرَمِ المَحضِ اللُباب سيرَةٌ تَبقى بَقاءَ اِبنَي سَمير +في كِتابِ الفَخرِ لِلداخِلِ باب لَم يَلِجهُ مِن بَني المُلكِ أَمير +في الشُموسِ الزُهرِ بِالشامِ اِنتَمى وَنَمى الأَقمارَ بِالأَندَلُسِ +قَعَدَ الشَرقُ عَلَيهِم مَأتَما وَاِنثَنى الغَربُ بِهِم في عُرُسِ +هَل لَكُم في نَبَإِ خَيرِ نَبَأ حِليَةِ التاريخِ مَأثورٍ عَظيم +حَلَّ في الأَنباءِ ما حَلَّت سَبَأ مَنزِلَ الوُسطى مِنَ العِقدِ النَظيم +مِثلَهُ المِقدارُ يَوماً ما خَبَأ لِسَليبِ التاجِ وَالعَرشِ كَظيم +يُعجِزُ القُصّاصَ إِلّا قَلَما في سَوادٍ مِن هَوىً لَم يُغمَسِ +يُؤثِرُ الصِدقَ وَيَجزي عَلَما قَلَبَ العالَمَ لَو لَم يُطمَسِ +عَن عِصامِيٍّ نَبيلٍ مُعرِقِ في بُناةِ المَجدِ أَبناءِ الفَخار +نَهَضَت دَولَتُهُم بِالمَشرِقِ نَهضَةَ الشَمسِ بِأَطرافِ النَهار +ثُمَّ خانَ التاجُ وُدَّ المَفرِقِ وَنَبَت بِالأَنجُمِ الزُهرِ الدِيار +غَفَلوا عَن ساهِرٍ حَولَ الحِمى باسِطٍ مِن ساعِدَي مُفتَرِسِ +حامَ حَولَ المُلكِ ثُمَّ اِقتَحَما وَمَشى في الدَمِ مَشيَ الضِرسِ +ثَأرُ عُثمانَ لِمَروانٍ مَجاز وَدَمَ السِبطِ أَثارَ الأَقرَبون +حَسَّنوا لِلشامِ ثَأراً وَالحِجاز فَتَغالى الناسُ فيما يَطلُبون +مَكرُ سُوّاسٍ عَلى الدَهماءِ جاز وَرُعاةٌ بِالرَعايا يَلعَبون +جَعَلوا الحَقَّ لِبَغيٍ سُلَّما فَهوَ كَالسِترِ لَهُم وَالتُرُسِ +وَقَديماً بِاِسمِهِ قَد ظَلَما كُلُّ ذي مِئذَنَةٍ أَو جَرَسِ +جُزِيَت مَروانُ عَن آبائِها ما أَراقوا مِن دِماءٍ وَدُموع +وَمِنَ النَفسِ وَمِن أَهوائِها ما يُؤَدّيهِ عَنِ الأَصلِ وَالفُروع +خَلَتِ الأَعوادُ مِن أَسمائِها وَتَغَطَّت بِالمَصاليبِ الجُذوع +ظَلَمَت حَتّى أَصابَت أَظلَما حاصِدَ السَيفِ وَبيءَ المَحبَسِ +فَطِناً في دَعوَةِ الآلِ لِما هَمَسَ الشاني وَما لَم يَهمِسِ +لَبِسَت بُردَ النَبِيِّ النَيِّرات مِن بَني العَبّاسِ نوراً فَوقَ نور +وَقَديماً عِندَ مَروانٍ تِرات لِزَكِيّاتٍ مِنَ الأَنفُسِ نور +فَنَجا الداخِلُ سَبخاً بِالفُرات تارِكَ الفِتنَةِ تَطغى وَتَنور +غَسَّ كَالحوتِ بِهِ وَاِقتَحَما بَينَ عِبرَيهِ عُيونَ الحَرَسِ +وَلَقَد يُجدي الفَتى أَن يَعلَما صَهوَةَ الماءِ وَمَتنِ الفَرَسِ +صَحِبَ الداخِلَ مِن إِخوَتِهِ حَدَثٌ خاضَ الغُمارَ اِبنَ ثَمان +غَلَبَ المَوجَ عَلى قُوَّتِهِ فَكَأَنَّ المَوجَ مِن جُندِ الزَمان +وَإِذا بِالشَطِّ مِن شِقوَتِهِ صائِحٌ صاحَ بِهِ نِلتَ الأَم��ن +فَاِنثَنى مُنخَدِعاً مُستَسلِماً شاةٌ اِغتَرَّت بِعَهدِ الأَلَسِ +خَضَبَ الجُندُ بِهِ الأَرضَ دَما وَقُلوبُ الجُندِ كَالصَخرِ القَسي +أَيُّها اليائِسُ مُت قَبلَ المَمات أَو إِذا شِئتَ حَياةً فَالرَجا +لا يَضِق ذَرعُكَ عِندَ الأَزَمات إِن هِيَ اِشتَدَّت وَأَمِّل فَرَجا +ذَلِكَ الداخِلُ لاقى مُظلِمات لَم يَكُن يَأمُلُ مِنها مَخرَجا +قَد تَوَلّى عِزُّهُ وَاِنصَرَما فَمَضى مِن غَدِهِ لَم يَيأَسِ +رامَ بِالمَغرِبِ مُلكاً فَرَمى أَبَعدَ الغَمرِ وَأَقصى اليَبَسِ +ذاكَ وَاللَهِ الغِنى كُلُّ الغِنى أَيُّ صَعبٍ في المَعالي ما سَلَك +لَيسَ بِالسائِلِ إِن هَمَّ مَتى لا وَلا الناظِرِ ما يوحي الفَلَك +زايَلَ المُلكُ ذَويهِ فَأَتى مُلكَ قَومٍ ضَيَّعوهُ فَمَلَك +غَمَراتٌ عارَضَت مُقتَحِما عالِيَ النَفسِ أَشَمَّ المَعطِسِ +كُلُّ أَرضٍ حَلَّ فيها أَو حِمى مَنزِلُ البَدرِ وَغابُ البَيهَسِ +نَزَلَ الناجي عَلى حُكمِ النَوى وَتَوارى بِالسُرى مِن طالِبيه +غَيرَ ذي رَحلٍ وَلا زادٍ سِوى جَوهَرٍ وافاهُ مِن بَيتِ أَبيهِ +قَمَرٌ لاقى خُسوفاً فَاِنزَوى لَيسَ مِن آبائِهِ إِلّا نَبيه +لَم يَجِد أَعوانَهُ وَالخَدَما جانَبوهُ غَيرَ بَدرِ الكَيِّسِ +مِن مَواليهِ الثِقاتِ القُدُما لَم يَخُنهُ في الزَمانِ الموئِسِ +حينَ في إِفريقيا اِنحَلَّ الوِئام وَاِضمَحَلَّت آيَةُ الفَتحِ الجَليل +ماتَتِ الأُمَّةُ في غَيرِ اِلتِئام وَكَثيرٌ لَيسَ يَلتامُ قَليل +يَمَنٌ سَلَّت ظُباها وَالشَآم شامَها هِندِيَّةً ذاتَ صَليل +فَرَّقَ الجُندَ الغِنى فَاِنقَسَما وَغَدا بَينَهُم الحَقُّ نَسي +أَوحَشَ السُؤدُدُ فيهِم وَسَما لِلمَعالي مَن بِهِ لَم تانَسِ +رُحِموا بِالعَبقَرِيِّ النابِهِ البَعيدِ الهِمَّةِ الصَعبِ القِياد +مَدَّ في الفَتحِ وَفي أَطنابِهِ لَم يَقِف عِندَ بِناءِ اِبنِ زِياد +هَجَرَ الصَيدَ فَما يُغنى بِهِ وَهوَ بِالمُلكِ رَفيقٌ ذو اِصطِياد +سَل بِهِ أَندَلُساً هَل سَلِما مِن أَخي صَيدٍ رَفيقٍ مَرِسِ +جَرَّدَ السَيفَ وَهَزَّ القَلَما وَرَمى بِالرَأيِ أُمَّ الخُلَسِ +بِسَلامٍ يا شِراعاً ما دَرى ما عَلَيهِ مِن حَياءٍ وَسَخاء +في جَناحِ المَلَكِ الروحُ جَرى وَبِريحٍ حَفَّها اللُطفُ رُخاء +غَسَلَ اليَمُّ جِراحاتِ الثَرى وَمَحا الشِدَّةَ مَن يَمحو الرَخاء +هَل دَرى أَندَلُسٌ مَن قَدِما دارَهُ مِن نَحوِ بَيتِ المَقدِسِ +بِسَليلِ الأَمَوِيّينَ سَما فَتحُ موسى مُستَقِرَّ الأُسُسِ +أَمَوِيٌّ لِلعُلا رِحلَتُهُ وَالمَعالي بِمَطِيٍّ وَطُرُق +كَالهِلالِ اِنفَرَدَت نُقلَتُهُ لا يُجاريهِ رُكابٌ في الأُفُق +ما بُنِيَت مِن خُلُقٍ دَولَتُهُ قَد يَشيدُ الدُوَلَ الشُمَّ الخُلُق +وَإِذا الأَخلاقُ كانَت سُلَّما نالَتِ النَجمَ يَدُ المُلتَمِسِ +فَاِرقَ فيها تَرقَ أَسبابَ السَما وَعَلى ناصِيَةِ الشَمسِ اِجلِسِ +أَيُّ ملُكٍ مِن بِناياتِ الهِمَم أَسَّسَ الداخِلُ في الغَربِ وَشاد +ذَلِكَ الناشِئُ في خَيرِ الأُمَم سادَ في الأَرضِ وَلَم يُخلَق يُساد +حَكَمَت فيهِ اللَيالي وَحَكَم في عَواديها قِياداً بِقِياد +سُلِبَ العِزَّ بِشَرقٍ فَرَمى جانِبَ الغَربِ لِعِزٍّ أَقعَسِ +وَإِذا الخَيرُ لِعَبدٍ قُسِما سَنَحَ السَعدُ لَهُ في النَحسِ +أَيُّها القَلبُ أَحَقٌّ أَنتَ جار لِلَّذي كانَ عَلى الدَهرِ يَجير +هاهُنا حَلَّ بِهِ الرَكبُ وَسار وَهُنا ثاوٍ إِلى البَعثِ الأَسير +فَلَكٌ بِالسَعدِ وَالنَحسِ مُدار صَرَعَ الجامَ وَأَلوى بِالمُدير +ها هُنا كُنتَ تَرى حُوَّ الدُمى فاتِناتٍ بِالشِفاهِ اللُعُسِ +ناقِلاتٍ في العَبيرِ القَدَما واطِئاتٍ في حَبيرِ السُندُسِ +خُذ عَنِ الدُنيا بَليغَ العِظَةِ قَد تَجَلَّت في بَليغِ الكَلِمِ +طَرَفاها جُمِعا في لَفظَةٍ فَتَأَمَّل طَرَفَيها تَعلَمِ +الأَماني حُلمٌ في يَقظَةِ وَالمَنايا يَقظَةٌ مِن حُلُمِ +كُلُّ ذي سِقطَينِ في الجَوِّ سَما واقِعٌ يَوماً وَإِن لَم يُغرَسِ +وَسَيَلقى حَينَهُ نَسرُ السَما يَومَ تُطوى كَالكِتابِ الدَرسِ +أَينَ يا واحِدَ مَروانَ عَلَم مَن دَعاكَ الصَقرُ سَمّاهُ العُقاب +رايَةٌ صَرَّفَها الفَردُ العَلَم عَن وُجوهِ النَصرِ تَصريفَ النِقاب +كُنتَ إِن جَرَّدتَ سَيفاً أَو قَلَم أُبتَ بِالأَلبابِ أَو دِنتَ الرِقاب +ما رَأى الناسُ سِواهُ عَلَما لَم يُرَم في لُجَّةٍ أَي يَبَسِ +أَعَلى رُكنِ السِماكِ اِدَّعَما وَتَغَطّى بِجَناحِ القُدُسِ +قَصرُكَ المُنيَةُ مِن قُرطُبَه فيهِ وارَوكَ وَلِلَّهِ المَصير +صَدَفٌ خُطَّ عَلى جَوهَرَةٍ بَيدَ أَنَّ الدَهرَ نَبّاشٌ بَصير +لَم يَدَع ظِلّاً لِقَصرِ المُنيَةِ وَكَذا عُمرُ الأَمانِيِّ قَصير +كُنتَ صَقراً قُرَشِيّاً عَلَما ما عَلى الصَقرِ إِذ لَم يُرمَسِ +إِن تَسَل أَينَ قُبورُ العُظَما فَعَلى الأَفواهِ أَو في الأَنفُسِ +كَم قُبورٍ زَيَّنَت جيدَ الثَرى تَحتَها أَنجَسُ مِن مَيتِ المَجوس +كانَ مَن فيها وَإِن جازوا الثَرى قَبلَ مَوتِ الجِسمِ أَمواتُ النُفوس +وَعِظامٌ تَتَزَكّى عَنبَراً مِن ثَناءٍ صِرنَ أَغفالَ الرُموس +فَاِتَّخِذ قَبرَكَ مِن ذِكرٍ فَما تَبنِ مِن مَحمودِهِ لا يُطمَسِ +هَبكَ مِن حِرصٍ سَكَنتَ الهَرَما أَينَ بانيهِ المَنيعُ المَلمَسِ +شَيَّعتُ أَحلامي بِقَلبٍ باكِ وَلَمَحتُ مِن طُرُقِ المِلاحِ شِباكي +وَرَجَعتُ أَدراجَ الشَبابِ وَوَردِهِ أَمشي مَكانَهُما عَلى الأَشواكِ +وَبِجانِبي واهٍ كَأنَّ خُفوقَهُ لَمّا تَلَفَّتَ جَهشَةُ المُتَباكي +شاكي السِلاحِ إِذا خَلا بِضُلوعِهِ فَإِذا أُهيبَ بِهِ فَلَيسَ بِشاكِ +قَد راعَهُ أَنّي طَوَيتُ حَبائِلي مِن بَعدِ طولِ تَناوُلٍ وَفِكاكِ +وَيحَ اِبنِ جَنبي كُلُّ غايَةِ لَذَّةٍ بَعدَ الشَبابِ عَزيزَةُ الإِدراكِ +لَم تُبقِ مِنّا يا فُؤادُ بَقِيَّةً لِفُتُوَّةٍ أَو فَضلَةٌ لِعِراكِ +كُنّا إِذا صَفَّقتَ نَستَبِقُ الهَوى وَنَشُدُّ شَدَّ العُصبَةِ الفُتّاكِ +وَاليَومَ تَبعَثُ فِيَّ حينَ تَهَزُّني ما يَبعَثُ الناقوسُ في النُسّاكِ +يا جارَةَ الوادي طَرِبتُ وَعاوَدَني ما يُشبِهُ الأَحلامَ مِن ذِكراكِ +مَثَّلتُ في الذِكرى هَواكِ وَفي الكَرى وَالذِكرَياتُ صَدى السِنينِ الحاكي +وَلَقَد مَرَرتُ عَلى الرِياضِ بِرَبوَةٍ غَنّاءَ كُنتُ حِيالَها أَلقاكِ +ضَحِكَت إِلَيَّ وُجوهُها وَعُيونُها وَوَجَدتُ في أَنفاسِها رَيّاكِ +فَذَهبتُ في الأَيّامِ أَذكُرُ رَفرَفاً بَينَ الجَداوِلِ وَالعُيونِ حَواكِ +أَذَكَرتِ هَروَلَةَ الصَبابَةِ وَالهَوى لَمّا خَطَرتِ يُقَبِّلانِ خُطاكِ +لَم أَدرِ ماطيبُ ال��ِناقِ عَلى الهَوى حَتّى تَرَفَّقَ ساعِدي فَطواكِ +وَتَأَوَّدَت أَعطافُ بانِكِ في يَدي وَاِحمَرَّ مِن خَفرَيهِما خَدّاكِ +وَدَخَلتُ في لَيلَينِ فَرعِكِ وَالدُجى وَلَثَمتُ كَالصُبحِ المُنَوِّرِ فاكِ +وَوَجدتُ في كُنهِ الجَوانِحِ نَشوَةً مِن طيبِ فيكِ وَمِن سُلافِ لَماكِ +وَتَعَطَّلَت لُغَةُ الكَلامِ وَخاطَبَت عَينَيَّ في لُغَةِ الهَوى عَيناكِ +وَمَحَوتُ كُلَّ لُبانَةٍ مِن خاطِري وَنَسيتُ كُلَّ تَعاتُبٍ وَتَشاكي +لا أَمسَ مِن عُمرِ الزَمانِ وَلا غَدٌ جُمِعَ الزَمانُ فَكانَ يَومَ رِضاكِ +لُبنانُ رَدَّتني إِلَيكَ مِنَ النَوى أَقدارُ سَيرٍ لِلحَياةِ دَراكِ +جَمَعَت نَزيلَي ظَهرِها مِن فُرقَةٍ كُرَةٌ وَراءَ صَوالِجِ الأَفلاكِ +نَمشي عَلَيها فَوقَ كُلِّ فُجاءَةٍ كَالطَيرِ فَوقَ مَكامِنِ الأَشراكِ +وَلَو أَنَّ بِالشَوقُ المَزارُ وَجَدتَني مُلقى الرِحالِ عَلى ثَراكِ الذاكي +بِنتَ البِقاعِ وَأُمَّ بَردونِيَّها طيبي كَجِلَّقَ وَاِسكُبي بَرداكِ +وَدِمَشقُ جَنّاتُ النَعيمِ وَإِنَّما أَلفَيتُ سُدَّةَ عَدنِهِنَّ رُباكِ +قَسَماً لَوِ اِنتَمَتِ الجَداوِلُ وَالرُبا لَتَهَلَّلَ الفِردَوسُ ثُمَّ نَماكِ +مَرآكِ مَرآهُ وَعَينُكِ عَينُهُ لِم يا زُحَيلَةُ لا يَكونُ أَباكِ +تِلكَ الكُرومُ بَقِيَّةٌ مِن بابِلٍ هَيهاتَ نَسيَ البابِلِيِّ جَناكِ +تُبدي كَوَشيِ الفُرسِ أَفتَنَ صِبغَةٍ لِلناظِرينَ إِلى أَلَذِّ حِياكِ +خَرَزاتِ مِسكٍ أَو عُقودَ الكَهرَبا أودِعنَ كافوراً مِنَ الأَسلاكِ +فَكَّرتُ في لَبَنِ الجِنانِ وَخَمرِها لَمّا رَأَيتُ الماءَ مَسَّ طِلاكِ +لَم أَنسَ مِن هِبَةِ الزَمانِ عَشِيَّةً سَلَفَت بِظِلِّكِ وَاِنقَضَت بِذَراكِ +كُنتِ العَروسَ عَلى مَنَصَّةِ جِنحِها لُبنانُ في الوَشيِ الكَريمِ جَلاكِ +يَمشي إِلَيكِ اللَحظُ في الديباجِ أَو في العاجِ مِن أَيِّ الشِعابِ أَتاكِ +ضَمَّت ذِراعَيها الطَبيعَةُ رِقَّةً صِنّينَ وَالحَرَمونَ فَاِحتَضَناكِ +وَالبَدرُ في ثَبَجِ السَماءِ مُنَوِّرٌ سالَت حُلاهُ عَلى الثَرى وَحُلاكِ +وَالنَيِّراتُ مِنَ السَحابِ مُطِلَّةٌ كَالغيدِ مِن سِترٍ وَمِن شُبّاكِ +وَكَأَنَّ كُلَّ ذُؤابَةٍ مِن شاهِقٍ رُكنُ المَجرَّةِ أَو جِدارُ سِماكِ +سَكَنَت نَواحي اللَيلِ إِلّا أَنَّةً في الأَيكِ أَو وَتَراً شَجِيَ حِراكِ +شَرَفاً عَروسَ الأَرزِ كُلُّ خَريدَةٍ تَحتَ السَماءِ مِنَ البِلادِ فِداكِ +رَكَزَ البَيانُ عَلى ذَراكِ لِوائَهُ وَمَشى مُلوكُ الشِعرِ في مَغناكِ +أُدَباؤُكِ الزُهرُ الشُموسُ وَلا أَرى أَرضاً تَمَخَّضُ بِالشُموسِ سِواكِ +مِن كُلِّ أَروَعَ عِلمُهُ في شِعرِهِ وَيَراعُهُ مِن خُلقِهِ بِمَلاكِ +جَمعَ القَصائِدَ مِن رُباكِ وَرُبَّما سَرَقَ الشَمائِلَ مِن نَسيمِ صَباكِ +موسى بِبابِكِ في المَكارِمِ وَالعُلا وَعَصاهُ في سِحرِ البَيانِ عَصاكِ +أَحلَلتِ شِعري مِنكِ في عُليا الذُرا وَجَمَعتِهِ بِرِوايَةِ الأَملاكِ +إِن تُكرِمي يا زَحلُ شِعري إِنَّني أَنكَرتُ كُلَّ قَصيدَةٍ إِلّاكِ +أَنتِ الخَيالُ بَديعُهُ وَغَريبُهُ اللَهُ صاغَكِ وَالزَمانُ رَواكِ +حَياةٌ ما نُريدُ لَها زِيالا وَدُنيا لا نَوَدُّ لَها اِنتِقالا +وَعَيشٌ في أُصولِ المَوتِ سَمٌّ عُصارَتُهُ وَإِن بَ��َطَ الظِلالا +وَأَيّامٌ تَطيرُ بِنا سَحاباً وَإِن خيلَت تَدِبُّ بِنا نِمالا +نُريها في الضَميرِ هَوىً وَحُبّاً وَنُسمِعُها التَبرُّمَ وَالمَلالا +قِصارٌ حينَ نَجري اللَهوَ فيها طِوالٌ حينَ نَقطَعُها فِعالا +وَلَم تَضُقِ الحَياةُ بِنا وَلَكِن زِحامُ السوءِ ضَيَّقَها مَجالا +وَلَم تَقتُل بِراحَتِها بَنيها وَلَكِن سابَقوا المَوتَ اِقتِتالا +وَلَو زادَ الحَياةَ الناسُ سَعياً وَإِخلاصاً لَزادَتهُم جَمالا +كَأنَّ اللَهَ إِذ قَسَمَ المَعالي لِأَهلِ الواجِبِ اِدَّخَرَ الكَمالا +تَرى جِدّاً وَلَستَ تَرى عَلَيهِم وُلوعاً بِالصَغائِرِ وَاِشتِغالا +وَلَيسوا أَرغَدَ الأَحياءِ عَيشاً وَلَكِن أَنعَمَ الأَحياءِ بالا +إِذا فَعَلوا فَخَيرُ الناسِ فِعلاً وَإِن قالوا فَأَكرَمُهُم مَقالا +وَإِن سَأَلَتهُمو الأَوطانُ أَعطَوا دَماً حُرّاً وَأَبناءً وَمالا +بَني البَلَدِ الشَقيقِ عَزاءَ جارٍ أَهابَ بِدَمعِهِ شَجَنٌ فَسالا +قَضى بِالأَمسِ لِلأَبطالِ حَقّاً وَأَضحى اليَومَ بِالشُهَداءِ غالي +يُعَظِّمُ كُلَّ جُهدٍ عَبقَرِيٍّ أَكانَ السِلمَ أَم كانَ القِتالا +وَما زِلنا إِذا دَهَتِ الرَزايا كَأَرحَمِ ما يَكونُ البَيتُ آلا +وَقَد أَنسى الإِساءَةَ مِن حَسودٍ وَلا أَنسى الصَنيعَةَ وَالفِعالا +ذَكَرتُ المِهرَجانَ وَقَد تَجَلّى وَوَفدَ المَشرِقَينِ وَقَد تَوالى +وَداري بَينَ أَعراسِ القَوافي وَقَد جُلِيَت سَماءً لا تُعالى +تَسَلَّلَ في الزِحامِ إِلَيَّ نِضوٌ مِنَ الأَحرارِ تَحسَبُهُ خَيالا +رَسولُ الصابِرينَ أَلَمَّ وَهناً وَبَلَّغَني التَحِيَّةَ وَالسُؤالا +دَنا مِنّي فَناوَلَني كِتاباً أَحَسَّت راحَتايَ لَهُ جَلالا +وَجَدتُ دَمَ الأُسودِ عَلَيهِ مِسكاً وَكانَ الأَصلُ في المِسكِ الغَزالا +كَأَنَّ أَسامِيَ الأَبطالِ فيهِ حَوامِمٌ عَلى رِقٍّ تَتالى +رُواةُ قَصائِدي قَد رَتَّلوها وَغَنَّوها الأَسِنَّةَ وَالنِصالا +إِذا رَكَزوا القَنا اِنتَقَلوا إِلَيها فَكانَت في الخِيامِ لَهُم نِقالا +بَني سورِيَّةَ اِلتَئِموا كَيَومٍ خَرَجتُم تَطلُبونَ بِهِ النِزالا +سَلو الحُرِيَّةَ الزَهراءَ عَنّا وَعَنكُم هَل أَذاقَتنا الوِصالا +وَهَل نِلنا كِلانا اليَومَ إِلّا عَراقيبَ المَواعِدِ وَالمِطالا +عَرَفتُم مَهرَها فَمَهَرتُموها دَماً صَبَغَ السَباسِبَ وَالدِغالا +وَقُمتُم دونَها حَتّى خَضَبتُم هَوادِجَها الشَريفَةَ وَالحِجالا +دَعوا في الناسِ مَفتوناً جَباناً يَقولُ الحَربُ قَد كانَت وَبالا +أَيُطلَبُ حَقَّهُم بِالروحِ قَومٌ فَتَسمَعُ قائِلاً رَكِبوا الضَلالا +وَكونوا حائِطاً لا صَدعَ فيهِ وَصَفّاً لا يُرَقَّعُ بِالكَسالى +وَعيشوا في ظِلالِ السِلمِ كَدّاً فَلَيسَ السِلمُ عَجزاً وَاِتِّكالا +وَلَكِن أَبَعدَ اليَومَينِ مَرمىً وَخَيرَهُما لَكُم نُصحاً وَآلا +وَلَيسَ الحَربُ مَركَبَ كُلِّ يَومٍ وَلا الدَمُ كُلَّ آوِنَةٍ حَلالا +سَأَذكُرُ ما حَييتُ جِدارَ قَبرٍ بِظاهِرِ جِلَّقَ رَكِبَ الرِمالا +مُقيمٌ ما أَقامَت مَيسَلونٌ يَذكُرُ مَصرَعَ الأُسُدِ الشِبالا +لَقَد أَوحى إِلَيَّ بِما شَجاني كَما توحي القُبورُ إِلى الثَكالى +تَغَيَّبَ عَظمَةُ العَظَماتِ فيهِ وَأَوَّلُ سَيِّدٍ لَقِيَ النِبالا +كَأَنَّ بُناتَهُ رَفَعوا مَناراً مِنَ الإِخلاصِ أَو نَصَبوا مِثالا +سِراجُ الحَقِّ في ثَبَجِ الصَحارى تَهابُ العاصِفاتُ لَهُ ذُبالا +تَرى نورَ العَقيدَةِ في ثَراهُ وَتَنشَقُ في جَوانِبِهِ الخِلالا +مَشى وَمَشَت فَيالِقُ مِن فَرَنسا تَجُرُّ مَطارِفَ الظَفَرِ اِختِيالا +مَلَأنَ الجَوَّ أَسلِحَةً خِفاقاً وَوَجهَ الأَرضِ أَسلِحَةً ثِقالا +وَأَرسَلنَ الرِياحَ عَلَيهِ ناراً فَما حَفَلَ الجَنوبُ وَلا الشَمالا +سَلوهُ هَل تَرَجَّلَ في هُبوبٍ مِنَ النيرانِ أَرجَلَتِ الجِبالا +أَقامَ نَهارَهُ يُلقي وَيَلقى فَلَمّا زالَ قُرصُ الشَمسِ زالا +وَصاحَ نَرى بِهِ قَيدَ المَنايا وَلَستَ تَرى الشَكيمَ وَلا الشِكالا +فَكُفِّنَ بِالصَوارِمِ وَالعَوالي وَغُيِّبَ حَيثُ جالَ وَحَيثُ صالا +إِذا مَرَّت بِهِ الأَجيالُ تَترى سَمِعتَ لَها أَزيزاً وَاِبتِهالا +تَعَلَّقَ في ضَمائِرِهِم صَليباً وَحَلَّقَ في سَرائِرِهِم هِلالا +جَعَلتُ حُلاها وَتِمثالَها عُيونَ القَوافي وَأَمثالَها +وَأَرسَلتُها في سَماءِ الخَيالِ تَجُرُّ عَلى النَجمِ أَذيالَها +وَإِنّي لِغِرّيدُ هَذي البِطاحِ تَغَذّى جَناها وَسَلسالَها +تَرى مِصرَ كَعبَةَ أَشعارِهِ وَكُلِّ مُعَلَّقَةٍ قالَها +وَتَلمَحُ بَينَ بُيوتِ القَصيد حِجالَ العَروسِ وَأَحجالَها +أَدارَ النَسيبَ إِلى حُبِّها وَوَلّى المَدائِحَ إِجلالَها +أَرَنَّ بِغابِرِها العَبقَرِيُّ وَغَنّى بِمِثلِ البُكا حالَها +وَيَروي الوَقائِعَ في شِعرِهِ يَروضُ عَلى البَأسِ أَطفالَها +وَما لَمَحوا بَعدُ ماءَ السُيوف فَما ضَرَّ لَو لَمَحوا آلَها +وَيَومٍ ظَليلِ الضُحى مِن بَشنَسَ أَفاءَ عَلى مِصرَ آمالَها +رَوى ظُلُّهُ عَن شَبابِ الزَمانِ رَفيفَ الحَواشي وَإِخضالَها +مَشَت مِصرُ فيهِ تُعيدُ العُصورَ وَيَغمُرُ ذِكرُ الصِبا بالَها +وَتَعرِضُ في المِهرَجانِ العَظيمِ ضُحاها الخَوالي وَآصالَها +وَأَقبَلَ رَمسيسُ جَمَّ الجَلالِ سَنِيَّ المَواكِبِ مُختالَها +وَما دانَ إِلّا بِشورى الأُمورِ وَلا اِختالَ كِبراً وَلا اِستالَها +فَحَيّا بِأَبلَجَ مِثلِ الصِباحِ وُجوهَ البِلادِ وَأَرسالَها +وَأَوما إِلى ظُلُماتِ القُرونِ فَشَقَّ عَنِ الفَنِّ أَسدالَها +فَمَن يُبلِغُ الكَرنَكَ الأَقصُرِيَّ وَيُنبِئُ طَيبَةَ أَطلالَها +وَيُسمِعُ ثَمَّ بِوادي المُلوكِ مُلوكَ الدِيارِ وَأَقيالَها +وَكُلَّ مُخَلَّدَةٍ في الدُمى هُنالِكَ لَم نُحصِ أَحوالَها +عَلَيها مِنَ الوَحيِ ديباجَةٌ أَلَحَّ الزَمانُ فَما اِزدالَها +تَكادُ وَإِن هِيَ لَم تَتَّصِل بِروحٍ تُحَرِّكُ أَوصالَها +وَما الفَنُّ إِلّا الصَريحُ الجَميلُ إِذا خالَطَ النَفسَ أَوحى لَها +وَما هُوَ إِلّا جَمالُ العُقولِ إِذا هِيَ أَولَتهُ إِجمالَها +لَقَد بَعَثَ اللَهُ عَهدَ الفُنونِ وَأَخرَجَتِ الأَرضُ مَثّالَها +تَعالَوا نَرى كَيفَ سَوّى الصَفاةَ فَتاةً تُلَملِمُ سِربالَها +دَنَت مِن أَبي الهَولِ مَشيَ الرَؤومِ إِلى مُقعَدٍ هاجَ بَلبالَها +وَقَد جابَ في سَكَراتِ الكَرى عُروضَ اللَيالي وَأَطوالَها +وَأَلقى عَلى الرَملِ أَرواقَهُ وَأَرسى عَلى الأَرضِ أَثقالَها +يُخالُ لِإِطراقِهِ في الرِملِ سَطيحَ العُصورِ وَرَمّالَها +فَقالَت تَحَرَّك فَهمَ الجَماد كَأَنَّ الجَمادَ وَعى قالَها +فَهَل سَكَبَت في تَجاليدِهِ شُعاعَ الحَياةِ وَسَيّالَها +أَتَذكُرُ إِذ غَضِبَت كَاللُباةِ وَلَمَّت مِنَ الغيلِ أَشبالَها +وَأَلقَت بِهِم في غِمارِ الخُطوبِ فَخاضوا الخُطوبَ وَأَهوالَها +وَثاروا فَجُنَّ جُنونُ الرِياحِ وَزُلزِلَتِ الأَرضُ زِلزالَها +وَباتَ تَلَمُّسُهُم شَيخَهُم حَديثَ الشُعوبِ وَأَشغالَها +وَمَن ذا رَأى غابَةً كافَحَت فَرَدَّت مِن الأَسرِ رِئبالَها +وَأَهيَبُ ما كانَ يَأسُ الشُعوبِ إِذا سَلَّحَ الحَقُّ أَعزالَها +فُوادُ اِرفَعِ السِترَ عَن نَهضَةٍ تَقَدَّمَ جَدُّكَ أَبطالَها +وَرُبَّ اِمرِئٍ لَم تَلِدهُ البِلادُ نَماها وَنَبَّهَ أَنسالَها +وَلَيسَ اللَآلِئُ مِلكَ البُحورِ وَلَكِنَّها مِلكُ مَن نالَها +وَما كَعَلِيٍّ وَلا جيلِهِ إِذا عَرَضَت مِصرُ أَجيالَها +بَنَوا دَولَةً مِن بَناتِ الأَسِنَّ ةِ لَم يَشهَدِ النيلُ أَمثالَها +لَئِن جَلَّلَ البَحرَ أُسطولُها لَقَد لَبِسَ البَرُّ قِسطالَها +فأَمّا أَبوكَ فَدُنيا الحَضا رَةِ لَو سالَمَ الدَهرُ إِقبالَها +تَخَيَّر إِفريقيا تاجَهُ وَرَكَّبَ في التاجِ صومالَها +رِكابُكَ يا اِبنَ المُعِزِّ الغُيوثُ وَيَفضُلنَ في الخَيرِ مِنوالَها +إِذا سِرنَ في الأَرضِ نَسَّينَها رِكابَ السَماءِ وَأَفضالَها +فَلَم تَبرِحِ القَصرَ إِلّا شَفيتَ جُدوبَ العُقولِ وَإِمحالَها +لَقَد رَكَّبَ اللهُ في ساعِدَيكَ يَمينَ الجُدودِ وَشيمالَها +تَخُطُّ وَتَبني صُروحَ العُلومِ وَتَفتَحُ لِلشَرقِ أَقفالَها +في مِهرَجانِ الحَقِّ أَو يَومَ الدَمِ مُهَجٌ مِنَ الشُهَداءِ لَم تَتَكَلَّمِ +يَبدو عَلى هاتورَ نورُ دِمائِها كَدَمِ الحُسَينِ عَلى هِلالِ مُحَرَّمِ +يَومُ الجِهادِ كَصَدرِ نَهارِهِ مُتَمايِلُ الأَعطافِ مُبتَسِمُ الفَمِ +طَلَعَت تَحُجُّ البَيتَ فيهِ كَأَنَّها زُهرُ المَلائِكِ في سَماءِ المَوسِمِ +لِم لا تُطِلُّ مِنَ السَماءِ وَإِنَّما بَينَ السَحابِ قُبورُها وَالأَنجُمِ +وَلَقَد شَجاها الغائِبونَ وَراعَها ما حَلَّ بِالبَيتِ المُضيءِ المُظلِمِ +وَإِذا نَظَرتَ إِلى الحَياةِ وَجَدتَها عُرساً أُقيمَ عَلى جَوانِبِ مَأتَمِ +لا بُدَّ لِلحُرِيَّةِ الحَمراءِ مِن سَلوى تُرَقِدُ جُرحَها كَالبَلسَمِ +وَتَبَسُّمٍ يَعلو أَسِرَّتِها كَما يَعلو فَمَ الثَكلى وَثَغرَ الأَيِّمِ +يَومَ البُطولَةِ لَو شَهَدتُ نَهارَهُ لَنَظَمتُ لِلأَجيالِ ما لَم يُنظَمِ +غَنَت حَقيقَتُهُ وَفاتَ جَمالُها باعَ الخَيالِ العَبقَرِيِّ المُلهَمِ +لَولا عَوادي النَفيِ أَو عَقَباتُهُ وَالنَفيُ حالٌ مِن عَذابِ جَهَنَّمِ +لَجَمَعتُ أَلوانَ الحَوادِثِ صورَةً مَثَّلتُ فيها صورَةَ المُستَسلِمِ +وَحَكَيتُ فيها النيلَ كاظِمَ غَيظِهِ وَحَكَيتُهُ مُتَغَيِّظاً لَم يَكظِمِ +دَعَتِ البِلادَ إِلى الغِمارِ فَغامَرَت وَطَنِيَّةٌ بِمُثَقَّفٍ وَمُعَلِّمِ +ثارَت عَلى الحامي العَتيدِ وَأَقسَمَت بِسِواهُ جَلَّ جَلالُهُ لا تَحتَمي +نَثرَ الكِنانَةَ رَبُّها وَتَخَيَّرَت يَدُهُ لِنُصرَتِها ثَلاثَةَ أَسهُمِ +مِن كُلِّ أَعزَلَ حَقُّهُ بِيَمينِهِ كَالسَيفِ في يُمنى الكَمِيِّ المُعلَمِ +لَم يُحجِموا في ساعَةٍ قَد أَظفَرَت مَلِكَ البِحارِ بِكُلِّ قَيصَرَ مُحج��مِ +وَقَفوا مَطِيَّهُمو بِسُلَّمِ قَصرِهِ وَالبَأسُ وَالسُلطانُ دونَ السُلَّمِ +وَتَقَدَّموا حَتّى إِذا ما بَلَّغوا أَوحوا إِلى مِصرَ الفَتاةِ تَقَدَّمي +سالَت مِنَ الغابِ الشُبولُ غَلابِها لَبَنُ اللُباةِ وَهاجَ عِرقُ الضَيغَمِ +يَومَ النِضالِ كَسَتكَ لَونَ جَمالِها حُرِيَّةٌ صَبَغَت أَديمَكَ بِالدَمِ +أَصبَحتَ مِن غُرَرِ الزَمانِ وَأَصبَحَت ضَحِكَت أَسِرَّةُ وَجهِكَ المُتَجَهِّمِ +وَلَقَد يَتَمتَ فَكُنتَ أَعظَمَ رَوعَةً يا لَيتَ مِن سَعدِ الحِمى لَم تَيتَمِ +لِيَنَم أَبو الأَشبالِ مِلءَ جُفونِهِ لَيسَ الشُبولُ عَنِ العَرينِ بِنُوَّمِ +اِبتَغوا ناصِيَةَ الشَمسِ مَكانا وَخُذوا القِمَّةَ عَلَماً وَبَيانا +وَاِطلُبوا بِالعَبقَرِيّاتِ المَدى لَيسَ كُلُّ الخَيلِ يَشهَدنَ الرِهنا +اِبعَثوها سابِقاتٍ نُجُبا تَملَأُ المِضمارَ مَعنىً وَعِيانا +وَثِبوا لِلعِزِّ مِن صَهوَتِها وَخُذوا المَجدَ عِناناً فَعِنانا +لا تُثيبوها عَلى ما قَلَّدَت مِن أَيادٍ حَسَداً أَو شَنَآنا +وَضَئيلٍ مِن أُساةِ الحَيِّ لَم يُعنَ بِاللَحمِ وَبِالشَحمِ اِختِزانا +ضامِرٍ في شُفعَةٍ تَحسَبُهُ نِضوَ صَحراءَ اِرتَدى الشَمسَ دِهانا +أَو طَبيباً آيِباً مِن طيبَةٍ لَم تَزَل تَندى يَداهُ زَعفَرانا +تُنكِرُ الأَرضُ عَلَيهِ جِسمَهُ وَاِسمُهُ أَعظَمُ مِنها دَوَرانا +نالَ عَرشَ الطِبِّ أُمحوتَبٍ وَتَلَقّى مِن يَدَيهِ الصَولَجانا +يا لِأَمحوتَبَ مِن مُستَألِهٍ لَم يَلِد إِلّا حَوارِيّاً هِجانا +خاشِعاً لِلَّهِ لَم يُزهَ وَلَم يُرهِقِ النَفسَ اِغتِراراً وَاِفتِتانا +يَلمُسُ القُدرَةُ لَمساً كُلَّما قَلَبَ المَوتى وَجَسَّ الحَيَوانا +لَو يُرى اللَهُ بِمِصباحٍ لَما كانَ إِلّا العِلمَ جَلَّ اللَهُ شانا +في خِلالٍ لَفَتَت زَهرَ الرُبى وَسَجايا أَنِسَت الشَربَ الدِنانا +لَو أَتاهُ موجَعاً حاسِدُهُ سَلَّ مِن جَنَبِ الحَسودِ السَرطانا +خَيرُ مَن عَلَّمَ في القَصرِ وَمَن شَقَّ عَن مُستَتِرِ الداءِ الكِنانا +كُلُّ تَعليمٍ نَراهُ ناقِصاً سُلَّمٌ رَثٌّ إِذا اِستُعمِلَ خانا +دَرَكٌ مُستَحدَثٌ مِن دَرَجٍ وَمِنَ الرِفعَةِ ما حَطَّ الدُخانا +لا عَدِمنا لِلسُيوطِيِّ يَداً خُلِقَت لِلفَتقِ وَالرَتقِ بَنانا +تَصرِفِ المِشرَطَ لِلبُرءِ كَما صَرَفَ الرُمحُ إِلى النَصرِ السِنانا +مَدَّها كَالأَجَلِ المَبسوطِ في طَلَبِ البُرءِ اِجتِهاداً وَاِفتِنانا +تَجِدُ الفولاذَ فيها مُحسِناً أَخَذَ الرِفقَ عَلَيها وَاللِيانا +يَدُ إِبراهيمَ لَو جِئتَ لَها بِذَبيحِ الطَيرِ عادَ الطَيَرانا +لَم تَخِط لِلناسِ يَوماً كَفَناً إِنَّما خاطَت بَقاءً وَكِيانا +وَلَقَد يُؤسى ذَوو الجَرحى بِها مِن جِراحِ الدَهرِ أَو يُشفى الحَزانى +نَبَغَ الجيلُ عَلى مِشرَطِها في كِفاحِ المَوتِ ضَرباً وَطِعانا +لَو أَتَت قَبلَ نُضوجِ الطِبِّ ما وَجَدَ التَنويمُ عَوناً فَاِستَعانا +يا طِرازاً يَبعَثُ اللَهُ بِهِ في نَواحي مُلكِهِ آناً فَآنا +مِن رِجالٍ خُلِقوا أَلوِيَةً وَنُجوماً وَغُيوثاً وَرِعانا +قادَةُ الناسِ وَإِن لَم يَقرُبوا طَبَعاتِ الهِندِ وَالسُمرَ اللِدانا +وَغَذاءَ الجيلِ فَالجيلِ وَإِن نَسِيَ الأَجيالُ كَالطِفلِ اللِبانا +وَهُمو الأَبطالُ كانَت حَربُهُم مُنذُ شَنّوها عَلى الجَهلِ عَوانا +يا أَخي وَالذُخرُ في الدُنيا أَخٌ حاضِرُ الخَيرِ عَلى الخَيرِ أَعانا +لَكَ عِندَ اِبنَي أَو عِندي يَدٌ لَستُ آلوها اِدِّكاراً أَو صِيانا +حَسُنَت مِنّي وَمِنهُ مَوقِعاً فَجَعَلنا حِرزَها الشُكرَ الحُسانا +هَل تَرى أَنتَ فَإِنّي لَم أَجِد كَجَميلِ الصُنعِ بِالشُكرِ اِقتِرانا +وَإِذا الدُنيا خَلَت مِن خَيرٍ وَخَلَت مِن شاكِرٍ هانَت هَوانا +دَفَعَ اللَهُ حُسَيناً في يَدٍ كَيَدِ الأَلطافِ رِفقاً وَاِحتِضانا +لَو تَناوَلتُ الَّذي قَد لَمَسَت مِنهُ ما زِدتُ حِذاراً وَحَنانا +جُرحُهُ كانَ بِقَلبي يا أَباً لا أُنَبّيهِ بِجُرحي كَيفَ كانا +لَطَفَ اللَهُ فَعوفينا مَعاً وَاِرتَهَنّا لَكَ بِالشُكرِ لِسانا +مَرحَباً بِالرَبيعِ في رَيعانِهِ وَبِأَنوارِهِ وَطيبِ زَمانِه +رَفَّتِ الأَرضُ في مَواكِبِ آذا رَ وَشَبَّ الزَمانُ في مِهرَجانِه +نَزَلَ السَهلَ ضاحِكَ البِشرِ يَمشي فيهِ مَشيَ الأَميرِ في بُستانِه +عادَ حَلياً بِراحَتَيهِ وَوَشياً طولُ أَنهارِهِ وَعَرضُ جِنانِه +لُفَّ في طَيلَسانِهِ طُرَرَ الأَر ضِ فَطابَ الأَديمُ مِن طَيلَسانِه +ساحِرٌ فِتنَةَ العُيونِ مُبينٌ فَصَّلَ الماءَ في الرُبا بِجُمانِه +عَبقَرِيُّ الخَيالِ زادَ عَلى الطَي فِ وَأَربى عَلَيهِ في أَلوانِه +صِبغَةُ اللَهِ أَينَ مِنها رَفائي لُ وَمِنقاشُهُ وَسِحرُ بَنانِه +رَنَّمَ الرَوضُ جَدوَلاً وَنَسيماً وَتَلا طَيرَ أَيكِهِ غُصنُ بانِه +وَشَدَت في الرُبا الرَياحينُ هَمساً كَتَغَنّي الطَروبِ في وُجدانِه +كُلُّ رَوحانَةٍ بِلَحنٍ كَعُرسٍ أُلِّفَت لِلغِناءِ شَتّى قِيانِه +نَغَمٌ في السَماءِ وَالأَرضِ شَتّى مِن مَعاني الرَبيعِ أَو أَلحانِهِ +أَينَ نورُ الرَبيعِ مِن زَهرِ الشِع رِ إِذا ما اِستَوى عَلى أَفنانِه +سَرمَدُ الحُسنِ وَالبَشاشَةِ مَهما تَلتَمِسهُ تَجِدهُ في إِبّانِه +حَسَنٌ في أَوانِهِ كُلِّ شَيءٍ وَجَمالُ القَريضِ بَعدَ أَوانِه +مَلَكٌ ظِلُّهُ عَلى رَبوَةِ الخُل دِ وَكُرسِيُّهُ عَلى خُلجانِه +أَمَرَ اللَهُ بِالحَقيقَةِ وَالحِك مَةِ فَاِلتَفَّتا عَلى صَولَجانِه +لَم تَثُر أُمَّةٌ إِلى الحَقِّ إِلا بُهُدى الشِعرِ أَو خُطا شَيطانِه +لَيسَ عَزفُ النُحاسِ أَوقَعَ مِنهُ في شُجاعِ الفُؤادِ أَو في جَبانِه +ظَلَّلَتني عِنايَةٌ مِن فُؤادٍ ظَلَّلَ اللَهُ عَرشَهُ بِأَمانِه +وَرَعاني رَعى الإِلَهُ لَهُ الفارو قَ طِفلاً وَيَومَ مَرجُوِّ شانِه +مَلِكُ النيلِ مِن مَصَبَّيهِ بِالشَط طِ إِلى مَنبَعَيهِ مِن سودانِه +هُوَ في المُلكِ بَدرُهُ المُتَجَلّي حُفَّ بِالهالَتَينِ مِن بَرلُمانِه +زادَهُ اللَهُ بِالنِيابَةِ عِزّاً فَوقَ عِزِّ الجَلالِ مِن سُلطانِه +مِنبَرُ الحَقِّ في أَمانَةِ سَعدٍ وَقِوامُ الأُمورِ في ميزانِه +لَم يَرَ الشَرقُ داعِياً مِثلَ سَعدٍ رَجَّهُ مِن بِطاحِهِ وَرِعانِه +ذَكَّرَتهُ عَقيدَةُ الناسِ فيهِ كَيفَ كانَ الدُخولُ في أَديانِه +نَهضَةٌ مِن فَتى الشُيوخِ وَروحٌ سَرَيا كَالشَبابِ في عُنفُوانِه +حَرَّكا الشَرقَ مِن سُكونٍ إِلى القَي دِ وَثارا بِهِ عَلى أَرسانِه +وَإِذ النَفسُ أُنهِضَت مِن مَريضٍ دَرَجَ البُرءُ في قُوى جُثمانِه +يا عُكاظاً تَأَلَّفَ الشَرقُ فيهِ مِن ف��لسطينِهِ إِلى بَغدانِه +اِفتَقَدنا الحِجازَ فيهِ فَلَم نَع ثُر عَلى قُسِّهِ وَلا سَحبانِه +حَمَلَت مِصرُ دونَهُ هَيكَلَ الدي نِ وَروحَ البَيانِ مِن فُرقانِه +وُطِّدَت فيكَ مِن دَعائِمِها الفُص حى وَشُدَّ البَيانُ مِن أَركانِه +إِنَّما أَنتَ حَلبَةٌ لَم يُسَخَّر مِثلُها لِلكَلامِ يَومَ رِهانِه +تَتَبارى أَصائِلُ الشامِ فيها وَالمَذاكِيِ العِتاقُ مِن لُبنانِه +قَلَّدَتني المُلوكُ مِن لُؤلُؤِ البَح رَينِ آلاءَها وَمِن مَرجانِه +نَخلَةٌ لا تَزالُ في الشَرقِ مَعنىً مِن بَداواتِهِ وَمِن عُمرانِه +حَنَّ لِلشامِ حِقبَةً وَإِلَيها فاتِحُ الغَربِ مِن بَني مَروانِه +وَحَبَتني بُمبايُ فيها يَراعاً أُفرِغَ الودُّ فيهِ مِن عِقيانِه +لَيسَ تَلقى يَراعَها الهِندُ إِلّا في ذَرا الخُلقِ أَو وَراءَ ضَمانِه +أَنتَضيهِ اِنتِضاءَ موسى عَصاهُ يَفرَقُ المُستَبِدُّ مِن ثُعبانِه +يَلتَقي الوَحيَ مِن عَقيدَةِ حُرٍّ كَالحَوارِيِّ في مَدى إيمانِه +غَيرَ باغٍ إِذا تَطَلَّبَ حَقّاً أَو لَئيمِ اللَجاجِ في عُدوانِه +موكِبُ الشِعرِ حَرَّكَ المُتَنَبّي في ثَراهُ وَهَزَّ مِن حَسّانِه +مَن ظَنَّ بَعدَكَ أَن يَقولَ رِثاءَ فَليَرثِ مِن هَذا الوَرى مَن شاءَ +فَجَعَ المَكارِمَ فاجِعٌ في رَبِّها وَالمَجدَ في بانيهِ وَالعَلياءَ +وَنَعى النُعاةُ إِلى المُروءَةِ كَنزَها وَإِلى الفَضائِلِ نَجمَها الوَضّاءَ +أَأَبا مُحَمَّدٍ اِتَّئِد في ذا النَوى وَاِرفُق بِآلِكَ وَاِرحَمِ الأَبناءَ +وَاِستَبقِ عِزَهُم بِطَهراءَ الَّتي كانوا النُجومَ بِها وَكُنتَ سَماءَ +أَدجى بِها لَيلُ الخُطوبِ وَطالَما مُلِأَت مَنازِلُها سَنىً وَسَناءَ +وَإِذا سُلَيمانَ اِستَقَلَّ مَحَلَّةً كانَت بِساطاً لِلنَدى وَرَجاءَ +فَاِنظُر مِنَ الأَعوادِ حَولَكَ هَل تَرى مِن بَعدِ طِبِّكَ لِلعُفاةِ دَواءَ +سارَت جَنازَةُ كُلِّ فَضلٍ في الوَرى لَمّا رَكِبتَ الآلَةَ الحَدباءَ +وَتَيَتَّمَ الأَيتامُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَرَمى الزَمانُ بِصَرفِهِ الفُقَراءَ +وَلَقَد عَهِدتُكَ لا تُضَيِّعُ راجِياً وَاليَومَ ضاعَ الكُلُّ فيكَ رَجاءَ +وَعَلِمتُ أَنَّكَ مَن يَوَدُّ وَمَن يَفي فَقِفِ الغَداةَ لَوِ اِستَطَعتَ وَفاءَ +وَذَكَرتُ سَعيَكَ لي مَريضاً فانِياً فَجَعَلتُ سَعيِيَ بِالرِثاءِ جَزاءَ +وَالمَرءُ يُذكَرُ بِالجَمائِلِ بَعدَهُ فَاِرفَع لِذِكرِكَ بِالجَميلِ بِناءَ +وَاِعلَم بِأَنَّكَ سَوفَ تُذكَرُ مَرَّةً فَيُقالُ أَحسَنَ أَو يُقالُ أَساءَ +أَبَنيهِ كونوا لِلعِدى مِن بَعدِهِ كَيداً وَكونوا لِلوَلِيِّ عَزاءَ +وَتَجَلَّدوا لِلخَطبِ مِثلَ ثَباتِهِ أَيّامَ يُدافِعُ الأَرزاءَ +وَاللَهُ ما ماتَ الوَزيرُ وَكُنتُمُ فَوقَ التُرابِ أَعِزَّةً أَحياءَ +يا أَيُّها الناعي أَبا الوُزَراءِ هَذا أَوانُ جَلائِلِ الأَنباءِ +حُثَّ البَريدَ مَشارِقاً وَمَغارِباً وَاِركَب جَناحَ البَرقِ في الأَرجاءِ +وَاِستَبكِ هَذا الناسَ دَمعاً أَو دَماً فَاليَومُ يَومُ مَدامِعٍ وَدِماءِ +لَم تَنعَ لِلأَحياءِ غَيرَ ذَخيرَةٍ وَلَّت وَغَيرَ بَقِيَّةِ الكُبَراءِ +رُزءُ البَرِيَّةِ في الوَزيرِ زِيادَةٌ فيما أَلَمَّ بِها مِنَ الأَرزاءِ +ذَهَبَت عَلى أَثَرِ المُشَيَّعِ دَولَةٌ بِرِجالِها وَكَرائِمِ الأَشياءِ +نُدمانُ إِسماعيلَ في آثارِهِ ذَهَبوا وَتِلكَ صُبابَةُ النُدَماءِ +وُلِدوا عَلى راحِ العُلا وَتَرَعرَعوا في نِعمَةِ الأَملاكِ وَالأُمَراءِ +أَودى الرَدى بِمُهذَّبٍ لا تَنتَهي إِلّا إِلَيهِ شَمائِلُ الرُؤَساءِ +صافي الأَديمِ أَغَرَّ أَبلَجَ لَم يَزِد في الشَيبِ غَيرَ جَلالَةٍ وَرُواءِ +مُتَجَنِّبِ الخُيَلاءِ إِلّا عِزَّةً في العِزِّ حُسنٌ لَيسَ في الخُيَلاءِ +عَفِّ السَرائِرِ وَالمَلاحِظِ وَالخُطا نَزِهِ الخَلائِقِ طاهِرِ الأَهواءِ +مُتَدَرِّعٍ صبرَ الكِرامِ عَلى الأَذى إِنَّ الكِرامَ مَشاغِلُ السُفَهاءِ +نَقَموا عَلَيهِ رَأيَهُ وَصَنيعَهُ وَالحُكمُ لِلتاريخِ في الآراءِ +وَالرَأيُ إِن أَخلَصتَ فيهِ سَريرَةً مِثلُ العَقيدَةِ فَوقَ كُلِّ مِراءِ +وَإِذا الرِجالُ عَلى الأُمورِ تَعاقَبوا كَشَفَ الزَمانُ مَواقِفَ النُظَراءِ +يا أَيُّها الشَيخُ الكَريمُ تَحِيَّةً أَندى لِقَبرِكَ مِن زُلالِ الماءِ +هَذا المَصيرُ أَكانَ طولَ سَلامَةٍ أَم لَم يَكُن إِلّا قَليلَ بَقاءِ +ماذا اِنتِفاعُكِ بِاللَيالي بَعدَ ما مَرَّت بِكَ السَبعونَ مَرَّ عِشاءِ +أَو بِالحَياةِ وَقَد مَشى في صَفوِها عادي السِنينَ وَعاثَ عادي الداءِ +مَن لَم يُطَبِّبهُ الشَبابُ فِداؤُهُ حَتّى يُغَيِّبَهُ بِغَيرِ دَواءِ +قَسَماتُ وَجهِكَ في التُرابِ ذَخائِرٌ مِن عِفَّةٍ وَتَكَرُّمٍ وَحَياءِ +وَلَكَم أَغارُ عَلى مُحَيّا ماجِدٍ وَطَوى مَحاسِنَ مَسمَحٍ مِعطاءِ +كَم مَوقِفٍ صَعبٍ عَلى مَن قامَهُ ذَلَّلتَهُ وَنَهَضتَ بِالأَعباءِ +كِبرُ الغَضَنفَرِ يَومَ ذَلِكَ زادَهُ مِن نَخوَةٍ وَحَمِيَّةٍ وَإِباءِ +مَن يَكذِبِ التاريخَ يَكذِبُ رَبَّهُ وَيُسيءُ لِلأَمواتِ وَالأَحياءِ +السِلمُ لَو لَم تودِ أَمسِ بِجُرحِها أَودَت بِهَذي الطَعنَةِ النَجلاءِ +لَو أُخِّرَت في العَيشِ بَعدَكَ ساعَةً لَبَكَت عَلَيكَ بِمَدمَعِ الخَنساءِ +اِنفُض غُبارَكَ عَنكَ وَاِنظُر هَل تَرى إِلّا غُبارَ كَتيبَةٍ وَلِواءِ +يا وَيحَ وَجهِ الأَرضِ أَصبَحَ مَأتَماً بَعدَ الفَوارِسِ مِن بَني حَوّاءِ +مِن ذائِدٍ عَن حَوضِهِ أَو زائِدٍ في مُلكِهِ مِن صَولَةٍ وَثَراءِ +أَو مانِعٍ جاراً يُناضِلُ دونَهُ أَو حافِظٍ لِعُهودِهِ ميفاءِ +يَتَقاذَفونَ بِذاتِ هَولٍ لَم تَهَب حَرَمَ المَسيحِ وَلا حِمى العَذراءِ +مِن مُحدَثاتِ العِلمِ إِلّا أَنَّها إِثمٌ عَواقِبُها عَلى العُلَماءِ +لَهَفي عَلى رُكنِ الشُيوخِ مُهَدَّما وَالحامِلاتِ الثُكلَ وَاليُتَماءِ +وَعَلى الشَبابِ بِكُلِّ أَرضٍ مَصرَعٌ لَهُمُ وَهُلكٌ تَحتَ كُلِّ سَماءِ +خَرَجوا إِلى الأَوطانِ مِن أَرواحِهِم كَرَمٌ يَليقُ بِهِم وَمَحضُ سَخاءِ +مِن كُلِّ بانٍ بِالمَنِيَّةِ في الصِبا لَم يَتَّخِذ عِرساً سِوى الهَيجاءِ +المُرضِعاتُ سَكَبنَ في وِجدانِهِ حُبَّ الدِيارِ وَبِغضَةَ الأَعداءِ +وَقَرَّرنَ في أُذُنَيهِ يَومَ فِطامِهِ أَنَّ الدِماءَ مُهورَةُ العَلياءِ +أَأَبا البَناتِ رُزِقتَهُنَّ كَرائِماً وَرُزِقتُ في أَصهارِكَ الكُرَماءِ +لا تَذهَبَنَّ عَلى الذُكورِ بِحَسرَةٍ الذِكرُ نِعمَ سُلالَةُ العُظَماءِ +وَأَرى بُناةَ المَجدِ يَثلِمُ مَجدَهُم ما خَلَّفوا مِن طالِحٍ وَغُثاءِ +إِنَّ البَناتَ ذَخائِرٌ ��ِن رَحمَةٍ وَكُنوزُ حُبٍّ صادِقٍ وَوَفاءِ +وَالساهِراتُ لِعِلَّةٍ أَو كَبرَةٍ وَالصابِراتُ لِشِدَّةٍ وَبَلاءِ +وَالباكِياتُكَ حينَ يَنقَطِعُ البُكا وَالزائِراتُكَ في العَراءِ الناءِ +وَالذاكِراتُكَ ما حَيِينَ تَحَدُّثاً بِسَوالِفِ الحُرُماتِ وَاللَآلاءِ +بِالأَمسِ عَزّاهُنَّ فيكَ عَقائِلٌ وَاليَومَ جامَلَهُنَّ فيكَ رِثائي +أَبيكَ ما الدُنيا سِوى مَعروفِها وَالبِرَّ كُلُّ صَنيعَةٍ بِجَزاءِ +أَجَزِعنَ أَن يَجري عَلَيهِنَّ الَّذي مِن قَبلِهِنَّ جَرى عَلى الزَهراءِ +عُذراً لَهُنَّ إِذا ذَهَبنَ مَعَ الأَسى وَطَلَبنَ عِندَ الدَمعِ بَعضَ عَزاءِ +ما كُلُّ ذي وَلَدٍ يُسَمّى والِداً كَم مِن أَبٍ كَالصَخرَةِ الصَمّاءِ +هَبهُنَّ في عَقلِ الرِجالِ وَحِلمِهِم أَقُلوبُهُنَّ سِوى قُلوبُ نِساءِ +اِجعَل رِثاءَكَ لِلرِجالِ جَزاءَ وَاِبعَثهُ لِلوَطَنِ الحَزينِ عَزاءَ +إِنَّ الدِيارَ تُريقُ ماءَ شُؤونِها كَالأُمَّهاتِ وَتَندُبُ الأَبناءَ +ثُكلُ الرِجالِ مِنَ البَنينِ وَإِنَّما ثُكلُ المَمالِكِ فَقدُها العُلَماءَ +يَجزَعنَ لِلعَلَمِ الكَبيرِ إِذا هَوى جَزَعَ الكَتائِبِ قَد فَقَدنَ لِواءَ +عَلَمُ الشَريعَةِ أَدرَكَتهُ شَريعَةٌ لِلمَوتِ يَنظِمُ حُكمُها الأَحياءَ +عانى قَضاءَ الأَرضِ عِلمَ مُحَصِّلٍ وَاَليَومَ عالَجَ لِلسَماءِ قَضاءَ +وَمَضى وَفيهِ مِنَ الشَبابِ بَقِيَّةٌ لِلنَفعِ أَرجى ما تَكونُ بَقاءَ +إِنَّ الشَبابَ يُحَبُّ جَمّاً حافِلاً وَتُحَبُّ أَيّامُ الشَبابِ مِلاءَ +بِالأَمسِ كانَت لِاِبنِ هَيفٍ غَضبَةٌ لِلحَقِّ نَذكُرُها يَداً بيضاءَ +مَشَتِ البِلادُ إِلى رِسالَةِ مِلنَرٍ وَتَحَفَّزَت أَرضاً لَها وَسَماءَ +فَلَمَحتُ أَعرَجَ في زَوايا الحَقِّ لَم أَعلَم عَلَيهِ ذِمَّةً عَرجاءَ +اِرتَدَّتِ العاهاتُ عَن أَخلاقِهِ لِسُمُوِّهِنَّ وَحَلَّتِ الأَعضاءَ +عَطَفَتهُ عَطفَ القَوسِ يَومَ رِمايَةٍ وَثَنَتهُ كَالماضي فَزادَ مَضاءَ +لَمّا رَأى التَقريرَ يَنفُثُ سُمَّهُ سَبَقَ الحُواةَ فَأَخرَجَ الرَقطاءَ +هَتَكَ الحِمايَةَ وَالرِجالَ وَراءَها يَتَلَمَّسونَ لَها السُتورَ رِياءَ +ما قَبَّحوا بِالصُبحِ مِن أَشباحِها راحوا إِلَيكَ فَحَسَّنوهُ مَساءَ +يا قَيِّمَ الدارِ الَّتي قَد أَخرَجَت لِلمُدلِجينَ مَنارَةً زَهراءَ +وَتَرى لَدَيها الوارِدينَ فَلا تَرى إِلّا ظِماءً يَنزِلونَ رَواءَ +وَتُجالِسُ العُلَماءَ في حُجُراتِها وَتُسامِرُ الحُكَماءَ وَالشُعَراءَ +تَكفيكَ شَيطانَ الفَراغِ وَتَعتَني بِالجاهِلينَ تَرُدُّهُم عُقَلاءَ +دارُ الذَخائِرِ كُنتَ أَكمَلَ كُتبِها مَجموعَةٌ وَأَتَمَّها أَجزاءَ +لَمّا خَلَت مِن كِنزِ عِلمِكَ أَصبَحَت مِن كُلِّ أَعلاقِ الكُنوزِ خَلاءَ +هَزَّ الشَبابُ إِلى رَثائِكَ خاطِري فَوَجَدتَ فِيَّ وَفي الشَبابِ وَفاءَ +عَبدَ الحَميدِ أَلا أُسِرُّكَ حادِثاً يَكسو عِظامَكَ في البِلى السَرّاءَ +قُم مِن صُفوفِ الحَقِّ تلقَ كَتيبَةً مَلمومَةً وَتَرَ الصُفوفَ سَواءَ +وَتَرَ الكِنانَةِ شيبَها وَشَبابَها دونَ القَضِيَةِ عُرضَةً وَفِداءَ +جَمَعَ السَلامُ الصُحفَ مِن غاراتِها وَتَأَلَّفَ الأَحزابَ وَالزُعَماءَ +في كُلِّ وُجدانٍ وَكُلِّ سَريرَةٍ خَلَفَ الوِدادُ الحِق��َ وَالبَغضاءَ +وَغَدا إِلى دينِ العَشيرَةِ يَنتَهي مَن خالَفَ الأَعمامَ وَالآباءَ +لا يَحجِبونَ عَلى تجَنّيهِم وَلا يَجِدونَ إِلّا الصَفحَ وَالإِغضاءَ +وَالأَهلُ لا أَهلاً بِحَبلِ وَلائِهِم حَتّى تَراهُم بَينَهُم رُحَماءُ +كَذَبَ المُريبُ يَقولُ بَعدَ غَدٍ لَنا خُلفٌ يُعيدُ وَيُبدِئُ الشَحناءَ +قَلبي يُحَدِّثُني وَلَيسَ بِخائِني إِنَّ العُقولَ سَتَقهَرُ الأَهواءَ +يا سَعدُ قَد جَرَتِ الأُمورُ لِغايَةٍ اللَهُ هَيَّأَها لَنا ما شاءَ +سُبحانَهُ جَمَعَ القُلوبَ مِنَ الهَوى شَتّى وَقَوّى حَولَهُ الضُعَفاءَ +الفُلكُ بَعدَ العُسرِ يُسِّرَ أَمرُها وَاِستَقبَلَت ريحَ الأُمورِ رُخاءَ +وَتَأَهَّبَت بِكَ تَستَعِدُّ لِزاخِرٍ تَطَأُ العَواصِفَ فيهِ وَالأَنواءَ +رَجَعَت بِراكِبِها إِلى رُبّانِها تُلقي الرَجاءَ عَلَيهِ وَالأَعباءَ +فَاِشدُد بِأَربابِ النُهى سُكّانَها وَاِجعَل مِلاكَ شِراعِها الأَكفاءَ +مَن ذا الَّذي يَختارُ أَهلَ الفَضلِ أَو يَزِنُ الرِجالَ إِذا اِختِيارُكَ ناءَ +أَخرِج لِأَبناءِ الحَضارَةِ مَجلِساً يُبقي عَلى اِسمِكَ في العُصورِ ثَناءَ +بَيتٌ عَلى أَرضِ الهُدى وَسَمائِهِ الحَقُّ حائِطُهُ وَأُسُّ بِنائِهِ +الفَتحُ مِن أَعلامِهِ وَالطُهرُ مِن أَوصافِهِ وَالقُدسُ مِن أَسمائِهِ +تَحنو مَناكِبُهُ عَلى شُعَبِ الهُدى وَتُطِلُّ سُدَّتُهُ عَلى سينائِهِ +مَن ذا يُنازِعُنا مَقالِدَ بابِهِ وَجَلالَ سُدَّتِهِ وَطُهرَ فِنائِهِ +وَمُحَمَّدٌ صَلّى عَلى جَنَباتِهِ وَاِستَقبَلَ السَمَحاتِ في أَرجائِهِ +وَاليَومَ ضَمَّ الناسَ مَأتَمُ أَرضِهِ وَحَوى المَلائِكَ مِهرَجانُ سَمائِهِ +يا قُدسُ هَيِّئ مِن رِياضِكَ رَبوَةً لِنَزيلِ تُربِكَ وَاِحتَفِل بِلِقائِهِ +هُوَ مِن سُيوفِ اللَهِ جَلَّ جَلالُهُ أَو مِن سُيوفِ الهِندِ عِندَ قَضائِهِ +فَتَحَ النَبِيُّ لَهُ مَناخَ بُراقِهِ وَمَعارِجَ التَشريفِ مِن إِسرائِهِ +بَطَلٌ حُقوقُ الشَرقِ مِن أَحمالِهِ وَقَضِيَّةُ الإِسلامِ مِن أَعبائِهِ +لَم تُنسِهِ الهِندُ العَزيزَةُ رِقَّةً لِلشَرقِ أَو سَهَراً عَلى أَشيائِهِ +وَقِباؤُهُ نَسجُ الهُنودِ فَهَل تُرى دَفَنوا الزَعيمَ مُكَفَّناً بِقَبائِهِ +النيلُ يَذكُرُ في الحَوادِثِ صَوتَهُ وَالتُركُ لا يَنسونَ صِدقَ بَلائِهِ +قُل لِلزَعيمِ مُحَمَّدٍ نَزَلَ الأَسى بِالنيلِ وَاِستَولى عَلى بَطحائِهِ +فَمَشى إِلَيكَ بِجَفنِهِ وَبِدَمعِهِ وَإِلى أَخيكَ بِقَلبِهِ وَعَزائِهِ +اِجتَزتَهُ فَحواكَ في أَطرافِهِ وَلَوِ اِنتَظَرتَ حَواكَ في أَحشائِهِ +وَلَقَد تَعَوَّدَ أَن تَمُرَّ بِأَرضِهِ مَرَّ الغَمامِ بِظِلِّهِ وَبِمائِهِ +نَم في جِوارِ اللَهِ ما بِكَ غُربَةٌ في ظِلِّ بَيتٍ أَنتَ مِن أَبنائِهِ +الفَتحُ وَهوَ قَضِيَّةٌ قُدسِيَّةٌ يا طالَما ناضَلتَ دونَ لِوائِهِ +أَفتى بِدَفنِكَ عِندَ سَيِّدَةِ القُرى مُفتٍ أَرادَ اللَهَ مِن إِفتائِهِ +بَلَدٌ بَنوهُ الأَكرَمونَ قُصورُهُم وَقُبورُهُم وَقفٌ عَلى نُزَلائِهِ +قَد عِشتَ تَنصُرُهُ وَتَمنَحُ أَهلَهُ عَوناً فَكَيفَ تَكونُ مِن غُرَبائِهِ +كُلَّ يَومٍ مِهرَجانٌ كَلَّلوا فيهِ مَيتاً بِرَياحينَ الثَناء +لَم يُعَلِّم قَومَهُ حَرفاً وَلَم يُضِىءِ الأَرضَ بِنورِ الكَهرُباء +جومِلَ الأَحياءُ فيهِ وَقَضى شَهَواتَ أَهلِهِ وَالأَصدِقاء +ما أَضَلَّ الناسَ حَتّى المَوتُ لَم يَخلُ مِن زورٍ لَهُم أَو مِن رِياء +إِنَّما يُبكى شُعاعٌ نابِغٌ كُلَّما مَرَ بِهِ الدَهرُ أَضاء +مَلَأَ الأَفواهَ وَالأَسماعَ في ضَجَّةِ المَحيا وَفي صَمتِ الفَناء +حائِطُ الفَنِّ وَباني رُكنِهِ مَعبَدُ الأَلحانِ إِسحَقُ الغِناء +مِن أُناسٍ كَالدَراري جُدُدٍ في سَمَواتِ اللَيالي قُدَماء +غَرَسَ الناسُ قَديماً وَبَنَوا لَم يَدُم غَرسٌ وَلَم يَخلُد بِناء +غَيرَ غَرسٍ نابِغٍ أَو حَجَرٍ عَبقَرِيٍّ فيهُما سِرُّ البَقاء +مِن يَدٍ مَوهوبَةٍ مُلهَمَةٍ تَغرِسُ الإِحسانَ أَو تَبني العَلاء +بُلبُلٌ إِسكَندَرِيٌّ أَيكُهُ لَيسَ في الأَرضِ وَلَكِن في السَماء +هَبَطَ الشاطِئَ مِن رابِيَةٍ ذاتِ ظِلٍّ وَرَياحينَ وَماء +يَحمِلُ الفَنَّ نَميراً صافِياً غَدَقَ النَبعِ إِلى جيلٍ ظِماء +حَلَّ في وادٍ عَلى فُسحَتِهِ عَزَّتِ الطَيرُ بِهِ إِلّا الحِداء +يَملَأُ الأَسحارَ تَغريداً إِذا صَرَفَ الطَيرَ إِلى الأَيكِ العِشاء +رُبَّما اِستَلهَمَ ظَلماءَ الدُجى وَأَتى الكَوكَبَ فَاِستَوحى الضِياء +وَرَمى أُذَنيهِ في ناحِيَةٍ يَخلِسُ الأَصواتَ خَلسَ البَبَّغاء +فَتَلَقّى فيهِما ما راعَهُ مِن خَفِيِّ الهَمسِ أَو جَهرِ النِداء +أَيُّها الدَرويشُ قُم بُثَّ الجَوى وَاِشرَحِ الحُبَّ وَناجِ الشُهَداء +اِضرِبِ العودَ تَفُه أَوتارُهُ بِالَّذي تَهوى وَتَنطِقُ ما تَشاء +حَرِّكِ النايَ وَنُح في غابِهِ وَتَنَفَّس في الثُقوبِ الصُعَداء +وَاِسكُبِ العَبرَةَ في آماقِهِ مِن تَباريحَ وَشَجوٍ وَعَزاء +وَاِسمُ بِالأَرواحِ وَاِدفَعها إِلى عالَمِ اللُطفِ وَأَقطارِ الصَفاء +لا تُرِق دَمَعاً عَلى الفَنِّ فَلَن يَعدِمَ الفَنُّ الرُعاةَ الأُمَناء +هُوَ طَيرُ اللَهِ في رَبوَتِهِ يَبعَثُ الماءَ إِلَيهِ وَالغِذاء +رَوَّحَ اللهُ عَلى الدُنيا بِهِ فَهيَ مِثلُ الدارِ وَالفَنُّ الفِناء +تَكتَسي مِنهُ وَمِن آذارِهِ نَفحَةَ الطيبِ وَإِشراقِ البَهاء +وَإِذا ما حُرِمَت رِقَّتَهُ فَشَتِ القَسوَةُ فيها وَالجَفاء +وَإِذا ما سَئِمَت أَو سَقِمَت طافَ كَالشَمسِ عَلَيها وَالهَواء +وَإِذا الفَنُّ عَلى المُلكِ مَشى ظَهَرَ الحُسنُ عَلَيهِ وَالرُواء +قَد كَسا الكَرنَكُ مِصراً ما كَسا مِن سَنىً أَبلى اللَيالي وَسَناء +يُرسِلُ اللَهُ بِهِ الرُسلَ عَلى فَتَراتٍ مِن ظُهورٍ وَخَفاء +كُلَّما أَدّى رَسولٌ وَمَضى جاءَ مَن يوفي الرِسالاتِ الأَداء +سَيِّدَ الفَنِّ اِستَرِح مِن عالَمٍ آخِرُ العَهدِ بِنُعماهُ البَلاء +رُبَّما ضِقتَ فَلَم تَنعَم بِهِ وَسَرى الوَحيُ فَنَسّاكَ الشَقاء +لَقَدِ اِستَخلَفتَ فَنّاً نابِغاً دَفَعَ الفَنُّ إِلَيهِ بِاللِواء +إِنَّ في مُلكِ فُؤادٍ بُلبُلاً لَم يُتَح أَمثالُهُ لِلخُلَفاء +ناحِلٌ كَالكُرَةِ الصُغرى سَرى صَوتُهُ في كُرَةِ الأَرضِ الفَضاء +يَستَحي أَن يَهتِفَ الفَنُ بِهِ وَجَمالُ العَبقَرِيّاتِ الحَياء +رَكَزوا رُفاتَكَ في الرِمالِ لِواءَ يَستَنهِضُ الوادي صَباحَ مَساءَ +يا وَيحَهُم نَصَبوا مَناراً مِن دَمٍ توحي إِلى جيلِ الغَدِ البَغضاءَ +ما ضَرَّ لَو جَعَلوا العَلاقَةَ في غَدٍ بَينَ الشُعوبِ مَوَدَّةً وَإِخ��ءَ +جُرحٌ يَصيحُ عَلى المَدى وَضَحِيَّةٌ تَتَلَمَّسُ الحُرِّيَةَ الحَمراءَ +يا أَيُّها السَيفُ المُجَرَّدُ بِالفَلا يَكسو السُيوفَ عَلى الزَمانِ مَضاءَ +تِلكَ الصَحاري غِمدُ كُلِّ مُهَنَّدٍ أَبلى فَأَحسَنَ في العَدُوِّ بَلاءَ +وَقُبورُ مَوتى مِن شَبابِ أُمَيَّةٍ وَكُهولِهِم لَم يَبرَحوا أَحياءَ +لَو لاذَ بِالجَوزاءِ مِنهُم مَعقِلٌ دَخَلوا عَلى أَبراجِها الجَوزاءَ +فَتَحوا الشَمالَ سُهولَهُ وَجِبالَهُ وَتَوَغَّلوا فَاِستَعمَروا الخَضراءَ +وَبَنَوا حَضارَتَهُم فَطاوَلَ رُكنُها دارَ السَلامِ وَجِلَّقَ الشَمّاءَ +خُيِّرتَ فَاِختَرتَ المَبيتَ عَلى الطَوى لَم تَبنِ جاهاً أَو تَلُمَّ ثَراءَ +إِنَّ البُطولَةَ أَن تَموتَ مِن الظَما لَيسَ البُطولَةُ أَن تَعُبَّ الماءَ +إِفريقيا مَهدُ الأُسودِ وَلَحدُها ضَجَّت عَلَيكَ أَراجِلاً وَنِساءَ +وَالمُسلِمونَ عَلى اِختِلافِ دِيارِهِم لا يَملُكونَ مَعَ المُصابِ عَزاءَ +وَالجاهِلِيَّةُ مِن وَراءِ قُبورِهِم يَبكونَ زيدَ الخَيلِ وَالفَلحاءَ +في ذِمَّةِ اللَهِ الكَريمِ وَحِفظِهِ جَسَدٌ بِبُرقَةَ وُسِّدَ الصَحراءَ +لَم تُبقِ مِنهُ رَحى الوَقائِعِ أَعظُماً تَبلى وَلَم تُبقِ الرِماحُ دِماءَ +كَرُفاتِ نَسرٍ أَو بَقِيَّةِ ضَيغَمٍ باتا وَراءَ السافِياتِ هَباءَ +بَطَلُ البَداوَةِ لَم يَكُن يَغزو عَلى تَنَكٍ وَلَم يَكُ يَركَبُ الأَجواءَ +لَكِن أَخو خَيلٍ حَمى صَهَواتِها وَأَدارَ مِن أَعرافِها الهَيجاءَ +لَبّى قَضاءَ الأَرضِ أَمسِ بِمُهجَةٍ لَم تَخشَ إِلّا لِلسَماءِ قَضاءَ +وافاهُ مَرفوعَ الجَبينِ كَأَنَّهُ سُقراطُ جَرَّ إِلى القُضاةِ رِداءَ +شَيخٌ تَمالَكَ سِنَّهُ لَم يَنفَجِر كَالطِفلِ مِن خَوفِ العِقابِ بُكاءَ +وَأَخو أُمورٍ عاشَ في سَرّائِها فَتَغَيَّرَت فَتَوَقَّعَ الضَرّاءَ +الأُسدُ تَزأَرُ في الحَديدِ وَلَن تَرى في السِجنِ ضِرغاماً بَكى اِستِخذاءَ +وَأَتى الأَسيرُ يَجُرُّ ثِقلَ حَديدِهِ أَسَدٌ يُجَرِّرُ حَيَّةً رَقطاءَ +عَضَّت بِساقَيهِ القُيودُ فَلَم يَنُؤ وَمَشَت بِهَيكَلِهِ السُنونَ فَناءَ +تِسعونَ لَو رَكِبَت مَناكِبَ شاهِقٍ لَتَرَجَّلَت هَضَباتُهُ إِعياءَ +خَفِيَت عَنِ القاضي وَفاتَ نَصيبُها مِن رِفقِ جُندٍ قادَةً نُبَلاءَ +وَالسُنُّ تَعصِفُ كُلَّ قَلبِ مُهَذَّبٍ عَرَفَ الجُدودَ وَأَدرَكَ الآباءَ +دَفَعوا إِلى الجَلّادِ أَغلَبَ ماجِداً يَأسو الجِراحَ وَيُعَتِقُ الأُسَراءَ +وَيُشاطِرُ الأَقرانَ ذُخرَ سِلاحِهِ وَيَصُفُّ حَولَ خِوانِهِ الأَعداءَ +وَتَخَيَّروا الحَبلَ المَهينَ مَنِيَّةً لِلَّيثِ يَلفِظُ حَولَهُ الحَوباءَ +حَرَموا المَماتَ عَلى الصَوارِمِ وَالقَنا مَن كانَ يُعطي الطَعنَةَ النَجلاءَ +إِنّي رَأَيتُ يَدَ الحَضارَةِ أولِعَت بِالحَقِّ هَدماً تارَةً وَبِناءَ +شَرَعَت حُقوقَ الناسِ في أَوطانِهِم إِلّا أُباةَ الضَيمِ وَالضُعَفاءَ +يا أَيُّها الشَعبُ القَريبُ أَسامِعٌ فَأَصوغُ في عُمَرَ الشَهيدِ رِثاءَ +أَم أَلجَمَت فاكَ الخُطوبُ وَحَرَّمَت أُذنَيكَ حينَ تُخاطَبُ الإِصغاءَ +ذَهَبَ الزَعيمُ وَأَنتَ باقٍ خالِدٌ فَاِنقُد رِجالَكَ وَاِختَرِ الزُعَماءَ +وَأَرِح شُيوخَكَ مِن تَكاليفِ الوَغى وَاِحمِل عَلى فِتيانِكَ الأ��عباءَ +لَقَد لَبّى زَعيمُكُمُ النِداءَ عَزاءً أَهلَ دِمياطٍ عَزاءَ +وَإِن كانَ المُعَزّي وَالمُعَزّى وَكُلُّ الناسِ في البَلوى سَواءَ +فُجِعنا كُلُّنا بِعَلائِلِيٍّ كَرُكنِ النَجمِ أَو أَسنى عَلاءَ +أَرَقُّ شَبابِ دِمياطٍ عَلَيها وَأَنشَطُهُم لِحاجَتِها قَضاءَ +وَخَيرُ بُيوتِها كَرَماً وَتَقوى وَأَصلاً في السِيادَةِ وَاِنتِهاءَ +فَتىً كَالرُمحِ عالِيَةً رُعوداً وَكَالصَمصامِ إِفرِنداً وَماءَ +وَأَعطى المالَ وَالهِمَمَ العَوالي وَلَم يُعطِ الكَرامَةَ وَالإِباءَ +شَبابٌ ضارَعَ الرَيحانَ طيباً وَنازَعَهُ البَشاشَةَ وَالبَهاءَ +وَجُندِيُّ القَضِيَةِ مُنذُ قامَت تَعَلَّمَ تَحتَ رايَتِها اللِقاءَ +وَرُوِّعَ شَيخُها العالي بِيَومٍ فَكانَ بِمَنكِبَيهِ لَهُ وِقاءَ +سَعى لِضَميرِهِ وَلَوَجهِ مِصرٍ وَلَم يَتَوَلَّ يَنتَظِرُ الجَزاءَ +وَنَعشٍ كَالغَمامِ يَرِفُّ ظِلّاً إِذا ذَهَبَ الزِحامُ بِهِ وَجاءَ +وَلَم تَقَعِ العُيونُ عَلَيهِ إِلّا أَثارَ الحُزنَ أَو بَعَثَ البُكاءَ +عَجِبنا كَيفَ لَم يَخضَرَّ عوداً وَقَد حَمَلَ المُروءَةَ والرُفاءَ +مَشَت دِمياطُ فَاِلتَفَّت عَلَيهِ تُنازِعُهُ الذَخيرَةَ وَالرَجاءَ +بَني دِمياطَ ما شَيءٌ بِباقٍ سِوى الفَردِ الَّذي اِحتَكَرَ البَقاءَ +تَعالى اللَهُ لا يَبقى سِواهُ إِذا وَرَدَت بِرِيَّتَهُ الفَناءَ +وَأَنتُم أَهلُ إيمانٍ وَتَقوى فَهَل تَلقَونَ بِالعَتبِ القَضاءَ +مَلَأتُم مِن بُيوتِ اللَهِ أَرضاً وَمِن داعي البُكورِ لَها سَماءَ +وَلا تَستَقبِلونَ الفَجرَ إِلّا عَلى قَدَمِ الصَلاةِ إِذا أَضاءَ +وَتَرتَقِبونَ مَطلَعَهُ صِغاراً وَتَستَبِقونَ غُرَّتَهُ نِساءَ +وَكَم مِن مَوقِفٍ ماضٍ وَقَفتُم فَكُنتُم فيهِ لِلوَطَنِ الفِداءَ +دَفَعتُم غارَةً شَعواءَ عَنهُ وَذُدتُم عَن حَواضِرِهِ البَلاءَ +أَخي عَبدَ الحَليمِ وَلَستُ أَدري أَأَدعو الصِهرَ أَم أَدعو الإِخاءَ +وَكَم صَحَّ الوِدادُ فَكانَ صِهراً وَكانَ كَأَقرَبِ القُربى صَفاءَ +عَجيبٌ تَركُكَ الدُنيا سَقيماً وَكُنتَ النَحلَ تَملَؤُها شِفاءَ +وَكُنّا حينَ يُعضِلُ كُلُّ داءٍ نَجيءُ إِلَيكَ نَجعَلُكَ الدَواءَ +مَضَت بِكَ آلَةٌ حَدباءُ كانَت عَلى الزَمَنِ المَطِيَّةَ وَالوِطاءَ +وَسارَت خَلفَكَ الأَحزابُ صَفّاً وَسِرتَ فَكُنتَ في الصَفِّ اللِواءَ +تُوَلِّفُ بَينَهُم مَيتاً وَتَبني كَعَهدِكَ في الحَياةِ لَهُم وَلاءَ +قَد كُنتُ أوثِرُ أَن تَقولَ رِثائي يا مُنصِفَ المَوتى مِنَ الأَحياءِ +لَكِن سَبَقتَ وَكُلُّ طولِ سَلامَةٍ قَدَرٌ وَكُلُّ مَنِيَّةٍ بِقَضاءِ +الحَقُّ نادى فَاِستَجَبتَ وَلَم تَزَل بِالحَقِّ تَحفِلُ عِندَ كُلِّ نِداءِ +وَأَتَيتَ صَحراءَ الإِمامِ تَذوبُ مِن طولِ الحَنينِ لِساكِنِ الصَحراءِ +فَلَقيتُ في الدارِ الإِمامَ مُحَمَّداً في زُمرَةِ الأَبرارِ وَالحُنَفاءِ +أَثَرُ النَعيمِ عَلى كَريمِ جَبينِهِ وَمَراشِدُ التَفسيرِ وَالإِفتاءِ +فَشَكَوتُما الشَوقَ القَديمَ وَذُقتُما طيبَ التَداني بَعدَ طولِ تَنائي +إِن كانَتِ الأُلى مَنازِلَ فِرقَةٍ فَالسَمحَةُ الأُخرى دِيارُ لِقاءِ +وَدِدتُ لَو أَنّي فِداكَ مِنَ الرَدى وَالكاذِبونَ المُرجِفونَ فِدائي +الناطِقونَ عَنِ الضَغينَةِ وَالهَوى الموغِرو المَوتى عَلى الأَحياءِ +مِن كُلِّ هَدّامٍ وَيَبني مَجدَهُ بِكَرائِمِ الأَنقاضِ وَالأُشَلاءِ +ما حَطَّموكَ وَإِنَّما بِكَ حُطِّموا مَن ذا يُحَطِّمُ رَفرَفَ الجَوزاءِ +أُنظُرُهُ فَأَنتَ كَأَمسِ شَأنُكَ باذِخٌ في الشَرقِ وَاِسمُكَ أَرفَعُ الأَسماءِ +بِالأَمسِ قَد حَلَّيتَني بِقَصيدَةٍ غَرّاءَ تَحفَظُ كَاليَدِ البَيضاءِ +غيظَ الحَسودُ لَها وَقُمتُ بِشُكرِها وَكَما عَلِمتَ مَوَدَّتي وَوَفائي +في مَحفَلٍ بَشَّرتُ آمالي بِهِ لَمّا رَفَعتَ إِلى السَماءِ لِوائي +يا مانِحَ السودانِ شَرخَ شَبابِهِ وَوَلِيَّهُ في السِلمِ وَالهَيجاءِ +لَمّا نَزَلتَ عَلى خَمائِلِهِ ثَوى نَبعُ البَيانِ وَراءَ نَبعِ الماءِ +قَلَّدتَهُ السَيفَ الحُسامَ وَزُدتَهُ قَلَماً كَصَدرِ الصَعدَةِ السَمراءِ +قَلَمٌ جَرى الحِقَبَ الطِوالَ فَما جَرى يَوماً بِفاحِشَةٍ وَلا بِهِجاءِ +يَكسو بِمِدحَتِهِ الكِرامَ جَلالَةً وَيُشَيِّعُ المَوتى بِحُسنِ ثَناءِ +إِسكَندَرِيَّةُ يا عَروسَ الماءِ وَخَميلَةَ الحُكَماءِ وَالشُعَراءِ +نَشَأَت بِشاطِئِكَ الفُنونُ جَميلَةً وَتَرَعرَعَت بِسَمائِكِ الزَهراءِ +جاءَتكِ كَالطَيرِ الكَريمِ غَرائِباً فَجَمَعتِها كَالرَبوَةِ الغَنّاءِ +قَد جَمَّلوكِ فَصِرتِ زَنبَقَةَ الثَرى لِلوافِدينَ وَدُرَّةَ الدَأماءِ +غَرَسوا رُباكِ عَلى خَمائِلِ بابِلٍ وَبَنَوا قُصورَكِ في سَنا الحَمراءِ +وَاِستَحدَثوا طُرقاً مُنَوَّرَةَ الهُدى كَسَبيلِ عيسى في فِجاجِ الماءِ +فَخُذي كَأَمسِ مِنَ الثَقافَةِ زينَةً وَتَجَمَّلي بِشَبابِكِ النُجَباءِ +وَتَقَلَّدي لُغَةَ الكِتابِ فَإِنَّها حَجَرُ البِناءِ وَعُدَّةُ الإِنشاءِ +بَنَتِ الحَضارَةَ مَرَّتَينِ وَمَهَّدَت لِلمُلكِ في بَغدادَ وَالفَيحاءِ +وَسَمَت بِقُرطُبَةَ وَمِصرَ فَحَلَّتا بَينَ المَمالِكِ ذِروَةَ العَلياءِ +ماذا حَشَدتِ مِنَ الدُموع لِحافِظٍ وَذَخَرتِ مِن حُزنٍ لَهُ وَبُكاءِ +وَوَجدتِ مِن وَقعِ البَلاءِ بِفَقدِهِ إِنَّ البَلاءَ مَصارِعُ العُظَماءِ +اللَهُ يَشهَدُ قَد وَفيتِ سَخِيَّةً بِالدَمعِ غَيرَ بَخيلَةِ الخُطَباءِ +وَأَخَذتِ قِسطاً مِن مَناحَةِ ماجِدٍ جَمِّ المَآثِرِ طَيِّبِ الأَنباءِ +هَتَفَ الرُواةُ الحاضِرونَ بِشِعرِهِ وَحَذا بِهِ البادونَ في البَيداءِ +لُبنانُ يَبكيهِ وَتَبكي الضادُ مِن حَلَبٍ إِلى الفَيحاءِ إِلى صَنعاءِ +عَرَبُ الوَفاءِ وَفَوا بِذِمَّةِ شاعِرٍ باني الصُفوفِ مُؤَلَّفِ الأَجزاءِ +يا حافِظَ الفُصحى وَحارِسَ مَجدِها وَإِمامَ مَن نَجَلَت مِنَ البُلَغاءِ +ما زِلتَ تَهتِفُ بِالقَديمِ وَفَضلِهِ حَتّى حَمَيتَ أَمانَةَ القُدَماءِ +جَدَّدتَ أُسلوبَ الوَليدِ وَلَفظِهِ وَأَتَيتَ لِلدُنيا بِسِحرِ الطاءِ +وَجَرَيتَ في طَلَبِ الجَديدِ إِلى المَدى حَتّى اِقتَرَنتَ بِصاحِبِ البُؤَساءِ +ماذا وَراءَ المَوتِ مِن سَلوى وَمِن دَعَةٍ وَمِن كَرَمٍ وَمِن إِغضاءِ +اِشرَح حَقائِقَ ما رَأَيتَ وَلَم تَزَل أَهلاً لِشَرحِ حَقائِقِ الأَشياءِ +رُتَبُ الشَجاعَةِ في الرِجالِ جَلائِلٌ وَأَجَلُّهُنَّ شَجاعَةُ الآراءِ +كَم ضِقتَ ذَرعاً بِالحَياةِ وَكَيدِها وَهَتفتَ بِالشَكوى مِنَ الضَرّاءِ +فَهَلُمَّ فارِق يَأسَ نَفسِكَ ساعَةً وَاِطلُع عَلى الوادي شُعاعَ رَجاءِ +وَأَشِر إِلى الدُنيا بِوَجهٍ ضاحِكٍ خُلِقَت أَسِرَّتُهُ مِنَ السَرّاءِ +يا طالَما مَلَأَ النَدِيَّ بَشاشَةً وَهَدى إِلَيكَ حَوائِجَ الفُقَراءِ +اليَومَ هادَنتَ الحَوادِثَ فَاِطَّرِح عِبءَ السِنينِ وَأَلقِ عِبءَ الداءِ +خَلَّفتَ في الدُنيا بَياناً خالِداً وَتَرَكتَ أَجيالاً مِنَ الأَبناءِ +وَغَداً سَيَذكُرُكَ الزَمانُ وَلَم يَزَل لِلدَهرِ إِنصافٌ وَحُسنُ جَزاءِ +ضَرَبوا القِبابَ عَلى اليَبابِ وَثَوَوا إِلى يَومِ الحِسابِ +هَمَدوا وَكُلُّ مُحَرَّكٍ يَوماً سَيَسكُنُ في التُرابِ +نَزَلوا عَلى ذِئبِ البِلى فَتَضَيَّفوا شَرَّ الذِئابِ +وَكَأَنَّهُم صَرعى كَرى بِالقاعِ أَو صَرعى شَرابِ +فَإِذا صَحَوا وَتَنَبَّهوا فَاللَهُ أَعلَمُ بِالمَآبِ +مِن كُلِّ مُنقَضِّ الوُفو دِ هُناكَ مَهجورِ الجَنابِ +مَوروثِ كُلَّ مَضِنَّةٍ إِلّا الذَخيرَةِ مِن ثَوابِ +يا نائِحاتِ مُحَمَّدٍ نُحتُنَّهُ غَضَّ الإِهابِ +في مَأتَمٍ لَم تَخلُ في هِ المَكرُماتُ مِن اِنتِحابِ +تَبكي الكَريمَ عَلى العَشي رَةِ وَالحَبيبَ إِلى الصِحابِ +حَسبُ الحِمامِ دُموعُكُن نَ المُستَهِلَّةُ مِن عِتابِ +فَاِرجِعنَ فيهِ لِحِكمَةٍ أَو جِئنَ فيهِ إِلى اِحتِسابِ +في العالَمِ الفاني مَصي رُ العالَمينَ إِلى ذَهابِ +مَن سارَ لَم يَثنِ العِنا نَ وَمَن أَقامَ إِلى اِقتِرابِ +يا وارِثَ الحَسَبِ الصَمي مِ وَكاسِبَ الأَدَبِ اللُبابِ +وَاِبنَ الَّذي عَلِمَ الرِجا لُ حَيائَهُ مِن كُلِّ عابِ +وَكَأَنَّهُ في كُتبِهِ عُثمانُ في ظِلِّ الكِتابِ +ماذا نَقَمتَ مِنَ الشَبابِ وَأَنتَ في نِعَمِ الشَبابِ +مُتَحَلِّياً هِبَةَ النُبو غِ مُطَوَّقَ المِنَحِ الرِغابِ +وَلِمَ التَرَحُّلُ عَن حَيا ةٍ أَنتَ مِنها في رِكابِ +لَم تَعدُ شاطِئَها وَلَم تَبلُغ إِلى ثَبَجِ العُبابِ +رِفقاً عَلى مَحزونَةِ ال أَبياتِ موحِشَةِ الحِجابِ +فَقَدتُكَ في العُمرِ الطَري رِ وَفي زَها الدُنيا الكِعابِ +تَبكي وَتَندُبُ إِلفَها بَينَ الأَفانينِ الرِطابِ +وَاِنظُر أَباكَ وَثُكلَهُ وَرُزوحَهُ تَحتَ المُصابِ +لَو كانَ يَملُكُ سِرَّ يو شَعَ رَدَّ شَمسَكَ مِن غِيابِ +أَعَلِمتَ غَيرَكَ مِن جَلا التَم ثيلِ في جُدُدِ الثِيابِ +وَكَسا غَرائِبَ جِدِّهِ حُلَلاً مِنَ الهَزلِ العُجابِ +مُتَمَيِّزاً حينَ التَمَيُّ زُ لَيسَ مِن أَرَبِ الشَبابِ +أُفُقُ العُلا كُنتَ الشِها بَ عَلَيهِ وَلا ذَنَبَ الشِهابِ +يا رُبَّ يَومٍ ضاقَ ذَر عُكَ فيهِ بِالحُسُدِ الغِضابِ +سَعهُم فَأَنتَ جَمَعتُهُمُ الشَهدُ مائِدَةُ الذُبابِ +خُذ مِنهُمُ نَقدَ العَفا فِ وَدَع لَهُم نَقدَ السِبابِ +دونَ النُبوغِ وَأَوجِهِ ما لا تَعُدُّ مِنَ الصِعابِ +فَإِذا بَلَغتَ الأَوجَ كُن تَ الشَمسَ تَهزَءُ بِالضَبابِ +لا تَبعُدَنَّ فَهَذِهِ آمالُ قَومِكَ في اِقتِرابِ +اِشرُف بِروحِكَ فَوقَهُم مَلَكاً يُرَفرِفُ في السَحابِ +وَاِنظُر بِعَينٍ نُزِّهَت عَن زُخرُفِ الدُنيا الكِذابِ +تَرَ مِن لِداتِكَ أُمَّةً كَسَتِ الدِيارَ جَلالَ غابِ +أُسدٌ تَجولُ بِغَيرِ ظُف رٍ أَو تَصولُ بِغَيرِ نابِ +جَعَلوا الثَباتَ سِلاحَهُم نِعمَ السِلاحُ مَعَ الصَوابِ +أَمّا الأُمورُ فَإِنَّها بَلَغَت إِلى فَصلِ الخِطابِ +فَإِذا مَلَكتَ تَوَجُّهاً لِلَّهِ في قُدسِ الرِحابِ +سَل فاتِحَ الأَبوابِ يَف تَح لِلكِنانَةِ خَيرَ بابِ +سَماؤُكِ يا دُنيا خِداعُ سَرابِ وَأَرضُكِ عُمرانٌ وَشيكُ خَرابِ +وَما أَنتِ إِلّا جيفَةٌ طالَ حَولَها قِيامُ ضِباعٍ أَو قُعودُ ذِئابِ +وَكَم أَلجَأَ الجوعُ الأُسودَ فَأَقبَلَت عَلَيكِ بِظُفرٍ لَم يَعِفَّ وَنابِ +قَعَدتِ مِنَ الأَظعانِ في مَقطَعَ السُرى وَمَرّوا رِكاباً في غُبارِ رِكابِ +وَجُدتِ عَلَيهِم في الوَداعِ بِساخِرٍ مِنَ اللَحظِ عَن مَيتِ الأَحِبَّةِ نابي +أَقاموا فَلَم يُؤنِسكِ حاضِرُ صُحبَةٍ وَمالوا فَلَم تَستَوحِشي لِغِيابِ +تَسوقينَ لِلمَوتِ البَنينَ كَقائِدٍ يَرى الجَيشَ خَلقاً هَيِّناً كَذُبابِ +رَأى الحَربَ سُلطاناً لَهُ وَسَلامَةً وَإِن آذَنَت أَجنادَهُ بِتَبابِ +وَلَولا غُرورٌ في لُبانِكَ لَم يَجِد بَنوكِ مَذاقَ الضُرِّ شَهدَ رُضابِ +وَلا كُنتِ لِلأَعمى مَشاهِدَ فِتنَةٍ وَلِلمُقعَدِ العاني مَجالَ وَثابِ +وَلا ضَلَّ رَأيُ الناشِيءِ الغِرِّ في الصِبا وَلا كَرَّ بَعدَ الفُرصَةِ المُتَصابي +وَلا حَسِبَ الحَفّارُ لِلمَوتِ بَعدَما بَنى بِيَدَيهِ القَبرَ أَلفَ حِسابِ +يَقولونَ يَرثي كُلَّ خِلٍّ وَصاحِبٍ أَجَل إِنَّما أَقضى حُقوقَ صِحابي +جَزَيتُهُمُ دَمعي فَلَمّا جَرى المَدى جَعَلتُ عُيونَ الشِعرِ حُسنَ ثَوابي +كَفى بِذُرى الأَعوادِ مِنبَرَ واعِظٍ وَبِالمُستَقِلّيها لِسانَ صَوابِ +دَعَوتُكَ يا يَعقوبُ مِن مَنزِلِ البِلى وَلَولا المَنايا ما تَرَكتَ جَوابي +أُذَكِّرُكَ الدُنيا وَكَيفَ وَلَم يَزَل لَها أَثَرا شَهدٍ بِفيكَ وَصابِ +حَمَلنا إِلَيكَ الغارَ بِالأَمسِ ناضِراً وَسُقنا كِتابَ الحَمدِ تِلوَ كِتابِ +وَما اِنفَكَّتِ الدُنيا وَإِن قَلَّ لُبثُها لِسانَ ثَوابٍ أَو لِسانَ عِقابِ +أَلا في سَبيلِ العِلمِ خَمسونَ حِجَّةً مَضَت بَينَ تَعليمٍ وَبَينَ طِلابِ +قَطَعتَ طَوالَي لَيلِها وَنَهارِها بِآمالِ نَفسٍ في الكَمالِ رِغابِ +رَأى اللَهُ أَن تُلقى إِلَيكَ صَحيفَةٌ فَنَزَّهتَها عَن هَوشَةٍ وَكِذابِ +وَلَم تَتَّخِذها آلَةَ الحِقدِ وَالهَوى وَلا مُنتَدى لَغوٍ وَسوقَ سِبابِ +مَشَينا بِنورَي عِلمِها وَبَيانِها فَلَم نَسرِ إِلّا في شُعاعِ شِهابِ +وَعِشنا بِها جيلَينِ قُمتَ عَلَيهِما مُعَلِّمَ نَشءٍ أَو إِمامَ شَبابِ +رَسائِلُ مِن عَفوِ الكَلامِ كَأَنَّها حَواشي عُيونٍ في الطُروسِ عِذابِ +هِيَ المَحضُ لا يَشقى بِهِ اِبنُ تَميمَةٍ غِذاءً وَلا يَشقى بِهِ اِبنُ خِضابِ +سُهولٌ مِنَ الفُصحى وَقَفتَ بِها الهَوى عَلى ما لَدَيها مِن رُبىً وَهِضابِ +وَما ضِعتَ بَينَ الشَرقِ وَالغَربِ مِشيَةً كَما قيلَ في الأَمثالِ حَجلُ غُرابِ +فَلَم أَرَ أَنقى مِنكَ سُمعَةَ ناقِلٍ إِذا وَسَمَ النَقلُ الرِجالَ بِعابِ +وَكَم أَخَذَ القَولَ السَرِيَّ مُعَرِّبٌ فَما رَدَّهُ لِاِسمٍ وَلا لِنِصابِ +وَفَدتَ عَلى الفُصحى بِخَيراتِ غَيرِها فَوَاللَهِ ما ضاقَت مَناكِبَ بابِ +وَقِدماً دَنَت يونانُ مِنها وَفارِسٌ وَروما فَحَلّوا في فَسيحِ رِحابِ +تَبَتَّلتَ لِلعِلمِ الشَريفِ كَأَنَّهُ حَقيقَةُ تَوحيدٍ وَأَنتَ صَحابي +وَجَشَّمتَ مَيدانَ السِياسَةِ فارِساً وَكُلُّ جَوادٍ في السِياس��ةِ كابي +وَكُنّا وَنَمرٌ في شِغابٍ فَلَم يَزَل بِنا الدَهرُ حَتّى فَضَّ كُلَّ شِغابِ +رَأى الثَورَةَ الكُبرى فَسَلَّ يَراعَهُ لِتَحطيمِ أَغلالٍ وَفَكِّ رِقابِ +وَما الشَرقُ إِلّا أُسرَةٌ أَو عَشيرَةٌ تَلُمُّ بَنيها عِندَ كُلِّ مُصابِ +سَلامٌ عَلى شَيخِ الشُيوخِ وَرَحمَةٌ تَحَدَّرُ مِن أَعطافِ كُلِّ سَحابِ +وَرَفّافُ رَيحانٍ يَروحُ وَيَغتَدي عَلى طَيِّباتٍ في الخِلالِ رِطابِ +وَذِكرى وَإِن لَم نَنسَ عَهدَكَ ساعَةً وَشَوقٌ وَإِن لَم نَفتَكِر بِإِيابِ +وَوَيحَ السَوافي هَل عَرَضنَ عَلى البِلى جَبينَكَ أَم سَتَّرنَهُ بِحِجابِ +وَهَل صُنَّ ماءً كانَ فيهِ كَأَنَّهُ حَياءُ بَتولٍ في الصَلاةِ كَعابِ +وَيا لِحَياةٍ لَم تَدَع غَيرَ سائِلٍ أَكانَت حَياةً أَم خَلِيَّةَ دابِ +وَأَينَ يَدٌ كانَت وَكانَ بَنانُها يَراعَةَ وَشيٍ أَو يَراعَةَ غابِ +وَلَهفي عَلى الأَخلاقِ في رُكنِ هَيكَلٍ بِبَطنِ الثَرى رَثِّ المَعالِمِ خابي +نَعيشُ وَنَمضي في عَذابٍ كَلَذَّةٍ مِنَ العَيشِ أَو في لَذَّةٍ كَعَذابِ +ذَهَبنا مِنَ الأَحلامِ في كُلِّ مَذهَبٍ فَلَمّا اِنتَهَينا فُسِّرَت بِذَهابِ +وَكُلُّ أَخي عَيشٍ وَإِن طالَ عَيشُهُ تُرابٌ لَعَمرُ المَوتِ وَاِبنُ تُرابِ +أَرَأَيتَ زَينَ العابِدينَ مُجَهَّزاً نَقَلوهُ نَقلَ الوَردِ مِن مِحرابِه +مِن دارِ تَوأَمِهِ وَصِنوِ حَياتِهِ وَالأَوَّلِ المَألوفِ مِن أَترابِه +ساروا بِهِ مِن باطِلِ الدُنيا إِلى بُحبوحَةِ الحَقِّ المُبينِ وَغابِه +وَمَضَوا بِهِ لِسَبيلِ آدَمَ قَبلَهُ وَمَصايِرِ الأَقوامِ مِن أَعقابِه +تَحنو السَماءُ عَلى زَكِيِّ سَريرِهِ وَيَمَسُّ جيدَ الأَرضِ طيبُ رِكابِه +وَتَطيبُ هامُ الحامِلينَ وَراحُهُم مِن طيبِ مَحمَلِهِ وَطيبِ ثِيابِه +وَكَأَنَّ مِصرَ بِجانِبَيهِ رَبَوَةٌ آذارُ آذَنَها بِوَشكِ ذَهابِه +وَيَكادُ مِن طَرَبٍ لِعادَتِهِ النَدى يَنسَلُّ لِلفُقَراءِ مِن أَثوابِه +الطَيبُ اِبنُ الطَيِّبينَ وَرُبَّما نَضَحَ الفَتى فَأَبانَ عَن أَحسابِه +وَالمُؤمِنُ المَعصومُ في أَخلاقِهِ مِن كُلِّ شائِنَةٍ وَفي آدابِه +أَبَداً يَراهُ اللَهُ في غَلَسِ الدُجى مِن صَحنِ مَسجِدِهِ وَحَولِ كِتابِه +وَيَرى اليَتامى لائِذينَ بِظِلِّهِ وَيَرى الأَرامِلَ يَعتَصِمنَ بِبابِه +وَيَراهُ قَد أَدّى الحُقوقَ جَميعَها لَم يَنسَ مِنها غَيرَ حَقِّ شَبابِه +أَدّى مِنَ المَعروفِ حِصَّةَ أَهلِهِ وَقَضى مِنَ الأَحسابِ حَقَّ صِحابِه +مَهويشُ أَينَ أَبوك هَل ذَهَبوا بِهِ لِمَ لَم يَعُد أَيّانَ يَومُ إِيابِه +قَد وَكَّلَ اللَهُ الكَريمَ وَعَينَهُ بِكِ فَاِحسِبيهِ عَلى كَريمِ رِحابِه +وَدَعى البُكا يَكفيهِ ما حَمَّلتِهِ مِن دَمعِكِ الشاكي وَمِن تَسكابِه +وَلَقَد شَرِبتِ بِحادِثٍ يا طالَما شَرِبَت بَناتُ العالَمينَ بِصابِه +كُلُّ اِمرِئٍ غادٍ عَلى عُوّادِهِ وَسُؤالِهِم ما حالُهُ ماذا بِه +وَالمَرءُ في طَلَبِ الحَياةِ طَويلَةً وَخُطى المَنِيَّةِ مِن وَراءِ طِلابِه +في بِرِّ عَمِّكِ ما يَقومُ مَكانَهُ في عَطفِهِ وَحَنانِهِ وَدِعابِه +إِسكَندَرِيَّةُ كَيفَ صَبرُكِ عَن فَتىً الصَبرُ لَم يُخلَق لِمِثلِ مُصابِه +عَطِلَت سَماؤُكِ مِن بَريقِ سَحابِها وَخَبا فَضاؤُكِ مِن شُعاعِ شِها��ِه +زَينُ الشَبابِ قَضى وَلَم تَتَزَوَّدي مِنهُ وَلَم تَتَمَتَّعي بِقَرابِه +قَد نابَ عَنكِ فَكانَ أَصدَقَ نائِبٍ وَالشَعبُ يَهوى الصِدقَ في نُوّابِه +أَعَلِمتِهِ اِتَّخَذَ الأَمانَةَ مَرَّةً سَبَباً يُبَلِّغُهُ إِلى آرابِه +لَو عاشَ كانَ مُؤَمَّلاً لِمَواقِفٍ يَرجو لَها الوادي كِرامَ شَبابِه +يَجلو عَلى الأَلبابِ هِمَّةَ فِكرِهِ وَيُناوِلُ الأَسماعَ سِحرَ خِطابِه +وَيَفي كَدَيدَنِهِ بِحَقٍّ بِلادِهِ وَيَفي بِعَهدِ المُسلِمينَ كَدابِه +تَقواكَ إِسماعيلُ كُلُّ عَلاقَةٍ سَيَبُتُّها الدَهرُ العَضوضُ بِنابِه +إِنَّ الَّذي ذُقتَ العَشِيَّةَ فَقدَهُ بِتَّ اللَيالي موجَعاً لِعَذابِه +فارَقتَ صِنوَكَ مَرَتَينِ فَلاقِهِ في عالَمِ الذِكرى وَبَينَ شِعابِه +مِن عادَةِ الذِكرى تَرُدُّ مِنَ النَوى مَن لا يَدَينِ لَنا بِطَيِّ غِيابِه +حُلُمٌ كَأَحلامِ الكَرى وَسِناتِهِ مُستَعذَبٌ في صِدقِهِ وَكِذابِه +اِسكُب دُموعَكَ لا أَقولُ اِستَبقِها فَأَخو الهَوى يَبكي عَلى أَحبابِه +قامَ مِن عِلَّتِهِ الشاكي الوَصِب وَتَلَقّى راحَةَ الدَهرِ التَعِب +أَيُّها النَفسُ اِصبِري وَاِستَرجِعي هَتفَ الناعي بِعَبدِ المُطَّلِب +نَزَلَ التُربَ عَلى مَن قَبلَهُ كُلُّ حَيٍّ مُنتَهاهُ في التُرُب +ذَهَبَ اللينُ في إِرشادِهِ كَالأَبِ المُشفِقِ وَالحَدِّ الحَدِب +القَريبُ العَتبِ مِن مَعنى الرِضا وَالقَريبُ الجِدِّ مِن مَعنى اللَعِب +وَالأَخُ الصادِقُ في الوُدِّ إِذا ظَهَرَ الإِخوانُ بِالوُدِّ الكَذِب +خاشِعٌ في دَرسِهِ مُحتَشِمٌ فَكِهٌ في مَجلِسِ الصَفوِ طَرِب +قَلَّدَ الأَوطانَ نَشءً صالِحاً وَشَباباً أَهلَ دينٍ وَحَسَب +رُبَّما صالَت بِهِم في غَدِها صَولَةَ الدَولَةِ بِالجَيشِ اللَجِب +جَعَلوا الأَقلامَ أَرماحَهُمُ وَأَقاموها مَقاماتِ القُضُب +لا يَميلونَ إِلى البَغيِ بِها كَيفَ يَبغي مَن إِلى العِلمِ اِنتَسَب +شاعِرَ البَدوِ وَمِنهُم جاءَنا كُلُّ مَعنىً رَقَّ أَو لَفظٍ عَذُب +قَد جَرَت أَلسُنُهُم صافِيَةً جَرَيانَ الماءِ في أَصلِ العُشُب +سَلِمَت مِن عَنَتِ الطَبعِ وَمِن كُلفَةِ الأَقلامِ أَو حَشوِ الكُتُب +قَد نَزَلتَ اليَومَ في باديَةٍ عَمَرَت فيها اِمرَأَ القَيسِ الحِقَب +وَمَشى المَجنونُ فيها سالِياً نَفَضَ اللَوعَةَ عَنهُ وَالوَصَب +أَعِرِ الناسَ لِساناً يَنظُموا لَكَ فيهِ الشِعرَ أَو يُنشوا الخُطَب +قُم صِفِ الخُلدَ لَنا في مُلكِهِ مِن جَلالِ الخُلقِ وَالصُنعِ العَجَب +وَثِمارٍ في يَواقيتِ الرُبى وَسُلافٍ في أَباريقِ الذَهَب +وَاِنثُرِ الشِعرَ عَلى الأَبرارِ في قُدُسِ الساحِ وَعُلوِيِّ الرَحِب +وَاِستَعِر رُضوانَ عودَي قَصَبٍ وَتَرَنَّم بِالقَوافي في القَصَب +وَاِسقِ بِالمَعنى إِلَهِيّاً كَما تَتَساقَونَ الرَحيقَ المُنسَكِب +كُلَّما سَبَّحتَ لِلعَرشِ بِهِ رَفَعَ الرَحمَنُ وَالرُسُلُ الحُجُب +قُم تَأَمَّل هَذِهِ الدارُ وَفى لَكَ مِن طُلّابِها الجَمعُ الأَرِب +وَفَتِ الدارُ لِباني رُكنِها وَقَضى الحَقَّ بَنو الدارِ النُجُب +طَلَبوا العِلمَ عَلى شَيخِهِمُ زَمَناً ثُمَّ إِذا الشَيخُ طُلِب +غابَ عَن أَعيُنِهِم لَكِنَّهُ ماثِلٌ في كُلِّ قَلبٍ لَم يَغِب +صورَةٌ مُحسَنَةٌ ما تَختَفي وَمِثالٌ طَيِّبٌ ما يَحتَجِب +رَجُلُ الواجِبِ في الدُنيا مَضى يُنصِفُ الأُخرى وَيَقضي ما وَجَب +عاشَ عَيشَ الناسِ في دُنياهُمُ وَكَما قَد ذَهَبَ الناسُ ذَهَب +أَخَذَ الدَرسَ الَّذي لُقِّنَهُ عَجَمُ الناسِ قَديماً وَالعَرَب +خُلِقنا لِلحَياةِ وَلِلمَماتِ وَمِن هَذَينِ كُلُّ الحادِثاتِ +وَمَن يولَد يَعِش وَيَمُت كَأَن لَم يَمُرَّ خَيالُهُ بِالكائِناتِ +وَمَهدُ المَرءِ في أَيدي الرَواقي كَنَعشِ المَرءِ بَينَ النائِحاتِ +وَما سَلِمَ الوَليدُ مِنِ اِشتِكاءٍ فَهَل يَخلو المُعَمَّرُ مِن أَذاةِ +هِيَ الدُنيا قِتالٌ نَحنُ فيهِ مَقاصِدُ لِلحُسامِ وَلِلقَناةِ +وَكُلُّ الناسِ مَدفوعٌ إِلَيهِ كَما دُفِعَ الجَبانُ إِلى الثَباتِ +نُرَوَّعُ ما نُرَوَّعُ ثُمَّ نُرمى بِسَهمٍ مِن يَدِ المَقدورِ آتي +صَلاةُ اللَهِ يا تِمزارُ تَجزي ثَراكِ عَنِ التِلاوَةِ وَالصَلاةِ +وَعَن تِسعينَ عاماً كُنتِ فيها مِثلَ المُحسِناتِ الفُضلَياتِ +بَرَرتِ المُؤمِناتِ فَقالَ كُلُّ لَعَلَّكِ أَنتِ أُمُّ المؤمِناتِ +وَكانَت في الفَضائِلِ باقِياتٌ وَأَنتِ اليَومَ كُلُّ الباقِياتِ +تَبَنّاكِ المُلوكُ وَكُنتِ مِنهُم بِمَنزِلَةِ البَنينِ أَوِ البَناتِ +يُظِلّونَ المَناقِبَ مِنكِ شَتّى وَيُؤوُنَ التُقى وَالصالِحاتِ +وَما مَلَكوكِ في سوقٍ وَلَكِن لَدى ظِلِّ القَنا وَالمُرهَفاتِ +عَنَنتِ لَهُم بِمورَةَ بِنتَ عَشرٍ وَسَيفُ المَوتِ في هامِ الكُماةِ +فَكُنتِ لَهُم وَلِلرَحمَنِ صَيداً وَواسِطَةً لِعِقدِ المُسلِماتِ +تَبِعتِ مُحَمَّداً مِن بَعدِ عيسى لِخَيرِكِ في سِنيكِ الأولَياتِ +فَكانَ الوالِدانِ هُدىً وَتَقوى وَكانَ الوِلدُ هَذي المُعجِزاتِ +وَلَو لَم تَظهَري في العُربِ إِلّا بِأَحمَدَ كُنتِ خَيرَ الوالِداتِ +تَجاوَزتِ الوَلائِدَ فاخِراتٍ إِلى فَخرِ القَبائِلِ وَاللُغاتِ +وَأَحكَمِ مَن تَحَكَّمَ في يَراعٍ وَأَبلَغِ مَن تَبَلَّغَ مِن دَواةِ +وَأَبرَإِ مَن تَبَرَّأَ مِن عَداءٍ وَأَنزَهِ مَن تَنَزَّهَ مِن شَماتِ +وَأَصوَنِ صائِنٍ لِأَخيهِ عِرضاً وَأَحفَظِ حافِظٍ عَهدَ اللِداتِ +وَأَقتَلِ قاتِلٍ لِلدَهرِ خُبراً وَأَصبَرِ صابِرٍ لِلغاشِياتِ +كَأَنّي وَالزَمانُ عَلى قِتالٍ مُساجَلَةً بِمَيدانِ الحَياةِ +أَخافُ إِذا تَثاقَلَتِ اللَيالي وَأُشفِقُ مِن خُفوفِ النائِباتِ +وَلَيسَ بِنافِعي حَذَري وَلَكِن إِباءً أَن أَراها باغِتاتِ +أَمَأمونٌ مِنَ الفَلَكِ العَوادي وَبَرجَلُهُ يَخُطُّ الدائِراتِ +تَأَمَّل هَل تَرى إِلّا شِباكاً مِنَ الأَيّامِ حَولَكَ مُلقَياتِ +وَلَو أَنَّ الجِهاتِ خُلِقنَ سَبعاً لَكانَ المَوتُ سابِعَةَ الجِهاتِ +لَعاً لِلنَعشِ لا حُبّاً وَلَكِن لِأَجلِكِ يا سَماءَ المَكرُماتِ +وَلا خانَتهُ أَيدي حامِليهِ وَإِن ساروا بِصَبرِيَ وَالأَناةِ +فَلَم أَرَ قَبلَهُ المَريخَ مُلقىً وَلَم أَسمَع بِدَفنِ النَيِّراتِ +هُناكَ وَقَفتُ أَسأَلُكِ اِتِّئاداً وَأُمسِكُ بِالصِفاتِ وَبِالصَفاةِ +وَأَنظُرُ في تُرابِكِ ثُمَّ أُغضي كَما يُغضي الأَبِيُّ عَلى القَذاةِ +وَأَذكُرُ مِن حَياتِكِ ما تَقَضّى فَكانَ مِنَ الغَداةِ إِلى الغَداةِ +مُفَسِّرَ آيِّ اللَهِ بِالأَمسِ بَينَنا قُمِ اليَومَ فَسِّر لِلوَرى آيَةَ المَوتِ +رُحِمتَ ��َصيرُ العالَمينَ كَما تَرى وَكُلُّ هَناءٍ أَو عَزاءٍ إِلى فَوتِ +هُوَ الدَهرُ ميلادٌ فَشُغلٌ فَمَأتَمٌ فَذِكرٌ كَما أَبقى الصَدى ذاهِبَ الصَوتِ +مَماتٌ في المَواكِبِ أَم حَياةُ وَنَعشٌ في المَناكِبِ أَم عِظاتُ +وَيَومُكَ في البَرِيَّةِ أَم قِيامٌ وَمَوكِبُكَ الأَدِلَّةُ وَالشِياتُ +وَخَطبُكَ يا رِياضُ أَمِ الدَواهي عَلى أَنواعِها وَالنازِلاتُ +يُجِلُّ الخَطبُ في رَجُلٍ جَليلٍ وَتَكبُرُ في الكَبيرِ النائِباتُ +وَلَيسَ المَيتُ تَبكيهِ بِلادٌ كَمَن تَبكي عَلَيهِ النائِحاتُ +وَهَل تَلقى مَناياها الرَواسي فَتَهوي ثُمَّ تُضمِرُها فَلاةُ +وَتُكسَرُ في مَراكِزِها العَوالي وَتُدفَنُ في التُرابِ المُرهَفاتُ +وَيُغشى اللَيثُ في الغاباتِ ظُهراً وَكانَت لا تَقَرُّ بِها الحَصاةُ +وَيَرمي الدَهرُ نادِيَ عَينِ شَمسٍ وَلا يَحمي لِوائَهُمُ الرُماةُ +أَجَل حُمِلَت عَلى النَعشِ المَعالي وَوسِّدَتِ التُرابَ المَكرُماتُ +وَحُمِّلَتِ المَدافِعُ رُكنَ سِلمٍ يُشَيِّعُهُ الفَوارِسُ والمُشاةُ +وَحَلَّ المَجدُ حُفرَتَهُ وَأَمسى يُطيفُ بِهِ النَوائِحُ وَالبُكاةُ +هَوى عَن أَوجِ رِفعَتِهِ رِياضٌ وَحازَتهُ القُرونُ الخالِياتُ +كَأَن لَم يَملَإِ الدُنيا فِعالاً وَلا هَتَفَت بِدَولَتِهِ الرُواةُ +نَعاهُ البَرقُ مُضطَرِباً فَماجَت نُجومٌ في السَماءِ مُحَلِّقاتُ +كَأَنَّ الشَمسَ قَد نُعِيَت عِشاءً إِلَيها فَهيَ حَسرى كاسِفاتُ +صَحيفَةُ غابِرٍ طُوِيَت وَوَلَّت عَلى آثارِ مَن دَرَجوا وَفاتوا +يَقولُ الآخَرونَ إِذا تَلَوها كَذَلِكَ فَليَلِدنَ الأُمَّهاتُ +جَزى اللَهُ الرِضا أَبَوَي رِياضٍ هُما غَرَسا وَلِلوَطَنِ النَباتُ +بَنو الدُنيا عَلى سَفَرٍ عَقيمٍ وَأَسفارُ النَوابِغِ مُرجَعاتُ +أَرى الأَمواتَ يَجمَعُهُم نُشورٌ وَكَم بُعِثَ النَوابِغُ يَومَ ماتوا +صَلاحُ الأَرضِ أَحياءٌ وَمَوتى وَزينَتُها وَأَنجُمُها الهُداةُ +قَرائِحُهُم وَأَيدِيَهِم عَلَيها هُدىً وَيَسارَةٌ وَمُحَسَّناتُ +فَلَو طُلِبَت لَهُم دِيَةٌ لَقالَت كُنوزُ الأَرضِ نَحنُ هِيَ الدِياتُ +أَبا الوَطَنِ الأَسيفِ بَكَتكَ مِصرُ كَما بَكَتِ الأَبَ الكَهفَ البَناتُ +قَضَيتَ لَها الحُقوقَ فَتىً وَكَهلاً وَيَومَ كَبُرتَ وَاِنحَنَتِ القَناةُ +وَيَومَ النَهيُ لِلأُمَراءِ فيها وَيَومَ الآمِرونَ بِها العُصاةُ +فَكُنتَ عَلى حُكومَتِها سِراجاً إِذا بَسَطَت دُجاها المُشكِلاتُ +يَزيدُ الشَيبُ نَفسَكَ مِن حَياةٍ إِذا نَقَصَت مَعَ الشَيبِ الحَياةُ +وَتَملَأُكَ السُنونَ قِوىً وَعَزماً إِذا قيلَ السِنونُ مُثَبِّطاتُ +كَسَيفِ الهِندِ أَبلى حينَ فُلَّت وَرَقَّت صَفحَتاهُ وَالظُباتُ +رَفيعُ القَدرِ بِالأَمصارِ يُرني كَما نَظَرَت إِلى النَجمِ السُراةُ +كَأَنَّكَ في سَماءِ المُلكِ يَحيى وَآلُكَ في السَماءِ النَيِّراتِ +تَسوسُ الأَمرَ لا يُعطي نَفاذاً عَلَيكَ الآمِرونَ وَلا النُهاةُ +إِذا الوُزَراءُ لَم يُعطوا قِياداً نَبَذتُهُمُ كَأَنَّهُمُ النَواةُ +زَماعٌ في اِنقِباضٍ في اِختِيالٍ كَذَلِكَ كانَ بِسمَركُ النُباتُ +صِفاتٌ بَلَّغَتكَ ذُرى المعالي كَذَلِكَ تَرفَعُ الرَجُلَ الصِفاتُ +وَجَدتَ المَجدَ في الدُنيا لِواءً تَلَقّاهُ المَقاديمُ الأُبا��ُ +وَيَبقى الناسُ ما داموا رَعايا وَيَبقى المُقدِمونَ هُمُ الرُعاةُ +رِياضُ طَوَيتَ قَرناً ما طَوَتهُ مَعَ المَأمونِ دِجلَةُ وَالفُراتُ +تَمَنَّت مِنهُ أَيّاماً تَحَلّى بِها الدُوَلُ الخَوالي الباذِخاتُ +وَوَدَّ القَيصَرانِ لَوَ أَنَّ روما عَلَيها مِن حَضارَتِهِ سِماتُ +حَباكَ اللَهُ حاشِيَتيهِ عُمراً وَأَعمارُ الكِرامِ مُبارَكاتُ +فَقُمتَ عَلَيهِ تَجرِبَةً وَخُبراً وَمَدرَسَةُ الرِجالِ التَجرِباتُ +تَمُرُّ عَلَيكَ كَالآياتِ تَترى صَنائِعُ أَهلِهِ وَالمُحدَثاتُ +فَأَدرَكتَ البُخارَ وَكانَ طِفلاً فَشَبَّ فَبايَعَتهُ الصافِناتُ +تُجابُ عَلى جَناحَيهِ الفَيافي وَتَحكِمُ في الرِياحِ المُنشَآتُ +وَيُصعِدُ في السَماءِ عَلى بُروجٍ غَداً هِيَ في العالَمِ بارِجاتُ +وَبَينا الكَهرُباءُ تُعَدُّ خَرقاً إِذا هِيَ كُلَّ يَومٍ خارِقاتُ +وَدانَ البَحرُ حَتّى خيضَ عُمقاً وَقيدَت بِالعِنانِ السافِياتِ +وَبُلِّغَتِ الرَسائِلُ لا جَناحٌ يَجوبُ بِها البِحارَ وَلا أَداةُ +كَأَنَّ القُطرَ حينَ يُجيبُ قُطراً ضَمائِرُ بَينَها مُتَناجِياتُ +رَهينَ الرَمسِ حَدَّثَني مَلِيّاً حَديثَ المَوتِ تَبدُ لِيَ العِظاتُ +هُوَ الخَبَرُ اليَقينُ وَما سِواهُ أَحاديثُ المُنى وَالتُرَّهاتُ +سَأَلتُكَ ما المَنِيَّةُ أَيُّ كَأسٍ وَكَيفَ مَذاقُها وَمَنِ السُقاةُ +وَماذا يوجِسُ الإِنسانُ مِنها إِذا غَصَّت بِعَلقَمِها اللَهاةُ +وَأَيُّ المَصرَعَينِ أَشَدُّ مَوتٌ عَلى عِلمٍ أَمِ المَوتُ الفَواتُ +وَهَل تَقَعُ النُفوسُ عَلى أَمانٍ كَما وَقَعَت عَلى الحَرَمِ القَطاةُ +وَتَخلُدُ أَم كَزَعمِ القَولِ تَبلى كَما تَبلى العِظامُ أَوِ الرُفاتُ +تَعالى اللَهُ قابِضُها إِلَيهِ وَناعِشُها كَما اِنتَعَشَ النَباتُ +وَجازيها النَعيمَ حِمىً أَميناً وَعَيشاً لا تُكَدِّرُهُ أَذاةُ +أَمِثلُكَ ضائِقٌ بِالحَقِّ ذَرعاً وَفي بُردَيكَ كانَ لَهُ حُماةُ +أَلَيسَ الحَقُّ أَنَّ العَيشَ فانٍ وَأَنَّ الحَيَّ غايَتُهُ المَماتُ +فَنَم ما شِئتَ لا توحِشكَ دُنيا وَلا يَحزُنكَ مِن عَيشٍ فَواتُ +تَصَرَّمَتِ الشَبيبَةُ وَاللَيالي وَغابَ الأَهلُ وَاِحتَجَّتِ اللِدّاتُ +خَلَت حِلمِيَّةٌ مِمَّن بَناها فَكَيفَ البَيتُ حَولَكَ وَالبَناتُ +أَفيهِ مِنَ المَحَلَّةِ قوتُ يَومٍ وَمِن نِعَمٍ مَلَأنَ الطَودَ شاةُ +وَهَل لَكَ مِن حَريرَهُما وِسادٌ إِذا خَشُنَت لِجَنبَيكَ الصَفاةُ +تَوَلّى الكُلُّ لَم يَنفَعكَ مِنهُ سِوى ما كانَ يَلتَقِطُ العُفاةُ +عِبادُ اللَهِ أَكرَمُهُم عَلَيهِ كِرامٌ في بَرِيَّتِهِ أُساةُ +كَمائِدَةِ المَسيحِ يَقومُ بُؤسٌ حَوالَيها وَتَقعُدُ بائِساتُ +أَخَذتُكَ في الحَياةِ عَلى هَناتٍ وَأَيُّ الناسِ لَيسَ لَهُ هَناتُ +فَصَفحاً في التُرابِ إِذا اِلتَقَينا وَلو شِيَتِ العَداوَةُ وَالتَراتُ +خُلِقتُ كَأَنّي عيسى حَرامٌ عَلى قَلبي الضَغينَةُ وَالشَماتُ +يُساءُ إِلَيَّ أَحياناً فَأَمضي كَريماً لا أَقوتُ كَما أُقاتُ +وَعِندِيَ لِلرِجالِ وَإِن تَجافوا مَنازِلُ في الحَفاوَةِ لا تُفاتُ +طَلَعتَ عَلى النَدى بِعَينِ شَمسٍ فَوافَتها بِشَمسَينِ الغَداةُ +عَلى ما كانَ يَندو القَومُ فيها تَوافى الجَمعُ وَاِئتَمَرَ السُراةُ +تَمَلَّكَهُم ��َقارُكَ في خُشوعٍ كَما نَظَمَت مُقيميها الصَلاةُ +رَأَيتَ وُجوهَ قَومِكَ كَيفَ جَلَّت وَكَيفَ تَرَعرَعَت مِصرُ الفَتاةُ +أُجيلَ الرَأيُ بَينَ يَدَيكَ حَتّى تَبَيَّنَتِ الرَزانَةُ وَالحَصاةُ +وَأَنتَ عَلى أَعِنَّتِهِم قَديرٌ وَهُم بِكَ في الَّذي تَقضي حُفاةُ +إِذا أَبدى الشَبابُ هَوىً وَزَهواً أَشارَ إِلَيهِ حِلمُكَ وَالأَناةُ +فَهَلّا قُمتَ في النادي خَطيباً لَكَ الكَلِمُ الكِبارُ الخالِداتُ +تُفَجِّرُ حِكمَةَ التِسعينِ فيهِ فَآذانُ الشَبيبَةِ صادِياتُ +تَقولُ مَتى أَرى الجيرانَ عادوا وَضُمَّ عَلى الإِخاءِ لَهُم شَتاتُ +وَأَينَ أولو النُهى مِنّا وَمِنهُم عَسى يَأسونَ ما جَرَحَ الغُلاةُ +مَشَت بَينَ العَشيرَةِ رُسلُ شَرٍّ وَفَرَّقَتِ الظُنونَ السَيِّئاتُ +إِذا الثِقَةُ اِضمَحَلَّت بَينَ قَومٍ تَمَزَّقَتِ الرَوابِطُ وَالصِلاتُ +فَثِق فَعَسى الَّذينَ اِرتَبتَ فيهِم عَلى الأَيّامِ إِخوانٌ ثِقاتُ +وَرُبَّ مُحَبَّبٍ لا صَبرَ عَنهُ بَدَت لَكَ في مَحَبَّتِهِ بَداةُ +وَمَكروهٍ عَلى أَخَذاتِ ظَنٍّ تُحَبِّبُهُ إِلَيكَ التَجرُباتُ +بَني الأَوطانِ هُبّوا ثُمَّ هُبّوا فَبَعضُ المَوتِ يَجلِبُهُ السُباتُ +مَشى لِلمَجدِ خَطفَ البَرقِ قَومٌ وَنَحنُ إِذا مَشَينا السُلحُفاةُ +يُعِدّونَ القُوى بَرّاً وَبَحراً وَعُدَّتُنا الأَماني الكاذِباتُ +ضَجَّت لِمَصرَعِ غالِبٍ في الأَرضِ مَملَكَةُ النَباتِ +أَمسَت بِتيجانٍ عَلَي هِ مِنَ الحِدادِ مُنَكَّساتِ +قامَت عَلى ساقٍ لِغَي بَتِهِ وَأَقعَدَتِ الجِهاتِ +في مَأتَمٍ تَلقى الطَبيعَ ةَ فيهِ بَينَ النائِحاتِ +وَتَرى نُجومَ الأَرضِ مِن جَزَعٍ مَوائِدَ كاسِفاتِ +وَالزَهرُ في أَكمامِهِ يَبكي بِدَمعِ الغادِياتِ +وَشَقائِقُ النُعمانِ آ بَت بِالخُدودِ مُخَمَّشاتِ +أَمّا مُصابُ الطِبِّ في هِ فَسَل بِهِ مَلَأَ الأُساةِ +أَودى الحِمامُ بِشَيخِهِم وَمَآبِهِم في المُعضِلاتِ +مُلقي الدُروسَ المُسفِرا تِ عَنِ الغُروسِ المُثمِراتِ +قَد كانَ حَربَ الظُلمِ حَر بَ الجَهلِ حَربَ التُرَّهاتِ +وَالمُسَتضاءُ بِنورِهِ في الخافِياتِ المُظلِماتِ +عَلَمُ الوَرى في عِلمِهِ في الغَربِ مُغتَرِبُ الرُفاتِ +قَد كانَ فيهِ مَحَلَّ إِج لالِ الجَهابِذَةِ الثِقاتِ +وَمُمَثِلَ المِصرِيِّ في حَظِّ الشُعوبِ مِنَ الهِباتِ +قُل لِلمُريبِ إِلَيكَ لا تَأخُذ عَلى الحُرِّ الهَناتِ +إِنَّ النَوابِغَ أَهلَ بَد رٍ ما لَهُم مِن سَيِّئاتِ +هُم في عُلا الوَطَنِ الأَدا ةُ فَلا تَحُطَّ مِنَ الأَداةِ +وَهُمُ الأُلى جَمَعوا الضَما ئِرَ وَالعَزائِمَ مِن شَتاتِ +لَهُمُ التَجِلَّةُ في الحَيا ةِ وَفَوقَ ذَلِكَ في المَماتِ +عُثمانُ قُم تَرَ آيَةً اللَهُ أَحيا المومِياتِ +خَرَجَت بَنينَ مِنَ الثَرى وَتَحَرَّكَت مِنهُ بَناتِ +وَاِسمَع بِمِصرَ الهاتِفي نَ بِمَجدِها وَالهاتِفاتِ +وَالطالِبينَ لِحَقِّها بَينَ السَكينَةِ وَالثَباتِ +وَالجاعِليها قِبلَةً عِندَ التَرَنُّمِ وَالصَلاةِ +لاقَوا أُبُوَّتَهُم غُرِّ المَناقِبِ وَالصِفاتِ +حَتّى الشَبابُ تَراهُمُ غَلَبوا الشُيوخَ عَلى الأَناةِ +وَزَنوا الرِجالَ فَكانَ ما أَعطَوا عَلى قَدَرِ الزِناتِ +قُل لِلمَغاليطِ في الحَقا ئِقِ حاضِرٍ مِنها وَآتِ +الفُكرُ جاءَ رَسولُهُ وَأَتى بِإِحدى المُعجِزاتِ +عيسى الشُعورِ إِذا مَشى رَدَّ الشُعوبَ إِلى الحَياةِ +طُوِيَ البِساطُ وَجَفَّتِ الأَقداحُ وَغَدَت عَواطِلٌ بَعدَكَ الأَفراحُ +وَاِنفَضَّ نادٍ بِالشَآمِ وَسامِرٌ في مِصرَ أَنتَ هَزارُهُ الصَدّاحُ +وَتَقَوَّضَت لِلفَنِّ أَطوَلُ سَرحَةٍ يُغدى إِلى أَفيائِها وَيُراحُ +وَاللَهِ ما أَدري وَأَنتَ وَحيدُهُ أَعَلَيهِ يُبكى أَم عَلَيكَ يُناحُ +إِسحاقُ ماتَ فَلا صَبوحَ وَمَعبَدٌ أَودى فَلَيسَ مَعَ الغَبوقِ فَلاحُ +مَلِكُ الغِناءِ أَزالَهُ عَن تَختِهِ قَدَرٌ يُزيلُ الراسِياتِ مُتاحُ +في التُربِ فَوقَ بَني سُوَيفَ يَتيمَةٌ وَمِنَ الجَواهِرِ زَيِّفٌ وَصِحاحُ +ما زالَ تاجُ الفَنِّ تَيّاهاً بِها حَتّى اِستَبَدَّ بِها الرَدى المُجتاحُ +لَو تَستَطيعُ كَرامَةً لِمَكانِها مَشَتِ الرِياضُ إِلَيهِ وَالأَدواحُ +رُحماكَ عَبدَ الحَيِّ أُمُّكَ شَيخَةٌ قَعَدَت وَهيضَ لَها الغَداةَ جَناحُ +كُسِرَت عَصاها فَهيَ بِلا عَصاً وَقَضى فَتاها الأَجوَدُ المِسماحُ +اللَهُ يَعلَمُ إِن يَكُن في قَلبِها جُرحٌ فَفي أَحشاءِ مِصرَ جِراحُ +وَالناسُ مَبكِيٌّ وَباكٍ إِثرَهُ وَبُكا الشُعوبِ إِذا النَوابِغُ طاحوا +كانَ النَدامى إِن شَدَوتَ وَعاقَروا سِيّانَ صَوتُكَ بَينَهُم وَالراحُ +فيما تَقولُ مُغَنِّياً وَمُحَدِّثاً تَتَنافَسُ الأَسماعُ وَالأَرواحُ +فارَقتَ دُنيا أَرهَقَتكَ خَسارَةً وَغَنِمتَ قُربَ اللَهِ وَهوَ رَباحُ +يا مُخلِفاً لِلوَعدِ وَعدُكَ مالَهُ عِندي وَلا لَكَ في الضَميرِ بَراحُ +عَبَثَت بِهِ وَبِكَ المَنِيَّةُ وَاِنقَضى سَبَبٌ إِلَيهِ بِأُنسِنا نَرتاحُ +لَمّا بَلَغنا بِالأَحِبَّةِ وَالمُنى بابَ السُرورِ تَغَيَّبَ المِفتاحُ +زَعَموا نَعِيَّكَ في المَجامِعِ مازِحاً هَيهاتَ في رَيبِ المَنونِ مِزاحُ +الجِدُّ غايَةُ كُلِّ لاهٍ لاعِبٍ عِندَ المَنِيَّةِ يَجزَعُ المِفراحُ +رَمَتِ المَنايا إِذ رَمَينَكَ بُلبُلاً أَراَهُ في شَرَكِ الحَياةِ جِماحُ +آهاتُهُ حُرَقُ الغَرامِ وَلَفظُهُ سَجعُ الحَمامِ لَوَ انَّهُنَّ فِصاحُ +وَذَبَحنَ حَنجَرَةً عَلى أَوتارِها تُؤسى الجِراحُ وَتُذبَحُ الأَتراحُ +وَفَلَلنَ مِن ذاكَ اللِسانِ حَديدَةً يَخشى لَئيمٌ بَأسَها وَوَقاحُ +وَأَبَحنَ راحَتَكَ البِلى وَلَطالَما أَمسى عَلَيها المالُ وَهوَ مُباحُ +روحٌ تَناهَت خِفَّةً فَتَخَيَّرَت نُزُلاً تَقاصَرُ دونَهُ الأَشباحُ +قُم غَنِّ وِلدانَ الجِنانِ وَحورِها وَاِبعَث صَداكَ فَكُلُّنا أَرواحُ +سِر أَبا صالِحٍ إِلى اللَهِ وَاِترُك مِصرَ في مَأتَمٍ وَحُزنٍ شَديدِ +هَذِهِ غايَةُ النُفوسِ وَهَذا مُنتَهى العَيشِ مُرِّهِ وَالرَغيدِ +هَل تَرى الناسَ في طَريقِكَ إِلّا نَعشَ كَهلٍ تَلاهُ نَعشُ الوَليدِ +إِنَّ أَوهى الخُيوطِ فيما بَدا لي خَيطُ عَيشٍ مُعَلَّقٌ بِالوَريدِ +مُضغَةٌ بَينَ خَفقَةٍ وَسُكونٍ وَدَمٌ بَينَ جَريَةٍ وَجُمودِ +أَنزَلوا في الثَرى الوَزيرَ وَوارَوا فيهِ تِسعينَ حِجَّةً في صُعودِ +كُنتَ فيها عَلى يَدٍ مِن حَريرِ لِلَّيالي فَأَصبَحَت مِن حَديدِ +قَد بَلَوناكَ في الرِياسَةِ حيناً فَبَلَونا الوَزيرَ عَبدَ الحَميدِ +آخِذاً مِن لِسانِ فارِسَ قِسطاً وافِرَ القَسمِ مِن لِسانِ لَبيدِ +في ظِلالِ المُلوكِ تُدني إِلَيهِم كُلَّ آوٍ لِظِلِّكَ المَمدودِ +لَستَ مَن مَرَّ بِالمَعالِمِ مَرّاً إِنَّما أَنتَ دَولَةٌ في فَقيدِ +قُم فَحَدِّث عَنِ السِنينِ الخَوالي وَفُتوحِ المُمَلَّكينَ الصيدِ +وَالَّذي مَرَّ بَينَ حالٍ قَديمٍ أَنتَ أَدرى بِهِ وَحالِ جَديدِ +وَصِفِ العِزَّ في زَمانِ عَلِيٍّ وَاِذكُرِ اليُمنَ في زَمانِ سَعيدِ +كَيفَ أُسطولُهُم عَلى كُلِّ بَحرٍ وَسَراياهُمُ عَلى كُلِّ بيدِ +قَد تَوَلَّوا وَخَلَّفوكَ وَفِيّاً في زَمانٍ عَلى الوَفِيِّ شَديدِ +فَاِلحَقِ اليَومَ بِالكِرامِ كَريماً وَاِلقَهُم بَينَ جَنَّةٍ وَخُلودِ +وَتَقَبَل وَداعَ باكٍ عَلى فَق دِكَ وافٍ لِعَهدِكَ المَحمودِ +كُلُّ حَيٍّ عَلى المَنِيَّةِ غادي تَتَوالى الرِكابُ وَالمَوتُ حادي +ذَهَب الأَوَّلونَ قَرناً فَقَرنا لَم يَدُم حاضِرٌ وَلَم يَبقَ بادي +هَل تَرى مِنهُمُ وَتَسمَعُ عَنهُمُ غَيرَ باقي مَآثِرٍ وَأَيادي +كُرَةُ الأَرضِ رَمَت صَولَجانا وَطَوَت مِن مَلاعِبٍ وَجِيادِ +وَالغُبارُ الَّذي عَلى صَفحَتَيها دَوَرانُ الرَحى عَلى الأَجسادِ +كُلُّ قَبرٍ مِن جانِبِ القَفرِ يَبدو عَلَمَ الحَقِّ أَو مَنارَ المَعادِ +وَزِمامُ الرِكابِ مِن كُلِّ فَجٍّ وَمَحَطُّ الرِحالِ مِن كُلِّ وادي +تَطلَعُ الشَمسُ حَيثُ تَطلَعُ نَضخاً وَتَنَحّى كَمِنجَلِ الحَصّادِ +تِلكَ حَمراءُ في السَماءِ وَهَذا أَعوَجُ النَصلِ مِن مِراسِ الجِلادِ +لَيتَ شِعري تَعَمَّدا وَأَصَرّا أَم أَعانا جِنايَةَ البِلادِ +كَذَبَ الأَزهَرانِ ما الأَمرُ إِلّا قَدَرٌ رائِحٌ بِما شاءَ غادي +يا حَماماً تَرَنَّمَت مُسعِداتٍ وَبِها فاقَةٌ إِلى الإِسعادِ +ضاقَ عَن ثُكلِها البُكا فَتَغَنَّت رُبَّ ثُكلٍ سَمِعتَهُ مِن شادي +الأَناةَ الأَناةَ كُلُّ أَليفٍ سابِقُ الإِلفِ أَو مُلاقي اِنفِرادِ +هَل رَجَعتُنَّ في الحَياةِ لِفَهمٍ إِنَّ فَهمَ الأُمورِ نِصفُ السَدادِ +سَقَمٌ مِن سَلامَةٍ وَعَزاءٌ مِن هَناءٍ وَفُرقَةٌ مِن وِدادِ +يُجتَنى شَهدُها عَلى إِبَرِ النَح لِ وَيُمشى لِوِردِها في القَتادِ +وَعَلى نائِمٍ وَسَهرانَ فيها أَجَلٌ لا يَنامُ بِالمِرصادِ +لُبَدٌ صادَهُ الرَدى وَأَظُنُّ ال نَسرَ مِن سَهمِهِ عَلى ميعادِ +ساقَةَ النَعشِ بِالرَئيسِ رُوَيداً مَوكِبُ المَوتِ مَوضِعُ الإِتِّئادِ +كُلُّ أَعوادِ مِنبَرٍ وَسَريرٍ باطِلٌ غَيرَ هَذِهِ الأَعوادِ +تَستَريحُ المَطِيُّ يَوماً وَهَذي تَنقُلُ العالَمينَ مِن عَهدِ عادِ +لا وَراءَ الجِيادِ زيدَت جَلالاً مُنذُ كانَت وَلا عَلى الأَجيادِ +أَسَأَلتُم حَقيبَةَ المَوتِ ماذا تَحتَها مِن ذَخيرَةٍ وَعَتادِ +إِنَّ في طَيِّها إِمامَ صُفوفٍ وَحَوارِيَّ نِيَّةٍ وَاِعتِقادِ +لَو تَرَكتُم لَها الزِمامَ لَجاءَت وَحدَها بِالشَهيدِ دارَ الرَشادِ +اِنظُروا هَل تَرَونَ في الجَمعِ مِصراً حاسِراً قَد تَجَلَّلَت بِسَوادِ +تاجُ أَحرارِها غُلاماً وَكَهلاً راعَها أَن تَراهُ في الأَصفادِ +وَسِّدوهُ التُرابَ نِضوَ سِفارٍ في سَبيلِ الحُقوقِ نِضوَ سُهادِ +وَاِركُزوهُ إِلى القِيامَةِ رُمحاً كانَ لِلحَشدِ وَالنَدى وَالطِرادِ +وَأَقِرّوهُ في الصَفائِحِ عَضباً لَم يَدِن بِالقَرارِ في الأَغمادِ +نازِحَ الدارِ أَقصَرَ اليَومَ بَينٌ وَاِنتَهَت مِحنَةٌ وَكَفَّت عَوادي +وَكَفى المَوتُ ما تَخافُ وَتَرجو وَشَفى مِن أَصادِقٍ وَأَعادي +مَن دَنا أَو نَأى فَإِنَّ المَنايا غايَةُ القُربِ أَو قُصارى البِعادِ +سِر مَعَ العُمرِ حَيثُ شِئتَ تَأوبا وَاِفقُدِ العُمرَ لا تَأُب مِن رُقادِ +ذَلِكَ الحَقُّ لا الَّذي زَعَموهُ في قَديمٍ مِنَ الحَديثِ مُعادِ +وَجَرى لَفظُهُ عَلى أَلسُنِ النا سِ وَمَعناهُ في صُدورِ الصِعادِ +يَتَحَلّى بِهِ القَوِيُّ وَلَكِن كَتَحَلّي القِتالِ بِاِسمِ الجِهادِ +هَل تَرى كَالتُرابِ أَحسَنَ عَدلاً وَقِياماً عَلى حُقوقِ العِبادِ +نَزَلَ الأَقوِياءُ فيهِ عَلى الضَع فى وَحَلَّ المُلوكُ بِالزُهّادِ +صَفَحاتٌ نَقِيَّةٌ كَقُلوبِ ال رُسلِ مَغسولَةٌ مِنَ الأَحقادِ +قُم إِنِ اِسطَعتَ مِن سَريرِكَ وَاِنظُر سِرَّ ذاكَ اللِواءِ وَالأَجنادِ +هَل تَراهُم وَأَنتَ موفٍ عَلَيهِم غَيرَ بُنيانِ أُلفَةٍ وَاِتِّحادِ +أُمَّةٌ هُيِّأَت وَقَومٌ لِخَيرِ ال دَهرِ أَو شَرِّهِ عَلى اِستِعدادِ +مِصرُ تَبكي عَلَيكَ في كُلِّ خِدرٍ وَتَصوغُ الرِثاءَ في كُلِّ نادي +لَو تَأَمَّلتَها لَراعَكَ مِنها غُرَّةُ البِرِّ في سَوادِ الحِدادِ +مُنتَهى ما بِهِ البِلادُ تُعَزّى رَجُلٌ ماتَ في سَبيلِ البِلادِ +أُمَّهاتٌ لا تَحمِلُ الثُكلَ إِلّا لِلنَجيبِ الجَريءِ في الأَولادِ +كَفَريدٍ وَأَينَ ثاني فَريدٍ أَيُّ ثانٍ لِواحِدِ الآحادِ +الرَئيسِ الجَوادِ فيما عَلِمنا وَبَلَونا وَاِبنِ الرَئيسِ الجَوادِ +أَكَلَت مالَهُ الحُقوقُ وَأَبلى جِسمَهُ عائِدٌ مِنَ الهَمِّ عادي +لَكَ في ذَلِكَ الضَنى رِقَّةُ الرو حِ وَخَفقُ الفُؤادِ في العُوّادِ +عِلَّةٌ لَم تَصِل فِراشَكَ حَتّى وَطِئَت في القُلوبِ وَالأَكبادِ +صادَفَت قُرحَةً يُلائِمُها الصَب رُ وَتَأبى عَلَيهِ غَيرَ الفَسادِ +وَعَدَ الدَهرُ أَن يَكونَ ضِماداً لَكَ فيها فَكانَ شَرَّ ضِمادِ +وَإِذا الروحُ لَم تُنَفِّس عَنِ الجِس مِ فَبُقراطُ نافِخٌ في رَمادِ +يَموتُ في الغابِ أَو في غَيرِهِ الأَسَدُ كُلُّ البِلادِ وِسادٌ حينَ تُتَّسَدُ +قَد غَيَّبَ الغَربُ شَمساً لا سَقامَ بِها كانَت عَلى جَنَباتِ الشَرقِ تَتَّقِدُ +حَدا بِها الأَجَلُ المَحتومُ فَاِغتَرَبَت إِنَّ النُفوسَ إِلى آجالِها تَفِدُ +كُلُّ اِغتِرابٍ مَتاعٌ في الحَياةِ سِوى يَومٍ يُفارِقُ فيهِ المُهجَةَ الجَسَدُ +نَعى الغَمامَ إِلى الوادي وَساكِنِهِ بَرقٌ تَمايَلَ مِنهُ السَهلُ وَالجَلَدُ +بَرقُ الفَجيعَةِ لَمّا ثارَ ثائِرُهُ كادَت كَأَمسٍ لَهُ الأَحزابُ تَتَّحِدُ +قامَ الرِجالُ حَيارى مُنصِتينَ لَهُ حَتّى إِذا هَدَّ مِن آمالِهِم قَعَدوا +عَلا الصَعيدَ نهارٌ كُلُّهُ شَجَنٌ وَجَلَّلَ الريفَ لَيلٌ كُلُّهُ سُهُدُ +لَم يُبقِ لِلضاحِكينَ المَوتُ ما وَجَدوا وَلَم يَرُدَّ عَلى الباكينَ ما فَقَدوا +وَراءَ رَيبِ اللَيالي أَو فُجاءَتِها دَمعٌ لِكُلِّ شِماتٍ ضاحِكٍ رَصَدُ +باتَت عَلى الفُلكِ في التابوتِ جَوهَرَةٌ تَكادُ بِاللَيلِ في ظِلِّ البِلى تَقِدُ +يُفاخِرُ النيلُ أَصدافَ الخَليجِ بِها وَما يَدُبُّ إِلى البَحرَينِ أَو يَرِدُ +إِنَّ الجَواهِرَ أَسناها وَأَكرَمُها ما يَقذِفُ المَهدُ لا ما يَقذِفُ الزَبَدُ +حَتّى إِذا بَلَغَ الفَلَكُ ال��َدى اِنحَدَرَت كَأَنَّها في الأَكُفِّ الصارِمُ الفَرِدُ +تِلكَ البَقِيَّةُ مِن سَيفِ الحِمى كِسَرٌ عَلى السَريرِ وَمِن رُمحِ الحِمى قَصِدُ +قَد ضَمَّها فَزَكا نَعشٌ يُطافُ بِهِ مُقَدَّمٌ كَلِواءِ الحَقِّ مُنفَرِدُ +مَشَت عَلى جانِبَيهِ مِصرُ تَنشُدُهُ كَما تَدَلَّهَتِ الثَكلى وَتَفتَقِدُ +وَقَد يَموتُ كَثيرٌ لا تُحِسُّهُمُ كَأَنَّهُم مِن هَوانِ الخَطبِ ما وُجِدوا +ثُكلُ البِلادِ لَهُ عَقلٌ وَنَكبَتُها هِيَ النَجابَةُ في الأَولادِ لا العَدَدُ +مُكَلَّلُ الهامِ بِالتَصريحِ لَيسَ لَهُ عودٌ مِنَ الهامِ يَحويهِ وَلا نَضَدُ +وَصاحِبُ الفَضلِ في الأَعناقِ لَيسَ لَهُ مِنَ الصَنائِعِ أَو أَعناقِهِم سَنَدُ +خَلا مِنَ المِدفَعِ الجَبّارِ مَركَبُهُ وَحَلَّ فيهِ الهُدى وَالرِفقُ وَالرَشَدُ +إِنَّ المَدافِعَ لَم يُخلَق لِصُحبَتِها جُندُ السَلامِ وَلا قُوّادُهُ المُجُدُ +يا بانِيَ الصَرحَ لَم يَشغَلهُ مُمتَدِحٌ عَنِ البِناءِ وَلَم يَصرِفهُ مُنتَقِدُ +أَصَمَّ عَن غَضَبٍ مِن حَولِهِ وَرِضىً في ثَورَةٍ تَلِدُ الأَبطالَ أَو تَئِدُ +تَصريحُكَ الخُطوَةُ الكُبرى وَمَرحَلَةٌ يَدنو عَلى مِثلِها أَو يَبعُدُ الأَمَدُ +الحَقُّ وَالقُوَّةُ اِرتَدّا إِلى حَكَمٍ مِنَ الفَياصِلِ ما في دينِهِ أَوَدُ +لَولا سِفارَتُكَ المَهدِيَّةُ اِختَصَما وَمَلَّ طولَ النِضالِ الذِئبُ وَالنَقَدُ +ما زِلتَ تَطرُقُ بابَ الصُلحِ بَينَهُما حَتّى تَفَتَّحَتِ الأَبوابُ وَالسُدَدُ +وَجَدتَها فُرصَةً تُلقى الحِبالُ لَها إِنَّ السِياسَةَ فيها الصَيدُ وَالطَرَدُ +طَلَبتَها عِندَ هوجِ الحادِثاتِ كَما يَمشي إِلى الصَيدِ تَحتَ العاصِفِ الأَسَدُ +لَمّا وَجَدتَ مُعِدّاتِ البِناءِ بَنَت يَداكَ لِلقَومِ ما ذَمّوا وَما حَمَدوا +بَنَيتَ صَرحَكَ مِن جُهدِ البِلادِ كَما تُبنى مِنَ الصَخرِ الآساسُ وَالعُمُدُ +فيهِ ضَحايا مِنَ الأَبناءِ قَيِّمَةٌ وَفيهِ سَعيٌ مِنَ الآباءِ مُطَّرِدُ +وَفي أَواسيهِ أَقلامٌ مُجاهِدَةٌ عَلى أَسِنَّتِها الإِحسانُ وَالسَدَدُ +وَفيهِ أَلوِيَةٌ عَزَّ الجِهادُ بِهِم لَولا المَنِيَّةِ ما مالوا وَلا رَقَدوا +رَمَيتَ في وَتَدِ الذُلِّ القَديمِ بِهِ حَتّى تَزعزَعَ مِن أَسبابِهِ الوَتَدُ +طَوى حِمايَتَهُ المُحتَلُّ وَاِنبَسَطَت حِمايَةُ اللَهِ فَاِستَذرى بِها البَلَدُ +نَم غَيرَ باكٍ عَلى ماشِدتَ مِن كَرَمٍ ما شيدَ لِلحَقِّ فَهوَ السَرمَدُ الأَبَدُ +يا ثَروَةَ الوَطَنِ الغالي كَفى عِظَةً لِلناسِ أَنَّكَ كَنزٌ في الثَرى بَدَدُ +لَم يُطغِكَ الحُكمُ في شَتّى مَظاهِرِهِ وَلا اِستَخَفَّكَ لينُ العَيشِ وَالرَغَدُ +تَغدو عَلى اللَهِ وَالتاريخِ في ثِقَةٍ تَرجو فَتُقدِمُ أَو تَخشى فَتَتَّئِدُ +نَشَأتَ في جَبهَةِ الدُنيا وَفي فَمِها يَدورُ حَيثُ تَدورُ المَجدُ وَالحَسَدُ +لِكُلِّ يَومٍ غَدٌ يَمضي بِرَوعَتِهِ وَما لِيَومِكَ يا خَيرَ اللِداتِ غَدُ +رَمَتكَ في قَنَواتِ القَلبِ فَاِنصَدَعَت مَنِيَّةٌ ما لَها قَلبٌ وَلا كَبِدُ +لَمّا أَناخَت عَلى تامورِكَ اِنفَجَرَت أَزكى مِنَ الوَردِ أَو مِن مائِهِ الوُرُدُ +ما كُلُّ قَلبٍ غَدا أَو راحَ في دَمِهِ فيهِ الصَديقُ وَفيهِ الأَهلُ وَالوَلَدُ +وَلَم تُطاوِلكَ خَوفاً أَن يُناضِلَها مِنكَ الدَهاءُ وَرَأيٌ مُنقِذٌ نَجِدُ +فَهَل رَثى المَوتُ لِلبِرِّ الذَبيحِ وَهَل شَجاهُ ذاكَ الحَنانُ الساكِنُ الهَمِدُ +هَيهاتَ لَو وُجِدَت لِلمَوتِ عاطِفَةُ لَم يَبكِ مِن آدَمٍ أَحبابَهُ أَحَدُ +مَشَت تَذودُ المَنايا عَن وَديعَتِها مَدينَةُ النورِ فَاِرتَدَّت بِها رَمَدُ +لَو يُدفَعُ المَوتُ رَدَّت عَنكَ عادِيَهُ لِلعِلمِ حَولَكَ عَينٌ لَم تَنَم وَيَدُ +أَبا عَزيزٍ سَلامُ اللَهِ لا رُسُلٌ إِلَيكَ تَحمِلُ تَسليمي وَلا بُرَدُ +وَنَفحَةٌ مِن قَوافي الشِعرِ كُنتَ لَها في مَجلِسِ الراحِ وَالرَيحانِ تَحتَشِدُ +أَرسَلتُها وَبَعَثتُ الدَمعَ يَكنُفُها كَما تَحَدَّرَ حَولَ السَوسَنِ البَرَدُ +عَطَفتُ فيكَ إِلى الماضي وَراجَعَني وُدٌّ مِنَ الصِغَرِ المَعسولِ مُنعَقِدُ +صافٍ عَلى الدَهرِ لَم تُقفِر خَلِيَّتُهُ وَلا تَغَيَّرَ في أَبياتِها الشُهُدُ +حَتّى لَمَحتُكَ مَرموقَ الهِلالِ عَلى حَداثَةٍ تَعِدُ الأَوطانَ ما تَعِدُ +وَالشِعرُ دَمعٌ وَوِجدانٌ وَعاطِفَةٌ يا لَيتَ شِعرِيَ هَل قُلتُ الَّذي أَجِدُ +أَصابَ المُجاهِدُ عُقبى الشَهيدِ وَأَلقى عَصاهُ المُضافُ الشَريد +وَأَمسى جَماداً عَدُوُّ الجُمودِ وَباتَ عَلى القَيدِ خَصمُ القُيود +حَداهُ السِفارُ إِلى مَنزِلٍ يُلاقي الخَفيفَ عَلَيهِ الوَئيد +فَقَرَّ إِلى موعِدٍ صادِقٍ مُعِزُّ اليَقينِ مُذِلُّ الجُحود +وَباتَ الحَوارِيُّ مِن صاحِبَيهِ شَهَيدَينِ أَسرى إِلَيهِم شَهيد +تَسَرَّبَ في مَنكِبَي مُصطَفى كَأَمسِ وَبَينَ ذِراعَي فَريد +فَيا لَكَ قَبراً أَكَنَّ الكُنوزَ وَساجَ الحُقوقَ وَحاطَ العُهود +لَقَد غَيَّبوا فيكَ أَمضى السُيوفِ فَهَل أَنتَ يا قَبرُ أَوفى الغُمود +ثَلاثُ عَقائِدَ في حُفرَةٍ تَدُكُّ الجِبالَ وَتوهي الحَديد +قَعَدنَ فَكُنَّ الأَساسَ المَتينَ وَقامَ عَلَيها البِناءُ المَشيد +فَلا تَنسَ أَمسِ وَآلاءَهُ أَلا إِنَّ أَمسِ أَساسُ الوُجود +وَلَولا البِلى في زَوايا القُبورِ لَما ظَهَرَت جِدَّةٌ لِلمُهود +وَمَن طَلَبَ الخُلقَ مِن كَنزِهِ فَإِنَّ العَقيدَةَ كَنزٌ عَتيد +تَعَلَّمَ بِالصَبرِ أَو بِالثَباتِ جَليدُ الرِجالِ وَغَيرُ الجَليد +طَريدَ السِياسَةِ مُنذُ الشَبابِ لَقَد آنَ أَن يَستَريحَ الطَريد +لَقيتَ الدَواهِيَ مِن كَيدِها وَما كَالسِياسَةِ داهٍ يَكيد +حَمَلتَ عَلى النَفسِ ما لا يُطا قُ وَجاوَزَتِ المُسَتَطاعَ الجُهود +وَقُلِّبتَ في النارِ مِثلَ النُضا رِ وَغُرِّبتَ مِثلَ الجُمانِ الفَريد +أَتَذكُرُ إِذ أَنتَ تَحتَ اللِواءِ نَبيهَ المَكانَةِ لِجَمَّ العَديد +إِذا ما تَطَلَّعتَ في الشاطِئَينِ رَبا الريفُ وَاِفتَنَّ فيكَ الصَعيد +وَهَزَّ النَدِيُّ لَكَ المَنكِبَينِ وَراحَ الثَرى مِن زِحامٍ يَميد +رَسائِلُ تُذري بِسَجعِ البَديعِ وَتُنسي رَسائِلَ عَبدِ الحَميد +يَعيها شُيوخُ الحِمى كَالحَديثِ وَيَحفَظُها النَشءُ حِفظَ النَشيد +فَما بالُها نَكِرَتها الأُمورُ وَطولُ المَدى وَاِنتِقالُ الجُدود +لَقَد نَسِيَ القَومُ أَمسِ القَريبَ فَهَل لِأَحاديثِهِ مِن مُعيد +يَقولونَ ما لِأَبي ناصِرٍ وَلِلتُركِ ما شَأنُهُ وَالهُنود +وَفيمَ تَحَمَّلَ هَمَّ القَريبِ مِنَ المُسلِمينَ وَهَمَّ البَعيد +فَقُلتُ وَما ضَرَّكُم أَن يَقومَ مِنَ المُسلِمينَ إِمامٌ رَشيد +أَتَستَكثِرونَ لَهُم واحِداً وَلّى القَديمُ نَصيرَ الحَديد +سَعى لِيُؤَلِّفَ بَينَ القُلوبِ فَلَم يَعدُ هَديَ الكِتابِ المَجيد +يَشُدُّ عُرا الدينِ في دارِهِ وَيَدعو إِلى اللَهِ أَهلَ الجُحود +وَلِلقَومِ حَتّى وَراءَ القِفارِ دُعاةٌ تُغَنّى وَرُسلٌ تَشيد +جَزى اللَهُ مَلكاً مِنَ المُحسِنين رَؤوفُ الفُؤادِ رحيمُ الوَريد +كَأَنَّ البَيانَ بِأَيّامِهِ أَوِ العِلمَ تَحتَ ظِلالِ الرَشيد +يُداوي نَداهُ جِراحَ الكِرامِ وَيُدرِكُهُم في زَوايا اللُحود +أَجارَ عِيالَكَ مِن دَهرِهِم وَجامَلَهُم في البَلاءِ الشَديد +تَوَلّى الوَليدَةُ في يُتمِها وَكَفكَفَ بِالعَطفِ دَمعَ الوَليد +سَلامٌ أَبا ناصِرٍ في التُراب يُعيرُ التُرابَ رَفيفَ الوُرود +بَعُدتَ وَعَزَّ إِلَيكَ البَريدُ وَهَل بَينَ حَيٍّ وَمَيتٍ بَريد +أَجَل بَينَنا رُسلُ الذِكرَياتِ وَماضٍ يُطيفُ وَدَمعٌ يَجود +وَفِكرٌ وَإِن عَقَلَتهُ الحَياةُ يَظَلُّ بِوادي المَنايا يَرود +أَجَل بَينَنا الخُشُبُ الدائِباتُ وَإِن كانَ راكِبُها لا يُعود +مَضى الدَهرُ وَهيَ وَراءَ الدُموعِ قِيامٌ بِمُلكِ الصَحارى قُعود +وَكَم حَمَلَت مِن صَديدٍ يَسيلُ وَكَم وَضَعَت مِن حِناشٍ وَدود +نَشَدتُكَ بِالمَوتِ إِلّا أَبَنتَ أَأَنتَ شَقِيٌّ بِهِ أَم سَعيد +وَكَيفَ يُسَمّى الغَريبَ اِمرُؤٌ نَزيلُ الأُبُوَّةِ ضَيفُ الجُدود +وَكَيفَ يُقالُ لِجارِ الأَوائِ لِ جارِ الأَواخِرِ ناءٍ وَحيد +كَأسٌ مِنَ الدُنيا تُدار مَن ذاقَها خَلَعَ العِذار +اللَيلُ قَوّامٌ بِها فَإِذا وَنى قامَ النَهار +وَحَبا بِها الأَعمارَ لَم تَدُمِ الطِوالُ وَلا القِصار +شَرِبَ الصَبِيُّ بِها وَلَم يَخلُ المُعَمَّرُ مِن خُمار +وَحَسا الكِرامُ سُلافَها وَتَناوَلَ الهَمَلُ العُقار +وَأَصابَ مِنها ذو الهَوى ما قَد أَصابَ أَخو الوَقار +وَلَقَد تَميلُ عَلى الجَما دِ وَتَصرَعُ الفَلَكَ المُدار +كَأسُ المَنِيَّةِ في يَدٍ عَسراءَ ما مِنها فِرار +تَجري اليَمينَ فَمَن تَوَل لى يَسرَةً جَرَتِ اليَسار +أَودى الجَريءُ إِذا جَرى وَالمُستَميتُ إِذا أَغار +لَيثُ المَعامِعِ وَالوَقا ئِعِ وَالمَواقِعِ وَالحِصار +وَبَقِيَّةُ الزُمَرِ الَّتي كانَت تَذودُ عَنِ الذِمار +جُندُ الخِلافَةِ عَسكَرُ السُل طانِ حامِيَةُ الدِيار +ضاقَت كَريدُ جِبالُها بِكَ يا خَلوصي وَالقِفار +أَيّامُكُم فيها وَإِن طالَ المَدى ذاتُ اِشتِهار +عَلِمَ العَدُوُّ بِأَنَّكُم أَنتُم لِمِعصَمِها سِوار +أَحدَقتُمُ بِمَقَرِّهِ فَتَرَكتُموهُ بِلا قَرار +حَتّى اِهتَدى مَن كانَ ضَل لَ وَثابَ مَن قَد كانَ ثار +وَاِعتَزَّ رُكنٌ لِلوِلا يَةِ كانَ مُنقَضَّ الجِدار +عِش لِلعُلا وَالمَجدِ يا خَيرَ البَنينِ وَلِلفَخار +أَبكي لِدَمعِكَ جارِياً وَلِدَمعِ إِخوَتِكَ الصِغار +وَأَوَدُّ أَنَّكُمُ رِجا لٌ مِثلَ والِدِكُم كِبار +وَأُريدُ بَيتَكُمُ عَما راً لا يُحاكيهِ عَمار +لا تَخرُجُ النَعماءُ مِن هُ وَلا يُزايِلهُ اليَسار +ما جَلَّ فيهِم عيدُكَ المَأثورُ إِلّا وَأَنتَ أَجَلُّ يا فِكتورُ +ذَكَروكَ بِالمِئَةِ السِنينَ وَإِنَّها عُمرٌ لِمِثلِكَ في النُجومِ قَصيرُ +سَتدومُ ما دامَ البَيانُ وَما اِرتَقَت لِلعا��َمينَ مَدارِكٌ وَشُعورُ +وَلَئِن حُجِبتَ فَأَنتَ في نَظَرِ الوَرى كَالنَجمِ لَم يُرَ مِنهُ إِلّا النورُ +لَولا التُقى لَفَتَحتُ قَبرَكَ لِلمَلا وَسَأَلتُ أَينَ السَيِّدَ المَقبورُ +وَلَقُلتُ يا قَومُ اُنظُروا اِنجيلَكُم هَل فيهِ مِن قَلَمِ الفَقيدِ سُطورُ +مَن بَعدَهُ مَلَكَ البَيانَ فَعِندَكُم تاجٌ فَقَدتُم رَبَّهُ وَسَريرُ +ماتَ القَريضُ بِمَوتِ هوجو وَاِنقَضى مُلكُ البَيانِ فَأَنتُمُ جُمهورُ +ماذا يَزيدُ العيدُ في إِجلالِهِ وَجَلالُهُ بِيَراعِهِ مَسطورِ +فَقَدَت وُجوهَ الكائِناتِ مُصَوِّراً نَزَلَ الكَلامُ عَلَيهِ وَالتَصويرُ +كُشِفَ الغَطاءُ لَهُ فَكُلُّ عِبارَةٍ في طَيِّها لِلقارِئينَ ضَميرُ +لَم يُعيِهِ لَفظٌ وَلا مَعنىً وَلا غَرَضٌ وَلا نَظمٌ وَلا مَنثورُ +مُسلي الحَزينِ يَفُكُّهُ مِن حُزنِهِ وَيَرُدُّهُ لِلَّهِ وَهوَ قَريرُ +ثَأَرَ المُلوكُ وَظَلَّ عِندَ إِبائِهِ يَرجو وَيَأمَلُ عَفوَهُ المَثؤورُ +وَأَعارَ واتِرلو جَلالَ يَراعِهِ فَجَلالُ ذاكَ السَيفِ عَنهُ قَصيرُ +يا أَيُّها البَحرُ الَّذي عَمَّرَ الثَرى وَمِنَ الثَرى حُفَرٌ لَهُ وَقُبورُ +أَنتَ الحَقيقَةُ إِن تَحَجَّبَ شَخصُها فَلَها عَلى مَرِّ الزَمانِ ظُهورُ +اِرفَع حِدادَ العالَمينَ وَعُد لَهُم كَيما يُعَيِّدَ بائِسٌ وَفَقيرُ +وَاِنظُر إِلى البُؤَساءِ نَظرَةَ راحِمٍ قَد كانَ يُسعَدُ جَمعَهُم وَيُجيرُ +الحالُ باقِيَةٌ كَما صَوَّرتَها مِن عَهدِ آدَمَ ما بِها تَغييرُ +البُؤسُ وَالنُعمى عَلى حالَيهِما وَالحَظُّ يَعدِلُ تارَةً وَيَجورُ +وَمِنَ القَوِيِّ عَلى الضَعيفِ مُسَيطِرٌ وَمِنَ الغَنِيِّ عَلى الفَقيرِ أَميرُ +وَالنَفسُ عاكِفَةٌ عَلى شَهَواتِها تَأوي إِلى أَحقادِها وَتَثورُ +وَالعَيشُ آمالٌ تَجِدُّ وَتَنقَضي وَالمَوتُ أَصدَقُ وَالحَياةُ غُرورُ +ساجِعُ الشَرقِ طارَ عَن أَوكارِهِ وَتَوَلّى فَنٌّ عَلى آثارِهِ +غالَهُ نافِذُ الجَناحَينِ ماضٍ لا تَفِرُّ النُسورُ مِن أَظفارِهِ +يَطرُقُ الفَرخَ في الغُصونِ وَيَغشى لُبَداً في الطَويلِ مِن أَعمارِهِ +كانَ مِزمارَهُ فَأصبَحَ داوُ دُ كَئيباً يَبكي عَلى مِزمارِهِ +عَبدُهُ بَيدَ أَنَّ كُلَّ مُغَنٍّ عَبدُهُ في اِفتِنانِهِ وَاِبتِكارِهِ +مَعبَدُ الدَولَتَينِ في مِصرَ وَإِسحا قُ السَمِيَّينِ رَبِّ مِصرٍ وَجارِهِ +في بِساطِ الرَشيدِ يَوماً وَيَوماً في حِمى جَعفَرٍ وَضافي سِتارِهِ +صَفوُ مُلكَيهِما بِهِ في اِزدِيادٍ وَمِنَ الصَفوِ أَن يَلوذَ بِدارِهِ +يُخرِجُ المالِكينَ مِن حِشمَةِ المُل كِ وَيُنسي الوَقورَ ذِكرَ وَقارِهِ +رُبَّ لَيلٍ أَغارَ فيهِ القَماري وَأَثارَ الحِسانَ مِن أَقمارِهِ +بِصَباً يُذكِرُ الرِياضَ صَباهُ وَحِجازٍ أَرَقُّ مِن أَسحارِهِ +وَغِناءٍ يُدارُ لَحناً فَلَحناً كَحَديثِ النَديمِ أَو كَعُقارِهِ +وَأَنينٍ لَو أَنَّهُ مِن مَشوقٍ عَرَفَ السامِعونَ مَوضِعَ نارِهِ +يَتَمَنّى أَخو الهَوى مِنهُ آهاً حينَ يُلحى تَكونُ مِن أَعذارِهِ +زَفَراتٌ كَأَنَّها بَثُّ قَيسٍ في مَعاني الهَوى وَفي أَخبارِهِ +لا يُجازيهِ في تَفَنُّنِهِ العو دُ وَلا يَشتَكي إِذا لَم يُجارِهِ +يَسمَعُ اللَيلُ مِنهُ في الفَجرِ يا لَي لُ فَيُصغي مُستَمهِلاً في فِرارِهِ +فُجِعَ الناس�� يَومَ ماتَ الحَمولي بِدَواءِ الهُمومِ في عَطّارِهِ +بِأَبي الفَنِّ وَاِبنِهِ وَأَخيهِ القَوِيِّ المَكينِ في أَسرارِهِ +وَالأَبِيِّ العَفيفِ في حالَتَيهِ وَالجَوادِ الكَريمِ في إيثارِهِ +يَحبِسُ اللَحنَ عَن غِنىً مُدِلٍّ وَيُذيِقُ الفَقيرَ مِن مُختارِهِ +يا مُغيثاً بِصَوتِهِ في الرَزايا وَمُعيناً بِمالِهِ في المَكارِهِ +وَمُحِلَّ الفَقيرِ بَينَ ذَويهِ وَمُعِزَّ اليَتيمِ بَينَ صِغارِهِ +وَعِمادَ الصَديقِ إِن مالَ دَهرٌ وَشِفاءَ المَحزونِ مِن أَكدارِهِ +لَستَ بِالراحِلِ القَليلِ فَتُنسى واحِدُ الفَنِّ أُمَّةٌ في دِيارِهِ +غايَةُ الدَهرِ إِن أَتى أَو تَوَلّى ما لَقيتَ الغَداةَ مِن إِدبارِهِ +نَزَلَ الجَدُّ في الثَرى وَتَساوى ما مَضى مِن قِيامِهِ وَعِثارِهِ +وَاِنَقضى الداءُ بِاليَقينِ مِنَ الحا لَينِ فَالمَوتُ مُنتَهى إِقصارِهِ +لَهفَ قَومي عَلى مَخايِلِ عِزٍّ زالَ عَنّا بِرَوضِهِ وَهَزارِهِ +وَعَلى ذاهِبٍ مِنَ العَيشِ وَلَّي تَ فَوَلّى الأَخيرُ مِن أَوطارِهِ +وَزَمانٍ أَنتَ الرِضى مِن بَقايا هُ وَأَنتَ العَزاءُ مِن آثارِهِ +كانَ لِلناسِ لَيلُهُ حينَ تَشدو لَحَقَ اليَومَ لَيلُهُ بِنَهارِهِ +يا أَيُّها الدَمعُ الوَفِيُّ بِدارِ نَقضي حُقوقَ الرِفقَةِ الأَخيارِ +أَنا إِن أَهَنتُكَ في ثَراهُمُ فَالهَوى وَالعَهدُ أَن يُبكَوا بِدَمعٍ جاري +هانوا وَكانوا الأَكرَمينَ وَغودِروا بِالقَفرِ بَعدَ مَنازِلٍ وَدِيارِ +لَهَفي عَلَيهِم أُسكِنوا دورَ الثَرى مِن بَعدِ سُكنى السَمعِ وَالأَبصارِ +أَينَ البَشاشَةُ في وَسيمِ وُجوهِهِم وَالبِشرُ لِلنُدَماءِ وَالسُمّارِ +كُنّا مِنَ الدُنيا بِهِم في رَوضَةٍ مَرّوا بِها كَنَسائِمِ الأَسحارِ +عَطفاً عَلَيهِم بِالبُكاءِ وَبِالأَسى فَتَعَهُّدُ المَوتى مِنَ الإيثارِ +يا غائِبينَ وَفي الجَوانِحِ طَيفُهُم أَبكيكُمُ مِن غُيَّبٍ حُضّارِ +بَيني وَبَينَكُمُ وَإِن طالَ المَدى سَفَرٌ سَأَزمَعُهُ مِنَ الأَسفارِ +إِنّي أَكادُ أَرى مَحَلِّيَ بَينَكُم هَذا قَرارُكُمُ وَذاكَ قَراري +أَوَ كُلَّما سَمَحَ الزَمانُ وَبُشِّرَت مِصرٌ بِفَردٍ في الرِجالِ مَنارِ +فُجِعَت بِهِ فَكَأَنَّهُ وَكَأَنَّها نَجمُ الهِدايَةِ لَم يَدُم لِلساري +إِنَّ المَصيبَةَ في الأَمينِ عَظيمَةٌ مَحمولَةٌ لِمَشيئَةِ الأَقدارِ +في أَريَحِيِّ ماجِدٍ مُستَعظَمٌ رُزءُ المَمالِكِ فيهِ وَالأَمصارِ +أَوفى الرِجالِ لِعَهدِهِ وَلِرَأيِهِ وَأَبَرَّهُم بِصَديقِهِ وَالجارِ +وَأَشَدَّهُم صَبراً لِمُعتَقَداتِهِ وَتَأَدُّباً لِمُجادِلٍ وَمُماري +يَسقي القَرائِحَ هادِئًا مُتَواضِعاً كَالجَدوَلِ المُتَرقرِقِ المُتَواري +قُل لِلسَماءِ تَغُضُّ مِن أَقمارِها تَحتَ التُرابِ أَحاسِنُ الأَقمارِ +مِن كُلِّ وَضّاءِ المَآثِرِ فائِتٍ زُهرَ النُجومِ بِذَهرِهِ السَيّارِ +تَمضي اللَيالي لا تَنالُ كَمالَهُ بِمَعيبِ نَقصٍ أَو مَشينِ سِرارِ +آثارُهُ بَعدَ المَوتِ حَياتُهُ إِنَّ الخُلودَ الحَقَّ بِالآثارِ +يا مَن تَفَرَّدَ بِالقَضاءِ وَعِلمِهِ إِلّا قَضاءَ الواحِدِ القَهّارِ +مازِلتَ تَرجوهُ وَتَخشى سَهمَهُ حَتّى رَمى فَأَحَطَّ بِالأَسرارِ +هَلّا بُعِثتَ فَكُنتَ أَفصَحَ مُخبَراً عَمّا وَراءَ المَوتِ مِن لازارِ +اِنفُض غُبارَ المَوتِ عَنكَ وَناجِني فَعَسايَ أَعلَمُ ما يَكونُ غُباري +هَذا القَضاءُ الجِدُّ فَاِروِ وَهاتِ عَن حُكمِ المَنِيَّةِ أَصدَقَ الأَخبارِ +كُلٌّ وَإِن شَغَفَتهُ دُنياهُ هَوىً يَوماً مُطَلِّقُها طَلاقَ نَوارِ +لِلَّهِ جامِعَةٌ نَهَضتَ بِأَمرِها هِيَ في المَشارِقِ مَصدَرُ الأَنوارِ +أُمنِيِّةُ العُقَلاءِ قَد ظَفِروا بها بَعدَ اِختِلافِ حَوادِثٍ وَطَواري +وَالعَقلُ غايَةُ جَريِهِ لِأَعِنَّةٍ وَالجَهلُ غايَةُ جَريِهِ لِعِثارِ +لَو يَعلَمونَ عَظيمَ ما تُرجى لَهُ خَرَجَ الشَحيحُ لَها مِنَ الدينارِ +تَشري المَمالِكُ بِالدَمِ اِستِقلالَها قوموا اِشتَروهُ بِفِضَّةٍ وَنُضارِ +بِالعِلمِ يُبنى المُلكُ حَقَّ بِنائِهِ وَبِهِ تُنالُ جَلائِلُ الأَخطارِ +وَلَقَد يُشادُ عَلَيهِ مِن شُمِّ العُلا ما لا يُشادُ عَلى القَنا الخَطّارِ +إِن كانَ سَرَّكَ أَن أَقَمتَ جِدارَها قَد ساءَها أَن مالَ خَيرُ جِدارِ +أَضحَت مِنَ اللَهِ الكَريمِ بِذِمَّةٍ مَرموقَةِ الأَعوانِ وَالأَنصارِ +كُلِأَت بِأَنظارِ العَزيزِ وَحُصِّنَت بِفُؤادَ فَهيَ مَنيعَةُ الأَسوارِ +وَإِذا العَزيزُ أَعارَ أَمراً نَظرَةً فَاليُمنُ أَعجَلُ وَالسُعودُ جَواري +ماذا رَأَيتَ مِنَ الحِجابِ وَعُسرِهِ فَدَعَوتَنا لِتَرَفُّقٍ وَيَسارِ +رَأيٌ بَدا لَكَ لَم تَجِدهُ مُخالِفاً ما في الكِتابِ وَسُنَّةِ المُختارِ +وَالباسِلانِ شُجاعُ قَلبٍ في الوَغى وَشُجاعُ رَأيٍ في وَغى الأَفكارِ +أَوَدِدتَ لَو صارَت نِساءُ النيلِ ما كانَت نِساءُ قُضاعَةٍ وَنِزارِ +يَجمَعنَ في سِلمِ الحَياةِ وَحَربِها بَأسَ الرِجالِ وَخَشيَةَ الأَبكارِ +إِنَّ الحِجابَ سَماحَةٌ وَيَسارَةٌ لَولا وُحوشٌ في الرِجالِ ضَواري +جَهِلوا حَقيقَتَهُ وَحِكمَةَ حُكمِهِ فَتَجاوَزوهُ إِلى أَذىً وَضِرارِ +يا قُبَّةَ الغوري تَحتَكِ مَأتَمٌ تَبقى شَعائِرُهُ عَلى الأَدهارِ +يُحييِهِ قَومٌ في القُلوبِ عَلى المَدى إِن فاتَهُم إِحياؤُهُ في دارِ +هَيهاتَ تُنسى أُمَّةٌ مَدفونَةٌ في أَربَعينَ مِنَ الزَمانِ قِصارِ +إِن شِئتَ يَوماً أَو أَرَدتَ فَحُقبَةً كُلٌّ يَمُرُّ كَلَيلَةٍ وَنَهارِ +هاتوا اِبنَ ساعِدَةٍ يُؤَبِّنُ قاسِماً وَخُذوا المَراثِيَ فيهِ مِن بَشّارِ +مِن كُلِّ لائِقَةٍ لِباذِخِ قَدرِهِ عَصماءَ بَينَ قَلائِدِ الأَشعارِ +تولُستويُ تُجري آيَةُ العِلمِ دَمعَها عَلَيكَ وَيَبكي بائِسٌ وَفَقيرُ +وَشَعبٌ ضَعيفُ الرُكنِ زالَ نَصيرُهُ وَما كُلُّ يَومٍ لِلضَعيفِ نَصيرُ +وَيَندُبُ فَلّاحونَ أَنتَ مَنارُهُم وَأَنتَ سِراجٌ غَيَّبوهُ مُنيرُ +يُعانونَ في الأَكواخِ ظُلماً وَظُلمَةً وَلا يَملُكونَ البَثَّ وَهوَ يَسيرُ +تَطوفُ كَعيسى بِالحَنانِ وَبِالرِضى عَلَيهِم وَتَغشى دورَهُم وَتَزورُ +وَيَأسى عَلَيكَ الدينُ إِذ لَكَ لُبُّهُ وَلِلخادِمينَ الناقِمينَ قُشورُ +أَيَكفُرُ بِالإِنجيلِ مَن تِلكَ كُتبُهُ أَناجيلُ مِنها مُنذِرٌ وَبَشيرُ +وَيَبكيكَ إِلفٌ فَوقَ لَيلى نَدامَةً غَداةَ مَشى بِالعامِرِيِّ سَريرُ +تَناوَلَ ناعيكَ البِلادَ كَأَنَّهُ يَراعٌ لَهُ في راحَتَيكَ صَريرُ +وَقيلَ تَوَلّى الشَيخُ في الأَرضِ هائِماً وَقيلَ بِدَيرِ الراهِباتِ أَسيرُ +وَقيلَ قَضى لَم يُغنِ عَنهُ ط��بيبُهُ وَلِلطِبِّ مَن بَطشِ القَضاءِ عَذيرُ +إِذ أَنتَ جاوَرتَ المَعَرِّيَّ في الثَرى وَجاوَرِ رَضوى في التُرابِ ثَبيرُ +وَأَقبَلَ جَمعُ الخالِدينَ عَلَيكُما وَغالى بِمِقدارِ النَظيرِ نَظيرُ +جَماجِمُ تَحتَ الأَرضِ عَطَّرَها شَذىً جَناهُنَّ مِسكٌ فَوقَها وَعَبيرُ +بِهِنَّ يُباهي بَطنُ حَوّاءَ وَاِحتَوى عَلَيهُنَّ بَطنُ الأَرضِ وَهوَ فَخورُ +فَقُل يا حَكيمَ الدَهرِ حَدِّث عَنِ البِلى فَأَنتَ عَليمٌ بِالأُمورِ خَبيرُ +أَحَطتَ مِنَ المَوتى قَديماً وَحادِثاً بِما لَم يُحَصِّل مُنكِرٌ وَنَكيرُ +طَوانا الَّذي يَطوي السَمَواتِ في غَدٍ وَيَنشُرُ بَعدَ الطَيِّ وَهوَ قَديرُ +تَقادَمَ عَهدانا عَلى المَوتِ وَاِستَوى طَويلُ زَمانٍ في البِلى وَقَصيرُ +كَأَن لَم تَضِق بِالأَمسِ عِنّى كَنيسَةٌ وَلَم يُؤوِني دَيرٌ هُناكَ طَهورُ +أَرى راحَةً بَينَ الجَنادِلِ وَالحَصى وَكُلُّ فِراشٍ قَد أَراحَ وَثيرُ +نَظَرنا بِنورِ المَوتِ كُلَّ حَقيقَةٍ وَكُنّا كِلانا في الحَياةِ ضَريرُ +إِلَيكَ اِعتِرافي لا لِقَسٍَّ وَكاهِنٍ وَنَجوايَ بَعدَ اللَهِ وَهوَ غَفورُ +فَزُهدُكَ لَم يُنكِرهُ في الأَرضِ عارِفٌ وَلا مُتَعالٍ في السَماءِ كَبيرُ +بَيانٌ يُشَمُّ الوَحيُ مِن نَفَحاتِهِ وَعِلمٌ كَعِلمِ الأَنبِياءِ غَزيرُ +سَلَكتُ سَبيلَ المُترَفينَ وَلَذَّ لي بَنونَ وَمالٌ وَالحَياةُ غُرورُ +أَداةُ شِتائي الدِفءُ في ظِلِّ شاهِقٍ وَعُدَّةُ صَيفي جَنَّةٌ وَغَديرُ +وَمُتِّعتُ بِالدُنيا ثَمانينَ حِجَّةً وَنَضَّرَ أَيّامي غِنىً وَحُبورُ +وَذِكرٌ كَضَوءِ الشَمسِ في كُلِّ بَلدَةٍ وَلا حَظَّ مِثلُ الشَمسِ حينَ تَسيرُ +فَما راعَني إِلّا عَذارى أَجَرنَني وَرُبَّ ضَعيفٍ تَحتَمي فَيُجيرُ +أَرَدتُ جِوارَ اللَهِ وَالعُمرُ مُنقَضٍ وَجاوَرتُهُ في العُمرِ وَهوَ نَضيرُ +صِباً وَنَعيمٌ بَينَ أَهلٍ وَمَوطِنٍ وَلَذّاتُ دُنيا كُلُّ ذاكَ نَزورُ +بِهِنَّ وَما يَدرينَ ما الذَنبُ خَشيَةٌ وَمِن عَجَبٍ تَخشى الخَطيئَةَ حورُ +أَوانِسُ في داجٍ مِنَ اللَيلِ موحِشٍ وَلِلَّهِ أُنسٌ في القُلوبِ وَنورُ +وَأَشبَهُ طُهرٍ في النِساءِ بِمَريَمٍ فَتاةٌ عَلى نَهجِ المَسيحِ تَسيرُ +تُسائِلُني هَل غَيَّرَ الناسُ ما بِهِم وَهَل حَدَثَت غَيرَ الأُمورِ أُمورُ +وَهَل آثَرَ الإِحسانَ وَالرِفقَ عالَمٌ دَواعي الأَذى وَالشَرِّ فيهِ كَثيرُ +وَهَل سَلَكوا سُبلَ المَحَبَّةِ بَينَهُم كَما يَتَصافى أُسرَةٌ وَعَشيرُ +وَهَل آنَ مِن أَهلِ الكِتابِ تَسامُحٌ خَليقٌ بِآدابِ الكِتابِ جَديرُ +وَهَل عالَجَ الأَحياءُ بُؤساً وَشِقوَةً وَقَلَّ فَسادٌ بَينَهُم وَشُرورُ +قُمِ اِنظُر وَأَنتَ المالِئُ الأَرضَ حِكمَةً أَأَجدى نَظيمٌ أَم أَفادَ نَثيرُ +أُناسٌ كَما تَدري وَدُنيا بِحالِها وَدَهرٌ رَخِيٌّ تارَةً وَعَسيرُ +وَأَحوالُ خَلقٍ غابِرٍ مُتَجَدِّدٍ تَشابَهَ فيها أَوَّلٌ وَأَخيرُ +تَمُرُّ تِباعاً في الحَياةِ كَأَنَّها مَلاعِبُ لا تُرخى لَهُنَّ سُتورُ +وَحِرصٌ عَلى الدُنيا وَمَيلٌ مَعَ الهَوى وَغِشٌّ وَإِفكٌ في الحَياةِ وَزورُ +وَقامَ مَقامَ الفَردِ في كُلِّ أُمَّةٍ عَلى الحُكمِ جَمٌّ يَستَبِدُّ غَفيرُ +وَحُوِّرَ قَولُ الناسِ مَولىً وَعَبدُهُ إِلى قَولِهِم مُستَأجِرٌ وَأَجيرُ +وَأَضحى نُفوذُ المالِ لا أَمرَ في الوَرى وَلا نَهيَ إِلّا ما يَرى وَيُشيرُ +تُساسُ حُكوماتٌ بِهِ وَمَمالِكٌ وَيُذعِنُ أَقيالٌ لَهُ وَصُدورُ +وَعَصرٌ بَنوهُ في السِلاحِ وَحِرصُهُ عَلى السِلمِ يُجري ذِكرَهُ وَيُديرُ +وَمِن عَجَبٍ في ظِلِّها وَهوَ وارِفٌ يُصادِفُ شَعباً آمِناً فَيُغيرُ +وَيَأخُذُ مِن قوتِ الفَقيرِ وَكَسبِهِ وَيُؤوي جُيوشاً كَالحَصى وَيَميرُ +وَلَمّا اِستَقَلَّ البَرَّ وَالبَحرَ مَذهَباً تَعَلَّقَ أَسبابَ السَماءِ يَطيرُ +قِفوا بِالقُبورِ نُسائِل عُمَر مَتى كانَتِ الأَرضُ مَثوى القَمَر +سَلوا الأَرضَ هَل زُيِّنَت لِلعَليمِ وَهَل أُرِّجَت كَالجِنانِ الحُفَر +وَهَل قامَ رُضوانُ مِن خَلفِها يُلاقي الرَضِيَّ النَقِيَّ الأَبَرّ +فَلَو عَلِمَ الجَمعُ مِمَّن مَضى تَنَحّى لَهُ الجَمعُ حَتّى عَبَر +إِلى جَنَّةٍ خُلِقَت لِلكَريمِ وَمَن عَرَفَ اللَهَ أَو مَن قَدَر +بِرَغمِ القُلوبِ وَحَبّاتِها وَرَغمِ السَماعِ وَرَغمِ البَصَر +نُزولُكَ في التُربِ زَينَ الشَبابِ سَناءَ النَدِيِّ سَنى المُؤتَمَر +مُقيلَ الصَديقِ إِذ ما هَفا مُقيلَ الكَريمِ إِذا ما عَثَر +حَييتَ فَكُنتَ فَخارَ الحَياةِ وَمُتَّ فَكُنتَ فَخارَ السِيَر +عَجيبٌ رَداكَ وَأَعجَبُ مِنهُ حَياتُكَ في طولِها وَالقِصَر +فَما قَبلَها سَمِعَ العالَمونَ وَلا عَلِموا مُصحَفاً يُختَصَر +وَقَد يَقتُلُ المَرءَ هَمُّ الحَياةِ وَشُغلُ الفُؤادِ وَكَدُّ الفِكَر +دَفَنّا التَجارِبَ في حُفرَةٍ إِلَيها اِنتَهى بِكَ طولُ السَفَر +فَكَم لَكَ كَالنَجمِ مِن رِحلَةٍ رَأى البَدوُ آثارَها وَالحَضَر +نِقاباتُكَ الغُرُّ تَبكي عَلَيكَ وَيَبكي عَلَيكَ النَدِيُّ الأَغَر +وَيَبكي فَريقٌ تَخَيَّرتَهُ شَريفَ المَرامِ شَريفَ الوَطَر +وَيَبكي الأُلى أَنتَ عَلَّمتَهُم وَأَنتَ غَرَستَ فَكانوا الثَمَر +حَياتُكَ كانَت عِظاتٍ لَهُم وَمَوتُكَ بِالأَمسِ إِحدى العِبَر +سَهِرنا قُبَيلَ الرَدى لَيلَةً وَمادارَ ذِكرُ الرَدى في السَمَر +فَقُمتَ إِلى حُفرَةٍ هُيِّئَت وَقُمتُ إِلى مِثلِها تُحتَفَر +مَدَدتُ إِلَيكَ يَداً لِلوَداعِ وَمَدَّ يَداً لِلِّقاءِ القَدَر +وَلَو أَنَّ لي عِلمَ ما في غَدٍ خَبَأتُكَ في مُقلَتي مِن حَذَر +وَقالوا شَكَوتَ فَما راعَني وَما أَوَّلُ النارِ إِلّا شَرَر +رَثَيتُكَ لا مالِكاً خاطِري مِنَ الحُزنِ إِلّا يَسيراً خَطَر +فَفيكَ عَرَفتُ اِرتِجالَ الدُموعِ وَمِنكَ عَلِمتُ اِرتِجالَ الدُرَر +وَمِثلُكَ يُرثى بِآيِ الكِتابِ وَمِثلُكَ يُفدى بِنِصفِ البَشَر +فَيا قَبرُ كُن رَوضَةً مِن رِضىً عَلَيهِ وَكُن باقَةً مِن زَهَر +سَقَتكَ الدُموعَ فَإِن لَم يَدُمنَ كَعادَتِهِنَّ سَقاكَ المَطَر +اليَومَ أَصعَدُ دونَ قَبرِكَ مِنبَرا وَأُقَلِّدُ الدُنيا رِثاءَكَ جَوهَرا +وَأَقُصُّ مِن شِعري كِتابَ مَحاسِنٍ تَتَقَدَّمُ العُلَماءَ فيهِ مُسَطَّرا +ذِكراً لِفَضلِكَ عِندَ مِصرَ وَأَهلِها وَالفَضلُ مِن حُرُماتِهِ أَن يُذكَرا +العِلمُ لا يُعلي المَراتِبَ وَحدَهُ كَم قَدَّمَ العَمَلُ الرِجالَ وَأَخَّرا +وَالعِلمُ أَشبَهُ بِالسَماءِ رِجالُهُ خُلِطَت جَهاماً في السَحابِ وَمُمطِرا +طُفنا بِقَبرِكَ وَاِستَلَمنا جَندَلاً كَالرُكنِ أَزكى وَالحَطيمِ مُطَهَّرا +بَينَ التَشَرُّفِ وَالخُشوعِ كَأَنَّما نَستَقبِلُ الحَرَمَ الشَريفَ مُنَوَّرا +لَو أَنصَفوكَ جَنادِلاً وَصَفائِحاً جَعَلوكَ بِالذِكرِ الحَكيمِ مُسَوَّرا +يا مَن أَراني الدَهرُ صِحَّةَ وُدِّهِ وَالوُدُّ في الدُنيا حَديثٌ مُفتَرى +وَسَمِعتُ بِالخُلُقِ العَظيمِ رِوايَةً فَأَرانِيَ الخُلُقَ العَظيمَ مُصَوَّرا +ماذا لَقيتَ مِنَ الرُقادِ وَطولِهِ أَنا فيكَ أَلقى لَوعَةً وَتَحَسُّرا +نَم ما بَدا لَكَ آمِناً في مَنزِلٍ الدَهرُ أَقصَرُ فيهِ مِن سِنَةِ الكَرى +ما زِلتَ في حَمدِ الفِراشِ وَذَمِّهِ حَتّى لَقيتَ بِهِ الفِراشَ الأَوثَرا +لا تَشكُوَنَّ الضُرَّ مِن حَشَراتِهِ حَشَراتُ هَذا الناسِ أَقبَحُ مَنظَرا +يا سَيِّدَ النادي وَحامِلَ هَمِّهِ خَلَّفتَهُ تَحتَ الرَزِيَّةِ موقَرا +شَهِدَ الأَعادي كَم سَهِرتَ لِمَجدِهِ وَغَدَوتَ في طَلَبِ المَزيدِ مُشَمِّرا +وَكَمِ اِتَّقَيتَ الكَيدَ وَاِستَدفَعتَهُ وَرَمَيتَ عُدوانَ الظُنونِ فَأَقصَرا +وَلَبِثتَ عَن حَوضِ الشَبيبَةِ ذائِداً حَتّى جَزاكَ اللَهُ عَنهُ الكَوثَرا +شُبّانُ مِصرَ حِيالَ قَبرِكَ خُشَّعٌ لا يَملِكونَ سِوى مَدامِعِهِم قِرى +جَمَعَ الأَسى لَكَ جَمعَهُم في واحِدٍ كانَ الشَبابَ الواجِدَ المُستَعبِرا +لَولاكَ ما عَرَفوا التَعاوُنَ بَينَهُم فيما يَسُرُّ وَلا عَلى ما كَدَّرا +حَيثُ اِلتَفَتَّ رَأَيتَ حَولَكَ مِنهُمُ آثارَ إِحسانٍ وَغَرساً مُثمِرا +كَم مَنطِقٍ لَكَ في البِلادِ وَحِكمَةٍ وَالعَقلُ بَينَهُما يُباعُ وَيُشتَرى +تَمشي إِلى الأَكواخِ تُرشِدُ أَهلَها مَشيَ الحَوارِيّينَ يَهدونَ القُرى +مُتَواضِعاً لِلَّهِ بَينَ عِبادِهِ وَاللَهُ يُبغِضُ عَبدَهُ المُتَكَبِّرا +لَم تَدرِ نَفسُكَ ما الغُرورُ وَطالَما دَخَلَ الغُرورُ عَلى الكِبارِ فَصَغَّرا +في كُلِّ ناحِيَةٍ تَخُطُّ نِقابَةً فيها حَياةُ أَخي الزِراعَةِ لَو دَرى +هِيَ كيمِياؤُكَ لا خُرافَةُ جابِرٍ تَذَرُ المُقِلَّ مِنَ الجَماعَةِ مُكثِرا +وَالمالُ لا تَجني ثِمارَ رُؤوسِهِ حَتّى يُصيبَ مِنَ الرُؤوسِ مُدَبِّرا +وَالمُلكُ بِالأَموالِ أَمنَعُ جانِباً وَأَعَزُّ سُلطاناً وَأَصدَقُ مَظهَرا +إِنّا لَفي زَمَنٍ سِفاهُ شُعوبِهِ في مُلكِهِم كَالمَرءِ في بَيتِ الكِرا +أَسِواكَ مِن أَهلِ المَبادِىءِ مَن دَعا لِلجِدِّ أَو جَمَعَ القُلوبَ النُفَّرا +المَوتُ قَبلَكَ في البَرِيَّةِ لَم يَهَب طَهَ الأَمينُ وَلا يَسوعُ الخَيِّرا +لَمّا دُعيتُ أَتَيتُ أَنثُرُ مَدمَعي وَلَوِ اِستَطَعتَ نَثَرتُ جَفني في الثَرى +أَبكي يَمينَكَ في التُرابِ غَمامَةً وَالصَدرَ بَحراً وَالفُؤادَ غَضَنفَرا +لَم أُعطَ عَنكَ تَصَبُّراً وَأَنا الَّذي عَزَّيتُ فيكَ عَنِ الأَميرِ المَعشَرا +أَزِنُ الرِجالَ وَلي يَراعٌ طالَما خَلَعَ الثَناءَ عَلى الكِرامِ مُحَبَّرا +بِالأَمسِ أَرسَلتُ الرِثاءَ مُمَسَّكاً وَاليَومَ أَهتِفُ بِالثَناءِ مُعَنبَرا +غَيَّرتَني حُزناً وَغَيَّرَكَ البِلى وَهَواكَ يَأبى في الفُؤادِ تَغَيُّرا +فَعَلَيَّ حِفظُ العَهدِ حَتّى نَلتَقي وَعَلَيكَ أَن تَرعاهُ حَتّى نُحشَرا +حَلَفتُ بِالمُسَتَّرَه وَالرَوضَةِ المُعَطَّرَه +وَمَجلِسِ الزَهراءِ في ال حَظائِرِ المُنَوَّرَه +مَ��اقِدِ السُلالَةِ ال طَيِّبَةِ المُطَهَّرَه +ما أَنزَلوا إِلى الثَرى بِالأَمسِ إِلّا نَيِّرَه +سيروا بِها نَقِيَّةً تَقِيَّةً مُبَرَّرَه +نُجِلُّ سِترَ نَعشِها كَالكُسوَةِ المُسَيَّرَه +وَنَنشُقُ الجَنَّةَ مِن أَعوادِهِ المُنَضَّرَه +في مَوكِبٍ تَمَثَّلَ ال حَقُّ فَكانَ مَظهَرَه +دَعِ الجُنودَ وَالبُنو دَ وَالوُفودَ المُحضَرَه +وَكُلَّ دَمعٍ كَذِبٍ وَلَوعَةٍ مُزَوَّرَه +لا يَنفَعُ المَيتَ سِوى صالِحَةٍ مُدَّخَرَه +قَد تُرفَعُ السوقَةُ عِن دَ اللَهِ فَوقَ القَيصَرَه +يا جَزَعَ العِلمِ عَلى سُكَينَةِ المُوَقَّرَه +أَمسى بِرَبعٍ موحِشٍ مِنها وَدارٍ مُقفِرَه +مَن ذا يُؤَسّي هَذِهِ ال جامِعَةَ المُستَعبَرَه +لَو عِشتِ شِدتِ مِثلَها لِلمَرأَةِ المُحَرَّرَه +بَنَيتِ رُكنَيها كَما يَبني أَبوكِ المَأثُرَه +قَرَنتِ كُلَّ حِجرِ في أُسِّها بِجَوهَرَه +مَفخَرَةٌ لِبَيتِكُم كَم قَبلَها مِن مَفخَرَه +يا بِنتَ إِسماعيلِ في ال مَيتِ لِحَيٍّ تَبصِرَه +أَكانَ عِندَ بَيتِكُم لِهَذِهِ الدُنيا تِرَه +هَلّا وَصَفتِها لَنا مُقبِلَةً وَمُدبِرَه +وَلَونَها صافِيَةً وَطَعمَها مُكَدَّرَه +كَالحِلمِ أَو كَالوَهمِ أَو كَالظِلِّ أَو كَالزَهَرَه +فاطِمُ مَن يولَدُ يَمُت المَهدُ جِسرُ المَقبَرَه +وَكُلُّ نَفسٍ في غَدٍ مَيِّتَةٌ فَمُنشَرَه +وَإِنَّهُ مَن يَعمَلِ ال خَيرَ أَوِ الشَرَّ يَرَه +وَإِنَّما يُنَبَّهُ ال غافِلُ عِندَ الغَرغَرَه +يَلفِظُها حَنظَلَةً كانَت بِفيهِ سُكَّرَه +وَلَن تَزالَ مِن يَدٍ إِلى يَدٍ هَذي الكُرَه +أَينَ أَبوكِ مالُهُ وَجاهُهُ وَالمَقدِرَه +وادي النَدى وَغَيثُهُ وَعَينُهُ المُفَجَّرَه +أَينَ الأُمورُ وَالقُصو رُ وَالبُدورُ المُخدَرَه +أَينَ اللَيالي البيضُ وَال أَصائِلُ المُزَعفَرَه +وَأَينَ في رُكنِ البِلا دِ يَدَهُ المُعَمِّرَه +وَأَينَ تِلكَ الهِمَّةُ ال ماضِيَةُ المُشَمِّرَه +تَبغي لِمِصرَ الشَرقُ أَو أَكثَرَهُ مُستَعمَرَه +جَرى الزَمانُ دونَها فَرَدَّهُ وَأَعثَرَه +فَإِن هَمَمتَ فَاِذكُرِ ال مَقادِرَ المُقَدَّرَه +مَن لا يُصِب فَالناسُ لا يَلتَمِسونَ المَعذِرَه +لَم يَمُت مَن لَهُ أَثَر وَحَياةٌ مِنَ السِيَر +أُدعُهُ غائِباً وَإِن بَعُدَت غايَةُ السَفَر +آيِبُ الفَضلِ كُلَّما آبَتِ الشَمسُ وَالقَمَر +رُبَّ نورٍ مُتَمَّمٍ قَد أَتانا مِنَ الحُفَر +إِنَّما المَيتُ مَن مَشى مَيتَ الخَيرِ وَالخَبَر +مَن إِذا عاشَ لَم يُفِد وَإِذا ماتَ لَم يَضِر +لَيسَ في الجاهِ وَالغِنى مِنهُ ظِلٌّ وَلا ثَمَر +قُبِّحَ العِزُّ في القُصو رِ إِذا ذَلَّتِ القَصَر +أَعوَزَ الحَقَّ رائِدٌ وَإِلى مُصطَفى اِفتَقَر +وَتَمَنَّت حِياضُهُ هَبَّةَ الصارِمِ الذَكَر +الَّذي يُنفِذُ المُدى وَالَّذي يَركَبُ الخَطَر +أَيُّها القَومُ عَظِّموا واضِعَ الأُسِّ وَالحَجَر +أُذكُروا الخُطبَةَ الَّتي هِيَ مِن آيَةِ الكُبَر +لَم يَرَ الناسُ قَبلَها مِنبَراً تَحتَ مُحتَضَر +لَستُ أَنسى لِواءَهُ وَهوَ يَمشي إِلى الظَفَر +حَشَرَ الناسَ تَحتَهُ زُمَراً إِثرَها زُمَر +وَتَرى الحَقَّ حَولَهُ لا تَرى البيضَ وَالسُمر +وَكُلَّما راحَ أَو غَدا نَفَخَ الروحَ في الصُوَر +يا أَخا النَفسِ في الصِبا لَذَّةُ الروحِ في الصِغَر +وَخَليلاً ذَخَرتُهُ لَم يُقَوَّمَ بِمُدَّخَر +حالَ بَيني وَبَينَهُ في فُجاءاتِهِ القَدَر +كَيفَ أَجزي مَوَدَّةً لَم يَشُب صَفوَها كَدَر +غَيرَ دَمعٍ أَقولُهُ قَلَّ في الشَأنِ أَو كَثُر +وَفُؤادٍ مُعَلَّلٍ بِالخَيالاتِ وَالذُكَر +لَم يَنَم عَنكَ ساعَةً في الأَحاديثِ وَالسَمَر +قُم تَرَ القَومَ كُتلَةً مِثلَ مَلمومَةِ الصَخَر +جَدَّدوا أُلفَةَ الهَوى وَالإِخاءَ الَّذي شُطِر +لَيسَ لِلخُلفِ بَينَهُم أَو لِأَسبابِهِ أَثَر +أَلَّفَتهُم رَوائِحٌ غادِياتٌ مِنَ الغِيَر +وَصَحَوا مِن مُنَوِّمٍ وَأَفاقوا مِنَ الحَذَر +أَقبَلوا نَحوَ حَقِّهِم ما لَهُم غَيرَهُ وَطَر +جَعَلوهُ خَلِيَّةً شَرَعوا دونَها الإِبَر +وَتَواصَوا بِخُطَّةٍ وَتَداعَوا لِمُؤتَمَر +وَقُصارى أولي النُهى يَتَلاقونَ في الفِكَر +آذَنونا بِمَوقِفٍ مِن جَلالٍ وَمِن خَطَر +نَسمَعُ اللَيثَ عِندَهُ دونَ آجامِهِ زَأَر +قُل لَهُم في نَدِيِّهِم مِصرُ بِالبابِ تَنتَظِر +اِختَرتَ يَومَ الهَولِ يَومَ وَداعِ وَنَعاكَ في عَصفِ الرِياحِ الناعي +هَتَفَ النُعاةُ ضُحىً فَأَوصَدَ دونَهُم جُرحُ الرَئيسِ مَنافِذَ الأَسماعِ +مَن ماتَ في فَزَعِ القِيامَةِ لَم يَجِد قَدَماً تُشَيِّعُ أَو حَفاوَةَ ساعي +ما ضَرَّ لَو صَبَرَت رِكابُكَ ساعَةً كَيفَ الوُقوفُ إِذا أَهابَ الداعي +خَلِّ الجَنائِزَ عَنكَ لا تَحفِل بِها لَيسَ الغُرورُ لِمَيِّتٍ بِمَتاعِ +سِر في لِواءِ العَبقَرِيَّةِ وَاِنتَظِم شَتّى المَواكِبِ فيهِ وَالأَتباعِ +وَاِصعَدَ سَماءَ الذِكرِ مِن أَسبابِها وَاِظهَر بِفَضلٍ كَالنَهارِ مُذاعِ +فُجِعَ البَيانُ وَأَهلُهُ بِمُصَوِّرٍ لَبِقٍ بِوَشيِ المُمتِعاتِ صَناعِ +مَرموقِ أَسبابِ الشَبابِ وَإِن بَدَت لِلشَيبِ في الفَودِ الأَحَمِّ رَواعي +تَتَخَيَّلُ المَنظومَ في مَنثورِهِ فَتَراهُ تَحتَ رَوائِعِ الأَسجاعِ +لَم يَجحَدِ الفُصحى وَلَم يَهجُم عَلى أُسلوبِها أَو يُزرِ بِالأَوضاعِ +لَكِن جَرى وَالعَصرَ في مِضمارِها شَوطاً فَأَحرَزَ غايَةَ الإِبداعِ +حُرُّ البَيانِ قَديمُهُ وَجَديدُهُ كَالشَمسِ جِدَّةَ رُقعَةٍ وَشُعاعِ +يونانُ لَو بيعَت بِهوميرٍ لَما خَسِرَت لَعَمرُكَ صَفقَةُ المُبتاعِ +يا مُرسِلَ النَظَراتِ في الدُنيا وَما فيها عَلى ضَجَرٍ وَضيقِ ذِراعِ +وَمُرَقرِقَ العَبَراتِ تَجري رِقَّةً لِلعالَمِ الباكي مِنَ الأَوجاعِ +مَن ضاقَ بِالدُنيا فَلَيسَ حَكيمَها إِنَّ الحَكيمَ بِها رَحيبُ الباعِ +هِيَ وَالزَمانُ بِأَرضِهِ وَسَمائِهِ في لُجَّةِ الأَقدارِ نِضوُ شِراعِ +مَن شَذَّ ناداهُ إِلَيهِ فَرَدَّهُ قَدَرٌ كَراعٍ سائِقٍ بِقِطاعِ +ما خَلفُهُ إِلّا مَقودٌ طائِعٌ مُتَلَفِّتٌ عَن كِبرِياءِ مُطاعِ +جَبّارُ ذِهنٍ أَو شَديدُ شَكيمَةٍ يَمضي مُضِيَّ العاجِزِ المُنصاعِ +مَن شَوَّهَ الدُنيا إِلَيكَ فَلَم تَجِد في المُلكِ غَيرَ مُعَذَّبينَ جِياعِ +أَبِكُلِّ عَينٍ فيهِ أَو وَجهٍ تَرى لَمَحاتِ دَمعٍ أَو رُسومِ دِماعِ +ما هَكَذا الدُنيا وَلَكِن نُقلَةٌ دَمعُ القَريرِ وَعَبرَةُ المُلتاعِ +لا الفَقرُ بِالعَبَراتِ خُصَّ وَلا الغِنى غِيَرُ الحَياةِ لَهُنَّ حُكمُ مَشاعِ +ما زالَ في الكوخِ الوَضيعِ بَواعِثٌ مِنها وَفي القَصرِ الرَفيعِ دَواعي +في القَفرِ حَيّاتٌ يُسَيِّبُها بِهِ حاوي القَضاءِ وَفي الرِياضِ أَفاعي +وَلَرُبَّ بُؤسٍ في الحَياةِ مُقَنَّعٍ أَربى عَلى بُؤسٍ بِغَيرِ قِناعِ +يا مُصطَفى البُلَغاءِ أَيَّ يَراعَةٍ فَقَدوا وَأَيَّ مُعَلِّمٍ بِيَراعِ +اليَومَ أَبصَرتَ الحَياةَ فَقُل لَنا ماذا وَراءَ سَرابِها اللَمّاعِ +وَصِفِ المَنونَ فَكَم قَعَدتَ تَرى لَها شَبَحاً بِكُلِّ قَرارَةٍ وَيَفاعِ +سَكَنَ الأَحِبَّةُ وَالعِدى وَفَرَغتَ مِن حِقدِ الخُصومِ وَمِن هَوى الأَشياعِ +كَم غارَةٍ شَنّوا عَلَيكَ دَفَعتَها تَصِلُ الجُهودَ فَكُنَّ خَيرَ دِفاعِ +وَالجُهدُ موتٍ في الحَياةِ ثِمارَهُ وَالجُهدُ بَعدَ المَوتِ غَيرُ مُضاعِ +فَإِذا مَضى الجيلُ المِراضُ صُدورُهُ وَأَتى السَليمُ جَوانِبَ الأَضلاعِ +فَاِفزَع إِلى الزَمَنِ الحَكيمِ فَعِندَهُ نَقدٌ تَنَزَّهَ عَن هَوىً وَنِزاعِ +فَإِذا قَضى لَكَ أُبتَ مِن شُمِّ العُلا بِثَنِيَّةٍ بَعُدَت عَلى الطَلّاعِ +وَأَجَلُّ ما فَوقَ التُرابِ وَتَحتَهُ قَلَمٌ عَلَيهِ جَلالَةُ الإِجماعِ +تِلكَ الأَنامِلُ نامَ عَنهُنَّ البِلى عُطِّلنَ مِن قَلَمٍ أَشَمَّ شُجاعِ +وَالجُبنُ في قَلَمِ البَليغِ نَظيرُهُ في السَيفِ مَنقَصَةٌ وَسوءُ سَماعِ +خَفَضتُ لِعِزَّةِ المَوتِ اليَراعا وَجَدَّ جَلالُ مَنطِقِهِ فَراعا +كَفى بِالمَوتِ لِلنُذُرِ اِرتِجالاً وَلِلعَبَراتِ وَالعِبَرِ اِختِراعا +حَكيمٌ صامِتٌ فَضَحَ اللَيالي وَمَزَّقَ عَن خَنا الدُنيا القِناعا +إِذا حَضَرَ النُفوسَ فَلا نَعيماً تَرى حَولَ الحَياةِ وَلا مَتاعا +كَشَفتُ بِهِ الحَياةَ فَلَم أَجِدها وَلَمحَةَ مائِها إِلّا خِداعا +وَما الجَرّاحُ بِالآسي المُرَجّى إِذا لَم يَقتُلِ الجُثَثَ اِطِّلاعا +فَإِن تَقُلِ الرِثاءَ فَقُل دُموعاً يُصاغُ بِهِنَّ أَو حِكَماً تُراعى +وَلا تَكُ مِثلَ نادِبَةِ المُسَجّى بَكَت كَسباً وَلَم تَبكِ اِلتِياعا +خَلَت دُوَلُ الزَمانِ وَزُلنَ رُكناً وَرُكنُ الأَرضِ باقٍ ما تَداعى +كَأَنَّ الأَرضَ لَم تَشهَد لِقاءً تَكادُ لَهُ تَميدُ وَلا وَداعا +وَلَو آبَت ثَواكِلُ كُلِّ قَرنٍ وَجَدنَ الشَمسَ لَم تَثكَل شُعاعا +وَلَكِن تُضرَبَ الأَمثالُ رُشداً وَمِنهاجاً لِمَن شاءَ اِتِّباعا +وَرُبَّ حَديثِ خَيرٍ هاجَ خَيراً وَذِكرِ شَجاعَةٍ بَعثَ الشُجاعا +مَعارِفُ مِصرَ كانَ لَهُنَّ رُكنٌ فَذُقنَ اليَومَ لِلرُكنِ اِنصِداعا +مَضى أَعلى الرِجالِ لَها يَميناً وَأَرحَبُهُم بِحُلَّتِها ذِراعا +وَأَكثَرُهُم لَها وَقَفاتِ صِدقٍ إِباءً في الحَوادِثِ أَو زِماعا +أَتَتهُ فَنالَها نَفلاً وَفَيئاً فَلا هِبَةً أَتَتهُ وَلا اِصطِناعا +تَنَقَّلَ يافِعاً فيها وَكَهلاً وَمِن أَسبابِها بَلَغَ اليَفاعا +فَتىً عَجَمَتهُ أَحداثُ اللَيالي فَلا ذُلّاً رَأَينَ وَلا اِختِضاعا +سَجَنَّ مُهَنَّداً وَنَفَينَ تِبراً وَزِدنَ المِسكَ مِن ضَغطٍ فَضاعا +شَديدٌ صُلَّبٌ في الحَقِّ حَتّى يَقولَ الحَقُّ ليناً وَاِتِّداعا +وَمَدرَسَةٍ سَمَت بِالعِلمِ رُكناً وَأَنهَضَتِ القَضاءَ وَالاِشتِراعا +بَناها مُحسِناً بِالعِلمِ بَرّاً يَشيدُ لَهُ المَعالِمَ وَالرِباعا +وَحارَبَ دونَها صَرعى قَديمٍ كَأَنَّ بِهِم عَنِ الزَمَنِ اِنقِطاعا +إِذ�� لَمَحَ الجَديدُ لَهُم تَوَلَّوا كَذي رَمَدٍ عَلى الضَوءِ اِمتِناعا +أَخا سيشيلَ لا تَذكُر بِحاراً بَعُدنَ عَلى المَزارِ وَلا بِقاعا +وَرَبِّكَ ما وَراءَ نَواكَ بُعدٌ وَأَنتَ بِظاهِرِ الفُسطاطِ قاعا +نَزَلتَ بِعالَمٍ خَرَقَ القَضايا وَأَصبَحَ فيهِ نَظمُ الدَهرِ ضاعا +فَخَلِّ الأَربَعينَ لِحافِليها وَقُم تَجِدِ القُرونَ مَرَرنَ ساعا +مَرِضتَ فَما أَلَحَّ الداءُ إِلّا عَلى نَفسٍ تَعَوَّدَتِ الصِراعا +وَلَم يَكُ غَيرَ حادِثَةٍ أَصابَت مُفَلِّلَ كُلِّ حادِثَةٍ قِراعا +وَمَن يَتَجَرَّعِ الآلامَ حَيّاً تَسُغ عِندَ المَماتِ لَهُ اِجتِراعا +أَرِقتَ وَكَيفَ يُعطى الغُمضَ جَفنٌ تَسُلُّ وَراءَهُ القَلبَ الرُواعا +وَلَم يَهدَء وِسادُكَ في اللَيالي لِعِلمِكَ أَن سَتُفنيها اِضطِجاعا +عَجِبتُ لِشارِحٍ سَبَبَ المَنايا يُسَمّى الداءَ وَالعِلَلَ الوِجاعا +وَلَم تَكُنِ الحُتوفُ مَحَلَّ شَكٍّ وَلا الآجالُ تَحتَمِلُ النِزاعا +وَلَكِن صُيَّدٌ وَلَها بُزاةٌ تَرى السَرَطانَ مِنها وَالصُداعا +أَرى التَعليمَ لَمّا زِلتَ عَنهُ ضَعيفَ الرُكنِ مَخذولاً مُضاعا +غَريقٌ حاوَلَت يَدُهُ شِراعاً فَلَمّا أَوشَكَت فَقَدَ الشِراعا +سَراةُ القَومِ مُنصَرِفونَ عَنهُ وَصُحفُ القَومِ تَقتَضِبُ الدِفاعا +لَقَد نَسّاهُ يَومُكَ ناصِباتٍ مِنَ السَنَواتِ قاساها تِباعا +قُمِ اِبنِ الأُمَّهاتِ عَلى أَساسٍ وَلا تَبنِ الحُصونَ وَلا القِلاعا +فَهُنَّ يَلِدنَ لِلقَصَبِ المَذاكي وَهُنَّ يَلِدنَ لِلغابِ السِباعا +وَجَدتُ مَعانِيَ الأَخلاقِ شَتّى جُمِعنَ فَكُنَّ في اللَفظِ الرِضاعا +عَزاءَ الصابِرينَ أَبا بَهِيٍّ وَمِثلُكَ مَن أَنابَ وَمَن أَطاعا +صَبَرتَ عَلى الحَوادِثِ حينَ جَلَّت وَحينَ الصَبرُ لَم يَكُ مُستَطاعا +وَإِنَّ النَفسَ تَهدَءُ بَعدَ حينٍ إِذا لَم تَلقَ بِالجَزعِ اِنتِفاعا +إِذا اِختَلَفَ الزَمانُ عَلى حَزينٍ مَضى بِالدَمعِ ثُمَّ مَحا الدِماعا +قُصارى الفَرقَدَينِ إِلى قَضاءٍ إِذا عَثَرا بِهِ اِنفَصَما اِجتِماعا +وَلَم تَحوِ الكِنانَةُ آلَ سَعدٍ أَشَدَّ عَلى العِدا مِنكُم نِباعا +وَلَم تَحمِل كَشَيخِكُمُ المُفَدّى نُهوضاً بِالأَمانَةِ وَاِضطِلاعا +غَداً فَصلُ الخِطابِ فَمَن بَشيري بِأَنَّ الحَقَّ قَد غَلَبَ الطِماعا +سَلوا أَهلَ الكِنانَةِ هَل تَداعَوا فَإِنَّ الخَصمَ بَعدَ غَدٍ تَداعى +وَما سَعدٌ بِمُتَّجِرٍ إِذاما تَعَرَّضَتِ الحُقوقُ شَرى وَباعا +وَلَكِن تَحتَمي الآمالُ فيهِ وَتَدَّرِعُ الحُقوقُ بِهِ اِدِّراعا +إِذا نَظَرَت قُلوبُكُمُ إِلَيهِ عَلا لِلحادِثاتِ وَطالَ باعا +كاتِبٌ مُحسِنُ البَيانِ صَناعُه اِستَخَفَّ العُقولَ حيناً يَراعُه +اِبنُ مِصرٍ وَإِنَّما كُلُّ أَرضٍ تَنطِقُ الضادَ مَهدُهُ وَرِباعُه +إِنَّما الشَرقُ مَنزِلٌ لَم يُفَرِّق أَهَلَهُ إِن تَفَرَّقَت أَصقاعُه +وَطَنٌ واحِدٌ عَلى الشَمسِ وَالفُص حى وَفي الدَمعِ وَالجِراحِ اِجتِماعُه +عَلَمٌ في البَيانِ وَاِبنُ لِواءٍ أَخَذَ الشَرقَ حِقبَةً إِبداعُه +حَسبُهُ السِحرُ مِن تُراثِ أَبيهِ إِن تَوَلَّت قُصورُهُ وَضِياعُه +إِنَّما السِحرُ وَالبَلاغَةُ وَالحِك مَةُ بَيتٌ كِلاهُما مِصراعُه +في يَدِ النَشءِ مِن بَيانِ المُوَيلِحي مَثَ��ٌ يَنفَعُ الشَبابَ اِتِّباعُه +صُوَرٌ مِن حَقيقَةٍ وَخَيالٍ هِيَ إِحسانُ فِكرِهِ وَاِبتِداعُه +رُبَّ سَجعٍ كَمُرقِصِ الشِعرِ لَمّا يَختَلِف لَحنُهُ وَلا إيقاعُه +أَو كَسَجعِ الحَمامِ لَو فَصَّلَتهُ وَتَأَنَّت بِهِ وَدَقَّ اِختِراعُه +هُوَ فيهِ بَديعُ كُلِّ زَمانٍ ما بَديعُ الزَمانِ ما أَسجاعُه +عَجِبَ الناسُ مِن طِباعِ المُوَيلِحِي يِ وَفي الأُسدِ خُلقُهُ وَطِباعُه +فيهِ كِبرُ اللُيوثِ حَتّى عَلى الجو عِ وَفيها إِباؤُهُ وَاِمتِناعُه +تَعِبَ المَوتُ في صَبورٍ عَلى النَز عِ قَليلٍ إِلى الحَياةِ نِزاعُه +صارَعَ العَيشَ حِقبَةً لَيتَ شِعري ساعَةَ المَوتِ كَيفَ كانَ صِراعُه +قَهَرَ المَوتَ وَالحَياةَ وَقَد تَح كُمُ في رائِضِ السِباعِ سِباعُه +مُهجَةٌ حُرَّةٌ وَخُلقٌ أَبِيٌّ عَيَّ عَنهُ الزَمانُ وَاِرتَدَّ باعُه +في الثَمانينَ يا مُحَمَّدُ عِلمٌ لِعَليمٍ وَإِن تَناهى اِطِّلاعُه +لِم تَقاعَدَت دونَها وَتَوانى سائِقُ الفُلكِ وَاِضمَحَلَّ شِراعُه +رُبَّ شَيبٍ بَنَت صُروحَ المَعالي سَنَتاهُ وَشادَتِ المَجدَ ساعُه +فيهِ مِن هِمَّةِ الشَبابِ وَلَكِن لَيسَ فيهِ جِماحُهُ وَاِندِفاعُه +سَيِّدُ المُنشِئينَ حَثَّ المَطايا وَمَضى في غُبارِهِ أَتباعُه +حَطَّهُم بِالإِمامِ لِلمَوتِ رَكبٌ يَتَلاقى بِطاؤُهُ وَسِراعُه +قَنَّعوا بِالتُرابِ وَجهاً كَريماً كانَ مِن رُفعَةِ الحَياءِ قِناعُه +كَسَنا الفَجرِ في ظِلالِ الغَوادي كَرَمٌ صَفحَتاهُ هَديٌ شُعاعُه +يا وَحيداً كَأَمسِ في كِسرِ بَيتٍ ضَيِّقٍ بِالنَزيلِ رَحبٍ ذِراعُه +كُلُّ بَيتٍ تَحِلُّهُ يَستَوي عِن دَكَ في الزُهدِ ضيقُهُ وَاِتِّساعُه +نَم مَلِيّاً فَلَستَ أَوَّلَ لَيثٍ بِفَلاةِ الإِمامِ طالَ اِضطِجاعُه +حَولَكَ الصالِحونَ طابوا وَطابَت أَكَماتُ الإِمامِ مِنهُم وَقاعُه +قَلَّدوا الشَرقَ مِن جَمالٍ وَخَيرٍ ما يَؤودُ المُفَنِّدينَ اِنتِزاعُه +أُسِّسَت نَهضَةُ البِناءِ بِقَومٍ وَبِقَومٍ سَما وَطالَ اِرتِفاعُه +كُلُّ حَيٍّ وَإِن تَراخَت مَنايا هُ قَضاءٌ عَنِ الحَياةِ اِنقِطاعُه +وَالَّذي تَحرِصُ النُفوسُ عَلَيهِ عالَمٌ باطِلٌ قَليلٌ مَتاعُه +أَجَلٌ وَإِن طالَ الزَمانُ مُوافي أَخلى يَدَيكَ مِنَ الخَليلِ الوافي +داعٍ إِلى حَقٍّ أَهابَ بِخاشِعٍ لَبِسَ النَذيرَ عَلى هُدىً وَعَفافِ +ذَهَبَ الشَبابُ فَلَم يَكُن رُزئي بِهِ دونَ المُصابِ بِصَفوَةِ الأُلّافِ +جَلَلٌ مِنَ الأَرزاءِ في أَمثالِهِ هِمَمُ العَزاءِ قَليلَةُ الإِسعافِ +خَفَّت لَهُ العَبَراتُ وَهيَ أَبِيَّةٌ في حادِثاتِ الدَهرِ غَيرُ خِفافِ +وَلِكُلِّ ما أَتلَفتَ مِن مُستَكرَمٍ إِلّا مَوَدّاتِ الرِجالِ تَلافِ +ما أَنتِ يا دُنيا أَرُؤيا نائِمٍ أَم لَيلُ عُرسٍ أَم بِساطُ سُلافِ +نَعماؤُكِ الرَيحانُ إِلّا أَنَّهُ مَسَّت حَواشيهِ نَقيعَ زُعافِ +ما زِلتُ أَصحَبُ فيكِ خُلقاً ثابِتاً حَتّى ظَفِرتُ بِخُلقِكِ المُتَنافي +ذَهَبَ الذَبيحُ السَمحُ مِثلَ سَمِيِّهِ طُهرَ المُكَفَّنِ طَيِّبَ الأَلفافِ +كَم باتَ يَذبَحُ صَدرَهُ لِشَكاتِهِ أَتُراهُ يَحسَبُها مِنَ الأَضيافِ +نَزَلَت عَلى سَحرِ السَماحِ وَنَحرِهِ وَتَقَلَّبَت في أَكرَمِ الأَكنافِ +لَجَّت عَلى الصَدرِ الرَحيبِ وَبَرَّحَت بِالكاظ��مِ الغَيظَ الصَفوحِ العافي +ما كانَ أَقسى قَلبَها مِن عِلَّةٍ عَلِقَت بِأَرحَمِ حَبَّةٍ وَشَغافِ +قَلبٌ لَوِ اِنتَظَمَ القُلوبَ حَنانُهُ لَم يَبقَ قاسٍ في الجَوانِحِ جافي +حَتّى رَماهُ بِالمَنِيَّةِ فَاِنجَلَت مَن يَبتَلي بِقَضائِهِ وَيُعافي +أَخَنتَ عَلى الفَلَكِ المُدارِ فَلَم يَدُرِ وَعَلى العُبابِ فَقَرَّ في الرَجّافِ +وَمَضَت بِنارِ العَبقَرِيَّةِ لَم تَدَع غَيرَ الرَمادِ وَدارِساتِ أَثافي +حَمَلوا عَلى الأَكتافِ نورَ جَلالَةٍ يَذَرُ العُيونَ حَواسِدَ الأَكتافِ +وَتَقَلَّدوا النَعشَ الكَريمَ يَتيمَةً وَلَكَم نُعوشٍ في الرِقابِ زِيافِ +مُتَمايِلَ الأَعوادِ مِمّا مَسَّ مِن كَرَمٍ وَمِمّا ضَمَّ مِن أَعطافِ +وَإِذا جَلالُ المَوتِ وافٍ سابِغٌ وَإِذا جَلالُ العَبقَرِيَّةِ ضافي +وَيحَ الشَبابِ وَقَد تَخَطَّرَ بَينَهُم هَل مُتِّعوا بِتَمَسُّحٍ وَطَوافِ +لَو عاشَ قُدوَتُهُمُ وَرَبُّ لِوائِهِم نَكَسَ اللِواءَ لِثابِتٍ وَقّافِ +فَلَكَم سَقاهُ الوُدَّ حينَ وِدادُهُ حَربٌ لِأَهلِ الحُكمِ وَالإِشرافِ +لا يَومَ لِلأَقوامِ حَتّى يَنهَضوا بِقَوادِمٍ مِن أَمسِهِم وَخَوافي +لا يُعجِبَنَّكَ ما تَرى مِن قُبَّةٍ ضَرَبوا عَلى مَوتاهُمُ وَطِرافِ +هَجَموا عَلى الحَقِّ المُبينِ بِباطِلٍ وَعَلى سَبيلِ القَصدِ بِالإِسرافِ +يَبنونَ دارَ اللَهِ كَيفَ بَدا لَهُم غُرُفاتِ مُثرٍ أَو سَقيفَةَ عافي +وَيُزَوِّرونَ قُبورَهُم كَقُصورِهُم وَالأَرضُ تَضحَكُ وَالرُفاتُ السافي +فُجِعَت رُبى الوادي بِواحِدِ أَيكِها وَتَجَرَّعَت ثُكلَ الغَديرِ الصافي +فَقَدَت بَناناً كَالرَبيعِ مُجيدَةً وَشيَ الرِياضِ وَصَنعَةَ الأَفوافِ +إِن فاتَهُ نَسَبُ الرَضِيِّ فَرُبَّما جَرَيا لِغايَةِ سُؤدُدٍ وَطِرافِ +أَو كانَ دونَ أَبي الرَضِيِّ أُبُوَّةً فَلَقَد أَعادَ بَيانَ عَبدِ مَنافِ +شَرَفُ العِصامِيّينَ صُنعُ نُفوسِهِم مَن ذا يَقيسُ بِهِم بَني الأَشرافِ +قُل لِلمُشيرِ إِلى أَبيهِ وَجَدِّهِ أَعَلِمتَ لِلقَمَرَينِ مِن أَسلافِ +لَو أَنَّ عُمراناً نِجارُكَ لَم تَسُد حَتّى يُشارَ إِلَيكَ في الأَعرافِ +قاضي القُضاةِ جَرَت عَلَيهِ قَضِيَّةٌ لِلمَوتِ لَيسَ لَها مِنِ اِستِئنافِ +وَمُصَرِّفُ الأَحكامِ مَوكولٌ إِلى حُكمِ المَنِيَّةِ ما لَهُ مِن كافي +وَمُنادِمُ الأَملاكِ تَحتَ قِبابِهِم أَمسى تُنادِمُهُ ذِئابُ فَيافي +في مَنزِلٍ دارَت عَلى الصيدِ العُلا فيهِ الرَحى وَمَشَت عَلى الأَردافِ +وَأُزيلَ مِن حُسنِ الوُجوهِ وَعِزِّها ماكانَ يُعبَدُ مِن وَراءِ سِجافِ +مِن كُلِّ لَمّاحِ النَعيمِ تَقَلَّبَت ديباجَتاهُ عَلى بِلىً وَجَفافِ +وَتَرى الجَماجِمَ في التُرابِ تَماثَلَت بَعدَ العُقولِ تَماثُلَ الأَصدافِ +وَتَرى العُيونَ القاتِلاتِ بِنَظرَةٍ مَنهوبَةَ الأَجفانِ وَالأَسيافِ +وَتُراعُ مِن ضَحِكِ الثُغورِ وَطالَما فَتَنَت بِحُلوِ تَبَسُّمٍ وَهُتافِ +غَزَتِ القُرونَ الذاهِبينَ غَزالَةٌ دَمُهُم بِذِمَّةِ قَرنِها الرَعّافِ +يَجري القَضاءُ بِها وَيَجري الدَهرُ عَن يَدِها فَيا لِثَلاثَةٍ أَحلافِ +تَرمي البَرِيَّةَ بِالحُبولِ وَتارَةً بِحَبائِلٍ مِن خَيطِها وَكَفافِ +نَسَجَت ثَلاثَ عَمائِمٍ وَاِستَحدَثَت أَكفانَ مَوتى مِن ثِي��بِ زَفافِ +أَأَبا الحُسَينِ تَحِيَّةً لِثَراكَ مِن روحٍ وَرَيحانٍ وَعَذبِ نِطافِ +وَسَلامُ أَهلٍ وُلَّهٍ وَصَحابَةٍ حَسرى عَلى تِلكَ الخِلالِ لِهافِ +هَل في يَدَيَّ سِوى قَريضٍ خالِدٍ أُزجيهِ بَينَ يَدَيكَ لِلإِتحافِ +ما كانَ أَكرَمَهُ عَلَيكَ فَهَل تَرى أَنّي بَعَثتُ بِأَكرَمِ الأَلطافِ +هَذا هُوَ الرَيحانُ إِلّا أَنَّهُ نَفَحاتُ تِلكَ الرَوضَةِ المِئنافِ +وَالدُرُّ إِلّا أَنَّ مَهدَ يَتيمِهِ بِالأَمسِ لُجَّةُ بَحرِكِ القَذّافِ +أَيّامَ أَمرَحُ في غُبارِكَ ناشِئاً نَهجَ المِهارِ عَلى غُبارِ خِصافِ +أَتَعَلَّمُ الغاياتِ كَيفَ تُرامُ في مِضمارِ فَضلٍ أَو مَجالِ قَوافي +يا راكِبَ الحَدباءِ خَلِّ زِمامَها لَيسَ السَبيلُ عَلى الدَليلِ بِخافي +دانَ المَطِيَّ الناسُ غَيرَ مَطِيَّةٍ لِلحَقِّ لا عَجلى وَلا ميجافِ +لا في الجِيادِ وَلا النِياقِ وَإِنَّما خُلِقَت بِغَيرِ حَوافِرٍ وَخِفافِ +تَنتابُ بِالرُكبانِ مَنزِلَةَ الهُدى وَتَؤُمُّ دارَ الحَقِّ وَالإِنصافِ +قَد بَلَّغَت رَبَّ المَدائِنِ وَاِنتَهَت حَيثُ اِنتَهَيتَ بِصاحِبِ الأَحقافِ +نَم مِلءَ جَفنِكَ فَالغُدُوُّ غَوافِلٌ عَمّا يَروعُكَ وَالعَشِيُّ غَوافي +في مَضجَعٍ يَكفيكَ مِن حَسَناتِهِ أَن لَيسَ جَنبُكَ عَنهُ بِالمُتَجافي +وَاِضحَك مِنَ الأَقدارِ غَيرَ مُعَجَّزٍ فَاليَومَ لَستَ لَها مِنَ الأَهدافِ +وَالمَوتُ كُنتَ تَخافُهُ بِكَ ظافِراً حَتّى ظَفِرتَ بِهِ فَدعهُ كَفافِ +قُل لي بِسابِقَةِ الوِدادِ أَقاتِلٌ هُوَ حينَ يَنزِلُ بِالفَتى أَم شافي +في الأَرضِ من أَبَوَيكَ كِنزا رَحمَةٍ وَهَوىً وَذَلِكَ مِن جِوارٍ كافي +وَبِها شَبابُكَ وَاللِداتُ بَكَيتُهُ وَبَكَيتُهُم بِالمَدمَعِ الذَرّافِ +فَاِذهَب كَمِصباحِ السَماءِ كِلاكُما مالَ النَهارُ بِهِ وَلَيسَ بِطافي +الشَمسُ تُخلَفُ بِالنُجومِ وَأَنتَ بِال آثارِ وَالأَخبارِ وَالأَوصافِ +غَلَبَ الحَياةَ فَتىً يَسُدُّ مَكانَها بِالذِكرِ فَهوَ لَها بَديلٌ وافي +جُرحٌ عَلى جُرحٍ حَنانَكِ جِلَّقُ حُمِّلتِ ما يوهي الجِبالَ وَيُزهِقُ +صَبراً لُباةَ الشَرقِ كُلُّ مَصيبَةٍ تَبلى عَلى الصَبرِ الجَميلِ وَتَخلُقُ +أَنَسيتِ نارَ الباطِشينَ وَهَزَّةً عَرَتِ الزَمانَ كَأَنَّ روما تُحرَقُ +رَعناءَ أَرسَلَها وَدَسَّ شُواظَها في حُجرَةِ التاريخِ أَرعَنُ أَحمَقُ +فَمَشَت تُحَطِّمُ بِاليَمينِ ذَخيرَةً وَتَلُصُّ أُخرى بِالشَمالِ وَتَسرِقُ +جُنَّت فَضَعضَعَها وَراضَ جِماحَها مِن نَشئِكِ الحُمسِ الجُنونُ المُطبِقُ +لَقِيَ الحَديدُ حَمِيَّةً أَمَوِيَّةً لا تَكتَسي صَدَأً وَلا هِيَ تُطرَقُ +يا واضِعَ الدُستورِ أَمسِ كَخُلقِهِ ما فيهِ مِن عِوَجٍ وَلا هُوَ ضَيِّقُ +نَظمٌ مِنَ الشورى وَحُكمٌ راشِدٌ أَدَبُ الحَضارَةِ فيهِما وَالمَنطِقُ +لا تَخشَ مِمّا أَلحَقوا بِكِتابِهِ يَبقى الكِتابُ وَلَيسَ يَبقى المُلحَقُ +مَيتَ الجَلالِ مِنَ القَوافي زَفرَةٌ تَجري وَمِنها عَبرَةٌ تَتَرَقرَقُ +وَلَقَد بَعَثتُهُما إِلَيكَ قَصيدَةً أَفَأَنتَ مُنتَظِرٌ كَعَهدِكَ شَيِّقُ +أَبكي لَيالينا القِصارَ وَصُحبَةً أَخَذَت مُخيلَتُها تَجيشُ وَتَبرُقُ +لا أَذكُرُ الدُنيا إِلَيكَ فَرُبَّما كَرِهَ الحَديثَ عَنِ الأَجاجِ الم��غرَقُ +طُبِعَت مِنَ السُمِّ الحَياةُ طَعامُها وَشَرابُها وَهَوائُها المُتَنَشَّقُ +وَالناسُ بَينَ بَطيئِها وَذُعافِها لا يَعلَمونَ بِأَيِّ سُمَّيها سُقوا +أَما الوَلِيُّ فَقَد سَقاكَ بِسُمِهِ ما لَيسَ يَسقيكَ العَدُوُّ الأَزرَقُ +طَلَبوكَ وَالأَجَلُ الوَشيكُ يَحُثُّهُم وَلِكُلِّ نَفسٍ مُدَّةٌ لا تُسبَقُ +لَمّا أَعانَ المَوتُ كَيدَ حِبالِهِم عَلِقَت وَأَسبابُ المَنِيَّةِ تَعلَقُ +طَرَقَت مِهادَكَ حَيَّةٌ بَشَرِيَّةٌ كَفَرَت مِمّا تَنتابُ مِنهُ وَتَطرُقُ +يا فَوزُ تِلكَ دِمَشقُ خَلفَ سَوادِها تَرمي مَكانَكَ بِالعُيونِ وَتَرمُقُ +ذَكَرَت لَيالِيَ بَدرِها فَتَلَفَّتَت فَعَساكَ تَطلُعُ أَو لَعَلَّكَ تُشرِقُ +بَرَدى وَراءَ ضِفافِهِ مُستَعبِرٌ وَالحورُ مَحلولُ الضَفائِرِ مُطرِقُ +وَالطَيرُ في جَنَباتِ دُمَّرَ نُوَّحٌ يَجِدُ الهُمومَ خَلِيُّهُنَّ وَيَأرَقُ +وَيَقولُ كُلُّ مُحَدِّثٍ لِسَميرِهِ أَبِذاتِ طَوقٍ بَعدَ ذَلِكَ يوثَقُ +عَشِقَت تَهاويلَ الجَمالِ وَلَم تَجِد في العَبقَرِيَّةِ ما يُحَبُّ وَيُعشَقُ +فَمَشَت كَأَنَّ بَنانَها يَدُ مُدمِنٍ وَكَأَنَّ السُمَّ فيها زِئبَقُ +وَلَو اَنَّ مَقدوراً يُرَدُّ لَرَدَّها بِحَياتِهِ الوَطَنُ المَروعُ المُشفِقُ +أَشقى القَضاءُ الأَرضَ بَعدَكَ أُسرَةً لَولا القَضاءُ مِنَ السَماءِ لَما شَقَوا +قَسَتِ القُلوبُ عَلَيهِمُ وَتَحَجَّرَت فَاِنظُر فُؤادَكَ هَل يَلينُ وَيَرفُقُ +إِنَّ الَّذينَ نَزَلتَ في أَكنافِهِم صَفَحوا فَما مِنهُم مَغيظٌ مُحنَقُ +سَخِروا مِنَ الدُنيا كَما سَخِرَت بِهِم وَاِنبَتَّ مِن أَسبابِها المُتَعَلَّقُ +يا مَأتَماً مِن عَبدِ شَمسٍ مِثلُهُ لِلشَمسِ يُصنَعُ في المَماتِ وَيُنسَقُ +إِن ضاقَ ظَهرُ الأَرضِ عَنكَ فَبَطنُها عَمّا وَراءَكَ مِن رُفاتٍ أَضيَقُ +لَمّا جَمَعتَ الشامَ مِن أَطرافِهِ وافى يُعَزّي الشامَ فيكَ المَشرِقُ +يَبكي لِواءً مِنَ شَبابِ أُمَيَّةٍ يَحمي حِمى الحَقِّ المُبينِ وَيَخفُقُ +لَمَسَت نَواصيها الحُصونُ تَرومُهُ وَتَلَمَّستُهُ فَلَم تَجِدهُ الفَيلَقُ +رُكنُ الزَعامَةِ حينَ تَطلُبُ رَأيَهُ فَيَرى وَتَسأَلُهُ الخِطابَ فَيَنطِقُ +وَيَكادُ مِن سِحرِ البَلاغَةِ تَحتَهُ عودُ المَنابِرِ يُستَخَفُّ فَيورِقُ +فَيحاءُ أَينَ عَلى جِنانِكِ وَردَةٌ كانَت بِها الدُنيا تَرِفُّ وَتَعبَقُ +عُلوِيَّةً تَجِدُ المَسامِعُ طَيِّها وَتُحِسُّ رَيّاها العُقولُ وَتَنشَقُ +وَأَرائِكُ الزَهرِ الغُصونُ وَعَرشُها يَدُ أُمَّةٍ وَجَبينُها وَالمِفرَقُ +مَن مُبلِغٌ عَنّي شُبولَةُ جِلَّقٍ قَولاً يَبُرُّ عَلى الزَمانِ وَيَصدُقُ +بِاللَهِ جَلَّ جَلالُهُ بِمُحَمَّدٍ بِيَسوعَ بِالغَزِّيِّ لا تَتَفَرَّقوا +قَد تُفسِدُ المَرعى عَلى أَخَواتِها شاةٌ تَنِدُّ مِنَ القَطيعِ وَتَمرُقُ +أَحَيثُ تَلوحُ المُنى تَأفُلُ كَفى عِظَةً أَيُّها المَنزِلُ +حَكَيتَ الحَياةَ وَحالاتِها فَهَلّا تَخَطَّيتَ ما تَنقُلُ +أَمِن جُنحِ لَيلٍ إِلى فَجرِهِ حِمىً يَزدَهي وَحِمىً يَعطُلُ +وَذَلِكَ يوحِشُ مِن رَبَّةٍ وَذَلِكَ مِن رَبَّةٍ يَأهَلُ +أَجابَ النَعيُّ لَدَيكَ البَشيرَ وَذاقَ بِكَأسَيهِما المَحفِلُ +وَأَطرَقَ بَينَهُما والِدٌ أَخو تَرحَةٍ لَي��ُهُ أَليَلُ +يَفيءُ إِلى العَقلِ في أَمرِهِ وَلَكِنَّهُ القَلبُ لا يَعقِلُ +تَهاوَت عَنِ الوَردِ أَغصانُهُ وَطارَ عَنِ البَيضَةِ البُلبُلُ +وَراحَت حَياةٌ وَجاءَت حَياة وَأَظهَرَ قُدرَتَهُ المُبدِلُ +وَما غَيرُ مَن قَد أَتى مُدبِرٌ وَلا غَيرُ مَن قَد مَضى مُقبِلُ +كَأَنّي بِسامي هَلوُعِ الفُؤادِ إِذا أَسمَعَت هَمسَةٌ يَعجَلُ +يَرى قَدَراً يَأمُلُ اللُطفَ فيهِ وَعادي الرَدى دونَ ما يَأمُلُ +يُضيءُ لِضيفانِهِ بِشرُهُ وَبَينَ الضُلوعِ الغَضى المُشعَلُ +وَيُقريهُمُ الأُنسَ في مَنزِلٍ وَيَجمَعُهُ وَالأَسى مَنزِلُ +فَمِن غادَةٍ في مَجالي الزِفافِ إِلى غادَةٍ داؤُها مُعضِلُ +وَذي في نَفاسَتِها تَنطَوي وَذي في نَفائِسِها تَرفُلُ +تَقَسَّمَ بَينَهُما قَلبُهُ وَخانَتهُ عَيناهُ وَالأَرجُلُ +فَيا نَكَدَ الحُرِّ هَل تَنقَضي وَيا فَرَحَ الحُرِّ هَل تَكمُلُ +وَيا صَبرَ سامي بَلَغتَ المَدى وَيا قَلبَهُ السَهلَ كَم تَحمِلُ +لَقَد زُدتَ مِن رِقَّةٍ كَالصِراطِ وَدونَ صَلابَتِكَ الجَندَلُ +يَمُرُّ عَلَيكَ خَليطُ الخُطوبِ وَيَجتازُكَ الخِفُّ وَالمُثقَلُ +وَيا رَجُلَ الحِلمِ خُذ بِالرِضى فَذَلِكَ مِن مُتَّقٍ أَجمَلُ +أَتَحسَبُ شَهِدا إِناءَ الزَمانِ وَطينَتُهُ الصابُ وَالحَنظَلُ +وَما كانَ مِن مُرِّهِ يَعتَلي وَما كانَ مِن حُلوِهِ يَسفُلُ +وَأَنتَ الَّذي شَرِبَ المُترَعاتِ فَأَيُّ البَواقي بِهِ تَحفِلُ +أَفي ذا الجَلالِ وَفي ذا الوَقارِ تُخيفُكَ ضَرّاءُ أَو تُذهِلُ +أَلَم تَكُنِ المُلكَ في عِزِّهِ وَباعُكَ مِن باعِهِ أَطوَلُ +وَقَولُكَ مِن فَوقِ قَولِ الرِجالِ وَفِعلُكَ مِن فِعلِهِم أَنبَلُ +سَتَعرِفُ دُنياكَ مَن ساوَمَت وَأَن وَقارَكَ لا يُبذَلُ +كَأَنَّكَ شَمشونُ هَذي الحَياةِ وَكُلُّ حَوادِثِها هَيَكلُ +اُنظُر إِلى الأَقمارِ كَيفَ تَزولُ وَإِلى وُجوهِ السَعدِ كَيفَ تَحولُ +وَإِلى الجِبالِ الشُمِّ كَيفَ يُميلُها عادي الرَدى بِإِشارَةٍ فَتَميلُ +وَإِلى الرِياحِ تَخِرُّ دونَ قَرارِها صَرعى عَلَيهِنَّ التُرابُ مَهيلُ +وَإِلى النُسورِ تَقاسَرَت أَعمارُها وَالعَهدُ في عُمرِ النُسورِ يَطولُ +في كُلِّ مَنزِلَةٍ وَكُلِّ سَمِيَّةٍ قَمَرٌ مِنَ الغُرِّ السُماةِ قَتيلُ +يَهوي القَضاءُ بِها فَما مِن عاصِمٍ هَيهاتَ لَيسَ مِنَ القَضاءِ مُقيلُ +فَتحُ السَماءِ وَنورُها سَكَنا الثَرى فَالأَرضُ وَلهى وَالسَماءُ ثَكولُ +سِر في الهَواءِ وَلُذ بِناصِيَةِ السُها المَوتُ لا يَخفى عَلَيهِ سَبيلُ +وَاِركَب جَناحَ النَسرِ لا يَعصِمكَ مِن نَسرٍ يُرَفرِفُ فيهِ عِزرائيلُ +وَلِكُلِّ نَفسٍ ساعَةٌ مَن لَم يَمُت فيها عَزيزاً ماتَ وَهوَ ذَليلُ +أَإِلى الحَياةِ سَكَنتَ وَهيَ مَصارِعٌ وَإِلى الأَماني يَسكَنُ المَسلولُ +لا تَحفَلَنَّ بِبُؤسِها وَنَعيمِها نُعمى الحَياةِ وَبُؤسُها تَضليلُ +ما بَينَ نَضرَتِها وَبَينَ ذُبولِها عُمرُ الوُرودِ وَإِنَّهُ لَقَليلُ +هَذا بَشيرُ الأَمسِ أَصبَحَ ناعِياً كَالحُلمِ جاءَ بِضِدِّهِ التَأويلُ +يَجري مِنَ العَبَراتِ حَولَ حَديثِهِ ما كانَ مِن فَرَحٍ عَلَيهِ يَسيلُ +وَلَرُبَّ أَعراسٍ خَبَأنَ مَأتَماً كَالرُقطِ في ظِلِّ الرِياضِ تَقيلُ +يا أَيُّها الشُهَداءُ لَن يُنسى لَكُم فَتحٌ أَغَرُّ عَلى السَماءِ جَميلُ +وَالمَجدُ في الدُنيا لِأَوَّلِ مُبتَنٍ وَلِمَن شُيِّدَ بَعدَهُ فَيُطيلُ +لَولا نُفوسٌ زُلنَ في سُبُلِ العُلا لَم يَهدِ فيها السالِكينَ دَليلُ +وَالناسُ باذِلُ روحِهِ أَو مالِهِ أَو عِلمِهِ وَالآخَرونَ فُضولُ +وَالنَصرُ غُرَّتُهُ الطَلائِعُ في الوَغى وَالتابِعونَ مِنَ الخَميسِ حُجولُ +كَم أَلفُ ميلٍ نَحوَ مِصرَ قَطَعتُم فيمَ الوُقوفُ وَدونَ مِصرٍ ميلُ +طوروسُ تَحتَكِمُ ضَئيلٌ طَرفُهُ لَمّا طَلَعتُم في السَحابِ كَليلُ +تَرخونَ لِلريحِ العِنانَ وَإِنَّها لَكُم عَلى طُغيانِها لَذَلولُ +اِثنَينِ اِثرَ اِثنَينِ لَم يَخطُر لَكُم أَنَّ المَنِيَّةَ ثالِثٌ وَزَميلُ +وَمِنَ العَجائِبِ في زَمانِكَ أَن يَفي لَكَ في الحَياةِ وَفي المَماتِ خَليلُ +لَو كانَ يُفدى هالِكٌ لَفَداكُمُ في الجَوِّ نَسرٌ بِالحَياةِ بَخيلُ +أَيُّ الغُزاةِ أُلي الشَهادَةِ قَبلَكُم عَرضُ السَماءِ ضَريحُهُم وَالطولُ +يَغدو عَلَيكُم بِالتَحِيَّةِ أَهلُها وَيُرَفرِفُ التَسبيحُ وَالتَهليلُ +إِدريسُ فَوقَ يَمينِهِ رَيحانَةٌ وَيَسوعُ فَوقَ يَمينهِ إِكليلُ +في عالَمٍ سُكّانُهُ أَنفاسُهُم طيبٌ وَهَمسُ حَديثِهِم إِنجيلُ +إِنّي أَخافُ عَلى السَماءِ مِنَ الأَذى في يَومِ يُفسِدُ في السَماءِ الجيلُ +كانَت مُطَهَّرَةَ الأَديمِ نَقِيَّةً لا آدَمٌ فيها وَلا قابيلُ +يَتَوَجَّهُ العاني إِلى رَحَماتِها وَيَرى بِها بَرقَ الرَجاءِ عَليلُ +وَيُشيرُ بِالرَأسِ المُكَلَّلِ نَحوَها شَيخٌ وَبِاللَحظِ البَريءِ بَتولُ +وَاليَومَ لِلشَهَواتِ فيها وَالهَوى سَيلٌ وَلِلدَمِ وَالدُموعِ مَسيلُ +أَضحَت وَمِن سُفُنِ الجَواءِ طَوائِفٌ فيها وَمِن خَيلِ الهَواءِ رَعيلُ +وَأُزيلَ هَيكَلُها المَصونُ وَسِرُّهُ وَالدَهرُ لِلسِرِّ المَصونِ مُذيلُ +هَلِعَت دِمَشقُ وَأَقبَلَت في أَهلِها مَلهوفَةً لَم تَدرِ كَيفَ تَقولُ +مَشَتِ الشُجونُ بِها وَعَمَّ غِياطَها بَينَ الجَداوِلِ وَالعُيونِ ذُبولُ +في كُلِّ سَهلٍ أَنَّةٌ وَمَناحَةٌ وَبِكُلِّ حَزنٍ رَنَّةٌ وَعَويلُ +وَكَأَنَّما نُعِيَت أُمَيَّةُ كُلُّها لِلمَسجِدِ الأَمَوِيِّ فَهوَ طُلولُ +خَضَعَت لَكُم فيهِ الصُفوفُ وَأُزلِفَت لَكُمُ الصَلاةُ وَقُرِّبَ التَرتيلُ +مِن كُلِّ نَعشٍ كَالثُرَيّا مَجدُهُ في الأَرضِ عالٍ وَالسَماءِ أَصيلُ +فيهِ شَهيدٌ بِالكِتابِ مُكَفَّنٌ بِمَدامِعِ الروحِ الأَمينِ غَسيلُ +أَعوادُهُ بَينَ الرِجالِ وَأَصلُهُ بَينَ السُهى وَالمُشتَري مَحمولُ +يَمشي الجُنودُ بِهِ وَلَولا أَنَّهُم أَولى بِذاكَ مَشى بِهِ جِبريلُ +حَتّى نَزَلتُم بُقعَةً فيها الهَوى مِن قَبلُ ثاوٍ وَالسَماحُ نَزيلُ +عَظُمَت وَجَلَّ ضَريحُ يوسُفَ فَوقَها حَتّى كَأَنَّ المَيتَ فيهِ رَسولُ +شِعري إِذا جُبتَ البِحارَ ثَلاثَةً وَحَواكَ ظِلٌّ في فُروقَ ظَليلُ +وَتَداوَلَتكَ عِصابَةٌ عَرَبِيَّةٌ بَينَ المَآذِنِ وَالقِلاعِ نُزولُ +وَبَلَغتَ مِن بابِ الخِلافَةِ سُدَّةً لِسُتورِها التَمسيحُ وَالتَقبيلُ +قُل لِلإِمامِ مُحَمَّدٍ وَلِآلِهِ صَبرُ العِظامِ عَلى العَظيمِ جَميلُ +تِلكَ الخُطوبُ وَقَد حَمَلتُم شَطرَها ناءَ الفُراتُ بِشَطرِها وَالنيلُ +إِن تَفقِدوا الآسادَ أَو أَشبالَها فَالغابُ مِن أَمثالِها مَأهولُ +صَبراً فَأَجرُ المُسلِمينَ وَأَجرُكُم عِندَ الإِلَهِ وَإِنَّهُ لَجَزيلُ +يا مَن خِلافَتُهُ الرَضِيَّةُ عِصمَةٌ لِلحَقِّ أَنتَ بِأَن يُحَقَّ كَفيلُ +وَاللَهُ يَعلَمُ أَنَّ في خُلَفائِهِ عَدلاً يُقيمُ المُلكَ حينَ يَميلُ +وَالعَدلُ يَرفَعُ لِلمَمالِكِ حائِطاً لا الجَيشُ يَرفَعُهُ وَلا الأُسطولُ +هَذا مَقامٌ أَنتَ فيهِ مُحَمَّدٌ وَالرِفقُ عِندَ مُحَمَّدٍ مَأمولُ +بِاللَهِ بِالإِسلامِ بِالجُرحِ الَّذي ما اِنفَكَّ في جَنبِ الهِلالِ يَسيلُ +إِلّا حَلَلتَ عَنِ السَجينِ وَثاقَهُ إِنَّ الوِثاقَ عَلى الأُسودِ ثَقيلُ +أَيَقولُ واشٍ أَو يُرَدِّدُ شامِتٌ صِنديدُ بُرقَةَ موثَقٌ مَكبولُ +هُوَ مِن سُيوفِكَ أَغمَدوهُ لِريبَةٍ ما كانَ يُغمَدُ سَيفُكَ المَسلولُ +فَاِذكُر أَميرَ المُؤمِنينَ بَلاءَهُ وَاِستَبقِهِ إِنَّ السُيوفَ قَليلُ +ما بَينَ دَمعي المُسبَلِ عَهدٌ وَبَينَ ثَرى عَلي +عَهدُ البَقيعِ وَساكِني هِ عَلى الحَيا المُتَهَدِّلِ +وَالدَمعُ مِروَحَةُ الحَزي نِ وَراحَةُ المُتَمَلمِلِ +نَمضي وَيَلحَقُ مَن سُلا في الغابِرينَ بِمَن سُلي +كَم مِن تُرابٍ بِالدُمو عِ عَلى الزَمانِ مُبَلَّلِ +كَالقَبرِ ما لَم يَبلَ في هِ مِنَ العِظامِ وَما بَلي +رَيّانُ مِن مَجدٍ يَعِز زُ عَلى القُصورِ مُوَثَّلِ +أَمسَت جَوانِبُهُ قَرا راً لِلنُجومِ الأُفَّلِ +وَحَديثُهُم مِسكُ النَدِي يِ وَعَنبَرٌ في المَحفِلِ +قُل لِلنَعيِّ هَتَكتَ دَم عَ الصابِرِ المُتَجَمِّلِ +المُلتَقي الأَحداثَ إِن نَزَلَت كَأَن لَم تَنزِلِ +حَمَلَ الأَسى بِأَبي الفُتو حِ عَلَيَّ ما لَم أَحمِلِ +حَتّى ذَهِلتُ وَمَن يَذُق فَقدَ الأَحِبَّةِ يَذهَلِ +فَعَتِبتُ في رُكنِ القَضا ءِ عَلى القَضاءِ المُنزَلِ +لَهَفي عَلى ذاكَ الشَبا بِ وَذاكَ المُستَقبَلِ +وَعَلى المَعارِفِ إِذ خَلَت مِن رُكنِها وَالمَوئِلِ +وَعَلى شَمائِلَ كَالرُبى بَينَ الصَبا وَالجَدوَلِ +وَحَياءِ وَجهٍ يُؤ ثَرُ عَن يَسوعَ المُرسَلِ +يا راوِياً تَحتَ الصَفي حِ مِنَ الكَرى وَالجَندَلِ +وَمُسَربَلاً حُلَلَ الوِزا رَةِ باتَ غَيرَ مُسَربَلِ +وَمُوَسَّداً حُفَرَ الثَرى بَعدَ البِناءِ الأَطوَلِ +إِنّي اِلتَفَتُّ إِلى الشَبا بِ الغابِرِ المُتَمَثِّلِ +وَوَقَفتُ ما بَينَ المُحَق قَقِ فيهِ وَالمُتَخَيَّلِ +فَرَأَيتُ أَيّاماً عَجِل نَ وَلَيتَها لَم تَعجَلِ +كانَت مُوَطَّأَةَ المِها دِ لَنا عِذابَ المَنهَلِ +ذَهَبَت كَحُلمٍ بَيدَ أَن نَ الحُلمَ لَم يَتَأَوَّلِ +إِذ نَحنُ في ظِلِّ الشَبا بِ الوارِفِ المُتَهَدِلِ +جارانِ في دارِ النَوى مُتَقابِلانِ بِمَنزِلِ +أَيكي وَأَيكُكَ ضاحِكا نِ عَلى خَمائِلِ مونبِلي +وَالدَرسُ يَجمَعُني بِأَف ضَلِ طالِبٍ وَمُحَصِّلِ +أَيّامَ تَبذُلُ في سَبي لِ العِلمِ ما لَم يُبذَلِ +غَضَّ الشَبابُ فَكَيفَ كُن تَ عَنِ الشَبابِ بِمَعزِلِ +وَإِذا دَعاكَ إِلى الهَوى داعي الصِبا لَم تَحفِلِ +وَلَوِ اِطَّلَعتَ عَلى الحَيا ةِ فَعَلتَ ما لَم يُفعَلِ +لَم يَدرِ إِلّا اللَهُ ما خَبَّأَت لَكَ الدُنيا وَلي +تَجري بِنا لِمُفَتَّحٍ بَينَ الغُيوبِ وَمُقفَلِ +حَتّى تَبَدَّلنا وَذا كَ العَهدُ لَم يَتَبَدَّلِ +هاتيكَ أَيّامُ الشَبا بِ المُحسِنِ المُتَفَضِّلِ +مَن فاتَهُ ظِلُّ الشَبي بَةِ عاشَ غَيرَ مُظَلَّلِ +يا راحِلاً أَخلى الدِيا رَ وَفَضلُهُ لَم يَرحَلِ +تَتَحَمَّلُ الآمالُ إِث رَ شَبابِهِ المُتَحَمِّلِ +مَشَتِ الشَبيبَةُ جَحفَلاً تَبكي لِواءَ الجَحفَلِ +فَاِنظُر سَريرَكَ هَل جَرى فَوقَ الدُموعِ الهُطَّلِ +اللَهُ في وَطَنٍ ضَعي فِ الرُكنِ واهي المَعقِلِ +وَأَبٍ وَراءَكَ حُزنُهُ لِنَواكَ حُزنُ المُثكَلِ +يَهَبُ الضِياعَ العامِرا تِ لِمَن يَرُدُّ لَهُ عَلي +لَيسَ الغَنِيُّ مِنَ البَرِيَّ ةِ غَيرَ ذي البالِ الخَلي +وَنَجيبَةٍ بَينَ العَقا ئِلِ هَمُّها لا يَنسَلي +دَخَلَت مَنازِلَها المَنو نُ عَلى الجَريءِ المُشبِلِ +كَسَرَت جَناحَ مُنَعَّمٍ وَرَمَت فُوادَ مُدَلَّلِ +فَكَأَنَّ آلَكَ مِن شَجٍ وَمُتَيَّمٍ وَمُرَمَّلِ +آلُ الحُسَينِ بِكَربُلا في كُربَةٍ لا تَنجَلي +خَلَعَ الشَبابَ عَلى القَنا وَبَذَلتَهُ لِلمُعضِلِ +وَالسَيفُ أَرحَمُ قاتِلاً مِن عِلَّةٍ في مَقتَلِ +فَاِذهَب كَما ذَهَبَ الحُسَي نُ إِلى الجِوارِ الأَفضَلِ +فَكِلاكُما زَينُ الشَبا بِ بِجَنَّةِ اللَهِ العَلي +مَمالِكُ الشَرقِ أَم أَدارِسُ أَطلالِ وَتِلكَ دولاتُهُ أَم رَسمُها البالي +أَصابَها الدَهرُ إِلّا في مَآثِرِها وَالدَهرُ بِالناسِ مِن حالٍ إِلى حالِ +وَصارَ ما نَتَغَنّى مِن مَحاسِنِها حَديثُ ذي مِحنَةٍ عَن صَفوِهِ الخالي +إِذا حَفا الحَقُّ أَرضاً هانَ جانِبُها كَأَنَّها غابَةٌ مِن غَيرِ رِئبالِ +وَإِن تَحَكَّمَ فيها الجَهلُ أَسلَمَها لِفاتِكٍ مِن عَوادي الذُلِّ قَتّالِ +نَوابِغَ الشَرقِ هُزّوهُ لَعَلَّ بِهِ مِنَ اللَيالي جُمودَ اليائِسِ السالي +إِن تَنفُخوا فيهِ مِن روحِ البَيانِ وَمِن حَقيقَةِ العِلمِ يَنهَض بَعدَ إِعضالِ +لا تَجعَلوا الدينَ بابَ الشَرِّ بَينَكُمُ وَلا مَحَلَّ مُباهاةٍ وَإِدلالِ +ما الدينُ إِلّا تُراثُ الناسِ قَبلَكُمُ كُلُّ اِمرِئٍ لِأَبيهِ تابِعٌ تالي +لَيسَ الغُلُوُّ أَميناً في مَشورَتِهِ مَناهِجُ الرُشدِ قَد تَخفى عَلى الغالي +لا تَطلُبوا حَقَّكُم بَغياً وَلا ضَلَفاً ما أَبعَدَ الحَقَّ عَن باغٍ وَمُختالِ +وَلا يَضيعَنَّ بِالإِهمالِ جانِبُهُ فَرُبَّ مَصلَحَةٍ ضاعَت بِإِهمالِ +كَم هِمَّةٍ دَفَعَت جيلاً ذُرا شَرَفٍ وَنَومَةٍ هَدَمَت بُنيانَ أَجيالِ +وَالعِلمُ في فَضلِهِ أَو في مَفاخِرِهِ رُكنُ المَمالِكِ صَدرُ الدَولَةِ الحالي +إِذا مَشَت أُمَّةٌ في العالَمينَ بِهِ أَبى لَها اللَهُ أَن تَمشي بِأَغلالِ +يَقِلُّ لِلعِلمِ عِندَ العارِفينَ بِهِ ما تَقدِرُ النَفسُ مِن حُبٍّ وَإِجلالِ +فَقِف عَلى أَهلِهِ وَاِطلُب جَواهِرَهُ كَناقِدٍ مُمعِنٍ في كَفِّ لَآلِ +فَالعِلمُ يَفعَلُ في الأَرواحِ فاسِدُهُ ما لَيسَ يَفعَلُ فيها طِبُّ دَجّالِ +وَرُبَّ صاحِبِ دَرسٍ لَو وَقَفتَ بِهِ رَأَيتَ شِبهَ عَليمٍ بَينَ جُهّالِ +وَتَسبِقُ الشَمسَ في الأَمصارِ حِكمَتُهُ إِلى كَهولٍ وَشُبّانٍ وَأَطفالِ +زَيدانُ إِنّي مَعَ الدُنيا كَعَهدِكَ لي رَضِيَ الصَديقِ مُقيلُ الحاسِدِ القالي +لي دَولَةُ الشِعرِ دونَ العَصرِ وائِلَةٌ مَفاخِري حِكَمي فيها وَأَمثالي +إِن تَمشِ لِلخَيرِ أَو لِلشَرِّ بي قَدَمٌ أُشَمِّرُ الذَيلَ أَو أَعثُر بِأَذيالي +وَإ��ن لَقيتُ اِبنَ أُنثى لي عَلَيهِ يَدٌ جَحَدتُ في جَنبِ فَضلِ اللَهِ أَفضالي +وَأَشكُرُ الصُنعَ في سِرّي وَفي عَلَني إِنَّ الصَنائِعَ تَزكو عِندَ أَمثالي +وَأَترُكُ الغَيبَ لِلَّهِ العَليمِ بِهِ إِنَّ الغُيوبَ صَناديقٌ بِأَقفالِ +كَأُرغُنِ الدَيرِ إِكثاري وَمَوقِعُهُ وَكَالأَذانِ عَلى الأَسماعِ إِقلالي +رَثَيتُ قَبلَكَ أَحباباً فُجِعتُ بِهِم وَرُحتُ مِن فُرقَةِ الأَحبابِ يُرثى لي +وَما عَلِمتُ رَفيقاً غَيرَ مُؤتَمَنٍ كَالمَوتِ لِلمَرءِ في حِلٍّ وَتِرحالِ +أَرَحتَ بالَك مِن دُنيا بِلا خُلُقٍ أَلَيسَ في المَوتِ أَقصى راحَةَ البالِ +طالَت عَلَيكَ عَوادي الدَهرِ في خَشِنٍ مِنَ التُرابِ مَعَ الأَيّامِ مُنهالِ +لَم نَأتِهِ بِأَخٍ في العَيشِ بَعدَ أَخٍ إِلّا تَرَكنا رُفاتاً عِندَ غِربالِ +لا يَنفَعُ النَفسَ فيهِ وَهيَ حائِرَةٌ إِلّا زَكاةُ النُهى وَالجاهِ وَالمالِ +ما تَصنَعِ اليَومَ مِن خَيرٍ تَجِدهُ غَداً الخَيرُ وَالشَرُّ مِثقالٌ بِمِثقالِ +قَد أَكمَلَ اللَهُ ذَيّاكَ الهِلالَ لَنا فَلا رَأى الدَهرَ نَقصاً بَعدَ إِكمالِ +وَلا يَزَل في نُفوسِ القارِئينَ لَهُ كَرامَةُ الصُحُفِ الأُولى عَلى التالي +فيهِ الرَوائِعُ مِن عِلمٍ وَمِن أَدَبٍ وَمِن وَقائِعِ أَيّامٍ وَأَحوالِ +وَفيهِ هِمَّةُ نَفسٍ زانَها خُلُقٌ هُما لِباغي المَعالي خَيرُ مِنوالِ +عَلَّمتَ كُلَّ نَؤومٍ في الرِجالِ بِهِ أَنَّ الحَياةَ بِآمالٍ وَأَعمالِ +ما كانَ مِن دُوَلِ الإِسلامِ مُنصَرِماً صَوَّرتَهُ كُلَّ أَيّامٍ بِتِمثالِ +نَرى بِهِ القَومَ في عِزٍّ وَفي ضَعَةٍ وَالمُلكَ ما بَينَ إِدبارٍ وَإِقبالِ +وَما عَرَضتَ عَلى الأَلبابِ فاكِهَةً كَالعِلمِ تُبرِزُهُ في أَحسَنِ القالِ +وَضَعتَ خَيرَ رِواياتِ الحَياةِ فَضَع رِوايَةَ المَوتِ في أُسلوبِها العالي +وَصِف لَنا كَيفَ تَجفو الروحُ هَيكَلَها وَيَستَبِدُّ البِلى بِالهَيكَلِ الخالي +وَهَل تَحِنُّ إِلَيهِ بَعدَ فُرقَتِهِ كَما يَحِنُّ إِلى أَوطانِهِ الجالي +هِضابُ لُبنانَ مِن مَنعاتِكَ اِضطَرَبَت كَأَنَّ لُبنانَ مَرمِيٌّ بِزِلزالِ +كَذَلِكَ الأَرضُ تَبكي فَقدَ عالِمِها كَالأُمِّ تَبكي ذَهابَ النافِعِ الغالي +أَلا في سَبيلِ اللَهِ ذاكَ الدَمُ الغالي وَلِلمَجدِ ما أَبقى مِنَ المَثَلِ العالي +وَبَعضُ المَنايا هِمَّةٌ مِن وَرائِها حَياةٌ لِأَقوامٍ وَدُنيا لِأَجيالِ +أَعَينَيَّ جودا بِالدُموعِ عَلى دَمٍ كَريمِ المُصَفّى مِن شَبابٍ وَآمالِ +تَناهَت بِهِ الأَحداثُ مِن غُربَةِ النَوى إِلى حادِثٍ مِن غُربَةِ الدَهرِ قَتّالِ +جَرى أُرجُوانِيّاً كُمَيتاً مُشَعشَعاً بِأَبيَضَ مِن غِسلِ المَلائِكِ سَلسالِ +وَلاذَ بِقُضبانِ الحَديدِ شَهيدُهُ فَعادَت رَفيفاً مِن عُيونٍ وَأَطلالِ +سَلامٌ عَلَيهِ في الحَياةِ وَهامِداً وَفي العُصُرِ الخالي وَفي العالَمِ التالي +خَليلَيَّ قوما في رُبى الغَربِ وَاِسقِيا رَياحينَ هامٍ في التُرابِ وَأَوصالِ +مِنَ الناعِماتِ الراوِياتِ مِنَ الصِبا ذَوَت بَينَ حِلٍّ في البِلادِ وَتَرحالِ +نَعاها لَنا الناعي فَمالَ عَلى أَبٍ هَلوعٍ وَأُمٍّ بِالكِنانَةِ مِثكالِ +طَوى الغَربَ نَحوَ الشَرقِ يَعدو سُلَيكُهُ بِمُضطَرِبٍ في البَرِّ وَالبَحرِ مِرقالِ +يُسِرُّ إِلى النَفسِ الأَسى غَيرَ هامِسٍ وَيُلقي عَلى القَلبِ الشَجى غَيرَ قَوّالِ +سَماءُ الحِمى بِالشاطِئينِ وَأَرضُهُ مَناحَةُ أَقمارٍ وَمَأتَمُ أَشبالِ +تُرى الريحُ تَدري ما الَّذي قَد أَعادَها بِساطاً وَلَكِن مِن حَديدٍ وَأَثقالِ +يُقِلُّ مِنَ الفِتيانِ أَشبالَ غابَةٍ غُداةً عَلى الأَخطارِ رُكّابَ أَهوالِ +ثَنَتهُ العَوادي دونَ أودينَ فَاِنثَنى بِآخَرَ مِن دُهمِ المَقاديرِ ذَيّالِ +قَدِ اِعتَنَقا تَحتَ الدُخانِ كَما اِلتَقى كَمِيّانِ في داجٍ مِن النَقعِ مُنجالِ +فَسُبحانَ مَن يَرمي الحَديدَ وَبَأسَهُ عَلى ناعِمٍ غَضٍّ مِنَ الزَهرِ مِنهالِ +وَمَن يَأخُذُ السارينَ بِالفَجرِ طالِعاً طُلوعَ المَنايا مِن زَنِيّاتِ آجالِ +وَمَن يَجعَلُ الأَسفارَ لِلناسِ هِمَّةً إِلى سَفَرٍ يَنوونَهُ غَيرَ قُفّالِ +فَيا ناقِليهِم لَو تَرَكتُم رُفاتَهُم أَقامَ يَتيماً في حِراسَةِ لَئآلِ +وَبَينَ غَريبالدي وَكافورَ مَضجَعٌ لَنُزّاعِ أَمصارٍ عَلى الحَقِّ نُزّالِ +فَهَل عَطَفَتكُم رَنَّةُ الأَهلِ وَالحِمى وَضَجَّةُ أَترابٍ عَلَيهِم وَأَمثالِ +لَئِن فاتَ مِصراً أَن يَموتوا بِأَرضِها لَقَد ظَفِروا بِالبَعثِ مِن تُربِها الغالي +وَما شَغَلَتهُم عَن هَواها قِيامَةٌ إِذا اِعتَلَّ رَهنُ المَحبِسَينِ بِأَشغالِ +حَمَلتُم مِنَ الغَربِ الشُموسَ لِمَشرِقٍ تَلَقّى سَناها مُظلِماً كاسِفِ البالِ +عَواثِرَ لَم تَبلُغ صِباها وَلَم تَنَل مَداها وَلَم توصَل ضُحاها بِآصالِ +يُطافُ بِهِم نَعشاً فَنَعشاً كَأَنَّهُم مَصاحِفُ لَم يَعلُ المُصَلّي عَلى التالي +تَوابيتُ في الأَعناقِ تَترى زَكِيَّةً كَتابوتِ موسى في مَناكِبِ إِسرالِ +مُلَفَّفَةً في حُلَّةٍ شَفَقِيَّةٍ هِلالِيَّةٍ مِن رايَةِ النيلِ تِمثالِ +أَظَلَّ جَلالُ العِلمِ وَالمَوتِ وَفدَها فَلَم تُلقَ إِلّا في خُشوعٍ وَإِجلالِ +تُفارِقُ داراً مِن غُرورٍ وَباطِلٍ إِلى مَنزِلٍ مِن جيرَةِ الحَقِّ مِحلالِ +فَيا حَلبَةً رَفَّت عَلى البَحرِ حِليَةً وَهَزَّت بِها حُلوانُ أَعطافَ مُختالِ +جَرَت بَينَ إيماضِ العَواصِمِ بِالضُحى وَبَينَ اِبتِسامِ الثَغرِ بِالمَوكِبِ الحالي +كَثيرَةَ باغي السَبقِ لَم يُرَ مِثلُها عَلى عَهدِ إِسماعيلَ ذي الطولِ وَالنالِ +لَكِ اللَهُ هَذا الخَطبُ في الوَهمِ لَم يَقَع وَتِلكَ المَنايا لَم يَكُنَّ عَلى بالِ +بَلى كُلُّ ذي نَفسٍ أَخو المَوتِ وَاِبنُهُ وَإِن جَرَّ أَذيالَ الحَداثَةِ وَالخالِ +وَلَيسَ عَجيباً أَن يَموتَ أَخو الصِبا وَلَكِن عَجيبٌ عَيشُهُ عيشَةَ السالي +وَكُلُّ شَبابٍ أَو مَشيبٍ رَهينَةٌ بِمُعتَرِضٍ مِن حادِثِ الدَهرِ مُغتالِ +وَما الشَيبُ مِن خَيلِ العُلا فَاِركَبِ الصِبا إِلى المَجدِ تَركَب مَتنَ أَقدَرِ جَوّالِ +يَسُنُّ الشَبابُ البَأسَ وَالجودَ لِلفَتى إِذا الشَيبُ سَنَّ البُخلَ بِالنَفسِ وَالمالِ +وَيا نَشَأَ النيلِ الكَريمِ عَزاءَكُم وَلا تَذكروا الأَقدارَ إِلّا بِإِجمالِ +فَهَذا هُوَ الحَقُّ الَّذي لا يَرُدُّهُ تَأَفُّفُ قالٍ أَو تَلَطُّفُ مُحتالُ +عَلَيكُم لِواءَ العِلمِ فَالفَوزُ تَحتَهُ وَلَيسَ إِذا الأَعلامُ خانَت بِخَذّالِ +إِذا مالَ صَفٌّ فَاِخلُفوهُ بِآخَرٍ وَصَولِ مَساعٍ لا مَلولٍ وَلا آلِ +وَلا يَصلُحُ الفِتيانُ لا عِلمَ عِندَهُم وَلا يَجمَعونَ الأَمرَ أَنصافَ جُهّالِ +وَلَيسَ لَهُم زادٌ إِذا ما تَزَوَّدوا بَياناً جُزافَ الكَيلِ كَالحَشَفِ البالي +إِذا جَزِعَ الفِتيانُ في وَقعِ حادِثٍ فَمَن لِجَليلِ الأَمرِ أَو مُعضِلِ الحالِ +وَلَولا مَعانٍ في الفِدى لَم تُعانِهِ نُفوسُ الحَوارِيّينَ أَو مُهَجُ الآلِ +فَغَنّوا بِهاتيكَ المَصارِعِ بَينَكُم تَرَنُّمَ أَبطالٍ بِأَيّامِ أَبطالِ +أَلَستُم بَني القَومِ الَّذينَ تَكَبَّروا عَلى الضَرَباتِ السَبعِ في الأَبَدِ الخالي +رُدِدتُم إِلى فِرعَونَ جَدّاً وَرُبَّما رَجَعتُم لِعَمٍّ في القَبائِلِ أَو خالِ +آلَ زَغلولَ حَسبُكُم مِن عَزاءٍ سُنَّةُ المَوتِ في النَبِيِّ وَآلِه +في خِلالِ الخُطوبِ ما راعَ إِلّا أَنَّها دونَ صَبرِكُم وَجَمالِه +حَمَلَ الرُزءَ عَنكُمُ في سَعيدٍ بَلَدٌ شَيخُكُم أَبو أَحمالِه +قَد دَهاهُ مِن فَقدِهِ ما دَهاكُم وَبَكى ما بَكَيتُمُ مِن خِلالِه +فَكَما كانَ ذُخرُكُم وَمُناكُم كانَ مِن ذُخرِهِ وَمِن آمالِه +لَيتَ مَن فَكَّ أَسرَكُم لَم يَكِلهُ لِلمَنايا تَمُدُّهُ في اِعتِقالِه +حَجَبَت مِن رَبيعِهِ ما رَجَوتُم وَطَوَت رِحلَةَ العُلا مِن هِلالِه +آنَسَت صِحَّةً فَمَرَّت عَلَيها وَتَخَطَّت شَبابَهُ لَم تُبالِه +إِنَّما مِن كِتابِهِ يُتَوَفّى ال مَرءُ لا مِن شَبابِهِ وَاِكتِهالِه +لَستَ تَدري الحِمامُ بِالغابِ هَل حا مَ عَلى اللَيثِ أَم عَلى أَشبالِه +يا سَعيدُ اِتَّئِد وَرِفقاً بِشَيخٍ والِهٍ مِن لَواعِجِ الثُكلِ والِه +ما كَفاهُ نَوائِبُ الحَقِّ حَتّى زِدتَ في هَمِّهِ وَفي إِشغالِه +فَجَأَ الدَهرُ فَاِقتَضَبتُ القَوافي مِن فُجاءاتِهِ وَخَطفِ اِرتِجالِه +قُم فَشاهِد لَوِ اِستَطَعتَ قِياماً حَسرَةَ الشِعرِ وَاِلتِياعِ خَيالِه +كانَ لي مِنكَ في المَجامِعِ راوٍ عَجَزَ اِبنُ الحُسَينِ عَن أَمثالِه +فَطِنٌ لِلصِحاحِ مِن لُؤلُؤِ القَو لِ وَأَدرى بِهِنَّ مِن لَألائِه +لَم يَكُن في غُلُوِّهِ ضَيّقُ الصَد رِ وَلا كانَ عاجِزاً في اِعتِدالِه +لا يُعادى وَيُتَّقى أَن يُعادى وَيُخَلّي سَبيلَ مَن لَم يُوالِه +فَاِمضِ في ذِمَّةِ الشَبابِ نَقِيّاً طاهِراً ما ثَنَيتَ مِن أَذيالِه +إِنَّ لِلعَصرِ وَالحَياةِ لَلَوماً لَستَ مِن أَهلِهِ وَلا مِن مَجالِه +صانَكَ اللَهُ مِن فَسادِ زَمانٍ دَنَّسَ اللومُ مِن ثِيابِ رِجالِه +سَيَقولونَ ما رَثاهُ عَلى الفَض لِ وَلَكِن رَثاهُ زُلفى لِخالِه +أَيُّهُم مَن أَتى بِرَأسِ كُلَيبٍ أَو شَفى القُطرَ مِن عَياءِ اِحتِلالِه +لَيسَ بَيني وَبَينَ خالِكَ إِلّا أَنَّني ما حَييتُ في إِجلالِه +أَتَمَنّى لِمِصرَ أَن يَجري الخَي رُ لَها مِن يَمينِهِ وَشِمالِه +لَستُ أَرجوهُ كَالرِجالِ لِصَيدٍ مِن حَرامِ اِنتِخابِهِم أَو حَلالِه +كَيفَ أَرجو أَبا سَعيدٍ لِشَيءٍ كانَ يُقضى بِكُفرِهِ وَضَلالِه +هُوَ أَهلٌ لِأَن يُرَدَّ لِقَومي أَمرَهُم في حَقيقَةِ اِستِقلالِه +وَأَنا المَرءُ لَم أَرَ الحَقَّ إِلّا كُنتُ مِن حِزبِهِ وَمِن عُمّالِه +رُبَّ حُرٍّ صَنَعتُ فيهِ ثَناءً عَجِزَ الناحِتونَ عَن تِمثالِه +مالَ أَحبابُهُ خَليلاً خَليلا وَتَوَلّى اللِداتُ إِلّا قَليلا +نَصَلوا أَمسِ مِن غُبارِ اللَيالي وَمَضى وَحدَهُ يَحُثُّ الرَحيلا +سَكَنَت مِنهُم الرُكابُ كَأَن لَم تَضطَرِب ساعَةً وَلَم تَمضِ ميلا +جُرِّدوا مِن مَنازِلَ الأَرضِ إِلّا حَجَراً دارِساً وَرَملاً مَهيلا +وَتَعَرَّوا إِلى البِلى فَكَساهُم خُشنَةَ اللَحدِ وَالدُجى المَسدولا +في يَبابٍ مِنَ الثَرى رَدَّهُ المَو تُ نَقِيّاً مِنَ الحُقودِ غَسيلا +طَرَحوا عِندَهُ الهُمومَ وَقالوا إِنَّ عِبءَ الحَياةِ كانَ ثَقيلا +إِنَّما العالَمُ الَّذي مِنهُ جِئنا مَلعَبٌ لا يُنَوِّعُ التَمثيلا +بَطَلُ المَوتِ في الرِوايَةِ رُكنٌ بُنِيَت مِنهُ هَيكَلاً وَفُصولا +كُلَّما راحَ أَو غَدا المَوتُ فيها سَقَطَ السِترُ بِالدُموعِ بَليلا +ذِكرَياتٌ مِنَ الأَحِبَّةِ تُمحى بِيَدٍ لِلزَمانِ تَمحو الطُلولا +كُلُّ رَسمٍ مِن مَنزِلٍ أَو حَبيبٍ سَوفَ يَمشي البِلى عَلَيهِ مُحيلا +رُبَّ ثُكلٍ أَساكَ مِن قُرحَةِ الثُك لِ وَرُزءٍ نَسّاكَ رُزءاً جَليلا +يا بَناتَ القَريضِ قُمنَ مَناحا تٍ وَأَرسِلنَ لَوعَةً وَعَويلا +مِن بَناتِ الهَديلِ أَنتُنَّ أَحنى نَغمَةً في الأَسى وَأَشجى هَديلا +إِنَّ دَمعاً تَذرِفنَ إِثرَ رِفاقي سَوفَ يَبكي بِهِ الخَليلُ الخَليلا +رُبَّ يَومٍ يُناحُ فيهِ عَلَينا لَو نُحِسُّ النُواحَ وَالتَرتيلا +بِمَراثٍ كَتَبنَ بِالدَمعِ عَنّا أَسطُراً مِن جَوىً وَأُخرى غَليلا +يَجِدُ القائِلونَ فيها المَعاني يَومَ لا يَأذَنُ البِلى أَن نَقولا +أَخَذَ المَوتُ مِن يَدِ الحَقِّ سَيفاً خالِدِيِّ الغِرارِ عَضباً صَقيلا +مِن سُيوفِ الجِهادِ فولاذُهُ ال حَقُّ فَهَل كانَ قَينُهُ جِبريلا +لَمَسَتهُ يَدُ السَماءِ فَكانَ ال بَرقَ وَالرَعدَ خَفقَةً وَصَليلا +وَإِباءُ الرِجالِ أَمضى مِنَ السَي فِ عَلى كَفِّ فارِسٍ مَسلولا +رُبَّ قَلبٍ أَصارَهُ الخُلقُ ضِرغا ماً وَصَدرٍ أَصارَهُ الحَقُّ غيلا +قيلَ حَلِّلهُ قُلتُ عِرقٌ مِنَ التِب رِ أَراحَ البَيانَ وَالتَحليلا +لَم يَزِد في الحَديدِ وَالنارِ إِلّا لَمحَةً حُرَّةً وَصَبراً جَميلا +لَم يَخَف في حَياتِهِ شَبَحَ الفَق رِ إِذا طافَ بِالرِجالِ مَهولا +جاعَ حيناً فَكانَ كَاللَيثِ آبى ما تُلاقيهِ يَومَ جوعٍ هَزيلا +تَأكُلُ الهِرَّةُ الصِغارَ إِذا جا عَت وَلا تَأكُلُ اللَباةُ الشُبولا +قيلَ غالٍ في الرَأيِ قُلتُ هَبوهُ قَد يَكون الغُلُوُّ رَأياً أَصيلا +وَقَديماً بَنى الغُلُوُّ نُفوساً وَقَديماً بَنى الغُلُوُّ عُقولا +وَكَم اِستَنهَضَ الشُيوخَ وَأَذكى في الشَبابِ الطِماحَ وَالتَأميلا +وَمِنَ الرَأيِ ما يَكونُ نِفاقاً أَو يَكونُ اِتِّجاهُهُ التَضليلا +وَمِنَ النَقدِ وَالجِدالِ كَلامٌ يُشبِهُ البَغيَ وَالخَنا وَالفُضولا +وَأَرى الصِدقَ دَيدَناً لِسَليلِ ال رافِعِيّينَ وَالعَفافَ سَبيلا +عاشَ لَم يَغتَبِ الرِجالَ وَلَم يَج عَل شُؤونَ النُفوسِ قالاً وَقيلا +قَد فَقَدنا بِهِ بَقِيَّةَ رَهطٍ أَيقَظوا النيلَ وادِياً وَنَزيلا +حَرَّكوهُ وَكانَ بِالأَمسِ كَالكَه فِ حُزوناً وَكَالرَقيمِ سُهولا +يا أَمينَ الحُقوقِ أَدَّيتَ حَتّى لَم تَخُن مِصرَ في الحُقوقِ فَتيلا +وَلَوِ اِسطَعتَ زِدتَ مِصرَ مِنَ الحَق قِ عَلى نيلِها المُبارَكِ نيلا +لَستُ أَنساكَ قابِعاً بَينَ دُرجَي كَ مُكِبّاً عَلَيهِما مَشغولا +قَد تَوارَيتَ في الخُشوعِ فَخالو كَ ضَئيلاً وَما خُلِقت�� ضَئيلا +سائِلِ الشَعبَ عَنكَ وَالعَلَمَ الخَفّا قَ أَو سائِلِ اللِواءَ الظَليلا +كَم إِمامٍ قَرُبتَ في الصَفِّ مِنهُ وَمُغَنٍّ قَعَدَتَ مِنهُ رَسيلا +تُنشِدُ الناسَ في القَضِيَّةِ لَحناً كَالحَوارِيِّ رَتَّلَ الإِنجيلا +ماضِياً في الجِهادِ لَم تَتَأَخَّر تَزِنُ الصَفَّ أَو تُقيمَ الرَعيلا +ما تُبالي مَضَيتَ وَحدَكَ تَحمي حَوزَةَ الحَقِّ أَم مَضَيتَ قَبيلا +إِن يَفُت فيكَ مِنبَرَ الأَمسِ شِعري إِنَّ لي المِنبَرَ الَّذي لَن يَزولا +جَلَّ عَن مُنشِدٍ سِوى الدَهرِ يُلقي هِ عَلى الغابِرينَ جيلاً فَجيلا +يا ثَرى النيلِ في نَواحيكَ طَيرٌ كانَ دُنيا وَكانَ فَرحَةَ جيلِ +لَم يَزَل يَنزِلُ الخَمائِلَ حَتّى حَلَّ في رَبوَةٍ عَلى سَلسَبيلِ +أَقعَدَ الرَوضَ في الحَياةِ مَلِيّاً وَأَقامَ الرُبى بِسِحرِ الهَديلِ +يا لِواءَ الغِناءِ في دَولَةِ الفَن نِ إِلَيكَ اِتَّجَهتُ بِالإِكليلِ +عَبقَرِيّاً كَأَنَّهُ زَنبَقُ الخُل دِ عَلى فَرعِهِ السَرِيِّ الأَسيلِ +أَينَ مِن مَسمَعِ الزَمانِ أَغانِي يُ عَلَيهِنَّ رَوعَةُ التَمثيلِ +أَينَ صَوتٌ كَأَنَّهُ رَنَّةُ البُلبُ لِ في الناعِمِ الوَريفِ الظَليلِ +فيهِ مِن نَغمَةِ المَزاميرِ مَعنىً وَعَلَيهِ قَداسَةُ التَرتيلِ +كُلَّما رَنَّ في المَسارِحِ إِن كُن تُ اِنثَنى بِالهُتافِ وَالتَهليلِ +كَعِتابِ الحَبيبِ في أُذُنِ الصَب بِ وَهَمسِ النَديمِ حَولَ الشَمولِ +كَيفَ إِخوانُنا هُناكَ عَلى الكَو ثَرِ بَينَ الصَبا وَبَينَ القَبولِ +كَيفَ في الخُلدِ ضَربُ أَحمَدَ بِالعو دِ وَنَفخُ الأَمينِ في الأَرغولِ +فَرَحٌ كُلُّهُ النَعيمُ وَعُرسٌ كَيفَ عُثمانُ فيهِ كَيفَ الحَمولي +فَهَنيئاً لَكُم وَنِعمَةُ بالٍ اِستَرَحتُم مِن ظِلِّ كُلِّ ثَقيلِ +إِنَّما مَنزِلٌ رُفاتُكَ فيهِ لَبَقايا مِن كُلِّ فَنٍّ جَميلِ +ذَبُلَت في ثَراهُ رَيحانَةُ الفَن نِ وَجَفَّت رَيحانَةُ التَمثيلِ +قامَ يَجزي سَلامَةً في ثَراهُ وَطَنٌ بِالجَزاءِ غَيرُ بَخيلِ +قَد يوفي البِناءَ وَالغَرسَ أَجراً وَيُكافي عَلى الصَنيعِ الجَليلِ +مُحسِنٌ بِالبَنينِ في حاضِرِ العَي شِ وَفي سالِفِ الزَمانِ الطَويلِ +وَيُعِدُّ الضَريحَ مِن مَرمَرِ الخُل دِ الكَريمِ المُهَذَّبِ المَصقولِ +يَدفُنُ الصالِحينَ في وَرَقِ المُص حَفِ أَو في صَحائِفِ الإِنجيلِ +مِصرُ في غَيبَةِ المُشايِعِ وَالحا سِدِ وَالحاقِدِ اللَئيمِ الذَليلِ +قامَتِ اليَومَ حَولَ ذِكراكَ تَجري وَطَنِيّاً مِنَ الطِرازِ القَليلِ +مِن رِجالٍ بَنَوا لِمِصرَ حَديثاً وَأَذاعوا مَحاسِناً لِلنيلِ +هُم سُقاةُ القُلوبِ بِالوُدِّ وَالصَف وِ وَهُم تارَةً سُقاةُ العُقولِ +لَيسَ مِنهُم إِلّا فَتىً عَبقَرِيٌّ لَيسَ في المَجدِ بِالدَعِيِّ الدَخيلِ +مُصابُ بَني الدُنيا عَظيمٌ بِأَدهَمِ وَأَعظَمُ مِنهُ حَيرَةُ الشِعرِ في فَمي +أَأَنطُقُ وَالأَنباءُ تَترى بِطَيِّبٍ وَأَسكُتُ وَالأَنباءُ تَترى بِمُؤلِمِ +أَتَيتُ بِغالٍ في الثَناءِ مُنَضَّدٍ فَمَن لي بِغالٍ في الرِثاءِ مُنَظَّمِ +عَسى الشِعرُ أَن يَجزي جَريئاً لِفَقدِهِ بَكى التُركُ وَاليونانُ بِالدَمعِ وَالدَمِ +وَكَم مِن شُجاعٍ في العِداةِ مُكَرَّمٍ وَكَم مِن جَبانٍ في اللِداتِ مُذَمَّمِ +وَهَل نافِعٌ جَريُ القَ��افي لِغايَةٍ وَقَد فَتَكَت دُهمُ المَنايا بِأَدهَمِ +رَمَت فَأَصابَت خَيرَ رامٍ بِها العِدى وَما السَهمُ إِلّا لِلقَضاءِ المُحَتَّمِ +فَتىً كانَ سَيفَ الهِندِ في صورَةِ اِمرِئٍ وَكانَ فَتى الفِتيانِ في مَسكِ ضَيغَمِ +لَحاهُ عَلى الإِقدامِ حُسّادُ مَجدِهِ وَما خُلِقَ الإِقبالُ إِلّا لِمُقدِمِ +مُزَعزَعُ أَجيالٍ وَغاشي مَعاقِلٍ وَقائِدُ جَرّارٍ وَمُزجي عَرمرَمِ +سَلوا عَنهُ ميلونا وَما في شِعابِهِ وَفي ذِروَتَيهِ مِن نُسورٍ وَأَعظُمِ +لَيالِيَ باتَ الدينُ في غَيرِ قَبضَةٍ وَزُلزِلَ في إيمانِهِ كُلُّ مُسلِمِ +وَقالَ أُناسٌ آخِرُ العَهدِ بِالمَلا وَهَمَّت ظُنونٌ بِالتُراثِ المُقَسَّمِ +فَأَطلَعَ لِلإِسلامِ وَالمُلكِ كَوكَباً مِنَ النَصرِ في داجٍ مِنَ الشَكِّ مُظلِمِ +وَرُحنا نُباهي الشَرقَ وَالغَربَ عِزَّةً وَكُنّا حَديثَ الشامِتِ المُتَرَحِّمِ +سَلوا عَنهُ ميلونا وَما في شِعابِهِ وَفي ذِروَتَيهِ مِن نُسورٍ وَأَعظُمِ +مَفاخِرُ لِلتاريخِ تُحصى لِأَدهَمٍ وَمَن يُقرِضِ التاريخَ يَربَح وَيَغنَمِ +أَلا أَيُّها الساعونَ هَل لَبِسَ الصَفا سَواداً وَقَد غَصَّ الوُرودُ بِزَمزَمِ +وَهَل أَقبَلَ الرُكبانُ يَنعونَ خالِداً إِلى كُلِّ رامٍ بِالجِمارِ وَمُحرِمِ +وَهَل مَسجِدٌ تَتلونَ فيهِ رِثاءَهُ فَكَم قَد تَلَوتُم مَدحَهُ بِالتَرَنُّمِ +وَكانَ إِذا خاضَ الأَسِنَّةَ وَالظُبى تَنَحَّت إِلى أَن يَعبُرَ الفارِسُ الكَمي +وَمَن يُعطَ في هَذي الدَنِيَّةِ فُسحَةً يُعَمَّر وَإِن لاقى الحُروبَ وَيَسلَمِ +عَلِيٌّ أَبو الزَهراءِ داهِيَةُ الوَغى دَهاهُ بِبابِ الدارِ سَيفُ اِبنِ مُلجَمِ +فَروقُ اِضحَكي وَاِبكي فَخاراً وَلَوعَةً وَقومي إِلى نَعشِ الفَقيدِ المُعَظَّمِ +كَأُمِّ شَهيدٍ قَد أَتاها نَعيُّهُ فَخَفَّت لَهُ بَينَ البُكا وَالتَبَسُّمِ +وَخُطّي لَهُ بَينَ السَلاطينِ مَضجَعاً وَقَبراً بِجَنبِ الفاتِحِ المُتَقَدِّمِ +بَخِلتِ عَلَيهِ في الحَياةِ بِمَوكِبٍ فَتوبي إِلَيهِ في المَماتِ بِمَأتَمِ +وَيا داءُ ما أَنصَفتَ إِذ رُعتَ صَدرَهُ وَقَد كانَ فيهِ المُلكُ إِن ريعَ يَحتَمي +وَيا أَيُّها الماشونَ حَولَ سَريرِهِ أَحَطتُم بِتاريخٍ فَصيحِ التَكَلُّمِ +وَيا مِصرُ مَن شَيَّعتِ أَعلى هَمامَةٍ وَأَثبَتُ قَلباً مِن رَواسي المُقَطَّمِ +هالَةٌ لِلهِلالِ فيها اِعتِصامُ كَيفَ حامَت حِيالَها الأَيّامُ +دَخَلَتها عَلَيكَ عُثمانُ في السِل مِ وَقَد كُنتَ في الوَغى لا تُرامُ +وَإِذا الداءُ كانَ داءَ المَنايا صَعَّبَتهُ لِأَهلِها الأَحلامُ +فَبُرَغمِ المُشيرِ أَن يَتَوَلّى وَالخُطوبُ المُرَوِّعاتُ جِسامُ +وَيَدُ المُلكِ تَستَجيرُ يَدَيهِ وَالسَرايا تَدعوهُ وَالأَعلامُ +وَبَنوهُ يَرجونَهُ وَهُمُ الجُن دُ وَهُم قادَةُ الجُنودِ العِظامُ +مَثَّلَتهُم صِفاتُهُ لِلبَرايا رُبَّ فَردٍ سادَت بِهِ أَقوامُ +بَطَلَ الشَرقِ قَد بَكَتكَ المَعالي وَرَثاكَ الوَلِيُّ وَالأَخصامُ +خَذَلَ المُلكَ زِندُهُ يَومَ أَودَي تَ وَأَهوى مِن راحَتَيهِ الحُسامُ +وَدَهى الدينَ وَالخِلافَةَ أَمرٌ فادِحٌ رائِعٌ جَليلٌ جُسامُ +عَلَمُ العَصرِ وَالمَمالِكِ وَلّى وَقَليلٌ أَمثالُهُ الأَعلامُ +سَل بِلَفنا أَكُنتَ تُدرَكُ فيها وَلَوَ أَ��َّ المُحاصِرينَ الأَنامُ +خَيَّمَ الروسُ حَولَ حِصنِكَ لَكِن أَينَ مِن هامَةِ السِماكِ الخِيامُ +وَأَحاطَت بِعَزمِكَ الجُندُ لَكِن عَزمُكَ الشُهبُ وَالجُنودُ الظِلامُ +كُلَّما جَرَّدَ المُحاصِرُ سَيفاً قَطَعَ السَيفَ رَأيُكَ الصَمصامُ +وَإِذا كانَتِ العُقولُ كِباراً سَلِمَت في المَضايِقِ الأَجسامُ +وَعَجيبٌ لا يَأخُذُ السَيفُ مِنكُم وَيَنالُ الطَوى وَيُعطى الأُوامُ +فَخَرَجتُم إِلى العِدا لَم تُبالوا ما لِأُسدٍ عَلى سُغوبٍ مُقامُ +تَخرِقونَ الجُيوشَ جَيشاً فَجَيشاً مِثلَما يَخرِقُ الخَواءَ الغَمامُ +وَالمَنايا مُحيطَةٌ وَحُصونُ الرو سِ تَحمي الطَريقَ وَالأَلغامُ +وَلِنارِ العَدُوِّ فيكُم قُعودٌ وَلِسَيفِ العَدُوِّ فيكُم قِيامُ +جُرِحَ اللَيثُ يَومَ ذاكَ فَخانَ ال جَيشَ قَلبٌ وَزُلزِلَت أَقدامُ +ما دَفَعتَ الحُسامَ عَجزاً وَلَكِن عَجَّزتَ ضَيغَمَ الحُروبِ الكِلامُ +فَأَعادوهُ خَيرَ شَيءٍ أَعادوا وَكَذا يَعرِفُ الكِرامَ الكِرامُ +فَتَقَلَّدتَهُ وَكُنتَ خَليقاً سَلَبَتنا كِلَيكُما الأَيّامُ +ما لَها عَودَةٌ وَلا لَكَ رَدٌّ نِمتَ عَنها وَمَن تَرَكتَ نِيامُ +إِنَّما المُلكُ صارِمٌ وَيَراعٌ فَإِذا فارَقاهُ سادَ الطَغامُ +وَنِظامُ الأُمورِ عَقلٌ وَعَدلٌ فَإِذا وَلَّيا تَوَلّى النِظامُ +وَعَجيبٌ خُلِقتَ لِلحَربِ لَبثاً وَسَجاياكَ كُلُّهُنَّ سَلامُ +فَهيَ في رَأيِكَ القَويمِ حَلالٌ وَهيَ في قَلبِكَ الرَحيمِ حَرامُ +لَكَ سَيفٌ إِلى اليَتامى بَغيضٌ وَحَنانٌ يُحِبُّهِ الأَيتامُ +مُستَبِدٌّ عَلى قَوِيٍّ حَليمٌ عَن ضَعيفٍ وَهَكَذا الإِسلامُ +قَبرَ الوَزيرِ تَحِيَّةَ وَسَلاما الحِلمُ وَالمَعروفُ فيكَ أَقاما +وَمَحاسِنُ الأَخلاقِ فيكَ تَغَيَّبَت عاماً وَسَوفَ تُغَيَّبُ الأَعواما +قَد كُنتَ صَومَعَةً فَصِرتَ كَنيسَةً في ظِلِّها صَلّى المُطيفُ وَصاما +وَالقَومُ حَولَكَ يا اِبنَ غالي خُشَّعٌ يَقضونَ حَقّاً واجِباً وَذِماما +يَسعَونَ بِالأَبصارِ نَحوَ سَريرِهِ كَالأَرضِ تَنشُدُ في السَماءِ غَماما +يَبكونَ مَوئِلَهُم وَكَهفَ رَجائِهِم وَالأَريحِيَّ المُفضِلِ المِقداما +مُتَسابِقينَ إِلى ثَراكَ كَأَنَّهُم ناديكَ في عِزِّ الحَياةِ زِحاما +وَدّوا غَداةَ نُقِلتَ بَينَ عُيونِهِم لَو كانَ ذَلِكَ مَحشَراً وَقِياما +ماذا لَقيتَ مِنَ الرِياساتِ وَالعُلا وَأَخَذتَ مِن نِعَمِ الحَياةِ جِساما +اليَومَ يُغني عَنكَ لَوعَةُ بائِسٍ وَعَزاءُ أَرمَلَةٍ وَحُزنُ يَتامى +وَالرَأيُ لِلتاريخِ فيكَ فَفي غَدٍ يَزِنُ الرِجالَ وَيَنطِقُ الأَحكاما +يَقضي عَلَيهِم في البَرِيَّةِ أَو لَهُم وَيُديمُ حَمداً أَو يُؤَيِّدُ ذاما +أَنتَ الحَكيمُ فَلا تَرُعكَ مَنِيَّةٌ أَعَلِمتَ حَيّاً غَيرَ رِفدِكَ داما +إِنَّ الَّذي خَلَقَ الحَياةَ وَضِدَّها جَعَلَ البَقاءَ لِوَجهِهِ إِكراما +قَد عِشتَ تُحدِثُ لِلنَصارى أُلفَةً وَتُجِدُّ بَينَ المُسلِمينَ وِئاما +وَاليَومَ فَوقَ مَشيدِ قَبرِكَ مَيتاً وَجَدَ المُوَفَّقُ لِلمَقالِ مَقاما +الحَقُّ أَبلَجُ كَالصَباحِ لِناظِرٍ لَو أَنَّ قَوماً حَكَّموا الأَحلاما +أَعَهِدتَنا وَالقِبطُ إِلّا أُمَّةٌ لِلأَرضِ واحِدَةٌ تَرومُ مَراما +نُعلي تَعاليمَ المَسيحِ لِأَجلِهِم وَيُوَقِّرونَ لِأَجلِنا الإِسلاما +الدينُ لِلدَيّانِ جَلَّ جَلالُهُ لَو شاءَ رَبُّكَ وَحَّدَ الأَقواما +يا قَومُ بانَ الرُشدُ فَاِقصوا ما جَرى وَخُذوا الحَقيقَةَ وَاِنبُذوا الأَوهاما +هَذي رُبوعُكُمُ وَتِلكَ رُبوعُنا مُتَقابِلينَ نُعالِجُ الأَيّاما +هَذي قُبورُكُمُ وَتِلكَ قُبورُنا مُتَجاوِرينَ جَماجِماً وَعِظاما +فَبِحُرمَةِ المَوتى وَواجِبِ حَقِّهِم عيشوا كَما يَقضي الجِوارُ كِراما +إِلى اللَهِ أَشكو مِن عَوادي النَوى سَهما أَصابَ سُوَيداءَ الفُؤادِ وَما أَصمى +مِنَ الهاتِكاتِ القَلبَ أَوَّلَ وَهلَةٍ وَما دَخَلَت لَحماً وَلا لامَسَت عَظما +تَوارَدَ وَالناعي فَأَوجَستُ رَنَّةً كَلاماً عَلى سَمعي وَفي كَبِدي كَلما +فَما هَتَفا حَتّى نَزا الجَنبُ وَاِنزَوى فَيا وَيحَ جَنبي كَم يَسيلُ وَكَم يَدمى +طَوى الشَرقَ نَحوَ الغَربِ وَالماءَ لِلثَرى إِلَيَّ وَلَم يَركَب بِساطاً وَلا يَمّا +أَبانَ وَلَم يَنبِس وَأَدّى وَلَم يَفُه وَأَدمى وَما داوى وَأَوهى وَما رَمّا +إِذا طُوِيَت بِالشُهبِ وَالدُهمِ شَقَّةٌ طَوى الشُهبَ أَوجابَ الغُدافِيَّةَ الدُهما +وَلَم أَرَ كَالأَحداثِ سَهماً إِذا جَرَت وَلا كَاللَيالي رامِياً يُبعِدُ المَرمى +وَلَم أَرَ حُكماً كَالمَقاديرِ نافِذاً وَلا كَلِقاءِ المَوتِ مِن بَينِها حَتما +إِلى حَيثُ آباءُ الفَتى يَذهَبُ الفَتى سَبيلٌ يَدينُ العالَمونَ بِها قِدما +وَما العَيشُ إِلّا الجِسمُ في ظِلِّ روحِهِ وَلا المَوتُ إِلّا الروحُ فارَقَتِ الجِسما +وَلا خُلدَ حَتّى تَملَأَ الدَهرَ حِكمَةً عَلى نُزَلاءِ الدَهرِ بَعدَكَ أَو عِلما +زَجَرتُ تَصاريفَ الزَمانِ فَما يَقَع لِيَ اليَومَ مِنها كانَ بِالأَمسِ لي وَهما +وَقَدَّرتُ لِلنُعمانِ يَوماً وَضِدَّهُ فَما اِغتَرَّتِ البوسى وَلا غَرَّتِ النُعمى +شَرِبتُ الأَسى مَصروفَةً لَو تَعَرَّضَت بِأَنفاسِها بِالفَمِّ لَم يَستَفِق غَمّا +فَأَترِع وَناوِل يا زَمانُ فَإِنَّما نَديمُكَ سُقراطُ الَّذي اِبتَدَعَ السُمّا +قَتَلتُكَ حَتّى ما أُبالي أَدَرتَ لي بِكَأسِكَ نَجماً أَم أَدَرتَ بِها رَجما +لَكِ اللَهُ مِن مَطعونَةٍ بِقَنا النَوى شَهيدَةَ حَربٍ لَم تُقارِف لَها إِنما +مُدَلَّهَةٍ أَزكى مِنَ النارِ زَفرَةً وَأَنزَهِ مِن دَمعِ الحَيا عَبرَةَ سَحما +سَقاها بَشيري وَهيَ تَبكي صَبابَةً فَلَم يَقوَ مَغناها عَلى صَوبِهِ رَسما +أَسَت جُرحَها الأَنباءُ غَيرَ رَفيقَةٍ وَكَم نازِعٍ سَهماً فَكانَ هُوَ السَهما +تَغارُ الحُمّى الفَضائِلُ وَالعُلا لِما قَبَّلَت مِنها وَما ضَمَّتِ الحُمّى +أَكانَت تَمَنّاها وَتَهوى لِقاءَها إِذا هِيَ سَمّاها بِذي الأَرضِ مَن سَمّى +أَلَمَّت عَلَيها وَاِتَّقَت ثَمَراتِها فَلَمّا وُقوا الأَسواءَ لَم تَرَها ذَمّا +فَيا حَسرَتا أَلّا تَراهُم أَهِلَّةً إِذا أَقصَرَ البَدرُ التَمامُ مَضَوا قُدما +رَياحينُ في أَنفِ الوَلِيِّ وَما لَها عَدُوٌّ تَراهُم في مَعاطِسِهِ رَغما +وَأَلّا يَطوفوا خُشَّعاً حَولَ نَعشِها وَلا يُشبِعوا الرُكنَ اِستِلاماً وَلا لَثما +حَلَفتُ بِما أَسلَفتِ في المَهدِ مِن يَدٍ وَأَولَيتِ جُثماني مِن المِنَّةِ العُظمى +وَقَبرٍ مَنوطٍ بِالجَلالِ مُقَلَّدٍ تَليدَ الخِلالِ الكُثرَ وَالطارِفَ الجَ��ّا +وَبِالغادِياتِ الساقِياتِ نَزيلَهُ مِنَ الصَلَواتِ الخَمسِ وَالآيِ وَالأَسما +لَما كانَ لي في الحَربِ رَأيٌ وَلا هَوىً وَلا رُمتُ هَذا الثُكلَ لِلناسِ وَاليُتما +وَلَم يَكُ ظُلمُ الطَيرِ بِالرِقِّ لي رِضاً فَكَيفَ رِضائي أَن يَرى البَشَرُ الظُلما +وَلَم آلُ شُبّانَ البَرِيَّةِ رِقَّةً كَأَنَّ ثِمارَ القَلبِ مِن وَلَدي ثَمّا +وَكُنتُ عَلى نَهجٍ مِنَ الرَأيِ واضِحٍ أَرى الناسَ صِنفَينِ الذِئابَ أَوِ البَهما +وَما الحُكمُ إِلّا أولي البَأسِ دَولَةً وَلا العَدلُ إِلّا حائِطٌ يَعصِمُ الحُكما +نَزَلتُ رُبى الدُنيا وَجَنّاتِ عَدنِها فَما وَجَدَت نَفسي لِأَنهارِها طَعما +أَريحُ أَريجَ المِسكِ في عَرَصاتِها وَإِن لَم أُرِح مَروانَ فيها وَلا لَخما +إِذا ضَحِكَت زَهواً إِلَيَّ سَماوَها بَكَيتُ النَدى في الأَرضِ وَالبَأسَ وَالحَزما +أُطيفُ بِرَسمٍ أَو أُلِمُّ بِدِمنَةٍ أَخالُ القُصورَ الزُهرَ وَالغُرَفَ الشُمّا +فَما بَرَحَت مِن خاطِري مِصرُ ساعَةً وَلا أَنتِ في ذي الدارِ زايَلتِ لي هَمّا +إِذا جَنَّني اللَيلُ اِهتَزَزتُ إِلَيكُما فَجَنحا إِلى سُعدى وَجَنحا إِلى سَلمى +فَلَما بَدا لِلناسِ صُبحٌ مِنَ المُنى وَأَبصَرَ فيهِ ذو البَصيرَةِ وَالأَعمى +وَقَرَّت سُيوفُ الهِندِ وَاِرتَكَزَ القَنا وَأَقلَعَتِ البَلوى وَأَقشَعَتِ الغُمّى +وَحَنَّت نَواقيسٌ وَرَنَّت مَآذِنٌ وَرَفَّت وُجوهُ الأَرضِ تَستَقبِلُ السُلمى +أَتى الدَهرُ مِن دونِ الهَناءِ وَلَم يَزَل وَلوعاً بِبُنيانِ الرَجاءِ إِذا تَمّا +إِذا جالَ في الأَعيادِ حَلَّ نِظامَها أَوِ العُرسِ أَبلى في مَعالِمِهِ هَدما +لَئِن فاتَ ما أَمَّلتِهِ مِن مَواكِبٍ فَدونَكِ هَذا الحَشدَ وَالمَوكِبَ الضَخما +رَثَيتُ بِهِ ذاتَ التُقى وَنَظَمتُهُ لِعُنصُرِهِ الأَزكى وَجَوهَرِهِ الأَسمى +نَمَتكِ مَناجيبُ العُلا وَنَمَيتِها فَلَم تُلحَقي بِنتاً وَلَم تُسبَقي أُمّا +وَكُنتِ إِذا هَذي السَماءُ تَخايَلَت تَواضَعتِ وَلَكِن بَعدَ ما فُتِّها نَجما +أَتَيتِ بِهِ لَم يَنظُمِ الشِعرَ مِثلَهُ وَجِئتِ لِأَخلاقِ الكِرامِ بِهِ نَظما +وَلَو نَهَضَت عَنهُ السَماءُ وَمَخَّضَت بِهِ الأَرضُ كانَ المُزنَ وَالتِبرَ وَالكَرما +لَكَ في الأَرضِ وَالسَماءِ مَآتِم قامَ فيها أَبو المَلائِكِ هاشِم +قَعدَ الآلُ لِلعَزاءِ وَقامَت باكِياتٍ عَلى الحُسَينِ الفَواطِم +يا أَبا العِليَةِ البَهاليلِ سَل آ باءَكَ الزُهرَ هَل مِنَ المَوتِ عاصِم +المَنايا نَوازِلُ الشَعَرِ الأَب يَضِ جاراتُ كُلِّ أَسوَدَ فاحِم +ما اللَيالي إِلّا قِصارٌ وَلا الدُن يا سِوى ما رَأَيتَ أَحلامَ نائِم +اِنحِسارُ الشِفاهِ عَن سِنِّ جَذلا نَ وَراءَ الكَرى إِلى سِنِّ نادِم +سَنَةٌ أَفرَحَت وَأُخرى أَساءَت لَم يَدُم في النَعيمِ وَالكَربِ حالِم +المَناحاتُ في مَمالِكِ أَبنا ئِكَ بَدرِيَّةُ العَزاءِ قَوائِم +تِلكَ بَغدادُ في الدُموعِ وَعَمّا نُ وَراءَ السَوادِ وَالشامُ واجِم +وَالحِجازُ النَبيلُ رَبعٌ مُصَلٍّ مِن رُبوعِ الهُدى وَآخَرُ صائِم +وَاِشتَرَكنا فَمِصرُ عَبرى وَلُبنا نُ سَكوبُ العُيونِ باكي الحَمائِم +قُم تَأَمَّل بَنيكَ في الشَرقِ زَينُ ال تاجِ مِلءُ السَريرِ نورُ العَواصِم +الزَكِيّونَ عُنصُراً مِثل�� إِبرا هيمَ وَالطَيِّبونَ مِثلَ القاسِم +وَعَلَيهِم إِذا العُيونُ رَمَتهُم عُوَذٌ مِن مُحَمَّدٍ وَتَمائِم +قَد بَنى اللَهُ بَيتَهُم فَهوَ باقٍ ما بَنى اللَهُ ما لَهُ مِن هادِم +دَبَّروا المُلكَ في العِراقِ وَفي الشا مِ فَسَنّوا الهُدى وَرَدّوا المَظالِم +أَمِنَ الناسُ في ذَراهُم وَطابَت عَرَبُ الأَرضِ تَحتَهُم وَالأَعاجِم +وَبَنوا دَولَةً وَراءَ فِلَسطي نَ كَعابَ الهُدى فَتاةَ العَزائِم +ساسَها بِالأَناةِ أَروَعُ كَالدا خِلِ ماضي الجِنانِ يَقظانُ حازِم +قُبرُصٌ كانَتِ الحَديدَ وَقَد تَن زِلُ قُضبانَهُ اللُيوثُ الضَراغِم +كَرِهَ الدَهرُ أَن يَقومَ لِواءٌ تُحشَرُ البيدُ تَحتَهُ وَالعَمائِم +قُم تَحَدَّث أَبا عَلِيٍّ إِلَينا كَيفَ غامَرتَ في جِوارِ الأَراقِم +لَم تُبالِ النُيوبَ في الهامِ خُشناً وَتَعَلَّقَت بِالحَواشي النَواعِم +هاتِ حَدِّث عَنِ العَوانِ وَصِفها لا تُرَع في التُرابِ ما أَنا لائِم +كُلُّنا وارِدُ السَرابِ وَكُلٌّ حَمَلٌ في وَليمَةِ الذِئبِ طاعِم +قَد رَجَونا مِنَ المَغانِمِ حَظّاً وَوَرَدنا الوَغى فَكُنّا الغَنائِم +قَد بَعَثتَ القَضِيَّةَ اليَومَ مَيتاً رُبَّ عَظمٍ أَتى الأُمورَ العَظائِم +أَنتَ كَالحَقِّ أَلَّفَ الناسَ يَقظا نَ وَزادَ اِئتِلافَهُم وَهوَ نائِم +إِنَّما الهِمَّةُ البَعيدَةُ غَرسٌ مُتَأَنّي الجَنى بَطيءُ الكَمائِم +رُبَّما غابَ عَن يَدٍ غَرَسَتهُ وَحَوَتهُ عَلى المَدى يَدُ قادِم +حَبَّذا مَوقِفٌ غُلِبتَ عَلَيهِ لَم يَقِفهُ لِلعُربِ قَبلَكَ خادِم +ذائِداً عَن مَمالِكٍ وَشُعوبٍ نُقِلَت في الأكُفِّ نَقلَ الدَراهِم +كُلُّ ماءٍ لَهُم وَكُلُّ سَماءٍ مَوطِئُ الخَيلِ أَو مَطارُ القَشاعِم +لِمَ لَم تَدعُهُم إِلى الهِمَّةِ الشَم ماءِ وَالعِلمِ وَالطِماحِ المُزاحِم +وَرُكوبِ اللِجاجِ وَهيَ طَواغٍ وَالسَمَواتِ وَهيَ هوجُ الشَكائِم +وَإِلى القُطبِ وَالجَليدُ عَلَيهِ وَالصَحاري وَما بِها مِن حَمائِم +اِغسُلوهُ بِطَيِّبٍ مِن وَضوءِ ال رُسلِ كَالوَردِ في رُباهُ البَواسِم +وَخُذوا مِن وِسادِهِم في المُصَلّى رُقعَةً كَفِّنوا بِها فَرعَ هاشِم +وَاِستَعيروا لِنَعشِهِ مِن ذُرى المِن بَرِ عوداً وَمِن شَريفِ القَوائِم +وَاِحمُلوهُ عَلى البُراقِ إِنِ اِسطَع تُم فَقَد جَلَّ عَن ظُهورِ الرَواسِم +وَأَديروا إِلى العَتيقِ حُسَيناً يَبتَهِل رُكنُهُ وَتَدعو الدَعائِم +وَاِذكُروا لِلأَميرِ مَكَّةَ وَالقَص رَ وَعَهدَ الصَفا وَطيبَ المَواسِم +ظَمِئَ الحُرُّ لِلدِيارِ وَإِن كا نَ عَلى مَنهَلٍ مِنَ الخُلدِ دائِم +نَقِّلوا النَعشَ ساعَةً في رُبا الفَت حِ وَطوفوا بِرَبِّهِ في المَعالِم +وَقِفوا ساعَةً بِهِ في ثَرى الأَق مارِ مِن قَومِهِ وَتُربَ الغَمائِم +وَاِدفُنوهُ في القُدسِ بَينَ سُلَيما نَ وَداوُدَ وَالمُلوكِ الأَكارِم +إِنَّما القُدسُ مَنزِلُ الوَحيِ مَغنى كُلِّ حَبرٍ مِنَ الأَوائِلِ عالِم +كُنِّفَت بِالغُيوبِ فَالأَرضُ أَسرا رٌ مَدى الدَهرِ وَالسَماءُ طَلاسِم +وَتَحَلَّت مِنَ البُراقِ بِطُغَرا ءَ وَمِن حافِرِ البُراقِ بِخاتِم +سَأَلوني لِمَ لَم أَرثِ أَبي وَرِثاءُ الأَبِ دَينٌ أَيُّ دَين +أَيُّها اللُوّامُ ما أَظلَمَكُم أَينَ لي العَقلُ الَّذي يُسعِدُ أَين +يا أَبي ما أَنتَ في ذا أَوَّلٌ كُلُّ نَفسٍ لِلمَنايا فَرضُ عَين +هَلَكَت قَبلَكَ ناسٌ وَقُرى وَنَعى الناعونَ خَيرَ الثِقَلَين +غايَةُ المَرءِ وَإِن طالَ المَدى آخِذٌ يَأخُذُهُ بِالأَصغَرَين +وَطَبيبٌ يَتَوَلّى عاجِزاً نافِضاً مِن طِبَّهُ خُفَّي حُنَين +إِنَّ لِلمَوتِ يَداً إِن ضَرَبَت أَوشَكَت تَصدَعُ شَملَ الفَرقَدَين +تَنفُذُ الجَوَّ عَلى عِقبانِهِ وَتُلاقي اللَيثَ بَينَ الجَبَلَين +وَتَحُطُّ الفَرخَ مِن أَيكَتِهِ وَتَنالُ البَبَّغا في المِئَتَين +أَنا مَن ماتَ وَمَن ماتَ أَنا لَقِيَ المَوتَ كِلانا مَرَّتَين +نَحنُ كُنّا مُهجَةً في بَدَنٍ ثُمَّ صِرنا مُهجَةً في بَدَنَين +ثُمَّ عُدنا مُهجَةً في بَدَنٍ ثُمَّ نُلقى جُثَّةً في كَفَنَين +ثُمَّ نَحيا في عَلِيٍّ بَعدَنا وَبِهِ نُبعَثُ أولى البِعثَتَين +اِنظُرِ الكَونَ وَقُل في وَصفِهِ كُلُّ هَذا أَصلُهُ مِن أَبَوَين +فَإِذا ما قيلَ ما أَصلُهُما قُل هُما الرَحمَةُ في مَرحَمَتَين +فَقَدا الجَنَّةَ في إيجادِنا وَنَعِمنا مِنهُما في جَنَّتَين +وَهُما العُذرُ إِذا ما أُغضِبا وَهُما الصَفحُ لَنا مُستَرضِيَين +لَيتَ شِعري أَيُّ حَيٍّ لَم يَدِن بِالَّذي دانا بِهِ مُبتَدِأَين +وَقَفَ اللَهُ بِنا حَيثُ هُما وَأَماتَ الرُسلَ إِلّا الوالِدَين +ما أَبي إِلّا أَخٌ فارَقتُهُ وُدُّهُ الصِدقُ وَوُدُّ الناسِ مَين +طالَما قُمنا إِلى مائِدَةٍ كانَتِ الكِسرَةُ فيها كِسرَتَين +وَشَرِبنا مِن إِناءٍ واحِدٍ وَغَسَلنا بَعدَ ذا فيهِ اليَدَين +وَتَمَشَّينا يَدي في يَدِهِ مَن رَآنا قالَ عَنّا أَخَوَين +نَظَرَ الدَهرُ إِلَينا نَظرَةً سَوَّتِ الشَرَّ فَكانَت نَظرَتَين +يا أَبي وَالمَوتُ كَأسٌ مُرَّةٌ لا تَذوقُ النَفسُ مِنها مَرَّتَين +كَيفَ كانَت ساعَةٌ قَضَّيتَها كُلُّ شَيءٍ قَبلَها أَو بَعدُ هَين +أَشَرِبتَ المَوتَ فيها جُرعَةً أَم شَرِبتَ المَوتَ فيها جُرعَتَين +لا تَخَف بَعدَكَ حُزناً أَو بُكاً جَمَدَت مِنّي وَمِنكَ اليَومَ عَين +أَنتَ قَد عَلَّمتَني تَركَ الأَسى كُلُّ زَينٍ مُنتَهاهُ المَوتُ شَين +لَيتَ شِعري هَل لَنا أَن نَلتَقي مَرَّةً أَم ذا اِفتِراقُ المَلَوَين +وَإِذا مُتُّ وَأودِعتُ الثَرى أَنَلقَّى حُفرَةً أَو حُفرَتَين +المَشرِقانِ عَلَيكَ يَنتَحِبانِ قاصيهُما في مَأتَمٍ وَالداني +يا خادِمَ الإِسلامِ أَجرُ مُجاهِدٍ في اللَهِ مِن خُلدٍ وَمِن رِضوانِ +لَمّا نُعيتَ إِلى الحِجازِ مَشى الأَسى في الزائِرينَ وَرُوِّعَ الحَرَمانِ +السِكَّةُ الكُبرى حِيالَ رُباهُما مَنكوسَةُ الأَعلامِ وَالقُضبانِ +لَم تَألُها عِندَ الشَدائِدِ خِدمَةً في اللَهِ وَالمُختارِ وَالسُلطانِ +يا لَيتَ مَكَّةَ وَالمَدينَةَ فازَتا في المَحفِلَينِ بِصَوتِكَ الرَنّانِ +لِيَرى اَلأَواخِرُ يَومَ ذاكَ وَيَسمَعوا ما غابَ مِن قُسٍّ وَمِن سَحبانِ +جارَ التُرابِ وَأَنتَ أَكرَمُ راحِلٍ ماذا لَقيتَ مِنَ الوُجودِ الفاني +أَبكي صِباكَ وَلا أُعاتِبُ مَن جَنى هَذا عَلَيهِ كَرامَةً لِلجاني +يَتَساءَلونَ أَبِالسُلالِ قَضَيتَ أَم بِالقَلبِ أَم هَل مُتَّ بِالسَرطانِ +اللَهُ يَشهَدُ أَنَّ مَوتَكَ بِالحِجا وَالجِدِّ وَالإِقدامِ وَالعِرفانِ +إِن كانَ لِلأَخلاقِ رُكنٌ قائِمٌ في هَذِهِ الدُنيا فَأَنتَ الباني +بِاللَهِ فَتِّش عَن فُؤادِكَ في الثَرى هَل فيهِ آمالٌ وَفيهِ أَماني +وِجدانُكَ الحَيُّ المُقيمُ عَلى المَدى وَلَرُبَّ حَيٍّ مَيتِ الوِجدانِ +الناسُ جارٍ في الحَياةِ لِغايَةٍ وَمُضَلَّلٌ يَجري بِغَيرِ عِنانِ +وَالخُلدُ في الدُنيا وَلَيسَ بِهَيِّنٍ عُليا المَراتِبِ لَم تُتَح لِجَبانِ +فَلَو أَنَّ رُسلَ اللَهِ قَد جَبَنوا لَما ماتوا عَلى دينٍ مِنَ الأَديانِ +المَجدُ وَالشَرَفُ الرَفيعُ صَحيفَةٌ جُعِلَت لَها الأَخلاقُ كَالعُنوانِ +وَأَحَبُّ مِن طولِ الحَياةِ بِذِلَّةٍ قِصَرٌ يُريكَ تَقاصُرَ الأَقرانِ +دَقّاتُ قَلبِ المَرءِ قائِلَةٌ لَهُ إِنَّ الحَياةَ دَقائِقٌ وَثَواني +فَاِرفَع لِنَفسِكَ بَعدَ مَوتِكَ ذِكرَها فَالذِكرُ لِلإِنسانِ عُمرٌ ثاني +لِلمَرءِ في الدُنيا وَجَمِّ شُؤونِها ما شاءَ مِن رِبحٍ وَمِن خُسرانِ +فَهيَ القَضاءُ لِراغِبٍ مُتَصَلِّعٍ وَهيَ المَضيقُ لِمُؤثِرِ السُلوانِ +الناسُ غادٍ في الشَقاءِ وَرائِحٌ يَشقى لَهُ الرُحَماءُ وَهوَ الهاني +وَمُنَعَّمٌ لَم يَلقَ إِلّا لَذَّةً في طَيِّها شَجَنٌ مِنَ الأَشجانِ +فَاِصبِر عَلى نُعمى الحَياةِ وَبُؤسِها نُعمى الحَياةِ وَبُؤسِها سِيّانِ +يا طاهِرَ الغَدَواتِ وَالرَوحاتِ وَال خَطَراتِ وَالإِسرارِ وَالإِعلانِ +هَل قامَ قَبلَكَ في المَدائِنِ فاتِحٌ غازٍ بِغَيرِ مُهَنَّدٍ وَسِنانِ +يَدعو إِلى العِلمِ الشَريفِ وَعِندَهُ أَنَّ العُلومَ دَعائِمُ العُمرانِ +لَفّوكَ في عَلَمِ البِلادِ مُنَكَّساً جَزِعَ الهِلالُ عَلى فَتى الفِتيانِ +ما اِحمَرَّ مِن خَجَلٍ وَلا مِن ريبَةٍ لَكِنَّما يَبكي بِدَمعٍ قاني +يُزجونَ نَعشَكَ في السَناءِ وَفي السَنا فَكَأَنَّما في نَعشِكَ القَمَرانِ +وَكَأَنَّهُ نَعشُ الحُسَينِ بِكَربُلا يَختالُ بَينَ بُكاً وَبَينَ حَنانِ +في ذِمَّةِ اللَهِ الكَريمِ وَبِرِّهِ ما ضَمَّ مِن عُرفٍ وَمِن إِحسانِ +وَمَشى جَلالُ المَوتِ وَهوَ حَقيقَةٌ وَجَلالُكَ المَصدوقُ يَلتَقِيانِ +شَقَّت لِمَنظَرِكَ الجُيوبَ عَقائِلٌ وَبَكَتكَ بِالدَمعِ الهَتونِ غَواني +وَالخَلقُ حَولَكَ خاشِعونَ كَعَهدِهِم إِذ يُنصِتونَ لِخُطبَةٍ وَبَيانِ +يَتَساءَلونَ بِأَيِّ قَلبٍ تُرتَقى بَعدَ المَنابِرِ أَم بِأَيِّ لِسانِ +لَو أَنَّ أَوطاناً تُصَوَّرُ هَيكَلاً دَفَنوكَ بَينَ جَوانِحِ الأَوطانِ +أَو كانَ يُحمَلُ في الجَوارِحِ مَيِّتٌ حَمَلوكَ في الأَسماعِ وَالأَجفانِ +أَو صيعَ مِن غُرِّ الفَضائِلِ وَالعُلا كَفَنٌ لَبِستَ أَحاسِنَ الأَكفانِ +أَو كانَ لِلذِكرِ الحَكيمِ بَقِيَّةٌ لَم تَأتِ بَعدُ رُثيتَ في القُرآنِ +وَلَقَد نَظَرتُكَ وَالرَدى بِكَ مُحدِقٌ وَالداءُ مِلءُ مَعالِمِ الجُثمانِ +يَبغي وَيَطغى وَالطَبيبُ مُضَلَّلٌ قَنِطٌ وَساعاتُ الرَحيلِ دَواني +وَنَواظِرُ العُوّادِ عَنكَ أَمالَها دَمعٌ تُعالِجُ كَتمَهُ وَتُعاني +تُملي وَتَكتُبُ وَالمَشاغِلُ جَمَّةٌ وَيَداكَ في القِرطاسِ تَرتَجِفانِ +فَهَشَشتَ لي حَتّى كَأَنَّكَ عائِدي وَأَنا الَّذي هَدَّ السَقامُ كِياني +وَرَأَيتُ كَيفَ تَموتُ آسادُ الشَرى وَعَرَفتُ كَيفَ مَصارِعُ الشُجعانِ +وَوَجَدتُ في ذاكَ الخَيالِ عَزائِماً ما لِلمَنونِ بِدَكِّهِنَّ يَدانِ +وَجَعَلتَ تَسأَل��ني الرِثاءَ فَهاكَهُ مِن أَدمُعي وَسَرائِري وَجِناني +لَولا مُغالَبَةُ الشُجونِ لِخاطِري لَنَظَمتُ فيكَ يَتيمَةَ الأَزمانِ +وَأَنا الَّذي أَرثي الشُموسَ إِذا هَوَت فَتَعودُ سيرَتَها إِلى الدَوَرانِ +قَد كُنتَ تَهتُفُ في الوَرى بِقَصائِدي وَتُجِلُّ فَوقَ النَيِّراتِ مَكاني +ماذا دَهاني يَومَ بِنتَ فَعَقَّني فيكَ القَريضُ وَخانَني إِمكاني +هَوِّن عَلَيكَ فَلا شَماتَ بِمَيّتٍ إِنَّ المَنِيَّةَ غايَةُ الإِنسانِ +مَن لِلحَسودِ بِمَيتَةٍ بُلِّغتَها عَزَّت عَلى كِسرى أَنوشِروانِ +عوقِبتَ مِن حَرَبِ الحَياةِ وَحَربِها فَهَل اِستَرَحتَ أَمِ اِستَراحَ الشاني +يا صَبَّ مِصرَ وَيا شَهيدَ غَرامِها هَذا ثَرى مِصرَ فَنَم بِأَمانِ +اِخلَع عَلى مِصرٍ شَبابَكَ عالِياً وَاِلبِس شَبابَ الحورِ وَالوِلدانِ +فَلَعَلَّ مِصراً مِن شَبابِكَ تَرتَدي مَجداً تَتيهُ بِهِ عَلى البُلدانِ +فَلَوَ اَنَّ بِالهَرَمَينِ مِن عَزَماتِهِ بَعضَ المَضاءِ تَحَرَّكَ الهَرَمانِ +عَلَّمتَ شُبّانَ المَدائِنِ وَالقُرى كَيفَ الحَياةُ تَكونُ في الشُبّانِ +مِصرُ الأَسيفَةُ ريفُها وَصَعيدُها قَبرٌ أَبَرُّ عَلى عِظامِكَ حاني +أَقسَمتُ أَنَّكَ في التُرابِ طَهارَةٌ مَلَكٌ يَهابُ سُؤالَهُ المَلَكانِ +تُسائِلُني كَرمَتي بِالنَهارِ وَبِاللَيلِ أَينَ سَميري حَسَن +وَأَينَ النَديمُ الشَهِيُّ الحَديثِ وَأَينَ الطَروبُ اللَطيفُ الأُذُن +نَجِيُّ البَلابِلِ في عُشِّها وَمُلهِمُها صِبيَةً في الفَنَن +فَقُلتُ لَها ماتَ وَاِستَشعَرَت لَيالي السُرورِ عَلَيهِ الحَزن +لَئِن ناءَ مِن سِمَنٍ جِسمُهُ فَما عَرِفَت روحُهُ ما السِمَن +وَما هُوَ مَيتٌ وَلَكِنَّهُ بَشاشَةُ دَهرٍ مَحاها الزَمَن +وَمَعنىً خَلا القَولُ مِن لَفظِهِ وَحُلمٌ تَطايَرَ عَنهُ الوَسَن +وَلا يَذكُرُ المَعهَدُ الشَرقِيُّ لِأَنوَرَ إِلّا جَليلَ المِنَن +وَما كانَ مِن صَبرِهِ في الصِعابِ وَما كانَ مِن عَونِهِ في المِحَن +وَخِدمَةُ فَنٍّ يُداوي القُلوبَ وَيَشفي النُفوسَ وَيُذكي الفِطَن +وَما كانَ فيهِ الدَعِيَّ الدَخيلَ وَلَكِن مِنَ الفَنِّ كانَ الرُكُن +وَلَو أَنصَفَ الصَحبُ يَومَ الوَداعِ دُفِنتَ كَإِسحاقَ لَمّا دُفِن +فَغُيِّبتَ في المِسكِ لا في التُرابِ وَأُدرِجتَ في الوَردِ لا في الكَفَن +وَخُطَّ لَكَ القَبرُ في رَوضَةٍ يَميلُ عَلى الغُصنِ فيها الغُصُن +وَيَنتَحِبُ الطَيرُ في ظِلِّها وَيَخلَعُ فيها النَسيمُ الرَسَن +وَقامَت عَلى العودِ أَوتارُهُ تُعيدُ الحَنينَ وَتُبدي الشَجَن +وَطارَحَكَ النايُ شَجوَ النُواحِ وَكُنتَ تَئِنُّ إِذا النايُ أَن +وَمالَ فَناحَ عَلَيكَ الكَمانُ وَأَظهَر مِن بَثِّهِ ما كَمَن +سَلامٌ عَلَيكَ سَلامُ الرُبا إِذا نَفَحَت وَالغَوادي الهُتَن +سَلامٌ عَلى جيرَةٍ بِالإِمامِ وَرَهطٍ بِصَحرائِهِ مُرتَهَن +سَلامٌ عَلى حُفَرٍ كَالقِبابِ وَأُخرى كَمُندَرِساتِ الدِمَن +وَجَمعٍ تَآلَفَ بَعدَ الخِلافِ وَصافى وَصوفِيَ بَعدَ الضَغَن +سَلامٌ عَلى كُلِّ طَودٍ هُناكَ لَهُ حَجَرٌ في بِناءِ الوَطَن +أَخَذَت نَعشَكِ مِصرُ بِاليَمين وَحَوَتهُ مِن يَدِ الروحِ الأَمين +لَقِيَت طُهرَ بَقاياكِ كَما لَقِيَت يَثرِبٌ أُمَّ المُؤمِنين +في سَوادَيها وَفي أَحش��ئِها وَوَراءَ النَحرِ مِن حَبلِ الوَتين +خَرَجَت مِن قَصرِكِ الباكي إِلى رَملَةِ الثَغرِ إِلى القَصرِ الحَزين +أَخَذَت بَينَ اليَتامى مَذهَباً وَمَشَت في عَبَراتِ البائِسين +وَرَمَت طَرفاً إِلى البَحرِ تَرى مِن وَراءِ الدَمعِ أَسرابَ السَفين +فَبَدَت جارِيَةٌ في حِضنِها فَنَنُ الوَردِ وَفَرعُ الياسَمين +وَعَلى جُؤجُئِها نورُ الهُدى وَعَلى سُكّانِها نورُ اليَقين +حَمَلَت مِن شاطِئِ مَرمَرَه جَوهَرَ السُؤدُدِ وَالكَنزَ الثَمين +وَطَوَت بَحراً بِبَحرٍ وَجَرَت في الأُجاجِ المِلحِ بِالعَذبِ المَعين +وَاِستَقَلَّت دُرَّةً كانَت سَنىً وَسَناءً في جِباهِ المالِكين +ذَهَبَت عَن عِليَةٍ صَيدٍ وَعَن خُرَّدٍ مِن خَفِراتِ البَيتِ عين +وَالتَقِيّاتُ بَناتُ المُتَّقي وَالآميناتُ بُنَيّاتُ الأَمين +لَبِسَت في مَطلَعِ العِزِّ الضُحى وَنَضَتهُ كَالشُموسِ الآفِلين +يَدُها بانِيَةٌ غارِسَةٌ كَيَدِ الشَمسِ وَإِن غابَ الجَبين +رَبَّةُ العَرشَينِ في دَولَتِها قَد رَكِبتِ اليَومَ عَرشَ العالَمين +أُضجِعَت قَبلَكِ فيهِ مَريَمٌ وَتَوارى بِنِساءِ المُرَسَلين +إِنَّهُ رَحلُ الأَوالي شَدَّهُ لَهُم آدَمُ رُسلِ الآخَرين +اِخلَعي الأَلقابَ إِلّا لَقَباً عَبقَرِيّاً هُوَ أُمُّ المُحسِنين +وَدَعي المالَ يَسِر سُنَّتَهُ يَمضِ عَن قَومٍ لِأَيدي آخَرين +وَاِقذِفي بِالهَمِّ في وَجهِ الثَرى وَاِطرَحي مِن حالِقٍ عِبءَ السِنين +وَاِسخَري مِن شانِئٍ أَو شامِتٍ لَيسَ بِالمُخطِئِ يَومُ الشامِتين +وَتَعَزّي عَن عَوادي دَولَةٍ لَم تَدُم في وَلَدٍ أَو في قَرين +وَاِزهَدي في مَوكِبٍ لَو شِئتِهِ لَتَغَطّى وَجهُها بِالدارِعين +ما الَّذي رَدَّ عَلى أَصحابِهِ لَيسَ يُحيِ مَوكِبُ الدَفنِ الدَفين +رُبَّ مَحمولٍ عَلى المِدفَعِ ما مَنَعَ الحَوضَ وَلا حاطَ العَرين +باطِلٌ مِن أُمَمٍ مَخدوعَةٍ يَتَحَدّونَ بِهِ الحَقَّ المُبين +في فَروقٍ وَرُباها مَأتَمٌ ذَرَفَت آماقَها فيهِ العُيون +قامَ فيها مِن عَقيلاتِ الحِمى مَلَأٌ بُدِّلنَ مِن عِزٍّ بِهون +أُسَرٌ مالَت بِها الدُنيا فَلَم تَلقَ إِلّا عِندَكِ الرُكنَ الرَكين +قَد خَلا بَيبَكُ مِن حاتِمِه وَمِنَ الكاسينَ فيهِ الطاعِمين +طارَتِ النِعمَةُ عَن أَيكَتِه وَاِنقَضى ما كانَ مِن خَفضٍ وَلين +اليَتامى نُوَّحٌ ناحِيَةً وَالمَساكينُ يَمُدّونَ الرَنين +دَولَةٌ مالَت وَسُلطانٌ خَلا دُوِّلَت نُعماهُ بَينَ الأَقرَبين +مُنهِضُ الشَرقِ عَلِيٌّ لَم يَزَل مِن بَنيهِ سَيِّدٌ في عابِدين +يُصلِحُ اللَهُ بِهِ ما أَفسَدَت فَتَراتُ الدَهرِ مِن دُنيا وَدين +أُمَّ عَبّاسٍ وَما لي لَم أَقُل أُمَّ مِصرَ مِن بَناتٍ وَبَنين +كُنتِ كَالوَردِ لَهُم وَاِستَقبَلوا دَولَةَ الرَيحانِ حيناً بَعدَ حين +فَيُقالُ الأُمُّ في مَوكِبِها وَيُقالُ الحَرَمُ العالي المَصون +العَفيفِيُّ عَفافٌ وَهُدىً كَالبَقيعِ الطُهرِ ضَمَّ الطاهِرين +اُدخُلي الجَنَّةَ مِن رَوضَتِه إِنَّ فيها غُرفَةً لِلصابِرين +أَوحَت لِطَرفِكَ فَاِستَهَلَّ شُؤونا دارٌ مَرَرتَ بِها عَلى قَيسونا +غاضَت بَشاشَتُها وَقَضَّت شَملَها دُنيا تَغُرُّ السادِرَ المَفتونا +نَزَلَت عَوادِيَ الدَهرِ في ساحاتِها وَأَقَلَّ رَفرَفِها الخُطوبَ العونا +فَتَكادُ مِن أَسَفٍ عَلى آسي الحِمى مِن كُلِّ ناحِيَةٍ تَثورُ شُجونا +تِلكَ العِيادَةُ لَم تَكُن عَبَثاً وَلا شَرَكاً لِصَيدِ مَآرِبٍ وَكَمينا +دارُ اِبنِ سينا نُزِّهَت حُجُراتُها عَن أَن تَضُمَّ ضَلالَةً وَمُجونا +خَبَتِ المَطالِعُ مِن أَغَرِّ مُؤَمَّلٍ كَالفَجرِ ثَغراً وَالصَباحِ جَبينا +وَمِنَ الوُفودِ كَأَنَّهُم مِن حَولِهِ مَرضى بِعيسى الروحِ يَستَشفونا +مَثَلٌ تَصَوَّرَ مِن حَياةٍ حُرَّةٍ لِلنَشءِ يَنطِقُ في السُكوتِ مُبينا +لَم تُحصَ مِن عَهدِ الصِبا حَرَكاتُهُ وَتَخالُهُنَّ مِنَ الخُشوعِ سُكونا +جَمَحَت جِراحُ المُعوِزينَ وَأَعضَلَت أَدواؤُهُم وَتَغَيَّبَ الشافونا +ماتَ الجَوادُ بِطِبِّهِ وَبِأَجرِهِ وَلَرُبَّما بَذَلَ الدَواءَ مُعينا +وَتَجُسُّ راحَتُهُ العَليلَ وَتارَةً تَكسو الفَقيرَ وَتُطعِمُ المِسكينا +أَدّى أَمانَةَ عِلمِهِ وَلَطالَما حَمَلَ الصَداقَةَ وافِياً وَأَمينا +وَقَضى حُقوقَ الأَهلِ يُحسِنُ تارَةً بِأَبيهِ أَو يَصِلُ القَرابَةَ حينا +خُلُقٌ وَدينٌ في زَمانٍ لا نَرى خُلُقاً عَلَيهِ وَلا تُصادِفُ دينا +أَمُداوِيَ الأَرواحِ قَبلَ جُسومِها قُم داوِ فيكَ فُؤادِيَ المَحزونا +رَوِّح بِلَفظِكَ كُلَّ روحِ مُعَذَّبٍ حَيرانَ طارَ بِلُبِّهِ الناعونا +قَد كالَ لِلقَدَرِ العِتابَ وَرُبَّما ظَنَّ المُدَلَّهُ بِالقَضاءِ ظُنونا +داوَيتَ كُلَّ مُحَطَّمٍ فَشَفَيتَهُ وَنَسيتَ داءً في الضُلوعِ دَفينا +كَبِدٌ عَلى دَمِها اِتَّكَأتَ وَلَحمِها فَحَمَلتَ هَمَّ المُسلِمينَ سِنيا +ظَلَّت وَراءَ الحَربِ تَشقى بِالنَوى وَتَذوبُ لِلوَطَنِ الكَريمِ حَنينا +ناصَرتَ في فَجرِ القَضِيَّةِ مُصطَفى فَنَصَرتَ خُلُقاً في الشَبابِ مَتينا +أَقدَمتَ في العِشرينَ تَحتَ لِوائِهِ وَرَوائِعُ الإِقدامِ في العِشرينا +لَم تَبغِ دُنيا طالَما أَغضى لَها حُمسُ الدُعاةِ وَطَأطَؤوا العِرنينا +رُحماكَ يوسُفُ قِف رِكابَكَ ساعَةً وَاِعطِف عَلى يَعقوبَ فيهِ حَزينا +لَم يَدرِ خَلفَ النَعشِ مِن حَرِّ الجَوى أَيَشُقُّ جَيباً أَم يَشُقُّ وَتينا +ساروا بِمُهجَتِهِ فَحُمِّلَ ثُكلَها وَقَضَوا بِعائِلِهِ فَمالَ غَبينا +أَتَعودُ في رَكبِ الرَبيعِ إِذا اِنثَنى بَهِجاً يَزُفُّ الوَردَ وَالنِسرينا +هَيهاتَ مِن سَفَرِ المَنِيَّةِ أَوبَةٌ حَتّى يُهيبَ الصُبحُ بِالسارينا +وَيُقالُ لِلأَرضِ الفَضاءِ تَمَخَّضي فَتَرُدُّ شَيخاً أَو تَمُجُّ جَنينا +اللَهُ أَبقى أَينَ مِن جَسَدي يَدٌ لَم أَنسَ رِفقَ بَنانِها وَاللينا +حَتّى تَمَثَّلَتِ العِنايَةُ صورَةً تومي بِراحٍ أَو تُجيلُ عُيونا +فَجَرَرتُ جُثماني وَهانَت كُربَةٌ لَولا اِعتِناؤُكَ لَم تَكُن لِتَهونا +إِنَّ الشِفاءَ مِنَ الحَياةِ وَعَونِها ما كانَ آسَ بِالشِفاءِ ضَمينا +وَاليَومَ أَرتَجِلُ الرِثاءَ وَأَنزَوي في مَأتَمٍ أَبكي مَعَ الباكينا +سُبحانَ مَن يَرِثُ الطَبيبَ وَطِبِّهِ وَيُري المَريضَ مَصارِعَ الآسينا +مَضى الدَهرُ بِاِبنِ إِمامِ اليَمَن وَأَودى بِزَينِ شَبابِ الزَمَن +وَباتَت بِصَنعاءَ تَبكي السُيوفُ عَلَيهِ وَتَبكي القَنا في عَدَن +وَأَعوَلَ نَجدٌ وَضَجَّ الحِجازُ وَمالَ الحُسَينُ فَعَزَّ الحَسَن +وَغَصَّت مَناحاتُهُ في الخِيامِ وَغَصَّت مَآتِمُهُ في المُدُن +وَلَو أَنَّ مَيتاً مَشى لِلعَزاءِ مَشى في مَآتِمِهِ ذو يَزَن +فَتىً كَاِسمِهِ كانَ سَيفَ الإِلَه وَسَيفَ الرَسولِ وَسَيفَ الوَطَن +وَلُقِّبَ بِالبَدرِ مِن حُسنِهِ وَما البَدرُ ما قَدرُهُ وَاِبنُ مَن +عَزاءً جَميلاً إِمامَ الحِمى وَهَوِّن جَليلَ الرَزايا يَهُن +وَأَنتَ المُعانُ بِإيمانِهِ وَظَنُّكَ في اللَهِ ظَنٌّ حَسَن +وَلَكِن مَتى رَقَّ قَلبُ القَضاءِ وَمِن أَينَ لِلمَوتِ عَقلٌ يَزِن +يُجامِلُكَ العُربُ النازِحون وَما العَرَبِيَّةُ إِلّا وَطَن +وَيَجمَعُ قَومَكَ بِالمُسلِمينَ عَظيمَ الفُروضِ وَسَمحُ السُنَن +وَأَنَّ نَبِيَّهُمُ واحِدٌ نَبِيُّ الصَوابِ نَبِيُّ اللَسَن +وَمِصرُ الَّتي تَجمَعُ المُسلِمينَ كَما اِجتَمَعوا في ظِلالِ الرُكُن +تُعَزّي اليَمانينَ في سَيفِهِم وَتَأخُذُ حِصَّتَها في الحَزَن +وَتَقعُدُ في مَأتَمِ اِبنِ الإِمامِ وَتَبكيهِ بِالعَبَراتِ الهُتُن +وَتَنشُرُ رَيحانَتَي زَنبَقٍ مِنَ الشِعرِ في رَبَواتِ اليَمَن +تَرِفّانِ فَوقَ رُفاتِ الفَقيدِ رَفيفَ الجِنى في أَعالي الغُصُن +قَضى واجِباً فَقَضى دونَهُ فَتىً خالِصَ السِرِّ صافي العَلَن +تَطَوَّحَ في لُجَجٍ كَالجِبالِ عِراضِ الأَواسي طِوالِ القُنَن +مَشى مِشيَةَ اللَيثِ لا في السِلاحِ وَلا في الدُروعِ وَلا في الجُنَن +مَتى صِرتَ يا بَحرُ غُمدَ السُيوفِ وَكُنّا عَهِدناكَ غِمدَ السُفُن +وَكُنتَ صِوانَ الجُمانِ الكَريمِ فَكَيفَ أُزيلَ وَلِم لَم يُصَن +ظَفِرَت بِجَوهَرَةٍ فَذَّةٍ مِنَ الشَرَفِ العَبقَرِيِّ اليُمُن +فَتىً بَذَلَ الروحَ دونَ الرِفاقِ إِلَيكَ وَأَعطى التُرابَ البَدَن +وَهانَت عَلَيهِ مَلاهي الشَبابِ وَلَولا حُقوقُ العُلا لَم تَهُن +وَخاضَكَ يُنقِذُ أَترابَهُ وَكانَ القَضاءُ لَهُ قَد كَمَن +غَدَرتَ فَتىً لَيسَ في الغادِرينَ وَخُنتَ اِمرأً وافِياً لَم يَخُن +وَما في الشَجاعَةِ حَتفُ الشُجاعِ وَلا مَدَّ عُمرَ الجَبانِ الجُبُن +وَلَكِن إِذا حانَ حَينُ الفَتى قَضى وَيَعيشُ إِذا لَم يَحِن +أَلا أَيُّها ذا الشَريفُ الرَضي أَبو السُجَرِ الرَماحِ اللُدُن +شَهيدُ المُروءَةِ كانَ البَقيعُ أَحَقَّ بِهِ مِن تُرابِ اليَمَن +فَهَل غَسَّلوهُ بِدَمعِ العُفاةِ وَفي كُلِّ قَلبِ حَزينٍ سَكَن +لَقَد أَغرَقَ اِبنَكَ صَرفُ الزَمانِ وَأَغرَقتَ أَبناءَهُ بِالمِنَن +أَتَذكُرُ إِذ هُوَ يَطوي الشُهورَ وَإِذ هُوَ كَالخِشفِ حُلوٌ أَغَن +وَإِذ هُوَ حَولَكَ حَسَنُ القُصورِ وَطيبُ الرِياضِ وَصَفوُ الزَمَن +بَشاشَتُهُ لَذَّةٌ في العُيونِ وَنَغمَتُهُ لَذَّةٌ في الأُذُن +يُلاعِبُ طُرَّتَهُ في يَدَيكَ كَما لاعَبَ المُهرُ فَضلَ الرَسَن +وَإِذ هُوَ كَالشِبلِ يَحكي الأُسودَ أَدَلَّ بِمِخلَبِهِ وَاِفتَتَن +فَشَبَّ فَقامَ وَراءَ العَرينِ يَشُبُّ الحُروبَ وَيُطفي الفِتَن +فَما بالُهُ صارَ في الهامِدينَ وَأَمسى عَفاءً كَأَن لَم يَكُن +نَظَمتُ الدُموعَ رِثاءً لَهُ وَفَصَّلتُها بِالأَسى وَالشَجَن +يا قَلبُ وَيحَكَ وَالمَوَدَّةُ ذِمَّةٌ ماذا صَنَعتَ بِعَهدِ عَبدِ اللَهِ +جاذَبتَني جَنبي عَشِيَّةَ نَعيِهِ وَخَفَقتَ خَفقَةَ موجَعٍ أَوّاهِ +وَلَوَ اَنَّ قَلباً ذابَ إِثرَ حَبيبِهِ لَهَوى بِكَ الرُكنُ الضَع��فُ الواهي +فَعَلَيكَ مِن حُسنِ المُروءَةِ آمِرٌ وَعَلَيكَ مِن حُسنِ التَجَلُّدِ ناهِ +نَزَلَ الطُوَيِّرُ في التُرابِ مَنازِلاً تَهوي المَكارِمُ نَحوَها بِشِفاهِ +عَرَصاتُها مَمطورَةٌ بِمَدامِعٍ مَوطوءَةٌ بِمَفارِقٍ وَجِباهِ +لَولا يَمينُ المَوتِ فَوقَ يَمينِهِ فيها لَفاضَت مِن جَنىً وَمِياهِ +يا كابِراً مِن كابِرينَ وَطاهِراً مِن آلِ طُهرٍ عارِفٍ بِاللَهِ +وَمُحَكِّماً عَلِمَ القَضاءُ مَكانَهُ في المُقسِطينَ الجِلَّةِ الأَنزاهِ +وَحَكيماً اِستَعصَت أَعِنَّتُهُ عَلى كَذِبِ النَعيمِ وَتُرَّهاتِ الجاهِ +وَأَخاً سَقى الإِخوانَ مِن رَاوقِهِ بِوِدادِ لا صَلِفٍ وَلا تَيّاهِ +قَد كانَ شِعري شُغلَ نَفسِكَ فَاِقتَرِح مِن كُلِّ جائِلَةٍ عَلى الأَفواهِ +أُنزِلتَ مِنهُ حينَ فاتَكَ جَمعُهُ في مَنزِلٍ بَهِجٍ بِنورِكَ زاهِ +فَاِقرَأ عَلى حَسّانَ مِنهُ لَعَلَّهُ بِفَتاهُ في مَدحِ الرَسولِ مُباهِ +وَاِنزِل بِنورِ الخُلدِ جَدَّكَ وَاِتَّصِل بِمَلائِكٍ مِن آلِهِ أَشباهِ +ناعيكَ ناعي حاتَمٍ أَو جَعفَرٍ فَالناسُ بَينَ نَوازِلٍ وَدَواهِ +شَيَّعوا الشَمسَ وَمالوا بِضُحاها وَاِنحَنى الشَرقُ عَلَيها فَبَكاها +لَيتَني في الرَكبِ لَمّا أَفَلَت يوشَعٌ هَمَّت فَنادى فَثَناها +جَلَّلَ الصُبحَ سَواداً يَومُها فَكَأَنَّ الأَرضَ لَم تَخلَع دُجاها +اِنظُروا تَلقَوا عَلَيها شَفَقاً مِن جِراحاتِ الضَحايا وَدِماها +وَتَرَوا بَينَ يَدَيها عَبرَةً مِن شَهيدٍ يَقطُرُ الوَردَ شَذاها +آذَنَ الحَقُّ ضَحاياها بِها وَيحَهُ حَتّى إِلى المَوتى نَعاها +كَفَّنوها حُرَّةً عُلوِيَّةً كَسَتِ المَوتَ جَلالاً وَكَساها +مِصرُ في أَكفانِها إِلّا الهُدى لُحمَةُ الأَكفانِ حَقٌّ وَسُداها +خَطَرَ النَعشُ عَلى الأَرضِ بِها يَحسِرُ الأَبصارَ في النَعشِ سَناها +جاءَها الحَقُّ وَمِن عادَتِها تُؤثِرُ الحَقَّ سَبيلاً وَاِتِّجاها +ما دَرَت مِصرٌ بِدَفنٍ صُبِّحَت أَم عَلى البَعثِ أَفاقَت مِن كَراها +صَرَخَت تَحسَبُها بِنتَ الشَرى طَلَبَت مِن مِخلَبِ المَوتِ أَباها +وَكَأَنَّ الناسَ لَمّا نَسَلوا شُعَبُ السَيلِ طَغَت في مُلتَقاها +وَضَعوا الراحَ عَلى النَعشِ كَما يَلمَسونَ الرُكنَ فَاِرتَدَّت نَزاها +خَفَضوا في يَومِ سَعدٍ هامَهُم وَبِسَعدٍ رَفَعوا أَمسِ الجِباها +سائِلوا زَحلَةً عَن أَعراسِها هَل مَشى الناعي عَلَيها فَمَحاها +عَطَّلَ المُصطافَ مِن سُمّارِهِ وَجَلا عَن ضِفَّةِ الوادي دُماها +فَتَحَ الأَبوابَ لَيلاً دَيرُها وَإِلى الناقوسِ قامَت بيعَتاها +صَدَعَ البَرقُ الدُجى تَنشُرُهُ أَرضُ سورِيّا وَتَطويهِ سَماها +يَحمِلُ الأَنباءَ تَسري موهِناً كَعَوادي الثُكلِ في حَرِّ سُراها +عَرَضَ الشَكُّ لَها فَاِضطَرَبَت تَطَأُ الآذانَ هَمساً وَالشِفاها +قُلتُ يا قَومُ اِجمَعوا أَحلامَكُم كُلُّ نَفسٍ في وَريدَيها رَداها +يا عَدُوَّ القَيدِ لَم يَلمَح لَهُ شَبَحاً في خُطَّةٍ إِلّا أَباها +لا يَضِق ذَرعُكَ بِالقَيدِ الَّذي حَزَّ في سوقِ الأَوالي وَبَراها +وَقَعَ الرُسلُ عَلَيهِ وَاِلتَوَت أَرجُلُ الأَحرارِ فيهِ فَعَفاها +يا رُفاتاً مِثلَ رَيحانِ الضُحى كَلَّلَت عَدنٌ بِها هامَ رُباها +وَبَقايا هَيكَلٍ مِن كَرمٍ وَحَياةٍ أَترَعَ الأَرضَ حَياها +وَدَّعَ العَدلُ بِها أَعلامَهُ وَبَكَت أَنظِمَةُ الشورى صُواها +حَضَنَت نَعشَكَ وَاِلتَفَّت بِهِ رايَةٌ كُنتَ مِنَ الذُلِّ فِداها +ضَمَّتِ الصَدرَ الَّذي قَد ضَمَّها وَتَلَقّى السَهمَ عَنها فَوَقاها +عَجَبي مِنها وَمِن قائِدِها كَيفَ يَحمي الأَعزَلُ الشَيخُ حِماها +مِنبَرُ الوادي ذَوَت أَعوادُهُ مِن أَواسيها وَجَفَّت مِن ذُراها +مَن رَمى الفارِسَ عَن صَهوَتِها وَدَها الفُصحى بِما أَلجَمَ فاها +قَدَرٌ بِالمُدنِ أَلوى وَالقُرى وَدَها الأَجبالَ مِنهُ ما دَهاها +غالَ بَسطورا وَأَردى عُصبَةً لَمَسَت جُرثومَةَ المَوتِ يَداها +طافَتِ الكَأسُ بِساقي أُمَّةٍ مِن رَحيقِ الوَطَنِيّاتِ سَقاها +عَطِلَت آذانُها مِن وَتَرٍ ساحِرٍ رَنَّ مَلِيّاً فَشَجاها +أَرغُنٌ هامَ بِهِ وِجدانُها وَأَذانٌ عَشِقَتهُ أُذُناها +كُلَّ يَومٍ خُطبَةٌ روحِيَّةٌ كَالمَزاميرِ وَأَنغامِ لُغاها +دَلَّهَت مِصراً وَلَو أَنَّ بِها فَلَواتٍ دَلَّهَت وَحشَ فَلاها +ذائِدُ الحَقِّ وَحامي حَوضِهِ أَنفَذَت فيهِ المَقاديرُ مُناها +أَخَذَت سَعداً مِنَ البَيتِ يَدٌ تَأخُذُ الآسادَ مِن أَصلِ شَراها +لَو أَصابَت غَيرَ ذي روحٍ لَما سَلِمَت مِنها الثُرَيّا وَسُهاها +تَتَحَدّى الطِبَّ في قُفّازِها عِلَّةُ الدَهرِ الَّتي أَعيا دَواها +مِن وَراءِ الإِذنِ نالَت ضَيغَماً لَم يَنَل أَقرانَهُ إِلّا وِجاها +لَم تُصارِح أَصرَحَ الناسِ يَداً وَلِساناً وَرُقاداً وَاِنتِباها +هَذِهِ الأَعوادُ مِن آدَمَ لَم يَهدَ خُفّاها وَلَم يَعرَ مَطاها +نَقَلَت خوفو وَمالَت بِمِنا لَم يَفُت حَيّاً نَصيبٌ مِن خُطاها +تَخلِطُ العُمرَينِ شيباً وَصِباً وَالحَياتَينِ شَقاءً وَرَفاها +زَورَقٌ في الدَمعِ يَطفو أَبَداً عَرَفَ الضَفَّةَ إِلّا ما تَلاها +تَهلَعُ الثَكلى عَلى آثارِهِ فَإِذا خَفَّ بِها يَوماً شَفاها +تَسكُبُ الدَمعَ عَلى سَعدٍ دَماً أُمَّةٌ مِن صَخرَةِ الحَقِّ بَناها +مِن لَيانٍ هُوَ في يَنبوعِها وَإِباءٍ هُوَ في صُمِّ صَفاها +لُقِّنَ الحَقَّ عَلَيهِ كَهلُها وَاِستَقى الإيمانُ بِالحَقِّ فَتاها +بَذَلَت مالاً وَأَمناً وَدَماً وَعَلى قائِدِها أَلقَت رَجاها +حَمَّلَتهُ ذِمَّةً أَوفى بِها وَاِبتَلَتهُ بِحُقوقٍ فَقَضاها +اِبنُ سَبعينَ تَلَقّى دونَها غُربَةَ الأَسرِ وَوَعثاءَ نَواها +سَفَرٌ مِن عَدَنِ الأَرضِ إِلى مَنزِلٍ أَقرَبُ مِنهُ قُطُباها +قاهِرٌ أَلقى بِهِ في صَخرَةٍ دَفَعَ النَسرَ إِلَيها فَأَواها +كَرِهَت مَنزِلَها في تاجِهِ دُرَّةٌ في البَحرِ وَالبَرِّ نَفاها +اِسأَلوها وَاِسأَلوا شائِنَها لِمَ لَم يَنفِ مِنَ الدُرِّ سِواها +وَلَدَ الثَورَةَ سَعدٌ حُرَّةً بِحَياتَي ماجِدٍ حُرٍّ نَماها +ما تَمَنّى غَيرُها نَسلاً وَمَن يَلِدِ الزَهراءَ يَزهَد في سِواها +سالَتِ الغابَةُ مِن أَشبالِها بَينَ عَينَيهِ وَماجَت بِلَباها +بارَكَ اللَهُ لَها في فَرعِها وَقَضى الخَيرَ لِمِصرٍ في جَناها +أَوَ لَم يَكتُب لَها دُستورَها بِالدَمِ الحُرِّ وَيَرفَعُ مُنتَداها +قَد كَتَبناها فَكانَت صورَةً صَدرُها حَقٌّ وَحَقٌّ مُنتَهاها +رَقَدَ الثائِرُ إِلّا ثَورَةً في سَبيلِ الحَقِّ لَم تَخمُد جُذاها +قَد تَوَلّاها صَبِيّاً فَكَوَت راحَتَيهِ وَفَتِيّاً فَرعاها +جالَ فيها قَلَماً مُستَنهِضاً وَلِساناً كُلَّما أَعيَت حَداها +وَرَمى بِالنَفسِ في بُركانِها فَتَلَقّى أَوَّلَ الناسِ لَظاها +أَعَلِمتُم بَعدَ موسى مِن يَدٍ قَذَفَت في وَجهِ فِرعَونَ عَصاها +وَطِأَت نادِبَةً صارِخَةً شاهَ وَجهُ الرِقِّ يا قَومُ وَشاها +ظَفِرَت بِالكِبرِ مِن مُستَكبِرٍ ظافِرِ الأَيّامِ مَنصورِ لِواها +القَنا الصُمُّ نَشاوى حَولَهُ وَسُيوفُ الهِندِ لَم تَصحُ ظُباها +أَينَ مِن عَينَيَّ نَفسٌ حُرَّةٌ كُنتُ بِالأَمسِ بِعَينَيَّ أَراها +كُلَّما أَقبَلتُ هَزَّت نَفسَها وَتَواصى بِشرُها بي وَنَداها +وَجَرى الماضي فَماذا اِدَّكَرَت وَاِدِّكارُ النَفسِ شَيءٌ مِن وَفاها +أَلمَحُ الأَيّامَ فيها وَأَرى مِن وَراءِ السِنِّ تِمثالَ صِباها +لَستُ أَدري حينَ تَندى نَضرَةً عَلَتِ الشَيبَ أَمِ الشَيبُ عَلاها +حَلَّتِ السَبعونَ في هَيكَلِها فَتَداعى وَهيَ مَوفورٌ بِناها +رَوعَةُ النادي إِذا جَدَّت فَإِن مَزَحَت لَم يُذهِبِ المَزحُ بَهاها +يَظفَرُ العُذرُ بِأَقصى سُخطِها وَيَنالُ الوُدُّ غاياتِ رِضاها +وَلَها صَبرٌ عَلى حُسّادِها يُشبِهُ الصَفحَ وَحِلمٌ عَن عِداها +لَستُ أَنسى صَفحَةً ضاحِكَةً تَأخُذُ النَفسَ وَتَجري في هَواها +وَحَديثاً كَرِواياتِ الهَوى جَدَّ لِلصَبِّ حَنينٌ فَرواها +وَقَناةً صَعدَةٌ لَو وُهِبَت لِلسِماكِ الأَعزَلِ اِختالَ وَتاها +أَينَ مِنّي قَلَمٌ كُنتُ إِذا سُمتُهُ أَن يَرثِيَ الشَمسَ رَثاها +خانَني في يَومِ سَعدٍ وَجَرى في المَراثي فَكَبا دونَ مَداها +في نَعيمِ اللَهِ نَفسٌ أوتِيَت أَنعُمَ الدُنيا فَلَم تَنسَ تُقاها +لا الحِجى لَمّا تَناهى غَرَّها بِالمَقاديرِ وَلا العِلمُ زَهاها +ذَهَبَت أَوّابَةً مُؤمِنَةً خالِصاً مِن حَيرَةِ الشَكِّ هُداها +آنَسَت خَلقاً ضَعيفاً وَرَأَت مِن وَراءِ العالَمِ الفاني إِلَها +ما دَعاها الحَقُّ إِلّا سارَعَت لَيتَهُ يَومَ وَصيفٍ ما دَعاها +فَتى العَقلِ وَالنَغمَةِ العالِيَه مَضى وَمَحاسِنَهُ باقِيَه +فَلا سوقَةٌ لَم تَكُن أُنسَهُ وَلا مَلِكٌ لَم تَزِن نادِيَه +وَلَم تَخلُ مِن طيبِها بَلدَةٌ وَلَم تَخلُ مِن ذِكرِها ناحِيَه +يَكادُ إِذا هُوَ غَنّى الوَرى بِقافِيَةٍ يُنطِقُ القافِيَه +يَتيهُ عَلى الماسِ بَعضُ النُحاسِ إِذا ضَمَّ أَلحانَهُ الغالِيَه +وَتَحكُمُ في النَفسِ أَوتارُهُ عَلى العودِ ناطِقَةً حاكِيَه +وَتَبلُغُ مَوضِعَ أَوطارِها وَتُفشي سَريرَتَها الخافِيَه +وَكَم آيَةٍ في الأَغاني لَهُ هِيَ الشَمسُ لَيسَ لَها ثانِيَه +إِذا ما تَنادى بِها العارِفونَ قُلِ البَرقُ وَالرَعدُ مِن غادِيَه +فَإِن هَمَسوا بَعدَ جَهرٍ بِها فَخَفقُ الحُلِيِّ عَلى الغانِيَه +لَقَد شابَ فَردي وَجازَ المَشيبَ وَعَيدا شَبيبَتُها زاهِيَه +تُمَثِّلُ مِصرَ لِهَذا الزَمانِ كَما هِيَ في الأَعصُرِ الخالِيَه +وَنَذكُرُ تِلكَ اللَيالي بِها وَنَنشُدُ تِلكَ الرُؤى السارِيَه +وَنَبكي عَلى عِزِّنا المُنقَضي وَنَندُبُ أَيّامَنا الماضِيَه +فَيا آلَ فَردي نُعَزّيكُمُ وَنَبكي مَعَ الأُسرَةِ الباكِيَه +فَقَدنا بِمَفقودِكُم شاعِراً يَقِلُّ الزَمانُ لَهُ راوِيَه +سَقى اللَهُ بِالكَفرِ الأَباظِيِّ مَضجَعاً تَضَوَّعَ كافوراً مِنَ الخُلدِ سارِيا +يَطيبُ ثَرى بُردَينِ مِن نَفحِ طيبِهِ كَأَنَّ ثَرى بُردَينِ مَسَّ الغَوالِيا +فَيا لَك غِمداً مِن صَفيحٍ وَجَندَلٍ حَوى السَيفَ مَصقولَ الغِرارِ يَمانِيا +وَكُنّا اِستَلَلنا في النَوائِبِ غَربَهُ فَلَم يُلفَ هَيّاباً وَلَم نُلفَ نابِيا +إِذا اِهتَزَّ دونَ الحَقِّ يَحمي حِياضَهُ تَأَخَّرَ عَنها باطِلُ القَومِ ظامِيا +طَوَتهُ يَدٌ لِلمَوتِ لا الجاهُ عاصِماً إِذا بَطَشَت يَوماً وَلا المالُ فادِيا +تَنالُ صِبا الأَعمارِ عِندَ رَفيفِهِ وَعِندَ جُفوفِ العودِ في السِنِّ ذاوِيا +وَبَعضُ المَنايا تُنزِلُ الشَهدَ في الثَرى وَيَحطُطنَ في التُربِ الجِبالَ الرَواسِيا +يَقولونَ يَرثي الراحِلينَ فَوَيحَهُم أَأَمَّلتُ عِندَ الراحِلينَ الجَوازِيا +أَبَوا حَسَداً أَن أَجعَلَ الحَيَّ أُسوَةً لَهُم وَمِثالاً قَد يُصادِفُ حاذِيا +فَلَمّا رَثَيتُ المَيتَ أَقضي حُقوقَهُ وَجَدتُ حَسوداً لِلرُفاتِ وَشانِيا +إِذا أَنَت لَم تَرعَ العُهودَ لِهالِكٍ فَلَستَ لِحَيٍّ حافِظَ العَهدِ راعِيا +فَلا يَطوينَ المَوتُ عَهدَكَ مِن أَخٍ وَهَبهُ بِوادٍ غَيرِ واديكَ نائِيا +أَقامَ بِأَرضٍ أَنتَ لاقيهِ عِندَها وَإِن بِتُّما تَستَبعِدانِ التَلاقيِا +رَثَيتُ حَياةً بِالثَناءِ خَليقَةً وَحَلَّيتُ عَهداً بِالمَفاخِرِ حالِيا +وَعَزَّيتُ بَيتاً قَد تَبارَت سَماؤُهُ مَشايِخَ أَقماراً وَمُرداً دَرارِيا +إِلى اللَهِ إِسماعيلُ وَاِنزِل بِساحَةٍ أَظَلَّ النَدى أَقطارَها وَالنَواجِيا +تَرى الرَحمَةَ الكُبرى وَراءَ سَمائِها تَلُفُّ التُقى في سَيبِها وَالمَعاصِيا +لَدى مَلِكٍ لا يَمنَعُ الظِلَّ لائِذاً وَلا الصَفحَ تَوّاباً وَلا العَفوَ راجِيا +وَأُقسِمُ كُنتَ المَرءَ لَم يَنسَ دينَهُ وَلَم تُلهِهِ دُنياؤُهُ وَهيَ ماهِيا +وَكُنتَ إِذا الحاجاتُ عَزَّ قَضائُها لِحاجِ اليَتامى وَالأَرامِلِ قاضِيا +وَكُنتَ تُصَلّي بِالمُلوكِ جَماعَةً وَكُنتَ تَقومُ اللَيلَ بِالنَفسِ خالِيا +وَمَن يُعطَ مِن جاهِ المُلوكِ وَسيلَةً فَلا يَصنَعُ الخَيراتِ لَم يُعطَ غالِيا +وَكُنتَ الجَريءَ النَدبَ في كُلِّ مَوقِفٍ تَلَفتَ فيهِ الحَقُّ لَم يَلقَ حامِيا +بَصُرتُ بِأَخلاقِ الرِجالِ فَلَم أَجِد وَإِن جَلَتِ الأَخلاقُ لِلعَزمِ ثانِيا +مِنَ العَزمِ ما يُحيِ فُحولاً كَثيرَةً وَقَدَّمَ كافورَ الخَصِيِّ الطَواشِيا +وَما حَطَّ مِن رَبِّ القَصائِدِ مادِحاً وَأَنزَلَهُ عَن رُتبَةِ الشِعرِ هاجِيا +فَلَيسَ البَيانُ الهَجوَ إِن كُنتَ ساخِطاً وَلا هُوَ زورُ المَدحِ إِن كُنتَ راضِيا +وَلَكِن هُدى اللَهِ الكَريمِ وَوَحيُهُ حَمَلتَ بِهِ المِصباحَ في الناسِ هادِيا +تُفيضُ عَلى الأَحياءِ نوراً وَتارَةً تُضيءُ عَلى المَوتى الرَجامَ الدَواجِيا +هَياكِلُ تَفنى وَالبَيانُ مُخَلَّدٌ أَلا إِنَّ عِتقَ الخَمرِ يُنسي الأَوانِيا +ذَهَبتَ أَبا عَبدِ الحَميدِ مُبَرَّءاً مِنَ الذامِ مَحمودَ الجَوانِبِ زاكِيا +قَليلَ المَساوي في زَمانٍ يَرى العُلا ذُنوباً وَناسٍ يَخلُقونَ المَساوِيا +طَوَيناكَ كَالماضي تَلَقّاهُ غِمدُهُ فَلَم تَستَرِح حَتّى نَشَرناكَ ماضِيا +فَكُنتَ عَلى الأَفواهِ سيرَةَ مُجمِلِ وَكُنتَ حَديثاً في المَسامِعِ عالِيا +وَفَيتَ لِمَن أَدناكَ في ��لمُلكِ حِقبَةً فَكانَ عَجيباً أَن يَرى الناسُ وافِيا +أَثاروا عَلى آثارِ مَوتِكَ ضَجَّةً وَهاجوا لَنا الذِكرى وَرَدّوا اللَيالِيا +وَمَن سابَقَ التاريخَ لَم يَأمَنِ الهَوى مُلِجّاً وَلَم يَسلَم مِنَ الحِقدِ نازِيا +إِذا وَضَعَ الأَحياءُ تاريخَ جيلِهِم عَرَفتَ المُلاحي مِنهُمو وَالمُحابِيا +إِذا سَلِمَ الدُستورُ هانَ الَّذي مَضى وَهانَ مِنَ الأَحداثِ ما كانَ آتِيا +أَلا كُلُّ ذَنبٍ لِلَّيالي لِأَجلِهِ سَدَلنا عَلَيهِ صَفحَنا وَالتَناسِيا +أَحَقٌّ أَنَّهُم دَفَنوا عَلِيّا وَحَطّوا في الثَرى المَرءَ الزَكِيّا +فَما تَرَكوا مِنَ الأَخلاقِ سَمحاً عَلى وَجهِ التُرابِ وَلا رَضِيّا +مَضَوا بِالضاحِكِ الماضي وَأَلقوا إِلى الحُفَرِ الخَفيفَ السَمهَرِيّا +فَمَن عَونُ اللُغاتِ عَلى مُلِمٍّ أَصابَ فَصيحَها وَالأَعجَمِيّا +لَقَد فَقَدَت مُصَرِّفَها حَنيناً وَباتَ مَكانُهُ مِنها خَلِيّا +وَمَن يَنظُرُ الفُسطاطَ تَبكي بِفائِضَةٍ مِنَ العَبَراتِ رِيّا +أَلَم يَمشِ الثَرى قِحَةً عَلَيها وَكانَ رِكابُها نَحوَ الثُرَيّا +فَنَقَّبَ عَن مَواضِعِها عَلِيٌّ فَجَدَّدَ دارِساً وَجَلا خَفِيّا +وَلَولا جُهدُهُ اِحتَجَبَت رُسوماً فَلا دِمَناً تُريكَ وَلا نُؤِيّا +تَلَفَّتَتِ الفُنونُ وَقَد تَوَلّى فَلَم تَجِدِ النَصيرَ وَلا الوَلِيّا +سَلوا الآثارَ مَن يَغدو يُغالي بِها وَيَروحُ مُحتَفِظاً حَفِيّا +وَيُنزِلُها الرُفوفَ كَجَوهَرِيٍّ يُصَفِّفُ في خَزائِنِها الحُلِيّا +وَما جَهِلَ العَتيقَ الحُرَّ مِنها وَلا غَبِيَ المُقَلَّدَ وَالدَعِيّا +فَتىً عافَ المَشارِبَ مِن دَنايا وَصانَ عَنِ القَذى ماءَ المُحَيّا +أَبِيُّ النَفسِ في زَمَنٍ إِذا ما عَجَمتَ بَنيهِ لَم تَجِدِ الأَبِيّا +تَعَوَّدَ أَن يَراهُ الناسُ رَأساً وَلَيسَ يَرَونَهُ الذَنبَ الدَنِيّا +وَجَدتُ العِلمَ لا يَبني نُفوساً وَلا يُغني عَنِ الأَخلاقِ شَيّا +وَلَم أَرَ في السِلاحِ أَضَلَّ حَدّاً مِنَ الأَخلاقِ إِن صَحِبَت غَوِيّا +هُما كَالسَيفِ لا تُنصِفهُ يَفسُد عَلَيكَ وَخُذهُ مُكتَمِلاً سَوِيّا +غَديرٌ أَترَعَ الأَوطانَ خَيراً وَإِن لَم تَمتَلئ مِنهُ دَوِيّا +وَقَد تَأتي الجَداوِلُ في خُشوعٍ بِما قَد يُعجِزُ السَيلَ الأَتِيّا +حَياةُ مُعَلِّمٍ طَفِأَت وَكانَت سِراجاً يُعجِبُ الساري وَضِيّا +سَبَقتُ القابِسينَ إِلى سَناها وَرُحتُ بِنورِها أَحبو صَبِيّا +أَخَذتُ عَلى أَريبٍ أَلمَعِيٍّ وَمَن لَكَ بِالمُعَلَّمِ أَلمَعِيّا +وَرُبَّ مُعَلِّمٍ تَلقاهُ فَظّاً غَليظَ القَلبِ أَو فَدماً غَبِيّا +إِذا اِنتَدَبَ البَنونَ لَها سُيوفاً مِنَ الميلادِ رَدَّهُمُ عَصِيّا +إِذا رَشَدَ المُعَلِّمُ كانَ موسى وَإِن هُوَ ضَلَّ كانَ السامِرِيّا +وَرُبَّ مُعَلِّمينَ خَلَوا وَفاقوا إِلى الحُرِيَّةِ اِنساقوا هَدِيّا +أَناروا ظُلمَةَ الدُنيا وَكانوا لِنارِ الظالِمينَ بِها صِلِيّا +أَرِقتُ وَما نَسيتُ بَناتِ بومٍ عَلى المَطَرِيَّةِ اِندَفَعَت بُكِيّا +بَكَت وَتَأَوَّهَت فَوَهِمتُ شَرّاً وَقَبلِيَ داخَلَ الوَهمُ الذَكِيّا +قَلَبتُ لَها الحَذِيَّ وَكانَ مِنّي ضَلالاً أَن قَلَبتُ لَها الحَذِيّا +زَعَمتُ الغَيبَ خَلفَ لِسانِ طَيرٍ جَهِلتُ لِسانَهُ فَزَعَمتُ غِيّا +أَصابَ الغَيبَ عِندَ الطَيرِ قَومٌ وَصارَ البومُ بَينَهُمو نَبِيّا +إِذا غَنّاهُمو وَجَدوا سَطيحاً عَلى فَمِهِ وَأَفعى الجُرهُمِيّا +رَمى الغُربانُ شَيخَ تَنوخَ قَبلي وَراشَ مِنَ الطَويلِ لَها دَوِيّا +نَجا مِن ناجِذَيهِ كُلُّ لَحمٍ وَغودِرَ لَحمُهُنَّ بِهِ شَقِيّا +نَعَستُ فَما وَجَدتُ الغَمضَ حَتّى نَفَضتُ عَلى المَناحَةِ مُقلَتَيّا +فَقُلتُ نَذيرَةٌ وَبَلاغُ صِدقٍ وَحَقٌّ لَم يُفاجي مَسمَعَيّا +وَلَكِنَّ الَّذي بَكَتِ البَواكي خَليلٌ عَزَّ مَصرَعُهُ عَلَيّا +وَمَن يُفجَع بِحُرٍّ عَبقَرِيٍّ يَجِد ظُلمَ المَنِيَّةِ عَبقَرِيّا +وَمَن تَتَراخَ مُدَّتُهُ فَيُكثِر مِنَ الأَحبابِ لا يُحصي النَعِيّا +أَخي أَقبِل عَلَيَّ مِنَ المَنايا وَهاتِ حَديثَكَ العَذبَ الشَهِيّا +فَلَم أَعدِم إِذا ما الدورُ نامَت سَميراً بِالمَقابِرِ أَو نَجِيّا +يُذَكِّرُني الدُجى حَميماً هُنالِكَ باتَ أَو خِلّاً وَفِيّا +نَشَدتُكَ بِالمَنِيَّةِ وَهيَ حَقٌّ أَلَم يَكُ زُخرُفُ الدُنيا فَرِيّا +عَرَفتَ المَوتَ مَعنىً بَعدَ لَفظٍ تَكَلَّم وَاِكشِفِ المَعنى الخَبِيّا +أَتاكَ مِنَ الحَياةِ المَوتُ فَاِنظُر أَكُنتَ تَموتُ لَو لَم تُلفَ حَيّا +وَلِلأَشياءِ أَضدادٌ إِلَيها تَصيرُ إِذا صَبَرتَ لَها مَلِيّا +وَمُنقَلَبُ النُجومِ إِلى سُكونٍ مِنَ الدَوَرانِ يَطويهِنَّ طَيّا +فَخَبِّرني عَنِ الماضينَ إِنّي شَدَدتُ الرَحلَ أَنتَظِرُ المُضِيّا +وَصِف لي مَنزِلاً حُمِلوا إِلَيهِ وَما لَمَحوا الطَريقَ وَلا المُطِيّا +وَكَيفَ أَتى الغَنِيُّ لَهُ فَقيراً وَكَيفَ ثَوى الفَقيرُ بِهِ غَنِيّا +لَقَد لَبِسوا لَهُ الأَزياءَ شَتّى فَلَم يَقبَل سِوى التَجَربُدَ زِيّا +سَواءٌ فيهِ مَن وافى نَهاراً وَمَن قَذَفَ اليَهودُ بِهِ عَشِيّا +وَمَن قَطَعَ الحَياةَ صَدّاً وَجوعاً وَمَن مَرَّت بِهِ شِبَعاً وَرِيّا +وَمَيتٌ ضَجَّتِ الدُنيا عَلَيهِ وَآخَرُ ما تُحِسُّ لَهُ نَعِيّا +تاجَ البِلادِ تَحِيَّةٌ وَسَلامُ رَدَّتكَ مِصرُ وَصَحَّتِ الأَحلامُ +العِلمُ وَالمُلكُ الرَفيعُ كِلاهُما لَكَ يا فُؤادُ جَلالَةٌ وَمَقامُ +فَكَأَنَّكَ المَأمونُ في سُلطانِهِ في ظِلِّكَ الأَعلامُ وَالأَقلامُ +أَهدى إِلَيكَ الغَربُ مِن أَلقابِهِ في العِلمِ ما تَسمو لَهُ الأَعلامُ +مِن كُلِّ مَملَكَةٍ وَكُلِّ جَماعَةٍ يَسعى لَكَ التَقديرُ وَالإِعظامُ +ما هَذِهِ الغُرَفُ الزَواهِرُ كَالضُحى الشامِخاتُ كَأَنَّها الأَعلامُ +مِن كُلِّ مَرفوعِ العَمودِ مُنَوِّرٍ كَالصُبحِ مُنصَدِعٌ بِهِ الإِظلامُ +تَتَحَطَّمُ الأُمِّيَةُ الكُبرى عَلى عَرَصاتِهِ وَتُمَزَّقُ الأَوهامُ +هَذا البِناءُ الفاطِمِيُّ مَنارَةٌ وَقَواعِدٌ لِحَضارَةٍ وَدِعامُ +مَهدٌ تَهَيَّأَ لِلوَليدِ وَأَيكَةٌ سَيَرِنُّ فيها بُلبُلٌ وَحَمامُ +شُرُفاتُهُ نورُ السَبيلِ وَرُكنُهُ لِلعَبقَرِيَّةِ مَنزِلٌ وَمُقامُ +وَمَلاعِبٌ تُجري الحُظوظُ مَعَ الصِبا في ظِلِّهِنَّ وَتوهَبُ الأَقسامُ +يَمشي بِها الفِتيانُ هَذا مالَهُ نَفسٌ تُسَوِّدُهُ وَذاكَ عِصامُ +أَلقى أَواسيهِ وَطالَ بِرُكنِهِ نَفسٌ مِنَ الصَيدِ المُلوكِ كِرامُ +مِن آلِ إِسماعيلَ لا العَمّاتُ قَد قَصَّرنَ عَن كَرَمٍ وَلا الأَعمامُ +ل��م يُعطَ هِمَّتَهُم وَلا إِحسانَهُم بانٍ عَلى وادي المُلوكِ هُمامُ +وَبَنى فُؤادُ حائِطَيهِ يُعينُهُ شَعبٌ عَنِ الغاياتِ لَيسَ يَنامُ +اُنظُر أَبا الفاروقِ غَرسَكَ هَلَ دَنَت ثَمَراتُهُ وَبَدَت لَهُ أَعلامُ +وَهَل اِنثَنى الوادي وَفي فَمِهِ الجَنى وَأَتى العِراقُ مُشاطِراً وَالشامُ +في كُلِّ عاصِمَةٍ وَكُلِّ مَدينَةٍ شُبّانُ مِصرَ عَلى المَناهِلِ حاموا +كَم نَستَعيرُ الآخَرينَ وَنَجتَدي هَيهاتَ ما لِلعارِياتِ دَوامُ +اليَومَ يَرعى في خَمائِلِ أَرضِهِم نَشءٌ إِلى داعي الرَحيلِ قِيامُ +حُبٌّ غَرَستَ بِراحَتَيكَ وَلَم يَزَل يَسقيهِ مِن كِلتا يَدَيكَ غَمامُ +حَتّى أَنافَ عَلى قَوائِمِ سوقِهِ ثَمَراً تَنوءُ وَراءَهُ الأَكمامُ +فَقَريبُهُ لِلحاضِرينَ وَليمَةٌ وَبَعيدُهُ لِلغابِرينَ طَعامُ +عِظَةٌ لِفاروقٍ وَصالِحِ جيلِهِ فيما يُنيلُ الصَبرُ وَالإِقدامُ +وَنَموذَجٌ تَحذو عَلَيهِ وَلَم يَزَل بِسَراتِهِم يَتَشَبَّهُ الأَقوامُ +شَيَّدتَ صَرحاً لِلذَخائِرِ عالِياً يَأوي الجَمالُ إِلَيهِ وَالإِلهامُ +رَفٌّ عُيونُ الكُتبِ فيهِ طَوائِفٌ وَجَلائِلُ الأَسفارِ فيهِ رُكامُ +إِسكَندَرِيَّةُ عادَ كَنزُكِ سالِماً حَتّى كَأَن لَم يَلتَهِمهُ ضِرامُ +لَمَّتهُ مِن لَهَبِ الحَريقِ أَنامِلٌ بَردٌ عَلى ما لامَسَت وَسَلامُ +وَآسَت جِراحَتَكَ القَديمَةُ راحَةٌ جُرحُ الزَمانِ بِعُرفِها يَلتامُ +تَهَبُ الطَريفَ مِنَ الفَخارِ وَرُبَّما بَعَثَت تَليدَ المَجدِ وَهوَ رِمامُ +أَرَأَيتَ رُكنَ العِلمِ كَيفَ يُقامُ أَرَأَيتَ الاِستِقلالَ كَيفَ يُرامُ +العِلمُ في سُبُلِ الحَضارَةِ وَالعُلا حادٍ لِكُلِّ جَماعَةٍ وَزِمامُ +باني المَمالِكِ حينَ تَنشُدُ بانِياً وَمَثابَةُ الأَوطانِ حينَ تُضامُ +قامَت رُبوعُ العِلمِ في الوادي فَهَل لِلعَبقَرِيَّةِ وَالنُبوغِ قِيامُ +فَهُما الحَياةُ وَكُلُّ دورِ ثَقافَةٍ أَو دورِ تَعليمٍ هِيَ الأَجسامُ +ما العِلمُ ما لَم يَصنَعاهُ حَقيقَةً لِلطالِبينَ وَلا البَيانُ كَلامُ +يا مِهرَجانَ العِلمِ حَولَكَ فَرحَةٌ وَعَلَيكَ مِن آمالِ مِصرَ زِحامُ +ما أَشبَهَتكَ مَواسِمُ الوادي وَلا أَعيادُهُ في الدَهرِ وَهيَ عِظامُ +إِلّا نَهاراً في بَشاشَةِ صُبحِهِ قَعَدَ البُناةُ وَقامَتِ الأَهرامُ +وَأَطالَ خوفو في مَواكِبِ عِزِّهِ فَاِهتَزَّتِ الرَبَواتُ وَالآكامُ +يومي بِتاجٍ في الحَضارَةِ مُعرِقٍ تَعنو الجِباهُ لِعِزِّهِ وَالهامُ +تاجٌ تَنَقَّلَ في العُصورِ مُعَظَّماً وَتَأَلَّفَت دُوَلٌ عَلَيهِ جِسامُ +لَمّا اِضطَلَعتَ بِهِ مَشى فيهِ الهُدى وَمَراشِدُ الدُستورِ وَالإِسلامُ +سَبَقَت مَواكِبُكَ الرَبيعَ وَحُسنَهُ فَالنيلُ زَهوٌ وَالضِفافُ وِسامُ +الجيزَةُ الفَيحاءُ هَزَّت مَنكِباً سُبِغَ النَوالُ عَلَيهِ وَالإِنعامُ +لَبِسَت زَخارِفَها وَمَسَّت طيبَها وَتَرَدَّدَت في أَيكِها الأَنغامُ +قَد زِدتَها هَرَماً يُحَجُّ فِناؤُهُ وَيُشَدُّ لِلدُنيا إِلَيهِ حِزامُ +تَقِفُ القُرونُ غَداً عَلى دَرَجاتِهِ تُملي الثَناءَ وَتَكتُبُ الأَيّامُ +أَعوامُ جُهدٍ في الشَبابِ وَراءَها مِن جُهدِ خَيرِ كُهولَةٍ أَعوامُ +بَلَغَ البِناءُ عَلى يَدَيكَ تَمامُهُ وَلِكُلِّ ما تَبني يَداكَ تَمامُ +نُراوِحُ بِالحَوادِثِ أَو نُغادى وَنُنكِرُها وَنُعطيها القِيادا +وَنَحمِدُها وَما رَعَتِ الضَحايا وَلا جَزَتِ المَواقِفَ وَالجِهادا +لَحاها اللَهُ باعَتنا خَيالاً مِنَ الأَحلامِ وَاِشتَرَتِ اِتِّحادا +مَشَينا أَمسِ نَلقاها جَميعاً وَنَحنُ اليَومَ نَلقاها فُرادى +أَظَلَّتنا عَنِ الإِصلاحِ حَتّى عَجَزنا أَن نُناقِشها الفَسادا +تُلاقينا فَلا نَجِدُ الصَياصي وَنَلقاها فَلا نَجِدُ العَتادا +وَمَن لَقِيَ السِباعَ بِغَيرِ ظَفرٍ وَلا نابٍ تَمَزَّقَ أَو تَفادى +خَفَضنا مِن عُلُوِّ الحَقِّ حَتّى تَوَهَّمنا السِيادَةَ أَن نُسادا +وَلَمّا لَم نَنل لِلسَيفِ رَدّاً تَنازَعنا الحَمائِلَ وَالنِجادا +وَأَقبَلنا عَلى أَقوالِ زورٍ تَجيءُ الغَيَّ تَقلِبُهُ رَشادا +وَلَو عُدنا إِلَيها بَعدَ قَرنٍ رَحَمنا الطِرسَ مِنها وَالمِدادا +وَكَم سِحرٍ سَمِعنا مُنذُ حينٍ تَضاءَلَ بَينَ أَعيُنِنا وَنادى +هَنيئاً لِلعَدُوِّ بِكُلِّ أَرضٍ إِذا هُوَ حَلَّ في بَلَدٍ تَعادى +وَبُعداً لِلسِيادَةِ وَالمَعالي إِذا قَطَعَ القَرابَةَ وَالوِدادا +وَرُبَّ حَقيقَةٍ لا بُدَّ مِنها خَدَعنا النَشءَ عَنها وَالسَوادا +وَلَو طَلَعوا عَلَيها عالَجوها بِهِمَّةِ أَنفُسٍ عَظُمَت مُرادا +تُعِدُّ لِحادِثِ الأَيّامِ صَبراً وَآوِنَةً تُعِدُّ لَهُ عِنادا +وَتُخلِفُ بِالنَهيِ البيضَ المَواضي وَبِالخُلقِ المُثَقَّفَةِ الصِعادا +لَمَحنا الحَظَّ ناحِيَةً فَلَمّا بَلَغناها أَحَسَّ بِنا فَحادا +وَلَيسَ الحَظُّ إِلّا عَبقَرِيّاً يُحِبُّ الأَريَحِيَّةَ وَالسَدادا +وَنَحنُ بَنو زَمانٍ حُوَّلِيٍّ تَنَقَّلَ تاجِراً وَمَشى وَرادا +إِذا قَعَدَ العِبادُ لَهُ بِسوقٍ شَرى في السوقِ أَو باعَ العِبادا +وَتُعجِبُهُ العَواطِفُ في كِتابٍ وَفي دَمعِ المُشَخِّصِ ما أَجادا +يُؤَمِّنُنا عَلى الدُستورِ أَنّا نَرى مِن خَلفِ حَوزَتِهِ فُؤادا +أَبو الفاروقِ نَرجوهُ لِفَضلٍ وَلا نَخشى لِما وَهَبَ اِرتِدادا +مَلَأنا بِاِسمِهِ الأَفواهَ فَخراً وَلَقَّبناهُ بِالأَمسِ المَكادا +نُناجيهِ فَنَستَرعي حَكيماً وَنَسأَلُهُ فَنَستَجدي جَوادا +وَلَم يَزَلِ المُحَبَّبَ وَالمُفَدّى وَمَرهَمَ كُلِّ جُرحٍ وَالضِمادا +تَدَفَّقَ مَصرِفُ الوادي فَرَوّى وَصابَ غَمامُهُ فَسقى وَجادا +دَعا فَتَنافَسَت فيهِ نُفوسٌ بِمِصرَ لِكُلِّ صالِحَةٍ تُنادى +تُقَدِّمُ عَونَها ثِقَةً وَمالاً وَأَحياناً تُقَدِّمُهُ اِجتِهادا +وَأَقبَلَ مِن شَبابِ القَومِ جَمعٌ كَما بَنَتِ الكُهولُ بَنى وَشادا +كَأَنَّ جَوانِبَ الدارِ الخَلايا وَهُم كَالنَحلِ في الدارِ اِحتِشادا +فَيا داراً مِن الهِمَمِ العَوالي سُقيتِ التِبرَ لا أَرضى العِهادا +تَأَنّى حينَ أَسَّسَكِ اِبنُ حَربٍ وَحينَ بَنى دَعائِمَكِ الشِدادا +وَلا تُرجى المَتانَةُ في بِناءٍ إِذا البَنّاءُ لَم يُعطَ اِتِّئادا +بَنى الدارَ الَّتي كُنّا نَراها أَمانِيَّ المُخَيَّلِ أَو رُقادا +وَلَم يَبعُد عَلى نَفسٍ مَرامٌ إِذا رَكِبَت لَهُ الهِمَمُ البِعادا +وَلَم أَرَ بَعدَ قُدرَتِهِ تَعالى كَمَقدِرَةِ اِبنِ آدَمَ إِن أَرادا +جَرى وَالناسُ في رَيبٍ وَشَكٍّ يَرومُ السَبقَ فَاِختَرَقَ الجِيادا +وَعودِيَ دونَها حَتّى بَناها وَمِن شَأنِ المُجَدِّدِ أَن يُعادى +يَهونُ الكَيدُ مِن أَعدى عَدُوٍّ عَلَيكَ إِذا الوَلِيُّ سَعى وَكادا +فَجاءَت كَالنَهارِ إِذا تَجَلى عُلُوّاً في المَشارِقِ وَاِنطِيادا +نَصونُ كَرائِمَ الأَموالِ فيها وَنُنزِلُها الخَزائِنَ وَالنِضادا +وَنُخرِجُها فَتَكسِبُ ثُمَّ تَأوي رُجوعَ النَحلِ قَد حُمِّلنَ زادا +وَلَم أَرَ مِثلَها أَرضاً أَغَلَّت وَما سُقِيَت وَلا طَعَمَت سَمادا +وَلا مُستَودَعاً مالاً لِقَومٍ إِذا رَجَعوا لَهُ أَدّى وَزادا +وَمِن عَجَبٍ نُثَبِّتُها أُصولاً وَتِلكَ فُروعُها تَغَشى البِلادا +كَأَنَّ القُطرَ مِن شَوقٍ إِلَيها سَما قَبلَ الأَساسِ بِها عِمادا +وَلَو مَلَكَت كُنوزَ الأَرضِ كَفّي جَعَلتُ أَساسَها ماساً وَرادا +وَلَو أَنَّ النُجومَ عَنَت لِحُكمي فَرَشتُ النَيِّراتِ لَها مِهادا +نَبَذَ الهَوى وَصَحا مِنَ الأَحلامِ شَرقٌ تَنَبَّهَ بَعدَ طولِ مَنامِ +ثابَت سَلامَتُهُ وَأَقبَلَ صَحوُهُ إِلا بَقايا فَترَةٍ وَسَقامِ +صاحَت بِهِ الآجامُ هُنتَ فَلَم يَنَم أَعَلى الهَوانِ يُنامُ في الآجامِ +أُمَمٌ وَراءَ الكَهفِ جُهدُ حَياتِهِم حَرَكاتُ عَيشٍ في سُكونِ حِمامِ +نَفَضوا العُيونَ مِنَ الكَرى وَاِستَأنَفوا سَفَرَ الحَياةِ وَرِحلَةَ الأَيّامِ +مَن لَيسَ في رَكبِ الزَمانِ مُغَبِّراً فَاِعدُدهُ بَينَ غَوابِرِ الأَقوامِ +في كُلِّ حاضِرَةٍ وَكُلِّ قَبيلَةٍ هِمَمٌ ذَهَبنَ يَرُمنَ كُلَّ مَرامِ +مِن كُلِّ مُمتَنِعٍ عَلى أَرسانِهِ أَو جامِحٍ يَعدو بِنِصفِ لِجامِ +يا مِصرُ أَنتِ كِنانَةُ اللَهِ الَّتي لا تُستَباحُ وَلِلكِنانَةِ حامِ +اِستَقبِلي الآمالَ في غاياتِها وَتَأَمَّلي الدُنيا بِطَرفٍ سامِ +وَخُذي طَريفَ المَجدِ بَعدَ تَليدِهِ مِن راحَتَي مَلِكٍ أَغَرَّ هُمامِ +يُعنى بِسُؤدُدِ قَومِهِ وَحُقوقِهِم وَيَذودُ حياضَهُم وَيُحامي +ما تاجُكِ العالي وَلا نُوّابُهُ بِالحانِثينَ إِلَيكِ في الإِقسامِ +جَرَّبتِ نُعمى الحادِثاتِ وَبُؤسَها أَعَلِمتِ حالاً آذَنَت بِدَوامِ +عَبَسَت إِلَينا الحادِثاتُ وَطالَما نَزَلَت فَلَم تُغلَب عَلى الأَحلامِ +وَثَبَت بِقَومٍ يَضمِدونَ جِراحَهُم وَيُرَقِّدونَ نَوازِيَ الآلامِ +الحَقُّ كُلُّ سِلاحِهِم وَكِفاحِهِم وَالحَقُّ نِعمَ مُثَبِّتُ الأَقدامِ +يَبنونَ حائِطَ مُلكِهِم في هُدنَةٍ وَعَلى عَواقِبِ شِحنَةٍ وَخِصامِ +قُل لِلحَوادِثِ أَقدِمي أَو أَحجِمي إِنّا بَنو الإِقدامِ وَالإِحجامِ +نَحنُ النِيامُ إِذا اللَيالي سالَمَت فَإِذا وَثَبنَ فَنَحنُ غَيرُ نِيامِ +فينا مِنَ الصَبرِ الجَميلِ بَقِيَّةٌ لِحَوادِثٍ خَلفَ العُيوبِ جِسامِ +أَينَ الوُفودُ المُلتَقونَ عَلى القِرى المُنزَلونَ مَنازِلَ الأَكرامِ +الوارِثونَ القُدسَ عَن أَحبارِهِ وَالخالِفونَ أُمَيَّةً في الشامِ +الحامِلو الفُصحى وَنورِ بَيانِها يَبنونَ فيهِ حَضارَةَ الإِسلامِ +وَيُؤَلِّفونَ الشَرقَ في بُرهانِها لَمَّ الضِياءُ حَواشِيَ الإِظلامِ +تاقوا إِلى أَوطانِهِم فَتَحَمَّلوا وَهَوى الدِيارِ وَراءَ كُلِّ غَرامِ +ما ضَرَّ لَو حَبَسوا الرَكائِبَ ساعَةً وَثَنوا إِلى الفُسطاطِ فَضلَ زِمامِ +لِيُضيفَ شاهِدُهُم إِلى أَيّامِهِ يَوماً أَغَرَّ مُلَمَّحَ الأَعلامِ +وَيَرى وَيَسمَعُ كَيفَ عادَ حَقيقَةً ما كانَ مُمتَنِعاً عَلى الأَوهامِ +مِن هِمَّةِ المَحكومِ وَهوَ مُكَبَّلٌ بِالقَيدِ لا مِن هِمَّةِ الحُكّامِ +مِصرُ اِلتَقَت في مِهرَجانِ مُحَمَّدٍ وَتَجَمَّعَت لِتَحِيَّةٍ وَسَلامِ +هَزَّت مَناكِبَها لَهُ فَكَأَنَّهُ عُرسُ البَيانِ وَمَوكِبُ الأَقلامِ +وَكَأَنَّهُ في الفَتحِ عَمّورِيَّةٌ وَكَأَنَّني فيهِ أَبو تَمّامِ +أَسِمُ العُصورَ بِحُسنِهِ وأَنا الَّذي يَروي فَيَنتَظِمُ العُصورَ كَلامي +شَرَفاً مُحَمَّدُ هَكَذا تُبنى العُلا بِالصَبرِ آوِنَةً وَبِالإِقدامِ +هِمَمُ الرِجالِ إِذا مَضَتَ لَم يَثنِها خِدَعُ الثَناءِ وَلا عَوادي الذامِ +وَتَمامُ فَضلِكَ أَن يَعيبَكَ حُسَّدٌ يَجِدونَ نَقصاً عِندَ كُلِّ تَمامِ +المالُ في الدُنيا مَنازِلُ نُقلَةٍ مِن أَينَ جِئتَ لَهُ بِدارِ مُقامِ +فَرَفَعتَ إيواناً كَرُكنِ النَجمِ لَم يُضرَب عَلى كِسرى وَلا بَهرامِ +صَيَّرتَ طينَتَهُ الخُلودَ وَجِئتَ مِن وادي المُلوكِ بِجَندَلٍ وَرَغامِ +هَذا البِناءُ العَبقَرِيُّ أَتى بِهِ بَيتٌ لَهُ فَضلٌ وَحَقُّ ذِمامِ +كانَت بِهِ الأَرقامُ تُدرَكُ حِسبَةً وَاليَومَ جاوَزَ حِسبَةَ الأَرقامِ +يا طالَما شَغَفَ الظُنونَ وَطالَما كَثُرَ الرَجاءُ عَلَيهِ في الإِلمامِ +ما زِلتَ أَنتَ وَصاحِباكَ بِرُكنِهِ حَتّى اِستَقامَ عَلى أَعَزِّ دِعامِ +أَسَّستُمو بِالحاسِدينَ جِدارَهُ وَبَنَيتُمو بِمَعاوِلِ الهَدّامِ +شَرِكاتُكَ الدُنيا العَريضَةُ لَم تُنَل إِلّا بِطولِ رِعايَةٍ وَقِيامِ +اللَهُ سَخَّرَ لِلكِنانَةِ خازِناً أَخَذَ الأَمانَ لَها مِنَ الأَعوامِ +وَكَأَنَّ عَهدَكَ عَهدَ يوسُفَ كُلُّهُ ظِلٌّ وَسُنبُلَةٌ وَقَطرُ غَمامِ +وَكَأَنَّ مالَ المودِعينَ وَزَرعَهُم في راحَتَيكَ وَدائِعُ الأَيتامِ +ما زِلتَ تَبني رُكنَ كُلِّ عَظيمَةٍ حَتّى أَتَيتَ بِرابِعِ الأَهرامِ +اِتَّخَذتِ السَماءَ يا دارُ رُكنا وَأَوَيتِ الكَواكِبَ الزُهرَ سَكنا +وَجَمَعتِ السَعادَتَينِ فَباتَت فيكِ دُنيا الصَلاحِ لِلدينِ خِدنا +نادَما الدَهرَ في ذَراكِ وَفَضّا مِن سُلافِ الوِدادِ دَنّاً فَدَنّا +وَإِذا الخُلقُ كانَ عِقدَ وِدادٍ لَم يَنَل مِنهُ مَن وَشى وَتَجَنّى +وَأَرى العِلمَ كَالعِبادَةِ في أَب عَدِ غاياتِهِ إِلى اللَهِ أَدنى +واسِعَ الساحِ يُرسِلِ الفِكرَ فيها كُلُّ مَن شَكَّ ساعَةً أَو تَظَنّى +هَل سَأَلنا أَبا العَلاءِ وَإِن قَلَّ بَ عَيناً في عالَمِ الكَونِ وَسنى +كَيفَ يَهزا بِخالِقِ الطَيرِ مَن لَم يَعلَمِ الطَيرَ هَل بَكى أَو تَغَنّى +أَنتِ كَالشَمسِ رَفرَفاً وَالسِماكَي نِ رِواقاً وَكَالمَجَرَّةِ صَحنا +لَو تَسَتَّرتِ كُنتِ كَالكَعبَةِ الغَر راءِ ذَيلاً مِنَ الجَلالِ وَرُدنا +إِن تَكُن لِلثَوابِ وَالبِرِّ دارٌ أَنتِ لِلحَقِّ وَالمَراشِدِ مَغنى +قَد بَلَغتِ الكَمالَ في نِصفِ قَرنٍ كَيفَ إِن تَمَّتِ المَلاوَةُ قَرنا +لا تَعُدّي السِنينَ إِن ذُكِرَ العِل مُ فَما تَعلَمينَ لِلعَلمِ سِنّا +سَوفَ تَفنى في ساحَتَيكِ اللَيالي وَهوَ باقٍ عَلى المَدى لَيسَ يَفنى +يا عُكاظاً حَوى الشَبابَ فِصاحاً قُرَشِيّينَ في المَجامِعِ لُسنا +بَثَّهُم في كِنانَةِ اللَهِ نوراً مِن ظَلامٍ عَلى البَصائِرِ أَخنى +عَلَّموا بِالبَيانِ لا غُرَباءً فيهِ يَوماً وَلا أَعاجِمَ لُكنا +فِتيَةٌ مُحسِنونَ لَم يُخلِفو العِل مَ رَجاءً وَلا المُعَلِّمَ ظَنّا +صَدَعوا ظُلمَةً عَلى الريفِ حَلَّت وَأَضاؤوا الصَعيدَ سَهلاً وَحَزنا +مَن قَضى مِنهُمُ تَفَرَّقَ فِكراً في نُهى النَشءِ أَو تَقَسَّمَ ذِهنا +نادِ دارَ العُلومِ إِن شِئتَ ياعا ئِشُ أَو شِئتَ نادِها يا سُكَينا +قُل لَها يا اِبنَةَ المُبارَكِ إيهٍ قَد جَرَت كَاِسمِهِ أُمورُكِ يُمنا +هُوَ في المِهرَجانِ حَيٌّ شَهيدٌ يَجتَلي عُرسَ فَضلِهِ كَيفَ أَجنى +وَهوَ في العُرسِ إِن تَحَجَّبَ أَو لَم يَحتَجِب والِدُ العَروسِ المُهَنّا +ما جَرى ذِكرُهُ بِناديكَ حَتّى وَقَفَ الدَمعُ في الشُؤونِ فَأَثنى +رُبَّ خَيرٍ مُلِئتُ مِنهُ سُروراً ذَكَّرَ الخَيِّرينَ فَاِهتَجتُ حُزنا +أَدَرى إِذ بَناكِ أَن كانَ يَبني فَوقَ أَنفِ العَدُوِّ لِلضادِ حِصنا +حائِطُ المُلكِ بِالمَدارِسِ إِن شِئ تَ وَإِن شِئتَ بِالمَعاقِلِ يُبنى +اُنظُرِ الناسَ هَل تَرى لِحَياةٍ عُطِّلَت مِن نَباهَةِ الذِكرِ مَعنى +لا الغِنى في الرِجالِ نابَ عَنِ الفَض لِ وَسُلطانِهِ وَلا الجاهُ أَغنى +رُبَّ عاثٍ في الأَرضِ لَم تَجعَلِ الأَر ضُ لَهُ إِن أَقامَ أَو سارَ وَزنا +عاشَ لَم تَرمِهِ بِعَينٍ وَأَودى هَمَلاً لَم تُهِب لِناعيهِ أُذنا +نَظَمَ اللَهُ مُلكَهُ بِعِبادٍ عَبقَرِيّينَ أَورَثوا المُلكَ حُسنا +شَغَلَتهُم عَنِ الحَسودِ المَعالي إِنَّما يُحسَدُ العَظيمُ وَيُشنا +مِن ذَكِيِّ الفُؤادِ يورِثُ عِلماً أَو بَديعِ الخَيالِ يَخلُقُ فَنّا +كَم قَديمٍ كَرُقعَةِ الفَنِّ حُرٍّ لَم يُقَلِّل لَهُ الجَديدانِ شَأنا +وَجَديدٍ عَلَيهِ يَختَلِفُ الدَه رُ وَيَفنى الزَمانُ قَرناً فَقَرنا +فَاِحتَفِظ بِالذَخيرَتَينِ جَميعاً عادَةُ الفَطنِ بِالذَخائِرِ يُعنى +يا شَباباً سَقَونِيَ الوُدَّ مَحضاً وَسَقَوا شانِئي عَلى الغِلِّ أَجنا +كُلَّما صارَ لِلكُهولَةِ شِعري أَنشَدوهُ فَعادَ أَمرَدَ لَدنا +أُسرَةُ الشاعِرِ الرُواةُ وَما عَن نَوهُ وَالمَرءُ بِالقَريبِ مُعَنّى +هُم يَضُنّونَ في الحَياةِ بِما قا لَ وَيُلفَونَ في المَماتِ أَضَنّا +وَإِذا ما اِنقَضى وَأَهلوهُ لَم يَع دَم شَقيقاً مِنَ الرُواةِ أَوِ اِبنا +النُبوغَ النُبوغَ حَتّى تَنُصّوا رايَةَ العِلمِ كَالهِلالِ وَأَسنى +نَحنُ في صورَةِ المَمالِكِ ما لَم يُصبِحِ العِلمُ وَالمُعَلِّمُ مِنّا +لا تُنادوا الحُصونَ وَالسُفنَ وَاِدعوا ال عِلمَ يُنشِئ لَكُم حُصوناً وَسُفنا +إِنَّ رَكبَ الحَضارَةِ اِختَرَقَ الأَر ضَ وَشَقَّ السَماءَ ريحاً وَمُزنا +وَصَحِبناهُ كَالغُبارِ فَلا رَج لاً شَدَدنا وَلا رِكاباً زَمَمنا +دانَ آباؤُنا الزَمانَ مَلِيّاً وَمَلِيّاً لِحادِثِ الدَهرِ دِنّا +كَم نُباهي بِلَحدِ مَيتٍ وَكَم نَح مِلُ مِن هادِمٍ وَلَم يَبنِ مَنّا +قَد أَنى أَن نَقولَ نَحنُ وَلا نَس مَعُ أَبناءَنا يَقولونَ كُنّا +أَمسِ اِنقَضى وَاليَومُ مَرقاةُ الغَدِ إِسكَندَرِيَّةُ آنَ أَن تَتَجَدَّدي +يا غُرَّةَ الوادي وَسُدَّةَ بابِهِ رُدّي مَكانَكَ في البَرِيَّةِ يُردَدِ +فيضي كَأَمسِ عَلى العُلومِ مِنَ النُهى وَعَلى الفُنونِ مِنَ الجَمالِ السَرمَدي +وَسِمي النَبالَةَ بِالمَلاحِمِ تَتَّسِم وَسِمى الصَبابَةَ بِالعَواطِفِ تَخلُدِ +وَضَعي رِواياتِ الخَلاعَةِ وَالهَوى لِمُمَثِّلينَ مِنَ العُصورِ وَشُهَّدِ +لا تَجعَلي حُبَّ القَديمِ وَذِكرَهُ حَسَراتِ مِضياعٍ وَدَفعَ مُبَدَّدِ +إِنَّ القَديمَ ذَخيرَةٌ مِن صالِحٍ تَبني المُقَصِّرَ أَو تَحُثُّ المُقتَدي +لا تَفتِنَنكِ حَضارَةٌ مَجلوبَةٌ لَم يُبنَ حائِطُها بِمالِكِ وَاليَدِ +لَو مالَ عَنكِ شِراعُها وَبُخارُها لَم يَبقَ غَيرُ الصَيدِ وَالمُتَصَيِّدِ +وُجِدَت وَكانَ لِغَيرِ أَهلِكِ أَرضُها وَسَماؤُها وَكَأَنَّها لَم توجَدِ +جاري النَزيلَ وَسابِقيهِ إِلى الغِنى وَإِلى الحِجا وَإِلى العُلا وَالسُؤدُدِ +وَاِبني كَما يَبنى المَعاهِدَ وَاِشرِعي لِشَبابِكِ العِرفانَ عَذبَ المَورِدِ +إِنّي حَذِرتُ عَلَيكَ مِن أُمِّيَّةٍ رَبَضَت كَجُنحِ الغَيهَبِ المُتَلَبِّدِ +أَخِزانَةَ الوادي عَلَيكِ تَحِيَّةٌ وَعَلى النَدِيِّ وَكُلِّ أَبلَجَ في النَدي +ما أَنتِ إِلّا مِن خَزائِنِ يوسُفٍ بِالقَصدِ موحِيَةٌ لِمَن لَم يَقصِدِ +قُلِّدتِ مِن مالِ البِلادِ أَمانَةً يا طالَما اِفتَقَرَت إِلى المُتَقَلِّدِ +وَبَلَغتِ مِن إيمانِها وَرَجائِها ما يَبلُغُ المِحرابُ مِن مُتَعَبِّدِ +فَلَوَ اَنَّ أَستارَ الجَلالِ سَعَت إِلى غَيرِ العَتيقِ لَبِستِ مِمّا يَرتَدي +إِنّا نُعَظِّمُ فيكِ أَلوِيَةً عَلى جَنَباتِها حَشدٌ يَروحُ وَيَغتَدي +وَإِذا طَعِمتَ مِنَ الخَلِيَّةِ شَهدَها فَاِشهَد لِقائِدِها وَلِلمُتَجَنِّدِ +لا تَمنَحِ المَحبوبَ شُكرَكَ كُلَّهُ وَاِقرِن بِهِ شُكرَ الأَجيرِ المُجهَدِ +إِسكَندَرِيَّةُ شُرِّفَت بِعِصابَةٍ بيضِ الأَسِرَّةِ وَالصَحيفَةِ وَاليَدِ +خَدَموا حِمى الوَطَنِ العَزيزِ فَبورِكوا خَدَماً وَبورِكَ في الحِمى مِن سَيِّدِ +ما بالُ ذاكَ الكوخِ صَرَّحَ وَاِنجَلى عَن حائِطَي صَرحٍ أَشَمَّ مُمَرَّدِ +مِن كَسرِ بَيتٍ أَو جِدارِ سَقيفَةٍ رَفَعَ الثَباتُ بِنايَةً كَالفَرقَدِ +فَإِذا طَلَعتَ عَلى جَلالَةِ رُكنِها قُل تِلكَ إِحدى مُعجِزاتِ مُحَمَّدِ +لا يُقيمَنَّ عَلى الضَيمِ الأَسَد نَزَعَ الشِبلُ مِنَ الغابِ الوَتَد +كَبُرَ الشِبلُ وَشَبَّت نابُهُ وَتَغَطّى مَنكِباهُ بِاللُبَد +اِترُكوهُ يَمشِ في آجامِهِ وَدَعوهُ عَن حِمى الغابِ يَذُد +وَاِعرُضوا الدُنيا عَلى أَظفارِهِ وَاِبعَثوهُ في صَحاراها يَصِد +فِتيَةَ الوادي عَرَفنا صَوتَكُم مَرحَباً بِالطائِرِ الشادي الغَرِد +هُوَ صَوتُ الحَقِّ لَم يَبغِ وَلَم يَحمِلِ الحِقدَ وَلَم يُخفِ الحَسَد +وَخَلا مِن شَهوَةٍ ما خالَطَت صالِحاً مِن عَمَلٍ إِلّا فَسَد +حَرَّكَ البُلبُلُ عِطفَي رَبوَةٍ كانَ فيها البومُ بِالأَيكِ اِنفَرَد +زَنبَقُ المُدنِ وَرَيحانُ القُرى قامَ في كُلِّ طَريقٍ وَقَعَد +باكِراً كَالنَحلِ في أَسرابِها كُلُّ سِربٍ قَد تَلاقى وَاِحتَشَد +قَد جَنى ما قَلَّ مِن زَهرِ الرُبا ثُمَّ أَعطى بَدَلَ الزَهرِ الشُهُد +بَسَطَ الكَفَّ لِمَن صادَفَه وَمَضى يَقصُرُ خَطواً وَيَمُد +يَجعَلُ الأَوطانَ أُغنِيَتَه وَيُنادي الناسَ مَن جادَ وَجَد +كُلَّما مَرَّ بِبابٍ دَقَّهُ أَو رَأى داراً عَلى الدَربِ قَصَد +غادِياً في المُدنِ أَو نَحوَ القِرى رائِحاً يَسأَلُ قِرشاً لِلبَلَد +أَيُّها الناسُ اِسمَعوا أَصغوا لَهُ أَخرِجوا ا��مالَ إِلى البِرِّ يَعُد +لا تَرُدّوا يَدَهُم فارِغَةً طالِبُ العَونِ لِمِصرٍ لا يُرَد +سَيَرى الناسُ عَجيباً في غَدٍ يَغرِسُ القِرشُ وَيَبني وَيَلِد +يُنهِضُ اللَهُ الصِناعاتِ بِهِ مِن عِثارٍ لَبَثَت فيهِ الأَبَد +أَو يَزيدَ البِرَّ داراً قَعَدَت لِكِفاحِ السُلِّ أَو حَربِ الرَمَد +وَهوَ في الأَيدي وَفي قُدرَتِها لَم يَضِق عَنهُ وَلَم يَعجِز أَحَد +تِلكَ مِصرُ الغَدِ تَبني مُلكَها نادَتِ الباني وَجاءَت بِالعُدَد +وَعَلى المالِ بَنَت سُلطانَها ثابِتَ الآساسِ مَرفوعَ العَمَد +وَأَصارَت بَنكَ مِصرٍ كَهفَها حَبَّذا الرُكنُ وَأَعظِم بِالسَنَد +مَثَلٌ مِن هِمَّةٍ قَد بَعُدَت وَمَداها في المَعالي قَد بَعُد +رَدَّها العَصرُ إِلى أُسلوبِهِ كُلُّ عَصرٍ بِأَساليبَ جُدُد +البَنونَ اِستَنهَضوا آبائَهُم وَدَعا الشِبلُ مِنَ الوادي الأَسَد +أَصبَحَت مِصرُ وَأَضحى مَجدُها هِمَّةَ الوالِدِ أَو شُغلَ الوَلَد +هَذِهِ الهِمَّةُ بِالأَمسِ جَرَت فَحَوَت في طَلَبِ الحَقِّ الأَمَد +أَيُّها الجيلُ الَّذي نَرجو لِغَدٍ غَدُكَ العِزُّ وَدُنياكَ الرَغَد +أَنتَ في مَدرَجَةِ السَيلِ وَقَد ضَلَّ مَن في مَدرَجِ السَيلِ رَقَد +قُدتَ في الحَقِّ فَقُد في مِثلِهِ مِن نَواحي القَصدِ أَو سُبلِ الرَشَد +رُبَّ عامٍ أَنتَ فيهِ واجِدٌ وَاِدَّخِر فيهِ لِعامٍ لا تَجِد +عَلِّمِ الآباءَ وَاِهتِف قائِلاً أَيُّها الشَعبُ تَعاوَن وَاِقتَصِد +اِجمَعِ القِرشَ إِلى القِرشِ يَكُن لَكَ مِن جَمعِهِما مالٌ لُبَد +اُطلِبِ القُطنَ وَزاوِل غَيرَهُ وَاِتَّخِذ سوقاً إِذا سوقٌ كَسَد +نَحنُ قَبلَ القُطنِ كُنّا أُمَّةً تَهبِطُ الوادي وَتَرعى وَتَرِد +قَد أَخَذنا في الصِناعاتِ المَدى وَبَنَينا في الأَوالي ما خَلَد +وَغَزَلنا قَبلَ إِدريسَ الكُسا وَنَسَجنا قَبلَ داوُدَ الزَرَد +إِن تَكُ اليَومَ لِواءً قائِداً كَم لِواءٍ لَكَ بِالأَمسِ اِنعَقَد +خَطَونا في الجِهادِ خُطاً فِساحا وَهادَنّا وَلَم نُلقِ السِلاحا +رَضينا في هَوى الوَطَنِ المُفَدّى دَمَ الشُهَداءِ وَالمالَ المُطاحا +وَلَمّا سُلَّتِ البيضُ المَواضي تَقَلَّدنا لَها الحَقَّ الصُراحا +فَحَطَّمنا الشَكيمَ سِوى بَقايا إِذا عَضَّت أَرَيناها الجِماحا +وَقُمنا في شِراعِ الحَقِّ نَلقى وَنَدفَعُ عَن جَوانِبِهِ الرِياحا +نُعالِجُ شِدَّةً وَنَروضُ أُخرى وَنَسعى السَعيَ مَشروعاً مُباحا +وَنَستَولي عَلى العَقَباتِ إِلّا كَمينَ الغَيبِ وَالقَدَرَ المُتاحا +وَمَن يَصبِر يَجِد طولَ التَمَنّي عَلى الأَيّامِ قَد صارَ اِقتِراحا +وَأَيّامٍ كَأَجوافِ اللَيالي فَقَدنَ النَجمَ وَالقَمَرَ اللِياحا +قَضَيناها حِيالَ الحَربِ نَخشى بَقاءَ الرِقِّ أَو نَرجو السَراحا +تَرَكنَ الناسَ بِالوادي قُعوداً مِنَ الإِعياءِ كَالإِبِلِ الرَزاحى +جُنودُ السِلمِ لا ظَفَرٌ جَزاهُم بِما صَبَروا وَلا مَوتٌ أَراحا +وَلا تَلقى سِوى حَيٍّ كَمَيتٍ وَمَنزوفٍ وَإِن لَم يُسقَ راحا +تَرى أَسرى وَما شَهِدوا قِتالاً وَلا اِعتَقَلوا الأَسِنَّةَ وَالصِفاحا +وَجَرحى السَوطِ لا جَرحى المَواضي بِما عَمِلَ الجَواسيسُ اِجتِراحا +صَباحُكَ كانَ إِقبالاً وَسَعداً فَيا يَومَ الرِسالَةِ عِم صَباحا +وَما تَألوا نَهارَكَ ذِكرَياتٍ وَلا بُرهانَ عِزَّتِكَ اِلتِماحا +تَكادُ حِلاكَ في صَفَحاتِ مِصرٍ بِها التاريخُ يُفتَتَحُ اِفتِتاحا +جَلالُكَ عَن سَنا الأَضحى تَجَلّى وَنورُكَ عَن هِلالِ الفِطرِ لاحا +هُما حَقٌّ وَأَنتَ مُلِئتَ حَقّاً وَمَثَّلتَ الضَحِيَّةَ وَالسَماحا +بَعَثنا فيكَ هاروناً وَموسى إِلى فِرعَونَ فَاِبتَدَأَ الكِفاحا +وَكانَ أَعَزَّ مِن روما سُيوفاً وَأَطغى مِن قَياصِرِها رِماحا +يَكادُ مِنَ الفُتوحِ وَما سَقَتهُ يَخالُ وَراءَ هَيكَلِهِ فِتاحا +وَرُدَّ المُسلِمونَ فَقيلَ خابوا فَيا لَكِ خَيبَةً عادَت نِجاحا +أَثارَت وادِياً مِن غايَتَيهِ وَلامَت فُرقَةً وَأَسَت جِراحا +وَشَدَّت مِن قُوى قَومٍ مِراضٍ عَزائِمُهُم فَرَدَّتها صِحاحا +كَأَنَّ بِلالَ نودِيَ قُم فَأَذِّن فَرَجَّ شِعابَ مَكَّةَ وَالبِطاحا +كَأَنَّ الناسَ في دينٍ جَديدٍ عَلى جَنَباتِهِ اِستَبقوا الصِلاحا +وَقَد هانَت حَياتُهُمُ عَلَيهِم وَكانوا بِالحَياةِ هُمُ الشِحاحا +فَتَسمَعُ في مَآتِمِهِم غِناءً وَتَسمَعُ في وَلائِمِهِم نُواحا +حَوارِيّينَ أَوفَدنا ثِقاتٍ إِذا تُرِكَ البَلاغُ لَهُمُ فِصاحا +فَكانوا الحَقَّ مُنقَبِضاً حَيِيّاً تَحَدّى السَيفَ مُنصَلِتاً يَقاحا +لَهُم مِنّا بَراءَةُ أَهلِ بَدرٍ فَلا إِثماً نَعُدُّ وَلا جُناحا +تَرى الشَحناءَ بَينَهُمو عِتاباً وَتَحسَبُ جِدَّهُم فيها مُزاحا +جَعَلنا الخِلدَ مَنزِلَهُم وَزِدنا عَلى الخُلدِ الثَناءَ وَالاِمتِداحا +يَميناً بِالَّتي يُسعى إِلَيها غُدُوّاً بِالنَدامَةِ أَو رَواحا +وَتَعبَقُ في أُنوفِ الحَجِّ رُكناً وَتَحتَ جِباهِهِم رَحباً وَساحا +وَبِالدُستورِ وَهوَ لَنا حَياةٌ نَرى فيهِ السَلامَةَ وَالفَلاحا +أَخَذناهُ عَلى المُهَجِ الغَوالي وَلَم نَأخُذهُ نَيلاً مُستَماحا +بَنَينا فيهِ مِن دَمعٍ رِواقاً وَمِن دَمِ كُلِّ نابِتَةٍ جَناحا +لَما مَلَأَ الشَبابَ كَروحِ سَعدٍ وَلا جَعَلَ الحَياةَ لَهُم طِماحا +سَلوا عَنهُ القَضِيَّةَ هَل حَماها وَكانَ حِمى القَضِيَّةِ مُسَتباحا +وَهَل نَظَمَ الكُهولَ الصَيدَ صَفّاً وَأَلَفَّ مِن تَجارِبِهِم رَداحا +هُوَ الشَيخُ الفَتِيُّ لَوِ اِستَراحَت مِنَ الدَأبِ الكَواكِبُ ما اِستَراحا +وَلَيسَ بِذائِقِ النَومِ اِغتِباقاً إِذا دارَ الرُقادُ وَلا اِصطِباحا +فَيا لَكَ ضَيغَماً سَهِرَ اللَيالي وَناضَلَ دونَ غايَتِهِ وَلاحى +وَلا حَطَمَت لَكَ الأَيّامُ ناباً وَلا غَضَّت لَكَ الدُنيا صِياحا +مَعالي العَهدِ قُمتَ بِها فَطيما وَكانَ إِلَيكَ مَرجِعُها قَديما +تَنَقَّل مِن يَدٍ لِيَدٍ كَريماً كَروحِ اللَهِ إِذ خَلَفَ الكَليما +تَنحّى لِاِبنِ مَريَمَ حينَ جاءَ وَخَلّى النَجمُ لِلقَمَرِ الفَضاءَ +ضِياءٌ لِلعُيونِ تَلا ضِياءً يَفيضُ مَيامِناً وَهُدىً عَميما +كَذا أَنتُم بَني البَيتِ الكَريمِ وَهَل مُتَجَزِّئٌ ضَوءُ النُجومِ +وَأَينَ الشُهبُ مِن شَرَفٍ صَميمِ تَأَلَّقَ عِقدُهُ بِكُمو نَظيما +أَرى مُستَقبَلاً يَبدو عُجابا وَعُنواناً يُكِنُّ لَنا كِتابا +وَكانَ مُحَمَّدٌ أَمَلاً شِهابا وَكانَ اليَأسُ شَيطاناً رَجيما +وَأَشرَقَتِ الهَياكِلُ وَالمَباني كَما كانَت وَأَزيَنَ في الزَمانِ +وَأَصبَحَ ما تُكِنُّ مِنَ المَعاني عَلى الآفاقِ مَسطوراً رَ��يما +سَأَلتُ فَقيلَ لي وَضَعَتهُ طِفلاً وَهَذا عيدُهُ في مِصرَ يُجلى +فَقُلتُ كَذَلِكُم آنَستُ قَبلا وَكانَ اللَهُ بِالنَجوى عَليما +بِمُنتَزَهِ الإِمارَةِ هَلَّ فَجرا هِلالاً في مَنازِلِهِ أَغَرّا +فَباتَت مِصرُ حَولَ المَهدِ ثَغرا وَباتَ الثَغرُ لِلدُنيا نَديما +لِجيلِكَ في غَدٍ جيلِ المَعالي وَشَعبِ المَجدِ وَالهِمَمِ العَوالي +أَزُفُ نَوابِغَ الكَلِمِ الغَوالي وَأَهدي حِكمَتي الشَعبَ الحَكيما +إِذا أَقبَلتَ يا زَمَن البَنينا وَشَبّوا فيكَ وَاِجتازوا السِنينا +فَدُر مِن بَعدِنا لَهُمو يَمينا وَكُن لِوُرودِكَ الماءَ الحَميما +وَيا جيلَ الأَميرِ إِذا نَشَأنا وَشاءَ الجَدُّ أَن تُعطى وَشِئتا +فَخُذ سُبُلاً إِلى العَلياءِ شَتّى وَخَلِّ دَليلَكَ الدينَ القَويما +وَضِنَّ بِهِ فَإِنَّ الخَيرَ فيهِ وَخُذهُ مِنَ الكِتابِ وَما يَليهِ +وَلا تَأخُذهُ مِن شَفَتَي فَقيهِ وَلا تَهجُر مَعَ الدينِ العُلوما +وَثِق بِالنَفسِ في كُلِّ الشُؤونِ وَكُن مِمّا اِعتَقدتَ عَلى يَقينِ +كَأَنَّكَ مِن ضَميرِكَ عِندَ دينٍ فَمِن شَرَفِ المَبادِئِ أَن تُقيما +وَإِن تَرُمِ المَظاهِرَ في الحَياةِ فَرُمها بِاِجتِهادِكَ وَالثَباتِ +وَخُذها بِالمَساعي باهِراتِ تُنافِسُ في جَلالَتِها النُجوما +وَإِن تَخرُج لِحَربٍ أَو سَلامِ فَأَقدِم قَبلَ إِقدامِ الأَنامِ +وَكُن كَاللَيثِ يَأتي مِن أَمامِ فَيَملَأُ كُلَّ ناطِقَةٍ وُجوما +وَكُن شَعبَ الخَصائِصِ وَالمَزايا وَلا تَكُ ضائِعاً بَينَ البَرايا +وَكُن كَالنَحلِ وَالدُنيا الخَلايا يَمُرُّ بِها وَلا يَمضي عَقيما +وَلا تَطمَح إِلى طَلَبِ المُحالِ وَلا تَقنَع إِلى هَجرِ المَعالي +فَإِن أَبطَأنَ فَاِصبِر غَيرَ سالِ كَصَبرِ الأَنبِياءِ لَها قَديما +وَلا تَقبَل لِغَيرِ اللَهِ حُكماً وَلا تَحمِل لِغَيرِ الدَهرِ ظُلما +وَلا تَرضَ القَليلَ الدونَ قِسما إِذا لَم تَقدِرِ الأَمرَ المَروما +وَلا تَيأَس وَلا تَكُ بِالضَجورِ وَلا تَثِقَنَّ مِن مَجرى الأُمورِ +فَلَيسَ مَعَ الحَوادِثِ مِن قَديرِ وَلا أَحَدٌ بِما تَأتي عَليما +وَفي الجُهّالِ لا تَضَعِ الرَجاءَ كَوَضعِ الشَمسِ في الوَحَلِ الضِياءَ +يَضيعُ شُعاعُها فيهِ هَباءَ وَكانَ الجَهلُ مَمقوتاً ذَميما +وَبالِغ في التَدَبُّرِ وَالتَحَرّي وَلا تَعجَل وَثِق مِن كُلِّ أَمرِ +وَكُن كَالأُسدِ عِندَ الماءِ تَجري وَلَيسَت وُرَّداً حَتّى تَحوما +وَما الدُنيا بِمَثوىً لِلعِبادِ فَكُن ضَيفَ الرِعايَةِ وَالوِدادِ +وَلا تَستَكثِرَنَّ مِنَ الأَعادي فَشَرُّ الناسِ أَكثَرُهُم خُصوما +وَلا تَجعَل تَوَدُّدُكَ اِبتِذالاً وَلا تَسمَح بِحِلمِكَ أَن يُذالا +وَكُن ما بَينَ ذاكَ وَذاكَ حالا فَلَن تُرضي العَدُوَّ وَلا الحَميما +وَصَلِّ صَلاةَ مَن يَرجو وَيَخشى وَقَبلَ الصَومِ صُم عَن كُلِّ فَحشا +وَلا تَحسَب بِأَنَّ اللَهَ يُرشى وَأَنَّ مُزَكّياً أَمِنَ الجَحيما +لِكُلِّ جَنىً زَكاةً في الحَياةِ وَمَعنى البِرِّ في لَفظِ الزَكاةِ +وَما لِلَّهُ فينا مِن جُباةِ وَلا هُوَ لِاِمرِئٍ زَكّى غَريما +فَإِن تَكُ عالِماً فَاِعمَل وَفَطِّن وَإِن تَكُ حاكِماً فَاِعدِل وَأَحسِن +وَإِن تَكُ صانِعاً شَيئاً فَأَتقِن وَكُن لِلفَرضِ بَعدَئِذٍ مُقيما +وَصُن ل��غَةً يَحُقُّ لَها الصِيانُ فَخَيرُ مَظاهِرِ الأُمِّ البَيانُ +وَكانَ الشَعبُ لَيسَ لَهُ لِسانُ غَريباً في مَواطِنِهِ مَضيما +أَلَم تَرَها تُنالُ بِكُلِّ ضَيرٍ وَكانَ الخَيرُ إِذ كانَت بِخَيرِ +أَيَنطِقُ في المَشارِقِ كُلُّ طَيرِ وَيَبقى أَهلُها رَخَماً وَبوما +فَعَلِّمها صَغيرَكَ قَبلَ كُلِّ وَدَع دَعوى تَمَدُّنِهِم وَخَلِّ +فَما بِالعِيِّ في الدُنيا التَحَلّي وَلا خَرَسُ الفَتى فَضلاً عَظيما +وَخُذ لُغَةَ المُعاصِرِ فَهيَ دُنيا وَلا تَجعَل لِسانَ الأَصلِ نَسيا +كَما نَقَلَ الغُرابُ فَضَلَّ مَشياً وَما بَلَغَ الجَديدَ وَلا القَديما +لِجيلِكَ يَومَ نَشأَتِهِ مَقالي فَأَمّا أَنتَ يا نَجلَ المَعالي +فَتَنظُرُ مِن أَبيكَ إِلى مِثالٍ يُحَيِّرُ في الكَمالاتِ الفُهوما +نَصائِحُ ما أَرَدتُ بِها لِأَهدي وَلا أَبغي بِها جَدواكَ بَعدي +وَلَكِنّي أُحِبُّ النَفعَ جَهدي وَكانَ النَفعُ في الدُنيا لُزوما +فَإِن أُقرِئتَ يا مَولايَ شِعري فَإِنَّ أَباكَ يَعرِفُهُ وَيَدري +وَجَدُّكَ كانَ شَأوي حينَ أَجري فَأَصرَعُ في سَوابِقِها تَميما +بَنونا أَنتَ صُبحُهُمُ الأَجَلُّ وَعَهدُكَ عِصمَةٌ لَهُمو وَظِلُّ +فَلِم لا نَرتَجيكَ لَهُم وَكُلٌّ يَعيشُ بِأَن تَعيشَ وَأَن تَدوما +أَحمُدُكَ اللَهَ وَأُطري الأَنبِياء مَصدَرَ الحِكمَةِ طُرّاً وَالضِياء +وَلَهُ الشُكرُ عَلى نُعمى الوُجود وَعَلى ما نِلتُ مِن فَضلٍ وَجود +اُعبُدِ اللَهَ بِعَقلٍ يا بُنَيَّ وَبِقَلبٍ مِن رَجاءِ اللَهِ حَي +اُرجُهُ تُعطَ مَقاليدَ الفَلَك وَاِخشَهُ خَشيَةَ مَن فيهِ هَلَك +اُنظُرِ المُلكَ وَأَكبِر ما خَلَق وَتَمَتَّع فيهِ مِن خَيرٍ رَزَق +أَنتَ في الكَونِ مَحَلُّ التَكرِمَه كُلُّ شَيءٍ لَكَ عَبدٌ أَو أَمَه +سُخِّرَ العالَمُ مِن أَرضٍ وَماء لَكَ وَالريحُ وَما تَحتَ السَماء +اُذكُرِ الآيَةَ إِذ أَنتَ جَنين لَكَ في الظُلمَةِ لِلنورِ حَنين +كُلَّ يَومٍ لَكَ شَأنٌ في الظُلَم حارَ فيهِ كُلُّ بُقراطٍ عَلَم +كانَ في جَنبِكَ شَيءٌ مِن عَلَقَ حينَ مَسَّتهُ يَدُ اللَهِ خَفَق +صارَ حِسّاً وَحَياةً بَعدَما كانَ في الأَضلاعِ لَحماً وَدَما +دَقَّ كَالناقوسِ وَسطَ الهَيكَل في اِنتِفاضٍ كَاِنتِفاضِ البُلبُل +قُل لِمَن طَبَّبَ أَو مَن نَجَّما صَنعَةُ اللَهِ وَلَكِن زِغتُما +آمِنا بِاللَهِ إيمانَ العَجوز إِنَّ غَيرَ اللَهِ عَقلاً لا يَجوز +أَيُّها الطالِبُ لِلعِلمِ اِستَمِع خَيرَ ما في طَلَبِ العِلمِ جُمِع +هُوَ إِن أوتيتَهُ أَسنى النِعَم هَل تَرى الجُهّالَ إِلّا كَالنَعَم +اُطلُبِ العِلمَ لِذاتِ العِلمِ لا لِظُهورٍ باطِلٍ بَينَ المَلا +عِندَ أَهلِ العِلمِ لِلعِلمِ مَذاق فَإِذا فاتَكَ هَذا فَاِفتِراق +طَلَبُ المَحرومِ لِلعِلمِ سُدى لَيسَ لِلأَعمى عَلى الضَوءِ هُدى +فَإِذا فاتَكَ تَوفيقُ العَليم فَاِمتَنِع عَن كُلِّ تَحصيلٍ عَقيم +وَاِطلُبِ الرِزقَ هُنا أَو هَهُنا كَم مَعَ الجَهلِ يَسارٌ وَغِنى +كُلُّ ما عَلَّمَكَ الدَهرُ اِعلَمِ التَجاريبُ عُلومُ الفَهِمِ +إِنَّما الأَيّامُ وَالعَيشُ كِتاب كُلَّ يَومٍ فيهِ لِلعِبرَةِ باب +إِن رُزِقتَ العِلمَ زِنهُ بِالبَيان ما يُفيدُ العَقلُ إِن عَيَّ اللِسان +كَم عَليمٍ سَقَطَ العِيُّ بِهِ مُظلِمٌ لا تَهتَدي في كُتبِهِ +وَأَديبٍ فاتَهُ العِلمُ فَما جاءَ بِالحِكمَةِ فيما نَظَما +إِنَّ لِلعِلمِ جَميعاً فَلسَفَه مَن تَغِب عَنهُ تَفُتهُ المَعرِفَه +اِقرَإِ التاريخَ إِذ فيهِ العِبَر ضاعَ قَومٌ لَيسَ يَدرونَ الخَبَر +كُن إِلى المَوتِ عَلى حُبِّ الوَطَن مَن يَخُن أَوطانَهُ يَوماً يُخَن +وَطَنُ المَرءِ جَماهُ المُفتَدى يَذكُرُ المِنَّةَ مِنهُ وَاليَدا +قَد عَرَفتَ الدارَ وَالأَهلَ بِهِ كُلُّ حُبٍّ شُعبَةٌ مِن حُبِّهِ +هُوَ مَحبوبُكَ بادٍ مُحتَجِب يَعرِفُ الشَوقَ لَهُ مَن يَغتَرِب +لَكَ مِنهُ في الصِبا مَهدٌ رَحيم فَإِذا وُريتَ فَالقَبرُ الكَريم +كَم عَزيزٍ عِندَكَ اِستَودَعتَهُ وَعُهودٍ بَعدَكَ اِستَرعَيتَهُ +وَدَفينٍ لَكَ فيهِ كَرُما تَذرِفُ الدَمعَ لِذِكراهُ دَما +كُن نَشيطاً عامِلاً جَمَّ الأَمَل إِنَّما الصِحَّةُ وَالرِزقُ العَمَل +كُلُّ ما أَتقَنتَ مَحبوبٌ وَجيه مُتقَنُ الأَعمالِ سِرُّ اللَهِ فيه +يُقبِلُ الناسُ عَلى الشَيءِ الحَسَن كُلُّ شَيءٍ بِجَزاءٍ وَثَمَن +اِنظُرِ الآثارَ ما أَزيَنَها قَد حَباها الخُلدَ مَن أَتقَنَها +تِلكَ آثارُ بَني مِصرَ الأُوَل أَتقَنوا الصَنعَةَ حَتّى في الجُعَل +أَيُّها التاجِرُ بُلِّغتَ الأَرَب طالِعُ التاجِرِ في حُسنِ الأَدَب +بابُ حانوتِكَ بابُ الرازِقِ لا تُفارِق بابَهُ أَو فارِقِ +وَاِحتَرِم في بابِهِ مَن دَخَلا كُلُّهُم مِنهُ رَسولٌ وَصَلا +تاجِرُ القَومِ صَدوقٌ وَأَمين لَفظَةٌ مِن فيهِ لِلقَومِ يَمين +إِنَّ لِلإِقدامِ ناساً كَالأُسُد فَتَشَبَّه إِنَّ مَن يُقدِم يَسُد +مِنهُمو كُلُّ فَتىً سادَ وَشاد مِنهُمو إِسكَندَرٌ وَاِبنُ زِياد +وَشُجاعُ النَفسِ مِنهُم في الكُروب كَشُجاعِ القَلبِ في وَقتِ الحُروب +وابِلٌ سُقراطُ وَالشُجعانُ طَل إِنَّما مَن يَنصُرُ الحَقَّ البَطَل +هُم جَمالُ الدَهرِ حيناً بَعدَ حين مِن غُزاةٍ أَو دُعاةٍ مُصلِحين +لَهُمُ مِن هَيبَةٍ عِندَ الأُمَم ما لِراعي غَنَمٍ عِندَ الغَنَم +قُل إِذا خاطَبتَ غَيرَ المُسلِمين لَكُمو دينٌ رَضيتُم وَلِيَ دين +خَلِّ لِلدَيّانِ فيهِم شانَهُ إِنَّهُ أَولى بِهِم سُبحانَهُ +كُلُّ حالٍ صائِرٌ يَوماً لِضِدّ فَدَعِ الأَقدارَ تجري وَاِستَعَدّ +فَلَكٌ بِالسَعدِ وَالنَحسِ يَدور لا تُعارِض أَبَداً مَجرى الأُمور +قُل إِذا شِئتَ صُروفٌ وَغِيَر وَإِذا شِئتَ قَضاءٌ وَقَدَر +وَاِعمَلِ الخَيرَ فَإِن عِشتَ لَقي طَيِّبَ الحَمدِ وَإِن مُتَّ بَقي +مَن يَمُت عَن مِنَّةٍ عِندَ يَتيم فَرَحيمٌ سَوفَ يُجزى مِن رَحيم +كُن كَريماً إِن رَأى جُرحاً أَسا وَتَعَهَّد وَتَوَلَّ البُوَسا +وَاِسخُ في الشِدَّةِ وَاِزدَد في الرَخاء كُلُّ خُلقٍ فاضِلٍ دونَ السَخاء +فَبِهِ كُلُّ بَلاءٍ يُدفَعُ لَستَ تَدري في غَدٍ ما يَقَعُ +جامِلِ الناسَ تَحُز رِقَّ الجَميع رُبَّ قَيدٍ مِن جَميلٍ وَصَنيع +عامِلِ الكُلَّ بِإِحسانٍ تُحَب فَقَديماً جَمَّلَ المَرءَ الأَدَب +وَتَجَنَّب كُلَّ خُلقٍ لَم يَرُق إِنَّ ضيقَ الرِزقِ مِن ضيقِ الخُلُق +وَتَواضَع في اِرتِفاعٍ تُعتَبَر فَهُما ضِدّانِ كِبَرٌ وَكِبَر +كُلُّ حَيٍّ ما خَلا اللَهَ يَموت فَاِترُكِ الكِبرَ لَهُ وَالجَبَروت +وَأَرِح جَنبَكَ مِن داءِ الحَسَد كَم حَسودٍ قَد تَوَفّاهُ الكَمَد +وَإِذا أُغضِبتَ فَاِغضَب لِعَظيم شَرَفٍ قَد مُسَّ أَو عِرضٍ كَريم +وَتَجَنَّب في الصَغيراتِ الغَضَب إِنَّهُ كَالنارِ وَالرُشدُ الَحطَب +اِطلُبِ الحَقَّ بِرِفقٍ تُحمَدِ طالِبُ الحَقِّ بِعُنفٍ مُعتَدِ +وَاِعصِ في أَكثَرِ ما تَأتي الهَوى كَم مُطيعٍ لِهَوى النَفسِ هَوى +اُذكُرِ المَوتَ وَلا تَفزَع فَمَن يَحقِرِ المَوتَ يَنَل رِقَّ الزَمَن +أَحبِبِ الطِفلَ وَإِن لَم يَكُ لَك إِنَّما الطِفلُ عَلى الأَرضِ مَلَك +هُوَ لُطفُ اللَهِ لَو تَعلَمُهُ رَحِمَ اللَهُ اِمرَءاً يَرحَمُهُ +عَطفَةٌ مِنهُ عَلى لُعبَتِهِ تُخرِجُ المَحزونَ مِن كُربَتِهِ +وَحَديثٌ ساعَةَ الضيقِ مَعَه يَملَلأُ العَيشَ نَعيماً وَسَعَه +يا مُديمَ الصَومِ في الشَهرِ الكَريم صُم عَنِ الغيبَةِ يَوماً وَالنَميم +وَإِذا صَلَّيتَ خَف مَن تَعبُدُ كَم مُصَلٍّ ضَجَّ مِنهُ المَسجِدُ +وَاِجعَلِ الحَجَّ إِلى أُمِّ القُرى غِبَّ حَجٍّ لِبُيوتِ الفُقَرا +هَكَذا طَهَ وَمَن كانَ مَعَه مِن وَقارِ اللَهِ أَلّا تَخدَعَه +وَتَسَمَّح وَتَوَسَّع في الزَكاه إِنَّها مَحبوبَةٌ عِندَ الإِلَه +فَرَضَ البِرَّ بِها فَرضُ حَكيم فَإِذا ما زِدتَ فَاللَهُ كَريم +لَيسَ لي في طِبِّ جالينوسَ باع بَيدَ أَنَّ العَيشَ دَرسٌ وَاِطِّلاع +اِحذَرِ التُخمَةَ إِن كُنتَ فَهِم إِنَّ عِزرائيلَ في حَلقِ النَهِم +وَاِتَّقِ البَردَ فَكَم خَلقٍ قَتَل مَن تَوَقّاهُ اِتَّقى نِصفَ العِلَل +اِتَّخِذ سُكناكَ في تَلقِ الجَواء بَينَ شَمسٍ وَنَباتٍ وَهَواء +خَيمَةٌ في البيدِ خَيرٌ مِن قُصور تَبخَلُ الشَمسُ عَلَيها بِالمُرور +في غَدٍ تَأوي إِلى قَفرٍ حَلِك يَستَوي الصُعلوكُ فيهِ وَالمَلِك +وَاِترُكِ الخَمرَ لِمَشغوفٍ بِها لا يَرى مَندوحَةً عَن شُربِها +لا تُنادِم غَيرَ مَأمونٍ كَريم إِنَّ عَقلَ البَعضِ في كَفِّ النَديم +وَعَنِ المَيسِرِ ما اِسطَعتَ اِبتَعِد فَهوَ سُلُّ المالِ بَل سُلُّ الكَبِد +وَتَعَشَّق وَتَعَفَّف وَاِتَّقِ مادَرى اللَذَّةَ مَن لَم يَعشَقِ +دامَت مَعاليكَ فينا يا اِبنَ فاطِمَةٍ وَدامَ مِنكُم لِأُفقِ البَيتِ نِبراسُ +قُل لِلخِديوِ إِذا وافَيتَ سُدَّتَهُ تَمشي إِلَيهِ وَيَمشي خَلفَكَ الناسُ +حَجُّ الأَميرِ لَهُ الدُنيا قَدِ اِبتَهَجَت وَالعَودُ وَالعيدُ أَفراحٌ وَأَعراسُ +فَلتَحيَ مِلَّتُنا فَلتَحيَ أُمَّتُنا فَليَحيى سُلطانُنا فَليَحيى عَبّاسُ +أَبكيكَ إِسماعيلَ مِصرَ وَفي البُكا بَعدَ التَذَكُّرِ راحَةُ المُستَعبِرِ +وَمِنَ القِيامِ بِبَعضِ حَقِّكَ أَنَّني أَرقى لِعِزِّكَ وَالنَعيمِ المُدبِرِ +هَذي بُيوتُ الرومِ كَيفَ سَكَنتَها بَعدَ القُصورِ المُزرِياتِ بِقَيصَرِ +وَمِنَ العَجائِبِ أَنَّ نَفسَكَ أَقصَرَت وَالدَهرُ في إِحراجِها لَم يُقصِرِ +ما زالَ يُخلي مِنكَ كُلَّ مَحِلَّةٍ حَتّى دُفِعتَ إِلى المَكانِ الأَقفَرِ +نَظَرَ الزَمانُ إِلى دِيارِكَ كُلِّها نَظَرَ الرَشيدِ إِلى مَنازِلِ جَعفَرِ +اللَهُ يَحكُمُ في المَدائِنِ وَالقُرى يا ميتَ غَمرَ خُذي القَضاءَ كَما جَرى +ما جَلَّ خَطبٌ ثُمَّ قيسَ بِغَيرِهِ إِلّا وَهَوَّنَهُ القِياسُ وَصَغَّرا +فَسَلي عَمورَةَ أَو سدونَ تَأَسِّياً أَو مَرتَنيقَ غَداةَ وُورِيَتِ الثَرى +مُدنٌ لَقينَ مِنَ القَضاءِ وَنارِهِ ش��رَراً بِجَنبِ نَصيبِها مُستَصغَرا +هَذي طُلولُكِ أَنفُساً وَحِجارَةً هَل كُنتِ رُكناً مِن جَهَنَّمَ مُسعَرا +قَد جِئتُ أَبكيها وَآخُذُ عِبرَةً فَوَقَفتُ مُعتَبِراً بِها مُستَعبِرا +أَجِدُ الحَياةَ حَياةَ دَهرٍ ساعَةً وَأَرى النَعيمَ نَعيمَ عُمرٍ مُقصِرا +وَأَعُدُّ مِن حَزمِ الأُمورِ وَعَزمِها لِلنَفسِ أَن تَرضى وَأَلّا تَضجَرا +ما زِلتُ أَسمَعُ بِالشَقاءِ رِوايَةً حَتّى رَأَيتُ بِكِ الشَقاءَ مُصَوَّرا +فَعَلَ الزَمانُ بِشَملِ أَهلِكِ فِعلَهُ بِبَني أُمَيَّةَ أَو قَرابَةِ جَعفَرا +بِالأَمسِ قَد سَكَنوا الدِيارَ فَأَصبَحوا لا يَنظُرونَ وَلا مَساكِنُهُم تُرى +فَإِذا لَقيتَ لَقيتَ حَيّاً بائِساً وَإِذا رَأَيتَ رَأَيتَ مَيتاً مُنكَرا +وَالأُمَّهاتُ بِغَيرِ صَبرٍ هَذِهِ تَبكي الصَغيرَ وَتِلكَ تَبكي الأَصغَرا +مِن كُلِّ مودِعَةِ الطُلولِ دُموعَها مِن أَجلِ طِفلٍ في الطُلولِ اِستَأخَرا +كانَت تُؤَمِّلُ أَن تَطولَ حَياتُهُ وَاليَومَ تَسأَلُ أَن يَعودَ فَيُقبَرا +طَلَعَت عَلَيكِ النارُ طَلعَةَ شُؤمِها فَمَحَتكِ آساساً وَغَيَّرَتِ الذُرا +مَلَكَت جِهاتِكِ لَيلَةً وَنَهارَها حَمراءَ يَبدو المَوتُ مِنها أَحمَرا +لا تَرهَبُ الطوفانَ في طُغيانِها لَو قابَلَتهُ وَلا تَهابُ الأَبحُرا +لَو أَنَّ نيرونُ الجَمادَ فُؤادُهُ يُدعى لِيَنظُرَها لَعافَ المَنظَرا +أَو أَنَّهُ اِبتُلِيَ الخَليلُ بِمِثلِها أَستَغفِرُ الرَحمَنَ وَلّى مُدبِرا +أَو أَنَّ سَيلاً عاصِمٌ مِن شَرِّها عَصَمَ الدِيارَ مِنَ المَدامِعِ ما جَرى +أَمسى بِها كُلُّ البُيوتِ مُبَوَّباً وَمُطَنَّباً وَمُسَيَّجاً وَمُسَوَّرا +أَسَرَتهُمو وَتَمَلَّكَت طُرُقاتِهِم مَن فَرَّ لَم يَجِدِ الطَريقَ مُيَسَّرا +خَفَّت عَلَيهِم يَومَ ذَلِكَ مَورِداً وَأَضَلَّهُم قَدَرٌ فَضَّلوا المَصدَرا +حَيثُ اِلتَفَتَّ تَرى الطَريقَ كَأَنَّها ساحاتُ حاتِمَ غِبَّ نيرانِ القِرى +وَتَرى الدَعائِمَ في السَوادِ كَهَيكَلٍ خَمَدَت بِهِ نارُ المَجوسِ وَأَقفَرا +وَتَشَمُّ رائِحَةَ الرُفاتِ كَريهَةً وَتَشَمُّ مِنها الثاكِلاتُ العَنبَرا +كَثُرَت عَلَيها الطَيرُ في حَوماتِها يا طَيرُ كُلُّ الصَيدِ في جَوفِ الفَرا +هَل تَأمَنينَ طَوارِقَ الأَحداثِ أَن تَغشى عَلَيكِ الوَكرَ في سِنَةِ الكَرى +وَالناسُ مِن داني القُرى وَبَعيدِها تَأتي لِتَمشِيَ في الطُلولِ وَتَخبُرا +يَتَساءَلونَ عَنِ الحَريقِ وَهَولِهِ وَأَرى الفَرائِسَ بِالتَساؤُلِ أَجدَرا +يا رَبِّ قَد خَمَدَت وَلَيسَ سِواكَ مَن يُطفي القُلوبَ المُشعَلاتِ تَحَسُّرا +فَتَحوا اِكتِتاباً لِلإِعانَةِ فَاِكتَتِب بِالصَبرِ فَهوَ بِمالِهِم لا يُشتَرى +إِن لَم تَكُن لِلبائِسينَ فَمَن لَهُم أَو لَم تَكُن لِلّاجِئينَ فَمَن تَرى +فَتَوَلَّ جَمعاً في اليَبابِ مُشَتَّتاً وَاِرحَم رَميماً في التُرابِ مُبَعثَرا +فَعَلَت بِمِصرَ النارُ ما لَم تَأتِهِ آياتُكَ السَبعُ القَديمَةُ في الوَرى +أَوَ ما تَراها في البِلادِ كَقاهِرٍ في كُلِّ ناحِيَةٍ يُسَيِّرُ عَسكَرا +فَاِدفَع قَضاءَكَ أَو فَصَيِّر نارَهُ بَرداً وَخُذ بِاللُطفِ فيما قُدِّرا +مُدّوا الأَكُفَّ سَخِيَّةً وَاِستَغفِري يا أُمَّةً قَد آنَ أَن تَستَغفِرا +أَولى بِعَ��فِ الموسِرينَ وَبِرِّهِم مَن كانَ مِثلَهُمو فَأَصبَحَ مُعسِرا +يا أَيُّها السُجَناءُ في أَموالِهِم أَأَمِنتُمو الأَيّامَ أَن تَتَغَيَّرا +لا يَملكُ الإِنسانُ مِن أَحوالِهِ ما تَملكُ الأَقدارُ مَهما قَدَّرا +لا يُبطِرَنَّكَ مِن حَريرٍ مَوطِئٌ فَلَرُبَّ ماشٍ في الحَريرِ تَعَثَّرا +وَإِذا الزَمانُ تَنَكَّرَت أَحداثُهُ لِأَخيكَ فَاِذكُرهُ عَسى أَن تُذكَرا +يا رَبِّ ما حُكمُكَ ماذا تَرى في ذَلِكَ الحُلمِ العَريضِ الطَويل +قَد قامَ غَليومٌ خَطيباً فَما أَعطاكَ مِن مُلكِكَ إِلّا القَليل +شَيَّدَ في جَنبِكَ مُلكاً لَهُ مُلكُكَ إِن قيسَ إِلَيهِ الضَئيل +قَد وَرَّثَ العالَمَ حَيّاً فَما غادَرَ مِن فَجٍّ وَلا مِن سَبيل +فَالنِصفُ لِلجِرمانِ في زَعمِهِ وَالنِصفُ لِلرومانِ فيما يَقول +يا رَبِّ قُل سَيفُكَ أَم سَيفُهُ أَيُّهُما يا رَبِّ ماضٍ ثَقيل +إِن صَدَقَت يا رَبِّ أَحلامُهُ فَإِنَّ خَطبَ المُسلِمينَ الجَليل +لا نَحنُ جِرمانُ لَنا حِصَّةٌ وَلا بِرومانَ فَنُعطى فَتيل +يا رَبِّ لا تَنسَ رَعاياكَ في يَومٍ رَعاياكَ الفَريقُ الذَليل +جِنايَةُ الجَهلِ عَلى أَهلِهِ قَديمَةٌ وَالجَهلُ بِئسَ الدَليل +يا لَيتَ لَم نَمدُد بِشَرٍّ يَداً وَلَيتَ ظِلَّ السِلمِ باقٍ ظَليل +جَنى عَلَينا عُصبَةٌ جازَفوا فَحَسبُنا اللَهُ وَنِعمَ الوَكيل +خَطَّت يَداكَ الرَوضَةَ الغَنّاءَ وَفَرَغتَ مِن صَرحِ الفُنونِ بِناءَ +ما زِلتَ تَذهَبُ في السُمُوِّ بِركنِهِ حَتّى تَجاوَزَ رُكنُهُ الجَوزاءَ +دارٌ مِنَ الفَنِّ الجَميلِ تَقَسَّمَت لِلساهِرينَ رِوايَةً وَرُواءَ +كَالرَوضِ تَحتَ الطَيرِ أَعجَبَ أَيكُهُ لَحظَ العُيونِ وَأَعجَبَ الإِصغاءَ +وَلَقَد نَزَلتَ بِها فَلَم نَرَ قَبلَها فَلَكاً جَلا شَمسَ النَهارِ عِشاءَ +وَتَوَهَّجَت حَتّى تَقَلَّبَ في السَنا وادي المُلوكِ حِجارَةً وَفَضاءَ +فَتَلَفَّتوا يَتَهامَسونَ لَعَلَّهُ فَجرُ الحَضارَةِ في البِلادِ أَضاءَ +تِلكَ المَعارِفُ في طُلولِ بِنائِهِم أَكثَرنَ نَحوَ بِنائِكَ الإيماءَ +وَتَمايَلَت عيدانُهُنَّ تَحِيَّةً وَتَرَنَّمَت أَوتارُهُنَّ ثَناءَ +يا بانِيَ الإيوانِ قَد نَسَّقتَهُ وَحَذَوتَ في هِندامِها الحَمراءَ +أَينَ الغَريضُ يَحِلُّهُ أَو مَعبَدٌ يَتَبَوَّأَ الحُجُراتِ وَالأَبهاءِ +العَبقَرِيَّةُ في ضَنائِنِهِ الَّتي يَحبو بِها سُبحانَهُ مَن شاءَ +لَمّا بَنَيتَ الأَيكَ وَاِستَوهَبتَهُ بَعثَ الهَزارَ وَأَرسَلَ الوَرقاءَ +فَسَمِعتَ مِن مُتَفَرِّدِ الأَنغامِ ما فاتَ الرَشيدَ وَأَخطَأَ النُدَماءَ +وَالفَنُّ رَيحانُ المُلوكِ وَرُبَّما خَلَدوا عَلى جَنَباتِهِ أَسماءَ +لَولا أَياديهِ عَلى أَبنائِنا لَم نُلفَ أَمجَدَ أُمَّة آباءَ +كانَت أَوائِلُ كُلِّ قَومٍ في العُلا أَرضاً وَكُنّا في الفَخارِ سَماءَ +لَولا اِبتِسامُ الفَنِّ فيما حَولَهُ ظَلَّ الوُجودُ جَهامَةً وَجَفاءَ +جَرِّد مِنَ الفَنِّ الحَياةَ وَما حَوَت تَجِدِ الحَياةَ مِنَ الجَمالِ خَلاءَ +بِالفَنِّ عالَجتِ الحَياةَ طَبيعَةٌ قَد عالَجَت بِالواحَةِ الصَحراءَ +تَأوي إِلَيها الروحُ مِن رَمضائِها فَتُصيبُ ظِلّاً أَو تُصادِفُ ماءَ +نَبضُ الحَضارَةِ في المَمالِكِ كُلِّها يُجري السَلامَةَ أَو يَدُقُّ الدا��َ +إِن صَحَّ فَهيَ عَلى الزَمانِ صَحيحَةٌ أَو زافَ كانَت ظاهِراً وَطِلاءَ +انظُر أَبا الفاروقِ غَرسَكَ هَل تَرى بِالغَرسِ إِلّا نِعمَةً وَنَماءَ +مِن حَبَّةٍ ذُخِرَت وَأَيدٍ ثابَرَت جاءَ الزَمانُ بِجَنَّةٍ فَيحاءَ +وَأَكَنَّتِ الفَنَّ الجَميلَ خَميلَةٌ رَمَتِ الظِلالَ وَمَدَّتِ الأَفياءَ +بَذَلَ الجُهودَ الصالِحاتِ عِصابَةٌ لا يَسأَلونَ عَنِ الجُهودِ جَزاءَ +صَحِبوا رَسولَ الفَنِّ لا يَألونَهُ حُبّاً وَصِدقَ مَوَدَّةٍ وَوَفاءَ +دَفَعوا العَوائِقَ بِالثَباتِ وَجاوَزوا ما سَرَّ مِن قَدَرِ الأُمورِ وَساءَ +إِنَّ التَعاوُنَ قُوَّةٌ عُلوِيَّةٌ تَبني الرِجالَ وَتُبدِعُ الأَشياءَ +حَبَّذا الساحَةُ وَالظِلُّ الظَليل وَثَناءٌ في فَمِ الدارِ جَميل +لَم تَزَل تَجري بِهِ تَحتَ الثَرى لُجَّةَ المَعروفِ وَالنَيلِ الجَزيل +صُنعُ إِسماعيلَ جَلَّت يَدُهُ كُلُّ بُنيانٍ عَلى الباني دَليل +أَتُراها سُدَّةً مِن بابِهِ فُتِحَت لِلخَيرِ جيلاً بَعدَ جيل +مَلعَبُ الأَيّامِ إِلّا أَنَّهُ لَيسَ حَظُّ الجِدِّ مِنهُ بِالقَليل +شَهِدَ الناسُ بِها عائِدَةً وَشَجى الأَجيالَ مِن فِردي الهَديل +وَاِئتَنَفنا في ذَراها دَولَةً رُكنُها السُؤدَدُ وَالمَجدُ الأَثيل +أَينَعَت عَصراً طَويلاً وَأَتى دونَ أَن تَستَأنَفَ العَصرُ الطَويل +كَم ضَفَرنا الغارَ في مِحرابِها وَعَقَدناهُ لِسَبّاقٍ أَصيل +كَم بِدورٍ وُدِّعَت يَومَ النَوى وَشُموسٍ شُيِّعَت يَومَ الرَحيل +رُبَّ غَرسٍ مَرَّ لِلبِرِّ بِها ماجَ بِالخَيرِ وَالسَمحِ المُنيل +ضَحِكَ الأَيتامُ في لَيلَتِهِ وَمَشى يَستَروِحُ البُرءَ العَليل +وَاِلتَقى البائِسُ وَالنُعمى بِهِ وَسَعى المَأوى لِأَبناءِ السَبيل +وَمِنَ الأَرضِ جَديبٌ وَنَدٍ وَمِنَ الدورِ جَوادٌ وَبَخيل +يا شَباباً حُنَفاءً ضَمَّهُم مَنزِلٌ لَيسَ بِمَذمومِ النَزيل +يَصرِفُ الشُبّانَ عَن وِردِ القَذى وَيُنَحّيهِم عَنِ المَرعى الوَبيل +اِذهَبوا فيهِ وَجيئوا إِخوَةً بَعضُكُم خِدنٌ لِبَعضٍ وَخَليل +لا يَضُرَّنَّكُمو قِلَّتُهُ كُلُّ مَولودٍ وَإِن جَلَّ ضَئيل +أَرجَفَت في أَمرِكُم طائِفَةٌ تُبَّعُ الظَنِّ عَنِ الإِنصافِ ميل +اِجعَلوا الصَبرَ لَهُم حيلَتكُم قَلَّتِ الحيلَةُ في قالَ وَقيل +أَيُريدونَ بِكُم أَن تَجمَعوا رِقَّةَ الدينِ إِلى الخُلقِ الهَزيل +خَلَتِ الأَرضُ مِنَ الهَديِ وَمِن مُرشِدٍ لِلنَشءِ بِالهَديِ كَفيل +فَتَرى الأُسرَةَ فَوضى وَتَرى نَشأً عَن سُنَّةِ البِرِّ يَميل +لا تَكونوا السَيلَ جَهماً خَشِناً كُلَّما عَبَّ وَكونوا السَلسَبيل +رُبَّ عَينٍ سَمحَةٍ خاشِعَةٍ رَوَّتِ العُشبَ وَلَم تَنسَ النَخيل +لا تُماروا الناسَ فيما اِعتَقَدوا كُلُّ نَفسٍ بِكِتابٍ وَسَبيل +وَإِذا جِئتُم إِلى ناديكُمو فَاِطرَحوا خَلفَكُموا العِبءَ الثَقيل +هَذِهِ لَيلَتُكُم في الأَوبِرا لَيلَةُ القَدرِ مِنَ الشَهرِ النَبيل +مِهرَجانٌ طَوَّفَ الهادي بِهِ وَمَشى بَينَ يَدَيهِ جِبرَئيل +وَتَجَلَّت أَوجُهٌ زَيَّنَها غُرَرٌ مِن لَمحَةِ الخَيرِ تَسيل +فَكَأَنَّ اللَيلَ بِالفَجرِ اِنجَلى وَكَأَنَّ الدارَ في ظِلِّ الأَصيل +أَيُّها الأَجوادُ لا نَجزيكُمو لَذَّةُ الخَيرِ مِنَ الخَيرِ بَديل +رَجُلُ الأُمَّةِ يُرج�� عِندَهُ لِجَليلِ العَمَلِ العَونُ الجَليل +إِنَّ داراً حُطتُموها بِالنَدى أَخَذَت عَهدَ النَدى أَلّا تَميل +بَني القِبطِ إِخوانُ الدُهورِ رُوَيدَكُم هَبوهُ يَسوعاً في البَرِيَّةِ ثانِيا +حَمَلتُم لِحِكمِ اللَهِ صَلبَ اِبنِ مَريَمٍ وَهَذا قَضاءُ اللَهِ قَد غالَ غالِيا +سَديدُ المَرامي قَد رَماهُ مُسَدِّدٌ وَداهِيَةُ السُوّاسِ لاقى الدَواهِيا +وَوَاللَهِ أَو لَم يُطلِقِ النارَ مُطلِقٌ عَلَيهِ لَأَودى فَجأَةً أَو تَداوِيا +قَضاءٌ وَمِقدارٌ وَآجالُ أَنفُسٍ إِذا هِيَ حانَت لَم تُؤَخَّر ثَوانِيا +نَبيدُ كَما بادَت قَبائِلُ قَبلَنا وَيَبقى الأَنامُ اِثنَينِ مَيتاً وَناعِيا +تَعالَوا عَسى نَطوي الجَفاءَ وَعَهدَهُ وَنَنبِذُ أَسبابَ الشِقاقِ نَواحِيا +أَلَم تَكُ مِصرٌ مَهدَنا ثُمَّ لَحدَنا وَبَينَهُما كانَت لِكُلٍّ مَغانِيا +أَلَم نَكُ مِن قَبلِ المَسيحِ اِبنِ مَريَمٍ وَموسى وَطَهَ نَعبُدُ النيلَ جارِيا +فَهَلّا تَساقَينا عَلى حُبِّهِ الهَوى وَهَلّا فَدَيناهُ ضِفافاً وَوادِيا +وَما زالَ مِنكُم أَهلُ وُدٍّ وَرَحمَةٍ وَفي المُسلِمينَ الخَيرُ ما زالَ باقِيا +فَلا يَثنِكُم عَن ذِمَّةٍ قَتلُ بُطرُسٍ فَقِدماً عَرَفنا القَتلَ في الناسِ فاشِيا +عَظيمُ الناسِ مَن يَبكي العِظاما وَيَندُبُهُم وَلَو كانوا عِظاما +وَأَكرَمُ مِن غَمامٍ عِندَ مَحلٍ فَتىً يُحيِ بِمِدحَتِهِ الكِراما +وَما عُذرُ المُقَصِّرِ عَن جَزاءٍ وَما يَجزيهُمو إِلى كَلاما +فَهَل مِن مُبلِغٍ غَليومَ عَنّي مَقالاً مُرضِياً ذاكَ المَقاما +رَعاكَ اللَهُ مِن مَلِكٍ هُمامٍ تَعَهَّدَ في الثَرى مَلِكاً هُماما +أَرى النِسيانَ أَظمَأَهُ فَلَمّا وَقَفتَ بِقَبرِهِ كُنتَ الغَماما +تُقَرِّبُ عَهدَهُ لِلناسِ حَتّى تَرَكتَ الجَيل في التاريخِ عاما +أَتَدري أَيَّ سُلطانٍ تُحَيّي وَأَيَّ مُمَلَّكٍ تُهدي السَلاما +دَعَوتَ أَجَلَّ أَهلِ الأَرضِ حَرباً وَأَشرَفَهُم إِذا سَكَنوا سَلاما +وَقَفتَ بِهِ تُذَكِّرُهُ مُلوكاً تَعَوَّدَ أَن يُلاقوهُ قِياما +وَكَم جَمَعَتهُمو حَربٌ فَكانوا حَدائِدَها وَكانَ هُوَ الحُساما +كلام للبرية داميات وَأَنتَ اليَومَ مَن ضَمَدَ الكلاما +فَلَمّا قُلتَ ما قَد قُلتَ عَنهُ وَأَسمَعتَ المَمالِكَ وَالأَناما +تَساءَلَتِ البَرِيَّةُ وَهيَ كَلمى أَحُبّاً كانَ ذاكَ أَمِ اِنتِقاما +وَأَنتَ أَجَلُّ أَن تُزري بِمَيتٍ وَأَنتَ أَبَرُّ أَن تُؤذي عِظاما +فَلَو كانَ الدَوامُ نَصيبَ مَلكٍ لَنالَ بِحَدِّ صارِمِهِ الدَواما +سَما يُناغي الشُهُبا هَل مَسَّها فَاِلتَهَبا +كَالدَيدَبانِ أَلزَمو هُ في البِحارِ مَرقَبا +شَيَّعَ مِنهُ مَركَباً وَقامَ يَلقى مَركَبا +بَشَّرَ بِالدارِ وَبِال أَهلِ السُراةَ الغُيَّبا +وَخَطَّ بِالنورِ عَلى لَوحِ الظَلامِ مَرحَبا +كَالبارِقِ المُلِحِّ لَم يُوَلَّ إِلّا عَقَّبا +يا رُبَّ لَيلٍ لَم تَذُق فيهِ الرُقادَ طَرَبا +بِتنا نُراعيهِ كَما يَرعى السُراةُ الكَوكَبا +سَعادَةٌ يَعرِفُها في الناسِ مَن كانَ أَبا +مَشى عَلى الماءِ وَجا بَ كَالمَسيحِ العَبَبا +وَقامَ في مَوضِعِهِ مُستَشرِفاً مُنَقِّبا +يَرمي إِلى الظَلامِ طَر فاً حائِراً مُذَبذَبا +كَمُبصِرٍ أَدارَ عَي ناً في الدُجى وَقَلَّبا +كَبَصَرِ الأَعشى أَصا بَ في الظَلامِ وَنَبا +وَكالسِراجِ في يَدِ الري حِ أَضاءَ وَخَبا +كَلَمحَةٍ مِن خاطِرٍ ما جاءَ حَتّى ذَهَبا +مُجتَنِبُ العالَمِ في عُزلَتِهِ مُجتَنَبا +إِلّا شِراعاً ضَلَّ أَو فُلكاً يُقاسي العَطَبا +وَكانَ حارِسُ الفَنا رِ رَجُلاً مُهَذَّبا +يَهوى الحَياةَ وَيُحِبُّ العَيشَ سَهلاً طَيِّبا +أَتَت عَلَيهِ سَنَوا تٌ مُبعَداً مُغتَرِبا +لَم يَرَ فيها زَوجَهُ وَلا اِبنَهُ المُحَبَّبا +وَكانَ قَد رَعى الخَطي بَ وَوَعى ما خَطَبا +فَقالَ يا حارِسُ خَل لِ السُخطَ وَالتَعَتُّبا +مَن يُسعِفُ الناسَ إِذا نودِيَ كُلٌّ فَأَبى +ما الناسُ إِخوَتي وَلا آدَمُ كانَ لي أَبا +أُنظُر إِلَيَّ كَيفَ أَق ضي لَهُمُ ما وَجَبا +قَد عِشتُ في خِدمَتِهِم وَلا تَراني تَعِبا +كَم مِن غَريقٍ قُمتُ عِن دَ رَأسِهِ مُطَبِّبا +وَكانَ جِسماً هامِداً حَرَّكتُهُ فَاِضطَرَبا +وَكُنتُ وَطَّأتُ لَهُ مَناكِبي فَرَكِبا +حَتّى أَتى الشَطَّ فَبَش شَ مَن بِهِ وَرَحَّبا +وَطارَدوني فَاِنقَلَب تُ خاسِراً مُخَيِّبا +ما نلتُ مِنهُم فِضَّةً وَلا مُنِحتُ ذَهَبا +وَما الجَزاءُ لا تَسَل كانَ الجَزاءُ عَجَبا +أَلقَوا عَلَيَّ شَبَكاً وَقَطَّعوني إِرَبا +وَاِتَّخَذَ الصُنّاعُ مِن شَحمِيَ زَيتاً طَيِّبا +وَلَم يَزَل إِسعافُهُم لِيَ الحَياةَ مَذهَبا +وَلَم يَزَل سَجِيَّتي وَعَمَلي المُحَبَّبا +إِذا سَمِعتُ صَرخَةً طِرتُ إِلَيها طَرَبا +لا أَجِدُ المُسعِفَ إِلّا مَلَكاً مُقَرَّبا +وَالمُسعِفونَ في غَدٍ يُؤَلِّفونَ مَوكِبا +يَقولُ رِضوانُ لَهُم هَيّا أَدخلوها مَرحَبا +مُذنِبُكُم قَد غَفَرَ اللَهُ لَهُ ما أَذنَبا +فَدَيناهُ مِن زائِرٍ مُرتَقَب بَدا لِلوُجودِ بِمَرأىً عَجَب +تَهُزُّ الجِبالَ تَباشيرُهُ كَما هَزَّ عِطفَ الطَروبِ الطَرَب +وَيُحلي البِحارَ بِلَألائِهِ فَمِنّا الكُؤوسُ وَمِنهُ الحَبَب +مَنارُ الحُزونِ إِذا ما اِعتَلى مَنارُ السُهولِ إِذا ما اِنقَلَب +أَتانا مِنَ البَحرِ في زَورَقٍ لُجَيناً مَجاذيفُهُ مِن ذَهَب +فَقُلنا سُلَيمانُ لَو لَم يَمُت وَفِرعَونُ لَو حَمَلَتهُ الشُهُب +وَكِسرى وَما خَمَدَت نارهُ وَيوسُفُ لَو أَنَّهُ لَم يَشِب +وَهَيهاتَ ما تُوِّجوا بِالسَنا وَلا عَرشُهُم كانَ فَوقَ السُحُب +أَنافَ عَلى الماءِ ما بَينَها وَبَينَ الجِبالِ وَشُمَّ الهُضَب +فَلا هُوَ خافٍ وَلا ظاهِرٌ وَلا سافِرٌ لا وَلا مُنتَقِب +وَلَيسَ بِثاوٍ وَلا راحِلٍ وَلا بِالبَعيدِ وَلا المُقتَرِب +تَوارى بِنِصفٍ خِلالَ السُحُب وَنِصفٌ عَلى جَبَلٍ لَم يَغِب +يُجَدِّدُها آيَةً قَد خَلَت وَيَذكُرُ ميلادَ خَيرِ العَرَب +إِن تَسأَلي عَن مِصرَ حَوّاءِ القُرى وَقَرارَةِ التاريخِ وَالآثارِ +فَالصُبحُ في مَنفٍ وَثيبَة واضِحٌ مَن ذا يُلاقي الصُبحَ بِالإِنكارِ +بِالهَيلِ مِن مَنفٍ وَمِن أَرباضِها مَجدوعُ أَنفٍ في الرِمالِ كُفاري +خَلَتِ الدُهورُ وَما اِلتَقَت أَجفانُهُ وَأَتَت عَلَيهِ كَلَيلَةٍ وَنَهارِ +ما فَلَّ ساعِدَهُ الزَمانُ وَلَم يَنَل مِنهُ اِختِلافُ جَوارِفٍ وَذَوارِ +كَالدَهرِ لَو مَلَكَ القِيامَ لِفَتكَةٍ أَو كانَ غَيرَ مُقَلَّمِ الأَظفارِ +وَثَلاثَةٍ شَبَّ الزَمانُ حِيالَها شُمٍّ عَلى مَرِّ الزَمانِ كِبارِ +قامَت عَلى النيلِ العَهيدِ عَهيدَةً تَكسوهُ ثَوبَ الفَخرِ وَهيَ عَوارِ +مِن كُلِّ مَركوزٍ كَرَضوى في الثَرى مُتَطاوِلٍ في الجَوِّ كَالإِعصارِ +الجِنُّ في جَنَباتِها مَطروقَةٌ بِبَدائِعِ البَنّاءِ وَالحَفّارِ +وَالأَرضُ أَضَيعُ حيلَةً في نَزعِها مِن حيلَةِ المَصلوبِ في المِسمارِ +تِلكَ القُبورُ أَضَنَّ مِن غَيبٍ بِما أَخفَت مِنَ الأَعلاقِ وَالأَذخارِ +نامَ المُلوكُ بِها الدُهورَ طَويلَةً يَجِدونَ أَروَحَ ضَجعَةٍ وَقَرارِ +كُلٌّ كَأَهلِ الكَهفِ فَوقَ سَريرِهِ وَالدَهرُ دونَ سَريرِهِ بِهِجارِ +أَملاكُ مِصرَ القاهِرونَ عَلى الوَرى المُنزَلونَ مَنازِلَ الأَقمارِ +هَتَكَ الزَمانُ حِجابَهُم وَأَزالَهُم بَعدَ الصِيانِ إِزالَةَ الأَسرارِ +هَيهاتَ لَم يَلمِس جَلالَهُمو البِلى إِلّا بِأَيدٍ في الرَغامِ قِصارِ +كانوا وَطَرفُ الدَهرِ لا يَسمو لَهُم ما بالُهُم عُرِضوا عَلى النُظّارِ +لَو أَمهَلوا حَتّى النُشورِ بِدَورِهِم قاموا لِخالِقِهِم بِغَيرِ غُبارِ +نُجَدِّدُ ذِكرى عَهدِكُم وَنُعيدُ وَنُدني خَيالَ الأَمسِ وَهوَ بَعيدُ +وَلِلناسِ في الماضي بَصائِرُ يَهتَدي عَلَيهِنَّ غاوٍ أَو يَسيرُ رَشيدُ +إِذا المَيتُ لَم يَكرُم بِأَرضٍ ثَناؤُهُ تَحَيَّرَ فيها الحَيُّ كَيفَ يَسودُ +وَنَحنُ قُضاةُ الحَقِّ نَرعى قَديمَهُ وَإِن لَم يَفُتنا في الحُقوقِ جَديدُ +وَنَعلَمُ أَنّا في البِناءِ دَعائِمٌ وَأَنتُم أَساسٌ في البِناءِ وَطيدُ +فَريدُ ضَحايانا كَثيرٌ وَإِنَّما مَجالُ الضَحايا أَنتَ فيهِ فَريدُ +فَما خَلفَ ما كابَدتَ في الحَقِّ غايَةٌ وَلا فَوقَ ما قاسَيتَ فيهِ مَزيدُ +تَغَرَّبتَ عَشراً أَنتَ فيهنَّ بائِسٌ وَأَنتَ بِآفاقِ البِلادِ شَريدُ +تَجوعُ بِبُلدانٍ وَتَعرى بِغَيرِها وَتَرزَحُ تَحتَ الداءِ وَهوَ عَتيدُ +أَلا في سَبيلِ اللَهِ وَالحَقِّ طارِفٌ مِنَ المالِ لَم تَبخَل بِهِ وَتَليدُ +وَجودُكَ بَعدَ المالِ بِالنَفسِ صابِراً إِذا جَزعَ المَحضورُ وَهوَ يَجودُ +فَلا زِلتَ تِمثالاً مِنَ الحَقِّ خالِصاً عَلى سِرِّهِ نَبني العُلا وَنَشيدُ +يُعلِمُ نَشءَ الحَيِّ كَيفَ هَوى الحِمى وَكَيفَ يُحامي دونَهُ وَيَذودُ +أَرى شَجَراً في السَماءِ اِحتَجَب وَشَقَّ العَنانَ بِمَرأى عَجَب +مَآذِنُ قامَت هُنا أَو هُناكَ ظَواهِرُها دَرَجٌ مِن شَذَب +وَلَيسَ يُؤَذِّنُ فيها الرِجالُ وَلَكِن تَصيحُ عَلَيها الغُرُب +وَباسِقَةٍ مِن بَناتِ الرِمالِ نَمَت وَرَبَت في ظِلالِ الكُثُب +كَسارِيَةِ الفُلكِ أَو كَالمِسَل لَةِ أَو كَالفَنارِ وَراءَ العَبَب +تَطولُ وَتَقصُرُ خَلفَ الكَثيبِ إِذا الريحُ جاءَ بِهِ أَو ذَهَب +تُخالُ إِذا اِتَّقَدَت في الضُحى وَجَرَّ الأَصيلُ عَلَيها اللَهَب +وَطافَ عَلَيها شُعاعُ النَهارِ مِنَ الصَحوِ أَو مِن حَواشي السُحُب +وَصيفَةَ فِرعَونَ في ساحَةٍ مِنَ القَصرِ واقِفَةً تَرتَقِب +قَدِ اِعتَصَبَت بِفُصوصِ العَقيقِ مُفَصَّلَةً بِشُذورِ الذَهَب +وَناطَت قَلائِدَ مَرجانِها عَلى الصَدرِ وَاِتَّشَحَت بِالقَصَب +وَشَدَّت عَلى ساقِها مِئزَراً تَعَقَّدَ مِن رَأسِها لِلذَنَب +أَهَذا هُوَ النَخلُ مَلكُ الرِياضِ أَميرُ الحُقولِ عَروسُ العِزَب +طَعامُ الفَقيرِ وَحَلوى الغَنِيِّ وَزادُ المُسافِر�� وَالمُغتَرِب +فَيا نَخلَةَ الرَملِ لَم تَبخَلي وَلا قَصَّرَت نَخَلاتُ التُرَب +وَأَعجَبُ كَيفَ طَوى ذِكرَكُنَّ وَلَم يَحتَفِل شُعَراءُ العَرَب +أَلَيسَ حَراماً خُلُوُّ القَصا ئِدِ مِن وَصفِكُنَّ وَعُطلُ الكُتُب +وَأَنتُنَّ في الهاجِراتِ الظِلالُ كَأَنَّ أَعالِيَكُنَّ العَبَب +وَأَنتُنَّ في البيدِ شاةُ المُعيلِ جَناها بِجانِب أُخرى حَلَب +وَأَنتُنَّ في عَرَصاتِ القُصورِ حِسانُ الدُمى الزائِناتُ الرَحَب +جَناكُنَّ كَالكَرمِ شَتّى المَذاقِ وَكَالشَهدِ في كُلِّ لَونٍ يُحَب +أَمِنَ البَحرِ صائِغٌ عَبقَرِيٌّ بِالرِمالِ النَواعِمِ البيضِ مُغرى +طافَ تَحتَ الضُحى عَلَيهُنَّ وَالجَو هَرُ في سوقِهِ يُباعُ وَيُشرى +جِئنَهُ في مَعاصِمٍ وَنُحورٍ فَكَسا مِعصَماً وَآخَرَ عَرّى +وَأَبى أَن يُقَلِّدَ الدُرَّ وَاليا قوتَ نَحراً وَقَلَّدَ الماسَ نَحرا +وَتَرى خاتماً وَراءَ بَنانٍ وَبَناناً مِنَ الخَواتِمِ صِفرا +وَسِواراً يَزينُ زَندَ كَعابٍ وَسِواراً مِن زَندِ حَسناءَ فَرّا +وَتَرى الغيدَ لُؤلُؤاً ثَمَّ رَطباً وَجُماناً حَوالِيَ الماءِ نَثرا +وَكَأَنَّ السَماءَ وَالماءَ شِقّا صَدَفٍ حُمِّلا رَفيفاً وَدُرّا +وَكَأَنَّ السَماءَ وَالماءَ عُرسٌ مُترَعُ المَهرَجانِ لَمحاً وَعِطرا +أَو رَبيعٌ مِن ريشَةِ الفَنِّ أَبهى مِن رَبيعِ الرُبى وَأَفتَنُ زَهرا +أَو تَهاويلُ شاعِرٍ عَبقَرِيٍّ طارَحَ البَحرَ وَالطَبيعَةَ شِعرا +يا سِوارَي فَيروزَجٍ وَلُجَينٍ بِهِما حُلِّيَت مَعاصِمُ مِصرا +في شُعاعِ الضُحى يَعودانِ ماساً وَعَلى لَمحَةِ الأَصائِلِ تِبرا +وَمَشَت فيهِما النُجومُ فَكانَت في حَواشِيهِما يَواقيتَ زُهرا +لَكَ في الأَرضِ مَوكِبٌ لَيسَ يَألو الر ريحَ وَالطَيرَ وَالشَياطينَ حَشرا +سِرتَ فيهِ عَلى كُنوزِ سُلَيما نَ تَعُدُّ الخُطى اِختِيالاً وَكِبرا +وَتَرَنَّمتَ في الرِكابِ فَقُلنا راهِبٌ طافَ في الأَناجيلِ يَقرا +هُوَ لَحنٌ مُضَيَّعٌ لا جَواباً قَد عَرَفنا لَهُ وَلا مُستَقَرّا +لَكَ في طَيِّهِ حَديثُ غَرامٍ ظَلَّ في خاطِرِ المُلَحِّنِ سِرّا +قَد بَعَثنا تَحِيَّةً وَثَناءً لَكَ يا أَرفَعَ الزَواخِرِ ذِكرا +وَغَشيناكَ ساعَةً تَنبُشُ الما ضِيَ نَبشاً وَتَقتُلُ الأَمسَ فِكرا +وَفَتَحنا القَديمَ فيكَ كِتاباً وَقَرَأنا الكِتابَ سَطراً فَسَطرا +وَنَشَرنا مِن طَيِّهِنَّ اللَيالي فَلَمَحنا مِنَ الحَضارَةِ فَجرا +وَرَأَينا مِصراً تُعَلِّمُ يونا نَ وَيونانَ تَقبِسُ العِلمَ مِصرا +تِلكَ تَأتيكَ بِالبَيانِ نَبِيّاً عَبقَرِيّاً وَتِلكَ بِالفَنِّ سِحرا +وَرَأَينا المَنارَ في مَطلَعِ النَج مِ عَلى بَرقِهِ المُلَمَّحِ يُسرى +شاطِئٌ مِثلُ رُقعَةِ الخُلدِ حُسناً وَأَديمِ الشَبابِ طيباً وَبِشرا +جَرَّ فَيروزَجاً عَلى فِضَّةِ الما ءِ وَجَرَّ الأَصيلُ وَالصُبحُ تِبرا +كُلَّما جِئتَهُ تَهَلَّلَ بِشراً مِن جَميعِ الجِهاتِ وَاِفتَرَّ ثَغرا +اِنثَنى مَوجَةً وَأَقبَلَ يُرخي كِلَّةً تارَةً وَيَرفَعُ سِترا +شَبَّ وَاِنحَطَّ مِثلَ أَسرابِ طَيرٍ ماضِياتٍ تَلُفُّ بِالسَهلِ وَعرا +رُبَّما جاءَ وَهدَةً فَتَرَدّى في المَهاوي وَقامَ يَطفُرُ صَخرا +وَتَرى الرَملَ وَالقُصورَ كَأَيكٍ رَكِبَ الوَكرُ في نَواحيهِ وَك��ا +وَتَرى جَوسَقاً يُزَيِّنُ رَوضاً وَتَرى رَبوَةً تُزَيِّنُ مِصرا +سَيِّدَ الماءِ كَم لَنا مِن صَلاحٍ وَعَلِيٍّ وَراءَ مائِكَ ذِكرى +كَم مَلَأناكَ بِالسَفينِ مَواقي رَ كَشُمِّ الجِبالِ جُنداً وَوَفرا +شاكِياتِ السِلاحِ يَخرُجنَ مِن مِص رٍ بِمَلومَةٍ وَيَدخُلنَ مِصرا +شارِعاتِ الجَناحِ في ثَبَجِ الما ءِ كَنَسرٍ يَشُدُّ في السُحبِ نَسرا +وَكَأَنَّ اللُجاجَ حينَ تَنَزّى وَتَسُدُّ الفِجاجَ كَرّاً وَفَرّا +أَجمٌ بَعضُهُ لِبَعضٍ عَدُوٌّ زَحَفَت غابَةٌ لِتَمزيقِ أُخرى +قَذَفَت هَهُنا زَئيراً وَناباً وَرَمَت هَهُنا عُواءٌ وَظُفرا +أَنتَ تَغلي إِلى القِيامَةِ كَالقِد رِ فَلا حَطَّ يَومُها لَكَ قِدرا +قِف حَيِّ شُبّانَ الحِمى قَبلَ الرَحيلِ بِقافِيَه +عَوَّدتُهُم أَمثالَها في الصالِحاتِ الباقِيَه +مِن كُلِّ ذاتِ إِشارَةٍ لَيسَت عَلَيهِم خافِيَه +قُل يا شَبابُ نَصيحَة مِمّا يُزَوَّدُ غالِيَه +هَل راعَكُم أَنَّ المَدا رِسَ في الكِنانَةِ خاوِيَه +هُجِرَت فَكُلُّ خَلِيَّةٍ مِن كُلِّ شَهدٍ خالِيَه +وَتَعَطَّلَت هالاتُها مِنكُم وَكانَت حالِيَه +غَدَتِ السِياسَةُ وَهيَ آ مِرَةٌ عَلَيها ناهِيَه +فَهَجَرتُمو الوَطَنَ العَزي زَ إِلى البِلادِ القاصِيَه +أَنتُم غَداً في عالَمٍ هُوَ وَالحَضارَةُ ناحِيَه +وارَيتُ فيهِ شَبيبَتي وَقَضَيتُ فيهِ ثَمانِيَه +ما كُنتُ ذا القَلبِ الغَلي ظِ وَلا الطِباعِ الجافِيَه +سيروا بِهِ تَتَعَلَّموا سِرَّ الحَياةِ العالِيَه +وَتَأَمَّلوا البُنيانَ وَاد دَكِروا الجُهودَ البانِيَه +ذوقوا الثِمارَ جَنِيَّةً وَرِدوا المَناهِلَ صافِيَه +وَاِقضوا الشَبابَ فَإِنَّ سا عَتَهُ القَصيرَةَ فانِيَه +وَاللَهِ لا حَرَجٌ عَلَي كُم في حَديثِ الغانِيَه +أَو في اِشتِهاءِ السِحرِ مِن لَحظِ العُيونِ الساجِيَه +أَو في المَسارِحِ فَهيَ بِالن نَفسِ اللَطيفَةِ راقِيَه +بِأَرضِ الجيزَةِ اِجتازَ الغَمامُ وَحَلَّ سَماءَها البَدرُ التَمامُ +وَزارَ رِياضَ إِسماعيلَ غَيثٌ كَوالِدِهِ لَهُ المِنَنُ الجِسامُ +ثَنى عِطفَيهِما الهَرَمانِ تيهاً وَقالَ الثالِثُ الأَدنى سَلامُ +حَلُمّي مَنفُ هَذا تاجُ خوفو كَقُرصِ الشَمسِ يَعرِفُهُ الأَنامُ +نَمَتهُ مِن بَني فِرعَونَ هامٌ وَمِن خُلَفاءِ إِسماعيلَ هامُ +تَأَلَّقَ في سَمائِكِ عَبقَرِيّاً عَلَيهِ جَلالَةٌ وَلَهُ وِسامُ +تَرَعرَعَتِ الحَضارَةُ في حُلاهُ وَشَبَّ عَلى جَواهِرِهِ النِظامُ +وَنالَ الفَنُّ في أُولى اللَيالي وَأُخراهُنَّ عِزّاً لا يُرامُ +مَشى في جيزَةِ الفُسطاطِ ظِلٌّ كَظِلِّ النيلِ بُلَّ بِهِ الأُوامُ +إِذا ما مَسَّ تُرباً عادَ مِسكاً وَنافَسَ تَحتَهُ الذَهَبَ الرَغامُ +وَإِن هُوَ حَلَّ أَرضاً قامَ فيها جِدارٌ لِلحَضارَةِ أَو دِعامُ +فَمَدرَسَةٌ لِحَربِ الجَهلِ تُبنى وَمُستَشفى يُذادُ بِهِ السَقامُ +وَدارٌ يُستَغاثُ بِها فَيَمضي إِلى الإِسعافِ أَنجادٌ كِرامُ +أُساةُ جِراحَةٍ حيناً وَحيناً مَيازيبٌ إِذا اِنفَجَرَ الضِرامُ +وَأَحواضٌ يُراضُ النيلُ فيها وَكُلُّ نَجيبَةٍ وَلَها لِجامُ +أَبا الفاروقِ أَقبَلنا صُفوفاً وَأَنتَ مِنَ الصُفوفِ هُوَ الإِمامُ +إِلى البَيتِ الحَرامِ بِكَ اِتَّجَهنا وَمِصرُ وَحَقَّها البَيتُ الحَرا��ُ +طَلَعتَ عَلى الصَعيدِ فَهَشَّ حَتّى عَلا شَفَتَي أَبي الهَولُ اِبتِسامُ +ركابٌ سارَتِ الآمالُ فيهِ وَطافَ بِهِ التَلَفُّتُ وَالزِحامُ +فَماذا في طَريقِكَ مِن كُفورٍ أَجَلُّ مِنَ البُيوتِ بِها الرِجامُ +كَأَنَّ الراقِدينَ بِكُلِّ قاعٍ هُمُ الأَيقاظُ وَاليَقظى النِيامُ +لَقَد أَزَمَ الزَمانُ الناسَ فَاِنظُر فَعِندَكَ تُفرَجُ الإِزَمُ العِظامُ +وَبَعدَ غَدٍ يُفارِقُ عامُ بُؤسٍ وَيَخلفُهُ مِنَ النَعماءِ عامُ +يَدورُ بِمِصرَ حالاً بَعدَ حالٍ زَمانٌ ما لِحالَيهِ دَوامُ +وَمِصرُ بِناءُ جَدِّكَ لَم يُتَمَّم أَلَيسَ عَلى يَدَيكَ لَهُ تَمامُ +فَلَسنا أُمَّةً قَعَدَت بِشَمسٍ وَلا بَلَداً بِضاعَتُهُ الكَلامُ +وَلَكِن هِمَّةٌ في كُلِّ حينٍ يَشُدُّ بِناءَها المَلِكُ الهُمامُ +نَرومُ الغايَةَ القُصوى فَنَمضي وَأَنتَ عَلى الطَريقِ هُوَ الزِمامُ +وَنَقصرُ خُطوَةً وَنَمُدُّ أُخرى وَتُلجِئُنا المَسافَةُ وَالمَرامُ +وَنَصبرُ لِلشَدائِدِ في مَقامٍ وَيَغلِبُنا عَلى صَبرٍ مَقامُ +فَقَوِّ حَضارَةَ الماضي بِأُخرى لَها زَهوٌ بِعَصرِكَ وَاِتِّسامُ +تَرفُّ صَحائِفُ البَردِيِّ فيها وَيَنطُقُ في هَياكِلِها الرُخامُ +رَعَتكَ وَوادِياً تَرعاهُ عَنّا مِنَ الرَحمَنِ عَينٌ لا تَنامُ +فَإِن يَكُ تاجُ مِصرَ لَها قِواماً فَمِصرُ لِتاجِها العالي قِوامُ +لِتَهنَأ مِصرُ وَليَهنَأ بَنوها فَبَينَ الرَأسِ وَالجِسمِ اِلتِئامُ +يَدُ المَلِكِ العَلَوي الكَريم عَلى العلمِ هَزَّت أَخاهُ الأَدَب +لِسانُ الكِنانَةِ في شُكرِها وَما هُوَ إِلّا لِسانُ العَرَب +قَضَت مِصرُ حاجَتَها يا عَلِيُّ وَنالَت وَنالَ بَنوها الأَرَب +وَهَنَّأتُ بِالرُتَبِ العَبقَرِيِّ وَهَنَّأتُ بِالعَبقَرِيِّ الرُتَب +عَلِيُّ لَقَد لَقَّبَتكَ البِلادُ بِآسي الجِراحِ وَنِعمَ اللَقَب +سِلاحُكَ مِن أَدَواتِ الحَياةِ وَكُلُّ سِلاحٍ أَداةُ العَطَب +وَلَفظُكَ بِنجٌ وَلَكِنَّهُ لَطيفُ الصَبا في جُفونِ العَصَب +أَنامِلُ مِثلُ بَنانِ المَسيحِ أَواسي الجِراحِ مَواحي النُدَب +تُعالِجُ كَفّاكَ بُؤسَ الحَياةِ فَكَفٌّ تُداوي وَكَفٌّ تَهَب +وَيَستَمسِكُ الدَمُ في راحَتَيكَ وَفَوقَهُما لا يَقَرُّ الذَهَب +كَأَنَّكَ لِلمَوتِ مَوتٌ أُتيحَ فَلَم يَرَ وَجهَكَ إِلّا هَرَب +شَرَفاً نُصَيرُ اِرفَع جَبينَكَ عالِياً وَتَلَقَّ مِن أَوطانِكَ الإِكليلا +يَهنيكَ ما أُعطيتَ مِن إِكرامِها وَمُنِحتَ مِن عَطفِ اِبنِ إِسماعيلا +اليَومَ يَومُ السابِقينَ فَكُن فَتىً لَم يَبغِ مِن قَصَبِ الرِهانِ بَديلا +وَإِذا جَرَيتَ مَعَ السَوابِقِ فَاِقتَحِم غُرَراً تَسيلُ إِلى المَدى وَحُجولا +حَتّى يَراكَ الجَمعُ أَوَّلَ طالِعٍ وَيَرَوا عَلى أَعرافِكَ المِنديلا +هَذا زَمانٌ لا تَوَسُّطَ عِندَهُ يَبغي المُغامِرُ عالِياً وَجَليلا +كُن سابِقاً فيهِ أَوِ اِبقَ بِمَعزِلٍ لَيسَ التَوَسُّطُ لِلنُبوغِ سَبيلا +يا قاهِرَ الغَربِ العَتيدِ مَلَأتَهُ بِثَناءِ مِصرَ عَلى الشِفاهِ جَميلا +قَلَّبتَ فيهِ يَداً تَكادُ لِشِدَّةٍ في البَأسِ تَرفَعُ في الفَضاءِ الفيلا +إِنَّ الَّذي خَلَقَ الحَديدَ وَبَأسَهُ جَعَلَ الحَديدَ لِساعِدَيكَ ذَليلا +زَحزَحتَهُ فَتَخاذَلَت أَجلادُهُ وَطَرَحتَهُ أَرض��ً فَصَلَّ صَليلا +لِمَ لا يَلينُ لَكَ الحَديدُ وَلَم تَزَل تَتلو عَلَيهِ وَتَقرَأُ التَنزيلا +الأَزمَةَ اِشتَدَّت وَرانَ بَلاؤُها فَاِصدِم بِرُكنِكَ رُكنَها لِيَميلا +شَمشونُ أَنتَ وَقَد رَسَت أَركانُها فَتَمَشَّ في أَركانِها لِتَزولا +قُل لي نُصَيرُ وَأَنتَ بَرٌّ صادِقٌ أَحَمَلتَ إِنساناً عَلَيكَ ثَقيلا +أَحَمَلتَ دَيناً في حَياتِكَ مَرَّةً أَحَمَلتَ يَوماً في الضُلوعِ غَليلا +أَحَمَلتَ ظُلماً مِن قَريبٍ غادِرٍ أَو كاشِحٍ بِالأَمسِ كانَ خَليلا +أَحَمَلتَ مِنّا بِالنَهارِ مُكَرَّراً وَاللَيلِ مِن مُسدٍ إِلَيكَ جَميلا +أَحَمَلتَ طُغيانَ اللَئيمِ إِذا اِغتَنى أَو نالَ مِن جاهِ الأُمورِ قَليلا +أَحَمَلتَ في النادي الغَبِيِّ إِذا اِلتَقى مِن سامِعيهِ الحَمدَ وَالتَبجيلا +تِلكَ الحَياةُ وَهَذِهِ أَثقالُها وُزِنَ الحَديدُ بِها فَعادَ ضَئيلا +يا اِبنَ زَيدونَ مَرحَبا قَد أَطَلتَ التَغَيُّبا +إِنَّ ديوانَكَ الَّذي ظَلَّ سِرّاً مُحَجَّبا +يَشتَكي اليُتمَ دُرُّهُ وَيُقاسي التَغَرُّبا +صارَ في كُلِّ بَلدَةٍ لِلأَلِبّاءِ مَطلَبا +جاءَنا كامِلٌ بِهِ عَرَبِيّاً مُهَذَّبا +تَجِدُ النَصَّ مُعِجِبا وَتَرى الشَرحَ أَعجَبا +أَنتَ في القَولِ كُلِّهِ أَجمَلُ الناسِ مَذهَبا +بِأَبي أَنتَ هَيكَلاً مِن فُنونٍ مُرَكَّبا +شاعِراً أَم مُصَوِّراً كُنتَ أَم كُنتَ مُطرِبا +نُرسِلُ اللَحنَ كُلَّهُ مُبدِعاً فيهِ مُغرِبا +أَحسَنَ الناسَ هاتِفاً بِالغَواني مُشَبِّبا +وَنَزيلَ المُتَوَّجي نَ النَديمَ المُقَرَّبا +كَم سَقاهُم بِشِعرِهِ مِدحَةً أَو تَعَتُّبا +وَمِنَ المَدحِ ما جَزى وَأَذاعَ المَناقِبا +وَإِذا الهَجوُ هاجَهُ لِمُعاناتِهِ أَبى +وَرَآهُ رَذيلَةً لا تُماشي التَأَدُّبا +ما رَأى الناسُ شاعِراً فاضِلَ الخُلقِ طَيِّبا +دَسَّ لِلناشِقينَ في زَنبَقِ الشِعرِ عَقرَبا +جُلتَ في الخُلدِ جَولَةً هَل عَنِ الخُلدِ مِن نَبا +صِف لَنا ما وَراءَهُ مِن عُيونٍ وَمِن رُبى +وَنَعيمٍ وَنَضرَةٍ وَظِلالٍ مِنَ الصِبا +وَصِفِ الحورَ موجَزاً وَإِذا شِئتَ مُطنِبا +قُم تَرى الأَرضَ مِثلَما كُنتُمو أَمسِ مَلعَبا +وَتَرى العَيشَ لَم يَزَل لِبَني المَوتِ مَأرَبا +وَتَرى ذاكَ بِالَّذي عِندَ هَذا مُعَذَّبا +إِنَّ مَروانَ عُصبَةٌ يَصنَعونَ العَجائِبا +طَوَّفوا الأَرضَ مَشرِقاً بِالأَيادي وَمَغرِبا +هالَةٌ أَطلَعَتكَ في ذِروَةِ المَجدِ كَوكَبا +أَنتَ لِلفَتحِ تَنتَمي وَكَفى الفَتحُ مَنصِبا +لَستُ أَرضى بِغَيرِهِ لَكَ جَدّاً وَلا أَبا +وَعِصابَةٍ بِالخَيرِ أُلِّفَ شَملُهُم وَالخَيرُ أَفضَلُ عُصبَةً وَرِفاقا +جَعَلوا التَعاوُنَ وَالبِنايَةَ هَمَّهُم وَاِستَنهَضوا الآدابَ وَالأَخلاقا +وَلَقَد يُداوونَ الجِراحَ بِبِرِّهِم وَيُقاتِلونَ البُؤسَ وَالإِملاقا +يَسمونَ بِالأَدَبِ الجَديدِ وَتارَةً يَبنونَ لِلأَدَبِ القَديمِ رِواقا +بَعَثَ اِهتِمامَهُمو وَهاجَ حَنانَهُم زَمَنٌ يُثيرُ العَطفَ وَالإِشفاقا +عَرَضَ القُعودُ فَكانَ دونَ نُبوغِهِ قَيداً وَدونَ خُطى الشَبابِ وِثاقا +البُلبُلُ الغَرِدُ الَّذي هَزَّ الرُبى وَشَجى الغُصونَ وَحَرَّكَ الأَوراقا +خَلَفَ البَهاءَ عَلى القَريضِ وَكَأسِهِ فَسَقى بِعَذبِ نَسيبِهِ العُشّاقا +في القَيدِ مُمتَنِعُ الخُطى وَخَيالِهِ يَطوي البِلادَ وَيَنشُرُ الآفاقا +سَبّاقُ غاياتِ البَيانِ جَرى بِلا ساقٍ فَكَيفَ إِذا اِستَرَدَّ الساقا +لَو يَطعمُ الطِبُّ الصَناعُ بَيانَهُ أَو لَو يُسيغُ لِما يَقولُ مَذاقا +غالى بِقيمَتِهِ فَلَم يَصنَع لَهُ إِلّا الجَناحَ مُحَلِّقاً خَفّاقا +لُبنانُ مَجدُكَ في المَشارِقِ أَوَّلُ وَالأَرضُ رابِيَة وَأَنتَ سَنامُ +وَبَنوكَ أَلطَفُ مِن نَسيمِكَ ظلُّهُم وَأَشَمُّ مِن هَضَباتِكَ الأَحلامُ +أَخرَجتَهُم لِلعالَمينَ جَحاجِحاً عُرباً وَأَبناءُ الكَريمِ كِرامُ +بَينَ الرِياضِ وَبَينَ أُفقٍ زاهِرٍ طَلَعَ المَسيحُ عَلَيهِ وَالإِسلامُ +هَذا أَديبُكَ يُحتَفى بِوِسامِهِ وَبَيانُهُ لِلمَشرِقَينِ وِسامُ +وَيُجَلُّ قَدرُ قِلادَةٍ في صَدرِهِ وَلَهُ القَلائِدُ سِمطُها الإِلهامُ +صَدرٌ حَوالَيهِ الجَلالُ وَمِلؤُهُ كَرَمٌ وَخَشيَةُ مومِنٍ وَذِمامُ +حَلّاهُ إِحسانُ الخِديوِ وَطالَما حَلّاهُ فَضلُ اللَهِ وَالإِنعامُ +لِعُلاكَ يا مُطرانُ أَم لِنُهاكَ أَم لِخِلالِكَ التَشريفُ وَالإِكرامُ +أَم لِلمَواقِفِ لَم يَقِفها ضَيغَمٌ لَولاكَ لَاِضطَرَبَت لَهُ الأَهرامُ +هَذا مَقامُ القَولِ فيكَ وَلَم يَزَل لَكَ في الضَمائِرِ مَحفِلٌ وَمَقامُ +غالى بِقيمَتِكَ الأَميرُ مُحَمَّدٌ وَسَعى إِلَيكَ يَحُفُّهُ الإِعظامُ +في مَجمَعٍ هَزَّ البَيانُ لِواءَهُ بِكَ فيهِ وَاِعتَزَّت بِكَ الأَقلامُ +اِبنُ المُلوكِ تَلا الثَناءَ مُخَلَّداً هَيهاتَ يَذهَبُ لِلمُلوكِ كَلامُ +فَمِنَ البشير لِبَعلَبَكَّ وَبَينَها نَسَبٌ تُضيءُ بِنورِهِ الأَيّامُ +يَبلى المَكينُ الفَخمُ مِن آثارِها يَوماً وَآثارُ الخَليلِ قِيامُ +بَني مِصرَ اِرفَعوا الغار وَحَيّوا بَطَلَ الهِندِ +وَأَدّوا واجِباً وَاِقضوا حُقوقَ العَلَمِ الفَردِ +أَخوكُم في المقاساةِ وَعَركِ المَوقِفِ النَكدِ +وَفي التَضحِيَةِ الكُبرى وَفي المَطلَبِ وَالجُهدِ +وَفي الجُرحِ وَفي الدَمعِ وَفي النَفيِ مِنَ المَهدِ +وَفي الرِحلَةِ لِلحَقِّ وَفي مَرحَلَةِ الوَفدِ +قِفوا حَيّوهُ مِن قُربٍ عَلى الفُلكِ وَمِن بُعدِ +وَغَطّوا البَرَّ بِالآسِ وَغَطّوا البَحرَ بِالوَردِ +عَلى إِفريزِ راجبوتا نَ تِمثالٌ مِنَ المَجدِ +نَبِيٌّ مِثلُ كونفُشيو سَ أَو مِن ذَلِكَ العَهدِ +قَريبُ القَولِ وَالفِعلِ مِنَ المُنتَظَرِ المَهدي +شَبيهُ الرُسلِ في الذَودِ عَنِ الحَقِّ وَفي الزُهدِ +لَقَد عَلَّمَ بِالحَقِّ وَبِالصَبرِ وَبِالقَصدِ +وَنادى المَشرِقَ الأَقصى فَلَبّاهُ مِنَ اللَحدِ +وَجاءَ الأَنفُسَ المَرضى فَداواها مِنَ الحِقدِ +دَعا الهِندوسَ وَالإِسلا مَ لِلأُلفَةِ وَالوُدِّ +بِسِحرٍ مِن قُوى الروحِ حَوى السَيفَينِ في غِمدِ +وَسُلطانٍ مِنَ النَفسِ يُقَوّي رائِضَ الأَسدِ +وَتَوفيقٍ مِنَ اللَهِ وَتَيسيرٍ مِنَ السَعدِ +وَحَظٍّ لَيسَ يُعطاهُ سِوى المَخلوقِ لِلخُلدِ +وَلا يُؤخَذُ بِالحَولِ وَلا الصَولِ وَلا الجُندِ +وَلا بِالنَسلِ وَالمالِ وَلا بِالكَدحِ وَالكَدِّ +وَلَكِن هِبَةُ المَولى تَعالى اللَهُ لِلعَبدِ +سَلامُ النيلِ يا غَندي وَهَذا الزَهرُ مِن عِندي +وَإِجلالٌ مِنَ الأَهرا مِ وَالكَرنَكِ وَالبَردي +وَمِن مَشيَخَةِ الوادي وَمِن أَشبالِهِ المُردِ +سَلامٌ حالِبَ الشاةِ سَلامٌ غازِلَ البُردِ +وَمَن صَدَّ عَنِ المِلحِ وَلَم يُقبِل عَلى الشُهدِ +وَمَن تركَبُ ساقَيهِ مِنَ الهِندِ إِلى السِندِ +سَلامٌ كُلَّما صَلَّي تَ عُرياناً وَفي اللِبدِ +وَفي زاوِيَةِ السِجنِ وَفي سِلسِلَةِ القَيدِ +مِنَ المائِدَةِ الخَضرا ءَ خُذ حِذرَكَ يا غَندي +وَلاحِظ وَرَقَ السيرِ وَما في وَرَقِ اللوردِ +وَكُن أَبرَعَ مَن يَل عَبُ بِالشَطرَنجِ وَالنَردِ +وَلاقي العَبقَرِيّينَ لِقاءَ النِدِّ لِلنِدِّ +وَقُل هاتوا أَفاعِيَكُم أَتى الحاوي مِنَ الهِندِ +وَعُد لَم تَحفِلِ الذامَ وَلَم تَغتَرَّ بِالحَمدِ +فَهَذا النَجمُ لا تَرقى إِلَيهِ هِمَّةُ النَقدِ +وَرُدَّ الهِندَ لِلأُم مَةِ مِن حَدٍّ إِلى حَدِّ +أَبولّو مَرحَباً بِكِ يا أَبولّو فَإِنَّكِ مِن عُكاظِ الشِعرِ ظِلُّ +عُكاظُ وَأَنتِ لِلبُلَغاءِ سوقٌ عَلى جَنَباتِها رَحَلوا وَحَلّوا +وَيَنبوعٌ مِنَ الإِنشادِ صافِ صَدى المُتَأَدِّبينَ بِهِ يُقَلُّ +وَمِضمارٌ يَسوقُ إِلى القَوافي سَوابِقُها إِذا الشُعَراءُ قَلّوا +يَقولُ الشِعرَ قائِلُهُم رَصيناً وَيُحسِنُ حينَ يُكثِرُ أَو يُقِلُّ +وَلَولا المُحسِنونَ بِكُلِّ أَرضِ لَما سادَ الشُعوبُ وَلا اِستَقَلّوا +عَسى تَأتينَنا بِمُعَلَّقاتٍ نَروحُ عَلى القَديمِ بِها نُدِلُّ +لَعَلَّ مَواهِباً خَفِيَت وَضاعَت تُذاعُ عَلى يَدَيكِ وَتُستَغَلُّ +صَحائِفُكِ المُدَبَّجَةُ الحَواشي رُبى الوَردِ المُفَتَّحِ أَو أَجَلُّ +رَياحينُ الرِياضِ يُمَلُّ مِنها وَرَيحانُ القَرائِحِ لا يُمَلُّ +يُمَهِّدُ عَبقَرِيُّ الشِعرِ فيها لِكُلِّ ذَخيرَةٍ فيها مَحَلُّ +وَلَيسَ الحَقُّ بِالمَنقوصِ فيها وَلا الأَعراضُ فيها تُستَحَلُّ +وَلَيسَت بِالمَجالِ لِنَقدِ باغٍ وَراءَ يَراعِهِ حَسَدٌ وَغِلُّ +بي مِثلُ ما بِكِ يا قُمرِيَّةَ الوادي نادَيتُ لَيلى فَقومي في الدُجى نادي +وَأَرسِلي الشَجوَ أَسجاعاً مُفَصَّلَةٌ أَو رَدِّدي مِن وَراءِ الأَيكِ إِنشادي +لا تَكتُمي الوَجدَ فَالجُرحانِ مِن شَجَنٍ وَلا الصَبابَةَ فَالدَمعانِ مِن وادِ +تَذَكَّري هَل تَلاقَينا عَلى ظَمَإٍ وَكَيفَ بَلَّ الصَدى ذو الغُلَّةِ الصادي +وَأَنتِ في مَجلِسِ الرَيحانِ لاهِيَةٌ ما سِرتِ مِن سامِرٍ إِلا إِلى نادي +تَذَكَّري قُبلَةً في الشَعرِ حائِرَةً أَضَلَّها فَمَشَت في فَرقِكِ الهادي +وَقُبلَةً فَوقَ خَدٍّ ناعِمٍ عَطِرٍ أَبهى مِنَ الوَردِ في ظِلِّ النَدى الغادي +تَذَكَّري مَنظَرَ الوادي وَمَجلِسَنا عَلى الغَديرِ كَعُصفورَينِ في الوادي +وَالغُصنُ يَحنو عَلَينا رِقَّةً وَجَوىً وَالماءُ في قَدَمَينا رائِحٌ غادِ +تَذَكَّري نَغَماتٍ هَهُنا وَهُنا مِن لَحنِ شادِيَةٍ في الدَوحِ أَو شادي +تَذَكَّري مَوعِداً جادَ الزَمانُ بِهِ هَل طِرتُ شَوقاً وَهَل سابَقتُ ميعادي +فَنلتُ ما نلتُ مِن سُؤلٍ وَمِن أَمَلِ وَرُحتُ لَم أَحصِ أَفراحي وَأَعيادي +يا شِراعاً وَراءَ دِجلَةَ يَجري في دُموعي تَجَنَّبَتكَ العَوادي +سِر عَلى الماءِ كَالمَسيحِ رُوَيداً وَاِجرِ في اليَمِّ كَالشُعاعِ الهادي +وَأتِ قاعاً كَرَفرَفِ الخُلدِ طيباً أَو كَفِردَوسِهِ بَشاشَةَ وادي +قِف تَمَهَّل وَخُذ أَماناً لِقَلبي مِن عُيونِ المَها وَراءَ السَوادِ +وَالنُواسِيُّ وَالنَدامى أَمنِهِم سامِرٌ يَملَأُ الدُجى أَو نادِ +خَطَرَت فَوقَهُ المِهارَةُ تَعدو في غُبارِ الآباءِ وَالأَجدادِ +أُمَّةٌ تُنشِئُ الحَياةَ وَتَبني كَبِناءِ الأُبُوَّةِ الأَمجادِ +تَحتَ تاجٍ مِنَ القَرابَةِ وَالمُل كِ عَلى فَرقِ أَريحِيٍّ جَوادِ +مَلك الشَطِّ وَالفُراتَينِ وَالبَط حاءِ أَعظِم بِفَيصَلٍ وَالبِلادِ +عَفيفُ الجَهرِ وَالهَمسِ قَضى الواجِبَ بِالأَمسِ +وَلَم يَعرِض لِذي حَقٍّ بِنُقصانٍ وَلا بَخسِ +وَعِندَ الناسِ مَجهولٌ وَفي أَلسُنِهِم مَنسي +وَفيهِ رِقَّةُ القَلبِ لِآلامِ بَني الجِنسِ +فَلا يَغبِطُ ذا نُعمى وَيَرثي لِأَخي البُؤسِ +وَلِلمَحرومِ وَالعافي حَوالَي زادِهِ كُرسي +وَما نَمَّ وَلا هَمَّ بِبَعضِ الكَيدِ وَالدَسِّ +يَنامُ اللَيلَ مَسروراً قَليلَ الهَمِّ وَالهَجسِ +وَيُصبِحُ لا غُبارَ عَلى سَريرَتِهِ كَما يُمسي +فَيا أَسعَدَ مَن يَمشي عَلى الأَرضِ مِنَ الإِنسِ +وَمَن طَهَّرَهُ اللَهُ مِنَ الريبَةِ وَالرِجسِ +أَنِل قَدرِيَ تَشريفاً وَهَب لي قُربَكَ القُدسي +عَسى نَفسُكَ أَن تُد مَجَ في أَحلامِها نَفسي +فَأَلقى بَعضَ ما تَلقى مِنَ الغِبطَةِ وَالأُنسِ +وَجَدتُ الحَياةَ طَريقَ الزُمَر إِلى بَعثَةٍ وَشُؤونٍ أُخَر +وَما باطِلاً يَنزِلُ النازِلون وَلا عَبَثاً يُزمِعونَ السَفَر +فَلا تَحتَقِر عالَماً أَنتَ فيهِ وَلا تَجحَدِ الآخَرَ المُنتَظَر +وَخُذ لَكَ زادَينِ مِن سيرَةٍ وَمِن عَمَلٍ صالِحٍ يُدَّخَر +وَكُن في الطَريقِ عَفيفَ الخُطا شَريفَ السَماعِ كَريمَ النَظَر +وَلا تَخلُ مِن عَمَلٍ فَوقَهُ تَعِش غَيرَ عَبدٍ وَلا مُحتَقَر +وَكُن رَجُلاً إِن أَتَوا بَعدَهُ يَقولونَ مَرَّ وَهَذا الأَثَر +قَدَّمتُ بَينَ يَدَيَّ نَفساً أَذنَبَت وَأَتَيتُ بَينَ الخَوفِ وَالإِقرارِ +وَجَعَلتُ أَستُرُ عَن سِواك ذُنوبَها حَتّى عَبيتُ فَمُنَّ لي بِسِتارِ +صارَ شَوقي أَبا عَلي في الزَمانِ التَرَلَّلي +وَجَناها جِنايَةً لَيسَ فيها بِأَوَّلِ +عَلِيُّ لَوِ اِستَشَرتَ أَباكَ قَبلاً فَإِنَّ الخَيرَ حَظُّ المُستَشيرِ +إِذاً لَعَلِمتَ أَنّا في غِناءٍ وَإِن نَكُ مِن لِقائِكَ في سُرورِ +وَما ضِقنا بِمَقدَمِكَ المُفَدّى وَلَكِن جِئتَ في الزَمَنِ الأَخيرِ +رُزِقتُ صاحِبَ عَهدِهِ وَتَمَّ لِيَ النَسلُ بَعدي +هُم يَحسُدوني عَلَيهِ وَيَغبِطوني بِسَعدي +وَلا أَراني وَنَجلي سَنَلتَقي عِندَ مَجدِ +وَسَوفَ يَعلَمُ بَيتي أَنّي أَنا النَسلُ وَحدي +فَيا عَلي لا تَلُمني فَما اِحتِقارُكَ قَصدي +وَأَنتَ مِنّي كَروحي وَأَنتَ مَن أَنتَ عِندي +فَإِن أَساءَكَ قَولي كَذِّب أَباكَ بِوَعدِ +يا لَيلَةً سَمَّيتُها لَيلَتي لِأَنَّها بِالناسِ ما مَرَّتِ +أَذكُرُها وَالمَوتُ في ذِكرِها عَلى سَبيلِ البَثِّ وَالعِبرَةِ +لِيَعلَمَ الغافِلُ ما أَمسُهُ ما يَومُهُ ما مُنتَهى العيشَةِ +نَبَّهَني المَقدورُ في جُنحِها وَكُنتُ بَينَ النَومِ وَاليَقظَةِ +المَوتُ عَجلانٌ إِلى والِدي وَالوَضعُ مُستَعصٍ عَلى زَوجَتي +هَذا فَتىً يُبكى عَلى مِثلِهِ وَهَذِهِ في أَوَّلِ النَشأَةِ +وَتِلكَ في مِصرَ عَلى حالِها وَذاكَ رَهنُ المَوتِ وَالغُربَةِ +وَالقَلبُ ما بَينَهُما حائِرٌ مِن بَلدَةِ أَسرى إِلى بَلدَةِ +حَتّى بَدا الصُبحُ فَوَلّى أَبي وَأَقبَلَت بَعدَ العَناءِ اِبنَتي +فَقُلتُ أَحكامُكَ حِزناً لَها يا مُخرِجَ الحَيِّ مِنَ المَيِّتِ +أَمينَتي في عامِها الأَوَّلِ مِثلُ المَلَكِ +صالِحَةٌ لِلحُبِّ مِن كُلٍّ وَلِلتَبَرُّكِ +كَم خَفَقَ القَلبُ لَها عِندَ البُكا وَالضَحِكِ +وَكَم رَعَتها العَينُ في السُكونِ وَالتَحَرُّكِ +فَإِن مَشَت فَخاطِري يَسبِقُها كَالمُمسِكِ +أَلحَظُها كَأَنَّها مِن بَصَري في شَرَكِ +فَيا جَبينَ السَعدِ لي وَيا عُيونَ الفَلَكِ +وَيا بَياضَ العَيشِ في ال أَيّامِ ذاتِ الحَلَكِ +إِنَّ اللَيالي وَهيَ لا تَنفَكُّ حَربَ أَهلِكِ +لَو أَنصَفَتكِ طِفلَةً لَكُنتِ بِنتَ المَلِكِ +أَمينَةُ يا بِنتِيَ الغالِيَه أُهَنّيكِ بِالسَنَةِ الثانِيَه +وَأَسأَلُ أَن تَسلَمي لي السِنينَ وَأَن تُرزَقي العَقلَ وَالعافِيَه +وَأَن تُقسَمي لِأَبَرِّ الرِجالِ وَأَن تَلِدي الأَنفُسَ العالِيَه +وَلَكِن سَأَلتُكِ بِالوالِدَينِ وَناشَدتُكِ اللُعَبَ الغالِيَه +أَتَدرينَ ما مَرَّ مِن حادِثٍ وَما كانَ في السَنَةِ الماضِيَه +وَكَم بُلتِ في حُلَلٍ مِن حَريرٍ وَكَم قَد كَسَرتِ مِنَ الآنِيَه +وَكَم سَهَرَت في رِضاكِ الجُفونُ وَأَنتِ عَلى غَضَبٍ غافِيَه +وَكَم قَد خَلَت مِن أَبيكِ الجُيوبُ وَلَيسَت جُيوبُكِ بِالخالِيَه +وَكَم قَد شَكا المُرَّ مِن عَيشِهِ وَأَنتِ وَحَلواكِ في ناحِيَه +وَكَم قَد مَرِضتِ فَأَسقَمتِهِ وَقُمتِ فَكُنتِ لَهُ شافِيَه +وَيَضحَكُ إِن جِئتِهِ تَضحَكينَ وَيَبكي إِذا جِئتِهِ باكِيَه +وَمِن عَجَبٍ مَرَّتِ الحادِثاتُ وَأَنتِ لِأَحدَثِها ناسِيَه +فَلَو حَسَدَت مُهجَةٌ وُلدَها حَسَدتُكِ مِن طِفلَةٍ لاهِيَه +يا حَبَّذا أَمينَةٌ وَكَلبُها تُحِبُّهُ جِدّاً كَما يُحِبُّها +أَمينَتي تَحبو إِلى الحَولَينِ وَكَلبُها يُناهِزُ الشَهرَينِ +لَكِنَّها بَيضاءُ مِثلُ العاجِ وَعَبدُها أَسوَدُ كَالدَياجي +يَلزَمُها نَهارَها وَتَلزَمُه وَمِثلَما يُكرِمُها لا تُكرِمُهُ +فَعِندَها مِن شِدَّةِ الإِشفاقِ أَن تَأخُذَ الصَغيرَ بِالخِناقِ +في كُلِّ ساعَةٍ لَهُ صِياحُ وَقَلَّما يَنعَمُ أَو يَرتاحُ +وَهَذِهِ حادِثَةٌ لَها مَعَه تُنبيكَ كَيفَ اِستَأثَرَت بِالمَنفَعَه +جاءَت بِهِ إِلَيَّ ذاتَ مَرَّه تَحمِلُهُ وَهيَ بِهِ كَالبَرَّه +فَقُلتُ أَهلا بِالعَروسِ وَاِبنِها ماذا يَكونُ يا تُرى مِن شَأنِها +قالَت غُلامي يا أَبي جَوعانُ وَما لَهُ كَما لَنا لِسانُ +فَمُرهُموا يَأتوا بِخُبزٍ وَلَبَن وَيُحضِروا آنِيَةً ذاتَ ثَمَن +فَقُمتُ كَالعادَةِ بِالمَطلوبِ وَجِئتُها أَنظُرُ مِن قَريبِ +فَعَجَنَت في اللَبَنِ اللُبابا كَما تَرانا نُطعِمُ الكِلابا +ثُمَّ أَرادَت أَن تَذوقَ قَبلَهُ فَاِستَطعَمَت بِنتُ الكِرامِ أَكلَهُ +هُناكَ أَلقَت بِالصَغيرِ لِلوَرا وَاِندَفَعَت تَبكي بُكاءً مُفتَرى +تَقولُ بابا أَنا دَحّا وَهوَ كُخّ مَعناهُ بابا لِيَ وَحدي ما طُبِخ +فَقُل لِمَن يَجهَل خَطبَ الآنِيَه قَد فُطِرَ الطِفلُ عَلى الأَنانِيَه +صِغارٌ بِحُلوانَ تَستَبشِرُ وَرُؤيَتُها الفَرَحُ الأَكبَرُ +تَهُزُّ اللِواءَ بِعيدِ المَسيحِ وَتُحَيّيهِ مِن حَيثُ لا تَشعُرُ +فَهَذا بِلُعبَتِهِ يَزدَهي وَهَذا بِحُلَّتِهِ يَفخَرُ +وَهَذا كَغُصنِ الرُبا يَنثَني وَهَذا كَريحِ الصَبا يَخطِرُ +إِذا اِجتَمَعَ الكُلُّ في بُقعَةٍ حَسِبتَهُمو باقَةً تُزهِرُ +أَوِ اِفتَرَقوا واحِداً واحِداً حَسِبتَهُمو لُؤلُؤاً يُنثَرُ +وَمِن عَجَبٍ مِنهُمو المُسلِمونَ أَوِ المُسلِمونَ هُمُ الأَكثَرُ +فَلاسِفَةٌ كُلُّهُم في اِتِّفاقٍ كَما اِتَّفَقَ الآلُ وَالمَعشَرُ +دَسَمبِرُ شَعبانُ عِندَ الجَميعِ وَشَعبانُ لِلكُلِّ ديسَمبِرُ +وَلا لُغَةٌ غَيرَ صَوتٍ شَجِيٍّ كَرَوضٍ بَلابِلُهُ تَصفِرُ +وَلا يَزدَري بِالفَقيرِ الغَنِيُّ وَلا يُنكِرُ الأَبيَضَ الأَسمَرُ +فَيا لَيتَ شِعري أَضَلَّ الصِغارُ أَمِ العَقلُ ما عَنهُمو يُؤثَرُ +سُؤالٌ أُقَدِمُهُ لِلكِبارِ لَعَلَّ الكِبارَ بِهِ أَخبَرُ +وَلي طِفلَةٌ جازَتِ السَنَتَينِ كَبَعضِ المَلائِكِ أَو أَطهَرُ +بِعَينَينِ في مِثلِ لَونِ السَماءِ وَسِنَّينِ يا حَبَّذا الجَوهَرُ +أَتَتنِيَ تَسأَلُني لُعبَةً لِتَكسِرَها ضِمنَ ما تَكسِرُ +فَقُلتُ لَها أَيُّهَذا المَلاكُ تُحِبُّ السَلامَ وَلا أُنكِرُ +وَلَكِنَّ قَبلَكَ خابَ المَسيحُ وَباءَ بِمَنشورِهِ القَيصَرُ +فَلا تَرجُ سِلماً مِنَ العالَمينَ فَإِنَّ السِباعَ كَما تُفطَرُ +وَمَن يَعدَمِ الظُفرَ بَينَ الذِئابِ فَإِنَّ الذِئابَ بِهِ تَظفَرُ +فَإِن شِئتَ تَحيا حَياةَ الكِبارِ يُؤَمِّلُكَ الكُلُّ أَو يَحذرُ +فَخُذ هاكَ بُندُقَةً نارُها سَلامٌ عَلَيكَ إِذا تُسعَرُ +لَعَلَّكَ تَألَفُها في الصِبا وَتَخلفُها كُلَّما تَكبَرُ +فَفيها الحَياةُ لِمَن حازَها وَفيها السَعادَةُ وَالمَفخَرُ +وَفيها السَلامُ الوَطيدُ البِناءِ لِمَن آثَرَ السِلمَ أَو يُؤثِرُ +فَلوبيلُ مُمسِكَةٌ مَوزَراً وَلوبيلُ تُمسِكُها مَوزَرُ +أَجابَت وَما النُطقُ في وُسعِها وَلَكِنَّها العَينُ قَد تُخبِرُ +تَقولُ عَجيبٌ كَلامُكَ لي أَبِالشَرِّ يا والِدي تَأمُرُ +تَزينُ لِبنتِكَ حُبَّ الحُروبِ وَحُبُّ السَلامِ بِها أَجدَرُ +وَأَنتَ اِمرُؤٌ لا تُحِبُّ الأَذى وَلا تَبتَغيهِ وَلا تَأمُرُ +فَقُلتُ لِأَمرٍ ضَلَلتُ السَبيلَ وَرُبَّ أَخي ضَلَّةٍ يُعذَرُ +فَلَو جيءَ بِالرُسلِ في واحِدٍ وَبِالكُتبِ في صَفحَةٍ تُنشَرُ +وَبِالأَوَّلينَ وَما قَدَّموا وَبِالآخَرينَ وَما أَخَّروا +لِيَنهَضَ ما بَينَهُم خاطِباً عَلى العَرشِ نَصَّ لَهُ مِنبَرُ +يَقولُ السَلامُ يُحِبُّ السَلامَ وَيَأجُرُكُم عَنهُ ما يَأجُرُ +لَصُمَّ العِبادُ فَلَم يَسمَعوا وَكُفَّ العِبادُ فَلَم يُبصِروا +يا شِبهَ سَيِّدَةِ البَتو لِ وَصورَةَ المَلَكَ الطَهور +نَسّى جَمالُكِ في الإِنا ثِ جَمالَ يوسُفَ في الذُكور +زَينُ المُهودِ اليَومَ أَن تِ وَفي غَدٍ زَينُ الخُدور +إِنَّ الأَهِلَّةَ إِن سَرَت سارَت عَلى نَهجِ البُدور +بِأَبي جَبينٌ كَالصَبا حِ إِذا تَهَيَّأَ لِلسُفور +بَقِيَت عَلَيهِ مِنَ الدُجى تِلكَ الخُيوطُ مِنَ الشُعور +وَكَرائِمٌ مِن لُؤلُؤٍ زَيَّنَّ مُرجانَ النُحور +سُبحانَ مُؤتيها يَتا ئِمَ في المَراشِفِ وَالثُغور +تَسقي وَتُسقى مِن لُعا بِ النَحلِ أَو طَلِّ الزُهور +وَكَأَنَّ نَفحَ الطيبِ حَو لَ نَضيدِها أَنفاسُ حور +وَغَريبَةٌ فَوقَ الخُدو دِ بَديعَةٌ مِن وَردِ جور +صَفراءُ عِندَ رَواحِها حَمراءُ في وَقتِ البُكور +قَبَّلتُها وَشَمَمتُها وَسَقَيتُها دَمعَ السُرور +هَذِهِ أَوَّلُ خُطوَه هَذِهِ أَوَّلُ كَبوَه +في طَريقي لِعَلِيٍّ عَنهُ لَو يَعقِلُ غُنوَه +يَأخُذُ العيشَةَ فيهِ مُرَّةً آناً وَحُلوَه +يا عَلي إِن أَنتَ أَوفَي تَ عَلى سِنِّ الفُتُوَّه +دافِعِ الناسَ وَزاحِم وَخُذِ العَيشَ بِقُوَّه +لا تَقُل كانَ أَبي إِيّا كَ أَن تَحذُوَ حَذوَه +أَنا لَم أَغنَم مِنَ النا سِ سِوى فنجانِ قَهوَه +أَنا لَم أُجزَ عَنِ المَد حِ مِنَ الأَملاكِ فَروَه +أَنا لَم أُجزَ عَنِ الكُت بِ مِنَ القُرّاءِ حُظوَه +ضَيَّعَ الكُلُّ حَيائي وَعَفافي وَالمُرُوَّه +بَكَيا لِأَجلِ خُروجِهِ في زَورَةٍ يا لَيتَ شِعري كَيفَ يَومُ فِراقِهِ +لَو كانَ يَسمَعُ يَومَذاكَ بُكاهُما رُدَّت إِلَيهِ الروحُ مِن إِشفاقِهِ +أَقسَمتُ لَو أَمَرَ الزَمانُ سَماءَهُ فَسَعَت لِصَدرِكَ شَمسُها وَنُجومُها +ليُنيلَ قَدرَكَ في المَعالي حَقَّهُ شَكَتِ المَعالي أَنَّهُ مَظلومُها +يا عَزيزاً لَنا بِمِصرَ عَلِمنا أَنَّهُ بِالرِضا الخِديوِيِّ فائِزُ +سَرَّنا أَنَّكَ اِرتَقَيتَ وَتَرقى فَكَأَنّا نَحوزُ ما أَنتَ حائِزُ +رُتبَةً أَلسُنُ العُلا أَرَّختَها أَنتَ مَحمودُ في العُلا المُتَمايِزِ +ذي هِمَّةٌ دونها في شَأوِها الهِمَمُ لَم تَتَّخِذ لا وَلَم تَكذِب لَها نعَمُ +بَلَّغتَني أَمَلاً ما كُنتُ بالِغَهُ لَولا وَفاؤُكَ يا مَظلومُ وَالكَرَمُ +وِدادُكَ العِزُّ وَالنعَمى لِخاطِبِهِ وَوُدُّ غَيرِكَ ضِحكُ السِنِّ وَالكَلمُ +أَكُلَّما قَعَدَت بي عَنكَ مَعذِرَةٌ مَشَت إِلَيَّ الأَيادي مِنكَ وَالنِعَمُ +تُجِلُّ في قَلَمِ الأَوطانِ حامِلَهُ فَكَيفَ يَصبِرُ عَن إِجلالِكَ القَلَمُ +أَتَتني الصُحفُ عَنكَ مُخَبِّراتِ بِحادِثَةٍ وَلا كَالحادِثاتِ +بِخَطبِكَ في القِطارِ أَبا حُسَينٍ وَلَيسَ مِنَ الخُطوبِ الهَيِّناتِ +أُصيبَ المَجدُ يَومَ أصِبتَ فيهِ وَلَم تَخلُ الفَضيلَةُ مِن شُكاةِ +وَساءَ الناسُ أَن كَبَتِ المَعالي وَأَزعَجَهُم عِثارُ المَكرُماتِ +وَلَستُ بِناسٍ الآدابَ لَمّا تَراءَت رَبِّها مُتلَهِّفاتِ +وَكانَ الشِعرُ أَجزَعَها فُؤاداً وَأَحرَصَها لَدَيكَ عَلى حَياةِ +هَجَرتَ القَولَ أَيّاماً قِصاراً فَكانَت فَترَةً لِلمُعجِزاتِ +وَإِنَّ لَيالِياً أَمسَكتَ فيها لَسودٌ لِليَراعِ وَلِلدَواةِ +فَقُل لي عَن رُضوضِكَ كَيفَ أَمسَت فَقَلبي في رُضوضٍ مُؤلِماتِ +وَهَب لي مِنكَ خَطّاً أَو رَسولاً يُبَلِّغُ عَنكَ كُلَّ الطَيِّباتِ +سَأَلتُكَ بِالوِدادِ أَبا حُسَينٍ وَبِالذِمَمِ السَوالِفِ وَالعُهودِ +وَحُبٍّ كامِنٍ لَكَ في فُؤادي وَآخَرَ في فُؤادِكَ لي أَكيدِ +أَحَقٌّ أَنَّ مَطوِيَّ اللَيالي سَيُنشَرُ بَينَ أَحمَدَ وَالوَليدِ +وَأَنَّ مَناهِلاً كُنّا لَدَيها سَتَدنو لِلتَأَنُّسِ وَالوُرودِ +قُدومُكَ في رُقِيِّكَ في نَصيبي سُعودٌ في سُعودٍ في سُعودِ +وَفَدتَ عَلى رُبوعِكَ غِبَّ نَأيٍ وَكُنتَ البَدرَ مَأمولَ الوُفودِ +لَئِن رَفَعوكَ مَنزِلَةً فَأَعلى لَقَد خُلِقَ الأَهِلَّةُ لِلصُعودِ +وَأَقسِمُ ما لِرِفعَتِكَ اِنتِهاءُ وَلا فيها اِحتِمالٌ لِلمَزيدِ +قالوا تَمايَزَ حَمزَةُ قُلتُ التَمايُزُ مِن قَديمِ +لَو لَم يَميزوهُ بِها لَاِمتازَ بِالخُلُقِ العَظيمِ +رُتَبٌ كَرائِمُ في العُلا وُجِّهنَ مِنكَ إِلى كَريمِ +فَاِهنَأ أَخي بِوُفودِها وَتَلَقَّ تَهنِئَةَ الحَميمِ +وَاِرقَ المَنازِلَ كُلَّها حَتّى تُنيفَ عَلى النُجومِ +لَقَد وافَتنِيَ البُشرى وَأُنبِئتُ بِما سَرّا +وَقالوا عَنكَ لي أَمسِ رَبِحتَ النِمرَةَ الكُبرى +فَيا مُطرانُ ما أَولى وَيا مُطرانُ ما أَحرى +لَقَد أَقبَلَتِ الدُنيا فَلا تَجزَع عَلى الأُخرى +أَخَذتَ الصِفرَ بِاليُمنى وَكانَ الصِفرُ بِاليُسرى +وَكانَت فِضَّةً بيضاً فَصارَت ذَهَباً صُفرا +وَقالَ البَعضُ أَلفَينِ وَقالوا فَوقَ ذا قَدرا +كُن في التَواضُعِ كَالمُدا مَةِ حينَ تُجلى في الكُؤوس +مَشَتِ اِتِّئاداً في الصُدو فَحَكَّموها في الرُؤوس +وَجَنّاتٍ مِنَ الأَشعارِ فيها جَنىً لِلمُجتَني مِن كُلِّ ذَوقِ +تَأَمَّل كَم تَمَنّوها وَأَرِّخ لِشَوقِيّاتِ أَحمَدَ أَيَّ شَوقِ +مَجموعَةٌ لِأَحمَدٍ مُعجِزُه فيها بَهَر +تُعَدُّ في تاريخِها أَليَقَ ديوانٍ ظَهَر +يَحكونَ أَنَّ رَجُلاً كُردِيّا كانَ عَظيمَ الجِسمِ هَمشَرِيّا +وَكانَ يُلقي الرُعبَ في القُلوبِ بِكَثرَةِ السِلاحِ في الجُيوبِ +وَيُفزِعُ اليَهودَ وَالنَصارى وَيُرعِبُ الكِبارَ وَالصِغارا +وَكُلَّما مَرَّ هُناكَ وَهُنا يَصيحُ بِالناسِ أَنا أَنا أَنا +نَمى حَديثُهُ إِلى صَبِيٍّ صَغيرِ جِسمٍ بَطَلٍ قَوِيِّ +لا يَعرِفُ الناسُ لَهُ الفُتُوَّه وَلَيسَ مِمَّن يَدَّعونَ القُوَّه +فَقالَ لِلقَومِ سَأُدريكُم بِهِ فَتَعلَمونَ صِدقَهُ مِن كِذبِه +وَسارَ نَحوَ الهَمشَرِيِّ في عَجَل وَالناسُ مِمّا سَيَكونُ في وَجَل +وَمَدَّ نَحوَهُ يَميناً قاسِيَه بِضَربَةٍ كادَت تَكونُ القاضِيَه +فَلَم يُحَرِّك ساكِناً وَلا اِرتَبَك وَلا اِنتَهى عَن زَعمِهِ وَلا تَرَك +بَل قالَ لِلغالِبِ قَولاً لَيِّنا الآنَ صِرنا اِثنَين أَنتَ وَأَنا +كانَ لِسُلطانٍ نَديمٌ وافِ يُعيدُ ما قالَ بِلا اِختِلافِ +وَقَد يَزيدُ في الثَنا عَلَيهِ إِذا رَأى شَيئاً حَلا لَدَيهِ +وَكانَ مَولاهُ يَرى وَيَعلَمُ وَيَسمَعُ التَمليقَ لَكِن يَكتُمُ +فَجَلسا يَوماً عَلى الخِوانِ وَجيءَ في الأَكلِ بِباذِنجانِ +فَأَكَلَ السُلطانُ مِنهُ ما أَكَل وَقالَ هَذا في المَذاقِ كَالعَسَل +قالَ النَديمُ صَدقَ السُلطانُ لا يَستَوي شَهدٌ وَباذِنجانُ +هَذا الَّذي غَنى بِهِ الرَئيسُ وَقالَ فيهِ الشِعرَ جالينوسُ +يُذهِبُ أَلفَ عِلَّةٍ وَعِلَّه وَيُبرِدُ الصَدرَ وَيَشفي الغُلَّه +قالَ وَلَكِن عِندَهُ مَرارَه وَما حَمَدتُ مَرَّةً آثارَه +قالَ نَعَم مُرٌّ وَهَذا عَيبُه مُذ كُنتُ يا مَولايَ لا أُحِبُّه +هَذا الَّذي ماتَ بِهِ بُقراطُ وَسُمَّ في الكَأسِ بِهِ سُقراطُ +فَاِلتَفَتَ السُلطانُ فيمَن حَولَهُ وَقالَ كَيفَ تَجِدونَ قَولَه +قالَ النَديمُ يا مَليكَ الناسِ عُذراً فَما في فِعلَتي مِن باسِ +جُعِلتُ كَي أُنادِمَ السُلطانا وَلَم أُنادِم قَطُّ باذِنجانا +لَستُ بِناسٍ لَيلَةً مِن رَمَضانَ مَرَّتِ +تَطاوَلَت مِثلَ لَيا لي القُطبِ وَاِكفَهَرَّتِ +إِذِ اِنفَلَتُّ مِن سُحو ري فَدَخَلتُ حُجرَتي +أَنظُرُ في ديوانِ شِع رٍ أَو كِتابِ سيرَةِ +فَلَم يَرُعني غَيرَ صَو تٍ كَمُواءِ الهِرَّ��ِ +فَقُمتُ أَلقي السَمعَ في السُتورِ وَالأَسِرَّةِ +حَتّى ظَفِرتُ بِالَّتي عَلَيَّ قَد تَجَرَّتِ +فَمُذ بَدَت لي وَاِلتَقَت نَظرَتُها وَنَظرَتي +عادَ رَمادُ لَحظِها مِثلَ بَصيصِ الجَمرَةِ +وَرَدَّدَت فَحيحَها كَحَنَشٍ بِقَفرَةِ +وَلَبِسَت لي مِن وَرا ءِ السِترِ جِلدَ النَمرَةِ +كَرَّت وَلَكِن كَالجَبا نِ قاعِداً وَفَرَّتِ +وَاِنتَفَضَت شَوارِباً عَن مِثلِ بَيتِ الإِبرَةِ +وَرَفَعت كَفّاً وَشا لَت ذَنَباً كَالمِذرَةِ +ثُمَّ اِرتَقَت عَنِ المُوا ءِ فَعَوَت وَهَرَّتِ +لَم أَجزِها بِشِرَّةٍ عَن غَضَبٍ وَشِرَّةِ +وَلا غَبيتُ ضَعفَها وَلا نَسيتُ قُدرَتي +وَلا رَأَيتُ غَيرَ أُمٍّ بِالبَنينَ بَرَّةِ +رَأَيتُ ما يَعطِفُ نَف سَ شاعِرٍ مِن صورَةِ +رَأَيتُ جِدَّ الأُمَّها تِ في بِناءِ الأُسرَةِ +فَلَم أَزَل حَتّى اِطمَأَنَّ جَأشُها وَقَرَّتِ +أَتَيتُها بِشَربَةٍ وَجِئتُها بِكِسرَةِ +وَصُنتُها مِن جانِبَي مَرقَدِها بِسُترَتي +وَزِدتُها الدِفءَ فَقَر رَبتُ لَها مِجمَرَتي +وَلَو وَجَدتُ مِصيَداً لَجِئتُها بِفَأرَةِ +فَاِضطَجَعَت تَحتَ ظِلا لِ الأَمنِ وَاِسبَطَرَّتِ +وَقَرَأَت أَورادَها وَما دَرَت ما قَرَّتِ +وَسَرَحَ الصِغارُ في ثُدِيِّها فَدَرَّتِ +غُرُّ نُجومٍ سُبَّحٌ في جَنَباتِ السُرَّةِ +اِختَلَطوا وَعَيَّثوا كَالعُميِ حَولَ سُفرَةِ +تَحسَبُهُم ضَفادِعاً أَرسَلتَها في جَرَّةِ +وَقُلتُ لا بَأسَ عَلى طِفلِكِ يا جُوَيرَتي +تَمَخَّضي عَن خَمسَةٍ إِن شِئتِ أَو عَن عَشرَةِ +أَنتِ وَأَولادُكِ حَت تى يَكبُروا في خُفرَتي +حِكايَةُ الصَيّادِ وَالعُصفورَه صارَت لِبَعضِ الزاهِدينَ صورَه +ما هَزَأوا فيها بِمُستَحِقِّ وَلا أَرادوا أَولِياءَ الحَقِّ +ما كُلُّ أَهلِ الزُهدِ أَهلُ اللَهِ كَم لاعِبٍ في الزاهِدينَ لاهِ +جَعَلتُها شِعراً لِتَلفِتَ الفِطَن وَالشِعرُ لِلحِكمَةِ مُذ كانَ وَطَن +وَخَيرُ ما يُنظَمُ لِلأَديبِ ما نَطَقَتهُ أَلسُنُ التَجريبِ +أَلقى غُلامٌ شَرَكاً يَصطادُ وَكُلُّ مَن فَوقَ الثَرى صَيّادُ +فَاِنحَدَرَت عُصفورَةٌ مِنَ الشَجَر لَم يَنهَها النَهيُ وَلا الحَزمُ زَجَر +قالَت سَلامٌ أَيُّها الغُلامُ قالَ عَلى العُصفورَةِ السَلامُ +قالَت صَبِيُّ مُنحَني القَناةِ قالَ حَنَتها كَثرَةُ الصَلاةِ +قالَت أَراكَ بادِيَ العِظامِ قالَ بَرَتها كَثرَةُ الصِيامِ +قالَت فَما يَكونُ هَذا الصوفُ قالَ لِباسُ الزاهِدِ المَوصوفُ +سَلي إِذا جَهِلتِ عارِفيهِ فَاِبنُ عُبَيدٍ وَالفُضَيلُ فيهِ +قالَت فَما هَذي العَصا الطَويلَه قالَ لِهاتيكِ العَصا سَليلَه +أَهُشُّ في المَرعى بِها وَأَتَّكي وَلا أَرُدُّ الناسَ عَن تَبَرُّكِ +قالَت أَرى فَوقَ التُرابِ حَبّا مِما اِشتَهى الطَيرُ وَما أَحَبّا +قالَ تَشَبهتُ بِأَهلِ الخَيرِ وَقُلتُ أَقري بائِساتِ الطَيرِ +فَإِن هَدى اللَهُ إِلَيهِ جائِعاً لَم يَكُ قُرباني القَليلُ ضائِعا +قالَت فَجُد لي يا أَخا التَنَسُّكِ قالَ اِلقُطيهِ بارَكَ اللَهُ لَكِ +فَصَلِيَت في الفَخِّ نارَ القاري وَمَصرَعُ العُصفورِ في المِنقارِ +وَهَتَفَت تَقولُ لِلأَغرارِ مَقالَةَ العارِفِ بِالأَسرارِ +إِيّاكَ أَن تَغتَرَّ بِالزُهّادِ كَم تَحتَ ثَوبِ الزُهدِ مِن صَيادِ +أُنبِئتُ أَنَّ سُلَيمانَ الزَمانِ وَمَن أَصبى الطُيورَ فَناجَتهُ وَناجاها +أَعطى بَلابِلَهُ يَوماً يُؤَدِّبُها لِحُرمَةٍ عِندَهُ لِلبومِ يَرعاها +وَاِشتاقَ يَوماً مِنَ الأَيّامِ رُؤيَتَها فَأَقبَلَت وَهيَ أَعصى الطَيرِ أَفواها +أَصابَها العِيُّ حَتّى لا اِقتِدارَ لَها بِأَن تَبُثَّ نَبِيَّ اللَهِ شَكواها +فَنالَ سَيِّدَها مِن دائِها غَضَبٌ وَوَدَّ لَو أَنَّهُ بِالذَبحِ داواها +فَجاءَهُ الهُدهُدُ المَعهودُ مُعتَذِراً عَنها يَقولُ لِمَولاهُ وَمَولاها +بَلابِلُ اللَهِ لا تَخرَس وَلا وُلِدَت خُرساً وَلَكِنَّ بومَ الشُؤمِ رَبّاها +بَينا ضِعافٌ مِن دَجاجِ الريفِ تَخطِرُ في بَيتٍ لَها طَريفِ +إِذا جاءَها هِندي كَبيرُ العُرفِ فَقامَ في البابِ قِيامَ الضَيفِ +يَقولُ حَيّا اللَهُ ذي الوُجوها وَلا أَراها أَبَداً مَكروها +أَتَيتُكُم أَنشُرُ فيكُم فَضلي يَوماً وَأَقضي بَينَكُم بِالعَدلِ +وَكُلُّ ما عِندَكُمُ حَرامُ عَلَيَّ إِلّا الماءُ وَالمَنامُ +فَعاوَدَ الدَجاجَ داءُ الطَيشِ وَفَتَحَت لِلعِلجِ بابَ العُشِّ +فَجالَ فيهِ جَولَةَ المَليكِ يَدعو لِكُلِّ فَرخَةٍ وَديكِ +وَباتَ تِلكَ اللَيلَةَ السَعيدَه مُمَتَّعاً بِدارِهِ الجَديدَه +وَباتَتِ الدَجاجُ في أَمانِ تَحلُمُ بِالذِلَّةِ وَالهَوانِ +حَتّى إِذا تَهَلَّلَ الصَباحُ وَاِقتَبَسَت مِن نورِهِ الأَشباحُ +صاحَ بِها صاحِبُها الفَصيحُ يَقولُ دامَ مَنزِلي المَليحُ +فَاِنتَبَهَت مِن نَومِها المَشؤومِ مَذعورَةً مِن صَيحَةِ الغَشومِ +تَقولُ ما تِلكَ الشُروط بَينَنا غَدَرتَنا وَاللَهِ غَدراً بَيِّنا +فَضَحِكَ الهِندِيُّ حَتّى اِستَلقى وَقالَ ما هَذا العَمى يا حَمقى +مَتى مَلَكتُم أَلسُنَ الأَربابِ قَد كانَ هَذا قَبلَ فَتحِ البابِ +أَلَمَّ عُصفورٌ بِمَجرىً صافِ قَد غابَ تَحتَ الغابِ في الأَلفافِ +يَسقي الثَرى مِن حَيثُ لا يَدري الثَرى خَشيَةَ أَن يُسمَعَ عَنهُ أَو يُرى +فَاِغتَرَفَ العُصفورُ مِن إِحسانِهِ وَحَرَّكَ الصَنيعُ مِن لِسانِهِ +فَقالَ يا نورَ عُيونِ الأَرضِ وَمُخجِلَ الكَوثَرِ يَومَ العَرضِ +هَل لَكَ في أَن أَرشِدَ الإِنسانا لِيَعرِفَ المَكانَ وَالإِمكانا +فَيَنظُرَ الخَيرَ الَّذي نَظَرتُ وَيَشكُرَ الفَضلَ كَما شَكَرتُ +لَعَلَّ أَن تُشهَرَ بِالجِميلِ وَتُنسِيَ الناسَ حَديثَ النيلِ +فَاِلتَفَتَ الغَديرُ لِلعُصفورِ وَقالَ يُهدي مُهجَةَ المَغرورِ +يا أَيُّها الشاكِرُ دونَ العالَمِ أَمَّنَكَ اللَهُ يَدَ اِبنِ آدَمِ +النيلُ فَاِسمَع وَاِفهَمِ الحَديثا يُعطي وَلَكِن يَأخُذُ الخَبيثا +مِن طولِ ما أَبصَرَهُ الناسُ نُسي وَصارَ كُلُّ الذِكرِ لِلمُهَندِسِ +وَهَكَذا العَهدُ بِوُدِّ الناسي وَقيمَةُ المُحسِنِ عِندَ الناسِ +وَقَد عَرَفتَ حالَتي وَضِدَّها فَقُل لِمَن يَسأَلُ عَنّي بَعدَها +إِن خَفِيَ النافِعُ فَالنَفعُ ظَهَر يا سَعدَ مَن صافى وَصوفي وَاِستَتَر +وَهَذِهِ واقِعَةٌ مُستَغرَبَه في هَوَسِ الأَفعى وَخُبثِ العَقرَبَه +رَأَيتُ أَفعى من بَناتِ النيلِ مُعجَبَةً بِقَدِّها الجَميلِ +تَحتَقِرُ النُصحَ وَتَجفو الناصِحا وَتَدَّعي العَقلَ الكَبيرَ الراجِحا +عَنَت لَها رَبيبَةُ السَباخِ تَحمِلُ وَزنَيها مِنَ الأَوساخِ +فَحَسِبَت��ا وَالحِسابُ يُجدي ساحِرَةً مِن ساحِراتِ الهِندِ +فَاِنخَرَطَت مِثلَ الحُسامِ الوالِجِ وَاِندَفَعَت تِلكَ كَسَهمٍ زالِجِ +حَتّى إِذا ما أَبلَغَتها جُحرَها دارَت عَلَيهِ كَالسِوارِ دَورَها +تَقولُ يا أُمَّ العَمى وَالطَيشِ أَينَ الفِرارُ يا عَدُوَّ العَيشِ +إِن تِلجي فَالمَوتُ في الوُلوجِ أَو تَخرُجي فَالهُلكُ في الخُروجِ +فَسَكَتَت طَريدَةُ البُيوتِ وَاِغتَرَّتِ الأَفعى بِذا السُكوتِ +وَهَجَعَت عَلى الطَريقِ هَجعَه فَخَرَجَت ضَرَّتُها بِسُرعَه +وَنَهَضَت في ذِروَةِ الدِماغِ وَاِستَرسَلَت في مُؤلِمِ التَلداغِ +فَاِنتَبَهَت كَالحالِمِ المَذعورِ تُصيحُ بِالوَيلِ وَبِالثُبورِ +حَتّى وَهَت مِنَ الفَتاةِ القُوَّه فَنَزَلت عَن رَأسِها العُدُوَّه +تَقولُ صَبراً لِلبَلاءِ صَبرا وَإِن وَجَدتِ قَسوَةً فَعُذرا +فَرَأسُكِ الداءُ وَذا الدَواءُ وَهَكَذا فَلتُركَبُ الأَعداءُ +مَن مَلَكَ الخَصمَ وَنامَ عَنهُ يُصبِحُ يَلقى ما لَقيت مِنهُ +لَولا الَّذي أَبصَرَ أَهلُ التَجرِبَه مِنّي لَما سَمّوا الخَبيثَ عَقرَبَه +قالَ السَلوقي مَرَّةً لِلجَواد وَهوَ إِلى الصَيدِ مَسوقُ القِياد +بِاللَهِ قُل لي يا رَفيقَ الهَنا فَأَنتَ تَدري لي الوَفا في الوِداد +أَلَستَ أَهلَ البيدِ أَهلَ الفَلا أَهلَ السُرى وَالسَيرِ أَهلَ الجِهاد +أَلَم تَكُن رَبَّ الصِفاتِ الَّتي هامَ بِها الشاعِرُ في كُلِّ واد +قالَ بَلى كُلَّ الَّذي قُلتهُ أَنا بِهِ المَشهورُ بَينَ العِباد +قالَ فَما بالُكَ يا صاحِبي إِذا دَعا الصَيدُ وَجَدَّ الطِراد +تَشكو فَتُشكيكَ عَصا سَيِّدي إِنَّ العَصا ما خُلِقَت لِلجَواد +وَتَنثَني في عَرَقٍ سائِلٍ مُنَكَّسَ الرَأسِ ضَئيلَ الفُؤاد +وَذا السَلوقي أَبَداً صابِرٌ يَنقادُ لِلمالِكِ أَيَّ اِنقِياد +فَقالَ مَهلاً يا كَبيرَ النُهى ما هَكَذا أَنظارُ أَهلِ الرَشاد +السِرُّ في الطَيرِ وَفي الوَحشِ لا في عَظمِ سيقانِكَ يا ذا السَداد +ما الرِجلُ إِلّا حَيثُ كانَ الهَوى إِنَّ البُطونَ قادِراتٌ شِداد +أَما تَرى الطَيرَ عَلى ضَعفِها تَطوي إِلى الحَبِّ مِئاتَ البِلاد +يُقالُ كانَت فَأرَةُ الغيطانِ تَتيهُ بِاِبنَيها عَلى الفيرانِ +قَد سَمَّتِ الأَكبَرَ نورَ الغَيطِ وَعَلَّمَتهُ المَشيَ فَوقَ الخَيطِ +فَعَرَفَ الغِياضَ وَالمُروجا وَأَتقَنَ الدُخولَ وَالخُروجا +وَصارَ في الحِرفَةِ كَالآباءِ وَعاشَ كَالفَلّاحِ في هَناءِ +وَأَتعَبَ الصَغيرُ قَلبَ الأُمِّ بِالكِبرِ فَاِحتارَت بِما تُسَمّي +فَقالَ سَمّيني بِنورِ القَصرِ لِأَنَّني يا أُمُّ فَأرُ العَصرِ +إِنّي أَرى ما لَم يَرَ الشَقيقُ فَلي طَريقٌ وَلَهُ طَريقُ +لَأَدخُلَنَّ الدارَ بَعدَ الدارِ وَثباً مِنَ الرَفِّ إِلى الكَرارِ +لَعَلَّني إِن ثَبَتَت أَقدامي وَنُلتُ يا كُلَّ المُنى مَرامي +آتيكُما بِما أَرى في البَيتِ مِن عَسَلٍ أَو جُبنَةٍ أَو زَيتِ +فَعَطَفَت عَلى الصَغيرِ أُمُّه وَأَقبَلَت مِن وَجدِها تَضُمُّه +تَقولُ إِنّي يا قَتيلَ القوتِ أَخشى عَلَيكَ ظُلمَةَ البُيوتِ +كانَ أَبوكَ قَد رَأى الفَلاحا في أَن تَكونَ مِثلَهُ فَلّاحا +فَاِعمَل بِما أَوصى تُرِح جَناني أَو لا فَسِر في ذِمَّةِ الرَحمَنِ +فَاِستَضحَكَ الفَأرُ وَهَزَّ الكَتِفا وَقالَ مَن قالَ بِذا قَد خَرِفا +ثُمَّ مَضى لِما عَلَيهِ صَمَّما وَعاهَدَ الأُمَّ عَلى أَن تَكتُما +فَكانَ يَأتي كُلَّ يَومِ جُمعَه وَجُبنَةٌ في فَمِهِ أَو شَمعَه +حَتّى مَضى الشَهرُ وَجاءَ الشَهرُ وَعُرِفَ اللِصُّ وَشاعَ الأَمرُ +فَجاءَ يَوماً أُمَّهُ مُضطَرِباً فَسَأَلتُهُ أَينَ خَلّى الذَنَبا +فَقالَ لَيسَ بِالفَقيدِ مِن عَجَب في الشَهدِ قَد غاصَ وَفي الشَهدِ ذَهَب +وَجاءَها ثانِيَةً في خَجَلِ مِنها يُداري فَقدَ إِحدى الأَرجُلِ +فَقالَ رَفٌّ لَم أصِبهُ عالي صَيَّرَني أَعرج في المَعالي +وَكانَ في الثالِثَةِ اِبنُ الفارَه قَد أَخلَفَ العادَةَ في الزِيارَه +فَاِشتَغَلَ القَلبُ عَلَيهِ وَاِشتَعَل وَسارَتِ الأُمُّ لَهُ عَلى عَجَل +فَصادَفتهُ في الطَريقِ مُلقى قَد سُحِقَت مِنهُ العِظامُ سَحقا +فَناحَتِ الأُمُّ وَصاحَت واها إِنَّ المَعالي قَتَلَت فَتاها +كانَ لِلغربانِ في العَصرِ مَليك وَلَهُ في النَخلَةِ الكُبرى أَريك +فيهِ كُرسِيٌّ وَخِدرٌ وَمُهود لِصِغارِ المُلكِ أَصحابِ العُهودِ +جاءَهُ يَوماً ندورُ الخادِمُ وَهوَ في البابِ الأَمينُ الحازِمُ +قالَ يا فَرعَ المُلوكِ الصالِحين أَنتَ ما زِلتَ تُحِبُّ الناصِحين +سوسَةٌ كانَت عَلى القَصرِ تَدور جازَت القَصرَ وَدَبَّت في الجُدور +فَاِبعَثِ الغِربانَ في إِهلاكِها قَبلَ أَن نَهلِكَ في أَشراكِها +ضَحكَ السُلطانُ في هَذا المَقال ثُمَّ أَدنى خادِمَ الخَيرِ وَقال +أَنا رَبُّ الشَوكَةِ الضافي الجَناح أَنا ذو المِنقارِ غَلّابُ الرِياح +أَنا لا أَنظُرُ في هَذي الأُمور أَنا لا أُبصِرُ تَحتي بانُدور +ثُمَّ لَمّا كانَ عامٌ بَعدَ عام قامَ بَينَ الريحِ وَالنَخلِ خِصام +وَإِذا النَخلَةُ أَقوى جِذعُها فَبَدا لِلريحِ سَهلاً قَلعُها +فَهَوَت لِلأَرضِ كَالتَلِّ الكَبير وَهَوى الديوانُ وَاِنقَضَّ السَرير +فَدَها السُلطانَ ذا الخَطبُ المَهول وَدَعا خادِمَهُ الغالي يَقول +يا نُدورَ الخَيرِ أَسعِف بِالصِياح ما تَرى ما فَعَلَت فينا الرِياح +قالَ يا مَولايَ لا تَسأَل نُدور أَنا لا أَنظُرُ في هَذي الأُمور +ظَبيٌ رَأى صورَتَهُ في الماءِ فَرَفَعَ الرَأسَ إِلى السَماءِ +وَقالَ يا خالِقَ هَذا الجيدِ زِنهُ بِعِقدِ اللُؤلُؤِ النَضيدِ +فَسَمِعَ الماءَ يَقولُ مُفصِحا طَلَبتَ يا ذا الظَبيُ ما لَن تُمنَحا +إِنَّ الَّذي أَعطاكَ هَذا الجيدا لَم يُبقِ في الحُسنِ لَهُ مَزيدا +لَو أَنَّ حُسنَهُ عَلى النُحورِ لَم يُخرِجِ الدُرَّ مِنَ البُحور +فَاِفتَتَنَ الظَبيُ بِذي المَقالِ وَزادَهُ شَوقاً إِلى اللآلي +وَلَم يَنَلهُ فَمُهُ السَقيمُ فَعاشَ دَهراً في الفَلا يَهيمُ +حَتّى تَقَضّى العُمرُ في الهُيامِ وَهَجرِ طيبِ النَومِ وَالطَعامِ +فَسارَ نَحوَ الماءِ ذاتَ مَرَّه يَشكو إِلَيهِ نَفعَهُ وَضَرَّه +وَبَينَما الجارانِ في الكَلام أَقبَلَ راعي الدَيرِ في الظَلام +يَتبَعُهُ حَيثُ مَشى خِنزيرُ في جيدِهِ قِلادَةٌ تُنيرُ +فَاِندَفَعَ الظَبيُ لِذاكَ يَبكي وَقالَ مِن بَعدِ اِنجِلاءِ الشَك +ما آفَةُ السَعيِ سِوى الضَلالِ ما آفَةُ العُمرِ سِوى الآمالِ +لَولا قَضاءُ الملِكِ القَدير لَما سَعى العِقدُ إِلى الخِنزير +فَاِلتَفَتَ الماءُ إِلى الغَزالِ وَقالَ حالُ الشَيخِ شَرُّ حالِ +لا عَجَبٌ إِنَّ السِنينَ موقِظَه حَفِظتَ عُمراً لَو حَفِظتَ مَوعِظَه +لَمّا دَعا داعي أَبي الأَشبالِ مُبَشِّراً بِأَوَّلِ الأَنجالِ +سَعَت سِباعُ الأَرضِ وَالسَماءِ وَاِنعَقَدَ المَجلِسُ لِلهَناءِ +وَصَدَرَ المَرسومُ بِالأَمانِ في الأَرضِ لِلقاصي بِها وَالداني +فَضاقَ بِالذُيولِ صَحنُ الدار مِن كُلِّ ذي صوفٍ وَذي مِنقارِ +حَتّى إِذا اِستَكمَلت الجَمعِيَّه نادى مُنادي اللَيثِ في المَعِيَّه +هَل مِن خَطيبٍ مُحسِنٍ خَبير يَدعو بِطولِ العُمرِ لِلأَمير +فَنَهَضَ الفيلُ المُشيرُ السامي وَقالَ ما يَليقُ بِالمَقام +ثُمَّ تَلاهُ الثَعلَبُ السَفيرُ يُنشِدُ حَتّى قيلَ ذا جَرير +وَاِندَفَعَ القِردُ مُديرُ الكاسِ فَقيلَ أَحسَنتَ أَبا نُواسِ +وَأَومَأَ الحِمارُ بِالعَقيرَة يُريدُ أَن يُشَرِّفَ العَشيرَه +فَقالَ بِاِسمِ خالِقِ الشَعير وَباعِثِ العَصا إِلى الحَمير +فَأَزعَجَ الصَوتُ وَلِيَّ العَهدِ فَماتَ مِن رَعدَتِهِ في المَهدِ +فَحَمَلَ القَومُ عَلى الحِمارِ بِجُملَةِ الأَنيابِ وَالأَظفارِ +وَاِنتُدِبَ الثَعلَبُ لِلتَأبين فَقالَ في التَعريضِ بِالمِسكين +لا جَعَلَ اللَهُ لَهُ قَراراً عاشَ حِماراً وَمَضى حِمارا +نَظَرَ اللَيثُ إِلى عِجلٍ سَمين كانَ بِالقُربِ عَلى غَيطٍ أَمين +فَاِشتَهَت مِن لَحمِهِ نَفسُ الرَئيس وَكَذا الأَنفُسُ يُصيبُها النَفيس +قالَ لِلثَعلَبِ يا ذا الاِحتِيال رَأسُكَ المَحبوبُ أَو ذاكَ الغَزال +فَدَعا بِالسَعدِ وَالعُمرِ الطَويل وَمَضى في الحالِ لِلأَمرِ الجَليل +وَأَتى الغَيطَ وَقَد جَنَّ الظَلام فَرَأى العِجلَ فَأَهداهُ السَلام +قائِلاً يا أَيُّها المَولى الوَزير أَنتَ أَهلُ العَفوِ وَالبِرِّ الغَزير +حَمَلَ الذِئبَ عَلى قَتلى الحَسَد فَوَشى بي عِندَ مَولانا الأَسَد +فَتَرامَيتُ عَلى الجاهِ الرَفيع وَهوَ فينا لَم يَزَل نِعمَ الشَفيع +فَبَكى المَغرورُ مِن حالِ الخَبيث وَدَنا يَسأَلُ عَن شَرحِ الحَديث +قالَ هَل تَجهَلُ يا حُلوَ الصِفات أَنَّ مَولانا أَبا الأَفيالِ مات +فَرَأى السُلطانُ في الرَأسِ الكَبير مَوطِنَ الحِكمَةِ وَالحِذقِ الكَثير +وَرَآكُم خَيرَ مَن يُستَوزَرُ وَلِأَمرِ المُلكِ رُكناً يُذخَرُ +وَلَقَد عَدّوا لَكُم بَينَ الجُدود مِثلَ آبيسَ وَمَعبودِ اليَهود +فَأَقاموا لِمَعاليكُم سَرير عَن يَمينِ المَلكِ السامي الخَطير +وَاِستَعَدَّ الطَيرُ وَالوَحشُ لِذاك في اِنتِظارِ السَيِّدِ العالي هُناك +فَإِذا قُمتُم بِأَعباءِ الأُمور وَاِنتَهى الأُنسُ إِلَيكُم وَالسُرور +بَرِّؤوني عِندَ سُلطانِ الزَمان وَاِطلُبوا لي العَفوَ مِنهُ وَالأَمان +وَكَفاكُم أَنَّني العَبدُ المُطيع أَخدُمُ المُنعِمَ جَهدَ المُستَطيع +فَأَحَدَّ العِجلُ قَرنَيهِ وَقالَ أَنتَ مُنذُ اليَومِ جاري لا تُنال +فَاِمضِ وَاِكشِف لي إِلى اللَيثِ الطَريق أَنا لا يَشقى لَدَيهِ بي رَفيق +فَمَضى الخِلّانِ تَوّاً لِلفَلاه ذا إِلى المَوتِ وَهَذا لِلحَياه +وَهُناكَ اِبتَلَعَ اللَيثُ الوَزير وَحَبا الثَعلَبَ مِنهُ بِاليَسير +فَاِنثَنى يَضحَكُ مِن طَيشِ العُجول وَجَرى في حَلبَةِ الفَخرِ يَقول +سَلِمَ الثَعلَبُ بِالرَأسِ الصَغير فَفَداهُ كُلُّ ذي رَأسٍ كَبير +قِردٌ رَأى الفيلَ عَلى الطَريقِ مُهَروِلاً خَوفاً مِنَ التَعويقِ +وَكانَ ذاكَ القِردُ نِصفَ أَعمى يُريدُ يُحصي كُلَّ شَيءٍ عِلما +فَقالَ أَهلاً بِأَبي الأَهوالِ وَمَرحَباً بِمُخجِلِ الجِبالِ +تَفدي الرُؤوسُ رَأسَكَ العَظيما فَقِف أُشاهِد حُسنَكَ الوَسيما +لِلَّهِ ما أَظرَفَ هَذا القَدّا وَأَلطَفَ العَظمَ وَأَبهى الجِلدا +وَأَملَحَ الأُذنَ في الاِستِرسالِ كَأَنَّها دائِرَةُ الغِربالِ +وَأَحسَنَ الخُرطومَ حينَ تاها كَأَنَّهُ النَخلَةُ في صِباها +وَظَهرُكَ العالي هُوَ البِساطُ لِلنَفسِ في رُكوبِهِ اِنبِساطُ +فَعَدَّها الفيلُ مِنَ السُعود وَأَمَرَ الشاعِرَ بِالصُعود +فَجالَ في الظَهرِ بِلا تَوانِ حَتّى إِذا لَم يَبقَ مِن مَكان +أَوفى عَلى الشَيءِ الَّذي لا يُذكَرُ وَأَدخَلَ الأصبُعَ فيهِ يَخبُرُ +فَاِتَّهَمَ الفيلُ البَعوضَ وَاِضطَرَب وَضَيَّقَ الثَقبَ وَصالَ بِالذَنَب +فَوَقَعَ الضَربُ عَلى السَليمَه فَلَحِقَت بِأُختِها الكَريمَه +وَنَزَلَ البَصيرُ ذا اِكتِئابِ يَشكو إِلى الفيلِ مِنَ المُصابِ +فَقالَ لا موجِبَ لِلنَدامَه الحَمدُ لِلَّهِ عَلى السَلامَه +مَن كانَ في عَينَيهِ هَذا الداءُ فَفي العَمى لِنَفسِهِ وَقاءُ +مَرَّ الغُرابُ بِشاةٍ قَد غابَ عَنها الفَطيمُ +تَقولُ وَالدَمعُ جار وَالقَلبُ مِنها كَليمُ +يا لَيتَ شِعرِيَ يا اِبني وَواحِدي هَل تَدومُ +وَهَل تَكونُ بِجَنبي غَداً عَلى ما أَرومُ +فَقالَ يا أُمَّ سَعدٍ هَذا عَذابٌ أَليمُ +فَكَّرتِ في الغَدِ وَالفِك رُ مُقعِدٌ وَمُقيمُ +لِكُلِّ يَومٍ خُطوبٌ تَكفي وَشُغلٌ عَظيمُ +وَبَينَما هُوَ يَهذي أَتى النَعِيُّ الذَميمُ +يَقولُ خَلَّفتُ سَعداً وَالعَظمُ مِنهُ هَشيمُ +رَأى مِنَ الذِئبِ ما قَد رَأى أَبوهُ الكَريمُ +فَقالَ ذو البَينِ لِلأُم مِ حينَ وَلَّت تَهيمُ +إِنَّ الحَكيمَ نَبِيٌّ لِسانُهُ مَعصومُ +أَلَم أَقُل لَكِ توا لِكُلِّ يَومٍ هُمومُ +قالَت صَدَقتَ وَلَكِن هَذا الكَلامُ قَديمُ +فَإِنَّ قَومِيَ قالوا وَجهُ الغُرابِ مَشومُ +يَحكونَ أَنَّ أُمَّةَ الأَرانِبِ قَد أَخَذَت مِنَ الثَرى بِجانِبِ +وَاِبتَهَجَت بِالوَطَنِ الكَريمِ وَمَوئِلِ العِيالِ وَالحَريمِ +فَاِختارَهُ الفيلُ لَهُ طَريقا مُمَزِّقاً أَصحابَنا تَمزيقا +وَكانَ فيهِم أَرنَبٌ لَبيبُ أَذهَبَ جُلَّ صوفِهِ التَجريبُ +نادى بِهِم يا مَعشَرَ الأَرانِبِ مِن عالِمٍ وَشاعِرٍ وَكاتِبِ +اِتَّحِدوا ضِدَّ العَدُوِّ الجافي فَالاتِّحادُ قُوَّةُ الضِعافِ +فَأَقبَلوا مُستَصوِبينَ رايَه وَعَقَدوا لِلاجتِماعِ رايَه +وَاِنتَخَبوا مِن بَينِهِم ثَلاثَه لا هَرَماً راعَوا وَلا حَداثَه +بَل نَظَروا إِلى كَمالِ العَقلِ وَاِعتَبَروا في ذاكَ سِنَّ الفَضلِ +فَنَهَضَ الأَوَّلُ لِلخِطابِ فَقالَ إِنَّ الرَأيَ ذا الصَوابِ +أَن تُترَكَ الأَرضُ لِذي الخُرطومِ كَي نَستَريحَ مِن أَذى الغَشومِ +فَصاحَتِ الأَرانِبُ الغَوالي هَذا أَضَرُّ مِن أَبي الأَهوالِ +وَوَثَبَ الثاني فَقالَ إِنّي أَعهَدُ في الثَعلَبِ شَيخَ الفَنِّ +فَلنَدعُهُ يُمِدُّنا بِحِكمَتِهِ وَيَأخُذُ اِثنَينِ جَزاءَ خِدمَتِهِ +فَقيلَ لا ياصاحِبَ السُمُوِّ لا يُدفَعُ العَدُوُّ بِالعَدُوِّ +وَاِنتَدَبَ الثالِثُ لِلكَلامِ فَقالَ يا مَعاشِرَ الأَقوامِ +اِجتَمِعوا فَالا��جتِماعُ قُوَّه ثُمَّ احفِروا عَلى الطَريقِ هُوَّه +يَهوي إِلَيها الفيلُ في مُرورِهِ فَنَستَريحُ الدَهرَ مِن شُرورِهِ +ثُمَّ يَقولُ الجيلُ بَعدَ الجيلِ قَد أَكَلَ الأَرنَبُ عَقلَ الفيلِ +فَاِستَصوَبوا مَقالَهُ وَاِستَحسَنوا وَعَمِلوا مِن فَورِهِم فَأَحسَنوا +وَهَلَكَ الفيلُ الرَفيعُ الشانِ فَأَمسَتِ الأُمَّةُ في أَمانِ +وَأَقبَلَت لِصاحِبِ التَدبيرِ ساعِيَةً بِالتاجِ وَالسَريرِ +فَقالَ مَهلاً يا بَني الأَوطانِ إِنَّ مَحَلّي لَلمَحَلُّ الثاني +فَصاحِبُ الصَوتِ القَوِيِّ الغالِبِ مَن قَد دَعا يا مَعشَرَ الأَرانِبِ +مَرَّت عَلى الخُفاشِ مَليكَةُ الفَراشِ +تَطيرُ بِالجُموعِ سَعياً إِلى الشُموعِ +فَعَطَفَت وَمالَت وَاِستَضحَكَت فَقالَت +أَزرَيتَ بِالغَرامِ يا عاشِقَ الظلامِ +صِف لي الصَديقَ الأَسوَدا الخامِلَ المُجَرَّدا +قالَ سَأَلتِ فيهِ أَصدَقَ واصِفيهِ +هُوَ الصَديقُ الوافي الكامِلُ الأَوصافِ +جِوارُهُ أَمانُ وَسِرُّهُ كِتمانُ +وَطَرفُهُ كَليلُ إِذا هَفا الخَليلُ +يَحنو عَلى العُشّاقِ يَسمَعُ لِلمُشتاقِ +وَجُملَةُ المَقالِ هُوَ الحَبيبُ الغالي +فَقالَتِ الحَمقاءُ وَقَولُها اِستِهزاءُ +أَينَ أَبو المِسكِ الخَصي ذو الثَمَنِ المُستَرخَصِ +مِن صاحِبي الأَميرِ الظاهِرِ المُنيرِ +إِن عُدَّ فيمَن أَعرِفُ أَسمو بِهِ وَأَشرُفُ +وَإِن سُئِلتُ عَنهُ وَعَن مَكاني مِنهُ +أُفاخِرُ الأَترابا وَأَنثَني إِعجابا +فَقالَ يا مَليكَه وَرَبَّةَ الأَريكَه +إِنَّ مِنَ الغُرورِ مَلامَةَ المَغرورِ +فَأَعطِني قَفاك وَاِمضي إِلى الهَلاك +فَتَرَكَتهُ ساخِرَه وَذَهَبَت مُفاخِرَه +وَبَعدَ ساعَةٍ مَضَت مِنَ الزَمانِ فَاِنقَضَت +مَرَّت عَلى الخُفّاشِ مَليكَةُ الفَراشِ +ناقِصَةَ الأَعضاءِ تَشكو مِنَ الفَناءِ +فَجاءَها مُنهَمِكا يُضحِكُهُ مِنها البُكا +قالَ أَلَم أَقُل لَكِ هَلكتِ أَو لَم تَهلِكي +رُبَّ صَديقٍ عَبدِ أَبيَضُ وَجهِ الوُدِّ +يَفديكَ كَالرَئيسِ بِالنَفسِ وَالنَفيسِ +وَصاحِبٍ كَالنورِ في الحُسنِ وَالظُهورِ +مُعتَكِرَ الفُؤادِ مُضَيِّعَ الوِدادِ +جِبالُهُ أَشراكُ وَقُربُهُ هَلاكُ +اللَيثُ مَلكُ القِفارِ وَما تَضُمُّ الصَحاري +سَعَت إِلَيهِ الرَعايا يَوماً بِكُلِّ اِنكِسارِ +قالَت تَعيشُ وَتَبقى يا دامِيَ الأَظفارِ +ماتَ الوَزيرُ فَمَن ذا يَسوسُ أَمرَ الضَواري +قالَ الحِمارُ وَزيري قَضى بِهَذا اِختِياري +فَاِستَضحَكَت ثُمَّ قالَت ماذا رَأى في الحِمارِ +وَخَلَّفَتهُ وَطارَت بِمُضحِكِ الأَخبارِ +حَتّى إِذا الشَهرُ وَلّى كَلَيلَةٍ أَو نَهارِ +لَم يَشعُرِ اللَيثُ إِلّا وَمُلكُهُ في دَمارِ +القِردُ عِندَ اليَمينِ وَالكَلبُ عِندَ اليَسارِ +وَالقِطُّ بَينَ يَدَيهِ يَلهو بِعَظمَةِ فارِ +فَقالَ مَن في جُدودي مِثلي عَديمُ الوَقارِ +أَينَ اِقتِداري وَبَطشي وَهَيبَتي وَاِعتِباري +فَجاءَهُ القِردُ سِرّاً وَقالَ بَعدَ اِعتِذارِ +يا عالِيَ الجاهِ فينا كُن عالِيَ الأَنظارِ +رَأيُ الرَعِيَّةِ فيكُم مِن رَأيِكُم في الحِمارِ +كانَتِ النَملَةُ تَمشي مَرَّةً تَحتَ المُقَطَّم +فَاِرتَخى مَفصِلُها مِن هَيبَةِ الطَودِ المُعَظَّم +وَاِنثَنَت تَنظُرُ حَتّى أَوجَدَ الخَوفُ وَأ��عدَم +قالَتِ اليَومَ هَلاكي حَلَّ يَومي وَتَحَتَّم +لَيتَ شِعري كَيفَ أَنجو إِن هَوى هَذا وَأَسلَم +فَسَعَت تَجري وَعَينا ها تَرى الطَودَ فَتَندَم +سَقَطَت في شِبرِ ماءٍ هُوَ عِندَ النَملِ كَاليَم +فَبَكَت يَأساً وَصاحَت قَبلَ جَريِ الماءِ في الفَم +ثُمَّ قالَت وَهيَ أَدرى بِالَّذي قالَت وَأَعلَم +لَيتَني لَم أَتَأَخَّر لَيتَني لَم أَتَقَدَّم +لَيتَني سَلَّمتُ فَالعا قِلُ مَن خافَ فَسَلَّم +صاحِ لا تَخشَ عَظيما فَالَّذي في الغَيبِ أَعظَم +كانَ فيما مَضى مِنَ الدَهرِ بَيتٌ مِن بُيوتِ الكِرامِ فيهِ غَزالُ +يَطعَمُ اللَوزَ وَالفَطيرَ وَيُسقى عَسَلاً لَم يَشُبهُ إِلّا الزُلالُ +فَأَتى الكَلبَ ذاتَ يَومٍ يُناجي هِ وَفي النَفسِ تَرحَةٌ وَمَلالُ +قالَ يا صاحِبَ الأَمانَةِ قُل لي كَيفَ حالُ الوَرى وَكَيفَ الرِجالُ +فَأَجابَ الأَمينُ وَهوَ القَئولُ الصا دِقُ الكامِلُ النُهى المِفضالُ +سائِلي عَلى حَقيقَةِ الناسِ عُذراً لَيسَ فيهِم حَقيقَةٌ فَتُقالُ +إِنَّما هُم حِقدٌ وَغِشٌّ وَبُغضٌ وَأَذاةٌ وَغَيبَةٌ وَاِنتِحالُ +لَيتَ شِعري هَل يَستَريحُ فُؤادي كَم أُداريهِم وَكَم أَحتالُ +فَرِضا البَعضِ فيهِ لِلبَعضِ سُخطٌ وَرِضا الكُلِّ مَطلَبٌ لا يُنالُ +وَرِضا اللَهِ نَرتَجيهِ وَلَكِن لا يُؤَدّي إِلَيهِ إِلّا الكَمالُ +لا يَغُرَّنكَ يا أَخا البيدِ مِن مَو لاكَ ذاكَ القَبولُ وَالإِقبالُ +أَنتَ في الأَسرِ ما سَلِمتَ فَإن تَم رَض تُقَطَّع مِن جِسمِكَ الأَوصالُ +فَاِطلُبِ البيدَ وَاِرضَ بِالعُشبِ قوتاً فَهُناكَ العَيشُ الهَنِيُّ الحَلالُ +أَنا لَولا العِظامُ وَهيَ حَياتي لَم تَطلُب لي مَعَ اِبنِ آدَمَ حالُ +بَرَزَ الثَعلَبُ يَوماً في شِعارِ الواعِظينا +فَمَشى في الأَرضِ يَهذي وَيَسُبُّ الماكِرينا +وَيَقولُ الحَمدُ لِل هِ إِلَهِ العالَمينا +يا عِبادَ اللَهِ توبوا فَهوَ كَهفُ التائِبينا +وَاِزهَدوا في الطَيرِ إِنَّ ال عَيشَ عَيشُ الزاهِدينا +وَاطلُبوا الديكَ يُؤَذِّن لِصَلاةِ الصُبحِ فينا +فَأَتى الديكَ رَسولٌ مِن إِمامِ الناسِكينا +عَرَضَ الأَمرَ عَلَيهِ وَهوَ يَرجو أَن يَلينا +فَأَجابَ الديكُ عُذراً يا أَضَلَّ المُهتَدينا +بَلِّغِ الثَعلَبَ عَنّي عَن جدودي الصالِحينا +عَن ذَوي التيجانِ مِمَّن دَخَلَ البَطنَ اللَعينا +أَنَّهُم قالوا وَخَيرُ ال قَولِ قَولُ العارِفينا +مُخطِئٌ مَن ظَنَّ يَوماً أَنَّ لِلثَعلَبِ دينا +اِسمَع نَفائِسَ ما يَأتيكَ مِن حِكَمي وَاِفهَمهُ فَهمَ لَبيبٍ ناقِدٍ واعي +كانَت عَلى زَعمِهِم فيما مَضى غَنَمٌ بِأَرضِ بَغدادَ يَرعى جَمعَها راعي +قَد نامَ عَنها فَنامَت غَيرَ واحِدَةٍ لَم يَدعُها في الدَياجي لِلكَرى داعي +أُمُّ الفَطيمِ وَسَعدٍ وَالفَتى عَلفٍ وَاِبنِ أُمِّهِ وَأَخيهِ مُنيَةِ الراعي +فَبَينَما هِيَ تَحتَ اللَيلِ ساهِرَةٌ تُحييهِ ما بَينَ أَوجالٍ وَأَوجاعِ +بَدا لَها الذِئبُ يَسعى في الظَلامِ عَلى بُعدٍ فَصاحَت أَلا قوموا إِلى الساعي +فَقامَ راعي الحِمى المَرعِيِّ مُنذَعِراً يَقولُ أَينَ كِلابي أَينَ مِقلاعي +وَضاقَ بِالذِئبِ وَجهُ الأَرضِ مِن فَرَق فَاِنسابَ فيهِ اِنسِيابَ الظَبيِ في القاعِ +فَقالَتِ الأُمُّ يا للفَخرِ كانَ أَبي حُرّاً وَكانَ وَفِيّاً طائِل�� الباعِ +إِذا الرُعاةُ عَلى أَغنامِها سَهِرَت سَهِرتُ مِن حُبِّ أَطفالي عَلى الراعي +فَأرٌ رَأى القِطَّ عَلى الجِدارِ مُعَذَّباً في أَضيَقِ الحِصارِ +وَالكَلبُ في حالَتِهِ المَعهودَه مُستَجمِعاً لِلوَثبَةِ المَوعودَه +فَحاوَلَ الفَأرُ اِغتِنامَ الفُرصَه وَقالَ أَكفي القِطَّ هَذي الغُصَّه +لَعَلَّهُ يَكتُبُ بِالأَمانِ لي وَلِأَصحابي مِنَ الجيرانِ +فَسارَ لِلكَلبِ عَلى يَدَيهِ وَمَكَّنَ التُرابَ مِن عَينَيهِ +فَاِشتَغَلَ الراعي عَنِ الجِدارِ وَنَزَلَ القِطُّ عَلى بِدارِ +مُبتَهِجاً يُفَكِّرُ في وَليمَه وَفي فَريسَةٍ لَها كَريمَه +يَجعَلُها لِخَطبِهِ عَلامَه يَذكُرُها فَيَذكُرُ السَلامَه +فَجاءَ ذاكَ الفَأرُ في الأَثناءِ وَقالَ عاشَ القِطُّ في هَناءِ +رَأَيتَ في الشِدَّةِ مِن إِخلاصي ما كانَ مِنها سَبَبَ الخَلاصِ +وَقَد أَتَيتُ أَطلُبُ الأَمانا فَاِمنُن بِهِ لِمَعشَري إِحسانا +فَقالَ حَقّاً هَذِهِ كَرامَه غَنيمَةٌ وَقَبلَها سَلامَه +يَكفيكَ فَخراً يا كَريمَ الشيمَه أَنَّكَ فَأرُ الخَطبِ وَالوَليمَه +وَاِنقَضَّ في الحالِ عَلى الضَعيفِ يَأكُلُهُ بِالمِلحِ وَالرَغيفِ +فَقُلتُ في المَقامِ قَولاً شاعا مَن حَفِظَ الأَعداءَ يَوماً ضاعا +وَقَفَ الهُدهُدُ في با بِ سُلَيمانَ بِذِلَّه +قالَ يا مَولايَ كُن لي عيشَتي صارَت مُمِلَّه +متُّ مِن حَبَّةِ بُرٍّ أَحدَثَت في الصَدرِ غُلَّه +لا مِياهُ النيلِ تُروي ها وَلا أَمواهُ دِجلَه +وَإِذا دامَت قَليلاً قَتَلَتني شَرَّ قتلَه +فَأَشارَ السَيِّدُ العالي إِلى مَن كانَ حَولَه +قَد جَنى الهُدهُدُ ذَنباً وَأَتى في اللُؤمِ فَعلَه +تِلكَ نارُ الإِثمِ في الصَد رِ وَذي الشَكوى تَعِلَّه +ما أَرى الحَبَّةَ إِلّا سُرِقَت مِن بَيتِ نَملَه +إِنَّ لِلظالِمِ صَدراً يَشتَكي مِن غَيرِ عِلَّه +سَمِعتُ بِأَنَّ طاووساً أَتى يَوماً سُلَيمانا +يُجَرِّرُ دونَ وَفدِ الطَي رِ أَذيالاً وَأَردانا +وَيُظهِرُ ريشَهُ طَوراً وَيُخفي الريشَ أَحيانا +فَقالَ لَدَيَّ مَسأَلَةٌ أَظُنُّ أَوانَها آنا +وَها قَد جِئتُ أَعرضُها عَلى أَعتابِ مَولانا +أَلَستُ الرَوضَ بِالأَزها رِ وَالأَنوارِ مُزدانا +أَلَم أَستَوفِ آيَ الظَر فِ أَشكالاً وَأَلوانا +أَلَم أُصبِح بِبابِكُم لِجَمعِ الطَيرِ سُلطانا +فَكَيفَ يَليقُ أَن أَبقى وَقَومي الغُرُّ أَوثانا +فَحُسنُ الصَوتِ قَد أَمسى نَصيبي مِنهُ حِرمانا +فَما تَيَّمتُ أَفئِدَةً وَلا أَسكَرتُ آذانا +وَهَذي الطَيرُ أَحقَرها يَزيدُ الصَبَّ أَشجانا +وَتَهتَزُّ المُلوكُ لَهُ إِذا ما هَزَّ عيدانا +فَقالَ لَهُ سُلَيمانٌ لَقَد كانَ الَّذي كانا +تَعالَت حِكمَةُ الباري وَجَلَّ صَنيعُهُ شانا +لَقَد صَغَّرتَ يا مَغرو رُ نُعمى اللَهِ كُفرانا +وَمُلكُ الطَيرِ لَم تَحفِل بِهِ كِبراً وَطُغيانا +فَلَو أَصبَحتَ ذا صَوتٍ لَما كَلَّمتَ إِنسانا +كانَ بِرَوضٍ غُصُنٌ ناعِمٌ يَقولُ جَلَّ الواحِدُ المُنفَرِد +فَقامَتي في ظَرفِها قامَتي وَمِثلُ حُسنى في الوَرى ما عُهِد +فَأَقبَلَت خُنفُسَةٌ تَنثَني وَنَجلُها يَمشي بِجَنبِ الكَبِد +تَقولُ يا زَينَ رِياضِ البَها إِنَّ الَّذي تَطلُبُهُ قَد وُجِد +فَانظُر لِقَدِّ اِبني وَلا تَفتَخِر مادامَ في العالَمِ أُمٌّ تَلِد +رَأَيتُ في بَعضِ الرِياضِ قُبَّرَه تُطَيِّرُ اِبنَها بِأَعلى الشَجَرَه +وَهيَ تَقولُ يا جَمالَ العُشِّ لا تَعتَمِد عَلى الجَناحِ الهَشِّ +وَقِف عَلى عودٍ بِجَنبِ عودِ وَاِفعَل كَما أَفعَلُ في الصُعودِ +فَاِنتَقَلَت مِن فَنَنٍ إِلى فَنَن وَجَعَلَت لِكُلِّ نَقلَةٍ زَمَن +كَي يَستَريحَ الفَرخُ في الأَثناءِ فَلا يَمَلُّ ثِقَلَ الهَواءِ +لَكِنَّهُ قَد خَالَفَ الإِشارَه لَمّا أَرادَ يُظهِرُ الشَطارَه +وَطارَ في الفَضاءِ حَتّى اِرتَفَعا فَخانَهُ جَناحُهُ فَوَقَعا +فَاِنكَسَرَت في الحالِ رُكبَتاهُ وَلَم يَنَل مِنَ العُلا مُناهُ +وَلَو تَأَنّى نالَ ما تَمَنّى وَعاشَ طولَ عُمرِهِ مُهَنّا +لِكُلِّ شَيءٍ في الحَياةِ وَقتُهُ وَغايَةُ المُستَعجِلينَ فَوتُهُ +كانَ لِبَعضِ الناسِ نَعجَتان وَكانَتا في الغَيطِ تَرعَيانِ +إِحداهُما سَمينَةٌ وَالثانِيَه عِظامُها مِنَ الهُزالِ بادِيَه +فَكانَتِ الأولى تُباهي بِالسِمَن وَقَولِهِم بِأَنَّها ذاتُ الثَمَن +وَتَدَّعي أَنَّ لَها مِقدارا وَأَنَّها تَستَوقِفُ الأَبصارا +فَتَصبِرُ الأُختُ عَلى الإِذلالِ حامِلَةً مَرارَةَ الإِدلالِ +حَتّى أَتى الجَزّارُ ذاتَ يَومِ وَقَلبَ النَعجَةَ دونَ القَومِ +فَقالَ لِلمالِكِ أَشتَريها وَنَقَدَ الكيسَ النَفيسَ فيها +فَاِنطَلَقَت مِن فَورِها لِأُختِها وَهيَ تَشُكُّ في صَلاحِ بَختِها +تَقولُ يا أُختاهُ خَبِّريني هَل تَعرِفينَ حامِلَ السِكّينِ +قالَت دَعيني وَهُزالي وَالزَمَن وَكَلِّمي الجَزّارَ يا ذاتَ الثَمَن +لِكُلِّ حالٍ حُلوُها وَمُرُّها ما أَدَبُ النَعجَةِ إِلّا صَبرُها +لَمّا أَتَمَّ نوحٌ السَفينَه وَحَرَّكَتها القُدرَةُ المُعينَه +جَرى بِها ما لا جَرى بِبالِ فَما تَعالى المَوجُ كَالجِبالِ +حَتّى مَشى اللَيثُ مَعَ الحِمارِ وَأَخَذَ القِطُّ بِأَيدي الفارِ +وَاِستَمَعَ الفيلُ إِلى الخِنزيرِ مُوتَنِساً بِصَوتِهِ النَكيرِ +وَجَلَسَ الهِرُّ بِجَنبِ الكَلبِ وَقَبَّلَ الخَروفُ نابَ الذِئبِ +وَعَطَفَ البازُ عَلى الغَزالِ وَاِجتَمَعَ النَملُ عَلى الأَكّالِ +وَفَلَتِ الفَرخَةُ صوفَ الثَعلَبِ وَتَيَّمَ اِبنَ عِرسَ حُبُّ الأَرنَبِ +فَذَهَبَت سَوابِقُ الأَحقادِ وَظَهَرَ الأَحبابُ في الأَعادي +حَتّى إِذا حَطّوا بِسَفحِ الجودي وَأَيقَنوا بِعَودَةِ الوُجودِ +عادوا إِلى ما تَقتَضيهِ الشيمَه وَرَجَعوا لِلحالَةِ القَديمَه +فَقِس عَلى ذَلِكَ أَحوالَ البَشَر إِن شَمِلَ المَحذورُ أَو عَمَّ الخَطَر +بَينا تَرى العالَمَ في جِهادِ إِذ كُلُّهُم عَلى الزَمانِ العادي +لَم يَتَّفِق مِمّا جَرى في المَركَبِ كَكَذِبِ القِردِ عَلى نوحِ النَبي +فَإِنَّهُ كانَ بِأَقصى السَطحِ فَاِشتاقَ مِن خِفَّتِهِ لِلمَزحِ +وَصاحَ يا لِلطَيرِ وَالأَسماكِ لِمَوجَةٍ تَجِدُّ في هَلاكي +فَبَعَثَ النَبي لَهُ النُسورا فَوَجَدَتهُ لاهِياً مَسرورا +ثُمَّ أَتى ثانِيَةً يَصيحُ قَد ثُقِبَت مَركَبُنا يا نوحُ +فَأَرسَلَ النَبِيُّ كُلَّ مَن حَضَر فَلَم يَرَوا كَما رَأى القِردُ خَطَر +وَبَينَما السَفيهُ يَوماً يَلعَبُ جادَت بِهِ عَلى المِياهِ المَركَبُ +فَسَمِعوهُ في الدُجى يَنوحُ يَقولُ إِنّي هالِكٌ يا نوحُ +سَقَطتُ مِن حَماقَتي في الماءِ وَصِرتُ بَينَ الأَرضِ وَالسَماءِ +فَلَم يُصَدِّق أَحَدٌ صِياحَه وَقيلَ حَقّاً هَذِهِ وَقاحَه +قَد قالَ في هَذا المَقامِ مَن سَبَق أَكذبُ ما يُلفي الكَذوبُ إِن صَدَق +مَن كانَ مَمنُوّاً بِداءِ الكَذِبِ لا يَترُكُ اللَهَ وَلا يُعفي نَبي +قَد وَدَّ نوحٌ أَن يُباسِطَ قَومَهُ فَدَعا إِلَيهِ مَعاشِرَ الحَيوانِ +وَأَشارَ أَن يَلِيَ السَفينَةَ قائِدٌ مِنهُم يَكونُ مِنَ النُهى بِمَكانِ +فَتَقَدَّمَ اللَيثُ الرَفيعُ جَلالُهُ وَتَعَرَّضَ الفيلُ الفَخيمُ الشانِ +وَتَلاهُما باقي السِباعِ وَكُلهُم خَرّوا لِهَيبَتِهِ إِلى الأَذقانِ +حَتّى إِذا حَيّوا المُؤَيَّدَ بِالهُدى وَدَعَوا بِطولِ العِزِّ وَالإِمكانِ +سَبَقَتهُمُ لِخِطابِ نوحٍ نَملَةٌ كانَت هُناكَ بِجانِبِ الأَردانِ +قالَت نَبِيَّ اللَهِ أَرضى فارِسٌ وَأَنا يَقيناً فارِسُ المَيدانِ +سَأُديرُ دِفَّتَها وَأَحمي أَهلَها وَأَقودُها في عِصمَةٍ وَأَمانِ +ضَحِكَ النَبِيُّ وَقالَ إِنَّ سَفينَتي لَهِيَ الحَياةُ وَأَنتِ كَالإِنسانِ +كُلُّ الفَضائِلِ وَالعَظائِمِ عِندَهُ هُوَ أَوَّلٌ وَالغَيرُ فيها الثاني +وَيَوَدُّ لَو ساسَ الزَمانَ وَمالَهُ بِأَقَل أَشغالِ الزَمانِ يَدانِ +الدُبُّ مَعروفٌ بِسوءِ الظَنِّ فَاِسمَع حَديثَهُ العَجيبَ عَنّي +لَمّا اِستَطالَ المُكثَ في السَفينَه مَلَّ دَوامَ العيشَةِ الظَنينَه +وَقالَ إِنَّ المَوتَ في اِنتِظاري وَالماءُ لا شَكَّ بِهِ قَراري +ثُمَّ رَأى مَوجاً عَلى بُعدٍ عَلا فَظَنَّ أَنَّ في الفَضاءِ جَبَلا +فَقالَ لا بُدَّ مِنَ النُزولِ وَصَلتُ أَو لَم أَحظَ بِالوُصولِ +قَد قالَ مَن أَدَّبَهُ اِختِبارُه السَعيُ لِلمَوتِ وَلا اِنتِظارُه +فَأَسلَمَ النَفسَ إِلى الأَمواجِ وَهيَ مَعَ الرِياحِ في هياجِ +فَشَرِبَ التَعيسُ مِنها فَاِنتَفَخ ثُمَّ رَسا عَلى القَرارِ وَرَسَخ +وَبَعدَ ساعَتَينِ غيضَ الماءُ وَأَقلَعَت بِأَمرِهِ السَماءُ +وَكانَ في صاحِبِنا بَعضُ الرَمَق إِذ جاءَهُ المَوتُ بَطيئاً في الغَرَق +فَلَمَحَ المَركَبَ فَوقَ الجودي وَالرَكبُ في خَيرٍ وَفي سُعودِ +فَقالَ يا لَجَدّيَ التَعيسِ أَسَأتَ ظَنّي بِالنَبي الرَئيسِ +ما كانَ ضَرَّني لَو اِمتَثَلتُ وَمِثلَما قَد فَعَلوا فَعَلتُ +أَبو الحُصَينِ جالَ في السَفينَه فَعَرَفَ السَمينَ وَالسَمينَه +يَقولُ إِنَّ حالَهُ اِستَحالا وَإِنَّ ما كانَ قَديماً زالا +لِكَونِ ما حَلَّ مِنَ المَصائِبِ مِن غَضَبِ اللَهِ عَلى الثَعالِبِ +وَيُغلِظُ الأَيمانَ لِلدُيوكِ لِما عَسى يَبقى مِنَ الشُكوكِ +بِأَنَّهُم إِن نَزَلوا في الأَرضِ يَرَونَ مِنهُ كُلَّ شَيءٍ يُرضي +قيلَ فَلَمّا تَرَكوا السَفينَه مَشى مَعَ السَمينِ وَالسَمينَه +حَتّى إِذا ما نَصَفوا الطَريقا لَم يُبقِ مِنهُم حَولَهُ رَفيقا +وَقالَ إِذ قالوا عَديمُ الدينِ لا عَجَبٌ إِن حَنَثَت يَميني +فَإِنَّما نَحنُ بَني الدَهاءِ نَعمَلُ في الشِدَّةِ لِلرَخاءِ +وَمَن تَخافُ أَن يَبيعَ دينَه تَكفيكَ مِنهُ صُحبَةُ السَفينَه +يُقالُ إِنَّ اللَيثَ في ذي الشِدَّه رَأى مِنَ الذِئبِ صَفا المَوَدَّه +فَقالَ يا مَن صانَ لي مَحَلّي في حالَتَي وِلايَتي وَعَزلي +إِن عُدتُ لِلأَرضِ بِإِذنِ اللَهِ وَعادَ لي فيها قَديمُ الجاهِ +أعطيكَ عِجلَ��نِ وَأَلفَ شاةِ ثُمَّ تَكونُ والِيَ الوُلاةِ +وَصاحِبَ اللِواءِ في الذِئابِ وَقاهِرَ الرُعاةِ وَالكِلابِ +حَتّى إِذا ما تَمَّتِ الكَرامَه وَوَطِئَ الأَرضَ عَلى السَلامَه +سَعى إِلَيهِ الذِئبُ بَعدَ شَهرِ وَهوَ مُطاعُ النَهيِ ماضي الأَمرِ +فَقالَ يا مَن لا تُداسُ أَرضُه وَمَن لَهُ طولُ الفَلا وَعَرضُه +قَد نِلتَ ما نِلتَ مِنَ التَكريمِ وَذا أَوانِ المَوعِدِ الكَريمِ +قالَ تَجَرَّأتَ وَساءَ زَعمُكُما فَمَن تَكونُ يا فَتى وَما اِسمُكا +أَجابَهُ إِن كانَ ظَنّي صادِقاً فَإِنَّني والي الوُلاةِ سابِقا +أَتى نَبِيَّ اللَهِ يَوماً ثَعلَبُ فَقالَ يا مَولايَ إِنّي مُذنِبُ +قَد سَوَّدَت صَحيفَتي الذُنوبُ وَإِن وَجَدتُ شافِعاً أَتوبُ +فَاِسأَل إِلهي عَفوَهُ الجَليلا لِتائِبٍ قَد جاءَهُ ذَليلا +وَإِنَّني وَإِن أَسَأتُ السَيرا عَمِلتُ شَرّاً وَعَملتُ خَيرا +فَقَد أَتاني ذاتَ يَومٍ أَرنَبُ يَرتَعُ تَحتَ مَنزِلي وَيَلعَبُ +وَلَم يَكُن مُراقِبٌ هُنالِكا لَكِنَّني تَرَكتُهُ مَع ذَلِكا +إِذ عِفتُ في اِفتِراسِهِ الدَناءَه فَلَم يَصِلهُ مِن يَدي مَساءَه +وَكانَ في المَجلِسِ ذاكَ الأَرنَبُ يَسمَعُ ما يُبدي هُناكَ الثَعلَبُ +فَقالَ لَمّا اِنقَطَعَ الحَديثُ قَد كانَ ذاكَ الزُهدُ يا خَبيثُ +وَأَنتَ بَينَ المَوتِ وَالحَياةِ مِن تُخمَة أَلقَتكَ في الفَلاةِ +قَد حَمَلَت إِحدى نِسا الأَرانِبِ وَحَلَّ يَومُ وَضعِها في المَركَبِ +فَقَلقَ الرُكّابُ مِن بُكائِها وَبَينَما الفَتاةُ في عَنائِها +جاءَت عَجوزٌ مِن بَناتِ عِرسِ تَقولُ أَفدي جارَتي بِنَفسي +أَنا الَّتي أُرجى لِهَذي الغايَه لِأَنَّني كُنتُ قَديماً دَأيَه +فَقالَتِ الأَرنَبُ لا يا جارَه فَإِنَّ بَعدَ الأُلفَةِ الزِيارَه +مالي وُثوقٌ بِبَناتِ عِرسِ إِنّي أُريدُ دايَةً مِن جِنسي +سَقَطَ الحِمارُ مِنَ السَفينَةِ في الدُجى فَبَكى الرِفاقُ لِفَقدِهِ وَتَرَحَّموا +حَتّى إِذا طَلَعَ النَهارُ أَتَت بِهِ نَحوَ السَفينَةِ مَوجَةٌ تَتَقَدَمُ +قالَت خُذوهُ كَما أَتاني سالِماً لَم أَبتَلِعهُ لِأَنَّهُ لا يُهضَمُ +كانَ اِبنُ داوُدٍ يُقَر رِبُ في مَجالِسِهِ حَمامَه +خَدَمَتهُ عُمراً مِثلَما قَد ساءَ صِدقاً وَاِستِقامَه +فَمَضَت إِلى عُمّالِهِ يَوماً تُبَلِّغُهُم سَلامَه +وَالكُتبُ تَحتَ جَناحِها كُتِبَت لَها فيها الكَرامَه +فَأَرادَتِ الحَمقاءُ تَع رِفُ مِن رَسائِلِهِ مَرامَه +عَمَدَت لِأَوَّلِها وَكا نَ إِلى خَليفَتِهِ برامَه +فَرَأَتهُ يَأمُرُ فيهِ عا مِلَهُ بِتاجٍ لِلحَمامَه +وَيَقولُ وَفّوها الرِعا يَةَ في الرَحيلِ وَفي الإِقامَه +وَيُشيرُ في الثاني بِأَن تُعطى رِياضاً في تِهامَه +وَأَتَت لِثالِثِها وَلَم تَستَحي أَن فضَّت خِتامَه +فَرَأَتهُ يَأمُرُ أَن تَكو نَ لَها عَلى الطَيرِ الزَعامَه +فَبَكَت لِذاكَ تَنَدُّماً هَيهاتَ لا تُجدي النَدامَه +وَأَتَت نَبِيَّ اللَهِ وَه يَ تَقولُ يا رَبِّ السَلامَه +قالَت فَقَدتُ الكُتبَ يا مَولايَ في أَرضِ اليَمامَه +لِتَسَرُّعي لَمّا أَتا ني البازُ يَدفَعُني أَمامَه +فَأَجابَ بَل جِئتِ الَّذي كادَت تَقومُ لَهُ القِيامَه +لَكِن كَفاكِ عُقوبَةً مَن خانَ خانَتهُ الكَرامَه +إِنفَع بِما أُعطيتَ مِن قُدرَةٍ وَاِ��فَع لِذي الذَنبِ لَدى المَجمَعِ +إِذ كَيفَ تَسمو لِلعُلا يا فَتى إِن أَنتَ لَم تَنفَع وَلَم تَشفَعِ +عِندي لِهَذا نَبَأٌ صادِقٌ يُعجِبُ أَهلَ الفَضلِ فَاِسمَع وَعِ +قالوا اِستَوى اللَيثُ عَلى عَرشِهِ فَجيءَ في المَجلِسِ بِالضِفدَعِ +وَقيلَ لِلسُلطانِ هَذي الَّتي بِالأَمسِ آذَت عالِيَ المسمَعِ +تُنَقنِقُ الدَهرَ بِلا عِلَّةٍ وَتَدَّعي في الماءِ ما تَدَّعي +فَانظُر إِلَيكَ الأَمرُ في ذَنبِها وَمُر نُعَلِّقُها مِنَ الأَربَعِ +فَنَهَضَ الفيلُ وَزيرُ العُلا وَقالَ يا ذا الشَرَفِ الأَرفَعِ +لا خَيرَ في المُلكِ وَفي عِزِّهِ إِن ضاقَ جاهُ اللَيثِ بِالضِفدَعِ +فَكَتَبَ اللَيثُ أَماناً لَها وَزادَ أَن جادَ بِمُستَنقَعِ +سَعيُ الفَتى في عَيشِهِ عِبادَه وَقائِدٌ يَهديهِ لِلسَعادَه +لِأَنَّ بِالسَعيِ يَقومُ الكَونُ وَاللَهُ لِلساعينَ نِعمَ العَونُ +فَإِن تَشَأ فَهَذِهِ حِكايَه تُعَدُّ في هَذا المَقامِ غايَه +كانَت بِأَرضٍ نَملَةٌ تَنبالَه لَم تَسلُ يَوماً لَذَّةَ البَطالَه +وَاِشتَهَرَت في النَملِ بِالتَقَشُّفِ وَاِتَّصَفَت بِالزُهدِ وَالتَصَوُّفِ +لَكِن يَقومُ اللَيلَ مَن يَقتاتُ فَالبَطنُ لا تَملُؤهُ الصَلاةُ +وَالنَملُ لا يَسعى إِلَيهِ الحَبُّ وَنَملَتي شَقَّ عَلَيها الدَأبُ +فَخَرَجَت إِلى اِلتِماسِ القوتِ وَجَعَلَت تَطوفُ بِالبُيوتِ +تَقولُ هَل مِن نَملَةٍ تَقِيَّه تُنعِمُ بِالقوتِ لِذي الوَلِيَّه +لَقَد عَيِيتُ بِالطَوى المُبَرِّحِ وَمُنذُ لَيلَتَينِ لَم أسَبِّحِ +فَصاحَتِ الجاراتُ يا لَلعارِ لَم تتركِ النَملَةُ لِلصِرصارِ +مَتى رَضينا مِثلَ هَذي الحالِ مَتى مَدَدنا الكَفَّ لِلسُؤالِ +وَنَحنُ في عَينِ الوُجودِ أُمَّه ذاتُ اِشتِهارٍ بِعُلُوِّ الهِمَّه +نَحمِلُ ما يَصبِرُ الجِمالُ عَن بَعضِهِ لَو أَنَّها نِمالُ +أَلَم يَقُل مَن قَولُهُ الصَوابُ ما عِندَنا لِسائِلٍ جَوابُ +فَاِمضي فَإِنّا يا عَجوزَ الشومِ نَرى كَمالَ الزُهدِ أَن تَصومي +يَمامَةٌ كانَت بِأَعلى الشَجَرَه آمِنَةً في عُشِّها مُستَتِرَه +فَأَقبَلَ الصَيّادُ ذاتَ يَومِ وَحامَ حَولَ الرَوضِ أَيَّ حَومِ +فَلَم يَجِد لِلطَيرِ فيهِ ظِلّاً وَهَمَّ بِالرَحيلِ حينَ مَلّا +فَبَرَزَت مِن عُشِّها الحَمقاءُ وَالحُمقُ داءٌ ما لَهُ دَواءُ +تَقولُ جَهلاً بِالَّذي سَيَحدُثُ يا أَيُّها الإِنسانُ عَمَّ تَبحَثُ +فَاِلتَفَتَ الصَيادُ صَوبَ الصَوتِ وَنَحوَهُ سَدَّدَ سَهمَ المَوتِ +فَسَقَطَت مِن عَرشِها المَكينِ وَوَقَعَت في قَبضَةِ السِكّينِ +تَقولُ قَولَ عارِفٍ مُحَقِّق مَلَكتُ نَفسي لَو مَلَكتُ مَنطِقي +كانَ لِبَعضِ الناسِ بَبَّغاءُ ما مَلَّ يَوماً نُطقَها الإِصغاءُ +رَفيعَةُ القَدرِ لَدى مَولاها وَكُلُّ مَن في بَيتِهِ يَهواها +وَكانَ في المَنزِلِ كَلبٌ عالي أَرخَصَهُ وُجودُ هَذا الغالي +كَذا القَليلُ بِالكَثيرِ يَنقُصُ وَالفَضلُ بَعضُهُ لِبَعضٍ مُرخِصُ +فَجاءَها يَوماً عَلى غِرارِ وَقَلبُهُ مِن بُغضِها في نارِ +وَقالَ يا مَليكَةَ الطُيورِ وَيا حَياةَ الأُنسِ وَالسُرورِ +بِحُسنِ نُطقِكِ الَّذي قَد أَصبى إِلّا أَرَيتِني اللِسانَ العَذبا +لِأَنَّني قَد حِرتُ في التَفَكُّرِ لَمّا سَمِعتُ أَنَّهُ مِن سُكَّرِ +فَأَخرَجَت مِن طَيشِها لِسانَها فَعَضَّهُ بِنابِهِ فَشانَها +ثُمَّ مَضى مِن فَورِهِ يَصيحُ قَطَعتُهُ لِأَنَّهُ فَصيحُ +وَما لَها عِندِيَ مِن ثَأرٍ يُعَدُّ غَيرَ الَّذي سَمَّوهُ قِدماً بِالحَسَد +كانَ لِبَعضِهِم حِمارٌ وَجَمَل نالَهُما يَوماً مِنَ الرِقِّ مَلَل +فَاِنتَظَرا بَشائِرَ الظَلماءِ وَاِنطَلَقا مَعاً إِلى البَيداءِ +يَجتَلِيانِ طَلعَةَ الحُرِّيَّه وَيَنشِقانِ ريحَها الزَكِيَّه +فَاِتَّفَقا أَن يَقضِيا العُمرَ بِها وَاِرتَضَيا بِمائِها وَعُشبِها +وَبَعدَ لَيلَةٍ مِنَ المَسيرِ اِلتَفَتَ الحِمارُ لِلبَعيرِ +وَقالَ كَربٌ يا أَخي عَظيمُ فَقِف فَمشي كُلُّهُ عَقيمُ +فَقالَ سَل فِداكَ أُمّي وَأَبي عَسى تَنالُ بي جَليلَ المَطلَبِ +قالَ اِنطَلِق مَعي لِإِدراكِ المُنى أَو اِنتَظِر صاحِبَكَ الحُرَّ هُنا +لا بُدَّ لي مِن عَودَةٍ لِلبَلَدِ لِأَنَّني تَرَكتُ فيهِ مِقوَدي +فَقالَ سِر وَاِلزَم أَخاكَ الوَتِدا فَإِنَّما خُلِقتَ كَي تُقَيَّدا +لِدودَةِ القَزِّ عِندي وَدودَةِ الأَضواءِ +حِكايَةٌ تَشتَهيها مَسامِعُ الأَذكِياءِ +لَمّا رَأَت تِلكَ هَذي تُنيرُ في الظَلماءِ +سَعَت إِلَيها وَقالَت تَعيشُ ذاتُ الضِياءِ +أَنا المُومَّلُ نَفعي أَنا الشَهيرُ وَفائي +حَلا لِيَ النَفعُ حَتّى رَضيتُ فيهِ فَنائي +وَقَد أَتَيتُ لِأَحظى بِوَجهِكِ الوَضّاءِ +فَهَل لِنورِ الثُرى في مَوَدَّتي وَإِخائي +قالَت عَرَضتِ عَلَينا وَجهاً بِغَيرِ حَياءِ +مَن أَنتِ حَتّى تُداني ذاتَ السَنا وَالسَناءِ +أَنا البَديعُ جَمالي أَنا الرَفيعُ عَلائي +أَينَ الكَواكِبُ مِنّي بَل أَينَ بَدرُ السَماءِ +فَاِمضي فَلا وُدَّ عِندي إِذ لَستِ مِن أَكفائي +وَعِندَ ذَلِكَ مَرَّت حَسناءُ مَع حَسناءِ +تَقولُ لِلَّهِ ثَوبي في حُسنِه وَالبَهاءِ +كَم عِندَنا مِن أَيادٍ لِلدودَةِ الغَراءِ +ثُمَّ اِنثَنَت فَأَتَت ذي تَقولُ لِلحَمقاءِ +هَل عِندَكِ الآنَ شَكٌّ في رُتبَتي القَعساءِ +وَقَد رَأَيتِ صَنيعي وَقَد سَمِعتِ ثَنائي +إِن كانَ فيكَ ضِياءٌ إِنَّ الثَناءَ ضِيائي +وَإِنَّهُ لَضِياءٌ مُؤَيَّدٌ بِالبَقاءِ +كانَ عَلى بَعضِ الدُروبِ جَمَلُ حَمَّلَهُ المالِكُ ما لا يُحمَلُ +فَقالَ يا لِلنَحسِ وَالشَقاءِ إِن طالَ هَذا لَم يَطُل بَقائي +لَم تَحمِلِ الجِبالُ مِثلَ حِملي أَظُنُّ مَولايَ يُريدُ قَتلي +فَجاءَهُ الثَعلَبُ مِن أَمامِه وَكانَ نالَ القَصدَ مِن كَلامِه +فَقالَ مَهلاً يا أَخا الأَحمالِ وَيا طَويلَ الباعِ في الجِمالِ +فَأَنتَ خَيرٌ مِن أَخيكَ حالا لِأَنَّني أَتعَبُ مِنكَ بالا +كَأَنَّ قُدّامِيَ أَلفَ ديكِ تَسأَلُني عَن دَمِها المَسفوكِ +كَأَنَّ خَلفي أَلفَ أَلفِ أَرنَبِ إِذا نَهَضتُ جاذَبتني ذَنَبي +وَرُبَّ أُمٍّ جِئتُ في مُناخِها فَجعتُها بِالفَتكِ في أَفراخِها +يَبعَثُني مِن مَرقَدي بُكاها وَأَفتَحُ العَينَ عَلى شَكواها +وَقَد عَرَفتَ خافِيَ الأَحمالِ فَاِصبِر وَقُل لِأُمَّةِ الجِمالِ +لَيسَ بِحملٍ ما يَمَلُّ الظَهرُ ما الحِملُ إِلّا ما يُعاني الصَدرُ +غَزالَةٌ مَرَّت عَلى أَتانِ تُقَبِّلُ الفَطيمَ في الأَسنانِ +وَكانَ خَلفَ الظَبيَةِ اِبنُها الرَشا بِوُدِّها لَو حَمَلتهُ في الحَشا +فَفَعَلَت بِسَيِّدِ الصِغارِ فِعلَ الأَتانِ بِاِبنِها الحِمارِ +فَأَسرَعَ الحِمارُ نَحوَ أُمِّهِ وَجاءَها وَالضِحكُ مِلءُ فَمِهِ +يَصيحُ يا أُمّاهُ ماذا قَد دَها حَتّى الغَزالَةُ اِستَخَفَّتِ اِبنَها +قَد سَمِعَ الثَعلَبُ أَهلَ القُرى يَدعونَ مُحتالاً بِيا ثَعلَبُ +فَقالَ حَقّاً هَذِهِ غايَةٌ في الفَخرِ لا تُؤتى وَلا تُطلَبُ +مَن في النُهى مِثلِيَ حَتّى الوَرى أَصبَحتُ فيهِم مَثَلاً يُضرَبُ +ما ضَرَّ لَو وافَيتُهُم زائِراً أُريهُمُ فَوقَ الَّذي اِستَغرَبوا +لَعَلَّهُم يُحيونَ لي زينَةً يَحضُرُها الديكُ أَوِ الأَرنَبُ +وَقَصَدَ القَومَ وَحَيّاهُمُ وَقامَ فيما بَينَهُم يَخطُبُ +فَأُخِذَ الزائِرُ مِن أُذنِهِ وَأُعطِيَ الكَلبَ بِهِ يَلعَبُ +فَلا تَثِق يَوماً بِذي حيلَةٍ إِذ رُبَّما يَنخَدِعُ الثَعلَبُ +أَتى ثَعالَةَ يَوماً مِنَ الضَواحي حِمارُ +وَقالَ إِن كُنتَ جاري حَقّاً وَنِعمَ الجارُ +قُل لي فَإِنّي كَئيبٌ مُفَكِّرٌ مُحتارُ +في مَوكِبِ الأَمسِ لَمّا سِرنا وَسارَ الكِبارُ +طَرَحتُ مَولايَ أَرضاً فَهَل بِذَلِكَ عارُ +وَهَل أَتَيتُ عَظيماً فَقالَ لا يا حِمارُ +بَغلٌ أَتى الجَوادَ ذات مَرَّه وَقَلبُهُ مُمتَلِئٌ مَسَرَّه +فَقالَ فَضلي قَد بَدا يا خِلّي وَآنَ أَن تَعرِفَ لي مَحَلّي +إِذ كُنتَ أَمسِ ماشِياً بِجانِبي تَعجَبُ مِن رَقصِيَ تَحتَ صاحِبي +أَختالُ حَتّى قالَتِ العِبادُ لِمَن مِنَ المُلوكِ ذا الجَوادُ +فَضَحِكَ الحِصانُ مِن مَقالِهِ وَقالَ بِالمَعهودِ مِن دلالِهِ +لَم أَرَ رَقصَ البَغلِ تَحتَ الغازي لَكِن سَمِعتُ نَقرَةَ المِهمازِ +سَمِعتُ أَنَّ فَأرَةً أَتاها شَقيقُها يَنعى لَها فَتاها +يَصيحُ يا لي مِن نُحوسِ بَختي مَن سَلَّط القِطَّ عَلى اِبنِ أُختي +فَوَلوَلَت وَعَضَّتِ التُرابا وَجَمَعَت لِلمَأتَمِ الأَترابا +وَقالَتِ اليَومَ اِنقَضَت لَذّاتي لا خَيرَ لي بَعدَكَ في الحَياةِ +مَن لي بِهِرٍّ مِثلِ ذاكَ الهِرِّ يُريحُني مِن ذا العَذابِ المُرِّ +وَكانَ بِالقُربِ الَّذي تُريدُ يَسمَعُ ما تُبدي وَما تُعيدُ +فَجاءَها يَقولُ يا بُشراكِ إِنَّ الَّذي دَعَوتِ قَد لَبّاكِ +فَفَزِعَت لَمّا رَأَتهُ الفارَه وَاِعتَصَمَت مِنهُ بِبَيتِ الجارَه +وَأَشرَفَت تَقولُ لِلسَفيهِ إِن متُّ بَعدَ اِبني فَمَن يَبكيهِ +تَنازَعَ الغَزالُ وَالخَروفُ وَقالَ كُلٌّ إِنَّهُ الظَريفُ +فَرَأَيا التَيسَ فَظَنّا أَنَّهُ أَعطاهُ عَقلاً مَن أَطالَ ذَقنَه +فَكَلَّفاهُ أَن يُفَتِّشَ الفَلا عَن حَكَمٍ لَهُ اِعتِبارٌ في المَلا +يَنظُرُ في دَعواهُما بِالدِقَّه عَساهُ يُعطي الحَقَّ مُستَحِقَّه +فَسارَ لِلبَحثِ بِلا تَواني مُفتَخِراً بِثِقَةِ الإِخوانِ +يَقول عِندي نَظرَةٌ كَبيرَه تَرفَعُ شَأنَ التَيسِ في العَشيرَه +وَذاكَ أَن أَجدَرَ الثَناءِ بِالصِدقِ ما جاءَ مِنَ الأَعداءِ +وَإِنَّني إِذا دَعَوتُ الذيبا لا يَستَطيعانِ لَهُ تَكذيبا +لِكَونِهِ لا يَعرِفُ الغَزالا وَلَيسَ يُلقي لِلخَروفِ بالا +ثُمَّ أَتى الذيبَ فَقالَ طِلبَتي أَنتَ فَسِر مَعي وَخُذ بِلِحيَتي +وَقادَهُ لِلمَوضِعِ المَعروفِ فَقامَ بَينَ الظَبيِ وَالخَروفِ +وَقالَ لا أَحكُمُ حَسبَ الظاهِرِ فَمَزَّقَ الظَبيَينِ بِالأَظافِرِ +وَقالَ لِلتَيسِ اِنطَلِق لِشَأنِكا ما قَتَلَ الخَصمَينِ غَيرُ ذَقنكا +مِن أَعجَبِ الأَخبارِ أَنَّ الأَرنَبا لَمّا رَأى الديكَ يَسُبُّ الثَعلَبا +وَهوَ عَلى الجِدارِ في أَمانِ يَغلِبُ بِالمَكانِ لا الإِمكانِ +داخَلَهُ الظَنُّ بِأَنَّ الماكِرا أَمسى مِنَ الضَعفِ يُطيقُ الساخِرا +فَجاءَهُ يَلعَنُ مِثلَ الأَوَّلِ عِدادَ ما في الأَرضِ مِن مُغَفَّلِ +فَعَصَفَ الثَعلَبُ بِالضَعيفِ عَصفَ أَخيهِ الذيبِ بِالخَروفِ +وَقالَ لي في دَمِكَ المَسفوكِ تَسلِيَةٌ عَن خَيبَتي في الديكِ +فَاِلتَفَتَ الديكُ إِلى الذَبيحِ وَقالَ قَولَ عارِفٍ فَصيحِ +ما كُلُّنا يَنفَعُهُ لِسانُه في الناسِ مَن يُنطِقُهُ مَكانُه +كانَ ذِئبٌ يَتَغَذّى فَجَرَت في الزَورِ عَظمَه +أَلزَمَتهُ الصَومَ حَتّى فَجَعَت في الروحِ جِسمَه +فَأَتى الثَعلَبُ يَبكي وَيُعَزّي فيهِ أُمَّه +قالَ يا أُمَّ صَديقي بِيَ مِمّا بِكِ غُمَّه +فَاِصبِري صَبراً جَميلاً إِنَّ صَبرَ الأُمِّ رَحمَه +فَأَجابَت يا اِبنَ أُختي كُلُّ ما قَد قُلتَ حِكمَه +ما بِيَ الغالي وَلَكِن قَولُهُم ماتَ بِعَظمَه +لَيتَهُ مِثلَ أَخيهِ ماتَ مَحسوداً بِتُخمَه +هِرَّتي جِدُّ أَليفَه وَهيَ لِلبَيتِ حَليفَه +هِيَ ما لَم تَتَحَرَّك دُميَةُ البَيتِ الظَريفَه +فَإِذا جَاءَت وَراحَت زيدَ في البَيتِ وَصيفَه +شُغلُها الفارُ تُنَقّي الر رَفَّ مِنهُ وَالسَقيفَه +وَتَقومُ الظُهرَ وَالعَص رَ بِأَورادٍ شَريفَه +وَمِنَ الأَثوابِ لَم تَم لِك سِوى فَروٍ قَطيفَه +كُلَّما اِستَوسَخَ أَو آ وى البَراغيثَ المُطيفَه +غَسَلَتهُ وَكَوَتهُ بِأَساليبَ لَطيفَه +وَحَدَّت ما هُوَ كَالحَمّا مِ وَالماءِ وَظيفَه +صَيَّرَت ريقَتَها الصا بونَ وَالشارِبَ ليفَه +لا تَمُرَّنَّ عَلى العَينِ وَلا بِالأَنفِ جيفَه +وَتَعَوَّد أَن تُلاقى حَسَنَ الثَوبِ نَظيفَه +إِنَّما الثَوبُ عَلى الإِن سانِ عُنوانُ الصَحيفَه +لي جَدَّةٌ تَرأَفُ بي أَحنى عَلَيَّ مِن أَبي +وَكُلُّ شَيءٍ سَرَّني تَذهَبُ فيهِ مَذهَبي +إِن غَضِبَ الأَهلُ عَلَي يَ كُلُّهُم لَم تَغضَبِ +مَشى أَبي يَوماً إِلَي يَ مِشيَةَ المُؤَدِّبِ +غَضبانَ قَد هَدَّدَ بِالضَر بِ وَإِن لَم يَضرِبِ +فَلَم أَجِد لِيَ مِنهُ غَي رَ جَدَّتي مِن مَهرَبِ +فَجَعَلتني خَلفَها أَنجو بِها وَأَختَبي +وَهيَ تَقولُ لِأَبي بِلَهجَةِ المُؤَنِّبِ +وَيحٌ لَهُ وَيحٌ لِهَ ذا الوَلدِ المُعَذَّبِ +أَلَم تَكُن تَصنَعُ ما يَصنَعُ إِذا أَنتَ صَبي +عُصفورَتانِ في الحِجا زِ حَلَّتا عَلى فَنَن +في خامِلٍ مِنَ الرِيا ضِ لا نَدٍ وَلا حَسَن +بَيناهُما تَنتَجِيا نِ سَحَراً عَلى الغُصُن +مَرَّ عَلى أَيكِهِما ريحٌ سَرى مِنَ اليَمَن +حَيّا وَقالَ دُرَّتا نِ في وِعاءٍ مُمتَهَن +لَقَد رَأَيتُ حَولَ صَن عاءَ وَفي ظِلِّ عَدَن +خَمائِلاً كَأَنَّها بَقِيَّةٌ مِن ذي يَزَن +الحَبُّ فيها سُكَّرٌ وَالماءُ شُهدٌ وَلَبَن +لَم يَرَها الطَيرُ وَلَم يَسمَع بِها إِلّا اِفتَتَن +هَيّا اِركَباني نَأتِها في ساعَةٍ مِنَ الزَمَن +قالَت لَهُ إِحداهُما وَالطَيرُ مِنهُنَّ الفَطِن +يا ريحُ أَنتَ اِبنُ السَبي لِ ما عَرَفتَ ما السَكَن +هَب جَنَّةَ الخُلدِ اليَمَن لا شَيءَ يَعدِلُ الوَطَن +الحَيوانُ خَلقُ لَهُ عَلَيكَ حَقُّ +سَخَّرَهُ اللَهُ لَكا وَلِلع��بادِ قَبلَكا +حَمولَةُ الأَثقالِ وَمُرضِعُ الأَطفالِ +وَمُطعِمُ الجَماعَه وَخادِمُ الزِراعَه +مِن حَقِّهِ أَن يُرفَقا بِهِ وَأَلّا يُرهَقا +إِن كَلَّ دَعهُ يَستَرِح وَداوِهِ إِذا جُرِح +وَلا يَجُع في دارِكا أَو يَظمَ في جِوارِكا +بَهيمَةٌ مِسكينُ يَشكو فَلا يُبينُ +لِسانُهُ مَقطوعُ وَما لَهُ دُموعُ +لَولا التُقى لَقُلتُ لَم يَخلُق سِواكِ الولَدا +إِن شِئتِ كانَ العَيرَ أَو إِن شِئتِ كانَ الأَسَدا +وَالبَيتُ أَنتِ الصَوتُ في هِ وَهوَ لِلصَوتِ صَدى +يَأخُذُ ما عَوَّدتِهِ وَالمَرءُ ما تَعَوَّدا +وَمُمَهَّدٌ في الوَكرِ مِن وَلَدِ الغُرابِ مُزَقَّق +كَرُوَيهِبٍ مُتَقَلِّسٍ مُتَأَزِّرٍ مُتَنَطِّق +لَبِسَ الرَمادَ عَلى سَوا دِ جَناحِهِ وَالمَفرِق +كَالفَحمِ غادَرَ في الرَما دِ بَقِيَّةً لَم تُحرَق +ثُلثاهُ مِنقارٌ وَرَأ سٌ وَالأَظافِرُ ما بَقي +ضَخمُ الدِماغِ عَلى الخُلُو وِ مِنَ الحِجى وَالمَنطِق +مِن أُمِّهِ لَقِيَ الصَغي رُ مِنَ البَلِيَّةِ ما لَقي +جَلَبَت عَلَيهِ ما تَذو دُ الأُمَّهاتُ وَتَتَّقي +فُتِنَت بِهِ فَتَوَهَّمَت فيهِ قُوىً لَم تُخلَق +قالَت كَبِرتَ فَثِب كَما وَثَبَ الكِبارُ وَحَلِّق +وَرَمَت بِهِ في الجَوِّ لَم تَحرِص وَلَم تَستَوثِق +فَهَوى فَمُزِّقَ في فِنا ءِ الدارِ شَرَّ مُمَزَّق +وَسَمِعتُ قاقاتٍ تُرَد دَدُ في الفَضاءِ وَتَرتَقي +وَرَأَيتُ غِرباناً تُفَر رِقُ في السَماءِ وَتَلتَقي +وَعَرَفتُ رَنَّةَ أُمِّهِ في الصارِخاتِ النُعَّق +فَأَشَرتُ فَاِلتَفَتَت فَقُل تُ لَها مَقالَةَ مُشفِق +أَطلَقتِهِ وَلَوِ اِمتَحَن تِ جَناحَهُ لَم تُطلِقي +وَكَما تَرَفَّقَ والِدا كِ عَلَيكِ لَم تَتَرَفَّقي +النيلُ العَذبُ هُوَ الكَوثَر وَالجَنَّةُ شاطِئُهُ الأَخضَر +رَيّانُ الصَفحَةِ وَالمَنظَر ما أَبهى الخُلدَ وَما أَنضَر +البَحرُ الفَيّاضُ القُدسُ الساقي الناسَ وَما غَرَسوا +وَهوَ المِنوالُ لِما لَبِسوا وَالمُنعِمُ بِالقُطنِ الأَنوَر +جَعلَ الإِحسانَ لَهُ شَرعا لَم يُخلِ الوادِيَ مِن مَرعى +فَتَرى زَرعاً يَتلو زَرعا وَهُنا يُجنى وَهُنا يُبذَر +جارٍ وَيُرى لَيسَ بِجارِ لِأَناةٍ فيهِ وَوَقار +يَنصَبُّ كَتَلٍ مُنهارِ وَيَضِجُّ فَتَحسَبُهُ يَزأَر +حَبَشِيُّ اللَونِ كَجيرَتِهِ مِن مَنبَعِهِ و بُحَيرَتِهِ +صَبَغَ الشَطَّينِ بِسُمرَتِهِ لَوناً كَالمِسكِ وَكَالعَنبَر +أَنا المَدرَسَةُ اِجعَلني كَأُمٍّ لا تَمِل عَنّي +وَلا تَفزَع كَمَأخوذٍ مِنَ البَيتِ إِلى السِجنِ +كَأَنّي وَجهُ صَيّادٍ وَأَنتَ الطَيرُ في الغُصنِ +وَلا بُدَّ لَكَ اليَومَ وَإِلّا فَغَداً مِنّي +أَوِ اِستَغنِ عَنِ العَقلِ إِذَن عَنِّيَ تَستَغني +أَنا المِصباحُ لِلفِكرِ أَنا المِفتاحُ لِلذِهنِ +أَنا البابُ إِلى المَجدِ تَعالَ اِدخُل عَلى اليُمنِ +غَداً تَرتَعُ في حَوشي وَلا تَشبَعُ مِن صَحني +وَأَلقاكَ بِإِخوانٍ يُدانونَكَ في السِنِّ +تُناديهم بِيافِكري وَيا شَوقي وَيا حُسني +وَآباءٍ أَحَبّوكَ وَما أَنتَ لَهُم بِاِبنِ +بَني مِصرٍ مَكانُكُمو تَهَيّا فَهَيّا مَهِّدوا لِلمُلكِ هَيّا +خُذوا شَمسَ النَهارِ لَهُ حُلِيّاً أَلَم تَكُ تاجَ أَوَّلِكُم مَلِيّا +عَلى الأَخلاقِ خُطّوا المُلكَ وَاِبنوا فَلَيسَ وَراءَها لِلعِزِّ رُكنُ +أَلَيسَ لَكُم بِوادي النيلِ عَدنُ وَكَوثَرُها الَّذي يَجري شَهِيّا +لَنا وَطَنٌ بِأَنفُسِنا نَقيهِ وَبِالدُنيا العَريضَةِ نَفتَديهِ +إِذا ما سيلَتِ الأَرواحُ فيهِ بَذَلناها كَأَن لَم نُعطِ شَيّا +لَنا الهَرَمُ الَّذي صَحِبَ الزَمانا وَمِن حدَثانِهِ أَخَذَ الأَمانا +وَنَحنُ بَنو السَنا العالي نَمانا أَوائِلُ عَلَّموا الأُمَمَ الرُقِيّا +تَطاوَلَ عَهدُهُم عِزّاً وَفَخرا فَلَمّا آلَ لِلتاريخِ ذُخرُ +نَشَأنا نَشأَةً في المَجدِ أُخرى جَعَلنا الحَقَّ مَظهَرَها العَلِيّا +جَعَلنا مِصرَ مِلَّةَ ذي الجَلالِ وَأَلَفنا الصَليبَ عَلى الهِلالِ +وَأَقبَلنا كَصَفٍّ مِن عَوالِ يُشَدُّ السَمهَرِيُّ السَمهَرِيّا +نَرومُ لِمِصرَ عِزّاً لا يُرامُ يَرِفُّ عَلى جَوانِبِه السَلامُ +وَيَنعَمُ فيهِ جيرانٌ كِرامُ فَلَن تَجِدَ النَزيلَ بِنا شَقِيّا +نَقومُ عَلى البِنايَةِ مُحسِنينا وَنَعهَدُ بِالتَمامِ إِلى بَنينا +إِلَيكِ نَموتُ مِصرُ كَما حَيينا وَيَبقى وَجهُكِ المَفدِيُّ حَيّا +نَحنُ الكَشّافَةُ في الوادي جِبريلُ الروحُ لَنا حادي +يا رَبِّ بِعيسى وَالهادي وَبِموسى خُذ بِيَدِ الوَطَنِ +كَشّافَةُ مِصرَ وَصِبيَتُها وَمُناةُ الدارِ وَمُنيَتُها +وَجَمالُ الأَرضِ وَحليَتُها وَطَلائِعُ أَفراحِ المُدُنِ +نَبتَدِرُ الخَيرَ وَنَستَبِقُ ما يَرضى الخالِقُ وَالخُلُقُ +بِالنَفسِ وَخالِقِها نَثِقُ وَنَزيدُ وُثوقاً في المِحَنِ +في السَهلِ نَرِف رَياحينا وَنَجوبُ الصَخرَ شَياطينا +نَبني الأَبدانَ وَتَبنينا وَالهِمَّةُ في الجِسمِ المَرِنِ +وَنُخَلّي الخَلقَ وَما اِعتَقَدوا وَلِوَجهِ الخالِقِ نَجتَهِدُ +نَأسوا الجَرحى أَنّى وُجِدوا وَنُداوي مِن جَرحِ الزَمَنِ +في الصِدقِ نَشَأنا وَالكَوَمِ وَالعِفَّةِ عَن مَسِّ الحُرَمِ +وَرِعايَةِ طِفلٍ أَو هَرِمِ وَالذَودُ عَنِ الغيدِ الحُصُنِ +وَنُوافي الصارِخَ في اللُجَجِ وَالنارِ الساطِعَةِ الوَهَجِ +لا نَسأَلُهُ ثَمَنَ المُهَجِ وَكَفى بِالواجِبِ مِن ثَمَنِ +يا رَبِّ فَكَثِّرنا عَدَدا وَاِبذُل لِأُبُوَّتِنا المَدَدا +هَيِّئ لَهُم وَلَنا رَشَدا يا رَبِّ وَخُذ بِيَدِ الوَطَنِ +قَصرَ الأَعِزَّةِ ما أَعَزَّ حِماكا وَأَجَلَّ في العَلياءِ بَدرَ سَماكا +تَتَساءَلُ العربُ المُقَدَّسُ بَيتُها أَأُعيدَ باني رُكنِهِ فَبَناكا +وَتَقولُ إِذ تَأتيكَ تَلتَمِسُ الهُدى سِيّانِ هَذا في الجَلالِ وَذاكا +يا مُلتَقى القَمَرَينِ ما أَبهاكَ بَل يا مَجمَعَ البَحرَينِ ما أَصفاكا +إِنَّ الأَمانَةَ وَالجَلالَةَ وَالعُلا في هالَةٍ دارَت عَلى مَغناكا +ما العِزُّ إِلّا في ثَرى القَدَمِ الَّتي حَسَدَت عَلَيها النَيِّراتُ ثَراكا +يا سادِسَ الأُمَراءِ مِن آبائِهِ ما لِلإِمارَةِ مَن يُعَدُّ سِواكا +التُركُ تَقرَأُ بِاِسمِ جَدِّكَ في الوَغى وَالعُربُ تَذكُرُ في الكِتابِ أَباكا +نَسَبٌ لَوِ اِنتَمَتِ النُجومُ لِعِقدِهِ لَتَرَفَّعَت أَن تَسكُنَ الأَفلاكا +شَرَفاً عَزيزَ العَصرِ فُتَّ مُلوكَهُ فَضلاً وَفاتَ بَنيهمُ نَجلاكا +لَكَ جَنَّةُ الدُنيا وَكَوثَرُها الَّذي يَجري بِهِ في المُلكِ شَرطُ غِناكا +وَلَكَ المَدائِنُ وَالثُغورُ مَنيعَةً في مَجمَعِ البَحرَينِ تَحتَ لِواكا +مُلكٌ رَعَيتَ اللَهَ فيهِ مُؤَيَّداً بِاِسمِ النَبِيِّ مُوَفَّقاً مَسعاكا +فَأَقَمتَ أَمراً يا أَبا العَبّاسِ مَأ مونَ السَبيلِ عَلى رَشيدِ نُهاكا +إِن يَعرِضوهُ عَلى الجِبالِ تَهُن لَهُ وَهِيَ الجِبالُ فَما أَشَدَّ قُواكا +بِسِياسَةٍ تَقِفُ العُقولُ كَليلَةً لا تَستَطيعُ لِكُنهِها إِدراكا +وَبِحِكمَةٍ في الحُكمِ تَوفيقِيَّةٍ لَكَ يَقتَفي فيها الرِجالُ خُطاكا +مَولايَ عيدُ الفِطرِ صُبحُ سُعودِهِ في مِصرَ أَسفَرَ عَن سَنا بُشراكا +فَاِستَقبِلِ الآمالَ فيهِ بَشائِراً وَأَشائِراً تُجلى عَلى عَلياكا +وَتَلَقَّ أَعيادَ الزَمانِ مُنيرَةً فَهَناؤُهُ ما كانَ فيهِ هَناكا +أَيّامُكَ الغُرُّ السَعيدَةُ كُلُّها عيدٌ فَعيدُ العالَمينَ بَقاكا +فَليَبقَ بَيتُكَ وَليَدُم ديوانُهُ وَليَحيَ جُندُكَ وَلتَعِش شوراكا +وَليَهنِني بِكَ كُلُّ يَومٍ أَنَّني في أَلفِ عيدٍ مِن سُعودِ رِضاكا +ياأَيُّها المَلِكُ الأَريبُ إِلَيكَها عَذراءَ هامَت في صِفاتِ عُلاكا +فَطَوَت إِلَيكَ البَحرَ أَبيَضَ نِسبَةً لِنَظيرِهِ المَورودِ مِن يُمناكا +قَدِمَت عَلى عيدٍ لِبابِكَ بَعدَما قَدِمَت عَلَيَّ جَديدَةً نُعماكا +أَوَ كُلَّما جادَت نَداكَ رَوِيَّتي سَبَقَت ثَنايَ بِالارتِجالِ يَداكا +أَنتَ الغَنِيُّ عَنِ الثَناءِ فَإِن تُرِد ما يُطرِبُ المَلِكَ الأَديبَ فَهاكا +مُنتَزَهُ العَبّاسِ لِلمُجتَلى آمَنتُ بِاللَهِ وَجَنّاتِهِ +العَيشُ فيهِ لَيسَ في غَيرِهِ يا طالِبَ العَيشِ وَلَذّاتِهِ +قُصورُ عِزٍّ باذِخاتُ الذُرى يَوَدُّها كِسرى مَشيداتِهِ +مِن كُلِّ راسي الأَصلِ تَحتَ الثَرى مُحيرَ النَجمِ بِذِرواتِهِ +دارَت عَلى البَحرِ سَلاليمُهُ فَبِتنَ أَطواقاً لِلَبّاتِهِ +مُنتَظِماتٌ مائِجاتٌ بِهِ مُنَمَّقاتٌ مِثلَ لُجّاتِهِ +مِنَ الرُخامِ الندرِ لَكِنَّها تُنازِعُ الجَوهَرَ قيماتِهِ +مِن عَمَلِ الإِنسِ سِوى أَنَّها تُنسي سُلَيمانَ وَجِنّاتِهِ +وَالريحُ في أَبوابِهِ وَالجَوا ري مائِلاتٌ دونَ ساحاتِهِ +وَغابُهُ مَن سارَ في ظِلِّها يَأتي عَلى البُسفورِ غاباتِهِ +بِالطولِ وَالعَرضِ تُباهي فَذا وافٍ وَهَذا عِندَ غاياتِهِ +وَالرَملُ حالٍ بِالضُحى مَذهَبٌ يُصَدِّئُ الظِلُّ سَبيكاتِهِ +وَتُرعَةٌ لَو لَم تَكُن حُلوَةً أَنسَت لِمَرتينَ بُحَيراتِهِ +أَو لَم تَكُن ثَمَّ حَياةَ الثَرى لَم تُبقِ في الوَصفِ لِحَيّاتِهِ +وَفي فَمِ البَحرِ لِمَن جاءَهُ لِسانُ أَرضٍ فاقَ فُرضاتِهِ +تَنحَشِدُ الطَيرُ بِأَكنافِهِ وَيَجمَعُ الوَحشُ جَماعاتِهِ +مِن مِعزٍ وَحشِيَّةٍ إِن جَرَت أَرَت مِنَ الجَريِ نِهاياتِهِ +أَو وَثَبَت فَالنَجمُ مِن تَحتِها وَالسورُ في أَسرِ أَسيراتِهِ +وَأَرنَبٌ كَالنَملِ إِن أُحصِيَت تَنبُتُ في الرَملِ وَأَبياتِهِ +يَعلو بِها الصَيدُ وَيَعلو إِذا ما قَيصَرٌ أَلقى حِبالاتِهِ +وَمِن ظِباءٍ في كِناساتِها تَهيجُ لِلعاشِقِ لَوعاتِهِ +وَالخَيلُ في الحَيِّ عِراقِيَّةٌ تَحمي وَتُحمى في بُيوتاتِهِ +غُرٌّ كَأَيّامِ عَزيزِ الوَرى مُحَجَّلاتٌ مِثلَ أَوقاتِهِ +ما باتَ يُثني عَلى عَلياكَ إِنسانُ إِلّا وَأَنتَ لِعَينِ الدَهرِ إِنسانُ +وَما تَهَلَّلتَ إِذ وافاكَ ذو أَمَلٍ إِلّا وَأَدهَشَهُ حُسنٌ وَإِحسانُ +لِلَّهِ ساحَتُكَ المَسعودُ قاصِدُها فَإِنَّما ظِلُّها أَمنٌ وَإيمانُ +لَئِن تَباهى بِكَ الدينُ الحَنيفُ لَكَم تَقَوَّمَت بِكَ لِلإِسلامِ أَركانُ +تُراقِبُ اللَهَ في مُلكٍ تُدَبِّرُهُ فَأَنتَ في العَدلِ وَالتَقوى سُلَيمانُ +أَنجى لَكَ اللَهُ أَنجالاً يُهَيِّئُهُم لِرِفعَةِ المُلكِ إِقبالٌ وَعِرفانُ +أَعِزَّةٌ أَينَما حَلَّت رَكائِبُهُم لَهُم مَكانٌ كَما شاؤوا وَإِمكانُ +لَم تَثنِهِم عَن طِلابِ العِلمِ في صِغَرٍ في عِزِّ مُلكِكَ أَوطارٌ وَأَوطانُ +تَأبى السَعادَةُ إِلّا أَن تُسايِرَهُم لِأَنَّهُم لِمُلوكِ الأَرضِ ضيفانُ +نَجلانِ قَد بَلَغا في المَجدِ ما بَلَغا مُعَظَّمٌ لَهُما بَينَ الوَرى شانُ +يَكفيهِما في سَبيلِ الفَخرِ أَن شَهدَت بِفَضلِ سَبقِهِما روسٌ وَأَلمانُ +هُما هُما تَعرِفُ العَلياءُ قَدرَهُما كِلاهُما كَلِفٌ بِالمَجدِ يَقظانُ +ما الفَرقَدانِ إِذا يَوماً هُما طَلَعا في مَوكِبٍ بِهِما يَزهو وَيَزدانُ +يا كافِيَ الناسِ بَعدَ اللَهِ أَمرَهُمُ النَصرُ إِلّا عَلى أَيديكَ خِذلانُ +يا مُنيلَ المَعالي وَالنَدى كَرَماً الرِبحُ مِن عَبرِ هَذا البابِ خُسرانُ +مَولايَ هَل لِفَتى بِالبابِ مَعذِرَةٌ فَعَقلُهُ في جَلالِ المُلكِ حَيرانُ +سَعى عَلى قَدَمِ الإِخلاصِ مُلتَمِساً رِضاكَ فَهوَ عَلى الإِقبالِ عُنوانُ +أَرى جَنابَكَ رَوضاً لِلنَدى نَضِراً لِأَنَّ غُصنَ رَجائي فيهِ رَيّانُ +لا زالَ مُلكُكَ بِالأَنجالِ مُبتَهِجاً ما باتَ يُثني عَلى عَلياكَ إِنسانُ +أَعطى البَرِيَّةَ إِذ أَعطاكَ باريها فَهَل يُهَنّيكَ شِعري أَم يُهَنّيها +أَنتَ البَرِيَّةُ فَاِهنَأ وَهيَ أَنتَ فَمَن دَعاكَ يَوماً لِتَهنا فَهوَ داعيها +عيدُ السَماءِ وَعيدُ الأَرضِ بَينَهُما عيدُ الخَلائِقِ قاصيها وَدانيها +فَبارَكَ اللَهُ فيها يَومَ مَولِدِها وَيَومَ يَرجو بِها الآمالَ راجيها +وَيَومَ تُشرِقُ حَولَ العَرشِ صِبيَتُها كَهالَةٍ زانَتِ الدُنيا دَراريها +إِنَّ العِنايَةَ لَمّا جامَلَت وَعَدَت أَلّا تَكُفَّ وَأَن تَترى أَياديها +بِكُلِّ عالٍ مِنَ الأَنجالِ تَحسَبُهُ مِنَ الفَراقِدِ لَو هَشَّت لِرائيها +يَقومُ بِالعَهدِ عَن أَوفى الجُدودِ بِهِ عَن والِدٍ أَبلَجِ الذِمّاتِ عاليها +وَيَأخُذُ المَجدَ عَن مِصرٍ وَصاحِبِها عَنِ السَراةِ الأَعالي مِن مَواليها +الناهِضينَ عَلى كُرسِيِّ سُؤدُدِها وَالقابِضينَ عَلى تاجَي مَعاليها +وَالساهِرينَ عَلى النيلِ الحَفِيِّ بِها وَكَأسها وَحُمَيّاها وَساقَيها +مَولايَ لِلنَفسِ أَن تُبدي بَشائِرَها بِما رُزِقتَ وَأَن تَهدي تَهانيها +الشَمسُ قَدراً بَلِ الجَوزاءُ مَنزِلَةً بَلِ الثُرَيّا بَلِ الدُنيا وَما فيها +أُمُّ البَنينَ إِذا الأَوطانُ أَعوَزَها مُدَبِّرٌ حازِمٌ أَو قَلَّ حاميها +مِنَ الإِناثِ سِوى أَنَّ الزَمانَ لَها عَبدٌ وَأَنَّ المَلا خُدّامُ ناديها +وَأَنَّها سِرُّ عَبّاسٍ وَبِضعَتُهُ فَهيَ الفَضيلَةُ مالي لا أُسَمّيها +أَغَرُّ يَستَقبِلُ العَصرُ السَلامَ بِهِ وَتُشرِقُ الأَرضُ ما شاءَت لَياليها +عالي الأَريكَةِ بَينَ الجالِسينَ لَهُ مِنَ المَفاخِرِ عاليها وَغاليها +عَبّاسُ عِش لِنُفوسٍ أَنتَ طِلبَتُها وَأَنتَ كُلُّ مُرادٍ مِن تَناجيها +تُبدي الرَجاءَ وَتَدعوهُ لِيَصدُقَها وَاللَهُ أَصدَقُ وَعداً وَهوَ كافيها +بَيني وَبَينَ أَبي العَلاءِ قَضِيَّةٌ في البِرِّ أَستَرعي لَها الحُكَماءَ +هُوَ قَد رَأى نُعمى أَبيهِ جِنايَةً وَأَرى الجِنايَةَ مِن أَبي نَعماءَ +داوِ المُتَيَّمَ داوِهِ مِن قَبلِ أَن يَجِدَ الدَوا +إِنَّ النَواصِحَ كُلَّهُم قالوا بِتَبديلِ الهَوا +فَتَحتُموا باباً عَلى صَبِّكُم لِلصَدِّ وَالهَجرِ وَطولِ النَوى +فَلا تَلوموهُ إِذا ما سَلا قَد فُتِحَ البابُ وَمَرَّ الهَوا +سَعَت لَكَ صورَتي وَأَتاكَ شَخصي وَسارَ الظِلُّ نَحوَكَ وَالجِهاتُ +لِأَنَّ الروحَ عِندَكَ وَهيَ أَصلٌ وَحَيثُ الأَصلُ تَسعى المُلحَقاتُ +وَهَبها صورَةً مِن غَيرِ روح أَلَيسَ مِنَ القَبولِ لَها حَياةُ +لَكُم في الخَطِّ سَيّارَه حَديثُ الجارِ وَالجارَه +أَوفَرلاندُ يُنَبّيكَ بِها القُنصُلُ طَمّارَه +كَسَيّارَةِ شارلوت عَلى السَواقِ جَبّارَه +إِذا حَرَّكَها مالَت عَلى الجَنبَينِ مُنهارَه +وَقَد تَحزُنُ أَحياناً وَتَمشي وَحدَها تارَه +وَلا تُشبِعُها عَينٌ مِنَ البِنزينِ فَوّارَه +وَلا تُروى مِنَ الزَيتِ وَإِن عامَت بِهِ الفارَه +تَرى الشارِعَ في ذُعرٍ إِذا لاحَت مِنَ الحارَه +وَصِبياناً يَضِجّونَ كَما يَلقَونَ طَيّارَه +وَفي مَقدَمِها بوقٌ وَفي المُؤخِرِ زَمّارَه +فَقَد تَمشي مَتى شاءَت وَقَد تَرجِعُ مُختارَه +قَضى اللَهُ عَلى السَوّا قِ أَن يَجعَلَها دارَه +يُقَضّي يَومَهُ فيها وَيَلقى اللَيلَ ما زارَه +أَدُنيا الخَيلِ يا مَكسي كَدُنيا الناسِ غَدّارَه +لَقَد بَدَّلَكَ الدَهرُ مِنَ الإِقبالِ إِدبارَه +فَصَبراً يا فَتى الخَيلِ فَنَفسُ الحُرِّ صَبّارَه +أَحَقٌّ أَنَّ مَحجوباً سَلا عَنكَ بِفَخّارَه +وَباعَ الأَبلَقَ الحُرَّ بِأَوفَرلاند نَعّارَه +وَلَم يَعرِف لَهُ الفَضلَ وَلا قَدَّرَ آثارَه +قَدِ اِختارَ لَكَ الشَلحَ وَما كُنتَ لِتَختارَه +فَسَلهُ ما هُوَ الشَلحُ عَسى يُنبيكَ أَخبارَه +كَأَن لَم تَحمِلِ الرّا يَةَ يَومَ الرَوعِ وَالشارَه +وَلَم تَركَب إِلى الهَولِ وَلَم تَحمِل عَلى الغارَه +وَلَم تَعطِف عَلى جَرحى مِنَ الصِبيَةِ نَظّارَه +فَمَضروبٌ بِرَشّاشٍ وَمَقلوبٌ بِغَدّارَه +وَلا وَاللَهِ ما كَلَّف تَ مَحجوباً وَلا بارَه +فَلا البِرسيمُ تَدريهِ وَلا تَعرِف نَوّارَه +وَقَد تَروى عَلى صُلتٍ إِذا نادَمتَ سُمّارَه +وَقَد تَسكَرُ مِن خَودٍ عَلى الإِفريزِ مِعقارَه +وَقَد تَشبَعُ يا اِبنَ اللَي لِ مِن رَنَّةِ قيثارَه +تفَدّيكَ يا مَكسُ الجِيادُ الصَلادِمُ وَتَفدي الأساةُ النُطسُ مَن أَنتَ خادِمُ +كَأَنَّكَ إِن حارَبتَ فَوقَكَ عَنتَرٌ وَتَحتَ اِبنِ سينا أَنتَ حينَ تُسالِمُ +سَتُجزى التَماثيلَ الَّتي لَيسَ مِثلُها إِذا جاءَ يَومٌ فيهِ تُجزى البَهائِمُ +فَإِنَّكَ شَمسٌ وَالجِيادُ كَواكِبٌ وَإِنَّكَ دينارٌ وَهُنَّ الدَراهِمُ +مِثالٌ بِساحِ البَرلَمانِ مُنَصَّبٌ وَآخَرُ في بارِ اللِوا لَكَ قائِمُ +وَلا تَظفَرُ الأَهرامُ إِلّا بِثالِثٍ مَزاميرُ داوُدٍ عَلَيهِ نَواغِمُ +وَكَم تَدَّعي السودانَ يا مَكسُ هازِلاً وَما أَنتَ مُسَوَّدٌ وَلا أَنتَ قاتِمُ +وَما بِكَ مِمّا تُبصِرُ العَينُ شُبهَةٌ وَلَكِن مَشيبٌ عَجَّلَتهُ العَظائِمُ +كَأَنَّكَ خَيلُ التُركِ شابَت مُتونُها وَشابَت نَواصيها وَشابَ القَوائِمُ +فَيا رُبَّ أَيّامٍ شَهِدتَ عَصيبَةٍ وَقائِعُها مَشهورَةٌ وَالمَلاحِمُ +قُل لِاِبنِ سينا لا طَبي بَ اليَومَ إِلّا الدِرهَمُ +هُوَ قَبلَ بقراطٍ وَقَب لَكَ لِلجِراحَةِ مَرهَمُ +وَالناسُ مُذ كانوا عَلَي هِ دائِرونَ وَحُوَّمُ +وَبِسِحرِهِ تَعلو الأَسا فِلُ في العُيونِ وَتَعظُمُ +يا هَل تُرى الأَلفانِ وَق فٌ لا يُمَسُّ وَمَحرَمُ +بَنكُ السَعيدِ عَلَيهِما حَتّى القِيامَةِ قَيِّمُ +لا شيكَ يَظهَرُ في البُنو كِ وَلا حِوالَةَ تُخصَمُ +وَأَعَفُّ مَن لاقَيتَ يَل قاهُ فَلا يَتَكَرَّمُ +بَراغيثُ مَحجوبٍ لَم أَنسَها وَلَم أَنسَ ما طَعِمَت مِن دَمي +تَشُقُّ خَراطيمُها جَورَبي وَتَنفُذُ في اللَحمِ وَالأَعظُمِ +وَكُنتُ إِذا الصَيفُ راحَ اِحتَجَم تُ فَجاءَ الخَريفُ فَلَم أحجَمِ +تُرَحِّبُ بِالضَيفِ فَوقَ الطَري قِ فَبابِ العِيادَةِ فَالسُلَّمِ +قَدِ اِنتَشَرَت جَوقَةً جَوقَةً كَما رُشَّتِ الأَرضُ بِالسِمسِمِ +وَتَرقُصُ رَقصَ المَواسي الحِدادِ عَلى الجِلدِ وَالعَلَقِ الأَسحَمِ +بَواكيرُ تَطلعُ قَبلَ الشِتاءِ وَتَرفَعُ أَلوِيَةِ المَوسِمِ +إِذا ما اِبنُ سينا رَمى بَلغَماً رَأَيتَ البَراغيثَ في البَلغَمِ +وَتُبصِرُها حَولَ بيبا الرَئيس وَفي شارِبَيهِ وَحَولَ الفَمِ +وَبَينَ حَفائِرِ أَسنانِهِ مَعَ السوسِ في طَلَبِ المَطعَمِ +اليَومَ نَسودُ بِوادينا وَنُعيدُ مَحاسِنَ ماضينا +وَيُشيدُ العِزَّ بِأَيدينا وَطَنٌ نَفديهِ وَيَفدينا +وَطَنٌ بِالحَقِّ نُؤَيِّدُهُ وَبِعَينِ اللَهِ نُشَيِّدُهُ +وَنُحَسِّنُهُ وَنُزَيِّنُهُ بِمَآثِرِنا وَمَساعينا +سِرُّ التاريخِ وَعُنصُرُهُ وَسَريرُ الدَهرِ وَمِنبَرُهُ +وَجِنانُ الخُلدِ وَكَوثَرُهُ وَكَفى الآباءُ رَياحينا +نَتَّخِذُ الشَمسَ لَهُ تاجا وَضُحاها عَرشاً وَهّاجا +وَسَماءَ السُؤدُدِ أَبراجا وَكَذَلِكَ كانَ أَوالينا +العَصرُ يَراكُمُ وَالأُمَمُ وَالكَرنَكُ يَلحَظُ وَالهَرَمُ +أَبني الأَوطانَ أَلا هِمَمُ كَبِناءِ الأَوَّلِ يَبنينا +سَعياً أَبَداً سَعياً سَعياً لِأَثيلِ المَجدِ وَلِلعَليا +وَلنَجعَل مِصرَ هِيَ الدُنيا وَلنَجعَل مِصرَ هِيَ الدُنيا +خَليفَةٌ ما جاءَ حَتّى ذَهَبا ضاعَ عَليهِ الدَمُ وَالمال هبا +الصاحِبُ اِبنُ الصاحب الكَريمِ الجللُ المَطلَب وَالغَريمِ +اِبنُ الزُبير وَكَفى تَعريفا إِن الشَريفَ يَلدُ الشَريفا +أَبوهُ هَضبةُ العُلا الشَماء وَأُمُّهُ في الشرف السماء +مُستَقبلُ الأَيام بِالصِيامِ وَمُتعبُ الظَلام بِالقِيامِ +وَأَطهَرُ المُعاهدين ذِمَّه وَأَكبرُ المُجاهِدين هِمه +وَثباً مِن الخَوارجِ الشِدادِ إِلى بَني أُميَة اللدادِ +إِلى مُداراة بَني العَباس وَالعَلويين الشِدادِ الباس +فَاِنتَظَمت أَهلَ الحِجالا بَيعتُه وَاِحتَكَمَت في البصرتين شِيعتُه +وَدَخل العِراقُ في وَلائِهِ وَخَرَجَت مصرُ عَلى أَعدائِهِ +فَضاقَ مَروانُ بِهِ ذِراعا وَاِنخرعت قُدرته اِنخِراعا +بابن الزُبير لا يُقاس ابن الحَكَم لا تَرفَعُ الأَحكامُ كُلَّ مَن حَكَم +لا يَستوي مَن عُمرَه تَحنَّفا وَمَن رَسولُ اللَهِ أَقصى وَنَفى +مَروانُ لَيسَ لِلأُمور صاحِبا وَإِن غَدَت لِذَيلِهِ مساحبا +جر عَلى عُثمانَ ما قَد جرا أَرادَ أَن يَنفَعَهُ فَضَرّا +رُبَّ عَدوٍّ عاقِلٍ أَشكاكا وَرُبَّ وَدِّ جاهِلٍ أَبكاكا +لَكنه أَبو النُجوم الزُهرِ مَصابِحِ الأَمر مُلوكِ الدَهر +حدِّث إِذا باهى المُلوكُ بِالوَلَد عَن حَجَر الأَرض وَبَيضَةِ البَلَد +يَدنو بَنو المَنصور مِن أَبنائِهِ في الرفق بِالمَلكِ وَفي بِنائِهِ +ما كسليمانَ وَلا عَبدِ المَلِك وَلا الوَليدِ عاهِلٌ وَلا مَلِك +لَما أَتى اِبنَ الحَكَمِ الحِمامُ آل لِعبد المَلك الزِمام +فَيا شَقاءَ اِبنَ الزُبير ما لَقى لَقَد أُصيبَ بِالدَهيِّ الفَيلَق +فَتى مِن النَوابغ المُرّادِ إِن همّ لَم يُثنَ عَن المُراد +قَد نَضجت آراؤه غلاما وَرُزق الهمةَ وَالكَلاما +وَكانَ في الشَرع شِراعَ الأَمّه وَفي الحَديث مُستَقى الأَئمّه +فاقَ فَلَولا بُخلُهُ وَغَدرُهُ فاتَ مَقاديرَ المُلوك قَدرُهُ +ما زالَ في الشام إِلى أَن راضها ضم قِواها وَشَفى أَمراضَها +فَاِجتَمَعت لِذي دَهاءٍ حُوّلي كَعَهدِها بِالأَمَويّ الأَوَلِ +رَمى بِها مَجموعة مُعدَّه إِن النِظامَ عَدَدٌ وَعُدّه +فَظَفرت بفِرَق الخَوارجِ مِن داخِلٍ في طاعَةٍ وَخارِجِ +وَلَم تَدع لابن الزُبير جَمعا إِلّا أَراها طاعَةً وَسَمعا +بَعد حُروب وائِلِيَةِ الحرَب لَولا سُباتُ الرُوم ضاعَت العُرب +أَحستِ المللة فيها بِالغرر وَرُمِيَ البَيتُ العَتيقُ بِالشرر +وَطاحَ فيها مُصعَبٌ كَريماً يَحمي كَلَيث العَتيقُ بِالشَرر +وَضاقَ عَبد اللَه عَن عَبد المَلك وَرَأيِهِ الوَضاءَ في الخَطب الحلك +اِنصَرَف الكُرّارُ وَالكُماةُ وَاِنحَرَف الأَنصارُ وَالحُماةُ +أَسلَمه الأَهلون حَتّى ابناه وَخَذلت شِمالَه يمناه +فَجاءَ أُمّه وَمَن كَأُمِّه لَعَلَها تَحمل بَعضَ هَمّه +وَالبَيت تَحتَ قَسطَلِ الحَجاجِ وَخَيلُهُ أَواخذُ الفِجاجِ +فَقالَ ما تَرينَ فَالأَمرُ لَكِ لِلمَوت أَمضى أَم لِعَبد المَلِكِ +قالَت بَنيّ وَلدَ القوّامِ وَاِبنَ العَتيق القائم الصَوّامِ +أَنظُر فَإِن كُنتَ لِدينٍ ثرتَ فَلا تُفارق ما إِلَيهِ سِرتَ +أَو كانَت الدُنيا قُصارى هِمتك فَبئس أَنتَ كَم دَمٍ بِذمتك +إِلحَق بِأَحرارٍ مَضوا قَد أَحسَنوا فَالمَوت مِن ذلِّ الحَياة أَحسَنُ +وَلا تَقُل هُنتُ بِوَهن مَن مَعي فَلَيسَ ذا فعلَ الشَريف الأَلمَعي +وَمُت كَريماً أَو ذُقِ الهَوانا وَعَبثَ الغِلمان مِن مَروانا +أَنتَ إِلى الحَقِّ دَعَوتَ صَحبَكا فَاقضِ كَما قَضوا عَلَيهِ نَحبَكا +وَلا تَقُل إِن مُتُّ مَثَّلوا بِي وَطافَ أَهلُ الشام بِالمَصلوب +هَيهات ما لِلسَّلخ بِالشاة أَلم وَرُب جِذعِ فيهِ لِلحَق عَلَم +وَعانَقتهُ فَأَحسّت دِرعا قالَت أَضِقتَ بِالمَنون ذرعا +مِثلَك في ثِيابه المُشَمّره جاهد لا في الحَلق المسمّره +لا تَمضِ فيها وَأرح مِنها الجَسد وَامشض بِلا درعِ كَما يَمضي الأَسَد +فَنزع النَثرةَ عَنهُ وَاِنطَلق في قلة يَلقى العَديدَ في الحَلَق +فَماتَ تَحتَ المرهفات حرا لَم يَألُ خَيرَ الأُمَهات بَرّا +الأَمرُ آل أَحسَنَ المآلِ بِيُمنِ إِبراهيمَ رَأسِ الآلِ +فَتى العَفافِ وَالحجى وَالنائِلِ وَمَعدِنِ الأَخلاقِ وَالفَضائِلِ +دَعى القرى لِأَمره فَلبّتِ وَحضنَ الدَعوَةَ حَتّى شَبّتِ +وَماتَ لا أَقولُ في أَثنائِها بَل وَهِيَ عِندَ مُنتَهى بِنائِها +نالَته في ناديهِ لِلقَوم يَدُ وَصِيدَ في وَاديهِ وَهُوَ الأَصيَدُ +أُلقِيَ في السجن فَكانَ حُفرَتَه أَماته اللَه وَأَحيا أُسرَتَه +بَينا بِهِ تَهامَسُ النُعاةُ إِذ بِأَخيهِ هَتف الدُعاةُ +بويع في الكُوفة لِلسفّاحِ في ثَبَج الدَعوة وَالكِفاحِ +نَعى أَخاهُ وَنَعى أُمَيّه وَقامَ بِالدَولة هاشِميّه +في جُمعة مَشهودَةٍ هِيَ المُنى هَشّ إِلَيها عَرَفاتُ وَمِنَى +فَكانَتِ الكُوفَةُ مَبزَغَ القَمَر قَد طَلَع السَعدُ بِهِ عَلى الزُمَر +بُويعَ فيها النَفَرُ الأَعلامُ وَنالَ عُليا الدُولِ الإِسلامُ +قامَ أَبو العَباس بِالإِمامه ابن جلا المُسوَّد العَمامَه +فَتى تَضاءَلُ الفُتِيُّ حَولَه داعٍ لِمُلكٍ داعِمٌ لِدوله +كَالبَدر في سَمائه بَل أَجمَلُ لَو كانَ فَوقَ الأَرض بَدرٌ يُكملُ +قَد رَجع الأَمر بِهِ لِلأَربعِ وَاِجتَمَع الأَمر لَهُ في أَربَعِ +إِبنُ الغَيوث لَم يَعِد إِلّا صَدق وَلَم يَجُد إِلّا اِستَهَلّ وَغَدَق +أَلينُ مِن صَمصامةٍ وَأَقطَعُ لا يَعرِفُ الرَحمَةَ حِينَ يُقطَعُ +قَد كانَ بَينَ الدَولَتين يَومُ عزّ بِهِ قَومٌ وَذَلَّ قَومُ +التَقَتِ الأَحزابُ بِالأَحزابِ وَاِقتَتَل الجَمعان حَولَ الزاب +نَهرٌ جَرى الأَمرُ العَظيمُ حَولَه عُبور دَولَةٍ وَنَشأُ دَولَه +وَكانَ مَروان أَتمّ فَيَلقا وَجُندُ عَبد اللَهِ أَوفى في اللُقا +فَأَجزَل اللَه مِن الإِظهار وَالنَصرِ لابن السادة الأَطهارِ +ما غَربت شَمسُ نَهار الباس حَتّى بَدَت شَمسُ بَني العَباسِ +هُم أَمّلوا كيوشعَ الإِداله وَالنَصرَ قَبل غَيبة الغَزالَه +فَكانَت النيةُ ذات شَأنِ وَكادَت الشَمس لَهُم تَستأني +تَصرمت دَولة عَبدِ شَمسِ وَدَبرت أَيامُهُم كَأمسِ +بِعَبد شَمسٍ فازَ عَبدُ المطلِب لا كفءَ لِلغالب إِلا مَن غُلِب +فَمُذ خَلا الجَوُّ لِسَيفِ هاشِم هَبّ هَبوب المُستَبدِّ الغاشِم +المستبيح في دُخول البَيتِ هَلاكَ حَيٍّ وَاِنتِهاكَ مَيت +فَهتك القُبورَ وَهِيَ حُرمه مَن ماتَ فاِترُك لِلمَميت جُرمه +وَمَنيت أُميةُ بِساطِ أَبدلها النِطعَ مِن البِساطِ +وَكُلّ جُرمٍ واقِعُ العِقاب وَلَو عَلى الأَنسالِ وَالأَعقابِ +ثُمَ قَضى مُقتبِلَ الشَبابِ عَن دَولة مُقبلِةِ الأَسباب +فَفَقدت بِهِ القَرى حَياها وَماتَ بِالأَنبار مَن أَحياها +الأَصلُ في كُلِّ بِنايَةٍ حَجَر وَإِن زَهَت بِالشُرُفات وَالحُجَر +مُعتَمدُ الأَركان وَالقَواعِدِ وَسَنَدُ العالي بِهن الصاعِدِ +فَإِن وَقَفتَ مُطرِيَ البِناءِ فَاعطِف عَلى الأَساسِ في الثَناءِ +وَهَذِهِ الدَولَةُ قَد دَعا لَها وَقادَ في ظُهورِها رِعالَها +أَغَرُّ مِن سِوابق الإِسلامِ فَوارسِ اللِقاءِ وَالكَلامِ +اِختَلَفوا في أَصلِهِ وَفَصلِهِ وَالسَيفُ يَومَ النَسَب اِبنُ نَصلِهِ +فَقيل حُرٌّ عَرَبيُّ الوَادي وَقيل عَبدٌ مِن بَني السَوادِ +وَقيل كانَ يَدّعي العباسا وَيَرتَدي لِهاشِمٍ لِباسا +خاضَ الخَراسانّي في العشرينا عَلى بَني أُميّةَ العَرينا +فَلقيت دَعوَتُه رَواجا وَدَخلت فيها القرى أَفواجا +وَقوبِلَت في الفرس بِالمُحبّذِ مِن كُلِّ دهقانٍ وَكُلِّ موبِذِ +لِبخل مَروانَ عَلَيهُم بِالنِعَم وَتَركهم سُدىً كَإِهمال النَعم +وَقَرَعَ الساقَ لَها مِن العرب من لاله في الأَمويين أَرب +رَبيعة اِنحازَت إِلَ��ها وَيَمَن أَظهرتا مِن ضَغَنٍ ما قَد كَمَن +فَكَم جَفاهُما بَنو مَروانا وَاِصطَنَعوا مِن مُضَرَ الأَعوانا +وَبالَغوا في البِرِّ وَالقِيامِ وَشاطَروها نِعَم الأَيام +وَهِيَ لَما يَقتَرِحون أَجرى وَهِيَ عَلى بَني النَبيّ أَجرا +جاءَ أَبو مسلم الخِراسِنِي أَبدلها مِن رائِقٍ بآسنِ +رُمُوا بِماضي الحَدِّ لا يَمينُ داهِيَةٍ في رَأيِهِ كَمين +تَقتَبِسُ الشبّان مِن مَضائِهِ وَتَنزِلُ الشِيبُ عَلى قَضائِهِ +يَصيدُ بِالصَلاة وَالصِلاتِ وَيَقنصُ الولاةَ بِالولاةِ +يُعينُهُ قحطبةٌ ذو الباس أَولُ قُوادِ بَني العَباس +بِخَيلِهم جابَ البِلادَ وَفَرى قامَ بَعدَهُ اِبنُهُ مُظفّرا +سِلك لآلٍ مِن بَني الأَعمامِ وَمُلكُ آلٍ مِن بَني الغَمامِ +بجَدّهم في السَنة اِستَسقى عُمَر هَزّ الغَمامَ بِالغَمام فَاِنهَمَر +وَدُولةُ الحَق بَدَت لِلناسِ بَينَ رِضى الخَلق وَالاستئناسِ +وَعدُ النَبيّ في الحَياة عَمّه اللَه مِن بَعدهما أَتمه +وَلَستَ تَدري مَن بَنى أَساسَها أَعجَبُ أَم مَن شادَها وَساسَها +أَقبلَ يَبنيها مشن الفِتيان عِصابَةٌ مُحسِنَةُ البُنيانِ +قَد نَفَروا لِلأَمر في أَوقاتِهِ وَالأَمرُ يَستَأنِسُ في مِيقاتِهِ +وَاِنتَخبوا الأَبطال لِلمَجالِ وَالخَيرُ في تَخيُّر الرِجال +وَنقدوا الآراءَ وَالسُيوفا فَنَفو الكُلولَ وَالزيوفا +سَلُّوا خَراسانَ وَنعمَ الماضي في الأَمر مُستقبلِهِ وَالماضي +خِفّت لِداعيهم وَلَبّت الطَلَب وَاِعتَصَمَ المَأمونُ فِيها فَغَلَب +لِأَهلِها فيهم هَوى وَنارُ وَفي مَهَبِّ الريح تَقوى النارُ +رَموا بِها فَجَدلوا أُمَيّه وَكُلُّ سَهمٍ وَلَهُ رَميّه +بِالشام صادوا الملكَ وَالإِمامَه ما بال بازيهم غَدا حَمامَه +حَقيقةٌ لَيسَ لَها مُفنِّدُ كُل مُهنّد لَهُ مُهَنّدُ +استخلفَ المَنصورَ في وصاتِهِ إِن اِختيار المَرءِ مِن حَصاتِهِ +اِبن أَبيهِ وَسِراج بَيتِهِ الخُلَفاءُ لَمَحاتُ زَيتِهِ +حَبرُ بَني العَباس بَحر العلمِ قُطبُ رحى الحَرب مَدار السِلمِ +فَلم يَكد بِالأَمر يَستَقلُّ حَتّى تَلقّى فِتنَةً تُسَلُّ +قَد فَرَغ الأَهلُ مِن الغَريبِ وَاِشتَغَل القَريب بِالقَريب +ثارَ بِعَبدِ اللَهِ ثائِرُ الحَسَد وَزَعم الغابَ أَتى غَيرَ الأَسَد +وَأَن مَروانَ إِلَيهِ سلَّما وَأَن يَومَ الزاب يَكفي سُلَّما +اِنقَلب العَمُّ فَصارَ غَمّا وَفَدح الأَمرُ بِهِ وَطَمّا +جاءَ نَصيبِينَ وَقَد شَقَّ العَصا فِيمَن بَغى الفِتنَةَ صَيداً وَعَصى +ما فلّ حدّهم عَن المَنصورِ سِوى أَبي مسلم الهَصورِ +سَل عَلَيهِ سَيفَهُ وَرايَه فَلم تَقف لابن عَليٍّ رايه +وَهُزِمَ الطاهِرُ يَومَ النَهرِ وَعرف القاهِرُ طَعمَ القَهرِ +وَمَن يُحاول دَولَةً وَمُلكا يُلاقِ نُجحاً أَو يُلاقِ هُلكا +وَاستطرد الحَينُ بُنوةَ الحُسن وَاِجتَمَعوا فَاِمتَنَعوا عَلى الرَسَن +وَطَلَبوا الأَمر وَحاوَلَوا المَدى وَبايَعوا راشدَهم مُحَمّدا +وَكانَ مِقداماً جَريئاً مِحرَبا طاحَ عَلى حَدّ الظُبا في يَثرِبا +فَثارَ إِبراهيمُ لِلثاراتِ وَأَزعَج المَنصورَ بِالغاراتِ +فُوجِئَ وَالجُيوشُ في الأَطرافِ بِنَهضة الدَهماءِ وَالأَشرافِ +اَضطَرب الحِجازُ وَالعِراقُ وَشَغب الغواةُ وَالمُرّاقُ +فَلم تفُلَّ النائِباتُ عَزمَه وَلَم يَكِل�� عَن لِقاءِ الأَزَمَه +تَدارَكَ الشدةَ بِالأَشدا مِن كُلِّ مَن لِمثلِها أَعدّا +وَكانَ يَستَشيرُ في المَصائِبِ وَهُوَ أَخو الرَأي السَديد الصائِبِ +أَمرٌ لَهُ كِلاهُما قَد شَمَّرا وَجَرّدا السَيفَ لَهُ بَأَخمرا +فَكانَ بَينَ هاشمٍ مِن حَربِ ما كانَ بَينَها وَبَينَ حَربِ +وَكانَ في أَولِها لِلطالب عَلى قَنا المَنصور عِزُّ الغالِبِ +لَولا المَقاديرُ القَديرةُ اليَدِ لَأَحرَز السَيّدُ مُلكَ السَيّدِ +كَرّت عَساكِرُ الإِمام كَرّه عَلى جُنود الحَسَنِيِّ مُرّه +عدته عَن دَعوته العَوادي وَأَسعف الدَهرُ أَولى السَدادِ +وَطابَ لِلشَريف الاستشهادُ فِيما يَخال أَنَّهُ جِهادُ +فَطاحَ لَم يَنزل عَن الكُميتِ وَهَكَذا أَبناءُ هَذا البَيتِ +وَكَثُر القَتلى وَراحَ الأَسرى عَلى فَوات الوَفَياتِ حَسرى +سَيقوا إِلى يَزيدَ أَو زِيادِ لَكن مِن القَرابَةِ الأَسيادِ +فَلم يَذُق كَالحسنيّين البَلا وَلا الحُسينيّون يَوم كَربلا +مُنوا بِقاسي القَلب لَيسَ يَرحَمُ وَلَيسَ تَثنيهِ عَلَيهُم رَحِم +لَو طَمعت في مُلكِهِ أَولادُهُ شَفاهمو مشن طَمع جَلّادُهُ +هَذا أَبو مُسلم التيّاهُ غرّته في دَولَتِهم دُنياهُ +فَطالَ في أَعراضِهم لِسانه وَلَم يَقُم بِمَنِّهِ إِحسانُه +وَنازع الآلَ جَلال القَدرِ وَنافَست هِمّتُه في الصَدرِ +دَعواه في دَوعتهم عَريضَه لَولاه ظَلت شَمسُها مَريضَه +وَهُوَ لِفَضلِ الطاهِرين ناسِ وَما لَهُم في الحُب عِندَ الناسِ +وَما عَلوا لَهُ مِن المُهمَّة وَبَذَلوا مِن مُدهِشات الهمّه +وَمَوت إِبراهيم حَتفَ فيهِ فِدىً لِأَمرِهُم وَحُبّاً فيهِ +فَوغِرَ الوالي عَلَيهِ صَدرا يُظهِرُ عَطفاً وَيسِرَّ غَدرا +وَصاحِبُ الدَعوة ضافي الدَعوى يَرفُلُ فيها نَخوَةً وَزَهوا +تَطلُبُهُ الدِماءُ كُل مَطلَبِ لا بُدَّ لِلظُلم مِن مُنقَلَبِ +فَكَم أَدارَها عَلى المَنون وَكَم أَراقَها عَلى الظُنونِ +هَذا الَّذي حَمى أُميَةَ الكَرى كانَ أَبو جَعفَر مِنهُ أَنكَرا +قَد يَقَع الثَعلَبُ في الحُبَالَه وَتَتّقِي الفَراشَةُ الذُبالَه +أَفنى الفَضاءُ حيلَةَ الخِراسِي وَعَصفت رِياحُهُ بِالراسي +وَساقَهُ الحَينُ إِلى الإِمامِ وَالنَفس تَستَجر لِلحِمامِ +فَجاءَهُ في مَوكِبٍ مَشهودِ وَفي مَدارِعٍ مِن العُهود +أُريدُ بِالداعي الرَدى وَما دَرى وَكُلُّ غَدّارٍ مُلاقٍ أَغدَرا +فَمُكِّنت مِنهُ سُيوفُ الهِندِ وَظَفَر الفِرندُ بِالفِرِندِ +أُصيبَتِ الدَولَةُ في غِنائِها وَسَقَط البَنّاءُ مِن بِنائِها +الخُلفاءُ وَلدُ المَنصورِ وَعَصرُهُ الزاهي أَبو العُصورِ +إِن اِستَهلَّت بِالدِماءِ مُدَّتُه فَما وَقاها الهَيج إِلّا شِدتُه +وَمَن يَقُم بِمُلكِهِ الجَديدِ يَقُده بِالحَريرِ وَالحَديدِ +لا تَرجُ في الفِتنَة رِفقَ الوَالي قَد يُدفَع الحُكّامُ بِالأَحوالِ +أُنظُر إِلى أَيامِهِ النَواضِرِ وَظِلِّها الوَارف في الحَواضِرِ +عِشرونَ في المُلكِ رَفَقنَ أَمنا وَفِضنَ نَعماءَ وَسِلنَ يُمنا +خِلافَةٌ ثَبّتها قَواعِدا ثُمَ تَرقّى بِالبِناءِ صاعِدا +أَدرُّ مِن صَوب الغَمام دَخلا عَلى أَشَد الخُلِفاءِ بُخلا +يَخافُ في مالِ العِباد اللَه ما تَبع الدُنيا وَلا تَلاهى +لِلسلم آلاتٌ وَلِلحَرب أُهَب جِماعهن في المَمالك الذَهَب +وَحَوّلَ المَنصورُ مَجرى العَهدِ أَخَّر عيسى وَأَقام المَهدي +فَكانَ في تَقديمه الإِصلاحُ وَفي بَنيهِ الخَيرُ وَالفَلاحُ +وَلا تَسَل عَن هِمَّةِ العُقولِ وَنَهضَةِ المَعقول وَالمَنقولِ +وَكَثرَةِ الناقِلِ وَالمُعَرِّبِ عَن حِكمَةِ الفُرسِ وَعِلم المَغرِبِ +وَاِختَطَّ بَغدادَ عَلى التَسديد داراً لِمُلكِ يسرٍ مَديدِ +كانَت لِأَيام البَهاليل سِمَه وَمِهرَجانَ مُلكِهم وَمَوسِمَه +يَنجمُ فيها النابِغُ السَعيدُ وَيُنجب المُقتَبس البَعيدُ +مَن جَعَل المَغربَ مَطلَعَ الضُحى وَسَخَّر البَربر جُنداً لِلهُدى +وَصَرّف الأَيّامَ حَتّى أَحدَثَت ما كانَ في الأَحلامِ أَحلامَ الكَرى +وَأَظفَر الصابر بِالنُجح فَيا هَزيمة اليَأس وَيا فَوز الرَجا +وَنقّلَ الدَولةَ في بَيت الهُدى فَلَم تزُل عَن طُنُبِ إِلّا إِلى +سُبحانَهُ المُلكُ إِلَيهِ وَلَه يُؤتيهِ أَو يَنزِعهُ مِمَن يَشا +قامَ إِمامٌ مِن بَني فاطِمَةٍ خَليفة ثُم تَلاه مَن تَلا +ما عَجبي لِمُلكِهم كَيفَ بُنى بَل عَجبي كَيفَ تَأَخّر البنا +جدّهمو لا دِين دُون حُبِّهِ وَأُمُّهُم بِالأُمَهاتِ تُفتَدى +وَمُذ مَضى مُضطَهدا وَالدُهم أَصبَحَ بِالمُضطَهد اِهتم المَلا +أَجلَّهم عِليَةُ كُلِّ حِقبَةٍ وَخَصَّهُم فيها السَوادُ بِالهَوى +وَالفُرسُ وَالتُركُ جَميعاً شِيعَةٌ لَهُم يَرونَ حُبَّهُم رَأس التُقى +فَشَهِدَ اللَهُ لَهُم ما قَصَّروا القَتل صَبراً تارَة وَفي اللُقا +كَم ثارَ مِنهُم في القُرون ثائِرٌ بِالأَمويين وَبِالآل الرِضى +هَذا الحسينُ دَمُهُ بكربلا رَوّى الثَرى لَما جَرى عَلى ظَما +وَاِستَشهد الأَقمارُ أَهلُ بَيتِهِ يَهوُون في التُرب فرادى وَثُنا +بن زِياد وَيَزيدُ بغيا وَاللَهُ وَالأَيامُ حَربُ مَن بَغى +لَولا يَزيدُ بادئِاً ما شَرِبَت مَروانُ بِالكَأس الَّتي بِها سَقى +وَثار لِلثارات زَيدُ بِن عَلي بِن الحُسين بِن الوَصيِّ المُرتَضى +يَطلُبُ بِالحُجة حَقَّ بَيتِهِ وَالحَقُّ لا يُطلَبُ إِلّا بِالقَنا +فَتى بِلا رَأيٍ وَلا تَجرِبَةٍ جَرى عَلَيهِ مِن هِشامٍ ما جَرى +اِتَخَذ الكُوفَةَ درعا وَقَنا وَالأَعزلُ الأَكشَفُ مَن فيها اِحتَمى +مَن تَكفِهِ الكُوفَةُ يَعلَم أَنَّها لا نَصر عِندَ أَهلِها وَلا غَنا +سائل عَليّا فَهُوَ ذُو علمٍ بِها وَاِستَخبرِ الحسينَ تعلمِ النبا +فَماتَ مَقتولاً وَطالَ صَلبُهُ وَأُحرِقَت جِثَتُه بَعدَ البَلى +عَلى أَبي جَعفَرَ ثارَت فتيَةٌ ما أَنصَفوا وَاللَه في شَق العَصا +هُم أَهلُ بَيتَ الحُسن الطاهر أَو مِن شَبَّ مِن بَيت الحُسين وَنَما +أَيطلُبون الأَمرَ وَالأَمرُ لَهُم قَد قَرَّ في بَيت النَبيِّ وَرَسا +يَحمِلُ عَنهُم همَّهُ وَغَمَّهُ أَبناءُ عَمٍّ نُجُبٌ أُولو نُهى +فَلَيتَ شِعري كانَ ذا عَن حَسَدِ أَم بُخلِهِ بلَّغهم إِلى القَلى +مُحَمدٌ رَأسهمو في البَصرة قَد زادَ وَكُوفانُ كَمِرجَلٍ غَلا +مُلمّةٌ لَو لَم تُصادف هِمّةً لَأَودَت الدَولَةُ في شَرخ الصِبا +قامَ إِلَيها مَلِكٌ مُشَمِّر في النائِبات غَيرُ خَوّار القُوى +ساقَ إِلى الدار خَميساً حازَها وَقَتل المَهديَّ عِندَ المُلتَقى +وَكانَ بَينَ جَيشِهِ بِأَخمرا وَبَينَ إِبراهيم يَومٌ ذُو لَظى +لَم يَصدُقِ اِبنَ الحَسَنِ النصرُ بِهِ أَصبَحَ ضاحِكاً وَأَمسى قَد بَكى +ماتَ بِسَهمٍ عاشرٍ لَم يَرمِهِ رامٍ وَلَكنّ القَضاءَ قَد رَمى +فَلا تَسل عَن جَيشِهِ أَينَ مَضى وَلا تَسَل عَن بيتِهِ ماذا التُقى +هاربُهم لَيسَ يَرى وَجهَ الثَرى وَلا يَرى مَسجُونُهُم غَير الدُجى +وَما خَلا خَليفَةٌ مُسوّدُ مِن طالِبيٍّ يَطلُبُ الأَمرَ سُدى +يُقتَلُ أَو يُزجُّ في السجن بِهِ أَو يَتَوارى أَو يُبيده الفَلا +يَرجون بِالزُهد قِيامَ أَمرِهم وَالزُهدُ مِن بَعد أَبيهم قَد عَفا +لَو دامَتِ الدُنيا عَلى نُبوةٍ لَكانَ لِلناسِ عَن الأُخرى غِنى +تَخلَّقوا نَبذَ المَشورات فَلا يَنزِلُ مِنهُم أَحَدٌ عَما يَرى +مَن لا يَرى بِغَيرِهِ وَإِن رَأى بِعَيني الزَرقاءَ كانَ ذا عَمى +وَقَلما تَخَيروا رِجالهم إِن الرِجال كَالفُصوص تُنتَقى +قَد خالَفَ المَأمونُ أَهل بَيتِهِ حُبّاً بِأَبناءِ الوَصيِّ وَحِبا +مِن أَجلِهم نَضا السَوادَ ساعَةً فَقالَ قَومٌ خَلع الوالي الحَيا +وَلَو سَها قَوادهُ وَآلُهُ لَقَلَّدَ العَهدَ عَليّ بِن الرِضا +فَما خلت دَولَته مِن ثائِرٍ قَد قَطَع الطرقَ وَعاثَ في الحِمى +جيءَ بِشَيخٍ عَلويٍّ زاهِدٍ فَقَبِل البَيعة بَعدَما أَبى +تَأمرُ بِأَسمِهِ وَتَنهى فِتيَةٌ لِحيتُهُ بَينَهُم لِمَن لَها +مِن أَهل بِيتِهِ وَلَكن فَزِعَت مِن جَورِهم وَفِسقِهم أُمُّ القُرى +وَرُبَّ غادٍ مُنِيَ الحجُّ بِهِ وَخُوّف الخَيف وَلَم يَأمَن مِني +وَكانَ زَيدُ النار في أَيامهم وَالآخرُ الجَزّار عاث وَعَتا +فَظَهر الجُندُ عَلَيهُم وَاِنتَهى تائبهم إِلى الإِمام فَعَفا +فَهَؤلاءِ لِم يَشين غَيرُهُم سمعَ بَني حَيدَرةٍ وَلا زَرى +مِن حَظِّهم أَن صادَفوا خَليفَةً في قَلبِهِ لَهُم وَلِلعَفو هَوى +وَلَم تَزَل تَمضي القُرونُ بِالَّذي أَمضى مُصَرِّمُ القُرون وَقَضى +حَتّى حَبا اللَه بَني فاطِمَةٍ ما ماتَ دُونَهُ الأُبُوّةُ العُلا +ماطلهم دَهرهمو بِحَقِّهم حَتّى إِذا ما قيل لَن يَفي وَفى +ما لِأَوانٍ لَم يَئن مُقدِّمٌ وَلا يُؤخَّر الأَوان إِن أَتى +سارَ إِلى المَغربِ مِن شِيعَتِهم فَتى غَزيرُ الفَضل مَوفورُ الحجى +تَشيَّعت مِن قَبلِهِ آباؤُهُ فَرضع النية فيهُم وَاِغتَدى +مِن أَهل صَنعاءَ وَدُونَ عَزمِهِ ما صَنَعت مِن كُلِّ ماضٍ يُنتَضى +وَأَينَ داعٍ بِسُيوف قَومِهِ وَآخِرٌ أَعزَلُ شَطَّته النَوى +يُصبحُ مَطلوباً وَيُمسي طالِباً ما قَعدت طُلّابُه وَلا وَنى +يُبَشِّرُ الناسَ بِهادٍ جاءَهُم وَأَن مَهدِيَّ الزَمان قَد أَتى +حَتّى تَملَّك العُقول سِحرُهُ إِن البَيانَ نَفثاتٌ وَرُقى +وَلَم يَزل مُتَّبَعاً حَيث دَعا لِلفاطِميِّ ظافِراً حَيث غَزا +مَهما رَمى بِخَيلِهِ وَرَجلِهِ في بَلَدٍ أَذعَن أَو حصنٍ عَنا +فَلم يَدَع مِن عَرَبٍ وَبَربَرٍ وَلَم يُغادر مِن صَحارى وَرُبى +أَجلى بَني الأَغلَبِ عَن أَفريقيا عَن الجِنانِ وَالقُصورِ وَالدُمى +لابس أَقواماً تَحلّى بِالتُقى بِينَهُمو وَبِالفَضيلة اِرتَدى +قُدوَةُ أَهل الدِين إِلّا أَنَّهُ في أَدب الدُنيا المِثالُ لِمُحتَدى +ثُم رَمى المَغربَ فَاِهتَزَ لَهُ وَحَث نَحو سجلماسةَ الخُطا +قاتَلَها نَهارَهُ حَتّى بَدا لِأَهلِها فَلاذوا بِالنَجا +فَجاءَ فَاِستَخرَج مِن سُجونِها تبرَ خِلالٍ كانَ في التُرب لَقا +أَتى بِهِ العَسكَرَ يَمشي خاشِعاً مكفكفاً مِن السُرور ما جَرى +وَقالَ يا قَوم اِتَبِعوا واليكُم هَذا الخَليفَةُ اِبنُ بِنت المُصطَفى +وَتَرك المُلكَ لَهُ مِن فَورِهِ وَسارَ في رِكابِهِ فيمَن مَشى +أَنظر إِلى النيةِ ما تَأَتي بِهِ وَالدِينِ ما وَراءَهُ مِن الوَفا +وَلا تَقُل لا خَيرَ في الناسِ فَكَم في الناسِ مِن خَيرٍ عَلى طُولِ المَدى +أَضطَلع المَهدِيُّ بِالأَمرِ فَما قَصّر في أَمر العِباد عَن هُدى +وَحَمل الناسَ عَلى الدِين وَما يَأمُرُ مِن رُشدٍ وَيَنهى مِن عَمى +اِنتَظَمت دَولَتُهُ أَفريقيا وارِفَةَ الظلِّ خَصيبَةَ الذَرا +وَأَصبَحَت مَصرُ وَأَمرُ فَتحَها أَقصى وَأَعصى ما تَمَنّى وَاِشتَهى +كَم ساقَ مِن جَيشٍ إِلَيها فَثَنى عَسكَرَهُ القَحطُ وَردّه الوَبا +وَفِتَنة مِن الغُيوب أَومَضَت قَلَّبتِ المَغرِبَ في جَمرِ الغَضا +صاحِبُها أَبو يَزيدٍ فاسِقٌ يُريد أَمرَ الناس مَحلولَ العُرا +وَكُل مالٍ أَو دَمٍ أَو حُرَّةٍ لِناهِبٍ وَسافِكِ وَمَن سَبى +يا حَبَذا المَذهَبُ لا يَرفضُهُ مِن قَعد الكسب بِهِ وَمَن غَوى +ماتَ عُبيدُ اللَهِ في دُخانِها وَتَعِبَ القائِمُ بِالنارِ صِلى +فُضَّت ثُغورٌ وَخلت حَواضِرُ وَأَمرَ الطاغي عَلَيها وَنَهى +بِالمالِ وَالزَرع وِبِالأَنفُسِ ما أَنسى الوَباءَ وَالذِئابَ وَالدَبا +ثُمَ قَضى مُحَمدٌ بِغَمِّهِ وَالشَرُّ باقٍ وَالبَلاءُ ما اِنقَضى +فَلَم تَنَل أَبا يَزيدٍ خَيلُهُ وَلا قَنا لَهُ الكَنانَةَ القَنا +اِرتَدَ عَن مَصرَ هَزيماً جُندُهُ يَشكو مِن الإِخشيدِ مُرَّ المُشتَكى +وَاِستَقبَلَ المَنصورُ أَمراً بَدَدا وَدَولَةً رَثَّت وَسُلطاناً وَهى +نارُ الزَناتِيِّ مَشَت عَلى القَرى وَغَيّرَ السَيفُ الدِيارَ وَمَحى +فَكانَ في هَوج الخُطوبِ صَخرَةً وَفي طَريق السَيلِ شَمّاءَ الرُبا +مُكافِحاً مُقاتِلا بِنَفسِهِ إِن خابَ لَم يَرجَع وَإِن فازَ مَضى +لَم يَألُ صاحِبَ الحِمار مَطلَبا في السَهلِ وَالوَعر وَسَيراً وَسُرى +فَأَنقذَ المُدنَ وَخَلَّص القرى وَطَهَّرَ الأَرضَ مِن الَّذي طَغى +وَتَرَكَ المُلكَ سَلاماً لِابنِهِ وَالأَمرَ صَفواً وَالأَقاليم رضى +فَتى كَما شاءَت مَعالي بَيتِهِ عِلماً وَآداباً وَبَأساً وَنَدى +تَقيّل الأَقيالَ مِن آبائِهِ وَزَيدَ إِقبالَ الجُدود وَالحُظا +قَد حسّنَ المُلكَ المُعِزُّ وَغَدت أَيامُهُ لِلدين وَالدُنيا حُلى +أَحاطَ بِالمَغرب مِن أَطرافِهِ وَدانَ مِنهُ ما دَنا وَما قَصا +جاءَت مِن البَحر المُحيطِ خَيلُهُ تَحمل مِنهُ الصَيد حَيّاً ذا طَرا +حَتّى ربت وَكَثُرت جُموعُهُ وَوَفر المالُ لَدَيهِ وَنَما +فَاِستَحوَذَت مَصرُ عَلى فُؤادِهِ وَقَبلَهُ كَم تَيّمت لَهُ أَبا +فَاِختارَ لِلفَتح فَتى مُختَبَراً معدِنُه فَكانَ جَوهَرُ الفَتى +سَيّره في جَحفَلٍ مُستَكمِلٍ لِلزاد وَالعُدّةِ وَالمال الرَوى +فَوَجد الدار خلت وَاِستَهدَفَت بِمَوت كافور الَّذي كانَ وَقى +فَلا أَبو المِسكِ بِها يَمنَعُها وَلا بَنو العَباسِ يَحمونَ الحِمى +قَد هَيئت فَتحاً لَهُ لَم يدّعِم عَلى دَم الفِتيان أَو دَمع الأَسى +فَإِن يَفُت جَوهَرَ يَومُ وَقعَةٍ فَكَم لَهُ يَوماً بِمَصر يُرتَضى +اِعتَدل الأَمرُ عَلى مقدمِهِ وَكانَ رُكنُ المُلكِ مَيلاً فَاِستَوى +وَجَرَت الأَحكامُ مَجرى عَدلِها وَعرَف الناسُ ��لأَمانَ وَالغِنى +كَم أَثَرٍ لِجَوهَرٍ نَفيسُهُ إِلى المُعزِّ ذي المَآثر اِعتَزى +الجامِعُ الأَزهرُ باقٍ عامِرٌ وَهَذِهِ القاهِرَةُ الَّتي بَنى +وَقُل إِذا ذَكَرتَ قَصريهِ بِها عَلى السَدير وَالخَوَرنقِ العَفا +وَدانَ أَعلى النيل وَالنَوبُ بِهِ لِلفاطِميين وَقَدَّموا الجَزى +وَخَضَع الشامُ وَمِن حِيالَهُ مِن آل حَمدانَ فَوارِسِ اللُقا +إِلّا دِمَشق اِغتُصِبَت وَلَم تَزَل دِمَشقُ لِلشِيعَةِ تُضمرُ القِلى +وَأَتتِ الدارُ بَني فاطِمَةٍ وَاِنتَقَلَ البَيتُ إِلَيهُم وَسَعى +فَصارَت الخطبةُ فِيهما لَهُم وَالذكرُ في طُهرِ البِقاعِ وَالدُعا +حَتّى إِذا المُلكُ بَدا اِتِساقُهُ وَنَظَمَ السَعدُ لِجَوهَرَ المُنى +أَتى المعزُّ مصرَ في مَواكِبٍ باهِرَة العزِّ تكاثرُ الضُحى +وَاِستَقبَلَ القَصران يَوماً مِثلُهُ ما سَمع الوادي بِهِ وَلا رَأى +خَزائِنُ المَغرِبِ في رِكابِهِ تَبارَكَت خَزائِنُ اللَهِ المِلا +فَاِجتَمع النيلُ عَلى مُشبِهِهِ وَغَمَرَ الناسَ سَخاءً وَرَخا +وَاِبنُ رَسولِ اللَهِ أَندى راحَةً وَجُودُه إِن جَرَحَ النيلُ أَسا +الأَرضُ في أَكنافِ هَذا أَجدَبَت وَذا أَزاحَ الجَدب عَنها وَكَفى +وَلَم يَزَل أَبو تَميم يَشتَهي بَغدادَ وَالأَقدارُ دُونَ ما اِشتَهى +حَتّى قَضى عِندَ مَدى آمالِهِ لَو تَعرِفُ الآمالُ بِالنَفس مَدى +اِنتَقل المُلكُ فَكانَت نُقلَةً مِن ذِروة العزِّ إِلى أَوجِ العُلا +جَرى نِزارٌ كَمَعَدٍّ لِلسُدى كَما جَرَت عَلى العُصيَّةِ العَصا +إِن يَكُ في مِصرَ العَزيزَ إِنَّهُ مِن المُحيط مُلكُهُ إِلى سَبا +المُسرجُ الخَيلُ نُضاراً خالِصاً وَالمُنعِلُ الخَيلَ يَواقيت الوَغى +لَم يَخلُ مِن جَدٍّ بِها أَو لَعبٍ مِن المَيادين إِلى حَرِّ الرَحى +مُلكٌ جَرى الدَهرُ بِهِ زَهواً وَما أَقصَرَهُ مُلاوةً إِذا رَها +مَضى كَأَيام الصِبا نَهارُهُ وَكَليالي الوَصل لَيلُهُ اِنقَضى +كانَ العَزيزُ سَدّة الفَضل الَّتي اِنقَلَب الراجُون مِنها بِالحِبى +لِآل عيسى مِن نَدى راحَتِهِ وَآل مُوسى قَبَسٌ وَمُنتَشى +وَكانَ مَأمونَ بَني فاطِمَةٍ كَم كَظم الغَيظ وَأَغضى وَعَفا +أَودى فَغابَ الرفقُ وَاِختَفى النَدى وَحُجِبَ الحِلمُ وَغُيِّب الذَكا +وَحَكَم الحاكِمُ مَصرَ وَيحَها قَد لَقيت مِن حُكمِهِ جَهدَ البَلا +أَتعبَها مُختَلَطٌ مختَبَلٌ يَهدِمُ إِن ثارَ وَيَبني إِن هَذا +وَلَم تَزَل مِن حَدَثٍ مُسَيَّرٍ إِلى فَئيل العَزم واهِنِ المَضا +حَتّى خَبا ضِياءُ ذاكَ المُنتَدى وَعَطِلَ القَصران مِن ذاكَ السَنا +عَفا بَنو أَيوبَ رَسمَ مُلكِهم وَغادَروا السُلطانَ طامِسَ الصَدى +وَجَمَعوا الناسَ عَلى خَليفَةٍ مِن وَلَد العَباسِ لا أَمرَ وَلا +سُبحانَ مَن في يَدِهِ المُلكُ وَمَن لَيسَ بِجارٍ فيهِ إِلّا ما قَضى +فَيا جَزى اللَه بَني فاطِمَةٍ عَن مَصرَ خَيرَ ما أَثابَ وَجَزى +وَأَخَذَ اللَهُ لَهُم مِن حاسِدٍ في النَسَبِ الطاهِرِ قالَ وَلَغا +خَلائِفُ النيلِ إِلَيهُم يُنتَمى إِذا الفُراتُ لِبَني الساقي اِنتَمى +تِلكَ أَيادِيهم عَلى لَبّاتِهِ مفصلاتٍ بِالثَناءِ تُجتَلى +كَم مُدُنٍ بَنوا وَدورٍ شَيَّدوا لِلصالِحاتِ هَهُنا وَهَهُنا +هُم رَفَعوا الإِصلاحَ مِصباحاً فَما مِن مُصلِحٍ إِلّا بِنورهم مَشى +وَالكرمُ المَصريُّ مِما رَسَموا بِمَصرَ مِن بِرٍّ وَسَنُّوا مِن قِرى +وَكُلُّ نَيروزٍ بِمَصرٍ رائِعٍ أَو مِهرَجانٍ ذائِعٍ هُمُ الأَلى +هُم مَزّقوا دُروعَهُم بِراحِهم وَكَسَروا بِها الرِماحَ وَالظُبى +لا العَربَ اِستَبَقوا وَهُم قَومهمو وَلا رَعوا لِلمغرِبيّينَ الوَلا +قَد مَلَّكوا الأَبعَدَ أَمرَ بَيتِهم وَحَكَّموه في العَشائر الدُنى +وَأَنزَلوا السُنَّةَ عَن رُتبتها وَرَفَعوا شِيعَتهم وَمَن غَلا +وَصَيَّروا المُلكَ إِلى صِبيانهم فَوَجَد الفَرصة مَن لَهُ صَبا +إِزدادَ بَغيُ الوُزَراء بَينَهُم وَأصبَحوا هُمُ المُلوكَ في المَلا +خَليفُةُ الرَحمَنِ في زاويَةٍ مِن الخُمول وَالوَزيرُ اِبنُ جَلا +ما وَصلُ مَن تَهوى عَلى أنسَةٍ بِالبَدرِ في ظِلِّ الرَبيعِ الظَليل +عَلى بِساطٍ نَسَجتهُ الرُبى شَتّى الحُلى وَالوَشي غضٍ طَليل +أَبدى الرَياحينَ وَأَهدى الشَذا وَجَرَّ أَذيالَ النَسيمِ العَليل +وَاِستَضحَكَ الماءُ فَهاجَ البُكى في كُلِّ خِدرٍ لبناتِ الهَديل +بِالمَجلِسِ المُمتعِ ما لَم تَزِد فيهِ اِبنةَ الكرمِ وشعرَ الخَليل +شِعرٌ جَرى مِن جَنَباتِ الصِبا يا طيبَ واديهِ وَطيبَ المَسيل +فيهِ رِواياتُ الصبا وَالهَوى تَسَلسَلَت أَشهى مِنَ السَلسَبيل +قَد صانَها الشاعِرُ عَن خُلوةٍ في مُفضِلٍ أَو مُرةٍ في بَخيل +شَيبوبُ ديوانُك باكورَةٌ وَفجرُكَ الأَوَّلُ نورُ السَبيل +الشِعرُ صنفانِ فباقٍ عَلى قائِلِهِ أَو ذاهِبٌ يومَ قِيل +ما فيهِ عصرِيٌّ وَلا دارسٌ الدَهرُ عمرٌ لِلقريضِ الأَصيل +لَفظٌ وَمعنىً هُوَ فَاِعمَد إِلى لَفظٍ شَريفٍ أَو لِمَعنى نَبيل +وَاِخلُق إِذا ما كُنتَ ذا قُدرَةٍ رب خَيالٍ يخلقُ المُستَحيل +ما رَفَعَ القالَةَ أَو حَطَّهُم إِلا خيالٌ جامدٌ أَو منيل +مَن يَصِفِ الإِبلَ يَصِف ناقةً طارَت بِهِم وَاِرتَفَعَت أَلفَ ميل +سائِل بني عصرِكَ هَل مِنهُم مَن لَبِسَ الإِكليلَ بَعدَ الكَليل +وأَيُّهُم كالمُتَنَبّي اِمرُؤٌ صَوّاغُ أَمثالٍ عزيزُ المَثيل +وَاللَه ما موسى وَلَيلاتُهُ وَما لِمَرتين وَلا جيرزيل +أَحَقُّ بالشِعرِ وَلا بِالهَوى مِن قَيس المَجنونِ أَو مِن جَميل +قَد صَوَّرا الحُبَّ وَأَحداثَهُ في القَلبِ مِن مُستَصغَر أَو جَليل +تَصويرَ مَن تَبَقّى وَمَن شِعرُه في كُلِّ دَهرٍ وَعَلى كُلِّ جيل +قد مثلوا في صورة مزوّقة كأنها قصيدة منمقة +رسم مليك محكم التمثيل بصولجان المجد والإكليل +وتحته في سلّم المقام شريف قوم شاكي الحسام +وكاهن يليه إسرائيلي أمامه الأموال في زنبيل +وعسكري شاهر الحسام وسائل منحدب القوام +وتحتهم جميعهم فلاح في كيسه محصوله المباح +ودون كل صورة عبارة تفيد ما تعنى بها الإشارة +يقول فيها المَلك إنى السائد فيكم والشريف إني القائد +والكاهن الثاني أنا أصلّى لأجلكم فريضتي ونفلي +والإسرائيليّ يقول الراجح أنا عليكم حيث أني الرابح +والعسكري إنني أحميكم والسائل المكدود أستعطيكم +ويضرع الفلاح حسبي وربي أطعمكم جميعكم من حبي +ينهكني حملكم الثقيل وليس عندي لكم جميل +عيد المسيح وعيد أحمد صافحا عيد الأمير ثلاثة لا تكفر +كاد الولي لدين عيسى يهتدي فيه وكاد المهتدي يستنصر +ملَك أعيد إلى ربوع حجابه ما قولكم سكن الثرى وثوى به +ما زال عنه إلى الفناء شبابه لكن إلى الخلد ارتحال شبابه +من للخشوع إذا استفزك للأسى أجل تولى الله طيّ كتابه +فاصبر وكان الصبر شيمتك التي تدنى أجر الرضى وثوابه +صحبت شكيبا برهة لم يفز بها سواى على أن الصحاب كثير +حرصت عليها آنة ثم آنة كما ضنّ بالماس الكريم خبير +فلما تساقينا الوفاء وتم لي وداد على كل الوداد أمير +تفرّق جسمي في البلاد وجسمه ولم يتفرّق خاطر وضمير +كزبك بطير الجمال اعترت أيكاته فِدا بناته إذا ما مسن باناته +ما بهجة العصر إلا جركسياته من كل هيفا لها عند الدلال إدلال +إن شئت تعرف حالتي فانظر إلى داري فإن السر عند الدار +تُنبيك عن كدري وعن صفوي بما تبديه من ظُلمَ ومن أنوار +فلوس الشغل ما تأخي ر شغل اليوم من عاداتي +أين الحساب حساب بيت البيك هل أحضرته لنراه في نظرات +هي ذي الدفاتر ناطقات في يدي بكمال ضبط الدخل والنفقات +لخصتها لأميرتي وأتيت أع رضها على الأعتاب مختصرات +ذا صادر ذا وارد ذا ساير هذا حسابات أبو البركات +من بعد إنعامات جمكيات يو ميات صرفيات توريدات +هذا جفالك ذا عمارات كما هذا مطابخ ثم يا مولاتي +لا رأي لي في ثمُ يا حنا اختصر يا ضيعة الأيام والساعات +هذا الخلاصة يا أميرة فاسمعي لي بالقراريط وبالحبات +قد كان عند البيك من عام مضى عشرون الفا حلوة الطلعات +ألفان منها مال ذاك العام وال باقي ضرائب تسعة لم تات +لم تأت كيف رأيتمو تحصيلها هذا لعمري البغي في الغايات +حنا لقد أقعدتني وأقمتني أكذاك يفعل سائر البيكات +لا إذ من العادات ما لا يستوى فيه البكات لكونهم درجات +وبأيما كيفية تحصيلها ومن الجباة فهنّ شر جباة +هل في دم الفلاح سر الكيميا أم هل يدين لكل باغٍ عاتي +تحصيلها سهل مع القرصات والر كيات والجلدات والشنقات +والضرب فوق الظهر وهو مطاوع والضرب فوق البطن وهو مواتي +وأمرّ من ذا بيع واحدة النعا ج أو التي بقيت من البقرات +الآن بان لي الرشاد بوجهه وعرفت مصدر هذه الظلمات +وقنطت من مرجوّ عودك يا علي ورجوع بيتك ظافر الرايات +إنما المبلغ الذي قلت عنه لك لم يبق منه غير القليل +أخذ البيك نصف ذلك مني لاصطناع الرفاق عند الرحيل +وأتاني محمد أخذ الرب ع ببأس حلو وعنف جميل +وصرفنا ثلاثة وبما يبق قى نرجِّى قضاء دين ثقيل +وأنا اليوم قد كبرت فمالي في الوكالات فابحثي عن وكيل +إن الذي رزق المماليك الغنى وحباهم ملك البلاد كبيرا +لم يعطهم من نعمة الأولاد ما أعطى الخلائق مثريا وفقيرا +لولا التبني ما عرفنا لذة للعيش يحسبه الحسود نضيرا +أولى البيوت بغابط أو حاسد بيت يضم صغيرة وصغيرا +تالله تفتأ تزدري بمحمد وتسبه وتريد أن لا يعتدي +مولاي خذ للصلح جانبه فما تدري الذي تأتي الحوادث في غد +قد أتعب الأعداء من داراهم فأقم عدوّك بالليان وأقعد +أن الأراقم لا يطاق لقاؤها وتنال من خلف بأطراف اليد +فداها نساء الأرض من جركسية لها سيرة بين الملوك تدار +إذا برزت ود النهار قميصها يُغير به شمس الضحى فتغار +وإن نهضت للمشي ودَّ قوامها نساء طوال حولها وقصار +لها مبسم عاش العقيق لأجله وعاشت لآل في العقيق صغار +وقطعة خد بينما هي جنة لعينيك يا رائي إذا هي نار +في ذي الجفون صوارم الأقدار راعِى البريةَ يا رعاك الباري +وكفى الحياةُ لنا شواغل فأفتني ملأ النجوم وعالم الأقمار +ما أنت في هذى الحِلَى إنسيّة إن أنت إلا الشمس في الأنوار +زهراءُ بالأفق الذي من دونه وثب النهى وتطاول الأفكار +تتهتك الألباب خلف حجابها مهما طلعِت فكيف بالأبصار +يا زينة الإصباح والإمساء بل يا رونق الآصال والأسحار +ماذا تحاول من تنائينا النوى أنت الدُّنى وأنا الخيال الساري +ألقى الضحى ألقاكِ ثُم من الدجى سبل إليك خفية الإغوار +ولقد أطارحك الغرام مؤيّدا بلُغى الوجود المائج الزخار +وإذا أنست بوحدتي فلأنها سببي إليك وسلّمى ومنارى +إيه زماني في الهوى وزمانها تالله قد كنت النمير الجاري +متسلسلا بين الصبابة والصبا مترقرقا بمسارح الأوطار +سمحَ الأزمّة ما تريد تحوّلا ونريد عمرك أطول الأعمار +حتى إذا سكنت إليك لنا منىً كانت بظلك في هنىّ جوار +عمد الفراق لطىّ أنسك غاشما إن الفراق جهم الأقدار +رضاكم بالعلاقة لي كفيل وقربكم الزمان وما ينيل +هجرتم فاحتملت لكم فعدتم وشحناء المحبة لا تطول +وما جاملتموا أهلا ولكن ذهبتم مذهبا وهو الجميل +وكنت إذا التمست لكم بديلا أعاتبكم به عز البديل +حفظت الودّ والودّ انتقال وإن الحافظين له قليل +وبت أصون في الحب اعتقادي ورأى لا تغيره أصيل +فيا كتبي أياديك الأيادي ويا رسلي جميلكم الجميل +ويا أملي سأذكر طول أنسى بوجهك حين أوحشني الخليل +ويا دهري شكرت وكان منى لما قد مر نسيان طويل +ويا عصري و للممدوح تنمى لك الغرر السنية والحجول +أرى سبل الرجاء إليه شتى ولكن خيرها هذا السبيل +أمهما قام عزمك أو تصدى دنا الأقصى ودان المستحيل +وتعلم أن بالحساد داء وأن شفاءهم في أن يقولوا +تزينت المنازل واستعدّت فأهلا أيها القمر الجليل +تودّ العين لو زيدت سوادا وأنك في سوادَيها نزيل +هرعنا والقلوب يثبن وثبا وللعبرات بالبشرى مسيل +فهلل حيث كل العز يسعى وحيث الفضل جملته يميل +ونبسط أيدى النجوى كأنا سراة هزها النجم الدليل +سل الليل عن أفلاكه هل جرت سدى وهيهات ما يجرين إلا إلى مدى +تنظَّمن في هام الفضاء وصدره وحلينه فرقا وزنّ المقلدا +ولحنٌ به للقارئين قصيدة من الحكمة العلياء لم ترض منشدا +تسيل بها نورا خلال كتابه وتجرى حواشيه لجينا وعسجدا +سماءَ الدجى حركت ساكن خاطري فهيجي بنات الشعر فيه لتسعِدا +تبدّدت الظلماء والشهب قبلها وشمل همومي ما يريد تبدّدا +فيا ندمائي الظلماء والشهب قبلها أرى الجام مهتزا بها متوقدا +ولا تشفقوا بي من ضلال فإنما إلى ضِلتي في شربها ينتهى الهدى +لقد نهلت كفى وعلت بكأسها مرارا وصدرى لا يُبلّ له صدى +وما قصِّرت بنت الكروم وإنما مددتم بها الأيدي ومدّ الأسى يدا +ولست امرأ ترقى الهموم لصدره ولكنها نفس تحاول مقصدا +أضيق بها حينا وطورا تضيق بي كما عالج الغمد الحسام المهندا +وأشقى بها هما وأعيا مطالبا وأتعب فيها بالمحبين حسدا +ومن يك قد ذم الأعادي فإنني لدائي من الأحباب لا أظلم العدى +وما كنت من يرجوهم لمهمة ولكنما استقضيت حقا مؤكدا +وما مال ذو حق وإن جل حقه إلى الحقد إلا ضيع الحق واعتدى +ولو شئت جاءتني المعالي مطيعة ولكن وجدت الصبر أعذب موردا +أرى الصدق ملكا والرياء عبودة وإن كان ملكا للكثير وسؤددا +وأعلم أن اليوم بالأمس لاحق وأن لعباس وللأمة الغدا +يا هلال الصيام مثلك في السا مين للعز من طوى الأفلاكا +مرحبا بالثواب منك وأهلا بليال جمالها لقياكما +كل عال أو كابر أو نبيل أو وجيه من النجوم فداكا +كيف يبلغن ما بلغت وما حا ولن شأوا ولا سرين سراكا +أنت مهد الشهور والحسن والإش راق مهد الوجود منذ صباكا +فوق هام الظلام ضوء جبين ال كون تاج للكائنات ضياكا +غرة الليل والركاب إذا أد همه قام سابحا في سناكا +وإذا ما أناف يُظهر أحجا لا ويبدي أطواقه كنت ذاكا +ورقيب على الدياجي إذا أل قت عصاها صدّعتِها بعصاكا +وجناح لطائر صاده اللي ل فأمسى يعالج الأشراكا +أيها الطائر المريد فما تق در نفس عما يريد فكاكا +تُقسم الكائنات منك بنون قلم النور خطها فحلاكا +في كتاب جُعلت قفلا عليه من يمين ما أومأت بسواكا +صحوت واستدركتني شيمتي الأدب وبت تنكرني اللذات والطرب +وما رشاديَ إلا لمع بارقة يرام فيه ويُقضَى للعلى أرب +دعت فأسمع داعيها ولو سكتت دعوت أسمعها والحرّ ينتدب +وهكذا أنا في همى وفي هممي إن الرجال إذا ما حاولوا دأبوا +ولي همامة نفس حيث أجعلها لا حيث تجعلها الأحداث والنوب +لها على عزة الأقدار إن مطلت حلم الليوث إذا ما أستأخر السلب +وإن تحير بي قوم فلا عجب إن الحقيقة سبل نحوها الرّيب +أوشكت أتلف أقلامي وتتلفني وما أنلت بنى مصر الذي طلبوا +همو رأوا أن تظل القضب مغمدة فلن تذيب سوى أغمادها القضب +رضيت لو أن نفسي بالرضى انتفعت وكم غضبت فما أدناني الغضب +نالت منابر وادى النيل حصتها منى ومن قبل نال اللهو والطرب +وملعب كمعاني الحلم لو صدقت وكالأماني لولا أنها كذب +تدفق الدهر باللذات فيه فلا عنها انصراف ولا من دونها حجب +وجاملت عصبة يحيا الوفاء بهم فهم جمال الليالي أو هم الشهب +باتوا الفراقد لألاء وما سفروا عليه والبان أعطافا وما شربوا +وأسعدت مشرفاتٌ من مكامنها حمر المناقير في لباتها ذهب +مستأنسات قريرات بأخبية من سندس الروض لم يمدد بها طنب +وما بين حام يهاب الجار ساحته وناشئ يزدهيه الطوق والزغب +وغادةٍ من بنات الأيك ساهية ما تستفيق وأخرى همها اللعب +قريرة العين بالدنيا مروعة بالأسر تضحك أحيانا وتنتحب +وتبرح الفرع نحو الفرع جاذبه بالغصن فالفرع نحو الفرع منجذب +أبا الحيارى ألا رأى فيعصمهم فليس إلا إلى آرائك الهرب +لن يعرف اليأس قوم حصنهمو وأنت رايتهم والفيلق اللجب +عوّدتهم أن يبينوا في خلائقهم فأنت عانٍ عوّدتهم تعِب +والصدق أرفع ما اهتز الرجال له وخير ما عوّد أبناً في الحياة أب +وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا +زعم المقطم أنه ينشي وينشر فلسفه +صدق المقطم يا له من فيلسوف في السفه +مَلَك بأفق الرمل هلّ كريما يدعو الجماد جماله ليهيما +أبهى من الدنيا وأزين طلعة وألذ من عَرف الحياة شميما +الريح تحضن بانة من قده والبحر يرحم درّ فيه يتيما +والشمس تغشى شَعره وكأنما خلعت عليه نضارها الموهوما +والناس في شغل به وتعجب لا يذكرون من الهموم قديما +يارملة الثغر استرقى واملكي من بات من فتن الغرام سليما +تتجمل الدنيا بشمس سمائها وجمال أفقك بالشموس عموما +بالنعامات اللاهيات بمنتدىً يبدو أشمّ على المياه فخيما +الحاكيات عليه أندلس الهوى عربا لنا طورا وحينا روما +الطالعات ولا أقول فراقدا حذر العيون ولا أقول نجوما +والمائجات من اللطافة لجة والهافيات من الدلال نسيما +واللافظات عن القيق مرقّقا والباسمات عن الجمان نظيما +والساحبات من الحرير مطارفا ودَّ الأصيل فشيبهنّ أديما +من كل مقبلة تخف لها النهى وثبا ويأخذها الفؤاد صميما +هيفاء تندى بهجة في إثرها هيفاء تقطر نضرة ونعيما +متجانسات في سياق وفودها يحكين هذا اللؤلؤ المنظوما +بات المعنّى والدجى يبتلى والبرح لا وانٍ ولا منجلي +والشهب في كل سبيل له بموقف اللُّوّام والعذل +إذا رعاها ساهيا ساهرا رعينه بالحدق الغفّل +يا ليل قد جرت ولم تعدل ما أنت يا أسود إلا خلى +تالله لو حكِّمت في الصبح أن تفعل خفت الله لم تفعل +أو طلت سيفا في جيوش الضحى ما كنت للأعداء ما أنت لي +أبيت أشقى ويدير الجوى والكأس لا تفنى ولا تمتلي +والخدّ من دمعي ومن فيضه يشرب من عين ومن جدول +والشوق نار في رماد الأسى والفكر يذكي والحشا يصطلى +والقلب قوّام على أضلعي كأنه الناقوس في الهيكل +غدت برب النفس من شِقوتي وبالركاب الأسعد المقبل +أهلا برب النيل رب القرى رب البطاح الكثر مما يلى +الجامع العرشين في واحد واللابس التاجين في المحفل +والساحب الذيل على عصره على ملوك الزمن الأوّل +أهلا بمولانا وسهلا به ومرحبا بالسيد المفضل +الممتطى متن السها عزة فلو أشار الدهر لم ينزل +المنعم المجزل عن نفسه عن جدّه عن جدّه المجزل +الجاعل الأمة من عدله والفضل بين الظل والمنهل +عاصمة النيل أزدهِى وأنجلي واتخِذي اليوم صنوف الحلى +واستعرضي الخيل ومدّى الع يد بالجحفل فالجحفل +وأنت يا قصر ابتهج وابتهل وأهد الملا بالعلم المرسل +وأزلف الوفد إلى ربهم وظلل السدّة واظّلل +ويا بني مصر أهرعوا وأضرعوا بحفظ مولى مصر والموئل +هذا لكم وجه الندى والهدى فاستقبلوه خير مستقبل +طوقتك السحب بالمنن ووقيتِ الضير من دمن +وجزيت الخلد عن زمن كان كل العهد بالزمن +مرّ في تلك الظلال لنا كمرور الحلم في الوسن +منّة للدار نذكرها بلسان المدمع الهتن +دارُ من أحببت آيتها أنها تصغي بلا أذن +عهدها لي والمنى أمتزجا كامتزاج الروح بالبدن +إذ عنان العيش منطلق بالصبا واللهو والددن +لَيِّنٌ حال الهوى وإذا رضته للصحو لم يلن +وفؤادي لا رشاد له طالب اللذات ليس ينى +أوهنته الحادثات هوى وهو خفاق على الوهن +كل ركن كل زاوية هيكل يهفو على وثن +خلع الأسرار كاهنه وبغير الحسن لم يدن +عجبا توفى الديار ومن لك بالوافين للسكن +في هوى الأوطان معذرة لذوى الأخلاق والفطن +أنت في فقر إذا أفتقرت وإذا أستغنت فأنت غنى +وإذا عزّت عزّزت بها وإذا هانت فرُح فهُن +إن إنسانا تقابله ليس إنسانا بلا وطن +حلو الوعود متى وفاك أتُراك منجزها تراك +من كل لفظ لو أذن ت لأجله قبلت فاك +يروى الحلاوة عن ثنا ياك العذاب وعن لمَاك +رخصت به الدنيا فكي ف إذا أنالته يداك +ظلما أقول جنى الهوى لم يجن إلا مقلتاك +غدتا منية من رأي ت ورحت منية من رآك +والنفس تهلك مرّة والنفس يشفيها الهلاك +من علم الأجفان في أهدابها مدّ الشباك +وتصيّد الآساد بال آجام تسلبها الحراك +يا قاسي القلب أتئد وأقلّ جهدك في جفاك +ماذا انتفاعي فيك بال رحماء من باكٍ وشاك +نفس قضت في الحب من أولى برحمتها سواك +مضنى وليس به حراك لكن يخف إذا رآك +ويميل من طربٍ إذا ما مِلت يا غصن الأراك +إن الجمال كساك من ورق المحاسن ماكساك +فنبتّ بين جوانحي والقلب من دمه سقاك +ليت اعتدالك كان لي منه نصيب في هواك +يا ليت شعري ما أما لك عن هواى وما ثناك +ما همتُ في روض الحمى إلا واسكرني شذاك +والقلب مخفوض الجنا ح يهيم فيه على جناك +يا قلب أحمد هل سباك رِيم بسهميه رماك +فخفقت حتى لاقرا ر وذُبت حتى لا حراك +أنا لا أقول جَنَت يدا ى ولا أقول جنت يداك +ما لي ولا لك بالقضا ء يدان فيما قد دهاك +عادتك عادية الهوى الله حسبك في هواك +ماذا لقيتَ من الغرا م ومن بشدّته ابتلاك +وإذا القلوب تهالكت دنت الجسوم من الهلاك +يا قلب قد ذهب الصبا عني ولم يذهب صباك +أبدا أراك رضى الملا ح كما عهدتهمو رضاك +حلو الشمائل في الهوى تُسبى فتَسبى من سَباك +لو همت في بدر السما ء لما أوى إلا سماك +غصن الأراك وكم أقو ل مغالطا غصن الأراك +مِل كيف شئت مع الريا ح ففي طباع الغصن ذاك +فكري جهاتك أضلعي واديك أحشائي رباك +يا مالكي بجميله وجماله روحي فداك +لولا نوى ابن محمد ما راعني إلا جفاك +الله حاطك في مسير ك ثم حاطك في سراك +مصر وساكن مصر بال صبر المودع ودّعاك +الخير في بحر حوي ت وليس في بحر حواك +يا مصر سماؤك جوهرة وثراك بحار عسجده +والنيل حياة دافقة ونعيم عذب مورِده +والملك سعيد حاضره لك في الدنيا حر غده +والعصر إليك تقرّبه وإلى حاميك تودّده +والشرق رقيك مظهره وحضارة جيلك سؤدده +لسريرك بين أسرّته أعلى التاريخ وأمجده +بعلو الهمة نرجعه وبنشر العلم نجدّده +الله في الخلق من صب ومن عانى تفنى القلوب ويبقى قلبك الجاني +صوني جمالك عنا إننا بشر من التراب وهذا الحسن روحاني +أو فابتغي فلكا تأوينه ملَكا لم يتخذ شركا في العالم الفاني +السرّ يحرسه والذكر يؤنسه والشهب حوليه بالمرصاد للجان +ينساب للنور مشغوفا بصورته منعّما في بديعات الحلى هانى +إذا تبسم أبدى الكون زينته وإن تنسم أهدى أى ريحان +وأشرفي من سماء العز مشرقة بمنظر ضاحك اللآلاء فتان +عسى تكف دموع فيك هامية لا تطلع الشمس والنداء في آن +يا من هجرت إلى الأوطان رؤيتها فرحت أشوق مشتاق لأوطان +أتعهدين حنيني في الزمان لها وسكبي الدمع من تذكارها قانى +وغبطيَ الطير آتيه أصيح به ليت الكريم الذي أعطاك أعطاني +مُرى عصىّ الكرى يغشى مجاملة وسامحي في عناق الطيف أجفاني +كفى خدودي من عينيّ ما شربت فمثل ما قد جرى لم تأت عينان +لئن ضننت فما لي لا أضنّ به على الفناء سوى آثار وجدان +ومنطق يرث التاريخ جوهره عن الزمان وعن عباسه الثاني +يا ابن النوال وما في الملك من كرم ومن عفاف ومن حلم وإيمان +هذى المفاخر لم تولد ولا ولدت ولا رأى الناس شأنا كفء ذا الشان +هام الأنام وسادات الأنام بها وحرّك العصر أعطافا كنشوان +ربَّ الصعيد ورب الريف ثب بهما للفرقدين وطاول شأو كيوان +سارت بمسعاتك الأخبار وانتقلت بها الركاب وشاق القاصى الدانى +تريد مصر بما تبدى حوادثها ليعرف الناس حلمي هل له ثاني +فيا حوادث مهلا في نصيحتنا فما تركت لنا لبا بعرفان +وإن حلمي لتستكفي البلاد به كالعين تمت معانيها بإنسان +لما بدا الشهر واستقبلت غرّته لاح الهلال ولاح البدر في آن +وقمت تسطع بالأنوار في أفق بالمسلمين وبالإسلام مزدان +كأنك البدر في غايات رفعته لو كان للبدر كرسي وتاجان +فاهنأ مكانك واهنأ ما يلوح به لرب يلدز من آثار إحسان +إذا الخلافة في أمصارها نهضت رأت بمصركم روحا لأبدان +وإنها الدهرَ للإسلام مملكة تزهو ممالكها منها بعنوان +أهدى الخليفة ما أهدى يبشرنا أن الوداد بآساس وأركان +وإن ما تشتكي الأوطان من أود إلى صلاح بنعماه وعمران +قصرا على اللج لولا أن مهديه عبد الحميد لقلنا قصر نعمان +يبيت من عزة البسفور صاحبه على مكان من الدنيا وإمكان +إذا الأكارم سنوا للندى سبلا سننت أجملها يا فرع عثمان +ودّ النجوم أبا ساسان والدهم ومن بوالدك العالي بساسان +يظل يسجع في الإسلام شاعركم كان أيامه أيام حسان +ويشتهى الدولة العليا معززة من الوئام بأنصار وأعوان +وبالمعارف تعليها وتورثها في الأرض بنيات فخر عند بنيان +ركن الخلافة ضافي الذيل مدّعم على السلام فعش للركن يا باني +لولا الليالي ما حملنا القذى ليتك عنا يا ليالي نيام +هبِك حميِت النفس أن تشتكي لن تمنعيها أن تمج اللئام +نرحو بحلمي أن سنعلو وأن تبقى معاليا ليوم القيام +وأن نصون الحق عن معشر قد كتموا الحق وظنوا اكتتام +لعل أن ينصر من نصره ال نصر ومن يرجى به الانتقام +خل الأمور لأمر سابق جار وجار أهل الرضى في نهجهم جار +هيهات تعدم نفس للرضى سببا إن النفوس بآمال وأوطار +قد ساعفتك رياح اللطف لو نظرت إلى السفينة بين الماء والنار +أكلما قام تيار تضيق به أغاثها الله فانقادت بتيار +فسر بها في ظلام الليل معتصما لتخرجنّ إلى جودىّ أنوار +تطوى له الهول حتى يستبين لها فجر السلام وحتى يحمد السارى +خفيفة بيد الألطاف تنقلها إلى شواطئ من تبر وأقطار +آمال أروع جمّ الصدق محتكم بالله في جوهر الآمال مختار +هل في الحوادث شك أم بإمرتها ريب ونحن لأحكام وأقدار +يودّ من الأرواح ما لا تودّه ويفتك فيها مسرفا وهي جنده +نمير تواليه المحاسن ورَّدا وتنهل منه النفس لو راق وِرده +خذوه بنفسي إنه هو قاتلي ولا تقتلوه إنني أنا عبده +ولا تسألوه ما ذنوبي واسألوا قبول متابي قبل ذنب أعدّه +ولا تذكروني عنده بشفاعة فإن شفيع الواجد الصب وجده +لحاني الذي لم يعرف السهد جفنه ولم تدر تقليب المضاجع كبده +وقاطعني من كنت أرجو وفاءه وأين أخو الود الذي دام وده +فيا مدنيَ العذال ماشاء عِطفه ويا مقصى العشاق ما شاء صده +أيُمنح منك القرب من سار ذمه ويمنع منك اللفظ من سار حمده +ويأوي لظل من سواك رجاؤه ويعتنق الحرمان من أنت قصده +أعوذ بعيد الملك من أن يمرّ بي فلا يلتقي بي في غرامك سعده +فتى تشرق الدنيا إذا ذكر اسمه ويهتز اشياخ الزمان ومرده +إذا ما الليالي نمن لم يغف حزمه وفوق سهاد الدهر في الخطب سهده +وإن يرتجل وعدا وفي الليل هجعه تجلى على الصدق الصباح ووعده +فتى النيل أضحى عصمة بك ملكه وكان سلاما في يمينك عهده +وشعب أطاش الدهر ثابت جأشه فخار فلما جئته جاء رشده +فلو أن حالا دام لم ينقض الأسى ولكنها الأيام حال وضده +يا ليلة البال ما خالوك راقصة إلا وأنت جمال الدهر والحقب +كم لذة بك ولت وانقضت وجلت وذكرها فيه لم يبرح ولم يغب +بالله بالكون بالنجم الرفيع بمن أحياك شائقة بالمنظر العجب +طولى لضيفانه الأمجاد واتصلى فما ألذ المنى موصولة السبب +وفود مولاى لولا أنها نزلت بالحلم قلنا وفود البحر ذى العبب +ماج السراى وميدان السراى بها وماج متسع الساحات والرحب +وأقبلت ظبيات الإنس في كنس من الهوادج يسعى لا من الكُثُب +تهفو الرياح بها دفعا وهزهزة وتقبل الخيل بين الوخد والخبب +حتى إذا وقفت مالت إلى شرك من السواعد مأمون لها حدب +مستجمعات سريعات معاطفها إلى المعازف مهما تدعها تثب +أهاجها هائج الألحان فانعطفت مثل النسيم سرى ساريه في القضب +ودارت الراح بالأجياد مثقلة بالحلى فاستسلمت من شدة الوصب +وبالخصور فمن واهٍ ومن قلِق ومن سقيم ومن فانس ومن تِعب +والقصر نور وآفاق الوجود سنا والصفو بينهما زهو لمرتقب +والليل مزّين الأطراف منتطق مكلل الهام حالى الجيد والّلبب +كأنّ أنجمه فوضى مبدّدة على الدجى بين مهزوز ومضطرب +آثار كاسية اللبات سابحة في حليها فلتت من كف مغتصب +إنما ال��نت وإن ضاقوا بها سعة يرزقها الله عباده +أثر الرحمة من والداها ودليل البر عنوان الوداده +يا سماء أطبقت هالاتها أمطري أقمار عز وسعادة +أمطرى مصر وشرق الأرض من ولد الأمجاد أملاكا وساده +ثم مدِّى من بنيهم سرحة تملأ النيل قراه وبلاده +يسكن الناس إلى أفيائها ويوافي تحتها الكل مَراده +يا أمير الحلم لا تضجر فما خاب من أيدّ بالصبر مُراده +إننا نطمع من هذا الصبا بالذرارىّ الكثير المستزاده +فهو للملك عماد وكفى إن توانى النسل لم يرفع عماده +قد رضينا قسمة الله لنا وقرنّا بالرضا شكر الإرادة +رأيت الجنون جديرا به حريا أخو المهجة الحاقدة +سلاح ثقيل بلا مضرب وحمل ثقيل بلا فائدة +آشيم يا من بحبه نعلو ومن أديم السهى له نعل +عزت مع الشوق نحو السبل وبات صعبا لقاؤك السهل +يا ليت شعري والبعد مجلبة للتَّرك والعيش كله شغل +أذاكرٌ أنت أم نسيت لنا إذ نحن طفلان والهوى طفل +إذ تعجب الهند والديار بنا ويعجب الناظرون والأهل +وإذ يدب الغرام مجتهدا ونحن لا فكرة ولا عقل +ما نحن قلنا فالحب قائله وما فعلنا فللهوى الفعل +وإن نقلنا لبقعة قدما فللهوى لا البقعة النقل +فإن تكن يا أمير ناسيَنا فنحن ما ننسى وما نسلو +تلك سماء الهند شاهدة وأرضها والجبال والسهل +وأنجم الهند ما طلعن لنا وما رعتنا عيونها النجل +إنى على العهد ما حييت فإن خلوت تبقى العهود لا تخلو +أنا في تطلابه وهو لدىّ مطلب مرَّ ولم يلو علىّ +قد تركت الهند أطويها له وهو يطويها وما يدرى إلى +والتقينا ما خطا لي خطوة لا ولم أنقل إليه قدمى +يا لملك راح عني نائيا كان لو فتشت عنه في يدي +ألا هل لي بلقياه يدانِ حبيب شأنه عجب وشأني +إذا دنت الديار به فناء وإن نأت الديار به فداني +يودّ الليل لو ندنو كلانا ويدخر النهار لنا التهاني +وتأتي شقوتي بالذنب عندي لها لا للزمان ولا المكان +ماذا تريد بإبعادي وإيعادي يا دهر ما أنت إلا جائر عادي +لم يكفك الرزء في ملكي وفي وطني وفي شبابي وفي صفوي وأعيادي +فرحت تبعد أحبابي وتقذف بي مع المخاوف من واد إلى واد +حتى مررت على الأيدي يدٍ فيدٍ وطال في عالم الأهوال تردادي +فمن شقىّ إلى لص إلى نفق إلا ظلام بروعى رائح غاد +إلى قفار إلى سهل إلى جبل إلى غلام من الفجار مصطاد +أروح في أسر سلطان الهوى وأجى ولا أبي لي ولا سلطانه فادي +يا ليلة سميتها ليلتي لأنها بالناس ما مرت +الموت عجلان إلى ولدى والوضع مستعص على زوجتي +هذا فتى يُبكى على موته وهذه في أوّل النشأة +والقلب ما بينهما حائر من بلدة يسرى إلى بلدة +حتى أتى الصبح فولى أبي وأقبلت بعد العناء إبنتي +فقلت أحكامك حرنا لها يا مخرج الحىّ من الميت +تأمل في الوجود وكن لبيبا وقم في العالمين فقل خطيبا +بفوز جنودنا الفوز العجيبا بعيد الفتح قد أضحى قريبا +لقينا في الزريبة يوم نصر كيوم التل في تاريخ مصر +يهيئ للبلاد جديد عصر ويكفيها القلاقل والخطوبا +فقم من طول نومك والغرور وخذ بالحزن أو خذ بالسرور +فعار صرف همك عن أمور ستأخذ من عواقبها نصيبا +بعثنا للدراويش السرايا تصب على رؤوسهم المنايا +فجاءهم عذاب الله آيا كما قد جاء قبلهم الشعوبا +وكم من قبل قد عادوا وعدنا وكم مال على هذا أبدنا +وجيش إثر جيش قد فقدنا وكان القائد النحس الغريبا +إلى أن قد مضى زمن التخلى وصار الجوّ أصلح للتجلى +قصدناهم على ذاك المحل وكان الفخ مكسيم المذيبا +فما للقطر لا يغدو فخورا ولندن لا تجاوبه سرورا +أرى الجيشين قد ظهرا ظهورا على غنم الزريبة لن يريبا +وروتر من ذهول لا يخبى يباهي الأرض في شرق وغرب +بمن يزجي الجيوش ومن يعبى ومن يسترجع القطر الخصيبا +بسردار البلاد ولا أبالي إذا ما قلت كتشنر المعالي +سقى السودان أى دم ومال ولم يبرح بعلته طبيبا +لبثنا في التناوش نحو شهر والاستطلاع من نهر لنهر +وأتياس الزريبة ليس تدرى بأن قد حيرت أسدا وذيبا +ظنناها أعزّ من السحاب وأمنع في الطوابي من عُقاب +فجئناها بألوية صعاب وجندنا الجنود لها ضروبا +بسود كانت الوثبات منها وبيض لا تسل في الحرب عنها +وحمر لاقت الأعداء وجها فكانت سهم راميها المصيبا +طلعنا والصباح على الطوابي بنار من جهنم لا تحابي +ملكنا منهم قمم الروابي وماء النهر والغاب الرهيبا +رأونا قبل ما رأوا النهارا فهبوا من مراقدهم حيارى +فكنا الموت وافاهم جهارا وهبت ريحه فيهم هبوبا +رصاص لا يغيض ولا يغيب بعيد في مقاصده قريب +كأن مسيله مطر يصوب ولكن نقمة وردىً صبيبا +دككنا حصنهم حرقا وكسرا وأفنيناهم قتلا وأسرا +أخذنا العرش من محمود قسرا وقد بل الأمير العنقريبا +نعم فتح رعاه الله فتحا وقتلى هم له ثمن وجرحى +ومال طائل أصلا وربحا بذلناه ولم نخش الرقيبا +ولكن ما وراءك يا عصام وبعد الحرب ما يأتي السلام +فليت هياكلا درست تقام فأسألها وأطمع أن تجيبا +بلى إن الحقيقة قد تجلت وإن تك بالزخارف قد تحلت +تولى عزنا الماضي وولت بلاد الله سودانا ونوبا +فيا سردار مصر لك الأيادي فأنت لها المعين على الأعادى +وكل الناس بل كل البلاد لسان بالثناء غدا رطيبا +فخذ من مالها حتى الوجودا وجنِّد كيفما شئت الجنودا +وأنَّى شئت ضع منها الحدودا شمالا في البسيطة أو جنوبا +فها لَكَ في الحدود اليوم رجل وفي الخرطوم أخرى سوف تعلو +لأن السعد للقدمين نعل ومن ذا يغلب السعد الغلوبا +جلوسك أم سلام العالمينا وتاجك أم هلال العز فينا +ملكت فكنت خير المالكينا وأنت أجلهم دنيا ودينا +سرير لم يكن بالمطمئن وملك غادروه بغير ركن +نهضت تقيم مائله وتبنى فكنت الركن والسبب المتينا +وَلِيتَ الأمر أقدرَ من يليه تخاف الله فيه وترتجيه +وتمحو آية العهد السفيه وتجمع كلمة المتفرّقينا +بوقت فيه للمك انقلاب وللعرش اهتزاز وأضطراب +فقمت فقرّ في يدك العباب وأوشكت العواصف أن تدينا +بوقت فيه للأعدا دبيب إذا ما راح ذيب جاء ذيب +لكل حزبه وبه يريب وكنت لربك الحزب الأمينا +عداوات ينشن الملك لدًَّا وأحزاب من الأتراك أعدى +تخذت البعض ضدا البعض جندا فغال المفسدون المفسدينا +تغيرت الرجال فلا رجال وزَيَّنَ للغَرورين الضلال +فراموا والذي راموا محال ومن يرم المحال فلن يكونا +تمنوا للعدو كما تمنى ولما يسألوا الأحياء عنا +فلا تتشبهوا يا قوم إنا عرفنا مصر المتشبهينا +حجابك عند يلدزك الجلال وأنت لها وللدنيا جمال +تنال الخافقين ولا تُنال إذا قلبتَ في الأفق الجفونا +يرفِّعك المقام عن أبتذال وعن عبث الحوادث والرجال +ومن يك ملكه حرب الليالي يجد لصروفها وله شؤونا +تعالجهنِّ في سلم وحرب وتلقاهنِّ في شرق وغرب +وتدفعهنّ من بعد وقرب وتثنيهن حتى ينثنينا +وحيدا تستعان ولا تعان كأنك في تفرّدك الزمان +ولكن أنت منه لنا أمان وأكبر أن تخون وأن تمينا +تلذ بما يشقّ على العباد وتنعم بانفرادك والسهاد +رويدا في جفونك والفؤاد ومهلا يا أمير المؤم��ينا +وقبلك لم يُنم عمرَ الأنام وقد سهرت رعيته الكرام +وقومك عند مرقدهم نيام فهل تحصى على القوم السنينا +تردّ على الليالي كل سهم ولا يرددن سهمك حين ترمى +تجير على حوادثها وتحمى ولا يحمين منك المحتمينا +وكم كرب كشفت وعظم هول بفعل منك لم يسبق بقول +وأسطول رددت بغير حول تشيِّعه الخلائق ساخرينا +جمعت الأمر حين الأمر فوضى وشرَّفتَ اللواء وكان أرضا +وحصنت القرى طولا وعرضا بآساد يهيبِّن العرينا +وكم لك من فيالق من طراز غدوا خير الجنود لخير غاز +إذا زحموا الضياغم في مجاز أبادوها وكانوا العابرينا +سلاح من سلاح الموت أمضى إذا الإيمان يوم الروع أنضى +وبأس ينزل الأجبال أرضا ويركبها إلى الهيجا متونا +نظمت الجيش بالقلم الحميد كنظمي فيك أبيات النشيد +فإن فتشت عن بيت القصيد قرأت الفتح والنصر المبينا +وفتح في العدوّ لنا جليل شفعناه من الصفح الجميل +بأجمل منه من فعل الجميل فكنا القادرين الصافحينا +بطشت فلم تدع لهمو وجودا وكان البطش إشفاقا وجودا +صدقت قياصر العصر الوعودا تريهم كيف عهد الظافرينا +وقائع في الزمان هي الجسام إذا ذكرت لنا سأل الأنام +أجيش للخليفة أم غمام أظلَّ تساليا سمحا هتونا +وقبل النصر نصر قد تجلى عُلاً في العصر آثارا وجلّى +ظهرت على الحوادث وهي جُلى وأكمدت العدا والشامتينا +تخبط قومه فيك الخطيب يريبك في المجامع ما يريب +فما سمع الهلال ولا الصليب بغيرك في عقاب المعتدينا +يزيد سفاهة فتزيد حلما لأنت أجل أخلاقا وأسمى +فكنت لساكن البلقان سلما وكان محرّك الشر الكمينا +كفيت الخلق نارا قد أثارا وللشرف الرفيع أخذت ثارا +وقد يمحو بك الإسلام عارا إذا الإسلام في يوم أُهينا +بحزم ليس من قال وقيل وعز ليس بالرجل العليل +وبطش من يدَى سمح منيل كريم معرق في الأكرمينا +أسود الترك هبى ثم هبى وهزى الأرض في شرق وغرب +بمن يزجي الجيوش ومن يعبى ومن يحمى المواقع والحصونا +وحيِّى من أقامك يا قلاع ومن لك تحت رايته أمتناع +فليس كهذه بشرى تذاع ولا كجلوس ربك تعلنينا +أشيري يا أرامل للسماء ويا أيتام ضجوا بالدعاء +ويا شهداء ناجوا بالبقاء إذا سُمع الملائك هاتفينا +إذا شاقتكم الأوطان يوما أو أشتقتم بها أهلا وقوما +فناموا في أمان الله نوما فكل عند خير الكافلينا +أربَّ العيد هذا العيد يُجلَى وكم لك من دعاء فيه يتلى +ولكن شاعر الإسلام أعلى وأوقع في نفوس المسلمينا +لقد بيضت للملك الليالي فليل الملك بالزينات حالي +وكم لك في القلوب من احتفال يكاد الجسم عنه أن يبينا +وهذى مصر باسطة اليدين تؤدّى من ولائك خير دين +وتلحظ عيدك الأسنى بعين تفاجى بالهوى تلك العيونا +فهل عند الإمام لها قبول وهل نحو الإمام لها وصول +فتشكو من جراح ما تزول وكيف يزول ما بلغ الوتينا +أتتك تغض من طرف الحياء تتوب إليك من ماضي الرياء +وتبسط في ثراك يد الرجاء وتُلقى فيه آمال البنينا +فقابلها بعطفك والنوال وأنزلها بسوحك والظلال +أدام الله ذاتك للمعالي وأيَّد تاجها ورعى الجبينا +فشودة رواية للمبصرين آية +قد مثِّلت في العصر ليهتدي في مصر +فما اهتدى ولا عقل ولا درى كنه الحِيل +بل شهد التمثيلا ثم انثنى بخيلا +مولىَ الأكتاف في ساعة الإسعاف +فلا تلم فرنسا وفضلها لا تنسا +وقل لمن رام السبب شقاء مصر قد غلب +مرشان في النيل التقى من بعد ما عز اللقا +تقابلا في سلم على الصفا الأتم +حيث المياه ��جرى نهرا بجنب نهر +والأرض بكر لم تزل كما دحاها في الأزل +تُخرج أصناف الثمر تنبت أجناس الزهر +تفيض بالمأكول من عدس وفول +ترابها التبر السنى وكم بها من معدن +وغرسها ابن يومه لمرشن وقومه +يا سادة واسوا الفقير طوّقتمونا بالمنن +وكل من ربىّ الصغير مستوجب شكر الوطن +نحن صغار الأمة هيا اغرسوا فينا الفطن +نحن لكم كصبية إن لم تربونا فمن +لا يذهب الخير سدى ومن يُعِن يوما يُعَن +والمرء لا بد غدا يُجزَى عن الفعل الحسن +لا والقوام الذي والأعين اللاتي ما خنت رب القنا والمشرفيات +ولا سلوت ولم أهمم ولا خطرت بالبال سلواك في ماض ولا آتى +ولا أردت لسهم اللحظ في كبدي ردا رأى لي في المستحيلات +ويذهب اللوم بي في كل ناحية فلا يبلّغني إلا صُبابات +وأنت تطرب للواشي وتطمعه كالطفل ألقى بسمع للخرافات +إن السهام إذا ما واصلت غرضا كانت خواطئها مثل المصيبات +وسهم جفنيك ما أرسلته عرضا أبى القضاء له إلا رميّات +فمن فؤادي إلى لبي إلى كبدي إلى رشادي فإغفائي فلذاتي +وما الغزالة إلا أنت في نظري بعينها ويقول البعض بالذات +وخاتم الملك للحاجات مطَّلب وثغرك المتمنى كل حاجاتي +فقل له يتمت في الحب مهجته وأنت مأوى اليتامي واليتميات +أهلا بركب العلى والعز قاطبة وفد المفاخر طرّا والسعادات +ومرحبا بك في حل ومرتحل وخصك الله منه بالتحيات +ما زلت تظمئ مصرا ثم تمطرها والغيث أفضل ما يأتي بميقات +مشت ركابك من ثغر إلى بلد مشى الجدود إلى محو الشقاوات +وإن مولاي من سارت مواكبه لراية الله في أيدي الجماعات +إن شرفوها رأوا في ظلها شرفا واستقبلوا الخير نياتٍ بنيات +يممت ثغر سعيد خير محتفل تعيدها حفلات قيصريات +كم مثلت بمجاليها ورونقها جد الشعوب وإقدام الحكومات +والقوم في مصر ما طافوا بملعبها إلا كما شهد الغر الروايات +حتى جرى الماء من أثنائها ذهبا يسقى ممالك لا تَروىَ ودولات +فكل مائدة بالخلق حافلة ومصر من خلفهم طاهي الوليمات +هلا بررنا بسادات لنا سلفوا بِر الغريب بأسلاف وسادات +إذا المدائح فاز المحسنون بها فاز الكرام لدينا بالمذمات +ما كان أعظم إسماعيل لو سلمت له السعادة في مصر وهيهات +إن شيدوا لسواه ما يمثله فمجده فيه تمثيل بمرآة +قوم ينال جزاء السعي حيهمو فإن قضى شيَّعوه بالكرامات +وصيروه مثالا بعده حسنا يبقى مدى الدهر عنوان المكافاة +لولا مفاخر أفراد نعدّهمو لعاش ذو العقل حيا بين أموات +فأحيِ ذكرك في الدنيا بمأثره وأدرك الخلد في الدنيا بمسعاة +مولاى مصر بنوها اليوم في طرب تدار بينهم كأس المسرات +قال المنجم أقوالا فروّعهم أن لا يروك فيقضوا بالندامات +حتى إذا عدت يا دنيا همو عرفوا قصد المنجم من تلك الإذاعات +أيظهر النحس أم يبدو له ذنب والسعد منك بأقمار وهالات +تساءل الناس حتى لا قرار لهم أَتَقصر الأرض أم تجرى لغايات +خافوا عليها والهتهم قيامتها عما يمرّ عليهم من قيامات +أبي الإقامة للدنيا وساكنها يوم يدول وضوء ذاهب آتى +كل يمدّ حَبالات الفناء لنا والكل من بعدنا رهن الحبالات +لا بدّ للنجم من يوم يزل به وإن تناول أسباب السموات +سلام الله لا أرضى سلامي فكل تحية دون المقام +وعين من رسول الله ترعى وتحرس حامل الأمر الجُسام +وتنَجد مقلة في الله يقظى وتخلفها على أمم نيام +تقلَّب في ليال من خطوب تركن المسلمين بلا سلام +ومن عجبٍ قيامك في الليالي وأنت الشمس في نظر الأنام +أحب خليفة الرحمن جهدي وحب الله في حب الإمام +وأجعل عصره عنوان شعري وحسن العقد يظهر في النظام +فإن نفت الموانع فيه حظى فليس بفائت حظ الكلام +وقد يُرعى الغمام الأرض أذنا وأين الأرض من سمع الغمام +إلى ابن محمد أهدي كتابي وقد يُهدَى القليل إلى الكريم +وما أهدى له إلا فؤادي وما بين الفؤاد من الصميم +وغرس طفولتي وجَنَى شبابي وما أوعيت من وحي قديم +وما حاولت من عصر عظيم من الآداب للوطن العظيم +وكان محمد أوفى وأرعى لهذا الدرّ من واعي اليتيم +وإن الشعر ريحان الموالي وراحة كل ذى ذوق سليم +وما شرب الملوك ولا استعادوا كهذى الكأس من هذا النديم +ما زلت أسكب دمع عيني باكيا خالي وما خالي علىّ بعائد +حتى نظرت إلى الوجود بمقلة ذهبت غشاوتها وطرف رائد +فرأيت دهرا ناصبا شرك الردى والكل يدخل في شراك الصائد +يرمى بسهم طالما حاد الورى عنه وما هو عنهم بالحائد +فهم البلى وبنو البلى خلقوا له وتوارثوه بائدا عن بائد +يقولون رشدي مات قلت صدقتم ومات صوابي يوم ذام وآمالي +وركني الذي للنائبات أعدّه وذخرَي في الماضي وعوني على الحال +وسعدي الذي خان الزمان وطالعي وفخري إذا ألقى الرجال وإجلالي +أرشدي لقد عشت الذي عشت سيدا ولم تك عبد الجاه والأمر والمال +ولم تأل كتب العلم درسا ومطلبا ولم تك عنها في الثمانين بالسالي +وكنت تحل الفضل أسمى محلة وتنزل أهل الفضل في المنزل العالي +ولم تتخير ألف خل وصاحب ولكن من تختاره الواحد الغالي +حبيتك والدنيا تحبك كلها وزدتك حبا عندما كثر القالي +وقست بك الأعيان حيا وميتا فوالله ما جاء القياس بأمثال +ولو أن إنسانا من الموت يفتدى فديتك بالنفس النفيسة والآل +في القبر أم في فؤادي الواجف عكفت يا ابني ولم تزل عاكف +آنست في الترب خير والدة من حيث أوحشت والدا لاهف +فمن له بالحمام بعدكما يلقاه لا كارها ولا خائف +يا غربة في العلوم ما طويت إلا بسيف المنية الخاطف +ويا شبابا بدا له ثمر ما كان غير الردى له قاطف +كونا لدى الله شافعَين له وسلما نحو ظله الوارف +وأيِّدا داعيا يؤرّخه في نعم الخلد مصطفى عاكف +زاحمته على الطريق عقول حسبت حكمة الإلة بضاعة +واطمأنت إلى الرقاع ولكن لم تزدها الرقاع إلا رقاعة +زاحمت كل أخي جهل وزاحمني كالبدر غالب فيما حاول الظلما +ولاح لي من زماني مظهر كذب حتى رميت على عُبَّاده الصنما +العزاء العزاء يا صفر الخي ر فأنت الفتى اللبيب التقى +حكم الله في أبيك وحكم ال لّه في الخلق سابق مقضى +كلنا من بكى أباه وكل بعد حين مودّع مبكى +غاية البؤس والنعيم زوال لم يدم في النعيم والبؤس حى +يا أقرب الناس من أمين وأفقد الناس للثمين +خطبك هذا أجل خطب فخذ له الصبر باليمين +أسليك فيه ولى فؤاد يذوب للميت والحزين +فقم بنا نندب المعالي فجرحها اليوم في الوتين +أمِثل فكري أبا حسين يموت في نضرة السنين +والناس في حاجة إليه والقطر يرجوه للشؤون +مؤمل الكل في شباب ومرتجى الأهل والبنين +كذلك الموت كل يوم يبدى فنونا من الجنون +فلو علمت المنون شخصا لقلت لا عقل للمنون +كم لنا من عجيبة طى هذى البسيطةِ +أمم قد تغيرت وبلاد تولتِ +وبحار تحوّلت من مكان لبقعة +ثم نابت جزيرة عندها عن جزيرة +حدّثينا حديثهم وصِفى القوم وانعتي +دول قد تصرمت دولة إثر دولة +وقرون تلاحقت وعصور تقضت +ذهب الدهر كله بين يوم وليلة +من يرد حقه فللحق أنصا ر كثير وفي الزمان كرام +لا تروقنّ نومة الحق للبا غي فللحق هزة وأنتقام +غالب الأمر بالتوكل غالب وأطلب العون في جميع المطالب +رُبَّ أمر به تضيق المساعي لك منه إلى الفضاء مذاهب +أرى دنيا ولا دنيا وناسا بعدهم ناس +سكارى نحن من كأس وموت هذه الكاس +تحبك صاحبي منا قلوب لغيرك ظهرها ولك الصميم +وترجو أن تعيش لها نفوس إذا تبقى لها يبقى النعيم +عن اللذات صامت لم تجادل فإما عن هواك فلا تصوم +لحظها لحظها رويدا رويدا كم إلى كم تكيد للروح كيدا +هذه مصر جاءها الدهر يسعى وهو يا طالما جفاها وصدّا +ليس للدهر من وفاء ولكن هاب فيها العباس أن يستبدّا +صاحب النيل في البرية إيه حرّر النيل للبرية وردا +وارفع الصوت إن عصرك حر لن يرى من سماع صوتك بدّا +إنما الملك أن تكون بلاد وتصيب البلاد بالملك مجدا +فتول الذي سننت ونجِّح لرعاياك في المعارف قصدا +ومر العلم أن يزور بلادا عهدتها له الخلائق مهدا +واقدح الكهرباء فيه لتهدى وأقمها على البخار لتندى +وأجلُ بأس الحديد فيها وجدّد عهد بنّائها الذي كان عهدا +وأدع سودانها إليك يلبى إنه كان للأعزة عبدا +حسبه حسبه كفاه كفاه ما يراه العزيز عظما وجلدا +قل لراج أن يسترق يراعى أنا لا أشترى بذا التاج قيدا +نومة السيف قد تكون حياة ورأيت اليراع إن نام أردى +والماء يحدق من كل الجهات بنا ويبسط الأفقَ للأبصار فالأفقا +إذا تأملته والفلك تعبره بذلك البحر منسدا وما انفلقا +فتلك تسلك سهلا فيه منبسطا والعين تنفذ من آفاقه حلقا +كأنما الفلك فيه أينما ذهبت إنسان أحول عين حير الحدقا +ما هيج البسفور مثلك شاعرا بين الطبيعة فيه والتاريخ +فجعلت شعرك فيهما ولطالما قد كنت عبد المدح والتاريخ +شمس النهار وأختها في الأرض منها مستظلة +هذى لدى أفق وذى من أفق عصمتها مطلة +رام الجهول نزولها والجهل يركب ألف زَلة +فترفعت عنه ولم تُنزل عليه سوى المظلة +أفي هذا الشباب تعف نفس ولا يلهى الفتى هذا النعيم +ألا يدعوك للذات صفو وأكثرنا على كدر يحوم +كأن مكارم الأخلاق روض وأنت الزهر فيه والنسيم +فهلا أختار هذا النهج قوم خلالُ الدين بينهم رسوم +وما جهلوا فوائد ما أضاعوا ولكن ربما نسى العليم +تَغَيَّرنا فلا ظن جميل بخالقنا ولا قلب سليم +كأنا في التلون قوم موسى وأنت بنا كما شقى الكليم +فإن لم نرض أخلاقا فعذرا لعل ضلالنا هذا قديم +محمد ما أخلفتنا ما وعدتنا صدقت وقال الحق فيك ضمير +فأنت خضم العلم حال سكونه وأنت خضم العلم حين تثور +وأنت أمير الحفظ والقول والنهى إذا لم ينل تلك الثلاث أمير +ففوق عليم القوم منك معلِّم وفوق وزير القوم منك وزير +إذا جهلت يوما علينا خصومنا فإنك من جهل الخصوم مجير +وإن جردوا الأقلام جردت إثرها يراعا له في الخافقين صرير +إذا صال لاقى ضيغم القوم ضيغما له في نفوس الشانئين زئير +وأنت قريب في الولاء مؤمل وأنت أبىّ في الخصام كبير +ويعجبني منك ألتقى حين لا تقى وجدك حين الهازلون كثير +بدأ الطيف بالجميل وزارا يا رسول الرضى وقيت العثارا +خذ من الجفن والفؤاد سبيلا وتَيَمَّم من السويداء دارا +أنت إن بت في الجفون فأهلا عادة النور ينزل الأبصارا +زار والحرب بين جفنى ونومي قد أعد الدجى لها أوزارا +حسن يا خيال صنعك عندي أجمل الصنع ما يصيب افتقارا +ما لربِّ الجمال جار على القل ب كأن لم يكن له القلب جارا +وأرى القلب كلما ساء يجزي ه عن الذنب رقة وأعتذارا +أجريح الغرام يطلب عطفا وجريح الأنام يطلب ثارا +أيها العاذلون نمتم ورام الس هد من مقتليّ أمرا فصارا +آفة النصح أن يكون جدالا واذى النصح أن يكون جهارا +سألتني عن النهار جفوني رحم الله يا جفوني النهارا +قلن نبكيه قلت هاتي دموعا قلن صبرا فقلت هاتى اصطبارا +يا لياليّ لم أجدك طوالا بعد ليلى ولم أجدك قصارا +إن من يحمل الخطوب كبارا لا يبالى بحملهن صغارا +لم نفق منك يا زمان فنشكو مدمن الخمر ليس يشكو الخمارا +فأصرف الكأس مشفقا أو فواصل خرج الرشد من أكف السكارى +شعراء الزمان مهلا رويدا إن في مصر شاعرا لا يجارى +حاملا في الصبا لواء القوافي مسترقا لملكة الأشعارا +قد بلغنا أبا محمد النج م كما يبلغ السُراة المنارا +نرتجى منه للديار اعتزازا وجدير بأن يُعز الديار +ودَّع الصبر أمة ودعت عبا سها المرتجى عشية سارا +بعثت إثره القلوب تراعي ه وترعى وتأخذ الأخبارا +فأعدها قريرة يا بن توفي ق وهِّئ لقومك استبشارا +أنت في نضرة الثلاثين كسرى قاتِلُ الدهر أو أجل وقارا +لتعيشنّ كالنجوم نراها جاوزت وهي في الصبا الأعمارا +أفن إن شئت بالثواء الليالي وإذا شئت أفنها أسفارا +وجُب البر واركب البحر واسلم إن للبدر في السرى أوطارا +فإذا جئت ملكة تملك البر رَ بيمنى وباليسار البحارا +والقَ ما شئت من حفاوة شمس تُكبر الشمس عرشها إكبارا +كلما ألقت الشعاع بأرض شاطرتها العباد والأمصارا +وأحقُّ الأقوام بالعز قوم يقدِرون الأمور والأقدار +ورجال إذا سعوا للمعالي ركبوا في سبيلها الأخطارا +لا يبالون بالحوادث ربحا حملت في بطونها أم خَسارا +جمعوا المجد والمفاخر طرا وجمعنا صغائرا وصغار +إنما يبلغ الذي بلغوه من حذا الحذو واقتفى الآثارا +وسما للعلى سموّ أبى يأنف الهون منزلا وقرارا +وإذا ما العزيز ساس بلادا علّم المجد أهلها والفخارا +كوكب الآمان صبح التمنى كلما همت الخطوب أنارا +نحن رضوان في جوارك يا ع باس لا زلت للعناية جارا +أروى لكم خرافة في غاية اللطافة +أتت من الهند لنا وترجموها قبلنا +إلى لغات جمه لأن فيها حكمه +طوشترى معبو الَّهه الهنود +قالوا هو الذي برا هذا الوجود والورى +ومثله فلكان فيما رأى اليونان +كلاهما حداد عَبَده العباد +فحين صاغ العالما كما يصوغ الخاتما +أنفق ما كان ادّخر ولم يدع ولم يذر +وكلَّ شئ بذلا حتى أتم الرجلا +وضاق بالنساء في الخلق والإنشاء +فحار ماذا يجمع ومنه أنثى يضع +وبعد فكر أعمله حتى بدا الصواب له +كوّنها تكوينا مختلفا تلوينا +من استدارة القمر إلى لطافة الزهر +إلى تراوح العشب إلى رشاقة القضب +فلحظات الريم فقلق النسيم +فبهجة الشعاع فقسوة السباع +فقوة الألماس وماله من باس +فزهوة الطاووس تأخذ بالنفوس +ومن دموع السحب إلى انكماش الأرنب +إلى التواء الأرقم فالزغب المقسَّم +فالحر من وقود فالبرد من جليد +فالشهد في المذاق فخفة الأوراق +إلى التفاف النبت زاحفه والثبت +فنغم الهدير فهذر العصفور +وكل هذا هيأه مكونا منه امرأة +وبعد ما أتمها لعبده قدمها +وقال خذها يا رجل وعن هواها لا تحل +فبعد أسبوع مضى أتى له معترضا +يقول يا أللَّهُمّا خذها كفاني هما +لا صبر لي معها ولا أرى بيها لي قِبَلا +تظل تشكو الداء وتخلق الشحناء +محتالة على الغضب شاكية ولا سبب +قد ضيّعت أوقاتي وأذهبت لذاتي +فأخذ الإله ما كان قد أعطاه +فلم يكن بعض زمن حتى تولاه الحزَن +فقال يا رب رد��ها فما نعمتُ بعدها +بانت فلا أنساها كأنني أراها +ماثلة أمامي مالئة أيامي +لطيفة في لعبها خفيفة في وثبها +قال الإله للرجل حيرت مولاك فقل +ماذا الذي تريد أحفظ أم أعيد +فأخذ الرفيقة وقال ذى الحقيقة +لا عيش لي معها ولا بغيرها العيش حلا +لا تسرق الشعر واتركه لقائله فإن أقبح شئ سرقة الناس +إنى وإن صغرت كأسي أخو أدب أُسقضى وأَسقِى أولى الألباب من كاسي +كن في التواضع كالمدا مة حين تُجلى في الكؤوس +مشت اتئادا في الصدو ر فحكّموها في الرؤوس +هام الفؤاد بشادن ألف الدلال على المدى +أبكى فيضحك ثغره والكِتم يفتحه الندى +رأيت قومي يذم بعض بعضا إذا غابت الوجوه +وإن تلاقوا ففي تصاف كأن هذا لذا أخوه +كريمهم لا يسُدُّ سمعا ووغدهم لا يُسدّ فوه +وكلهم عاقل حكيم وغيره الجاهل السفيه +وذا ابن من مات عن كثير وذا ابن من قد سما أبوه +وذا بإسلامه مدل وذا بعصيانه يتيه +وكلهم قائم بمبدا ومبدأ الكل ضيعوه +فمذ بدا لي أن قد تساوى في ذلك الغمر والنبيه +وليس من بينهم نزيه ولا أنا الواحد النزيه +جعلت هذا مرآة هذا أنظر فيها ولا أفوه +لمن المساكن كالمقابر يأوي لها حيّ كغابر +متجنب الدنيا عدو وللأوائل والأواخر +تقف الطبيعة دونه تحمى الميامن والمياسر +وتذود عنه بشامخ منها وآونة بزاخر +وهو المضلَّل كاليعا فر والمشرد كالعصافر +دنياه دنيا الخاملي ن ودينه دين الأصاغر +ولغاته لا للمنا بر قد خلقن ولا المحابر +وعلومه درست وعفّا ها من الأزمان داثر +أوعَى سخافات الجدو د وأسقط الحكَم البواهر +الأمر فيه لكاهن والنهى مرجعه لساحر +وإذا يسام نفيسَه والنفس أعطى الكل صاغر +فمن الملوك إلى الولا ة إلى الجباة تراه حائر +هو بينهم ذاك الكسي ر وكلهم للكل جابر +ومن العجائب ما لوى ذنبا ولا رفع العقائر +عَير المظالم والمغار م ضارع للهون صابر +كلب إذا خوّفته صقر إذا أمّنت كاسر +جبل تقلقله الربى فيلٌ تطارده الجآذر +بين العباد وبينه غور من الأحقاد غائر +وقِلاهم في طبعه كالفأر تلقاه السنانر +لو أقطعوه صوفهم غرس الخناجر في الحناجر +وسقى من المهجات أك بادا أحرّ من الهواجر +تلك المعالم والمجا هل والمحاشد والمحاشر +تلك السواحل والأسا كل والعيالم والزواخر +تلك الممالك والإيا لات التي لم يحص حاصر +تلك المصادر لا موا رد والموارد لا مصادر +الطير فيها مستطي ر الروع والحيوان عائر +والنجم مضطرب الخطا والفلك في الظلمات ماخر +مأهولة أحشاؤها معمورة منها المحاسر +بالوحش في صور الأنا م عشائرا حازت عشائر +أمم يكاثرها الحصى عدّا وليس لها بكاثر +لا خلقها الحلو الوسي م ولا خلائقها نواضر +صفر الغلائل واللوا حظ والنواجذ والضمائر +حسروا الرؤوس ضئيلة موشورة فيها الضفائر +ومشوا بأقدام حوا ف مرهفات كالحوافر +وكأن سوقهم العصىّ أو القسىّ أو الصنائر +ولقد يشينون الشنو ف إذا تحلوا والأساور +وهم مغاوير السلا م وفي الصدام هم المدابر +وترى خراب الود بي نهم وبين الجن عامر +يستصرخهم إذا ثاورا على الأَنَس المعاشر +يا قوم هذا موقف ركن التهور فيها هائر +لا الجن فيه دافع ين ولا من الأرباب ناصر +كلاّ ولا يغنى الرقا ه ولا البخور ولا المجامر +واللّكم ليس بنافع ولو أنه أدمى المناخر +إن الكفاية للمكا سم واللوابل والموازر +ولقد تصونكم الدرو ع ولا تخونكم المغافر +فتكثروا مما ذكر ت فإنه خير الذخائر +وتعل��وه وعلموه صغاركم ضمن الشعائر +هيهات قد نفذ القضا ء وصرتم في حكم قادر +متلهب الطغوى إذا أخذ الفريسة لم يغادر +يا ليت شعري من تدو ر عليه بعدكم الدوائر +الوقت أضيق أن نغا لط في الحقائق أو نكابر +لم يبق إلا كرمة للمسلمين بغير ناطر +إن نام عنها الحافظو ن فان جفن الشر ساهر +من كان يرقب فرصة فليغنم الفرص الحواضر +لا يمشينّ السلحفا ء وغيره للمجد طائر +لا يحسبنّ المجد وال علياء في كذب المظاهر +هذا بألقاب يتي ه وذا بأنساب يفاخر +وإلى الأجانب تنتهى نعم الصنائع والمتاجر +وتؤول كل إمارة لم يرعها في القوم آمر +إن دام هذا فالسلا م على الَمَحارب والمنائر +وعلى البرور بلا معا قل والبحور بلا عمائر +لِيُعِنّا كل معبود معين نحن حزب البكسِر المتفقين +كي نبيد الغرباء الماردين إنهم في الصين كانوا مفسدين +ليس ذاك الجنس من نسل البشر إن شككتم أمعنوا فيه النظر +إنه يا قوم مزرقّ البصر من بنى إبليس شيطان لعين +جفت الأرض وجافاها السما وديور الكفر أوقفن السما +أسخط الأرباب منها ما سما وتولى الجنّ عنا مغضَبين +قد دعونا لنخلّى ديننا ولنستهزى بأرباب لنا +ولنشرى بالمروءات الخنا ولنزني والزنا شئ مهين +دونكم يا قوم إيقاد البخور وألفظوا ألفاظ سحر لا يبور +وإذا شئتم رَدَى أهل الشرور أتقنوا الحرب علوما وفنون +ها أتى الأرباب من أجبالهم وتبدى الجنّ من أوغالهم +كي يُروا الأعداء من أفعالهم أى لكم بشمال ويمين +فانزعوا من أرضكم خط الحديد واقطعوا أسلاك برق لا تفيد +واخرقوا فُلك العدا كيما تبيد وأريحوا الصين من شر السفين +ففرنسا ذلك الشعب العزيز ما له من بأسكم حرز حريز +ألحقوا الروس به والانكليز واحفظوا الملك على شنك المكين +يا مريضا بالمناصب داؤك الداء العضال +لم ترد بحر المكاسب يا غريقا في الضلال +أنت إن عشت نزيها بين عزل واعتزا ل +وإذا ما مت فيها مات بالفقر العيال +ذا رئيس ذا وكيل ذا على الاثنين عال +أنت للكل ذليل قابلٌ حكم الرجال +إن للسفن لرزقا غير محدود المجال +أزرع الأرض وأفلح تنبت التبرَ الجبال +أتقن الصنعة تُفلح وتُوفَّق للكمال +إن للسعد لراية ظلها الوافى ينال +عملت للناس آية عملٌ ثم اتكال +يا أيها السائل ما الحرية سالتَ عن جوهرة سنيه +تضئ أرواحا لنا زكيه يا نعمت الحياة بالحريه +لذاذة طاهرة نقيه تبعث في قلوبنا الحميه +تبعث فيها الهمة الأبيه فتأنف المواقف الدنيه +وتألف المنازل العليه العز كل العز في الحريه +يا جاهلا معاني الحريه يا فاقدا حسّ الحياة الحيه +عميت عن أنوارها البهيه صممت عن أنغامها الشجيه +فأنت في غفلتك الغبيه أشبه بالبهائم الوحشيه +لم تَرد الموارد الشهيه لم تعرف اللذائذ الهنيه +موردك المذلة القصيه لذتّك النقائصُ البذية +تعيش عبدا حاله شقيه مستضعَفا تمقتك البريه +يا سالبا نفوسنا الحريه يا راكبا مراكب الخطيه +الله أعطاك لنا عطية غريزة في خلقه فطريه +لَنبذلنَّ دونها ضحية النفس والنفيس والذرّيه +تم لبعض الناس فيما قد سلف كلب وقرد وحمار فاحترف +وصار يغتدى بها ويسرح كجوقة لها الطريق مرسح +علمها بالجهد كيف تفهم وكل شئ بالمراس يعلم +جاءته ليلا وهو في المنام تقول قم يا سيد الكرام +ها قد تجلت ليلة القدر لنا وقبل مولانا سألنا سؤلنا +فقام يستعدّ للضراعه وقال ماذا طلب الجماعة +قال له القرد طلبت المملكة تكون لي وحدى بغير شركة +قال الحمار ��أنا الوزير والصدر في الدولة والمشير +والكلب قال قد سألت الباريا يجعلني في ملك هذا قاضيا +فراعَ رب الجوق ما قد سمعا ثم جثا لربه وضرعا +وقال يا صاحب هذه الليلة سألتك الموت ولا ذى الدوله +تشكو الخصور من الصدور تحاملا والذنب محمول على الأرداف +هذى تؤازرها وتلك تهينها فتضيع بين الرفق والإجحاف +أقول لقلبي والهوى يزحم الهوى حوالي الصبا والوجد بالوجد يلتقى +إذا أنت لم تعط الشبيبة حقها ندمت على ما فات بعد التفرّق +وإنك حىّ ما خفقت مؤمّل وإن حياتي في حياتك فاخفق +أما وزهر الأنجم وطول ليل المغرم +وما شكا أهل الهوى من الجوى واللوّم +بل والمقام والحطيم والحجيج الأعظم +والمروتين وثبير ومنىً وزمزم +والمشعر الحرام والبيت العتيق الأكرم +لقد أضعتَ العمر في زهو ولهو فأندم +فكم ركبت للمعا صى متن ليل أدهم +وكم جنيت جهرة من لذة لم تدم +وكم فتاة قد دعو ت للهوى لم تحجم +وكم توسدت من ال حسان أبهى معصم +صادت فؤاد أصيد من قبلها لم يكلم +هيفاء تمشى مرحا من عزة التنعم +مديمة الدلال والإ عجاب والتبسم +غيداء ذات شعَر مرجل ململم +شعر بلون مذهب أملس كالإبريسم +ووجه بدر في دجى ثوبِ حرير أسحم +وأعينٍ تذيب قل ب الفارس المستلئم +ما أحسن الأضداد في هذا الجمال المحكم +خصر نحيل لين على ثقيل مفعم +تفِتن في الصلاة قل ب الراهب المصمم +ورأيها أن قتيل الح ب مطلول الدم +ولم تصادف إِبِلا تسف حب الخِمخِم +لم تبك من ذكرى طلو ل قد عفت وأرسم +ولم تعاين ديسما يعدوا وراء شيهم +لم تدر أن عنترا توعد ابنى ضمضم +وعمرَها ما سمعت بالقشعم بن الأرقم +ولا بمن فرقهم حادث سيل العرم +ولا بحكم عمر في لطمة ابن الأيهم +ولا بقتلة الإمام من يد ابن ملجم +لم تشرب الصفراء في الدّباء أو في الحنتم +تهزأ بالقانون والط ب وسير الأنجم +وساسة الدنيا وتا ريخ الزمان الأقدم +وسيبويه النحو وال شنتمرِىّ الأعلم +وكل شاعر قديم ال عصر أو مخضرم +قابلتها مقبِّلا لليد منها والفم +ونحس بختى غاب حي ث رحل أم قشعم +وألسن العزال خُر س والرقيب قد عمى +والثلج يحكى في الهوى نطاف قطن ترتمى +قد فرش الأرض بسا طا ناصعا لم يرقم +تسوخ في أوحاله رِجل القوىّ المحكم +وتزلق الأطفال وال شيوخ عند المقدم +وكل غصن مائل بالثلج أو مقوّم +كأشيبٍ من الفِرِ نج منحن مسلم +أو عربي شاحبٍ بأبيضٍ معمم +قلت لها مسلّما كُمَّن سَقَا ما شيرامى +صفا الزمان لحظة لمغرم متيم +قطعت وصل الغانيا ت قطع حبل مبرم +لاهُمَّ عفوا عن عُبي د مستجير مجرم +الحق صعب طعمه مرّ كطعم العلقم +من مات مات وانتهى ومن يعمر يهرم +ومن يخاف الموت هل ينجو من المحتم +وم يرد إحياء غد راتِ الزمان يسأم +المال ظل زائل والجهل موت الأمم +أحوم على حسنكم ما أحوم وأذكركم بطلوع النجوم +وأصبو إليكم وأشتاقكم كما اشتاق طيب الشفاء السقيم +وما بيننا غير هذا الفناء وهذا الجدار وهذى الحريم +وهذى الرياض وهذا الحياض وهذا النخيل وهذى الكروم +ونحن كمن فرت بينهم ممالك في الحرب تحمى التخوم +إذا شئت لقياك خنت الملي ك وإن لم اشأ خنت قلبي الكليم +ويا ليل طلت وطال الأسى فما لك حد ولا للهموم +فماذا تريد بهذا السكون وماذا تريد بهذا الوجوم +ويا ماء ما تبتغى بالخرير ويا نجم بالخفق ماذا تروم +ويا زهر لا حسدتك القلوب فشملك في العاشقين النظيم +ويا طير يهنيك طيب الكرى وطول العناق وفرط النعيم +سما بك غصن على كثرة وضاق عن أثنين قصر عظيم +فيا طير يهنيك طيب الكرى وطول العناق وفرط النعيم +سما بك غصن على كثرة وضاق عن أثنين قصر عظيم +وما بيننا غير هذا الفناء وهذا الجدار وهذا الحريم +وهذى الرياض وهذى الحياض وهذا النخيل وهذى الكروم +ونحن كمن فرقت بينهم ممالك في الحرب تحمى التخوم +وزهرتين على عود يُقِلهما كعاشقين أطمأنا باللقا الهاني +لما رأيتهما في راحتي ذوتا من فوق واه من الأعواد خوان +أيقنت أن منى العشاق ما جُمعت إلا إلى مثل خيط العنكب الفاني +متعاشقان من الزهور تبديا ببديع مرأى في الغصون عجيب +يتنسمان الحب بينهما فما لفمٍ على غصن النبات رطيب +عجِل الردى بهما ولا عجب إذا ما أوديا بين الهوى والطيب +في زهرتَي ذا العود من أهل الهوى جُمعت صفات +كالعاشقَين تقابلا لكن على سُرر النبات +متآنسين يلاقيان الح ب من كل الجهات +هذا على هذا حنا ولذا إلى هذا التفات +لكن في الفجر الحيا ة وفي الضحى لهما الممات +قسما لقد عاشا ولما يأملا أملا ففات +من لي بسوق للحيا ة يقال فيها خذ وهات +فأبيع عمرا في الهمو م بساعة في الطيبات +جثا لديها وأذرى الدمع ناظره وعاتَبَتها بأن قالت محاجره +يا دلّ هذا الهوى إن كان أوّله ما قد رأيتِ فدُلِّى كيف آخره +وعدت بالقلب ملكا ليس يملكه وليس تبلغه يوما عساكره +هبيه قمبيز أو قيروش والده فإن تيمان يوم الروع قاهرة +فأطرقت خجلا من عتبه وجرى دمع الندامة لا ترقا بوادره +تقبل الرأس من تيمان تائبة عن ذنبها وحبيب القلب غافره +كأنما فمها في شعر عاشقها خمر يخامرها مسك تخامره +تقول تيمان ماذا كنتُ صانعة وهل يردّ قضاء الله حاذره +لكُم لدىّ هوى والقلب حافظه وللبلاد هوى والقلب ناصره +إن لم يكن وطن لي في الهوى ولكم فأي دوح الهوى تأوي طوائره +بأي جواب غير ذا السيف تطمع وهل دونه رد لمولاك مقنع +فعد يا رسول الغادرين مخيبا فما كل من يُدعى إلى الغدر يهرع +وأبلغ عظيم الفرس أنى أصدّه وأحمى على الأيام جارى وأمنع +وما أنا بالباكي على ابني وقتله وعرضي إن يسلم قتيل مضيع +وخير لجادي من حياة بذلة ممات إلى أسمى ذى العز يرفع +وخير لقلب منه إن ذاق ناره وفاء يذود النار عنى ويدفع +أبعد شباب قد تجمّل بالهدى يُلاح لشيبي بالضلال فيتبع +وترغب نفسي في القلائد والغنى وصدري بتقوى الله حال مرصع +وأقبل أن أُعطَى بذل إمارةً فأبنى بها جاهى وديني مضعضع +نعم ملك قمبيز أبن قيروش واسع ولكنما ملك الفراديس أوسع +الحرب لا بدّ منها وإن أباها الأنام +حقيقة وضعوها فليس فيها كلام +ما دام شر فحرب والشر فيهم لزام +في كل يوم دعاوي لا تنقضي وخصام +إذا أستراح حسام في الغمد قام حسام +وإن تصالح قوم تقاتلت أقوام +والناس للناس بالحر ب سيد وغلام +راية الموت فوق هام العباد نشرتها كتائب الآباد +يشرب العالمون في السلم منها ويريفون ظلها في الجهاد +من تعاجِل يمت وينس ومن تم هل يعش تحت خافق متهاد +غاية المرء عائد وطبيب ومصير الطبيب للعواد +وبكأسين من حياة وموت شرب العالمون من عهد عاد +حلم هذه الحياة فمن تم دد له يشق أو يطب بالرقاد +وقصارى الكرى وإن طال نعمى لزوال أو شقوة لنفاد +ذهبت في حساب يوسف سبع لينات في إثر سبع شداد +واستوى الصاحبان هذا إلى الرع د تولى وذا إلى الإبعاد +قبره الأرض والبرية ميت تلك مطوية وذى لمعاد +ومرور الأجساد بالأرض هلكي كمرور الأرواح بالأجساد +أي ع��ر ببعلبك دفين تحت ذاك الثرى وتلك العماد +قف بآثارها الجلائل وانظر هل ترى من ممالك وبلاد +أصبح الملك سيرة وذوو المل ك حديثا فكيف بالأفراد +شيدوا للبلى ومر عليهم زمن صالح وآخر عاد +بعلبك أخشعى ولاقى أبا يو سف لقيا الرياض صوب العهاد +وإذا جاور الملوك وأمسى بين عين البلى وعين السواد +أنزليه منازل الصيد منهم وأبيجيه مرقد الأنداد +قف بفادى الصديق والجار واسأل يا أسير المنون هل لك فاد +إن سهما أصاب منك حبيبا وقعه في القلوب والأكباد +وقضاء دهاك هد بناء ال بر ركن العفاة والقصاد +أى حي سواك يوم تولى خدّدته نجابة الأولاد +خمسة بالشام بعدك قاموا ملء عين اللدات والحساد +كلهم حافظ الصديق كريم ال عهد راعى الزمام وافي الوداد +ذا لهذا أب وجد إذا ول لَى أبر الآباء والأجداد +أخذوا البر والوفاء جميعا عن أب سيد وفيّ جواد +آل مطران لو أتيت بوحى لم أزدكم من الحجى والرشاد +لكم أنفس تمر بها الأح داث مر الرياح بالأطواد +فخذوا بالعزاء في خطب من با ن وكونوا عليه غوث العباد +يهزل العيش والمنية جد وتضل الحياة والموت هاد +وخفوق الفؤاد في ساعة التك وين داع إلى سكون الفؤاد +فإذا جددت فأبلت فأعيت جاءها حينها بلا ميعاد +لي ساعة من معدن لا يقتنيها مقتن +تعجل دقا وتنى مثل فؤاد المدمن +وعقرباها والزما ن في اختلاف بين +إذا مشت لم أحتفل أو وقفت لم أحزن +أو أخرت لم يُجدني أو قدَمت لم أُغبن +أحملها لأنها تغشّى في الزمن +علمت بأن الحطام انصرف وأدبر ما كان إلا الشرف +وأنك بعت المنى واشتري ت فخانك في ذاك سوق الصُدف +وأسرفت تبغى عريض الغنى أقبلك من ناله بالسرف +وما هو إلا انقباض اليدين رجاء الصيان وخوف التلف +وحبك مالِك حب الحياة وحفظك مالك حفظ التحف +فقلت لعل الأديب انتهى وكان له عظة ما سلف +أتدركه حرفة جازها قديما إلى غيرها في الحرف +وقد هجر النظم نظم الجمان وقد هجر النثر نثر الطرف +ومن كان ثروته عقله يبيع الجواهر بيع الخزف +أنا بنت البر أم الفقرا ليس دوني ملجأ للقاصدين +لا ترى حولي إلا معسرا حين أُعطِى بشمال ويمين +لي صغار كلهم في المكتب يتلقون به العلم المبين +ورجال كلهم لي كالأب صادق في حبه واف أمين +كم بيوت ضاقت الدنيا بها بعدما عزت على طول السنين +جاءها الإسعاف من أبوابها حين وافاها رسول المحسنين +قل لمن حصّل مالا واقتنى أقرِض الله فيا نعم المُدين +وتصدّق فهو حصن للغنى وسلام النفس في دنيا ودين +كل عام تتجلى ليلتي ليلة الأيتام عين البائسين +أشتكى لله فيها عيلتي ورجاء الله رَوح اليائسين +الأزبكية فيها درة عجب والنجم في الأفق كالنقاد يفليها +تحكى المصابيح حولَيها وبُهرتَها قلائد الغيد فوضى في تراقيها +أما الخميلة فالدنيا إذا ضحكت أو جنة الخلد أو وشىٌ يحاكيها +والأفق ممتلئ نورا وأعجبه تلك العِصِى إذا انسابت أفاعيها +وما تيامن يبغى الشرق سابقها إلا تياسر يبغى الغرب تاليها +مطويّة صُعُداً والجو ينشرها منشورة صَبباً والجو يطويها +وكم ثريا وكم جوزاء ما لبثت حتى خبت غير رسم في مهاويها +مضى على مصر دهرا لم تكن وطنا وإن توهم أوطانا أهاليها +ما بين أوّله لو يوعَظون به وبين آخره ذكر لواعيها +كأن ما ساء مما مر بينهما أهوال حلم سرى بالطفل ساريها +يبكى ويضحك منها غير مكترث أَسَرَّ مضحكَها أم ساء مبكيها +يوم أغر محجل الأنباء لعلاك تهنئتي به وهنائي +ظمأ البلاد غليك في هذى النوى ظمأ النبات إلى الغمام النائى +شوّقتها حتى إذا أظمأتها قام السراب بها مقام الماء +عيدان فيها حين ناجت ربها قالت له ثَلِّثهما بلقاء +أعفريت من الجن أم القائد دى وَيت +فلا باد ولا خاف ولا حىّ ولا ميت +ولا يمسكه قبر ولا يحبسه بيت +ويوما شأنه كيت ويوما أمره كيت +فيا دى ويت يا ليت وهل ينفعكم ليت +فما في سُرُج الص بر على أهوالها زيت +قل للزمان يصبّ من أحداثه أو لا يصب فما بنا إشفاق +غمرت مصائبه فأُغرقنا بها والغمر فيه تستوى الأعماق +كأني بالحمام أصاب ركنى فمال وأى ركن لا يميل +وأدركني ونجم صباى عال فخَّر النجم وازدوج الأفوال +فلا يغرركما ولدىَّ بعدى زُها الدنيا ومنظرها الجميل +شكوت لله من نسلي وكثرته وقلت في ذاك والتوحيد معتقدي +لا تنقضى سنة إلاّ ولى ولد وأنت يا ربّ من ألفين لم تلد +ولو وهبتَ لعيسى منك ألف أخ ما ضقت ذرعا ولا ضاقوا إلى الأبد +ولا ووجهك لم أكره تعدّدهم فأغنهم ثم هبهم لي بلا عدد +قالوا فروق الملك دار مخاوف لا ينقضى لنزيلها وسواس +وكلابهم في مأمن فاعجب لها أمِن الكلاب بها وخاف الناس +رأيت كلابا بدار السعادة عداد الأهالي بها أو زيادة +ولكن بينهما فارقا ففيهم حماس وفيهم بلاده +مقسمة فرقا في الطريق كما يقسم الجيش جندا وقاده +ومنها السمين بحجم الخروف ومنها الضئيل بحجم الجرادة +ويحلو لها النوم فوق الشريط وتحلو لها في الطريق الولادة +وقد يفسد الجو من نتنها وعندهم حفظها كالعبادة +يا أيها الرجل المغتاب صاحبه لم ينس فضلى ولكن قد تناساه +تسبني حسدا والحلم من شيمي فلا أسبك لكن سبك الله +ولا أسميك خوفا من مقالتهم قد ظنه في الورى شيئا فسماه +قالوا حبيب أنت تطرى شعره من ذا الذي لم يطر شعر حبيب +من كان في ريب فذا ديوانه راح العقول وكأس كل أديب +أوعى لأحمد والوليد كليهما شمم المديح ورقة التشبيب +كم فيه من مثَل يسير وحكمة تبقى على الدنيا بقاء عسيب +يا حافظ الآداب والبطلَ الذي يرجى ليوم في البلاد عصيب +قل للأولى خصوا اللآلئ بالهوى مثقوبة أو غير ذات ثقوب +لا تسألوا الأصداف ماذا أُودِعَت في هذه الأوراق كلُّ عجيب +بين سمع الله والبصر أنتِ يا محروسة النفر +استعدي في كلاءته واخرجي في ذمة القدر +وأضيئي البحر واتّسمى بحجول اليمن والغرر +ضاق بحر الروم عن ملك زاخر في الحل والسفر +يملأ الدنيا هدى وندى شيمَتي عثمان أو عمر +قد أخذنا الدهر منه رضى لم يحاربنا ولم يجر +ومشينا في مناقبه فسبقنا كل مفتخر +يا هلال الشرق حيث سرى وسماء البدو والحضر +وابن محيى الأرض من عدم ومداوى الأرض من عسر +النقي الفضل من ريب السليم الحلم من كدر +كلما يممتَ منزلةً بّشرت بالغيث والمطر +قد رآك الغرب في كبر ما رآك الغرب في الصغر +نلت بالميلاد من فطن ما ينال الناس بالعمر +قصر رأس التين مزدحم بوفود الملك والزمر +لوداع بعده لكما خطوات الشمس والقمر +إن يوما ودعوك به نبوىّ الفجر والأثر +قام دين في صبيحته واستبان الرشد للبشر +واستضاء العالمون نهى بمبين الآى والسور +كلمات دون باهرها في النُّهى الآيات في النظر +سُلّم الدنيا وضرّتها ونظام الناس والعصر +إيدسن ماذا ترى في الكهرباء أنت في الأرض فمن ذا في السماء +إن تكن تحكم في أزرارها إنه في يده زر القضاء +كلما حركه في خلقه ذهب العقل وجنّ العقلاء +فتأمّل هل ترى من حيلة في سلوك مرسلات من ذكاء +قد حكيت الشمس حتى غضبت من نحاس تجعل الصيف شتاء +من رآها قال قد سخّرها لك من سخرها للأنبياء +لُعبة الناظر في غرفته أم أفاد العلم أم أجدى الثراء +يا ملوك المال فيما زعموا هل ملكتم خطرات من هواء +ليت لي الريح فسامتكمو وأخذت الملك بيعا وشراء +أُشرك البائس في نعمائه وأسوِّى القسم بين الفقراء +صدق الواهم منكم إنها لهي الدنيا خيال وهباء +كل ما ساء وما سرّ بها ينقضى بين صباح ومساء +حل بالأمتين خطب جليل رجل مات والرجال قليل +زال عن سوريا فتاها المرجّى وعن النيل جاره المأمول +وعن الهل من يبر ويحنو وعن الأصدقاء من لا يحول +وعن الأمر من يغامر فيه وعن الحق سيفه المسلول +وعن الرأى والسياسة والتح رير مَن رأيه السديد الأصيل +يا صديقي وكنت بالأمس حيا عهدك اليوم بالحياة طويل +قد شجاني من نأى وجهك عني أن وجه الوداد باقٍ جميل +يقطر الفضل والمرؤة منه ويميل الوفاء حيث يميل +خير ما خلّف ابن آدم في الدن يا خلال يبكى عليها خليل +ليت شعري ماذا لقيت من المو ت وأخفى لك التراب المهيل +يلبث العالمون في الشك إلا ساعة عندها الشكوك تزول +ترجع النفس للحقيقة فيها وترى أن ما مضى تضليل +ويلوذ العليل فيها إلى الط ب وهل ينفع العليل العليل +إنما الموت ظلمة تملأ العي ن ووِقر على الصدور ثقيل +وثوان أخف منها العوالي كل عضو ببعضها مقتول +ينتهى العيش عندها حين لا اليا فع سالٍ ولا الكبير ملول +هذه الأرض والأنام عليها ملعب ثم ينقضى التمثيل +والذي ينشئ الروايات دهر كم له من فصولها تخييل +أيها الراحل العزيز عليها سر برغم القلوب هذا الرحيل +إن فضلا خلّفت فينا ونبلا لأمين عليهما جبريل +قالوا فرنسا أنذرت سلطاننا قطع العلائق والوعيد مهول +وتساءلوا ماذا يكون فعالها فأجبتهم فاشودة وتزول +لك أن تلوم ولى من الأعذار إن الهوى قَدَر من الأقدار +ما كنت أُسلم للعيون سلامتي وأبيح حادثة الغرام وقارى +وطَر تعلَّقه الفؤاد وينقضى والنفس ماضية مع الأوطار +يا قلب شأنك لا أمدّك في الهوى أبدا ولا أدعوك للإقصار +أمرى وأمرك في الهوى بيد الهوى لو أنه بيدى فككت إسارى +جَارِ الشبيبة وأنتفع بجوارها قبل المشيب فما له من جار +مَثَل الحياة تُحَبُّ في عهد الصبا مثَل الرياض تحب في آذار +أبدا فروق من البلاد هي المنى ومناى منها ظبية بسوار +ممنوعة إلا الجمال بأسره محجوبة إلا عن الأنظار +خطَواتها التقوى فلا مزهوَّة تمشى الدلال ولا بذات نِفَار +مرت بنا فوق الخليج فأسفرت عن جَنة وتلفتت عن نار +في نسوة يورِدن من شِئن الردى نظَرا ولا ينظرن في الإِصدار +عارضتُهن وبين قلبي والهوى أمر أحاول كتمه وأداري +وسالت ما شغل الملائك بالثرى فأجبن عيد خليفة المختار +صبحَ الجلوس جلتك أشرف ليلة وجلوت للدنيا أجل نهار +الملك بينهما بأيمن طالع والدين بينهما بخير منار +تاب الزمان إليه عن أحداثه بفتى على أحداثه جبار +عمر الأمانة لا تراه غافلا عن حرمة أو نائما عن ثار +عش يا أمير المؤمنين لأمة ترضاك في الإعلان والإسرار +لو كان يجلس في الجوارح مالك لجلست في الأسماع والأبصار +إن الذي جعل الخلافة هالة قد زانها بالبدر في الأقمار +ألقى أزِمتها إليك وحازها لك عن خلائف أربعين كبار +تعطى المشارق كل عام عيدها بمجمل الأعوام والأعصار +بابر ممدود البناء بنى لها ركنا قد كانت بغير جدار +ويهز عطفيه الزمان ويزدهى بأغر فيه محجل الآثار +جالى الجنودَ كأنهم شهب ال��جى ومنيرهم من كل ليث ضار +ولقد ينال حمى الإله ببعضهم مالا تنال الأرض بالأسوار +أخليفة الرحمن دعوة مهتد بإمامة في ضوء يلدز سار +لك أن تقرّ البيض في أغمادها أو تترك الدنيا بغير قرار +فاختر لبأسك قرِنه وأربأ به أن يلتقى بسفاسف الأحرار +إن يستعينوا بالسباب فإنه حولُ الضعيف وحيلة المخوار +مما يبلغني رضاكم أنني حسّان أبغى الله في أشعاري +ما زلت أهدى كل صالحة لكم حتى وهبت لكم ثواب البارى +أهلا وسهلا بحاميها وفاديها ومرحبا وسلاما يا عرابيها +وبالكرامة يامن راح يفضحها ومقدم الخير يا من جاء يخزيها +وعد لها حين لا تغنى مدافعها عن الزعيم ولا تجدى طوابيها +وارجع إليها فيا لله فاتحها يوم الإياب ويا لله غازيها +وانزل على الطائر الميمون ساحتها واجلس على تلّها وانعق بواديها +وبِض لها بيضة للنصر كافلة إن الدجاج عقيم في نواحيها +واظلم صحيح البخارى كل أونة ونم عن الحرب واقرأ في لياليها +وأخرج القوم من مصر بخارقة تفوق فاشودة فيها وتنسيها +من العجائب صاروا من أحبتها فيما زعمت وكانوا من أعاديها +كأن ما كان من حرب ومن حَرَب عتب المودة لا يودى بصافيها +وضع عمامتك الخضراء من شرف يعرفك كل جهول من أهاليها +وقصّ رؤياك مكذوبا بمضحكها على النبيين مكذوبا بمبكيها +فلست تعدم عميا من أكابرها ولست تعدم بكما من أعاليها +ولست تعدم وغدا من أسافلها يزف للأمة البشرى ويهديها +ولست تعدم في الأجواد ذا سفه يحصى الديون التي تشكو ويقضيها +قل للمَّلك أدورد أصبت غنى عن الهنود وإرلندا وما فيها +هذا عرابي تمنى أن تقابله وأن ينال يداً جلت أياديها +فمر بانكلترا تزجى فيالقها وبالأساطيل تدوى في موانيها +ومر بلندرة تبدو بزينتها وتنجلى للبرايا في مجاليها +فأين روبرس منه إذ ييمها وأين سيمور منه إذ يوافيها +هذا الذي يعرف الافرنج صولته والبر يعلمها والبحر يدريها +وسله بالله إن صافحت راحته ما نفسه ما مناها ما مساعيها +وأين أيمانه اللاتي أشاد بها أن لا يحكم فيها غير أهليها +وأين يموت عزيزا دون أربعها ولا يعيش ذليلا في مغانيها +وقل له بلسان النيل توجعه والنفس إن صغرت لا شئ يؤذيها +تلك العظام بلا قبر ولا كفن لولاك لم يبل في العشرين باليها +فاقَر السلام عليها حين تندبها وأمّل العفو منها حين تبكيها +وناجِها مرة في العمر واحدة لو كان سهلا عليها أن تناجيها +أوردتها الموت لم تبلغ بها شرفا ولا توخيت بالأوطان تنويها +وما رأت لك سيفا تستضىء به يوم القتال ولا وجها يحييها +باتت يرى الموت فيها كيف يدركها وبت تنظر مصرا كيف تأتيها +فأصبحت غنما مر الذئاب بها ونام عنها غداة الروع راعيها +يا ابن الحسين حسين مات من ظمأ وأنت محتفل بالنفس ترويها +تلك الأبوة ما هذى شمائلها للعارفينَ ولا هذى معانيها +وأنت أصغر أن تعطى مفاخرها وأنت أسمج أن تكسى معاليها +لم ينصر الله بالأحلام صاحبها لكن بكل عوان كان يذكيها +والمواقف يغشاها مؤلّبة والحوض يمنعه والخيل يحميها +أبوّة المصطفى ما زال يلبسها حر قشيب شباب الفخر ضافيها +حتى تنازعها في مصر صبيتها دعوى وحتى تردّتها غوانيها +وأصبحت لجبان القوم منقبة وزينة لجهول القوم يبديها +هلا سبقت غداة التل ناعيها على المنية مسرورا تلاقيها +هلا تكفنت في الهيجا برايتها مثل الدراويش خانتها عواليها +ما زال جمعهم في الحرب ينشرها حتى أتاها فناء الجمع يطويها +هلا أبيت على الع��فين عفوهم لكي يقال أبىّ النفس عاليها +زعمت أنك أولى من أعزتها بها وأحنى عليها من مواليها +وكنت تطرب إذ تتلى مدائحها فأين دمعك إذ تتلى مراثيها +صغار في الذهاب وفي الإياب أهذا كل شأنك يا عرابي +عفا عنك الأباعد والأداني فمن يعفو عن الوطن المصاب +وما سألوا بنيك ولا بنينا ولا ألتفتوا إلى القوم الغضاب +فعش في مصر موفور المعالي رفيع الذكر مقتبل الشباب +أفرق بين سيلان ومصر وفي كلتيهما حمر الثياب +يتوب عليك من منفاك فيها أناس منك أولى بالمتاب +ولا والله ما ملكوا متابا ولا ملكوا القديم من العقاب +ولا ساووك في صدق الطوايا وإن ساووك في الشيم الكذاب +حكومة ذلة وسراة جهل كعهدك إذ تحييك الطوابي +وإذ ضربوا وسيفك لم يجرَّد وإذ دخلوا ونعلك في الركاب +وإذ ملئت لك الدينا نفاقا وضاقت بالغباوة والتغابي +وإذ تُقنى المعالي بالتمنى وإذ يغزَى الأعادي بالسباب +وإذ تعطَى الأريكة في النوادي وتعطَى التاج في هزل الخطاب +ستنظر إن رفعت بمصر طرفا رجال الوقت من تلك الصحاب +وقد نبذوا جنابك حين أقوى وقد لاذوا إلى أقوى جناب +وبالإنجيل قد حلفوا لقوم كما حلفوا أمامك بالكتاب +يريدون النساء بلا حجاب ونحن اليوم أولى بالحجاب +فماذا يعلم الأحياء عنا إذا ما قيل عاد لها عرابي +مقادير من جفنيك حوّلن حاليا فذقت الهوى من بعد ما كنت خاليا +نفذن علىّ اللب بالسهم مرسلا وبالسحر مقضيا وبالسيف قاضيا +وألبستني ثوب الضنى فلبسته فأحبِب به ثوبا وإن ضم باليا +وما الحب إلا طاعة وتجاوز وإن اكثروا اوصافه والمعانيا +وما هو إلا العين بالعين تلتقى وإن نوّعوا اسبابه والدواعيا +وعند الهوى موصفه لا صفاته إذا سالوني ما الهوى قلت مابيا +وبي رشا قد كان دنياى حاضرا فغادرني اشتاق دنياى نائيا +سمحت بروحي في هواه رخيصة ومن يهو لا يؤثر على الحب غاليا +ولم تجر الفاظ الواشة برية كهذى التي يجرى بها الدمع واشيا +اقول لمن ودعت والركب سائر برغم فؤادي سائر بفؤاديا +امانا لقلبي من جفونك في الهوى كفى بالهوى كاسا وراحا وساقيا +ولا تجعليه بين خديك والنوى من الظلم ان يغدو لنارَيك صاليا +ولي ملك ملء الفؤاد محبب جمعت الهوى في مدحه والقوافيا +وما الشعر إلا خطرة او سريرة تصوغهما لفظا إلى النفس ساريا +فتى الشرق فت العالمين مكارما ومن قبل فت النيران معاليا +سموت فلم تستبق للمجد غاية تسوم السها هذى الخطى والمساعيا +واطيبُ من قرب الحبيب على رضى مقامك في دار السعادة راضيا +وما زلت في ملك الخليفة اولا وإن كنت في نادى الخليفة ثانيا +ولو سئل الإسلام ماذا يريده لما اختار إلا ان تديما التلاقيا +فبينكما في الدين ودّ ورحمة وفي الملك عهد الله ان لا تجافيا +وللودّ دل لا يكدِّر صفوه ولكن كثيرا ما يغر الأعاديا +تقبل عزيز المالكين تحية تقدّمها مصر وتهدى التهانيا +طلعت عليها والضحى في ربوعها فيا حسنه يوما بشمسيه زاهيا +عروس سماء الشرق انت جمالها إذا زُيّنت كنت الحلى والمجاليا +تغيّب حينا حسنها وشبابها وقد ملات منها الغداة النواحيا +نشرت جلال الملك فيها وعزه واعلامه موسومة والعواليا +واقبلتَ كالدنيا إذا هي اقبلت وكالدهر حال الصفو لو دام صافيا +تشير بوجه ذى جلال وراحة يفيضان في الناس الهدى والأياديا +فهذا هو البدر استقرّ به السرى وهذا سحاب الجود القى المراسيا +تغامر في الأمور تظن قصدا وأنت مع الأمور على اضطرار +إذا فاتتك قلت اختار دهري وإن هي لم تفت قلت اختياري +وقد تجرى سعود او نحوس وليس سوى قضاء الله جاري +ارى طوفان هذا الغرب يطغى واهل الشرق سادتهم نيام +فإن لم يأتنا نوح بفلك على الإسلام والشرق السلام +زعموا اللؤلؤ من طول النوى يظهر السقم ويبدى الاصفرار +فإذا رُدّ إلى موطنه في جوار البحر يشفيه الجوار +وترى الأصداف لا تعطفها فرقة الدار ولا بعد المزار +وكذاك النفس في احوالها حسب الجوهر منها والنجار +إن تكن من صدف تنس الحمى او تكن من لؤلؤ تبك الديار +عرابي كيف أوفيك الملاما جمعت على ملامتك الأناما +فقف بالتل واستمع العظاما فإن لها كما لهمو كلاما +سمعت من الورى جدا وهزلا فانصت إذ تقول القول فصلا +كانك قاتل والحكم يتلى عليك وانت تنتظر الحماما +ولا تامل من الأموات عفوا وإن كان الحسين اباك دعوى +ارقت دماءهم لعبا ولهوا ولم تعرف لغاليها مقاما +دماء قد فدتك ولم تصنها نفضت يديك يوم التل منها +فكيف تنام عين الله عنها إذا غفل الملا عنها وناما +لقد سفكت بجهلك شر سفك لغير شهادة او رفع ملك +وانت على قديم العز تبكى وتندب رتبة لك او وساما +تقول لك العظام مقال صدق ورب مقالة من غير نطق +قتلت المسلمين بغير حق وضيّعتَ الأمانة والذماما +تقول لقد بقيت وما بقينا ثبتنا للعدا حتى فنينا +فما حكم الليالي في بنينا وما صنع الأرامل واليتامى +وتقول وصوتها رعد قوىّ ونحل في الضمير لها دوى +لقد مات الكرام وأنت حىّ حياة تنقضى عارا وذاما +تقول وصوتها ملأ الدهورا وأنت أصم من حجر شعورا +عرابي هل تركت لنا قبورا يقول الطائفون بها سلاما +تقول وصورتها بلغ السماء وأسمع خير من سمع النداء +إله العالمين أجب دماء تصيح الانتقاما الانتقاما +تقول جبنت حين الظلم ينمو وثر ولم يكن في مصر ظلم +وغرك من أبي العباس حلم ولما يكتمل في الحكم عاما +وقفت له وما ظلم الأمير ولم يكن آطمأن به السرير +فجل الخطب واضطربت أمور عييت بأن تكون لها نظاما +تقول مقالة فيها اعتبار عشية حال بينكما الفرار +أموتٌ يا عرابي ثم عار يلازمنا بقائدنا لزاما +رمانا بالجبانة كل شعب وسبتنا الخلائق أى سب +لأجلك حين تخرج لحرب ولا جردت في الهيجا حساما +وقيل زعيمهم ولى الفرارا وفي بلبيس قد ساق القطارا +وخلف جيشه فوضى حيارى وقد بلغ العِدى فيهم مراما +نسائل عن عرابي لا نراه وننشد حاميا خلّى حماه +ركبنا الموت لم نركب سواه ونت ركبت للعار الظلاما +رويدا يا شعوب الأرض مهلا فما كنا لهذا اللوم أهلا +أراكم واحد جبنا وجهلا فأنساكم مواقفنا العظاما +سلوا تاريخنا وسلوا عليا ألم يملأ بنا الدنيا دويا +لقد عاش الأمير بنا قويا وعشنا تحت رايته كراما +يَعزّبنا ويقهر من يشاء كأنا تحت رايته القضاء +لنا في ظلها وله علاء ومجد يملأ الدنيا ابتساما +ألم نكف الحجاز عوان حرب وأنقذناه من حرب وكرب +فكنا للمهيمن خير حزب أجرنا الدين والبيت الحراما +سلوه وأهله أيام ثاروا ألم نقبض عليه وهو نار +وكان الدين ليس له قرار فثبتناه يومئذ دعاما +ألم نك خلف إبراهيم لما رمى بجواده الأبراج شما +وكبرّ يوم مورة ثم سمى فكنا الصف إذ كان الإماما +ترانا في مواقفه نليه كما جمع الأب الوافي بنيه +وليس الجيش إلا قائديه إذا ما قوموا الجيش استقاما +نلبى إن أشار براحتيه إلى حصن فيسبقنا إليه +كأن سميّه في بردتيه يخوض النار في الهيجا سلاما +وفي اليونان أحسنا البلاء وهز المسلمون بنا اللواء +وقدّمنا بوارجنا فداء على الأمواج تضطرم اضطراما +وفي البلغار صلنا ثم صلنا وطاولنا الجبال بها فطلنا +وأنزلنا العدوّ وما نزلنا وكنا للرواسى الشم هاما +وسل بأسنا سودان ومصرا فبعد الله والمهدىّ أدرى +بأنا الأسد إقداما وأجرا إذا اصدم الفريقان اصطداما +وفي المسكوف شدنا ذكرا مصرا على قتلى بها منا وأسرى +بلغنا نحن والأتراك عذرا وأرضينا المهيمن والإماما +وكان لنا بلاء في كريد بيوم ثائر الهيجا شديد +أذبناها وكانت من حديد وأطفأنا لثورتها ضِراما +رفعنا الملك بالمهج الغوالي تسيل على القواضب والعوالي +وبالأذكار لم نحيى الليالي ولا بتنا على ضيم نياما +تقول لك العظام دع الأماني ولا تحِفل بسيف غير قاني +وليس بذى الفقار ولا اليماني ولا المقهور دفعا واستلاما +أراح الله منك حدِيدَتَيه وأنسى الناس ما علموا عليه +وأنت تنبه الدنيا إليه وتفتأ تذكر العار الجُساما +تحنّ له كأنك لم تضعه فسعه بجبنك المأثور سعه +ودعه في ظلام الغمد دعه لعل مع الظلام له احتراما +أما والله ما لُعَب الصغار ولا خُشُب يقلدن الجوارى +ولا الأوتار في ايدى الجوارى بأحسن منه في الهيجا قياما +وهذا الصدر أضيق أن يحلَّى وأن يسترجع الشأن الأجلا +فلم يك للقنا يوما محلا ولا لقى الرصاص ولا السهاما +لقد ضاع الفخار على الخفير وضاعت عنده نعم الأمير +أمن تحت السلاح إلى وزير يسمى السيد البطل الهماما +عمَّى في الشرق كان ولا يزال فما برحت معاليه تنال +ويبلغ شاوها الأقصى رجال لهم في الجهل قدر لا يسامى +فخذ رتب المعالي أو فدعها وإن شئت اشِرها أو شئت بعها +فإنك إن تنلها لا تضعها وحاشا ترفع الرتب الطغاما +تقول كل العظام وأنت لاه تمنى النفس من مال وجاه +وتكذب بالصلاة على إله ولما بتلغ الروح التراقي +سنأخذ منك يوما بالخناق ولما تبلغ الروح التراقي +تلاقى يوم ذلك ما تلاقى دماء الخلق والموت الزؤاما +نجيئك يوم يحضُرك الحمام يسل حسامه ولنا حسام +وتسبق سهمه منا سهام لها بالحق رام لا يرامى +نجيئك يوم تحضُرك المنون ويأتى العقل إذ يمضى الجنون +نقول لنا على الجاني ديون فياربَّ الدم احتكم احتكاما +ونُسأل ما جنى ماذا أساء ليلقى عن جنايته الجزاء +فنرفعها إلى البارى دماء ونعرضها له جثثا وهاما +نقول جنى ومنَّ بما جناه وحاول أن تُردّ له علاه +وضيع أنفسنا ذهبت فداه وأنت الله فانتقم انتقاما +هناك ترى جهنم وهي تُحمَى وتذكر ما مضى جرما فجرما +فَتُشرقَ بالدم المسفوك ظلما وبالوطن العثور ولا قياما +كان في الروم عظيم ينتهى الجود إليه +جاءه يوما حكيم يشتكي بين يديه +قبل النعل وأبدى أعظم الذل لديه +فرأى ذلك قوم أنكروا الأمر عليه +قال ما قبّلت رج ليه ولكن أذنيه +إنَّ من كان كهذا أذنه في قدميه +دام ديويت غانما سالما من محاربه +تلك ثيرانه التي هي إحدى عجائبه +يُشترى اثنان منهما بعرابي وصاحبه +يا كريم العهد يا ابن الأكرمين كل عيد لك عيد للبنين +مصر ترجوهم وترجوك لهم في ذَرا العباس خير المالكين +وترى شأنك فيها شأنهم أصلح الله شؤون الناشئين +ورعاهم لك واسترعاهم بك مأمونا على العهد أمين +لك في مهد المعالي دولة حسب الطفل عليها والجنين +أبدا عباس يبنى ركنها لبنيه وبنينا باليمين +وأميري في غد ساعده ومن الأشبال لليث معين +يشرق الكرسي من نورهما كلما لاحا جبينا لجبين +عندي لكم منتخب فرشحوه واندبوا +هبوا ل�� أصواتكم وغيره لا تهبوا +في مجلس الشورى له ألف حساب يحسب +والاحتلال يتقى آراءه ويرهب +وتنقل التيمس ما يقوله ويطلب +ذاك فلان ليس من يقرا ولا من يكتب +لا عالم يملأها علما ولا مجرّب +وليس بالخطيب إن قام الملا فخطبوا +مبدؤه لا مبدأ مشربه لا مشرب +عند الأمير يفترى عند الوزير يكذب +وإن تكن وشاية فالمستشار أقرب +عجيبة أموره والصحف منه أعجب +قالوا له فيها الهما م الفاضل المهذب +ولقبوه بالسرىّ الشهم فيما لقبوا +أين النهى يا أمّة يضحك منها الأجنب +لما سمعت بنقطة في الخلف صارت شر هوّة +حققتها فوجدتها بين البنوّة والنبوّة +ضغن وحقد دائم كانت لعيسى منه غنوة +وهو الذي مِن نصحه للمرء أن يهوى عدوّة +لم يحكه تبّاعه زهدا ولم يسلوا سلوّة +أتراه كان يبيحهم أن يأخذوا الدنيا بقوّة +لما رأيت جباه قوم في الثرى وشفاهم تدلى إلى الأعتاب +وسمعت في طنطا ضراعة قائل يا أيها البدوىّ فرّج ما بى +ولقيت في الحنفى من يسعى له برسالة مفتوحة وكتاب +وشهدت في روما كنيسة بطرس يبلى الشفاه بها حديد الباب +وعلمت أن من القسوس مؤلَّها يرجى لمغفرة وحسن مآب +أيقنت أن الخلق ضلوا ربهم يا رب لا تأخذهم بعذاب +حبيبك من تحب ومن تجل ومن أحببت للحالين أهل +ومن يجزيك عن ودّ بودّ ومالك مهجتي سمح وعدل +إذا ما الحب لم يكسبك عزا فكل مودّة في الناس ختل +وفضل منك أن ترعى ودادا وليس لمن تودّ عليك فضل +بلوت الناس خدنا بعد خدن فما للمرء غير النفس خل +وطالعت الأمور فكل صعب إذا لزم الرجال الصبر سهل +أدِل على الخطوب إذا أدلت وأتركها تهون ولا أذل +وألقى النازلات بحدّ عزم يفل النازلات ولا يفل +وأحقر كل كذاب المعالى ولو أن السماك له محل +وأعلم أن للدهر اختلافا وأن الجدّ ينهض أو يزل +وأن النفس للإنسان كل إذا بقيت عليه وزال كله +عرفت سجية الدنيا فدعها تمرّ على سجيتها وتحلو +وإن لم تأتك الدنيا بظل فجاوزها إلى دنيا تظل +إذ المأمول والآمال حيرى وغيث الناس والأيام محل +عزيز الشرق هل للشرق ذكر مع الأيام أم طوِى السجل +وهل لبنيه من مسعاك ركن فركنهم ضعيف مضمحل +أَعِد له النوابغ فهو منهم ومما يرفع الأوطان عطل +ولم أر كالرجال مع الليالي إذا كثرت على البلدان قلوا +ولا كالعلم يجمع كل شمل وليس لأمة في الجهل شمل +ولا كالمجد ميسورا قريبا لشعب فيه إقدام وعقل +رنة الكف فوق خدك اشهى عند قومي من رنة الأوتار +إن كفا كفّت أذاك عن النا س لكف خليقة بالفخار +ورثت الحلم عن فحل كريم ففيك الحلم عند الصفع عادة +وشأنك بيننا في أرض مصر كشأن أبيك في دار السعادة +أمحمد فرغت حقيبتك التي أخرجت منها قول كل حكيم +فإذا لُطِمت بألف كف لم تجد للفخر قولا يا ابن إبراهيم +لقد نقل الراوون عني حكاية وقالوا كلاما ما أشدّ وأشاما +أيصفع مثلي ناشئ ويراعتي أسالت دموع القوم في مصر عَندما +ألا اعتذروا لي عنده فأنا الذي صفعت بصدغي كفه فتألما +لا تدخل الحانات مستهترا فالصفع في الحانات ساق يطوف +فرب كف خلقت أسطرا في الوجه لا تمحى بعذر الحروف +رأيت امرأ ذاق الكفوف ولم يبل وفي الصلَف المذموم قد زاد حدَّه +فقلت ارتجع فالناس في مصر أرّخوا محمد إبراهيم صعّر خده +في كل ليل أنتحى بار الذوات فلا أراك +أحسبتَ أن كفوفهم باتت تشير إلى قفاك +عجبوا من المصفوع كيف تجمعت كل البلادة عند شخص واحد +لا تعجبوا فالله صوّر وجهه من جلمد أو من فلاذ جامد +جمع الجمودة والبرودة صدغه فالناس تضرب في حديد بارد +يا عدوّ الله والرس ل وسبَّاب الخليفة +صف لنا صفحة خدَّ يك على تلك الصحيفة +يا باذلا وجنتيه إن كنت للغيظ كاظم +بذلت خدّا لنشأت فجد بخد لكاظم +أرقصوه بقولهم فيلسوف حين غنت على قفاه الكفوف +كاتب الشرق ماله من جزاء غير صفع السقاة حين تطوف +وله السبك حين ينشى وما يس بك مما يخط إلا الحروف +كذبت في باينه كل دعوى هو في الناس سارق معروف +ما هذه الكف التي قد كفت ونالها من نال بالراحة +كانت يدا بيضاء لكنها قد افقدت مصفوعها الراحه +سودت الدنيا عليه فقد أوشك أن يحرق مصباحه +لك خدّ كأنه قطعة الجل مد ثقلا فمن تراه استخفه +كلفوا صافعا به وهو لا يد رى لذا راح صافعا كفه +قل للأولى جعلوا القريض وسيلة يتناظرون به مع المصباح +لا تعجبوا من راحة صفعت فتى مثلى فمثلى مغرم بالراح +كتاب مصر اثنان في آرائنا وعند حسن الرأى تجلى المعمعه +فكاتب يقام إجلالا له وكاتب لا نستحى أن نصفعه +قد صفعناك صفعة ليس يمحى لها أثر +هذه الكف مبتدا ولدى غيرنا الخبر +قالوا نرى شعراءكم يتمرنون على قفاه +فأجبتهم لا تعجبوا هذا الكلام على هواه +هو يعشق اللفظ الرقي ق وإن جرحت به أباه +إذا ثار يوما عليك العدا وخفت من الحقد والحاقد +فلا تكترث بعصاباتهم ولُذ بقفا حضرة الوالد +أنا والله أصلح للمخازى وأفعل فعلتي وأتيه تيها +أمكن صاحبي من صحن خدي وأعطى ذمتي من يشتريها +لا تعجبوا لكويتب صعفت أصداغه حتى لقد نتأت +في اذنه الأقلام قد زرعت لكنها في صدغه نشأت +يقول صافعك الفتان إذ جمعت خداك من صفعه وردا لتفاح +وجدت خدك من راحي بمنزلة هي المصافاة بين الماء والراح +رأى وجهه باردا جامدا فراح يسنّ عليه الجلم +ولو كان صانعه منصفا بصيرا لقط عليه القلم +رآك تحب السجع حتى تظنه هو الحسن لا ما جاء من جودة الطبع +فثقل من صفع بسجع وما درى بأن أجل السجع ما خف في السمع +رأى قفاك الذي رآه سهلا وما كان بالممنّع +فبات ينشى وبت تملى وهو يقفَّى وأنت تسجع +لقد صفعوه صفعة جل شأنها وأعيا على حذق الطبيب علاجها +ولو أتبعوا صفعا بصفع لأحسنوا وزان اللآلى في النحور ازدواجها +هي صفعة سر الصحافة وقعها ورجا بيان مثلها وبديع +كانت تؤملها البلاد ليرعوى غِر ويعرف قدره المخدوع +عظمت على من نالها فكأنه من كف كل أخى نهى مصفوع +هي صفعة لهج الأنام بذكرها ودرى البعيد بها ومن لم يعلم +قد بالغ الأدباء في أوصافها ما بين منشور وبين منظم +فغدا قفاك يقول منذ هلالهم هل غادر الشعراء من متردَّم +قد كنت لا شئ في الأنام لكي تصفع من صانع وإن عدلا +فذاك ما كان ضاربا رجلا لكنه راح ضاربا مثلا +توليت الصحافة فاستكانت لما أرخصتها بيعا وسوما +وقد أبكيتها دهرا طويلا فلا تحزن إذا أبكتك يوما +يرى كاتب المصباح في الصفع لذة وليس سواه من يرى صفعه نفعا +أديب له حسن الجناس طبيعة يزيدك صفحا كلما زدته صفعا +لي سؤال يا أهل مصر فردّوا بجواب عن السؤال مفيد +أى كف قد باشرت صفع خدّ فسمعنا دويَّها في الصعيد +بين أهل الصعيد شاع حديث وهو أن المويلحي صفعوه +ليت شعري وليتني كنت أدرى ساعة الصفع أين كان ابوه +أمحمد لا تحسبن ال صفع لم يصغ إليه +فلقد أتى التاريخ خدُّ ك فرقع الكف عليه +ولقد ظننتك يا محمد في فن الكتابة حاذقا فهما +وطفقت أسال كل ذى ثقة حتى نظرت بصدغك القلما +رأى خدّك الفتان اشهى من المنى فمال إليه ميل صب مولّع +وما كان ممن يصفع الخد كفه ولكن من ينظر خدودك يصفع +سموه عام الكف وهو الذي يؤخذ من معناه ان قد كفى +ما هو عام الكف لو انصفوا لكنه بالحق عام القفا +رأيت جمادات الثرى ونباته وكل خسيس دب فوق أديم +فلم أر أهلا للمهانة والأذى كصدغ لئيم الدهر وابن لئيم +صرت أرجو بأن تكون المرجى وبان يبدل الهجا لك مدحا +تلك كف قد اكتفت واكتفينا فرأينا أن نعقب الصفع صفحا +صفعنا روحه بيد المعاني فألفينا لها صبرا جميلا +ومن طل الإقالة من شجاع وأشفق من مضاربه أقيلا +جئننا بالشعور والحداق وقسمن الحظوظ في العشاق +حبذا القِسم في المحبين قِسمى لو يلاقون في الهوى ما الاقى +حيلتي في الهوى وما اتمنى حيلة الأذكياء في الأرزاق +لو يجازي المحب عن فرط شوق لجزيت الكثير عن أشواقي +وفتاة ما زادها في غريب ال حسن إلا غرائب الأخلاق +ذقت منها حلوا ومرا وكانت لذة العشق في اختلاف المذاق +ضربت موعدا لما التقينا جانبتني تقول فيم التلاقى +قلت ما هكذا المواثيق قالت ليس للغانيات من ميثاق +عطفتها نحافتي وشجاها شافع بادر من الآماق +أعياد عزك للدنيا مجاليها وللأحاديث عاليها وغاليها +وللبرية منها ما تسر به وللرعية ما يرضى أمانيها +وللسعود غدوّ في صبائحها وللميامن مسرى في لياليها +وللمالك حظ في مفاخرها وللملوك نصيب من معانيها +لعز غليوم فيها من يمثله وذات إدورد فيها من يحاكيها +ما للممالك لا يأتي أكابرها لصاحب النيل أو يسعى أهاليها +أليس من جمَّل الدنيا أبوته وقصّرت عن معاليهم مواليها +العصر يعلم والأحياء ما بلغت بعصر أيام إسماعيل تنويها +ضافته بلقيس حين الدهر خادمها في ملكها والليالى من جواريها +وجاءه المالكون الصِّيد في سفن ألقت على الساحة الكبرى مراسيها +تُقل كل كبير الملك مقتدر تعزّ آيته الدنيا وتعليها +منىً كبار وآمال محببة خابت ولم يلق غير اللوم راجيا +والناس من تقعد الدنيا به قعدوا سجية المرء في الدنيا يجاريها +بنيت فوق عريض اليم قنطرة ما كان فرعون ذو الأوتاد يبنيها +شماء قاهرة فوق المياه فلا تجرى وتذهب إلا ما توليها +طلعت والشمس في ابهى مواكبها وموكب الملك ذو الأنوار يَزريها +كما تطلّع يوما في ركائبه رمسيس تدفعه الأيدي وتزجيها +أجل ركبا من الأقمار كافلة تبدو النجوم حواليها تساريها +لا تنثنى عن محياك القلوب هوى إن عارض الذهب الأبصار يثنيها +وقفت والنيل خلف السد منتظر إشارة من بنان الخير يمضيها +فأعملت يدك المفتاح فانفجرت في مصر عشر عيون من اياديها +لما جريت لغايات الندى وجرى عجبت كيف حوى البحرين واديها +تالله ما جرت الأرزاق يومئذ إلا وكنت بإذن الله مجريها +مفاخر لك يختال الزمان بها قام الخطيب وزير الرىّ يطريها +من لأبن جعفر إن يحصى عليك ثنا وللبلاغة في علياك ما فيها +لو دام يهدى لك الأشعار حافلة ما ضِقت جاها ولا ضاقت قوافيها +يا نيل مصر وفي الأيام موعظة ماذا لقيت من الدنيا واهليها +ليت البرية ما داستك أرجلها بعد المشيب ولا غلتك أيديها +قد ثقلوك بنيرٍ من جلامد لا تعده الأرض إلا من رواسيها +وحملوك صخورا فوق ما حملت منها أثافي دهور عز خاليها +أمسيت في مصر موثوقا إلى اجل وكنت وحدك حرّا في نواحيها +قدّت لك الصخر اغلالا ومن عجب الشر تجزيك حين الخير تجزيها +ضنا بمائك أن يسقى الصعيد به ورب حرص على الأشياء يؤذيها +ومركَب من بخار قد جرى وجرت من تحته الأرض تطويه ويطويها +كأن ��شباحه والليل ياخذها سرائر الأرض تبديها وتخفيها +كأنها وبياض الصبح نم بها رسل النهار إلى الدنيا تهنيها +تمر أعجلَ في شرخ الشباب بنا على مناظر كالفردوس ضاحيها +على الطبيعة تلهو في ملاعبها من الوجود وتزهى في مغانيها +كغادة لمعاني الحسن جامعة تقاسم الحسن عاريها وكاسيها +ولى الصبا ومضى جِد الدهور به ولا تزال لعوبا في تصابيها +مثل الملاحة في الدنيا مداولة تُفنى الحسان ولا حسناء تفنيها +يا ابن البخار تمهل في الصعيد بنا تر البسيطة في مشهور ماضيها +وقِف نشاهد طلول الأقدمين به تحير الدهر فيها كيف يبليها +هياكل كالجبال الشم سافلها وفوق هام النجوم الزهر عاليها +إذا أتتها الليالي من قواعدها تنالها بالبلى قامت اثافيها +يفنى الزمان ولا تبلى زخارفها ولا يحول من الألوان زاهيها +إذا وقفت بأبواب الملوك ضحى أيقنت أن قد بنى للخلد بانيها +رأيت فرعون موسى عند حفرته لا يطلب اليوم من دنياه تأليها +بين الحياة وبين الموت من جزع يخشى القيامة فيها أن يلاقيها +عجائب الطب لا لقمان يعرفها في الغابرين ولا بستور يدريها +يا أمة بلغت في المجد غايته وقصر الناس فيه عن مساعيها +قوموا الغداة انظروا هذى مآثركم هل في مآثرهم شئ يضاهيها +مرحبا بالفتى العظيم الشان سيد الكل من بنى الألمان +وارث النسر للسلام جناحا ه وللحرب ذانك المِخلبان +يخطف النصر في وجوه السرايا زاهدا في غنائم العقبان +مصر من نوركم ونور اخيكم قد مشى فوق أرضها الفرقدان +أنت في كل بلدة تتجلى وأبوك العظيم ملء الزمان +مظهر الشمس في الوجود علوا ونشاط الأفلاك في الدوران +عالم شاعر حكيم خطيب ماله فوق منبر العصر ثاني +ما نسينا وقوفه بصلاح ال دين والعالمون في نسيان +كلمات قد زادت القبر طيبا فوق طيب العظام والأكفان +وإذا القلب كان سمحا كريما ظهرت طيباته في اللسان +والمروءات عند أربابها فو ق اختلاف الآراء والأديان +قف برمسيس إنه كصلاح ال دين أهل لذلك الإحسان +قل له يا أبا الملوك هل العي ش وإن طال غير بضع ثوان +قم فعظنا فهذه هامة أبن ال شمس اين النحاس والتاجان +ونعم هذه يمينك لكن حيل بين اليمين والصولجان +وتأمل على الصعيد بقايا دولة فوق دولة الرومان +قهرت أربعين شعبا إلى أن قبرتها طوارق الحدثان +يا ابن غليوم يوم ترجع بر لين ويصغى لقولك الوالدان +قل لمولاك يا أبي ومليكي مصر أم الشعوب ذات الحنان +منهل العالمين من كل جنس وخِوان لكل قاصٍ دانى +تنقل ايها القمر المنير لقد خُلق السرى لك والمسير +اذا لم تطو منزلة لأخرى فما تجدى منازلك الكثير +تظن العين أن قد غبت عنها وأنت بجفنها بصر ونور +وتلتفت القلوب إليك شوقا فتهديها لموضعها الصدور +ومثلك من يضيق الرحب عنه ويحمله على السعة الضمير +هنيئا للسراة ولليالي وللدنيا قيامك والسفور +ونورك وهو للداني سبيل وبشرك وهو للقاضي بشير +أرى دار السعادة قد تجلت وعاد لها التأنس والحبور +تهللت القلوب وأنت فيها فعذرا إن تبسمت النور +أتدرى قدر زائرها المفدَّى وإن جلت وجل بها المزور +يضيف خليفة الرحمن فيها عظيم في خلافته كبير +اذا اجتمع الصدور به تنحوا كما نزلت عن الطغرى السطور +فيم ابتسامك للدنيا وغايتها ترد كل محب عنك منتحيا +وما اتساعك منها بعد ما حسبت عليك ضيقة الأجداث منقلبا +كم صاحب لبدور الأرض فارقهم لم يحص من حشرات الأرض ما صحبا +وناعم كان يُؤذى من غِلالته تالَّف الدود والأكفان والتربا +لا يعرف العيش حتى ينقضى فنرى صدق الحياة بعين الموت والكذبا +كل الحقائق فيها الشك محتمل إلا المنية تأبى الشك والريبا +وما رأيت على علمي وتجربتي كالموت جدا ولا ما قبله لعبا +ما مات من أودع الدنيا عظيم نبا ولا قضى من قضى للمجد ما وجبا +وما استوى المرء يطوى ذكره معه وذاهب فضله في الناس ما ذهبا +فإن مررت على الدنيا فمرَّ فتى ولا تمرنّ مثل الأكثرين هبا +فالخلد صفنان خلد الناس بعدهم بالذكر والخلد عند الله مرتقبا +أبكى رفاعة أبكى العلم والأدبا أبكى المروءة والفضل الذي احتجبا +أبكى القوافي كضوء الشمس سائرة ابكى المحابر والأقلام والكتبا +ابكى الأحاديث تجرى كلها ادبا ابكى البلاغة ابكى بعدك العربا +يا ابن الذي بعثت مصرا معارفه ابوك كان لأبناء البلاد ابا +اتيتما وظلام الجهل يملؤها كالشمس والبدر لا ادعو كما الشهبا +تربيان لها الأبناء صالحة وتخرجان حماة الدولة النخبا +والشكر اولى واحرى في الشعوب به من يمطر العلم ممن يمطر الذهبا +قال النعاة قضى خير الكرام ابا فقلت إن شاء ربى خيرهم عقبا +لا يهدم الله بيتا أُسه شرف مدت له يده من فضله طنبا +ماذا رجوت من الحفاوة عنده يا بائع القرآن بالإنجيل +دع ملك إدورد وخل بلاده يكفيك عسكره بوادى النيل +خلقان فيك تخلفا وتباعدا حب الجميل وكفر كل جميل +عش للخلافة ترضاها وترضيها وتنشئ السكة الكبرى وتحميها +وتنشر الامن في بدوٍ وفي حضر وتمل الارض عمرانا وتحييها +وتحمل الملك والاسلام عن امم شلاء لاتحفئ الاشياء ايديها +هوى الاجناب اعماها وضللها سيان سافلها فيه وعاليها +تفرقت وتولت عنك فاحتكمت للقوم فيها يد كالنار عاديها +إن أضحك الملا المفتون حاضرها ابكى الاجنة في الارحام آتيها +توهموا العز في ذل يراد بهم وشبهت لهم النعماء تشبيها +لاعيش في الذل الا للذليل ولا حياة للنفس ان ماتت امانيها +أننفض اليد من عز نؤمله وتحت رايتك الآساد تزجيها +إن أظمت الحرب كانوا البيد ظامئة أو أعرت الحرب كانوا هم عواليها +من كل غازٍ صحابىٍّ له ثقة بالله لا تفصم البلوى اواخيها +لا تصهل الخيل إلا تحته طربا ولا يرى الخير إلا في نواصيها +يا كافى البيت لا تجزع لحادثة وثق بنفسك إن الله كافيها +تأبى الحوادث إلا ان تلاعبها ترميك بالحادث الداجى وترميها +وأنت من فوقها رأيا وتجربة بالصبر في الصدمة الأولى تلاقيها +عطفت كل فؤاد فيه مرحمة وكل نفس مصير الدين يعنيها +لم يبق للدين لا جيش ولا علم سواك يوم تميد الأرض يرسيها +لا بارك الله في البلغار يوم بغت ويوم تخزى ولا في ملك مغريها +شعب يجير النصارى في مآربه وسيفه في يهود الأرض يفنيها +كأن صاحبه فرعون برهته موكلا بنى اسرائيل يؤذيها +تفر شيعة موسى من رعيته وانت من كلام الإسلام تؤويها +حضارة يخدع الأغرار زخرفها وما زخارفها إلا مخازيها +عيد الخليفة في الدنيا وساكنها عيد الملائك في عالى مساريها +تطوى السماء إلى إدريس زينته اشعة بركات في لياليها +ويزدهى الركن والبيت الحرام به والقدس والهند قاصيها ودانيها +كأنه النيل في ماضى مواسمه تعليه مصر وتطريه أهاليها +يحييه فيها ويحليه أخو كرم في المسلمين أبىّ النفس عاليها +جار الخليفة لا يبغى به بدلا إذا الرجال تخلت عن مواليها +يا أمة المصطفى جلت حوائجكم فقدموا الخير علّ الله يقضيها +لا تسمعوا لمريب في خلافتكم كفى الخلافة ما يأتي اعاديها +ما هذه الحرب في زىّ السلام لكم إلا صليبيّة والكل صاليها +يقوم عنكم بها جيش ملائكة موكل بتخوم الدين يحميها +يؤذَى كما كان يؤذى الصحب محتملا في طاعة الله والمختار يبغيها +تكثّروا ما استطعتم من ديونكم عند النبي فإن الله موفيها +تلك الإعانة لا مين ولا كذب إعانة المصطفى جبريل جابيها +فمن يضنّ على طه وفي يده فضول مال فللشيطان ما فيها +ومن يلبِّ ففى دنيا يشيدها للمسلمين وفي اخرى يرجيها +قالوا الطريق إلى المختار نائية قلت الإمام بإذن الله مدنيها +لكل شئ زمان ينقضى معه فودّعوا النوق واطووا ذكر حاديها +كأنني بسبيل البيت قد فتحت تطوى ويدنو لوفد الله قاصيها +يجرى البخار إلى خير البطاح بهم جرى الثواب حثيثا في نواحيها +ويبلغ البيت والقبر الذي دفنت فيه المكارم خاليها وباقيها +مثوبة ودّها في عهده عمر وودّ عثمان لو يحيا فيبنيها +لا ترتقى عن سجل الفخر آيتها إلا إلى قلم في اللوح يحصيها +جعلتم للفؤاد شغلا وأنتم مهجتي وأغلى +أحللتم في سواد عيني تالله نوّرتم المحلا +يا مالكين الفؤاد رفقا يا مالكين العنان مهلا +رضيتُ إلا الصدود منكم فحمِّلوني في الحب إلا +انا الذي ذقت في هواكم ماذاق قيس من حب ليلى +ازيدكم ما استطعت حبا ما زادني العاذلون عذلا +يا اكحل العين اى ذنب صير حظي لديك كحلا +يا لين الأذن هل الانوا وشاية في الهوى ونقلا +يا نافر العِطف لا لداع من ذا أراك النِفار سهلا +صبك ما يستفيق عشقا وأنت ما تستفيق دلا +هلا حكيت الغصون لينا كما حكتك الغصون شكلا +جعلت في راحتيك وحى وذاك شئ في الحب قلا +وتبتغون السلو منى يا مالك الروح كيف تُسلى +تماد في الهجر أو تمهل لعل بعد الصدود وصلا +تكاد بشرى رضاك عندى تعدل بشرى القدوم فعلا +يا رب لا غبطة ولا حسد ولا انتقاد فلست تنتقد +أرى ثراء أفاده قلم أخف منه في المسمع الوتد +فهل أفاد البلاد فائدة أم اعتني بالجهالة البلد +يا طير مالك لا تهيج لك الجوى نسمات أسحار خطرن رقاق +مات الحمولي والغرام فلا الصَّبا في العالمين صَبًا ولا العشاق +وصاحب عود به عازف يحركه عن هزار غرد +أنامله تلتقى في الفؤاد وريشته تنبرى للكبد +يا ناي كيف عرفت أرباب الهوى وحكيتهم فيه حكاية صادق +فكان صوتك انة بعث الجوى وكأن غابك من ضلوع العاشق +سألوا أمينا كيف يبكى الناى في يده ويستبكى الملا بشجونه +فأجاب خِلى لا عدمت وداده أبكى على عينى بكل عيونه +عبد المجيد لقيتَ من ريب المنية ما سنلقى +في الكأس بعدك فَضلة كل بكأس الموت يُسقى +والشمس شاربة بها يوما تضل عليه شرقا +مارستَ كل الحق هل صادفت غير الموت حقا +النفس في عشق الحياة ة تموت دون الوصل عشقا +والناس في غمر الشقا ء على اختلاف العمق غرقى +ليت المنون حكتك في تصريفها عدلا وفقاً +عِجلت إليك فغيَّبت زين الشباب نُهى وخلقا +الأرض فوقك مأتم جيب الفضيلة فيه شُقا +ماذا جنيت على أب شيخ بدمع ليس يرقا +منَّيته في ذا الشباب منىً فهلا كنّ صدقا +قد كان يرجو أن تعيش وكان يأمل أن سترقى +والمرء يسعَد بالبنين وفيك مُعتَبر ويشقى +من للصغار الذائقين برغمهم لليتم رقا +ضَعُفُوا كأفراخ الحمام فمن لهم عطفا وزقا +من للقضاء تركته جزِعا ضعيف الركن قلقا +يبكي ويستبكي علي ك المشتِكي والمستحقا +نم حيث ضافك في الثرى خَلق وحيث تَضيف خلقا +إن التي جاورتها لم ترع للجيران حقا +عق الخلائق ظهرها وأظن باطنها أعقا +كل عليها زائل لا شيء غير الله يبقى +شجوني إذا جُن الظلام كثير يؤلبها عادي الهوى ويثير +إذا دهمت والليل من كل جانب فنومي قتيل والصباح أسير +مشت لجناح واهن من جوانحي ومالت على القلب الضعيف تُغير +فما ثار هذا الليل عندي وإنني أليف له في جُنحه وسمير +إذ رقد الحياء نادمت نجمه أدير له ذكر الكرى ويدير +ضعيفين لا نعطى حَراكا على الدجى كلانا عليه مُقعد وعثور +نشدنا دفين الصبح في كل ظلمة عليه كأنا منكر ونكير +يسائلني الساقي أَما لك نشوة لعلك رضوى أو عساك ثبير +تكاد تخف الكأس من نفحاتها وأنت على مر الكؤوس وقور +فقلت عوادي الهم بيني وبينها تكاد تصدّ الكأس حين تدور +أتشغل قلبي الراح عن بعض ما به وأشغال قلبي لو علمت كثير +برى البين ظُفريه وأذهب ريشه وهدّ جناحيه فكيف يطير +يكاد يلين الجذع من زفراته وييبس منها الفرع وهو نضير +كلانا غريب في المضاجع ليله طويل وليل العالمين قصير +أقول له والغُدر بيني وبينه ومن مدمعينا جدول وغدير +يلوم أناس ليس يدرون ما الهوى لعلك دار يا حمام عذير +بعيشك خبرني وإن كنت عالما هل الحب إلا جنة وسعير +أهنتُ عزيز الصبر فيك وخانني إباء وفىٌّ في الخطوب وفير +وما أنا من ينضو عن النفس شيمة ولكن سلطان الغرام قدير +خُلقت رحيم القلب آوى إلى الهوى وأنكر ضيف الحقد حين يزور +وما خذلتني في بلاء سجية وبعض السجايا خاذل ونصير +ولا رمت إلا النفع للناس مطلبا ولا ارتاح لي إلا إليه ضمير +ومن يصحِب الأملاك عشرين حجة يُجَمِّله خُلق في الخلال أمير +سما بي مديح الكابر ابن محمد إلى حيث لا يبغى المزيد كبير +تجلى على الأبصار والصبح فانثنت تباهي به شمس الضحى وتغير +وما استقبلت إلا ضياها تعيره دليل الهوى من نورها ويعير +أغر تحلى بالحياء وبالهدى فأعلاه نور والغضون نمير +فمتى الهمة الشماء فضلك سابق وشعبك جاز بالولاء شكور +يروم رعاياك الذي نال غيرهم وأنت بتحقيق المرام جدير +جمعت الأدانين الشجاعة والحجى فكل عسير إن عزمت يسير +أتعلو علينا في المشارق أمة وجدّك دل الشرق كيف يسير +حباه حياة في الحضارة جمة يشير إليها العصر وهو فخور +وقد ترفع الأوطانَ للنجم همةُ ويُرجع قوما للحياة شعور +ويبعث نورُ العلم شعبا تضمه من المجهلات الحالكات قبور +ويمضي على حال ويأتي بضدها زمان ظروف كله وأمور +روّعوه فتولى مغضبا أعلمتم كيف ترتاع الظَّبا +خُلقت لاهية ناعمة ربما روعها مر الصَّبا +لي حبيب كلما قيل له صدَّق القول وزكّى الريبا +كذب العذال فيما زعموا أملي في فاتِنِي ما كذبا +لو رأونا والهوى ثالثنا والدجى يرخى علينا الحجبا +في جوار الليل في ذمته نذكر الصبح بأن لا يقربا +ملء بردينا عفاف وهوى حفِظ الحسن وصنت الأدبا +يا غزالا أهِل القلب به قلبي السفح وأحنى ملعبا +لك ما أحببت من حبته منهلا عذبا ومرعى طيبا +هو عند المالك الأولى به كيف أشكو أنه قد سُلبا +إن رأى أبقى على مملوكه أو رأى أتلفه واحتسبا +لك قدّ سجد البان له وتمنت لو أقلّته الربى +ولحاظ من معاني سحره جمع الجفن سهاما وظبى +كان عن ذا لقلبي غنية ما لقلبي والهوى بعد الصبا +فطرتي لا آخذ القلب بها خلق الشاعر سمحا طربا +لو جلوا حسنك أو غنوا به للبيد في الثمانين صبا +أيها النفس تجدَّين سدى هل رأيت العيش إلا لعبا +جربي الدنيا تهن عند ما أهون الدنيا على من جربا +نلتِ في ما نلت من مظهرها ومنحت الخلد ذكرا ونبا +أنا في دنياى أوآخرتي شاعر النيل وحسبي لقبا +أرد الكوثر إلا أنني لا أرى الكوثر منه أعذبا +شرفا صاحب مصر شرفا فتً في هذا المقام الشهبا +كيفما ئشت تفرد بالعلى نسبا آنا وآنا حسبا +أنت إن عد خواقين الورى خيرهم جدّا وأزكاهم أبا +أُنشر العرفان واجمع أمة مثلت في العالمين العربا +كل يوم آية دلت على أن للعلم القُوى والغلبا +لو بنوا فوق السهى مملكة لوجدت العلم فيها الطنبا +سُلّم الناس إلى المجد إذا طلبوا سلمه والسببا +ربِّ بالهجرة بالداعي لها بالذي هاجر ممن صحبا +إجعل العام رضا الإسلام أو بلغ الإِسلام فيه مأربا +وأجِره منعما من أمم كان رأسا حين كانوا الذنبا +حكموا فيه وفي خيراته وغدوا أهلا وأمسى اجنبا +يا مراد الدهر من أعوامه ما أتى من وفدها أو ذهبا +هو ذا العام وذى أيامه جددا تهدى السعود القشبا +فز بها واحيَى إلى أمثالها عدد الساعات منها حقبا +قالوا الخليفة في فاس أحق بها من فرع عثمان فرع الفضل والجود +فقلت إن صدقت دعواكمو التمسوا خليفة الله بين الناى والعود +سر الخلافة ما قد بات صاحبه ما بين مرسى وشلهوب ومحمود +يا مرخيا لهوى النفس العنان أفق واشفق على رمق باق به تودى +هلا نهاك اتفاق الدولتين غدا عن اتفاق مع القينات والغيد +أَمَنسُ إلى كم تضل السبيلا فُتنت وحيرت فيك العقولا +أبحث البراز بهذى البلاد وكان البراز بها مستحيلا +وتوشك تجعله ديدنا وتدعو الفضالي إليه فضولا +فلم تخش بالأمس رب اللواء ولا هِبت رب القوافي خليلا +أمن أجل حادثة تنقضى بأدنى العتاب تدق الطبولا +وتدعو الشهود إلى الملتقى وتبعد والخصم عن مصر ميلا +وتطعن مطران في أنفه وما أنف مطران شيئا قليلا +طعنت الأشم الأبىّ العيوف الأنوف السميك العريق الطويلا +طعنت الصحافة في أنفها طعنت الرصيف الحصيف النبيلا +طعنت الجوائب في ربها ولم تخش جورجي بها أو مشيلا +خليلىَ مطران نلت الشفاء ولا ذقت بعد لمنس دويلا +فأنت تهز صقيل اليراع ومنس يهز الحسام الصقيلا +وأنت المقدّم في بعلبك ومنس المقدّم في أهل لِيلا +ومالك في السيف عند البراز فبارز رسائله والفصولا +وعلمه كيف يصول اليراع فتخجل منه الظبا أن تصولا +ويا أنف مطران أنف الإباء عزاء جميلا وصبرا جميلا +بكت لجراحك عيني دما وفرض على دمها أن يسيلا +فإن شئت خذ نورها مرهما وخذ هدبها للتداوى فتيلا +لله في نصرة اليابان حكمته لا يُسأل الله عن فعل ولا شان +رأى اليهود أقاموا المال ربَّهمو وآل عيسى أجلّوه كديان +وقوم أحمد قد ضلوا شريعته وضيعوا كل إسلام وإيمان +تفرّق الكل في أديانهم شيعا وأحدثوا بدعا في كل أزمان +فقال أنصر خلقا لا إله لهم أنا الغنيّ عن العُبّاد سبحاني +لعل إيتو وتوجو والمكاد إذا راموا الهدى عرفوني حق عرفاني +الخطر الأصفر في اعتقادي هذا الذي ندعوه بالجراد +كالقوم في اللون وفي المبادي يسير للغزو على استعداد +ويدخل القرى بلا ميعاد مجتنب الإبراق والإرعاد +وهمه إن حط في البلاد طِلاب موت أو دِراك زاد +أبسل من عساكر الميكادي أجود بالأنفس والأولاد +أفتك بالزرع م الحصاد معتصم بحبل الاتحاد +فما مشى قط على انفراد إلا التي من كَلَف مزداد +بدت لمطران بذاك النادى وعذرها عند اللبيب بادى +هامت بما جدّ من الأمجاد والعشق في الطير كما العباد +فأقبلت والصبر في نفاد تسأله أين قِرى الأجواد +فقال ذا طرسي وذا مدادي خذيهما لا تأخذي فؤادي +ثم اسكني أبا عدى بالوادي +عذال أهل الهوى في الأرض لو جمعوا رضيت جمعهم من عاذلي بدلا +لو تسأل الأرض عنه كيف تحمله لقالت الأرض كيما أحفظ الثقلا +يا مذنبا كل يوم نحو مغرمه أذنب كما شئت قلبي عنك معتذر +ذهبت من عاذل قاس بداهية فلست تعلم ما تأتي وما تذر +يا عزيزا يسعى لعز الرعايا فله تجزل الثناء الناس +إن آباءك الكرام بمصر خير من مدّنوا البلاد وساسوا +تلك آثارهم تدل مدى الده ر عليهم كأنهم نبراس +أنت أحييتها وشاهد صدق بالنوايا الحسان هذا الأساس +ولسان السعود قد قال أرّخ خير دار بني لنا العباس +يا مليكا شاد فينا مثل ما شاد الخليل +دمت مشكور المساعي أيها المولى الجليل +كان إبراهيم يبنى كعبة للصالحين +ولأنت اليوم تبنى كعبة للصانعين +فلك القطر دواما حافظ حق الجميل +فابن يا مولى وشيِّد دار عز وافتخار +فهي كنز للرعايا وحياة للديار +وستكسو مصر ثوبا يبهر الدنيا جميل +يا طيف من أهوى جعلت لك الفدا أكلا كما عن ناظريّ يغيب +عذر الحبيب هو الرقيب عدمته قل لي بعيشك هل عليك رقيب +لقد لامني يا هند في الحب لائم محب إذا عُدّ الصحاب حبيب +فما هو بالواشي على مذهب الهوى ولا هو في شرع الغرام مريبُ +وصفت له من أنتِ ثم جرى لنا حديثٌ يهمُ العاشقين عجيبُ +وقلت له صبراً فكل أخي هوى على يد من يهواه سوف يتوب +أطيب العيش منزل فيه روض وجدول +وسقاة أولو نهى وكؤوس تَنَقَّل +ومغنّ وعازف وهَزار وبلبل +وحبيب يحبني ورقيب مغفل +يودّ الناس لو يدور ن ما أنتَ كيمورا +وما تصنع بالأسطو ل مشحونا ومعمورا +فما أصبحت منصورا ولا أمسيت مقهورا +ولا دست على حوت ولا أغرقت عصفورا +ولم ندر على البحر جديدا عنك مأثورا +ولا أسمعتنا عنك أحاديثا ولو زورا +ولا طاردت مفكوكا ولا ضايقت محصورا +فهل أسطولك الضخم على الماء شمندورا +مطران أعطيت المكارم حقها ورغبتُ في مائة فجدتَ بضعفها +فقبلتها وصرفت فكري تارة نحو الثناء وتارة في صرفها +وأنا الذي عرف الملوك وعف عن إحسان راحتهم وساكب عرفها +أنت السماحة يا خليل بأصلها وبذاتها وبعينها وبأنفها +قل للمؤيد ما دهاك يدك التي صفعت قفاك +فلم التغطرس والغرو ر ألست تذكر مبتداك +أيام كنت ولست تم لك كسرة لتسدّ فاك +تلج الثياب وكلها فرج يضيق لها سواك +فمن اليمين إلى اليسا ر إلى الأمام إلى وراك +تبلى الرياح خطوطها ويزيد في البلوى حذاك +تمشى الصباح إلى المسا ء عسى أخوبِرّ يراك +تغشى المنازل طالبا رزقا لشعر لا يُلاك +عافته أطلال الديا ر ومجه وادى الأراك +لم تنس ذلك كله لم تنس جدّك أو أباك +لكن غفلة أمّة عبدت عجولا قبل ذاك +نسيت لك الماضي الذي لو قيل تَبهت وجنتاك +حسبت خدائعك الفضا ئح والبساطة في دهاك +خالتك هيكل حكمة تطوى المعارف رداك +والدين والوطن المفدّى يشهدان على رياك +تصف الجلال والاحتلا ل ومن هنا أو من هناك +وتقول قلت وقال لي مولى تواريه ولاك +كذب وربك كله غش نصبت به الشراك +هي أكبرتك وعظمت تك فأجلستك على السماك +جمعت لك النسب الذي من قبل لم يعرف أباك +أضحى الوثير لك الوِطا ء وصار من خز غِطاك +حتى بطرت وآذنت عنك السعود بالانفكاك +فعلوت متن جهالة ووقعت تخبط في عماك +بيت المؤيد هل علم ت بما جناه الشيخ جاك +كل الفضائح والقبا ئح مشرفات من ذراك +هلاّ انقضضتَ من الأسا س ورحت تبكى من بناك +فعليه شرع محمد قد سل سيفا للهلاك +يستل أعناقا تري د لحرية الدين انتهاك +أكفاك يا شيح المؤي د ما جرى أم ما كفاك +حكم أذاقك مرّه عدلا وعلقمه سقاك +بؤ حاملا غضب الذي قَدَر السقوط لأخرياك +سبحان من قسم الحظو ظ ابتداك ولا انتهاك +يا ناعس الطرف نومي كيف تمنعه جفني تمنى الكرى بالطيف يجمعه +بينى وبينك سر لست مؤتمنا عليه غير خيال منك أُطعمه +له حِفاظ ورأى في مواصلتي وأنت بالهجر يا غدّار تولعه +ما ضر لو زار أجفاني ولي رمق عساى بالرمق الباقي أشيعه +إن أنت لم تتعطف قلت لي رشا يغار من طيفه السارى فيمنعه +يشكو إليك ويشكو منك منتحب جرى دما من مغاني السعد مدمعه +إن جنَّه الليل أدمت خدّه يده وأنهدّ من سورة الأشجان مضجعه +أبكي الصِباء رخيًّا من أعنته جرى بنا لمدى اللذات يقطعه +صحا الفؤاد على آثار كبوته إلا أمانيّ لا تنفك تخدعه +إذا تمثلته في اللب طار له ورفرف القلب حتى خِفت يتبعه +أقول للنفس عنه لا أغالطها مضى به زمن هيهات يرجعه +إذا صِبا المرء ولى غير مرتجع فما له بالتصابي لا يودعه +أجَد للهو أثوابا وأخلقها وموضع المجد من بُردَىَّ موضعه +طلبته يافعا حتى ظفِرت به والمجد يجمل في الفتيان موقعه +في الغرب مغتربا والشرق ملتفت مشنَّف بحفيظ الدر مسمعه +كن كيف شئت وخذ للعلم حفلته فما وجدت كعلم المرء ينفعه +والشعر بالعلم والعرفان مقترنا كالتبر زدت له ماسا ترصعه +فإن جمعت إلى حظيهما خلقا فذلك الحظ إن فكرت أجمعه +بعدت ديار واحتوتك ديار هيهات للنجم الرفيع قرار +ضجت عواد بالبَراح روائح وشكا حديد سابح وبخار +بالأمس تصدر عن فروقٍ صاديا واليوم يوردك الشآم أوار +زعموا المسافة ليلة ونهارها ما الدهر إلا ليلة ونهار +سِر وآسر في طول البلاد وعرضها إن الأهلة دأبها الأسفار +والأرض أوسع والعجائب جمة والعمر أضيق والسنون قصار +يا راكب الداماء يزجى فلكه رُحماك هل للفلك عندك ثار +مأسورة ابدا تروح وتغتدى وهلاكها في أن يفك إسار +حازت نفوس العالمين وحازها ضمن الجواري صاحب غدار +همت وجرأها على تياره أن الأمور جميعها تيار +تجرى مُؤَمَّنَةَ السبيل زمامها لطف الجليل وحصنها المقدار +في قُلَّبٍ ما للرفاق وسيلة فيه ولا لهمو عليه خيار +بينا مودّته على أكبادهم برد إذا هي في الجوانح نار +مازلت أعرض في الضمير لآلئى وأغِيره بنظيمها فيغار +والفلك يرقص والرياح عوازف والليل ليل والعباب مثار +حتى نزلت بباكرين إلى القرى متهللين كأنهم أقمار +سبقت إلى السارى الصباحَ وجوههم تندى ويحمد عندها الإسفار +قوم هم العرب الكرام تمخضت مضر بهم في شرخها ونزار +نزلوا بلبنان الأشم ونقّلوا فيه المكارم حيث سار الجار +لبنان يا ملك الجبال تحية رقت وأزلفها لك الإكبار +عاليه تحملها إليك وصوفر ومناهل بالجنتين غزار +من نازح الدار التقى بك داره ساح الأكارم للكريم ديار +خلَّى الأحبة والمآرب خلفه فإذا الأحبة فيك والأوطار +للواردين على رياضك أعين من فضلة أهدابهن نضار +سال الفرات بها وقام كأنه دمع السرور لو أنه مدرار +ليت الزمان أجار من أحداثه قطرين بينهما هوى وجوار +أخذ المحبة من على وابنه وعلى الهوى تتألف الأفكار +تزول محاسن الأشياء لكن موات جمالها يحيىَ لديك +إذا رحل الشقيق أقام شيء على شفتيك منه ووجنتيك +وتحتجب السواسن غير زاهي جبينك للعيون ومعصميك +وهذا الجو يُخمد كل برق ويعجز دون بارق مقلتيك +وروحك مركز للطف طرّا فكل اللطف مرجعه إليك +إذا فنيت زهور أو نجوم وزايلها البهاء بدا عليك +��عار الحسن وجهك كل نور وأودع كل طيب مفرقيك +مدينة العلم أم دار مباركة أم معبد من جلال العلم أم حرم +أم أدركت أمِرِيكا وهي محسنة أن المعارف في أهل النهى ذمم +بَنَت ببيروت دار العلم جامعة نعم البناء ونعم الحصن والهرم +فيها الضيوف لواء العلم ظللها يا حبذا الجيش بل يا حبذا العلمَ +جند الخليفة تمت من نجابتهم لملكه الآيتان السيف والقلم +وكم لرب الندى عبدالحميد يد فوق الثناء ولو أن الزمان فم +خليفة الله أبقى الله دولته يحفها العز والإكبار والعظم +كلية الشرق إن الشرق مفتخر يعلى مكانك فيه العرب والعجمِ +فكل باب كباب القدس مستَبَق وكل ركن كركن البيت مستلَم +أقلُّ حقِك أن تُطوى زواخره إليك سبحا إذا لم تسعف القدم +لا زلتِ نورا لأهليه ولا عدمت وئامها عندك الأديان والأمم +أتيتهم من طريق العلم فانتبهوا والناس أيقظ ما كانوا إذا علموا +شبيبة الشرق في دار العلوم به الشرق من جدّكم جذلان يبتسم +حالَ تحول وأيام مداولة وأبوؤس تتوالى إثرها نعم +مالي وللنصح للإخوان أبذله إن النصوح وإن أصفاك متهم +ثلاثة نال نعمى الخلد مدركها الله والعلم والتاريخ فاغتنموا +أنلني يدا خلقت للقبل فمن نالها بالسماك اتصل +أقبلها قبلة للجلال وأخرى لنائلها المرتجل +تضاءل عن جودها حاتم ونالت من الحمد مالم ينل +وكم في الجديد من الطيبات وإن ضربوا بالقديم المثل +تُجدّد في الناس آى المسيح تميت القنوط وتحيى الأمل +إذا منعت فضلها سابق وإن منحت فضلها لم يزل +وطالع شاكرها المشترى وطالع كافرها في زحل +علمت ويعلم من في الوجود إذا قال مولاى قولا فعل +أخو عزمة وعده والوعيد هما الرزق في سيره والأجل +تمرّ الوعود كمرّ السحاب ووعدك كالبحر يمشي المهل +يعم العباد ويغشى البلاد إذا الغيث في أرض قوم نزل +ويارب ريث أفاد الجزيل أذا ما أفاد اليسير العجِل +أمولاى إن تك أكرمتني جميلك من قبلُ عند وصل +وفضل أبيك على كاهلي وعن بر جدّك بي لا تسل +وأنتم بناة العلى بالنوال وآونة بالظُبَى والأسل +أحاديثكم ملء سمع الزمان إذا ما حديث الكرام أنتقل +طلعتم على الشرق كالنيرات فزنتم سماواته من عطل +هنيئا لك العيد والتهنئات من العصر أملاكه والدول +وعشت لأمثال أمثاله إليك الهناء ومنك الجذل +خصيب الرحاب رهيب الجناب إذا ما أمرتَ الزمان امتثل +ويا لطَّف الله بالمسلمين وكان لنا العون فيما نزل +لنا رقيب كان ما أثقله الحمد لله الذي رحله +لو ابتلى الله به عاشقا مات به لا بالجوى والوله +لو دام للصحف ودامت له لم تنج منه الصحف المنزله +إذا رأي الباطل غالى به وإن بدا الحق له أبطله +لو خال بسم الله في مصحف تغضب تحسينا محا البسلمه +وعزة الله بلا عزت لا تنفع القارى ولا خردله +جرائد الترك على عهده كانت بلا شأن ولا منزله +إن تذكر الخنجر لفظا تصب من شدّة الذعر به مقتله +وإن تصف قنبلة لم ينم من هول ذكرى حادث القنبله +الشر بالشر فيا قوم لا إثم إذا راقبتمو منزله +فحاصروا الأبواب واستوقفوا من أخرج الزاد ومن أدخله +إن كان في السلة تفاحة ضعوا له موضعها حنظله +أو جيء بالشرشر له فاملأوا مكانها من علقم جردله +أو اشتهى الأبيض من ملبس قولوا له الأسود ما أجمله +ذلك يا قوم جزاء امرئ كم غَيَّر الحق وكم بدّله +دهر مصائبه عندي بلا عدد لم يجن أمثالها قبلي على أحد +عمٌّ يخون وأم لا وفاء لها أمّ ولكن بلا قلب ولا كبد +جنت علىّ هموم العيش قاطبة وقبلها ما جنت أمّ على ولد +لما مددت يدى بالشر منتقما منها نهاني أبي عن أن أمدّ دي +رحماك رحماك يا ذاك الخيال ويا أمّاه رفقا ويا عادي الهوى أتئد +أنا الشقىّ المعنّى المبتلَى أبدا وقفت أمس ويومي للأسى وغدي +أمشي وراء خيال لا يفارقني كأنه نكدي في العيش أو كمدي +وأهجر الوجد للثارات أطلبها ومثل وجدي قلوب الناس لم تجد +هويت والنفس لا تسلو ضغائنها فضعت بين الهوى والحقد بالرشد +إن ضقت يا دارنا الدنيا بنا أملا في دارِنا الخلد آمال بلا عدد +صباىَ ودِّع شبابيَ سِر حِماميَ حِن دنياىَ زولى خيالَ الشقوة ابتعد +يا حمامة دنشواى نوِّحي للسير جارى +تحت الظلام كيلا ينام +الشنق حامى والضرب داير +فين المحامي ما فيش كلام +تعزيني لذى الوزارتين تعزية الشيعة في الحسين +قد كان يعطى الختم باليدين فصار يعطيه لحارسين +مطبعة قد تطبع الألفين صغيرة في مثل حجم العين +يديرها الكاتب دورتين فيظفر الرىّ بمليونين +زين الوزارات وأىّ زين قد استرحتَ بعد طول الأين +وكنت متعبا بالاثنتين كتعب الزوج بضرتين +فراق دنلوب كسد الدين فلا تعد تلقاه بعد بين +لا يلدغ المؤمن مرتين +يا ليل طل أو لا تطل فالقلب في الحالين عاذر +إن طلت كانت رحمة حلَّت على من كان حاضر +أو لم تطل فالفجر قد آلى بأن ينفيك صاغر +ألحان بلبه غدت ممزوجة في صوت جابر +هو منشد متفنن فإذا أجاد أجاد ساحر +يا لورد كم من معان في سياستكم جرّت إلى القال بين الناس والقيل +كدنشواى وتعيين أردت به قتل الحمام وإحياء الزغاليل +يقولون عن مصر بلاد عجائب نعم ظهرت في أرض مصر العجائب +تقدّم فيها القائلون لشبهة ونيلت بسجن الأبرياء المناصب +وأخر فيها كل أهل لرفعة وقدم فهمي وحده والأقارب +فيالورد هذا الحكم والله مطلق ومن مطلق الأحكام تأتي المصائب +ولم يبق إلا أنت فينا وقيصر وقيصر مغلوب وإن قيل غالب +ماذا تريدين من مصر وصاحبها يا تيمس الإفك والبهتان والزور +ما أنت إلا ماليين همهم سلب الممالك من بور ومعمور +يستأجرونك ما شاءت مطامعهم ولا كرامة في الدنيا لمأجور +نقصت حق بنى مصر وليس لهم ذنب سوى أنهم طلاب دستور +فهل يُعد أثميا في اصطلاحكم من جدّ في طلب العرفان والنور +يا كعبة العلم في الإسلام من قدم لا يزعجنّك إعصار الأباطيل +إن كان قومك قد جاروا عليك وقد جاءوا لهدمك في جيش الزغاليل +فقد مضت سننة العادين إذا حصروا ال بيت الحرام فردّوا كالهماليل +الله أرسل طيراً بين أرجلها قنابل الصخر ترمى صاحب الفيل +للدّين والبيت رب لا يقاومه حمر الثياب ولا سود الأساطيل +ما تيمس اففك إلا عقرب ذهبت عمياء تقذف سما ههنا وهنا +فلا تصدّق عميد الاحتلال فما من هؤلاء ولا من هؤلاء أنا +حظوة اللورد قُسمت بين فتحي وبيرم +فاحمد الله أنها لم تدم للمقطم +يا ليت شعري والأفهام حائرة ما غية اللورد في تلك الزغاليل +إنى لأخشى إذا ربى خوافيها أن تستحيل إلى طير أبابيل +قالوا الزغاليل سادوا فقلت لا عن روية +أليس في كل يوم لِلورد في مصر غية +أهل الجريدة والذين بمالهم وبجاههم بين الملا عملوها +ما في الجريدة من نرجيه سوى لطفى فردّوه لنا وكلوها +أسخطتُ جدى الشاذلي إذ خنت نعمة فندلى +لما عجلت أضعته يا ليتني لم أعجل +ما غشني وأضلني إلا نصائح نجدلي +مبداى كان شرم برم واليوم صار ترللي +إني اشتريت مراقبا لا أرتضيه بفرغلي +يوما علىّ وتارة إن جدت بالدينار لي +قد كان طاهر قال لي لكنني لم أحفل +إدورد ما لك كلما سأل الملا لا تنبس +وتقول ما لم تعتقد حتى يضج المجلس +أفهل دهاك كروم حتى كأنك بطرس +بنعمة فتحي قد ظفرتم بفندلى وأصبحت لا رحلي أحث ولا نعلي +فلا تنكروا أهل الجريدة ظاهري جريدتكم يوم الفخار على رجلي +للناس في أمثالهم حِكم لحافظها مفيده +الحر يكفيه اللوا والعبد يقرع بالجريدة +مضى المفتى فصبحنا فتاه تنازعه إمامته سفاها +إمام زماننا دمه خفيف إذا رفع العقيرة قال هاها +ماذا يرجَّى من مثلي إن قلت أو لم أتقوّل +أثر الجريدة على رجلي من عهد عباس الأول +أقول لفارس والحزب يدعو وجريي بينهم جرى الغزالة +أفي التوارة مكتوب بتبر طوال الناس أسبق للوكالة +اللورد قال صراحة زغلولنا سنجربه +ونزقه ونسوسه ونحبه ونقربه +فإذا تكامل ريشه وبدا هناك تقلبه +ومشى كسائر قومه في بردتيه تعصبه +فهناك دنلوب ومن من شكله سندنلبه +بلينا وكان الله أكرم مبتل بكل صقيع في البلاد جليد +أتى مسلما عفوا فمن ذا يبيعنا طوائف عيسى كلها برشيد +إن الزغاليل الكرام بمصرنا كظباء مكة صيدهن حرام +يُحسبن من لين الكلام فواحشا ويصدهن عن الخنا الإسلام +جريدة للوكالة قد لقبوها جريدة +إن دام فيها رشيد فان تدوم رشيدة +أيها السيد لطفى لست والله جليدا +أنت كالنار مزاجا كيف مازجت رشيدا +اليوم ينتحر المقطم ويقوم في مثواه مأتم +ويشق صفحة خده ندما ولات زمان مندم +كم حارب الوطن الغزي ز وباع صالحه بدرهم +ولطالما قلب الحقا ئق في سياسته وأوهم +متعثرا في رأيه متورّطا في كل مأتم +ينساب في وسط الحوا دث مثلما ينساب أرقم +فيحل من أقوى المرا فق والمراشد كل مبرم +ويثير من بين المشا كل عثيرا بالشر أقثم +وإذا ارتدى ثوب النصو ح فإن منه الشهد علقم +ما باله متذبذبا ومعدّدا في كل مأتم +إن كان سوريا فما أقسى معاوله وأظلم +أو كان مصريا فلِم في الكيد أنجد ثم أتهم +أو كان عبد الاحتلا ل فكيف ينصحنا ويرحم +مهلا فقد برح الخفا ء وأسفر السر المكتم +واستنزل المقدور صر عته وأرهقه المحتم +يا للتصبر والعزاء اليوم قد سقط المقطم +أيها البحر ألق في مصر أملا حك حتى ترابها يتسبخ +كل من ضاقت الحياة عليه جاء مصرا وباض فيها وفرخ +قالوا العميد شفاه الله قد فسدت في مصر معدته في شهر ابريل +فقل لا تعجبوا منها فقد أنفت هضم الجريدة أو هضم الزغاليل +يا لورد قومك نالوا منك ما طلبوا وأخطأت مصر آمال وأوطار +فاليوم في مصر طار الكل من فرح حتى الزغاليل من أعتابكم طاروا +أنت الكبير على المدى فاربأ بنفسك يا رياض +الذل عشش في الوزا رة بعد دولتكم وباض +ذهب الرجل فلا حيا ء ولا احتشام ولا انقباش +ومضى الحماة الناصرو ن الذائدون عن الحياض +فإذا أردت تشبها بالأصغرتين فلا اعتراض +ما ذا تؤمل بعد ما قد كَلَّل الرأس البياض +أنسيت دمعك في الحدو د من المذلة كيف فاض +فاليوم ودّع من أذل ك راضيا أو غير راض +قالوا على شيخ الأحزاب في العباسية الجديدة +داير على كل الأبواب ساعي يحسس بجريدة +قالت الحرباء قولا خَطَّه شيخ معمم +لا تلوموني فإني في الهوى أخت المقطم +قالوا كرومر قد ولى من مصر بل قالوا أدبر +حال وغيّرها ربى سبحان من لا يتغير +بين المقطم والمقطم نسبة في الثقل لا تخفى العقلاء +فصخور ذا وسطور ذا وكلاهما متألف من صخرة صماء +لكن بينهما اختلافا بَيِّناً كتباين الأفعال والأسماء +هذا حجارته إذا ما قُطِّع�� صلحت بجملتها لكل بناء +لكن ذاك سطوره ما سُطرت إلا لهدم فضائل العقلاء +يا راحلا عنا وذكرك خالد أبدا ليحيى بيننا الآلاما +سر بالسلامة حاملا زفراتنا واذكر مقامك بيننا الأعواما +واذكر حكاية دنشواى فإنها كم خلّفت بين الربوع يتامى +واعلم بأنك قد أهنت ديانة كم أخضعت لنبيها الأفهاما +هل ينكر الأقوام أن محمدا ملأ الوجود وسلاما +إن كنت تجهل أمره فسل الورى وسل الورجود بل اسأل الأياما +كم كان قبلك من دعىّ يرتجى طمس الضياء فما أصاب مراما +مدنيةً الدينا أجيبي جاهلا أَوليس واضع أسك الإسلاما +لكنما الأغراض تعمى أهلها حتى يروا ضوء النهار ظلاما +هذا ختامك بين قوم أحسنوا لك صنعهم أحسِن بذاك ختاما +حَبَرت مقالة جمعت فأوعت وجاءت في سبيل الحق غاية +شفيت غليلنا ودفعت عنا وقمت بمنتهى فرض الكفاية +فر زالت سهامك صائبات على رغم الوشاية والسعاية +ففي صدر المقطم قد قرأنا سطورا خطها قلم الغواية +وفي صدر المؤيد قد تلونا بحمد الله آيات الهداية +يصدِّعنا المقطم كل يوم ويزعجنا بإعلان الحماية +وينذرنا بويل بعد ويل على ويل كما نعق أبن دايه +فمهلا فيلسوف الشر مهلا فإن لكل نازلة نهاية +لقد كشف المؤيد عنك سترا وأظهر للملا بطل الرواية +فمثِّل غير هذا الدور واعلم بأن اللورد قد قطع الجراية +اسمعنا بارنج في صدّه قولا غريب الشكل في حدّه +قد سب إسماعيل عند ابنه وسب رب القطر في جدّه +من بعد أن أوسع تقريره مغامزا للدّين من حقده +وأنكر الشمس وأثنى على من بات طول الدهر في كيده +وقال إن النيل من فيضه وذا الرقىّ اليوم من وجده +وإنه والعدل نبراسه قد أُصلح القطر على عهده +قلنا صدقناك نهل هكذا يصول سيف الحق من غمده +لكن من كان أخا حكمة وباقَى العهد على وعده +لا يظهر التأثير في أمة ترى نوال السعد في بعده +قال فريق لم يكن قصده إلا المزاح المحض في ردّه +فقلت إن كان بنا هازلا فليس هذا الهزل من وجده +احفظ لنا يا ربنا وحيدنا خصم الوطن +وأدم عليه شوامه متملقين مدى الزمن +وأطل له طربوشة وامطط له أنفوشه +واحفظ له جاويشه سامى العزيز المؤتمن +أنزل عليه الشيخ رشيد بالوحى من عند العميد +يبرد بإذنك كالجليد الصيف ضيعت اللبن +يا سعد إن أنت دخلت لوندرة منتصرا مظفرا كعنترة +وجاءك اللورد على المحطة وحمل الأتباع عنك الشنطة +وسرت محمولا على الأكتاف بين قيام الناس والهتاف +وقيل تلميذ الإمام مرا يا مرحبا به وألف هورّا +اختاره اللورد من الأنام معتدل المبدأ والقوام +كأنه بوتا الفتى المظفّر بين صفوف المعجبين يخطر +كلاهما بودّه حبانا من بعد شر غارة أصلانا +هذا غزانا بالسيوف اللامعة وذا غزانا مرة بالجامعة +فقم خطيبا في بنى التاميز وامدح مذل الوطن العزيز +وقل لهم أخذتم فرعونا وكان للعبد الفقير عونا +عندي وإن زالت به الأيام حب له في القلب واحترام +أيا لورد في طول البلاد وعرضها زغاليل من حر الفراق تطير +فكلها إذا حطت لديك بلندن فأمثالها في دنشواى كثير +ولكن هذى هضمها فيه راحة وتلك لعمري هضمهن عسير +لا والزبيب ومزة من حمص والورد والتسبيح من متبلبص +وريالة تجرى على شفة التقى إن قيل قم في حلقة الذكرى أرقص +والضرب في طول الجيوب وعرضها بتلطف وتحيل وتلصص +والطعن في الوطن العزيز وأهله والمدح في قرع الوكيل الإهجص +ما الشاذّلي وإن تفندل فرعه إلا محل كرامة كالقمص +نزل البنون إلى الحضيض يِجدّهم من ب��د ما وطئ السها بالأخمص +إذا ما جمعتم أمركم وهممتمو بتقديم شئٍ للوكيل ثمين +خذوا حبل مشنوقٍ بغير جريرة وسروال مجلودٍ وقيد سجين +ولا تعرضوا شعري عليه فحسبه من الشعر حكم خطه بيمين +ولا تقرأوه في شبرد بل اقرأوا على ملأ من دنشواي حزين +يا فارسا ترجلا وانحط بعد ما علا +هل القضاء لعبة نلهو بها والله لا +كنت صديق اللورد وال ليدى وأحرزت الولا +وكنت للمستر والسي ير المحب الأوّلا +لكن مضى ذاك الزما ن قاطعاً ما اتصلا +فلا تظن ذكرهم يدنى إليك أملا +ولا تهدّد قاضيا من شأنه أن يعدلا +شكرتك في أجداثها الشهداء وترنمت بثنائك الأحياء +إن كان في تلك الجماجم ألسن لم تبل فهي تحية ودعاء +أو كان ينبت ف يالتراب محامد نبت الثنا لك منه والإطراء +حبست يتامى دمعها وأرامل لما تنقل في القرى البشراء +وتقول كل حزينة في خدرها ذهب القاسة وجاءنا الرحماء +فَمَن البشير إلى عظام في الثرى دُفنت وطاف بها بِلىً وعفاء +بكر القضاء مقرّبا آجالها إن الحياة أو الممات قضاء +ما فات من بؤس البسوس وشؤمها أحيت مساوئ عهده الورقاء +طاحت نفوس في سبيل حمامة دخلت عليها أيكها الغرباء +كان الدفاع مذلة وجبانة ليت المداره يوم ذاك نساء +سُرعان ما ختم الدفاع القول بل سرعان ما قتلت به البراء +خلت العشية في السجون أسِرّة يا ليتها للظالمين وِطاء +هانت عليهم في سبيل رقيهم مهج مضت مظلومة ودماء +قد أسرفوا في حكمهم وتعسفوا ما شاء ذلكمو العميد وشاءوا +زرق الجلاليب الذين يحبهم هم منه في حفر القبور براء +فعلت رعايته بهم ووداده ما ليس تفعل بعضه البغضاء +أمع المشانق رحمة ومودّة ومع السياط صداقة ووفاء +أسفرتَ عن فرج البلاد وأهلها صبحَ الجلوس لك النفوس فداء +العفو غُرتك السنية في الورى والحلم شيمة ربك الغرّاء +لما بدت منك السعود تمزقت تلك القيود وأُطلق السجناء +مولاى مصر تجملت وتزينت لجلوسكم فكأنها الجوزاء +الكهرباء من القلوب سرت إلى أرجائها فأضاءت الأرجاء +وإذا القلوب صفت لمالك رقها شفّت ونوّرها هوى وولاء +في كل مغدى موكب ومراحه للنصر والفتح المبين لواء +حيت محياك الكريم شبيبة مما غرست كريمة زهراء +هي موئل الآمال ما إن جازها للملك والوطن العزيز رجاء +علمت بأن حقوق عرشك ف يالورى حصن لمصر وعصمة ووقاء +وبأن سعيك كان سعى مجاهد قد خانه الأعوان والنصراء +ودّوا مكانك للغريب إمارة يأبى الغريب ونفسه السمحاء +ورعية لك في الممالك بَرّة غمرتهمومن بيتك الآلاء +فعلُ العرابيين فرّق بيننا بئس الفَعال وقبِّح الزعماء +من كل مفقود الشعور مذبذب في بردتيه نميمة ورياء +إن كان منهم في البلاد بقية فعلى البقية لعنة وبلاء +يا دولة الأحرار ما جاملتنا إلا وفيك مروءة وسخاء +الخير عند للسلام مؤمل والعون منك يرومه الضعفاء +إن النفوس كما علمت حرائر كذب الأولى قالوا النفوس إماء +والشعب إن مل الحياة ذليلة هان الرجال عليه والأشياء +لو تقدرين على الحياة وردّها قلنا عليك الرد والإحياء +فاستغفري الله العظيم فإنما لذنوبهم يستغفر العظماء +عارٌ فظائع دنشواى وسُبّة غسلتهما هذى اليد البيضاء +آذار أقبل قم بنا يا صاح حىّ الربيع حديقة الأرواح +واجمع ندامى الظرف تحت لوائه وانشر بساحته بساط الرياح +صفو أُتيح فخذ لنفسك قسطها فالصفو ليس على المدى بمتاح +واجلس بضاحكة الرياض مصفقا لتجاوب الأوتار والأقداح +واستأنسّ من السقاة برف��ة غر كأمثال النجوم صباح +ربت كندمان الملوك خلالهم وتجملوا بمروءة وسماح +واجعل صبوحك في البكور سليلة للمنجَبين الكرم والتفاح +مهما فضضت دنانها فاستضحكت ملئ المكان سنا وطيب نُفاح +تطغى فإن ذكرت كريم أصولها خلعت على النشوان حلية صاحى +فرعون خبأها ليوم فتوحه وأعد منها قربة لفتاح +ما بين شاد في المجالس أيكه ومحجبات الأيك في الأدواح +غرد على أوتاره يوحى إلى غرد على أغصانه صداح +بيض القلانس في سواد جلابب حُلين بالأطواق والأوضاح +رتّلن في أوراقهن ملاحنا كالراهبات صبيحة الإفصاح +يخطرن بين أرائك ومنابر في هيكل من سندس فياح +ملك النبات فكل أرض داره تلقاه بالأعراس والأفراح +منشورة أعلامه من أحمر قان وأبيضَ في الربى لماح +لبست لمقدمه الخمائل وشيها ومرحن في كنف له وجناح +يغشى المنازل من لواحظ نرجس آنا وآنا من ثغور أقاح +ورؤوس منثور خفضن لعزه تيجانهن عواطر الأرواح +الورد في سُرُر الغصون مفتح متقابل يثنى على الفتاح +ضاحي المواكب في الرياض مميز دون الزهور بشوكة وسلاح +مر النسيم بصفحتيه مقبلا مر الشفاه على خدود ملاح +هتك الردى من حسنه وبهائه بالليل ما نسجت يد الإصباح +ينبيك مصرعه وكل زائل أن الحياة كغدوة ورواح +ويقائق النَّسرين في أغصانها كالدر ركب في صدور رماح +والياسمين لطيفة ونقيه كسريرة المتنزه المسماح +متألِق خلل الغصون كأنه في بلُجِةِ الأفنانِ ضوء صباح +و الجُلِّنار دم على أوراقهِ قاني الحروفِ كخاتم السفاح +وكأن محزون البنفسجِ ثاكل يلقى القضاء بخشيةٍ وصلاح +وعلى الخواطر رقة وكابة كخواطر الشعراء في الأتراح +والسَرو في الحِبَرِ السوابِغ كاشف عن ساقهِ كمليحةِ مِفراح +والنخل ممشوق القدودِ معصَّب متزين بمناطقِ ووِشاح +كبناتِ فرعونٍ شهدن مواكبا تحت المراوح في نهارٍ ضاح +وترى الفضاء كحائط من مرمرٍ نَضِدت عليه بدائِع الألواح +الغيم فيه كالنعام بدينة بركت وأخرى حلقت بجناح +والشمس أبهى من عروسٍ برقعت يوم الزفاف بمسجدٍ وضاح +والماء بالوادى يخال مساربا من زئبقٍ أو ملقياتِ صِفاحِ +بعثت له شمس النهار أشعة كانت حُلَى النيلوفر السباح +يزهو على ورقِ الغصون نثيرها زهو الجواهرِ في بطون الرّاح +وجرت سواقٍ كالنوادب بالقرى رعن الشجىّ بأنهٍ ونواح +الشاكيات وما عرفن صبابة الباكيات بمدمع سحاح +من كل بادية الضلوع غليلةٍ والماء في أحشائها ملواح +تبكى إذا ونيت وتضحك إن هفت كالعِيِس بين تنشيطٍ ورزاح +هي في السلاسل والغلول وجارها أعمى ينوء بنيره الفداح +أن لأذكر بالربيع وحسنه عهد الشبا وطِرفه الممراح +هل كان إلا زهرة كزهوره عجل الفناء لها بغير جُناح +هول كين مصر رواية لا تنتهى منها يد الكتاب والشراح +فيها من البردى والمزمور وال سّوارة والفرقان والإصحاح +ومنا وقمبيز إلى إسكندر فالقيصرين فذى الحلال صلاح +تلك الخلائق والدهور خزانة فابعث خيالك يأت بالمفتاح +أُفق البلاد وأنت بين ربوعها بالنجم مزدان وبالمصباح +نظارة العدلية بثروت محمية +بنائب عاد فيها بالسيرة المرضية +هب للوكالة فيها من الزغاليل حية +فإن ثروت حاوى يعيدها سحلية +شر البلية أن يكون زعيما من لا يسالم في الرجال كريما +عابوك إذ وجدوا صنيعك بارعا ورأوا سبيلك في الحياة قويما +أين الحلوم ولا حلوم لمعشر راموا المحال وصدقوا الموهوما +إن يهذروا فلقد تركت قلوبهم تشكو صوادع جمة وكل��ما +أو يطلبوا إيلام كل مهذب فلقد أذقتهم العذاب أليما +الله في مهجاتهم وقلوبهم فلقد عهدتك بالنفوس رحيما +كثرت سهام الرائشين وإنما أرسلت سهمك نافذا مسموما +هو ما علمت فلا تُقم للوائهم وزنا ولو ملأوا البلاد هزيما +زعموا الحياة نفيسها وخسيسها قولا يطير مع الهباء عقيما +إن يغضبوا فلقد رضيت وحسبهم أن يقذفوا بي في الجحيم ذميما +إن ينقموا خلقوا الشقاءو إن رضوا جعلوا حياة البائسين نعيما +فتحوا لحزبهم الجنان وأَعَتدوا سبحانهم للكافرين جحيما +ضَلَّلت أبناء البلاد بأسطر ملأت قلوب الغافلين ضلالا +فاصدف عن الجهل العميق فقلما يجنى الجهول من الجهالة مالا +إنا برئنا من حماك إلى الذي يحمى الأسود ويحفظ الأشبالا +حاولت أن تذاكي القلى بقلوبنا لمليك مصر وكان ذاك محالا +ثم أَّدرعت الناشئين لحربه فرأوا ببرديك امرأ ختالا +خلعوك واستلوا إليك يراعهم فإذا نبا استلوا إليك نعالا +غورست رب السمكة ذاك بشير البركة +سحبتها بالرفق فه ى أَمَة ممتلكه +إن كنت قد حفظتها ولم تزل في حركه +ابعث لسلمان ومطرا ن بها مشتركه +فإنها مُصلِحة للمعد المرتبكه +كلاهما معدته تأخذ شكل الشبكه +يتنازع الأرباب فيك نفاسة كل يمنّ بأنه سّواكا +ربٌّ يقول خلقته ورزقته قلما يروع صريره الأفلاكا +فيصبح منحنق إله آخر أقصر فلست هنا ولست هناكا +أنا ربه سوّيته ورفعته في الناس حتى ساير الأملاكا +ورزقته دار المؤيد فابتنى فيها القصور وشيد الأملاكا +فاذا أشاء رفعته فوق السها وجعلته فوق السماك سماكا +وإذا أشاء وضعته وجعلته كفريد وجدى كاتبا أفاكا +شيخ المؤيد بالمؤيد بالذي خلق المؤيد بالذي أغناكا +هل أنت خِلقة واحد متصرف في ملكه لا يرتضى الإشراكا +أم أنت خلقة لجننة شيمية تهب العقول وتمنح الإدراكا +سبحانها من لجنة لو أنها خلقت لنا بين الرجال سواكا +لو أنني من صنعهم لنكرتهم وجحدتهم فاكفر بذاك وذاكا +لله أنت أبا الصحافة لا لهم كذبوا فهم لا يخلقون شراكا +عجبت لهم قالوا سقطت ومن يكن مكانك يأمن سقوط ويسلم +فأنت امرؤ ألصقت نفسك بالثرى وحرمت خوف الذم ما لم يحرم +فلو أسقطوا من حيث أنت زجاجة على الصخر لم تصدع ولم تتحطم +يقول اليوم بطرس يا لقومي تعالوا بالصدارة هنئوني +لئن أنكرتمو منى أمروا متى أضع العمامة تعرفوني +على منازل غالي فزنا بصفو الليالي +تزينت وتجلت في رونق وجلال +وأشرقت بالدراري من سادة وموالي +ومن كواكب حسن ومن شموس جمال +كأنها دور يحيى حين الزمان موالي +للعز والأنس فيها مظاهر ومجالي +يمشى الزمان إليها كلائذ بالظلال +كم اشتباك عقول عند اشتباك العوالي +الصائلات قدودا في البال أي مصال +الناعمات اللواهي العاطلات الحوالى +الغاديات بلبى الرائحات ببالى +من جؤذر ثَم يرنو وشادن مختال +وظبية تتثنى في راحتَى رئبال +يا ليلة نجتليها سنية في الليالي +في دار أمجد سمح مهذب مفضال +في المسلمين وجيه وفي بنى القبط غالى +وبنت شمبان تزرى على قطوف الدوالى +أتى العيهد عليها من السنين الخوالي +وما تزال فتاة مرجوة لوصال +يكاد يُحيى ابن هاني شعاعُها المتلالى +شربتها ووقارى منزه عن زوال +ظرف النواسىّ لكن في ثابت كالجبال +أراح بالىَ أنى بحاسدي لا أبالى +وبالصيدق حفىّ وبالمحب مغالى +طربت والعيش لهو ما للعذول ومالى +على ولاء أمين و بطرس والآل +يقولون لم تطرى عليا وأخته وتنسى حسينا والحسين كريم +فقلت فؤادى للثلاثة منزل هما طُنُباه والحسين صميم +ثلاثة أسباب لأُنسى ولذتي يبارك فيها مانِحِى ويديم +إذا ما بدا لي أن أفاضل بينهم أبى لي قلب عادل ورحيم +أحبِ صغار العالمين لأجلهم ويعطف قلبي ذو أب ويتيم +أمينتيَ الدنيا إذا هي أقبلت على العيش منها نضرة ونعيم +ذكاء تمناه الفتى حلية له ووجه يسر الناظرين وسيم +فأما علىٌّ فالمسيح حداثة وقور إذا طاش الصغار حليم +وقبل حسين ما تكلم مرضع ولا نال علياء البيان فطيم +إذا راح يهذى بالحديث فشاعر فإن جدّ فيما قاله فحكيم +عصيفير روض رَبِّ صنه وأبِقه فأنت بقلب قد خَلقت عليم +قل للمنجم بالأرزاء ينذرنا ويدّعى العلم بالأسرار والفلك +إنى ضحكت من الدنيا وصحبتها قبل المذنب حتى مِتّ من ضحكي +دار الزمان فدارا يستعقبان جهارا +أضحى النضار حديدا أضحى الحديد نضارا +أمسى الصَّغار جلالا أمسى الجلال صغارا +أمر قضاه الإله والناس فيه حيارى +زين الملوك الصيد مر بزينتي كرما وباب الله طاف ببابي +يا ليلة القدر التي بلغتها ما فيك بعد اليوم من مرتاب +ما كنت أهلا للنوال وإنما نفحات أحمد فوق كل حساب +لما بلغت السؤل ليلة مدحه بعث الملوك يعظمون جنابي +بدران بدر في السماء منوّر وأخوه فوق الأرض نور رحابي +هاذ ابن هانئ نال ما قد نلت من حسب نُدل به على الأحساب +قد كان يسعى للرشيد ببابه فسعى الرشيد إليه وهو بباب +يا قصر رأس التين قم في غد رحب بعبد الله زين الشباب +وقل له يفديك نوّابنا يا خير من عن جيرة الله ناب +أبوك في مكة دار لهم وأنت في المجلس للدار باب +ضفتم جنابا عاليا طاهرا ضاف لكم بالأمس أزكى جناب +تحويكما مائدة في غد نجِلها مثل التي في الكتاب +الحب والإخلاص ألوانها وصادق الودّ عليها شراب +أحسن ما قد ذقتما فوقها مالذ قد من ذكر أبيك وطاب +والمسلمون اليوم في حاجة إلى آئتلاف كائتلاف الصحاب +هبنا قطيعا هائما سائما لو أتحدنا خشيتنا الذئاب +في ظل رايات إما الهدى وليس في الإمام آرتياب +أبوك زاد الله في قدره قد جاءني بالأمس منه كتاب +ما قوتي ما قيمتي من أنا بالله قم عني بردّ الجواب +كتابه نعمى وخير الذي نال الفتى مالم يكن في الحساب +إن أنت وافيت فروقا وقد ألبسها آذا قشب الثيبا +وتوّج النبت رؤوس الربى ومزقت شمس النهار النقاب +وضمك المجلس في صدره وقرّض صحبٌ أعينا بالإياب +بلِّغ سليمان النهى والحجى شوقي وبالغ منعما في الخطاب +وادن لدى المجلس من قاسم وقل له محتشما في العتاب +جدة يا صباح تقاسى الظما وأنت ما بين المياه العذاب +ثم ارفع الصوت يجئك الصدى من مجلس ونادى الصواب +صداح يا ملك الكنا ر ويا أمير البلبل +قد فزت منك بمعبد ورزقت قرب الموصلي +وأتيح لي داود مز مارا وحسن ترتل +فوق الأسرة والمنا بر قط لم تترجل +تهتز كالدينار في مرتج لحظ الأحول +وإذا خطرت على الملا عب لم تدع لممثل +ولك ابتداءات الفرز دق في مقاطع جرول +ولقد تخذت من الضحى صفر الغلائل والحلى +ورويت في بيض القلا نس عن عذارى الهيكل +يا ليت شعري يا أسير شج فؤادك أم خل +وحليف سهد أم تنا م الليل حتى ينجلى +بالرغم منى ما تعا لج في النحاس المقفل +حرصي عليك هوى ومن يحرز ثمينا ينجل +والشح تحدثه الضرو رة في الجواد المجزل +أنا إن جعلتك في نضا ر بالحرير مجلل +ولففته في سُوسن وحففته بقَرنفل +وحرقت أزكى العود حو لَيه وأغلى الصندل +وحملته فوق العيو ن وفوق رأس الجدول +��دعوت كل أغر في ملك الطيور محجل +فأتتك بين مُطارح ومحبذ ومدلل +وأمرت بابني فالتقا ك بوجهه المتهلل +بيمينه فالوذج لم يهد للمتوكل +وزجاجة من فضة مملؤة من سلسل +ما كنت يا صدّاح عن دك بالكريم المفضل +شهد الحياة مشوبة بالرق مثل الحنظل +والقيد لو كان الجما ن منظما لم يحمل +يا طير لولا أن يقو لوا جُن قلت تعقل +اسمع فرب مفصل لك لم يفدك كمجمل +صبرا لما تشقى به أو ما بدا لك فافعل +أنت أبن رأى للطبي عة فيك غير مبدل +أبدا مروع بالإسا ر مهدد بالمقتل +إن طرت عن كنفي وقع ت على النسور الجهل +يا طير والأمثال تض رب للبيب الأمثل +دنياك من عاداتها ألا تكون لأعزل +أو للغبي وإن تع لل بالزمان المقبل +جُعلت لحر يبتلَى في ذى الحياة ويبتلى +يرمى ويرمَي في جها د العيش غير مغفل +مستجمع كالليث إن يُجهل عليه يجهل +أسمعت بالحكمين في ال إسلام يوم الجندل +في الفتنة الكبرى ولو لا حكمة لم تشعل +رضى الصحابة يوم ذ لك بالكتاب المنزل +وهم المصابيح الروا ة عن النبي المرسل +قالوا الكتاب وقام كل ل مفسر ومؤول +حتى إذا وسعت معا وية وضاق بها على +رجعوا لظلم كالطبا ئع في النفوس مؤصل +نزلوا على حكم القو ى وعند رأى الأحيل +صداح حق ما أقو ل حفلت أم لم تحفل +جاورت أندى روضة وحللت أكرم منزل +بين الحفاوة من حسي ن والرعاية من على +وحنان آمنة كأم ك في صباك الأول +صح بالصباح وبشر ال أبناء بالمستقبل +واسأل لمصر عناية تأتي وتهبط من عل +قل ربنا افتح رحمة والخير منك فأرسل +أدرك كنانتك الكري مة ربنا وتقبل +أيها الثغر بلغت الأملا قم إلى الركب وزف المحملا +وامش في موكبه واجتله موكب الرحمن نعم المجتلى +وتعطر بخَلِيلىِّ الشذى وتمتع من خليلىّ الحلى +وإذا فاتك لمس بيد فتزوّد باللحاظ القبلا +واذكر الداعين لله غدا في منى وادع لهم مبتهلا +هكذا فليتدلل مولد أخرج الملك الكريم المفضلا +سيقول الناس في أخبارهم نقل المحمل عباس إلى +جمل يحمل للبيت حلى ليتني كنت الحلى والجملا +ليتني خُف له أو كلكل يوم يلقى في المقام الكلكلا +سار يحدوه ويحمى جحفل ربنا أكلأه لنا والجحفلا +وفدك اللهم كن جارهمو في بعيد البحر أو قاصى الفلا +وتقبل منهمو تلك الخطى وأعنهم وأثبهم مجزلا +يابن خير الخلق قبلت يدا بلغ السؤل بها من قبَّلا +وبسطت الكف أبغى دعوة يوم تأتي الله أصوات الملا +عرفات يعرف الإخلاص لي و منى تعرف لي صدق الولا +إن تسل عن حسبي أو نسبي فهما مدحي أباك المرسلا +صلتي عند لا أتركها وكفاني صلة أن أصلا +أنت في عليا الذرى من أمة رفعوا مُلكا وشادوا دولا +كلما سارت لأرض خيلهم سبق العلم إليها الأَسلا +قسما بالقاع والثاوى به وملاك غيبته كربلا +ما علمت المجد إلا مجدكم قُصِر المجد عليكم والعلى +ورِث الناس نعيما باطلا وورثتم وحى ربي المنزلا +دام للحج ولىٌّ منكم يحرس البيت ويحمى السبلا +بنى عبد السلام على أبيكم من الرضوان غادية وظل +لكم بيت لواء العلم فيه دعائم عزه شرف ونبل +بنوه بنو النبوّة قبل عاد زكا أصل لكم فيه وفضل +رمى الدهر المكارم والمعالى فركنهما ضعيف مضمحل +وخطب الدين والدنيا جليل ولكن قدر من فَقدا أجل +يحج لقبره بؤس عفاة ورب القبر بالفردوس حِل +بِعلِّيين لا بالأرض أمسى وشأن النجم عن أرض يجل +وصافح بعضنا في العيد بعضا وصافحه وملائكة ورسل +وعند الله ينشر بعد طى حياة كلها في الخير فعل +لقاء الموت غاية ��ل حى ولكن للحياة هوى مضل +فإن تسمع بزهد القوم فيها فإن الحب يكثر أو يقل +وعند الموت تَحسَر كل نفس لها في العيش أو طار وأهل +مضى المعطى وما تدرى يداه ومن يأسو الجراح ومن يَبُل +ومن وزن الزمان فتى وشيخا إذا الفتيان قبل الشيب ضلوا +وقور في الحوادث لا يبالى سيوف البغى تغمد أو تسل +وأقطع من سيوف الهند حدا لسان لا يهاب ولا يزل +كبير في المواقف لا جهول بآداب الخطاب ولا مخل +يسيل فصاحة ويفيض علما وخطبة بعضهم عِى وجهل +فسر عبدالسلام إلى كريم يلوذ به الكريم ويستظل +بكاك الناس أحبابا وأهلا بأحسن ما وفي للخل خل +وذاقت فقد خادمها بلاد له في جيدها منن وفضل +تعقَّلَ في محبتها فتيا وأخلص في المحبة وهو كهل +وليس يؤثِّر الإخلاص شيئا إذا لم يصحب الإخلاص عقل +يا راغب الخيرات أنت بقية في الصالحين لكل خير تصلح +للبر أبواب تلوح لأهله شتى وعندك كل باب يفتح +أهل المروءة رابحون على المدى ومن العجائب فاتهم ما تربح +بالباب مفقود اللسان بعثته يلهو كرفقته لديك ويمرح +يهديك أزهار الربيع وعنده للحمد أزهار أغض وأنفح +ويقوم في ناديك عنهم منشدا بيتا به يطرى الكريم ويمدح +الصم قد سمعوا حديثك في الندى والخرس ألسنة بشكرك تفصح +به هجر يتيمه كلا جفنيك يعلمه +هما كادا لمهجته ومنك الكيد معظمه +تعذِّبه بسحرهما وتوجده وتعدمه +فلا هاروت رق له ولا ماروت يرحمه +وتظلمه فلا يشكو إلى من ليس يظلمه +أَسَرَّ فمات كتمانا وباح فخانه فمه +فويح المدنف المعمو د حتى البث يُحرمه +طويل الليل ترحمه هواتفه وأنجمه +إذا جد الغرام له جرى في دمعه دمه +يكاد لعهده أبدا بعادى السقم يسقمه +ثنى الأعناق عوّده وألقى العذر لوّمه +قضى عشقا سوى رمق إليك غدا يقدمه +عسى إن قيل مات هوى تقول الله يرحمه +فتحيا في مراقدها بلفظ منك أعظمه +بروحي البان يوم رنا عن المقدور أعصمه +ويوم طعنتُ من غصن منَّعمه معلَّمه +قضاء الله نظرته ولطف الله مبسمه +رمى فاستهدفت كِبدى بىَ الرامي وأسهمه +له من أضلعي قاع ومن عجب يسلمه +ومن قلبي وحبته كِاس بات يهدمه +غزال في يديه التي ه بين الغيد يقسمه +كأن أباه مر بأح مدَ الهادى يكلمه +نبىُّ البر والتقوى منار الحق معلمه +معاني اللوح أشرفها رسالته ومقدمه +له في الأًصل أكرمهم عريق الأصل أكرمه +خليل الله معدنه فكيف يزيف درهمه +أبوّة سؤدد أخذت بقرن الشمس تزحمه +ذبيجون كلهم أمير البيت قيَّمه +تلاقوا فيه أطهارا بسيماهم تَسَوُّمه +فنعم الغمد آمنة ونعم السيف لهذمه +سرى في طهر هيكلها كمسرى المسك يفعمه +يتيما في غِلالتها تعالى الله مُوتمه +تزف الآىُ محملَه إلى الدنيا وتقدمه +ويمسى نور أحمد في ظلام الجهل يهزمه +وفي النيران يخمدها وفي الإيوان يثلمه +وفي المعود من دين ومن دنيا يقوّمه +فلما تم من طهر ومن شرف تنسمه +تجلى مولد الهادى يضئ الكون موسمه +هلموا أهل ذا النادى على قدم نعظمه +بدا تستقبل الدنيا به خيرا تَوسَّمه +يُجِّملها تهلله ويحييها تبسمه +إلى الرحمن جبهته ونحو جلالها فمه +وفي كتفيه نور الح ق وضاح وروسمه +يتيم في جناح الل ه يرعاه ويعصمه +فمن رحم اليتيم ففي رسول الله يرحمه +يقوم به عن الأبو ين جبريل ويخدمه +وترضعه فتاة البر ر من سعد وترحمه +ويكفله موشَّى البر د يوم الفخر مُعلَمه +نبىّ البر علمه وجاء به يعلمه +أبر الخلق عاطفة وأسمحه وأحلمه +وأصبره لنائبة ومح��ور يجَّشمه +لكل عنده في البر حق ليس يهضمه +ولىّ الأهل والأتبا ع والمسكين يطعِمه +سحاب الجود راحته وفي برديه عيلمه +وما الدنيا وإن كثرت سوى خير تقدّمه +يضئ القبرَ موحشُه عليك به ومظلمه +وتغنمه إذا ولَّى عن الإنسان مغنمه +نظام الدين والدنيا أُتِيح له يتممه +تطلع في بنائهما على التوحيد يدعمه +بشرع هام في النا س هاشمه وأعجمه +كضوء الصبح بيِّنه وكالبنيان مُكَمه +بيان جل موحيه وعلم عز ملهمه +حكيم الذكر بين الكت ب مظهره وميسمه +وكم للحق من غاب رسول الله ضيغمه +له الغزوات لا تُحصى ولا يحصى تكرمه +تكاد تقيد الإسداء ق بل السيف أنعمه +أمين قريش اختلفت فجاءته تُحكَّمه +صبيا بين فتيتها إليه الأمر يرسمه +وإن أمانة الإنسا ن في الدنيا تقدّمه +زكى القلب طُهِّر من هوىً وغوايةٍ دمه +عفيف النوم يصدقُ ما يرى فيه ويحلُمه +وخلوته إلى مَلك على حلم يحلِّمه +يفيض عليه من وحى فيَفهمه ويُفهِمه +كتاب الغيب مفضوض له باد محكَّمه +مبين فيه ما يأتي وما ينوى ويعزمه +ويظهر كل معجزة لشانيه فيفحمه +فغاديةٌ تظلله وباغمة تكلمه +تروِّى الجيش راحته إذا استسقى عرمرمه +ويستهدى السماء حيا لسائله فتسجُمه +ويرسل سهم دعوته إلى الباغي فيقِصمه +تبارك من به أسرى وجل الله مكرمه +يريه بيته الأقصى ويُطلعه ويعلمه +على ملَكٍ أمين الل هُ مسرجه وملجمه +معارجه السموات ال عُلى والعرس سلَّمه +فلما جاء سدرته وكان القرب أعظمه +دنا فرأى فخَّر فكا ن من قوسين مجثمه +رسول الله لن يشقى ببابك من يُيَمِّه +وأين النار من بشر بسدّته تحرمه +لواء الحشر بين يد يك يوم الدين تقدمه +شفيعا فيه يوم يلو ذ بالشفعاء مجرمه +ففي يمناك جنته وفي اليسرى جهنمه +أنا المرحوم يومئذ بِدرُ فيك أنظمه +ولا منٌّ عليك به فِمن جدواك منجمه +أينطق حكمة وحجا لسان لا تقوّمه +خلاصي لست أملكه وفضلك لست أعدمه +ثراك متى أطيف به وأنشقه وألثمه +ففيه الخلق أعظمه وفيه الخلق أوسمه +سقاه من نمير الخل د كوثره وزمزمه +ولا برحت معطَّرةٌ من الصلواتِ تلزمه +يا ناثرا حكما في الناس بالغة وفَّيت ركن الهوى شرحا وتبيانا +لكن أثرت على العشاق عاصفة جرت عليهم من التذكار أشجانا +إن البلابل ما تشدو يهيم بها قلب المحب فيجرى الدمع هتّانا +ولقد يقول ابناي في نجواهما ماذا يكابد في النوى ويلاقي +ولدىَّ مصر لها كما لكما هوىً والحب كل صبابة بمذاق +يا حماة الطفل خير المحسنين يدكم فيها يد الله المعين +أنظروا عند توافى جمعكم تجدوا في الجمع جبريل الأمين +ظَلَّلَ الطفلَ ووافاه مهرجان الله عرض المرسلين +يذكر الفضلَ على الدهر لكم من رعيتم من بنات وبنين +عرفوا الدهر ولما يولَدوا فسل الدهر أكانوا مذنبين +غرباء الأهل نزَّاح الحِمى وجدوا الدار بكم والأقربين +قل لمن إن قيل في البِر لهم قبضوا الراح وولوا معرضين +أتقوا الأيام في أعقابكم أأخذتم لهمُ عهد السنين +يأخذ الله وإن طال المدى ويُدان المرء ما كان يدين +خَلق الحظَّ جُمانا وحصى خالقُ الإنسان من ماء وطين +ولأمر ما وسر غامض تسعد النطفة أو يشقى الجنين +فوليد تسجد الدنيا له وسواه في زوايا المهملين +وابن كسرى لا يُلَقَّى راية يتلقاها ابن عبد باليمن +رب مهد أزرت البؤسى به فيه كنز خبأ الغيبُ ثمين +مرضَعا يقطر بؤسا يومه مغِدق النعمى غدا في العالمين +أو ضعيِف الركن في ألفافه هو ركن القوم ضرغام العرين +أو طويلِ الصمت أعمى في الصبا بين برديه المعرىُّ المبين +أو فتاة هينةٍ فوق الثرى ولَدت من بالثريا يستهين +سيد النيل وواديه معا مصرك الغرة والشرق الجبين +سعد الكل بناديك فلا بائس يشقى ولا طفل حزين +ارحم الحساد واغفر للعدا أنت عند الله والشعب مكين +لله أنت مؤلفا ومدوِّنا وجليل سفرك منشئا ومعنونا +فيه الجواهر قد عُرفن وإنما قبل الجواهر قد عرفنا المعدنا +زينت معناه بلفظك شائقا وأتيت بالمعنى للفظك أزينا +وملأته من حكمة وفكاهة وجلوته مثل الرياض وأحسنا +وهو كالندىِّ وأنت بين سطوره ملك الحديث تنقلا وتفننا +أو تلك جنات البيان تفجرت فيها المعارف للبصائر أعينا +والعلم ليس بكامل في حسنه حتى يصيب من البيان محسِّنا +ويكاد قارئه لكل عبارة يزداد إِنسانية وتمدنا +نظمنا سنىَّ التهنئات نزفها إلى علم بين النوابغ مفرد +ولو أن من أقلامه في أكفنا وقلنا لجاء القول إنجيل مهتد +ومن يتعهد للرجال صداقة يطلب بالذي سر الصديق ويسعد +ومن يحفظ الخلان يحفظ مدارعا عليه ويستثمر غراس التودد +وما حافظ إلا بناء مكارم وزاخر عرفان وهضبة سؤدد +فتى يرفع الأشعار ما شاء قدرها وترفعه الأشعار رتبة مخلد +ويلقى عليه في السلام وفي الوغى رجاء يراع أو رجاء مهند +ألا عند مصر والبيان وأهله يد للمعالي صادفت حافظ اليد +ردّت الروح على المضنى معك أحسن الأيام يوم أرجعك +تَبعا كانت ورقَّا في النوى وقليل للهوى ما أتبعك +إن يكن إثرك لم يهلك أسى هو ملاك إليه أستشفعك +مر من بعدك ما روّعني أتُرى يا حلو بُعدى روّعك +قمت بالبين وما جرعني وحملت الشَّطر مما جرعك +كم شكوت البث يا ليل إلى مطلع البدر عسى أن يُطلِعك +وبعثت الشوق في ريح الصَّبا فشكا الحرقة مما أستودعك +لم تسل ما ليله ما ويله وسألتُ الريح ماذا ضعضعك +مبدعا في الكيد والدل معا لست أشكوك إلى من أبدعك +يا نعيمي وعذابي في الهوى بعذولي في الهوى ما جَمَّعضك +بين عينيك وقلبي رحمة نقلت عيناك لى ما أسمعك +أنت روحي ظلم الواشي الذي زعم القلب سلا أو ضيّعك +موقعي عند لا أعلمه آه لو يعلم عندي موقعك +نحن بانٌ ونسيم في الهوى بك أغراني الذي بي أولعك +نحن في الحب الحميا والحيا قد سقانيها الذي بي شعشعك +أرجفوا أنك شاك موجع ليت بي فوق الضنى ما أوجعك +لو ترى كيف أستهلت أدمعي لا رأت أمك يوما أدمعك +نامت الأعين إلا مقلة تسكب الدمع وترعى مضجعك +وتحنت وتمنت أضلعي لوفدت مما تلاقى أضلعك +بِيَ من جرحك ألف مثله لا خلعُت السقم حتى يدعك +احتكم في الروح والمال وخذ نور عينيَّ عسى أن ينفعك +بيتكمو أبا لهب أكبر بيت في العرب +تالله لو آمنتم ما قيل في القرآن تب +أنتم وإبليس لكم في النار أرفع النسب +والله مأمول الرضى في الخلق مأمون الغضب +فربما عُينت في ال نار لتحمل الحطب +أو لتطوف بالألى هناك من أهل الطرب +كحافظ أخي النهى أو كالنواسي ذى الأدب +أو مثل مطران الذي أقبل يوما وانقلب +أو كأبي اللطف الذي أمنَّه الله العطب +أو كأبي الإِشاد من لسوء حظ قد خطب +لكن أرى مستغربا من أهل مجد وأدب +من عِترة الصِدِّيق من ساد وفاز وغلب +ومن به عن دينه فرّج الله الكرب +إني لأجل جدّه أفطرت من غير سبب +محترما معظِّما مبجلا هذا النسب +وكنت أرجو أنني أنال كيسا من ذهب +عاداتهم في زمن يا للرجال قد ذهب +فمالهم قد منحو ك منهمُ شر لقب +إذ جئتهم في جبة تزرى بأنفس الجبب +منَّ��ما مهفهفا تليس قفطانا عجب +آل أبى بكر لكم في الناس أرفع الرتب +قمتم عن السادات مَن حبا وأعطى ووهب +وكان في ليلته مقرِّبا من اقترب +يمنح من شاء الكنى مجاملا لمن طلب +فما لكم من بعده أتيتم ما لا يجب +لقبتم أبا الضيا ضيفكم أبا لهب +لبنان مجدك في المشارق أوّل والأرض رابية وأنت سنام +وبنوك ألطف من نسيمك ظلهم وأشم من هضباتك الأحلام +أخرجتهم للعالمين حَجاحجِا عُربا وأبناء الكريم كرام +بين الرياض وبين أفق زاهر طلع المسيح عليه والإسلام +هذا أديبك يحتفى بوسامه وبيانه للمشرقَين وسام +ويجل قدر قلادة في صدره وله القلائد سمطها الإلهام +صدر حوالَيه الجلال وملؤه كرم وخشية مؤمن وذمام +حلاّه إحسان الخديو وطالما حلاه فضل الله والإنعام +لعلاك يا مطران أم لنهاك أم لخلالك التشريف والإكرام +أم للمواقف لم يقفها ضيغم لولاك لاضربت لها الأهرام +هذا مقام القول فيك ولم يزل لك في الضمائر محفل ومقام +غالي بقيمتك الأمير محمد وسعى إليك يحفه الإعظام +في مجمع هز البيان لواءه بك فيه واعتزت بك الأقلام +ابن الملوك تلا الثناء مخلدا هيهات يذهب للملوك كلام +فمن البشير لبعلبك وفتية منهم هنالك فرقد وغمام +بين المعرّة في الفخار وبينها نسب تضىء بنوره الأيام +يبلى الميكن الفخم ن آثارها يوما وآثار الخيل قيام +أكذا تقر البيض في الأغماد أكذا تحين مصارع الآساد +خطوا المضاجع في التراب لفارس جنباه مضطجع من الأطواد +مالت بقسطاس الحقوق نوازل ومشت على ركن القضاء عواد +ورمى فحط البدر عن عليائه رام يصيب الشمس في الآراد +قل للمنية نلت ركن حكومة وهدمت حائط أمة وبلاد +ووقفت بين الحاسدين وبينه يا راحة المحسود والحساد +كل له يوم وأنت بمرصد لتصيّد الأحباب والأضداد +ما كل يوم تظفرين بمثله إن النجوم عزيزة الميلاد +يا ساكن الصحراء منفردا بها كالنجم أو كالسيل أو كالصاد +كم عن يمينك أو يسارك لو ترى من فيلق متتابع الأمداد +ألقى السلاح ونام عن راياته متبدد الأمراء والأجناد +ومصفدٍ ما داينوه وطالما دان الرجال فبتن في الأصفاد +ومطيع أحكام المنون وطالما سبقت لطاعته يد الجلاد +ومعانق الأكفان في جوف الثرى بعد الطراز الفخم في الأعياد +مرت عليك الأربعون صبيحة مر القرون على ثمود وعاد +في منزل ضربت عليه يد البلى بحوالك الظلمات والأسداد +يا أحمد القانونُ بعدك غامض قلِق البنود مجلل بسواد +والأمر اعوج والشئون سقيمة مختلة الإصدار والإيراد +والأمر مختلط الفصيح بضده تبكى جواهره على النقاد +وأتت على الأقلام بعدك فترة قُطمت وكانت مدمنات مداد +عجبي لنفسك لم تدع لك هيكلا إن النفوس لآفة الأجساد +ولرأسك العالى تناثر لبه ونزا وصار نسيجه لفساد +لو كان ماسا ذاب أو ياقوتة لتحرقت بذكائك الوقاد +حمَّلتَه في ليله ونهاره همّ الفؤاد وهمة الإرشاد +فقتلته ورزحت مقتولا به رب اجتهاد قاتل كجهاد +جد الطيب فكان غاية جده تقليب كفيه إلى العواد +والمةت حق في البرية قاهر عجبي لحق قام باستبداد +لا جدّ إلا الموت والإنسان في لعب الحياة ولهوها متماد +وَّليت في إثر الشباب ومن يعش بعد الشباب يعش بغير عماد +من ذم من ورد الشبيبة شوكه حمل المشيب إليه شوك قتاد +حرص الرجال على حياة بعدها حرض الشحيح على فضول الزاد +يابن القرى ناتل بمولدك القرى ما لم تنله حواضر وبواد +غذتك بعد حَسَن المغبِة سائغٍ وسقتك من جارى المياه بُرا�� +وتعاهدتك أشعة في شمها ينفذن عافيةً إلى الأبراد +ونشأت بين الطاهرين سرائرا والطاهرات الصالحات العاد +رضوات عيش في صلاح عشيرة في طهر سقف في عفاف وساد +فُجعت بخير بُناتها ومضت به ريح المنية قبل حين حصاد +أمسى ذووك طويلة حسراتهم وأخوك ينشد أوثق الأعضاد +في ذمة الشبان ما استودعتهم من خاطر وقريحة وفؤاد +ووسائل لك لا تُمل كأنها كتب الصبابة أو حديث وداد +وخطابة في كل ناد حافل ينصبّ آذانا إليها النادى +ومعربات كالمنار وإنها لزيادة في رأس مال الضاد +وإذا المعرب نال أسرار اللُّغى روَّى عبادا من إناء عباد +العلم عندك والبيان مواهب حليتها بشمائل الأمجاد +ومن المهانة للنبوغ وأهله شبه النبوغ تراه في الأوغاد +فتحى رئيتك للبلاد وأهلها ولرائح فوق التراب وغاد +وسبقت فيك القائلين لمنبر عال عليهم خالد الأعواد +ما زلت تسمع منه كل بديهة حتى سمعت يتيمة الإنشاد +وحياة مثلك للرجال نموذج ومماتك المثل القويم الهادى +ورثاؤك الإرشاد والعظة التي تُلقى على العظماء والأفراد +مكسوب جاهك فوق كل مقلَّد وطريف مجدك فوق كل تلاد +فخر الولاية والمناصب عادة كالفخر بالآباء والأجداد +ولربما عقدا نِجادا للعصا والصارم الماضي بغير نجاد +فافخر بفضلك فهو لا أنسابه تبلى ولا سلطانه لنقاد +تحية عمرو لك بل عمر وأهلا بكم أيهذا القمر +تجرّ البحيرة أذيالها وتسبق بين يديك الزمر +وتمشى مجمَّلة بالحلىّ وقد تتجلى ذوات الخفر +وتزهو بزينتها كالعروس وأنت الخطيب الحبيب الأغر +وما زينت لك بين القلوب أجل وأجمل مما ظهر +وتبعث من ملحها حفنة لعين الحسود إذا ما نظر +تجلّى الصباح على أفقها فألقى بغرّته وانتظر +وبشرها بك خفق الريا ح وبعد الرياح يكون المطر +تهب على الريح من شوقها كأن سليمان بالريف مر +غال في قيمة أبن بطرس غالى علم الله ليس في الحق غال +نحتفى بالأديب والحق يقضَى وجلال الأخلاق والأعمال +أدب الأكثرين قول وهذا أدب في النفوس والأفعال +يُظهر المدح رونق الرجل الما جد كالسيف يزدهى بالصقال +رب مدح أذاع في الناس وأتاهم بقدوة ومثال +وثناء على فتى عم قوما قيمةُ العقد حسن بعض اللآلى +إنما يقدر الكرام كريم ويقيم الرجال وزن الرجال +وإذا عظَّم البلادَ بنوها أنزلتهم منازل الإجلال +توجت هامهم كما توّجوها بكريم من الثناء وغال +إنما واصف بناء من الأخ لاق في دولة المشارق عال +ونجيب مهذب من نجيب هدَّبته تجارب الأحوال +واهب المال والشباب لما ين فع لا للهوى ولا للضلال +ومذيق العقول في الغرب مما عصر العُرب في السنين الخوالي +في كتاب حوى المحاسن في الشع ر وأرعى جوائز الأمثال +من صفات كأنها العين صدقا في أداء الوجوه والأشكال +ونسيب تحاذر الغيد منه شرك الحسن أو شباك الدلال +ونظام كأنه فلك اللي ل إذا لاح وهو بالزهر حال +وبيان كما تجلى على الرس ل تجلّى على رعاة الضال +ما علمنا لغيرهم من لسان زال أهلوه وهو في إقبال +بليت هاشم وبادت نزار واللسان المبين ليس ببال +كلما همّ مجده بزوال قام فحل فحال دون الزوال +يا بني مصر لم أقل أمة ال قبط فهذا تشبث بمحال +واحتيال على خيال من المج د ودعوى من العراض الطوال +إنما نحن مسلمين وقبطا أمة وحِّدت على الأجيال +سبق النيل بالأبوّة فينا فهو أصل وآدم الجد تال +نحن من طينة الكريم على الله ومن مائة القَراح الزُّلال +مرّ ما مرَّ من قرون علينا رُسَّفا في القيود والأغلال +وانقضى الدهر بين زغردة العُر س وحثوا التراب والإعوال +ما تحلّى بكم يسوع ولا كُن نَا لطه ودينه بجمال +وتُضاع البلاد بالنوم عنها وتضاع الأمور بالإهمال +يا شباب الديار مصر إليكم ولواء العرين للأشبال +كلما روّعت بشبهة يأس جعلتكم معاقل الآمال +هيئوها لما يليق بمنف وكريم الآثار والأطلال +هيئوها لما أراد على وتمنى على الظُّبى والعوالى +وانهضوا نهضة الشعوب لدنيا وحياة كبيرة الأشغال +وإلى الله من مشى بصليب في يديه ومن مشى بهلال +دع ما يضرك والتمس ما ينفع واختر لنفسك ما يزين ويرفع +واسمع لقول العقل لا قول الهوى إن الهوى لضلالة لا تتبع +واجعل شبابك من هواك بمأمن إن الشباب هو العنان الأطوع +واعلم فقِدما للمالك فتِّحت بالعلم أبواب السعادة أجمع +إن الشعوب إذا أرادوا نهضة بذرائع العلم الصحيح تذرّعوا +وانظر بعين في الأمور جلية لا تُثبت الأشياء عين تدمع +مما أَحب به الرجال بلادهم أن يحسن الإنسان فيما يصنع +واحفظ على مصر السكينة إنها روض بأفياء السكينة ممرع +وصن اليدين عن الدماء فإنها في البغى أوخم ما يكون المرتع +الختل من خلق الذئاب وشهوة في الرأس يركبها الجبان فيشجع +برىء العباد من الشرائع كلها إن كان قتل النفس مما يرفع +لا تذكرنّ الحرب أو أهوالها إلا بقلب خاشع يتوجع +واذرف على القلب الدموع فكلكم في آدم أهل وآدم يجمع +للخلق صبيان كما لك صبية ولهم لباس فارقوه ومضجع +واخرج من الحرب العوان بِعبِرة إن العظات من الحوادث أوقع +إسمع حديث جُناتها وصلاتها هل كان فيها للديانة موضع +المال باعثها الأثيم ولم تزل تُردى المطامع ناسهن وتصرع +لما رمت دول المسيح بهولها مشت اثنتان لها وهبت أربع +يتقاذفون وللكنائس هِزة ويسوع ينظرو الزكية تسمع +والله يغضب والعناصر تبتلىِ والسيف يضحك في الدماء ويلمع +نزل البلاء وحل طوفان دم بالمسلمين سماؤه لا تقلع +كانوا بظل السلم لا بهلالهم شر يراد ولا حماه مروع +لولا قضاء الله ما خاضوا الوغى إن القضاء إذا أتى لا يُدفع +تلك العوان على الشديد شديدة أين السيوف لمثلها والأدرع +ماذا اندفاع المسلمين بموقف الغالب المنصور فيه مضعضع +حرب على حرب حنانك ربنا لم يبق منا ما ينال المدفع +لا تأخذن بريئنا بمسيئنا فالعدل كلٌّ حاصد ما يزرع +يا رب بالرسل الكرام بآلهم باللوح والكرسى وهو المفزع +أدرك دماء الخلق إن دماءهم سالت فوجه الأرض منها مترع +سبحت ببحر دمائهم أشلاؤهم والأرض لا تَروَى ولا هي تشبع +زاد الأرامل واليتامي كثرةً حتى لقد صعدت إليك الأدمع +يا رب هل تلك القيامة كلها أم للقيامة بعد ذلك موقع +يا ساكني مصر إنا لا نزال على عهد الوفاء وإن غبنا مقيمينا +هلا بعثتم لنا من ماء نهركم شيئا نبل به أحشاء صادينا +كل المناهل بعد النيل آسنة ما أبعد النيل إلا عن أمانينا +ديوان رامي تحت حاشية الصَبا عذب عليه من الرواة زحام +بالأمس بل صدى النهى وَسْمِِيَّه واليوم للتالى الولىّ سجام +شعر جرى فيه الشباب كأنه جنبات روض طَلَّهن غمام +في كل بيت مجلس ومدامة وبكل باب وقفة وغرام +يا راميا غرض الكلام يصيبه لك منزع في السهل ليس يرام +خذ في مراميك المدى بعد المدى إن الشباب وراءه الأيام +أما زهير فقد سما هرم به ولتسمون بشعرك الأهرام +فخذ النبوغ عليه وارق رقيَّه ولكل بدر مرتقى وتمام +العلم والبر هذا مهرجانهما في ظل دار تناغى النجم أركانا +��قم إلى منبر التاريخ محتفلا فقد تضوّع كالعودين ريحانا +واجز الجزيل من المجهود تكرمة واجز الجزيل من الموهوب شكرانا +في محفل نظمت دار الجلال به نظم الفرائد أفرادا وأعيانا +لما تألف عقدا قال قائله يصوغ للمحسنين الحمد تيجانا +أثاره الحق حتى قام ممتدحا كما أثار رسول الله حسانا +عز الشعوب بعلم تستقل به يا ذل شعب عليه العلم قد هانا +فعلموا الناس إن رمتم فلاحهم إن الفلاح قرين العلم مذ كانا +لا تُطر حيا ولا ميتا وإن كرما حتى ترى لهما بالخلق إحسانا +ليس الغِنى لفتى الأقوام منبهة إذا المكارم لم ترفع له شانا +وإن أبرك مال أنت تاركه مال تُورِّثه قوما وأوطانا +سل الأُلى ضيع الضيعات وارثهم هل يملكون ببطن الأرض فدانا +قل للسراة المنوفيين لا برحوا للفضل أهلا وللخيرات عنوانا +يا أفضل الناس في الإيثار سابقة وأحسن الناس في الإحسان بنيانا +وهبتمو هِبة للعلم ما تركت بالبائسين ولا الأيتام حرمانا +قلدتمو المعهد المشكور عارفة لم يألها لكم التعليم عرفانا +يد على العلم يمضى في إذاعتها حتى تسير بها الأجيال ركبانا +بيضاء في يومه خضراء في غده إذا هي انبسطت في الأرض أفنانا +يا أبا عاصم وداع أخ كا ن وراء البحار يوم احتجابك +جسمه يوم سرت بالغرب ثاوٍ بيد أن الفؤاد خلف ركابك +عبرات على التنائي أعانت أدمع الحاضرين من أحبابك +كانت الخمس الاغترابي حدّا أى حدّ تُرى لطول اغترابك +ما ملكت الإياب حتى دهتني صحف آذنت بطىّ كتابك +ناعيات نفح الربى من سجايا ك وزهر الرياض من آدابك +وودادا على الزمان كريما سبكت تبره الليالي السوابك +أى أعواد منبر لم تطأها واسع الخطو في عنان خطابك +كل يوم من البلاغة وشى فارسيّ وأنت للوشي حابك +وسيول من الفصاحة تترى بين واديك جريها وشعابك +كنت كالدهر هممة في الثمان ين فما أنت في زمان شبابك +وإذا جرّت المحاماة ذيلا ونميناه كان فضل ثيابك +كنت في صرحك المشيد أساسا أنت والمحسنون من أترابك +وإذا لم يكن ثوابك للغر س فلا خير للجَنىَ في ثوابك +فاجعل السابقين في كل فضل أوّل الآخذين من إعجابك +يا قريب الجواب في الفصل والهز ل عزيز علىّ بطء جوابك +لست أنساك والضيوف على الرح ب بناديك والعفاة ببابك +طيبات تقدمتك إلى الأخ رى وخير أقام في أعقابك +اطَّرح واسترح فكل خليل سوف يدنو ترابه من ترابك +كلما مر من مصابك عام وجدت مصر جدّة لمصابك +قيل ما الفن قلت كل جميل ملأ النفس حسنه كان فنا +وإذا الفن لم يكن لك طبعا كنت في تركه إلى الرشد أدنى +وإذا كان في الطباع ولم تحس ن فما أنت بالغ فيه حسنا +وإذا لم تزد على ما بنى الأو ل شيئا فلست للفن ركنا +لك يا مرتضى خلال كزهر ال روض لاقى في ظل آذار مزنا +حلف الخط بعد مؤنس أو جع فر لا يصطفى لغيرك يمنى +لك خط لو كان يغنى عن الحظ جميل من الأمور لأغنى +هو أوفى من الزمان صِوانا لبنات النهى واصدق خِذنا +تتمناه كل ناعمة الخدّ ين خالا وكل دعجاء جفنا +مرقصات الوليد أعجب لفظا بين أجزائه وأطرب معنى +حُلَل منذ أُلبِستها المعاني لا نراها بجودة اللفظ تعنى +ما وصل من تهوى على أنسةٍ بالبدر في ظل الربيع الظليل +على بساط نسجته الربى شتى الحُلَى والوشى غض طليل +أبدى الرياحين وأهدى الشذا وجر أذيال النسيم العليل +واستضحك الماءُ فهاج البكى في كل خدر لبنات الهديل +بالمجلس الممتع ما لم تزد فيه ابنةَ الكرم وشعرَ الخليل +شعر جرى من جنبات الصّبا يا طيب واديه وطيب المسيل +فيه روايات الصِّبا والهوى تسلسلت أشهى من السلسبيل +قد صانها الشاعر عن حُلوةٍ في مفضلٍ أو مرة في بخيل +شيبوب ديوانك باكورة وفجرك الأوّل نور السبيل +الشعر صنفان فباق على قائله أو ذاهب يوم قيل +ما فيه عصرىّ ولا دارس الدهر عمر للقريض الأصيل +لفظ ومعنى هو فاعمد إلى لفظٍ شريف أو لمعنى نبيل +واخلُق إذا ما كنت ذا قدرة رُبَّ خيال يخلق المستحيل +ما رفَع القالة أو حطهم إلا خيال جامد أو منيل +من يصف الإِبل يصف ناقة طارت بهم وارتفعت ألف ميل +سائل بنى عصرك هل منهم من لبس الإكليل بعد الكليل +وأيهم كالمتنبى آمرؤ صوّاغ أمثالٍ عزيزُ المثيل +والله ما موسِّى وليلاته وما لمرتين ولا جِيرزِيل +أحق بالشعر ولا بالهوى من قيسٍ المجنونِ أو من جميل +قد صوّرا الحب وأحداثه في القلب من مستصغر أو جليل +تصوير من تبقى دُمى شعره في كل دهر وعلى كل جيل +تقريظ أعيان الكتب باب يعدّ من الأدب +فيه استزادة محسن وقضاء حق قد وجب +وتبرع بالفضل من متأدّب يرعى السبب +أدب الأولى سلفوا فلي س بمن تحدّاهم عجب +ليس المقرظ ناقدا إن لم يجد عيبا طلب +عين المفرّظ لا تم ر على المآخذ والريب +يغشى المناجم لا يرى في جنحها غير الذهب +ديوان توفيق أح ب من الطِلا تحت الحبب +والذ من مترنم في فرعه ينشى الطرب +بين النسيم وبين أب يات النسيب به نسب +وإذا أشار بمدحة شاد المكارم والحسب +وإذا رمى خِطط الحما سة قلت قسورة وثب +فاقرأه وانتظر المزي د من الطرائف والنخب +لا تعجلن على الربى حتى توشيها السحب +أبني أباظة إن رافع بيتكم جعل المكارم فيه والأحسابا +جاء الكرام بكم فيما قصرتمو عن والد وولدتمو الأنجابا +جربت ودّ شبابكم وكهولكم فوجدت شيبا عليَة وشبابا +اختالت الشرقية الكبرى بكم وجلت فتاكم في البيان شهابا +لَسِنٌ إذا صعد المنابر أو نضا قلما شأى الخطباء والكتابا +وتراه أرفع أن يقول دنّية يوم الخصومة أو يخط سبابا +لا يخدم الأمم الرجال إذا همو لم يخدموا الأخلاق والآدابا +فكرى أذقت اليوم عفو بلاغة وزففت محضا للنهى ولبابا +من كل فاكهة وكل فكاهة هيأت نحلا واتخذت شرابا +ما زلت تنثر كل طيبة الشذى حتى جمعت من الزهور كتابا +فأتى ألذ من الربيع وعهده فضلا وأمتع في البدائع بابا +تلك الرسائل لو شكوت بها الهوى عطفت على أهل الهوى الأحبابا +عاتبت فيها الحادثات بحكمة حتى لكدت تلينهن عتابا +ولو استطعت شفيت من أضغانها شِيَعَ الرجال بمصر والأحزابا +دمياط شاعرك الفياض مغترف من نهرك العذب أو من بحرك الطامي +أطلعته في مساء الشعر مؤتلفا ينشى الفرائد عن وحي وإلهام +أهدى لنا من قوافيه وحكمته باكورة الأدب المستكرم النامي +لا زال في كل سمع من بدائعه لفظ شريف ومعنى فائق سامى +الحق حجته هي الغرّاء هيهات في فلق الصباح مراء +لا يطلبنّ الغاية الشعراء لو نال كنه جلالك الكبراء +آبت به سيناء والإسراء +الوهم يبعد في الظنون ويقرب والعقل فيك مسافر متغرّب +والفكر يهرب حيث أنت المهرب والنفس غايتها إليك تقرّب +وقصارها في عفوك استذراء +العقل أنت عقلته وسرحته وأحرت فيك دليله وأرحته +آتيته الحجر الأصم ونحته والنجم يَعبد فوقه أو تحته +ما توهم الغبراء والخضراء +بالهند هلكي في الهياكل سبح وبمنف كهان لكُنهك سبحوا +والروم غرقى في المحبة سبح سقراط مغدوّ عليه مصبح +فيك الزعاف ومنه الاستمراء +حيران يذهب في السماء ويبحث ويثير وجه الأرض عنك ويبحث +ويلوذ بالأنواء حين تحثحث ويحس ما هالوا التراب وماحثوا +بيد تميت العالمين وراء +سلك السماء إلى سنائك معرجا والأرض نحو كريم سرك مدرجا +والوهم فيك إلى الحقيقة مخرجا علمته أخذ الأمور تدرّجا +أصل الحقائق كلها استقراء +في الدهر إذ هو ناهض لم يَشرُخ وإذ القدامى في حلوم الأفرخ +لمح الشقى يد العناية والرخى خَفَضا الجناح لمستغاثُ مُصرِخِ +يُشكَى البلاء إليه والضراء +موسى على سينين أعشى أرمد هو والجبال وأرض مَديَن همد +ودنا فخر إلى الجبين محمد ومحمد سليمان ووجهك سرمد +يعنو له الأملاك والأمراء +بجلاله أضحى الجمال تعوّذا وعدا الجمال على الجلال استحوذا +يأوى إلى سُبُحاته هذا وذا وتطيف أصناف المحامد لّوذا +ماذا ينال المدح والإطراء +بيمينك الملك الذي لا يحصر خلت الممالك دونه والأعصر +وصحا الملوك من الغرور وأقصروا كسرى وهارون الرشيد وقيصر +تحت التراب أذلة فقراء +ولك القضاء غراره ومحزّه لا شيء في هذا الوجود يَعزه +ترمى به ركن الثرى فتفزّه تتناثر التيجان حين تهزه +وتمزَّق الشهباء والخضراء +أما الملائكة الكرام فقبس لبسوا الحلى الحسنى وأنت المُلبِس +وعلى التحية والثناء تحبّسوا خشعوا فلم يجروهما أو ينبسوا +إلا كما يتخافت القراء +ينزون بين مجنَّح ومريّيش نزو الفَراش وما همو بالطُيّش +حول الضياء الحاشد المتجيش ويجرّرون من الغلائل ما يشى +سر النعيم وتنسج السراء +عرش على أم العلى منصوصه من جوهر الحق المبين فصوصه +جبريل وهو به القديم خصومه ملقى الجناح إزاءه مقصوصه +والرسل من أن يدَّعوه براء +في منزل فوق الحساب وفرضه عال على مسرى الخيال وقرضه +في طوله يفنى المكان وعرضه ما في سماء الكون أو في أرضه +مرداء تشبهه ولا شجراء +وكأنه نون يراعك خطها قد وُفِّيت من حسن صوغك قسطها +لما أراد لك ابتداعك نقطها أعلاك في السمت الأتم وحطها +قلم فأنت النقطة الزهراء +العلم ثَمَّ ضنائنا وحفائظا والعز ثم حقائقا وحفائظا +مجد أمات بك المُكابر غائظا فأتاك مبذول المقادة فائظا +حيران ليس لدائه إبراء +عن هذه الأنوار يعشى يوشع فمن الرئيس وعلمه المتشعشع +أو من أرسطو المشاة الخشع عصفت بهم وريح البلى فتقشعوا +ورحت رحاها فيهم الغبراء +لبسوا النبوغ من العناية مسبغا فتخيَّلوا وزها الذكاء النُّبغا +ما مَن أَدَلَّ بما وهبت كمى بغى والناس ذو رأى وآخر ببَّغا +تَحكى وتُنقل عندها الآراء +يا ربَّ مدنيً من حماك مشنَّف ورهين إذن دون بابك مدنف +حارا من السر الخفى بنفنف سرٌّ جلالك صانه فالسين في +يمنى يديه وفي الشمال الراء +بحر المحبة فوق باع الزورق والفلك إن تذهب ذراعا تخرَق +فاجعل شراعك فيه عينك وافرق كم في تراقى الموج من يد مغرق +قُبِلت وأخرى حظها الإعراء +كم آية لم يجدها المشرك غراء بالبصر المجرّد تدرك +فلكٌ منوط في الفضاء محرّك هل ثار فيه من الثوابت مبرك +أم عىَّ سيَّار به سراء +ذو الرزمح فيه على وداد الأعزل والفرقدان عن اللَّداد بمعزل +ويد الغزالة فوق أشرِف مِغزل والبدر كلَّ ملاوة في منزل +حتى تحل شراكه العفراء +النمل ينجد في المعاش ويتهم عن أى رأسٍ أو فؤادٍ يفهم +لب يضل مكانه المتوهم لولا يد تحدو وهاد ملهم +لم يبد منه الحزم والنكراء +والرزق سر لم يُنَل مكنونه ضنت به كاف السماح ونونه +كذب الحريص وحرصه وفنونه س��عوده سوداؤه وجنونه +ما دامت البيضاء والصفراء +فرعون لم يخلد ولا اشباهه لم يغن عنه من النباء نباهه +ملأ أتاك عِتيُّه وسَباهه نزلت على حم التراب جباهه +وكذا يكون الحكم والإجراء +بالموت أذللت النفوس وبالهوى وقهرت من وطىء التراب ومن هوى +والنجم لو سرت الحياة به هوى وانحط عن أوج الهواء إلى الهُوَى +يبكى عليه الأهل والعشراء +لم يأل داود الصلاة مثانيا ويسوع دمعا والبشير مثانيا +وتنوَّر الوادى ربىً ومثانيا فسما الكليم فما توسم ثانيا +أنَّى لك الشركاء والنظراء +أحق أنهم دفنوا عليا وحطوا في الثرى المرء الزكيا +فما تركوا من الأخلاق سمحا على وجه التراب ولا رضيا +مضوا بالضاحك الماضى وألقوا إلى الحفر الخفيف السمهريا +فمن عون اللغات على ملم أصاب فصيحها والأعجميا +لقد فقدت مصرِّفها حنينا وبات مكانه منها خليا +ومن ينظر ير الفسطاط تبكى بفائضه من العبرات ريا +ألم يمش الثرى قحة عليها وكان ركابها نحو الثريا +فنقب عن مواضعها علىٌّ فجدد دارسا وجلا خفيا +ولولا جهده احتجبت رسوما فلا دمنا تريك ولا نؤيّا +تلفتت الفنون وقد تولى فلم تجد النصير ولا الوليا +سلوا الآثار من يغدو يغالى بها ويروح محتفظا حفيا +وينزلها الرفوف كجوهري يصفف في خزائنها الحليا +وما جهل العتيق الحر منها ولا غبى المقلد والدعيا +فتى عاف المشارب من دنايا وصان عن القذى ماء المحيا +أبىّ النفس في زمن إذا ما عجمت بنيه لم تجد الأبيا +تعوّد أن يراه الناس رأسا وليس يرونه الذَّنَب الدنّيا +وجدت العلم لا يبنى نفوسا ولا يغنى عن الأخلاق شيا +ولم أر في السلاح أضل حدا من الأخلاق إن صحبت غبيا +هما كالسيف لا تنصفه يفسد عليك وخذه مكتملا سويا +غدير أترع الأوطان خيرا وإن لم تمتلئ منه دويا +وقد تأتى الجداول في خشوع بما قد يعجز السيل الأتيا +حياة معلم طفئت وكانت سراجا يعجب السارى وضيا +سبقت القابسين إلى سناها ورحت بنورها أحبو صبيا +أخذت على أريب ألمعي ومن لك بالمعلم ألمعيا +ورب معلم تلقاه فظا غليظ القلب أوَفدماً غبيا +إذا انتدب البنون لها سيوفا من الميلاد ردّهم عصيا +إذا رشد المعلم كان مسوى وإن هو ضل كان السامريا +ورب معلمين خلوا وفاتوا إلى الحرية أنساقوا هديا +أناروا ظلمة الدنيا وكانوا لنار الظالمين بها صُلِيَّا +أرقت وما نسيت بنات بوم على المطرية اندفعت بكيا +بكت وتأؤهت فوهمت شرّا وقبلى داخل الوهم الذكيا +قلبت لها الحُدى وكان منى ضلالا أن قلبت لها الحذيا +زعمت الغيب خلف لسان طير جهلت لسانه فزعمت غيا +أصاب الغيب عند الطير قوم وصار البوم بينهمو نبيا +إذا غناهمو وجدوا سطيحا على فمه وافعى الجرهميا +رمى الغربان شيخ تنوخ قبلى وراش من الطويل لها رويا +نجا من ناجذيه كل لحم وغودور لحمهن به شقيا +نَعستُ فما وجدت الغمض حتى نفضت على المناحة مقلتيا +فقلت نذيرة وبلاغ صدق وحق لم يفاجئ مسمعيا +ولكن الذي بكت البواكي خليل عز مصرعه عليا +ومن يُفجع بحرٍّ عبقري يجد ظلم المنية عبقريا +ومن تتراخ مدته فيكثر من الأحباب لا يحص النعيا +أخي أقبل على من المنايا وهات حديثك العذب الشهيا +فلم أعدم إذا ما الدور نامت سميرا بالمقابر أو نجيا +يذكرني الدى لِدَةً حميما هنالك بات أو خلا وفيا +نشدتك بالمنينة وهي حق ألم يك زخرف الدنيا فويا +عرفت الموت معنى بعد لفظ تكلم واكشف المعنى الخبيا +أتاك من الحياة الموت فانظر أكنت تموت لو لم تلف حيا +وللاشياء أضداد إليها تصير إذا صبرت لها مليا +ومنقلب النجوم إلى سكون من الدوران يطويهن طيا +فخبرني عن الماضين إني شددت الرحل أنتظر المضيا +وصف ل منزلا حُملوا إليه وما لمحوا الطريق ولا المطيا +وكيف أتى الغنىّ له فقيرا وكيف ثوى الفقير به غنيا +لقد لبسوا له الأزياء شتى فلم يقبل سوى التجريد زيا +سواء فيه من وافى نهارا ومن قذف اليهود به عشيا +ومن قطع الحياة صدى وجوعا ومن مرت به شبعا وريا +وميت ضجت الدنيا عليه وآخر ما تحس له نعيا +أعزيك أبا مكسى وإن لم تبتئس نفسى +لقد صرت لنا اليو م كما كنت لنا أمس +فلا عقلك في الحك م ولا روحك في الكرسي +ولا تمشى على بولا ق من عُرس إلى عرس +وقد دقت لك العو د ومدّت بسط الفرس +إذا ما بلغ المجلس أمثالك في النطس +فمن نطلب للطب ومن نندب للدرس +ومن يسمر في النا دى ويحيى مجلس الأنس +ومن للنفحة الكبرى من الرِجل إلى الرأس +فلا السودان في حزن ولا العمال في يأس +فكل عنه يستغَنى وكل في غد منسى +تأمل حاله الدنيا بعين الفَهِم الندس +ترى الدولاب دوّارا وتلقى الفلك لا تُرسى +يا مكس دنياك عاره والموت كأس مداره +والدهر يوما ويوما والحال طورا وتاره +والعيش زهر ربيع قصير عمر النضارة +إذا بلغن التراقى فكل ربح خساره +يا مكس قل لي أحق قد وسّدوك الحجارة +وغيبوك طويلا أشمَّ مثل المناره +عن أبيض الهند سلوال عريش والجراره +ألم تكن وطنيا بكل معنى العباره +فكم شهدت قتالا وكم تورّدت غاره +وكم لبست صليبا على الجبين وشاره +وكم نقلت جريحا فمات بالاستشاره +يا مكس عشت نقيا ومت خِذن طهاره +ما ضج منك زقاق ولا اشتكت منك حاره +وما عضضت بحار ولا هممت بجاره +ولا اشتملت جِلالا على الخنا والدعاره +قد عشت في البيت عمرا وليس في البيت فاره +في الهند كل فقير هدّ الصيام فقاره +في الجو تخفى عليه طريقك المختاره +لما جفاك ابن سينا وهام بالسيارة +تفر منه وتجرى كالنحلة الدوّاره +فلا إلى البوق تصغى ولا إلى الزماره +وقد تهتّك فيها حتى أضاع وقاره +حملت من ذاك غما أذاب منك المراره +حتى انتحرت جريئا والانتحار جساره +أرسلت رأسك يهوى من ربوة لقراره +أَدِر جام البيان أبا النجاة وهات سلافة الألباب هات +قصائد قالب الفصحى نماها على شرف المعاني المفرغات +قصرن فكن من فقرات قس وطلن فكن سبع معلقات +كأن شعر أمين من نفح بان ورند +أو من عناق التصابي وقرع خدّ بخد +أو من حديث ابن هانى يعيد فيه ويبدى +أو من حنين الهوادى إلى العَرار ونجد +ما زلت أنزل بالحدائق والربى حتى نزلت حديقة الإنشاء +فسلوت بالفردوس كل أنيقة أُنُف وكلَّ مجوده غناء +العلم في ظل البيان حَيالها مثل الأزاهر في ظلال الماء +بوركتما من صاحبين تعاونا إن التعاون أس كل بناء +لولا التعاون في الحضارة لم تطر بِعِنان ارض أو جَناح سماء +ما أنتما للنشء إلا صورة من ألفة وتعاون وإخاء +وخلائق الكتاب يظهر حسنها ولربما انتقلت إلى القرّاء +شأنك والدمع والبكاء لا تدخر في الشؤون ماء +لا تذكر الصبر في مصاب تجاوز الصبر والعزاء +لا خير في الصبر والتأسى إذا هما عارضا الوفاء +أبكى الأخلاء في ديار من أنسهم أصبحت خلاء +من حق إخوانك القدامى إن تسقى العهد والإخاء +إن البكى فاسترح إليه يصرف للراحة العناء +من خلق الحزن كان أحرى أن يخلق الدمع والبكاء +تبارك الله من طبيب قد خلق الداء والدواء +رب خليل بكيت أرجو لحقه بالبكى قضاء +ولو يردّ القضاءَ دمع لحولت أدمعي القضاء +ومثل عبد اللطيف يُبكى ويتبع الذكر والثناء +فتى كلدن القنا اهتزازا ومرهفات الظُبى مضاء +صوّره الله صالحات وصاغ أجزاءه حياء +وزاده ما حبا أباه متانة الدين والإباء +وأضلعا لا تقاس طهرا بها الغوادي ولا نقاء +ما كان قسّا ولا زيادا ولا بسحر البيان جاء +لكن إذا قام قال صدقا وجانب الزور والرياء +سبحان من قاته غدوا وكف عن قوته عشاء +ومن أتانا بالشمس صبحا ومن تولى بها مساء +يالكِ دنيا لذّت نعيما للقوم واستعذبت بلاء +إذا أنتهينا منها تساوى ماسرّ من حالها وساء +الطفل يحبو إليك حبا والشيخ يمشى لك انحناء +إليك عبداللطيف دمعا ألَّفت منثوره رثاء +قوافيا كنت تشتهيها واليوم تبدى لها جفاء +كم قمت من موقف لمصر وكنت من دونها وقاء +ونبت عنها في مجلسيها نيابة كانت الغناء +ألست من فتية شِهام سنّوا المحاماة والرماء +فتاهم بالشباب ضحى ما أعظم الذبح والفداء +ومات أبطالهم جياعا في غير أوطانهم ظِماء +ولو أرادوا متاع دنيا لأدركوا الحكم والثراء +قضية الحق منذ قامت لم تأل أركانَها بناء +تحذو على مصطفى وتبنى جيلا من الحق أقوياء +شرعتمو للشباب دينا كدينهم بيِّنا سواء +لما أتيم به جعلتم رأس تعاليمه الجلاء +جمعتم مصر ثم سرتم فكنتم الجمع واللواء +وما عرفتم لغير مصر وغير أحبابها ولاء +لم تمسحوا للعميد رأسا ولا نفضتم له حذاء +وعابثٍ بالرفات يبنى حوادث الأمس كيف شاء +يقول كنتم للترك حزبا وعاهلِ الترك أولياء +ويشهد الله ما أتيتم إلا هدى الرأى والدهاء +داريتمو في سبيل مصر سيادة أصبحت هباء +سيروا إلى الله فهو أولى بكم وأوفى لكم جزاء +لا غبن بالحق إن ذهبتم فان للفكرة البقاء +بعثوا الخلافة سيرة في النادى أين المبايع بالإمام ينادي +من بات يلتمس الخلافة في الكرى لم يلق غير خلافة الصياد +ون ابتغاها صاحبا فمحلها بين القواضب والقنا المياد +أو في جناحيَ عبقري مارد يفرى السماء بِجنةٍ مراد +اليوم لا سمر الرماح بعدّة تغنى ولا بيض الظبا بعتاد +هيهات عز سبيلها وتقطعت دون المراد وسائل المرتاد +حلت على ذهب المعز طلاسم ومشت على سيف المعز عوادى +أين الكرامة والوقار لجثة نبشوا عليها القبر بعد فساد +والميت أقرب سلوة من غائبٍ يرجى فلا يزداد غير بِعاد +قل فيم يأتمر الرجال وما الذي يبغون من دول لحقن بعاد +مالم يِبد منها على يد أهله أخنى عليه تطاول الآباد +لم تستقم للقوم خلف عمادهم هل تستقيم وهم بغير عماد +غلبوا عليها الراشدين وضرجوا أم الكتاب بجبهة السَّجاد +وبنوا على الدنيا بِجلَّق ركنها وعلى عتو الملك في بغداد +جعلوا الهوى سلطانها ودعوا لها من لا يسد به مكان الهادى +وأنا الذب مرّضتها في دائها وجمعت فيه عواطف العُواد +غنيتها لحنا تغلغل في البكا يا رب باك في ظواهر شادى +ونصرتها نصر المجاهد في ذَرا عبدالحميد وفي جناح رشاد +ودفنتها ودفنت خير قصائدي معها وطال بقبرها إنشادي +حتى أتُّهمت فقيل تركىّ الهوى صدقوا هوى الأبطال ملء فؤادي +وأخي القري وإن شقيت بظلمه أدنى إلىّ من الغريب العادي +والله يعلم ما انفردت وإنما صوّرت شعري من شعور الوادى +كنا نعظم للهلال بقية في الأرض من ثُكَن ومن أجناد +ونسنّ رضوان الخليفة خطة ولكل جيل خطة ومبادى +وجه القضية غيرته حوادث أعطت بأيد غير ذات أيادي +من سيد بالأمس ننكر قوله صرنا لفعّال من الأسياد +إني هتفت بكل يوم بسالة للترك لم يؤثر من الآساد +فهززت نشئاً لا يحرك للعلا إلا بذكر وقائع الأنجاد +عصف المعلم في الصبا بذكائهم وأصار نار شبابهم لرماد +ولو أن يوم التل يوم صالح لحماسة لجعلته إليادى +في يوم ملّونا ويوم سقاريا ما ليس في الأذكار والأوراد +إن العلاقة بيننا قد وثقت فكأن عروتها من الميلاد +جرح الليلالي في ذمام الشرق في حبل العقيدة في ولاء الضاد +لولا الأمور لسار سنته القِرى وجرى فجاوز غاية الأرفاد +ما في بلاد أنتم نزلاؤها إلا قضية أمة وبلاد +أتحاولون بلا جهاد خطة لم يستطعها الترك بعد جهاد +نفضوا القنا المنصور من تبعاتها والظافرات الحمر في الأغماد +كانت هي الداء الدخيل فأدبرت فتماثلوا من كل داء بادى +نزعوا من الأعناق نير جبابر جعلوا الخلافة دولة استعباد +من كل فضفاض الغرور ببرده نمرود أو فرعون ذو الأوتاد +تَروى بطانته ويشبع بطنه والملك غرثان الرعية صادى +مضت الخلافة والإمام فهل مضى ما كان بين الله والعبّاد +والله ما نسى الشهادة حاضر في المسلمين ولا تردّد بادى +خرجوا إلى الصلوات كل جماعة تدعو لصاحبها على الأعواد +والصوم باقٍ والصلاة مقيمة والحج ينشط في عِناق الحادى +والفطر والأضحى كعادتيهما يتردّيان بشاشة الأعياد +إن الحضارة في اطراد جديدها خصم القديم وحرب كل تِلاد +لا تحفظ الأشياء غير ذخائر للعبقرية غير ذات نفاد +هي حسن كل زمان قوم رائح وجمال كل زمان قوم غادى +تمشى شالقرون بنور كل مكرر منها كمصباح السماء معاد +كم من محاسن لا يرثّ عتيقها في الهجرة اجتمعت وفي الميلاد +أخذت أحاسنها الحضارة واقتنت روح البيان وكل قول سداد +لم تحرم البؤس العزاء ولا الأولى ضلوا الرجاء من الشعاع الهادى +القيد أفسح من عقول عصابة زعموا فكاك العقل في الإلحاد +فاشفوا الممالك من قضاة صُيَّد قعدوا لصيد ولاية أو زاد +وتداركوها من عمائم صادفت مرعى من الأوقاف والأرصاد +وخذوا سبيل المصلحين وأقبِلوا روح الزمان هوامد الأجساد +ردّوا إلى الإيمان أجمح عِلية وإلى مراشده أضل سواد +أمم كملموم القطيع ترى لهم شمل الجميع وفرقة الآحاد +يُدعَون أبناء الزمان وإنما جَمدوا وليس أبو همو بجماد +هو مأتم الأخلاق فاتل رثاءها وتول أسرتها ووال عزاءها +لا تنهين الثاكلات عن البكا فلعل في ذرف الدموع شفاءها +خل الشؤون تفض غرب قصيدة لم تغن في الرزء الجليل غناءها +ولمثل نار الثكل وهي شديدة خلق الرحيم لنا الشئون وماءها +أوحى إلى الحزن اللجوج شُبوبها وإلى الدموع سواكبا إطفاءها +ناع من الاسكندرية هاتف راع الكنانة أرضها وسماءها +سُدّت مسامعها لأول وهلة دون الرزية تتقى أنباءها +هيهات تلك رسالة محتومة حَملت عن الموت الحياةُ أداءها +في عالم شد الرحال نزيله وخيال دنيا ذاهب من جاءها +إن المروءة غودرت في حفرة كالليل نور الصالحات أضاءها +ذهب على أثر الفقيد شهيدة إن كنت في ريب فسل شهداءها +الرافعين إلى السماء سريرها والساحبين على النجوم رداءها +والحاملين على الرقاب جلالها والمنزلين إلى التراب سناءها +حطوا على الأرض السرير وغيبوا قمر السماء ووسدوا جوزاءها +أموسَّد الصحراء م ابد الكرى وأنس الحياة أو آذكر صحراءها +ما كان أفتن في الشروق صباحها وألذ في ظل الغروب مساءها +أتراك كالماضين تبكى ظلها تحت التراب وتشتهى رمضاءها +وتودّ لو ردّت عليك سرابها وهجيرها وزئيرها وعواءها +إن التي جاورت صان الله عن لوم الحياة أديمها وفضاءها +يدع الوفود لدى طهور صعيدها حسد النفوس وحقدها ورياءها +يا أحمد الخيرات ما أنا بالغ تلك الخلال وإن لمست رثاءها +لم لا أقيمك للشباب منارة وسبيل خير يسلكون سواءها +إنى لأرثى كل خل ماجد وأطيل ذكر خلله وبكاءها +وأحب ذكراه وأكره أن أرى بيد السلو دثورها وعفاءها +ولربما حليتها بقصائدى وجعلت أبيات الخلود وعاءها +في كل مفقود رثيت رواية تهدى المكارم والعلا قرّاءها +ودِّع صديقك إن ملكت وداعه واقض الحقوق إن استطعت قضاءها +وأرع الصداقة لا تَمِيل بعهودها بعد الصديق ولا تضع أشياءها +وإذا وداد أخيك مات بموته فاندب وفاء النفس وأنعَ إخاءها +رفقا ابا عُمر بأنفس صبية قطعت عوادى اليتم منك رجاءها +نادتك فامتنع الجواب وطالما لبيت من أقصى البلاد نداءها +نَشَأ أشد فؤادك في الهوى وأعز من نفس لفظت ذَماءها +مالوا على نعمى الحياة وطيبها حتى ذهبت فصابروا ضرَّاءها +كم لام فيهم لائم فدفعته والنفس تتبع شحها وسخاءها +انظر وراءك هل تركت من الغنى إلا المروءة ذكرها وثناءها +لك ذمة لم ينصر الحق آمرؤ ألا تمنى برها ووفاءها +علمت مكانك حرفة أنهضتها وجررت فوق الفرقدين قباءها +أنتم بنوها الأوّلون حذوتمو في حلمهم وعفافهم آباءها +ملئت بكم خُلُقا وكانت لا ترى خلق الرجال ولا تحس إباءها +يا رب يوم للمحاماة احتمت فيك الحقوق به فكنت وفاءها +ناصرت فيه من تلفّت لم يجد من حوله الدنيا ولا أُجراءها +وأخذت من عدل القضاء لفتية ذاقوا السجون عذابها وبلاءها +نفس الكريم ترى العدالة حزبها وترى الهضيمة والأذى أعداءها +وإذا رأيت النفس بالحق اعتلت فاعرف لها إقدامها وحياءها +في ذمة الوطن الكريم عصابة لم ينس في جد الجهاد بلاءها +حملت تكاليف الحقوق وأنهضت شعب الرجال ليحملوا أعباءها +كانت إذا دعت الديار لخطة لم نحص عِليتها ولا دهماءها +هي من قنا الحق المبين طليعة عرفت جموع الظالمين مضاءها +خير الطلائع سيرَّت في نورها خيرَ الكتائب جندها ولواءها +أسستموا وبنى رجال بعدكم خططا يتمم آخرون بناءها +دول منقّلة وحق ثابت دول السياسة ما أقل بقاءها +فمضى دعاة بالقضية نُهَّض وأتى دعاة يحملون عناءها +بلغوا إلى الدستور في خطواتهم تحدوه مصر لأن فيه دماءها +همم تؤدّى مصر واجب شكرها للعاملين ولا تضيع جزاءها +وإذا البلاد تذكرت خدّامها لم تنس موتاها ولا أحياءها +إن الشعوب كيانها حرية تحيا عليها أو تموت فداءها +خطونا في الجهاد خطى فساحا وهادنّا ولم نلق السلاحا +رضينا في هوى الوطن المفدّى دم الشهداء والمال المطاحا +ولما سلّت البيض المواضي تقلدنا لها الحق الصراحا +فحطمنا الشكيم سوى بقايا إذا عضت أريناها الجماحا +وقمنا في شِراع الحق نلقى وندفع عن جوانبه الرياحا +نعالج شدة ونروض أخرى ونسعى السعى مشروعا مباحا +وأيام كأجواف اللَّيَالى فقدن النجم والقمر اللَّياحا +قضيناها حيال الحرب تخشى بقاء الرق أو نرجو السراحا +تركن الناس بالوادى قعودا من الإعياء كالإبل الرزاحي +جنود السلم لاظفَر جزاهم بما صبروا ولا موت أراحا +فلا تلقى سوى حيّ كميت ومنزوف وإن لم يسق راحا +ترى أسرى وما شهدوا قتالا ولا اعتقلوا الأسنة والصفاحا +وجرحى السوط لا جرحى المواضى بما عمل الجواسيس اجتراحا +صباحك كان إقبالا وسعدا فيا يوم الرسالة عم صباحا +وما ن��لو نهارك ذكريات ولا برهان غرتك التماحا +تكاد حلاك في صفحات مصر بها التاريخ يفتتح افتتاحا +جلالك عن سنى الأضحى تجلى ونورك عن هلال الفطر لاحا +هما حق وأنت ملَّئت حقا ومثَّلت الضحية والسماحا +بعثنا فيك هارونا وموسى إلى فرعون فابتدآ الكفاحا +وكان أعز من روما سيوفا وأطغى من قياصرها رماحا +يكاد من الفتوح وما سقته يخال وراء هيكله فتاحا +ورُد المرسلون فقيل خابوا فيالك خيبة عادت نجاحا +أثارت واديا من غابتيه ولأمت فرقة وأست جراحا +وشدّت من قوى قوم مراض عزائمهم فردّتها صحاحا +كأن بلال نودى قم فأذّن فرجّ شعاب مكة والبطاحا +كأن الناس في دين جديد على جنباته استبقوا الصلاحا +وقد هانت حياتهم عليهم وكانوا بالحياة هم الشحاحا +فتسمع في مآتمهم غناء وتسمع في ولائمهم نواحا +حواريين أوفدنا ثقاةً إذا ترك البلاغ لهم فصاحا +فكانوا الحق منقبضا حيِيّا تحدى السيف منصلتا وقاحا +لهم منا براءة أهل بدر فلا إثما تُعد ولا جُناحا +نرى الشحناء بينهم عتابا ونحسب جدهم فيها مزاحا +جعلنا الخلد منزلهم وزدنا على الخلد الثناء والامتداحا +يمينا بالتي يسعى غليها غدوَّا بالندامة أو رواحا +وتعبِق في أنوف الحج ركنا وتحت جباههم رَحَبا وساحا +وبالدستور وهو لنا حياة نرى فيه السلامة والفلاحا +أخذناه على المهج الغوالي ولم نأخذه نيلا مستماحا +بنينا فيه من دمع رُواقا ومن دم كل نابتة جناحا +وما ملا الشباب كروح سعد ولا جعل الحياة لهم طماحا +سلوا عنه القضية هل حماها وكان حمى القضية مستباحا +وهل نظم الكهول الصِّيد صفا وألف من تجاربهم رداحا +هو الشيخ الفتىّ لو استراحت من الدأب الكواكب ما استراحا +وليس بذائق النوم اغتباقا إذا دار الرقاد ولا اصطباها +فيالك ضيغما سهر الليالي وناضل دون غايته ولاحى +ولا حطَمت لك الأيام نابا ولا غضّت لك الدنيا صباحا +الله أعلم والقبور النفس تخلد أم تبور +سرّ مضى الموتى به ومضت على الموتى الدهور +لم ينكشف عنه الحجا ب ولم تزح عنه الستور +هيهات ما كان البلى حرب القيام ولا الدثور +من كان يحيى أو يميت فليس يعجزه النشور +والله لولا عالم جعلته قِبلتها الصدور +يخفى الفؤاد له الهوى ويخاف قاضيه الضمير +وإليه يفزع من أسى يطغى ومن ثكل يثور +ومن الحياة وما تجرّ على البنين وما تجور +لقضى الحزين بحزنه ولمات بالكيف الفقير +يبكى الشباب على فتى ملأ الشباب هو الأمير +يبكى خلال البر في الأكفا ن سار بها السرير +يبكى المروءة في الثرى ذهبت وغيبها الحفير +يبكى فتى ماء الحيا ء على أسرته غزير +فإذا استثير فضيغم دون الحقوق له زئير +يا نور هَل في الأرض تض طجع الأهِلة والبدور +قسمات وجهك في الثرى من ظلمة الأرماس نور +هجمت عليك منية هوجاء فاتكة جسور +ما آذنتك ولا مشى في عارضيك بها النذير +خفت عليك زيارة والموت أثقل من يزور +موت كما أخذ الكرى لا نزع فيه ولا حضور +منع التلفت في الحيا ة وفاتك النظر الأخير +مما يعدّ لصيده قدّر على المرمى قدير +المصميات من القوا صد في كِنانته كثير +يا نور كأس الموت من نفس إلى نفس تدور +يُسقى بها الشيخ الكب ير ويشرب الطفل الصغير +لا السن عالية صحت منها ولا العمر النضير +كالريح تنقصف الغصو ن بها وتنقلع الجذور +إِن التي تبكيك تع رفها المصاحف والخدور +ما في ثياب حدادها إلا مصلِّية صبور +طهر زيان به الحجا ب ولا يشان به السفور +إن الإناث إذا صلح ن بأمة صلح الذكور +لا ينِسينَّك عهدَها عِين من الفردوس حور +فأديمها كأديم هن كلاهما النزه الطهور +يا نور هبك بلغت ما بلغت من العمر النسور +تُطوى لك الأيام في مَهل وينشرها السرور +هل كنت إلا للذي بالأمس صرت له تصير +أحلام عيش لا يدو م طويلهن ولا القصير +أخذتِ السماء يا دار ركنا وأويت الكواكب الزهر سُكنى +وجمعت السعادتين فباتت فيك دنيا الصلاح للدين خِدنا +نادَما الدهر في ذَراك وفضا من سلاف الوداد دَنا فدنا +وإذا الخُلق كان عقد وداد لم ينل منه من وشَى وتجنى +وأرى العلم كالعبادة في أب عد غاياته إلى الله أدنى +واسع الساح يرسل الفكر فيها كل من شك ساعة أو تظنى +هل سألنا أبا العلاء وإن قلّ ب عينا في عالم الكون وسنى +كيف يهذِى بخالق الطير من لم يعلم الطير هل بكى أو تغنى +أنتِ كالشمس رفرفا والسماك ين رواقا والمجرّة صحنا +لو تسترت كنت كالقبة الغرا ء ذيلا من الجلال وردنا +إن تكن للثواب والبر دارا كيف إن تمت الملاوة قرنا +لا تَعدِّى السنين إن ذكر الع لم فما تعلمين للعلم سنا +سوف تفنى في ساحتيك الليالي وهو باق على المدى ليس يفنى +يا عكاظا حوى الشبا فصاحا قرشيين في المجامع لُسنا +بثهم في كنانة الله نورا من ظلام على البصائر أخنى +علَّموا بالبيان لا غرباء فيه يوما ولا أعاجم لُكنا +فتية محسنون لم يخلفوا الع لم رجاء ولا المعلم ظنا +صدعوا ظلمة على الريف حلت وأضاءوا الصعيد سهلا وحزنا +من قضى منهم تفرق فكرا في نهى النشء أو تقسم ذهنا +ناد دار العلوم إن شئت يا عا يش أو شئت نادها يا سُكَينا +قل لها يا ابنة المبارك إيه قد جرت كاسمه أمورك يمنا +هو في المهرجان حى شهيد يجتلى غرس فضله كيف أجنى +وهو في العرس إن تحجّب أو لم يحتجب والد العروس المهنا +ما جرى ذكره بناديك حتى وقف الدمع في الشؤون فأثنى +رب خير ملئت منه سرورا ذكّر الخيرين فاهتجت حزنا +أدرى إذ بناك أن كان يبني فوق أنف العدوّ للضاد حصنا +حائط الملك بالمدارس إن شئ ت وإن شئت بالمعاقل يبني +أنظر الناس هل ترى لحياة عَطَلت من نباهة الذكر معنى +لا الغني في الرجال ناب عن الفض ل وسلطانه ولا الجاه أغنى +رب عاث في الأرض لم يجعل الأر ض له إن أقام أو سار وزنا +عاش لم ترمه بعين وأودى همَلا لم تهب لناعيه أذنا +نظّم الله ملكه بعباد عبقريين أورثوا الملك حسنا +شغلتهم عن الحسود المعالي إنما يُحسد العظيم ويُشنا +من ذكىّ الفؤاد يوِرث علما أو بديع الخيال يَخلق فنا +كم قديم كرقعة النجم حر لم يقلل له الجديدان شأنا +وحديد عليه يختلف الده ر ويفنى الزمان قرنا فقرنا +فاحتفظ بالذخيرتين جميعا عادة الفطن بالذخائر يعنى +يا شبابا سقونيَ الودّ محضا وسقوا شانئي على الغل أجنا +كلما صار للكهولة شعري أنشدوه فعاد أمرد لدنا +أسرة الشاعر الرواة وما عنَّ وه والمرء بالقريب معنى +هم يضنون في الحياة بما قا ل ويُلفَون في الحياة أضنا +وإذا ما انقضى وأهلوه لم يع دم شقيقا من الرواة أو أبنا +النبوغَ النبوغَ حتى تنصوا راية العلم كالهلال وأسنى +نحن في صورة الممالك ما لم يصبح العلم والمعلم منا +لا تنادوا الحصون والسفن وادعوا ال علم ينشئ لكم حصونا وسفنا +إن ركب الحضارة اخترق الأر ض وشق السماء ريحا ومزنا +وصحبناه كالغبار فلا رح لا شددنا ولا ركابا زممنا +دان آباؤنا الزمان مليا ومليا لحادث الدهر دنا +كم نباهي بلحد ميت وكم نح مل من هادم ولم يبن مَنَّا +قد أنَى أن نقول نحن ولا نس مع أبناءنا يقولون كنا +ذكر الحداثة جهلها وغرامها وأعاد في خطراته أحلامها +وتلمَّس الدنيا الكعاب فلم تجد يده لياليها ولا أيامها +ما زال يُتلف وردها ويذيله حتى تولى فاشتهى قُلاَّمها +فأدار في العواد مقلة باحث تزن الوجوه سكوتها وكلامها +كبت الشبيبة في اللجام وطالما ظن الأعنة لا ترد لجامها +كانت عليه من المآلف زحمة واليوم قد فض السقام زحامها +وتأخر الأتراب عنه وطالما كانوا لبانة روحه وجَمالها +لهفي عليه قشيب جلباب الصبا لم يلبس الدنيا ولا هندامها +لفظ الحياة نُفاثة فنفاثة مثل الزجاجة قد قلبتَ فدامها +لا تنبذوه فما علمتم بالذي تزجى الحياة من الغيوب أمامها +إن الذي جعل الحياة بكفه والموت صرّف كيف شاء زمامها +يا رب متروك يموت بدائه لو عاش أقعد أمة وأقامها +ومضيَّع لشقائه لو لم يِضع بلغت على يده البلاد مرامها +الصدر من غرف الحياة دعامها فإذا ألح السل هدّ دِعامها +لص الشباب إذا سرى في مهجة وردت على شط الحياة حمامها +يغتر حرصَ الشيخ نحو وليده ويسل من خدر الرؤوم غلامها +ويدب في ذيل العروس إذا مشت وينال قبل فم الحليل لثامها +يا من لإنسانية مهضومة قطع البنون بظلمهم أرحامها +زادوا بنسيان الشقى شقاءها وبجفوة الدنف السقيم سقامها +قالوا هي الزاد الحرام وأخرجوا من أكلهم مال اليتيم حرامها +ومشى على المتحطمين بصخرها من جدّ يجمع باليدين حطامها +كمعادن الذهب استقل بتبرها قوم وزوّد آخرون رغامها +ألا ملائكة بزىّ أوادم ندعوهم لخشوعهم خدّامها +يَسَعون في أكنافهم فقراءها ويظللون بعطفهم أيتامها +قد أنفقوا الساعات من أعمارهم يتعهدون دموعها وكِلامها +هجموا على الأمراض لما أعضلت فسعوا عسى أن يكسروا آلامها +بالظهر من حمدون أو رمّانه بيت تمل النفس فيها مقامها +لا تملك المرضى به أرواحها سأما وإن ملكت به أجسامها +نسيت قوارين المهاجر بقعة ذَرَع السباب وهادها وأكامها +دار هي المهد الكريم ومنزل حضن الأصولَ رفاتها وعظامها +قل للمَهَاجر تعط فضلة مالها وتؤدّ واجبها وتقض ذمامها +ويقال لا تحِصى المهاجر ثروة وأقول لا يحصى الرجاء كرامها +العز للإسلام منارة الوجود +هداية الإمام ومطلع السعود +عصابة الصدِّيق وراية الفاروق +والحق والوسيلة والسمحة الظليلة +ومعقل الفضيلة وغابة الأسود +الفُرس في لوائه والهند في ضيائه +في الأرض صار كالعلم بعزة تمحو الظلم +بين الكتاب والقلم مظفّر الجنود +الشام من أسِرَّته ومصر نور غرته +من هالة لهاله يمزق الجهالة +ويهزم الضلالة ويحطِم القيود +علاقة القلوب وعروة الشعوب +مشى هدى ورحمه بينهم وذمه +فليس بين أمّه وأختها حدود +حبذا الساحة والظل الظليل وثناء في فم الدار جميل +لم تزل تجزى به تحت الثرى لجة المعروف والنيل الجزيل +صنع إسماعيل جلت يده كل بنيان على الباني دليل +أتراها سُدَّة من بابه فتحت للخير جيلا بعد جيل +ملعب الأيام إلا أنه ليس حظ الجدّ منه بالقليل +شهد الناس بِها عائدة وشجى الأجيال من فردى الهديل +وأئتنفنا في ذَراها دولة ركنها السؤدد والمجد الأثيل +أينعت عصرا طويلا وأتت دون أن نستأنف العصر الطويل +كم ضفرنا الغار في محرابها وعقدناه لسباق أصيل +كم بدور ودّعت يوم النوى وشموس شيعت يوم الرحيل +رب عرس مر للبر بها ماج بالخيرِّ والسمح المنيل +ضحك الأيتام في ليلته ومشى يستروح البرء العليل +والتقى البائس والنعمى به وسعى المأوى لأبناء السبيل +ومن الأرض جديب وندٍ ومن الدور جواد وبخيل +يا شبابا حنفاء ضمهم منزل ليس بمذموم النزيل +يصرف الشبان عن وِرد القذى وينحّيهم عن المرعى الوبيل +اذهبوا فيه وجيئوا إخوة بعضهم خِدن لبعض وخليل +لا يضرنَّكم قلته كل مولود وإن جل ضئيل +أرجفت في أمركم طائفة تَبَعُ الظن عن الإنصاف ميل +اجعلوا الصبر لهم حيلتكم قَلَّت الحيلة في قال وقيل +أيريدون بكم أن تجمعوا رقة الدين إلى الخلق الهزيل +خلت الأرض من الهَدى ومن مرشد للنشء بالهدى كفيل +فترى الأسرة فوضى وترى نَشَأً عن سُنَّة البر يميل +لا تكونوا السيل جهما خشنا كلما عب وكونوا السلسبيل +رب عين سمحة خاشعة روت العشب ولم تنس النخيل +لا تماروا الناس فيما اعتقدوا كل نفس بكتاب وسبيل +وإذا جئتم إلى ناديكم فاطرحوا خلفكم العبء الثقيل +هذه ليلتكم في الأوبرا ليلة القدر من الشهر النبيل +مهرجان طوَّف الهادى به ومشى بين يديه جبرئيل +وتجلت أوجه زيَّنَها غُرر من لمحة الخير تسيل +فكأن الليل بالفجر انجلى أو كأن الدار في ظل الأصيل +أيها الأجواد لا نجزيكم لذة الخير من الخير بديل +رجل الأمة يُرجى عنده لجليل العمل العونُ الجليل +إن دارا حُطتموها بالندى أخذت عهد الندى ألا تميل +أعرني النجم أوهب لي يراعا يزيد الرافعيين ارتفاعا +مكان الشمس أضوأ أن يُحلى وأنبه في البرية أن يذاعا +بنو الشرق الكرام الوارثوه خلال البر والشرف اليَفاعا +تأمل شمسهم ومدى ضحاها تجد في كل ناحية شعاعا +قد اقتسموا ممالكه فكانت لهم وطنا من الفصحى مشاعا +هم زادوا القضاء جمال وجه وازدوا غُرة الفتيا ألتماعا +أبوا في محنة الأخلاق إلا لياذا في العقيدة وأمتناعا +أووا شيبا وشبانا إليها تخالهم الصحابة والتِّباعا +إذا أُسد الثرى شبعت فعفت رأيت شبابهم عفّوا جياعا +فلم تر مصر أصدق من أمين ولا أفوى إذا ريعت دفاعا +فتى لم يعط مِقوده زمانا شرى الاحرارَ بالدنيا وباعا +عظيم في الخصومة ما تجنى ولا ركب السباب ولا القذاعا +تمرّس بالنضال فلست تدرى أأقلاما تناول أم نباعا +ويابن السابق المزرى أرتجالا بروّاض القصائد وابتداعا +أما يكفى أباك السبق حتى أتى بك أطول الشعراء باعا +شدا الحادى بشعرك في الفيافي وحركت الرعاة به اليراعا +وفات الطير ألفاظا فحامت على المعنى فصاغته صناعا +إذا حضر البلابَل فيه لحنٌ تبادرت الحمام له استماعا +مشى لُبنان في عرس القوافي وأقبل ربوة واختال قاعا +وهز المنكبين لمهرجان زها كالباقة الحسنى وضاعا +وأقبلت الوفود عليه تترى كسرب النحل في الثمرات صاعا +غدا يزجى الركاب وراح حتى أظل دمشق وانتظم البقاعا +ترى ثَم القرائح والروابي تبارين افتنانا واختراعا +ربيع طبيعة وربيع شعر تخلل نفح طِيبِهما الرباعا +كأنك بالقبائل في عكاظ تجاذبت المنابر والتلاعا +بنت ملكا من الفصحى وشادت بوحدتها الحياة والاجتماعا +فعادت أمة عجبا وكانت رعاة الشاء والبدو الشعاعا +أمير المهرجان وددت أنى أَرى في مهرجانك أو أراعى +عدت دون الخفوف له عواد تحدَّين المشيئة والزَّعاما +وما أنا حين سار الركب إلا كباغي الحج همَّ فما استطاعا +أقام بغبنه لم يقض حقا ولا بلّ الصبابة والنزاعا +طرابلس أنثنِى عِطفي أديم وموجى ساحلا وثبى شراعا +كسا جنباتك الماضي جلالا وراق عليه مِيسمه وراعا +وما من أمس للاقوام بد وإن ظنوا عن الماضي انقطاعا +ألم تسقي الجهاد وتطعميه وتحمى ظهره حقبا تباعا +شراعك في الفِنيقيين جلَّى وذكرك في الصليبين شاعا +كأنى بالسفين غدت وراحت حيالك تحمل العلم المطاعا +صلاح الدين يرسلها رياحا وآونة يصففها قلاعا +أليس البحر كان لنا غديرا وكانت فلكنا البجع الرتاعا +غمرنا بالحضارة ساحليه فما عيَّا بحائطها اضطلاعا +توارثناه أبلج عبقريا ذلول المتن منبسطا وساعا +ترى حافاته انفجرت عيونا ورفت من جوانبه ضياعا +فما زدنا الكتاب الفخم حرفا ولا زدنا العصور الزُهر ساعا +قعدنا معقد الآباء منه فكنا البَهم قد خلف السباعا +كأن الشمس مسلمة اصابت عفيفا في طيالسه شجاعا +تَحَجَّبُ عن بحار الله حتى إذا خطرت به نضت القناعا +وما رأت العيون أجل منها على أجزاء هيكله اطلاعا +فما كشروقها منه نعيما ولا كغرو بها فيه متاعا +روحي ولذة عيني عوّذته بالحسين +سلالتي من علي ولدته مرتين +أحببته كأبيه وزدته حبتين +طفل علينا أمير مقبل الركبتين +رضاه غير قليل وسخطه غير هين +يقصى ويدنى بأولى إشارة الراحتين +ويزدهى بخداع وقول زُورِومَين +دع الأبرق والبانا وخذ واد حمّانا +هو الفردوس قد قام به الشاغور رضوانا +إذا استرسل أو شف رأيت الحسن عريانا +وإن صوّت أو رنّ وجدت القاع آذانا +تراه في الضحى ماسا وفي الآصال عقبانا +وطير العشق لا يأوى سوى الشاغور بستانا +فما حلّق أو صفق إلا اصطاد إنسانا +يحس القلب للقلب صبابات وأشجانا +ترى في منزل ميا وفي آخر غيلانا +وذى سلمى وذا حمدى يبثانك ما كانا +رواياتهما زادت أحاديث الهوى شانا +الفن روض يمر القاطفون به والسارقون جماعات ووحدانا +أولى الرجال به في الدهر مخترع قد زاده جدولا أو زاد ريحانا +لا تسأل الله فنا كل آونة واسأله في فترات الدهر فنانا +يا واحد الفن في أزجى معازفه هذا أوان الثناء العدل قد آنا +يا رب ليل سمرنا الراح فاختلفت على بنانك للسمار ألحانا +تلك اللعيبة من عود ومن وتر لولا بنانك لم تجعل لها شانا +قد آنست رحمة في الصدر فاتكأت بجانب الأذن تستوحيك شيطانا +كأنها عش طير هاج آهله من كل ناحية ينساب أشجانا +ضمتها وتواصت راحتاك بها ضم الوليدة إشفاقا وإحسانا +تملى عليها الذي يوحى إليك به كأن داوود والمزمار ما بانا +حركتها فأتاها الروح فاندفعت تبكى وتضحك أوتارا وعيدانا +يا طيبها حين تحدوها بحنجرة كخرطم النحل أرواحا وألوانا +مصرية النبر وهّابية عذبت شدوا ونوحا وترجيعا وتحنانا +ذكّرت خلقا وراء البحر مغتربا مآلفا وصبابات وأوطانا +غنيتهم بأغاني المهد فالتمسوا في ملتقى القوس والأوتار لبنانا +ولو هتفت ببتهوفان ما انصرفت لك القلوب وإن صادفت آذانا +سقيتهم من سلاف طالما دخلت عليهم المهد أعنابا وألبانا +فن تعطل منه الشرق آونة وكان شغل بني العباس أزمانا +نزل المناهل والربى آذار يحدو ربيع ركابه النُّوار +يختال في وشى الرياض وطِيبها وتزفه الربوات والأنهار +سمح البنان بكل ما زان الثرى فالوشى يوهب والحلىّ يعار +ملأ الخمائل من تصاويرٍ كما ملأ الرفارف بالدُّمى الحفار +في كل دوح دمية ومِنصة وبكل روض صورة وإطار +حدجته بالبصر الحمائل مثلما حدجت بعينها العروسَ الدار +لبست له الآمال بهجة شمسها وتزينت للقائه الأسحار +حيته بالنغم الهواتفُ في الضحى وترنمت بثنائه الأوتار +والماء يطِفر جدولا ويفيض من عين ويخبط في القنى ويحار +ج��رّ الإِزارَ فكل روض حامل مسكا وكل خميلة معطار +في كل ظل مِزهر مترنم ووراء كل نضارة مزمار +وعلى ذؤابة كل غصن قينة الصَّنج خلف بنانها والطار +والنيل في الواديى نجاشىّ مشى في ركبه الرؤساء والأحبار +سحبوا الطقوس ورتلوا إنجيلهم فتعالت الصلوات والأذكار +نزلاء مصر حللتمو بفؤادها وحوتكمو الأسماع والأبصار +ضيفا على البلد الكريم وطالما هتف النزيل به وغنى الجار +تاج كقرص الشمس ملء إطاره عتق ومجد تالد وفخار +وكأن كلتا صفحتيه من السنا ومن التلبس بالشموس نهار +نحن الكرام إذا مشى في أرضنا ضيف ونحن بأرضنا أحرار +مصر ثرى الفن الجميل ومهده تنبيكمو عن ذلك الآثار +غُمرت بموسيقى الجمال تلالُها وتفجرت عن مائه الاحجار +واد كحاشية النعيم وأيكة ما للبلابل دونها أوكار +من عهد إسماعيل لم تخل الربى منها ولم تتعطل الأشجار +مما يتيح الله جل جلاله لعباده وتسخَّر الأٌقدار +في كل جيل عبقريّ نابغ غرد اللهاة مفنن سحار +قضَّى على الشوك الحياة وكم دعا للسير في الورد الرفاقَ فساروا +أما الغناء فلذة الأمم التي طافوا عليها في الحياة وداروا +يا طالما ارتاحوا إليه وطالما حمسوا على النغم الشجىّ وثاروا +وتر تعلق في النعيم بآدم غنى عليه بنوه والأصهار +الخمر والسحر المبين وراءه والشجو والزفرات والتَّذكار +وعلى تغنى النفس في وجدانها خلت العشىّ ومرت الأبكار +ألحان كل جماعة وغناؤهم لغة ونجوى بينهم وحِوار +نغم الطبيعة في مغانيهم وما تملى الرياض وتنشئ الأزهار +لا تعشق الآذان إلا نغمة كانت عليها في المهود تدار +فرعون في الوادي وصاحب بوقه وقيانه والناى والقيثار +وترنمات الشعب حول ركابه وطلاسم الكهنوت والأسرار +لو عاد ذلك كله لقى الهوى حتى كأنه لم تطوِه الأعصار +عابدين ركنك موئل ومثابة لا زال يُستذرى به ويزار +ثبتت أواسى العرش في محرابه وأوت إليه أمة وديار +وعلى مطالعة وفي هالاته بزغت شموس العز والأقمار +للعلم منه وللثقافة حائط يؤوَى إليه وللفنون جدار +أنزلت في ساحاته شعري كما نزلت رتاج الكعبة الأشعار +ونظمت فيه وفي وضاءة ليله مالم تزل تجرى به الأسمار +ورحابك الربوات إلا أنها أرض الندَى وسماؤه المدرار +أفريقيا في ظلك اجتمعت على صفو فلا نزلت بها الأكدار +في المهرجان العبقريّ تسايرت أعلامها وتلاقت الأنوار +لما دعا داعى المعز إلى القِرى شدّت صحارٍ رحلها وقفار +سفر إلى الوادي السعيد وملكه حسدت عليه وفودها الأمصار +رفعوا شراع البحر يستبقونه ولو أنهم ملكوا الجناح لطاروا +أمم من الإسلام يجمع بيننا ماض وأحداث خلون كبار +وحضارة الفصحى وروح بيانها وقريشٌ العالون والأنصار +وحوادث تجرى لغايتها غدا ولكل جار غاية وقرار +في معهد الوادى ودار غنائه فرح تسير غدا به الأخبار +بعثت به الدنيا كرائم طيرها من كل أيك بلبل وهَزار +وحوى النوابغ فيه حول نواله شعب على حرم الفنون يغار +جلب السوابق كلها فتسابقت حتى كأن المعهد المضمار +إحسان مجبول على الإِحسان لا تحصى صنائعه ولا الآثار +يا شعب وادى النيل عشت ولا يزل يجرى بيمن أمورك المقدار +أنت الرشيد على كريم بساطه تستعرض الآراء والأفكار +سما يناغى الشهبا هل مسها فالتهبا +كالديدبان ألزمو ه في البحار مرقبا +شيَّع منه مركبا وقام يلقى مركبا +بشر بالدار وبالأ هل السُّراة الغيبا +وخط بالنور على لوح الظلام مرحبا +كالبارق الملِحِّ لم يولِّ إلا عقّبا +مشى على الماء وجا ب كالمسيح العبيا +وقام في موضعه مستشرفا منقِّبا +يرمى إلى الظلام طر فا حائرا مذبذبا +كنمِر أدار عين نًا في الدجى وقلبا +كبصر الأعشى أصا ب في الظلام ونبا +وكالسراج في يد ال ريح أضاء وخبا +كلمحة من خاطر ما جاء حتى ذهبا +مجتنِب العالم في عزلته مجتنَبا +إلا شراعا ضل أو فلكا يقاسي العطبا +وكان حارس المنا ر رجلا مهذبا +يهوى الحياة ويح ب العيش سهلا طيبا +أتت عليه سنوا ت مبعدا مغرّبا +لم ير فيها زوجه ولا ابنه المحببا +فحين عيل صبره على القضاء عتبا +وقال ربى كم أعي ش عانيا معذبا +ولا أرى أهلي ولا أرى صِحابي الغيبا +ولا أرى فوقي ولا تحتيَ إلا غيهبا +والناس فوق الأرض في ظل القصور والربى +وكان دلفين من ال حارس ثم اقتربا +أتى من الشط فدب ب في الصخور وحبا +وكان قد راعى الخطي ب ووعى ما خطبا +فقال يا حارس خل ال سخط والتعتّبا +من يسعف الناس إذا نودي كلٌّ فأبى +وضاق بالإسعاف من كان لذاك أنتُدبا +ما الناس إخوتي ولا آدم كان لي أبا +انظر إلىّ كيف أق ضى لهمُ ما وجبا +قد عشت في خدمتهم ولا تراني تعبا +كم من غريق قمت عن د رأسه مطبِّبا +وكان جسما هامدا حركته فاضطربا +وكنت وطَّأت له مناكبي فركبا +حتى أتى الشط فبش ش من به ورحبا +وطاردوني فانقلب ت خاسرا مخيبا +ما نلت منهم فضة ولا منحت ذهبا +وما الجزاء لا تسل كان الجزاء عجبا +ألقوا علىّ شبكا وقطعوني إربا +واتخذ الصناع من شحمىَ زيتا طيبا +ولم يزل إسعافهم لي في الحياة مذهبا +ولم يزل سجيتي وعملي المحببا +إذا سمعت صرخة طرت إليها طربا +لا أجد المسعف إ لاَّ ملَكا مقرّبا +والمسعفون في غد يؤلفون موكبا +يقول رضوان لهم هيا ادخلوها مرحبا +مذنبكم قد غفر الل ه له ما أذنبا +أعطى العهود وأقسم الأقساما أن لا يطول مقامه فأقاما +خمسون عاما في البلاد يسوقها بالعنف عاما والهوادة عاما +مستعمر جعل الخلاف ذريعة ليهز رمحا أو يسل حساما +لما أتى الوادي وعبّاً جيشه وجد الرعية والرعاة نياما +ومشى يقلَّب في المعسكر عينه فيرى الصفوف ولا يحس إماما +قد أقبل التاريخ في محرابه بجزى الرجال وينطق الأحكاما +اليوم يُتَّهم الأبوة في البلى ويُناقشون جماجما وعظما +رفقا على الآباء إن لهم غدا يوما ينسِّى حرّه الأياما +يُجزّون فيه عن التقاطع بينهم إن انشقاق الأهل كان حراما +وعن الوثوب جماعة بجماعة يتنازعون ولاية وحطاما +حتى أنت سفن المغير وخيله فترّقوا في الضفتين نعاما +يا أيها الجيل الذي يبنى غدا كن في بنائك حازما مقداما +واجعل أداتك في البناء محبة وتعاونا وتآلفا ووثاما +وإذا بنيت الملك فآبن حقيقة لا تبن أوهاما ولا أحلاما +وانظر إلى الماضى فإن المهتدى من يجعل الماضي هدى وزماما +وسقيمة الأجفان لا من علة تحيى العميد بنظرة وتميته +وصلت كَتربَيها الحديث بضاحك ضاح كمؤتلف الجمان شتيته +قالت تغرب الرجال فقل في ضيم أريد بجانبي فأَبَيته +قالت نفيتَ فقلت ذلك منزل ورَدَته كل يتيمة ووردته +قالت رماك الدهر قلت فلم أكن نِكسا ولكن بالأناة رميته +قالت ركبتَ البحر وهو شدائد قلت الشدائد مركب عُوِّدته +قالت أخفت الموت قلت أمفلت أنا من حبائله إذا ما خفته +لو نلتُ أسباب السماء لحطني أجل يحل لحينه موقوته +قالت لقد شَمَت الحسود فقلت لو دام الزمان لشامت لحفلته +قالت كأني بالهجاء قلائدا سارت فقلت هممت ثم تركته +أخذت به نفسي فقلت لها دعى ما شاءت الأخلاق لا ماشئته +من راح قال الهُجر أو نطق الخنا هذا بياني عنهما نزهته +الله علمِنيه سمحا طاهرا نزه الخلال وهكذا علمته +يا مصلَّى أيمه من بنى آدم طَهُر +سبَّح الرمل والحصى في نواحيه والحجر +وعلى ظهر جوّه صلَّت الشمس والقمر +جمعا عزلة المدار إلى عزلة المدر +سبّحا ثم سبّحا بالعشايا وبالبكر +وخِضما من الرمال أواذيُّه الصخر +ما له ساحل ولا من فُجاءاته وزر +فيه من كل حاصب جَلَّل الجو وانهمر +هب من كل جانب كالَّدَبى اشتد وانتشر +رب أكفان مصحر منه هيئن أو حفر +وفضاء كأنه حلم رائع الصور +العشايا سواحر في حواشيه والبكر +كل سار وسامر +يا فضاء بسحره دَلَّه الركب بالسحر +فتنتهم وجوهه واستخفتهمو الصور +وشجاهم سكونه بالعشايا وبالبُكر +لا تلمهم فانما قائد الأنفس الفِطر +كل نفس لها هوى كل نفس لها وطر +كم جمال ومنظر فرَّقا لذة النظر +كل حسن ومنظر فيهما للهوى نظر +أيها القصر أترعى عهدنا وتفى إن عز في الناس الوفى +لا تُضع عندك أسرار الهوى واختزنها في الزوايا والحنِى +واتخذ ختما على أشيائه إن أشياء الهوى كنز سنى +ذكريات كلما حركتها ضاع من جدرانك المسك الزكي +قُبَل لم يحصها إلا الهوى طِبن بالصبح وطيبن العشي +يجد الجسم لها همسا كما خفق السنبل أو رنَ الحلى +وعناق كالجفون اشتبكت والغصين التف باللدن الطرى +أيها القصر أنقضى عُرس الهوى وطوى الإِصباح ليل الأنس طى +وقديما في الليالي لم تدم بهجة العرس ولم يبق الدوِى +سيوف أبيه من خمسين عاما لواصق بالجدار بغير سَل +علاها العنكبوت فكان غمدا على غمد قديم العهد حِل +ولي كالخيل إصطبل ولكن أفارقه وأترك فيه ظلي +سلوا باراللواء و صُلت عني ومصطبة السِرى الشيخ الأجل +من المرِشال أطلب ردّ روحي وعودة فارسي وفكاك خلى +وأنذر إن تفضل صوم عام ومثلي من يصوم ومن يصلى +وإلا مت دون الحق جوعا كذلك مكسويني مات قبلي +ويا كينبود فم كسرت قلبي وأمسِ الحادثات كسرن رجلي +وما الدكتور مجنون بسعد ولا هو بالمحِّلل شتم عدلي +ولكن قِبلة الدكتور مصر وسودان يراه لها كظل +بقصر النيل بات وكل سجن وإن كان الخورنق لا يسلي +أقضِّى الليل حول السجن شوقا للحيته أناجيها أطِلى +تشير من النوافذ لي وتُومى كغانية هنالك ذات دل +ولولا الديدبان دنوت منها وكنت أنا الممشط والمفلى +ألا بديارهم جن الكرام وشفهم بليلاها الغرام +بلاد أسفر الميلاد عنها وصرحت الرضاعة والفطام +وخالط تربها وارفضّ فيه رفات من حبيب أو عظام +بناء من أبوتنا الأوالي يتمم بالبنين ويستدام +توالى المحسنون فشيدوه وأيدى المحسنون هي الدعام +وأبلج في عنان الجود فرد كمنزلة السموال لا يرام +يبيت النجم يقبس من ضياه ويلمسها فيرتجل الجهام +له في الأعصر الأولى سمىٌّ إذا ذكر اسمه ابتسم الذمام +كلا الجبلين حر عبقري لدى محرابه ملك همام +أُزيلوا عن معاقلهم فأمسي لهم في معقل الصخر اعتصام +ويوم من صَبا آذار حلوٍ فقدناه وما بلغ الشبابا +تَصَوَّر من حلى النيروز وجها وَجمَّع من زخارفه إهابا +فَرَاق صباحه صحوا وزهوا ولذَّ ضحاه حاشية وطابا +تناثر في البطاح حلى وأوفى على الآفاق فانتظم الهضابا +وسالت شمسه في البحر تبرا على مثل الزمرد حين ذابا +كأن نسيمه نفَس العذارى طعمن الشهد أو ذقن الخبايا +تمناه ابن عباد صبوحا إذا حث المزاهر والشرابا +وما قدَّرت أن س��جنّ ظهرا ولم تكن القيامة لي حسابا +تشعَّث لِمة واغبر وجها ودلَّى مِشفرا وأفترنابا +وبدَّل حسن ذاك السمت قبحا وأصناف النعيم به عذابا +وضج البحر حتى خِيل موسى أتى بعصاه أو فرعون آبا +وأبرق في العباب كأن سرا بأسطول الجزيرة قد أهابا +كأن شعاعها في الثلج نار لفارس حولها ضربوا القبابا +أو الحسناء يوم العرس جنَّت فمزقتِ الغلائل والنقابا +فمن سَحَر السماء فأمطرتنا فكان الدر والذهب الذهابا +تروق العين من بيضاء حال كما تَرَّبتَ بالتِبر الكتابا +منادف عسجد ظفرت بقطن فما تألوه ندفا وانتهابا +وقطَّعن الثلوج لكل روض وكل خميلة منها ثيابا +فمن صور مجللة فِراء ووِلدان مسربلة جبايا +يا شباب اقتدوا بشيخ المعالى فالمعالي تشبُّه وتحدّي +قد تصدى لنائبات حقوق غير سهل لمثلهن التصدّي +حزَنَته بلاده وهي صيد بين نابى مظَّفر الناب ورد +أمة من غرائب النصر نشوَى تسلب الملك من تشاء وتسدي +أخرست أفصح القياصر سيفا بأساطيل في الخصومة لُدّ +جاءها سعد شاهر الحق يدعو سيفها المنتضى لخطة رشد +أعزل المنِكبين إلا من الحق ق ومن حجة كنصل الفرند +خاطب النار وهي في شفة المِد فع والسيف وهو في غير غمد +غمرة يشفق الضياغم منها خاضها لم يهب عواقب وِرد +فنفوا فانتفى فصادف خظا حبذا الجِد إن أعين بِجد +وإذا مصر كاللبوءة غضبي لأبنها تبذل الدماء وتفدي +وإن موليير نجم لا أفول له وأن تغيب في الأحقاب واحتجبا +شريعة من بيان الغرب صافية وإن يك الشرق أحيانا بها شربا +وآية الأدب الرّومَى في لغة لم تُخل من سرها عجما ولا عربا +لو استطاع ذووها من عنايتهم بنشرها علّموها الجن والشهبا +فاحفظ لسانك واجهد في صيانته كما يصون الكريم العرض والحسبا +كأنما كانت الدنيا على يده يصوِّر الناس عنها كلما كَتبا +إذا مضى يعرض الأخلاق عارية أراك من كل نفس صورة عجبا +يأتي النفوس فينضُو عن طبائعها سترا ويهتك عن أهوالها الحجبا +فربما ازددت علما بالبخيل وإن نشأت تلقاه جَدا أو تراه أبا +وقد يزيدك بالكذاب معرفة وأنت تضحى وتمسى تسمع الكذبا +وقد يريك أخا الوجهين منكشفا وأنت تلقاه في الإِخوان منتقبا +سألت حبيبيَ في قبلة فما نعنيها بحكم الخجل +فلازمت صبرىَ حتى غفا وملت على خدّه بالقبل +فنضّى عن الجفن ثوب الكرى وعما جرى بيننا لا تسل +وقال جرحت بوقع الشفاه خدودي وذنبك لا يحتمل +فقلت أنت جرحت الحشا وأدميته بسهام المُقَل +وفي الشرع أن الجروح قصاص جُرح بجرح حكم عدل +فأبدى الحبيب ابتسام الرضا ومال كغصن النقا واعتدل +وقال وحق سواد العيو ن التي علمتك رقيق الغزل +لتستهدفنَّ لنبل اللحاظ إذا عدت يوما لهذا العمل +أمسى وأصبح من نجواك في كلف حتى ليعشق نطقي فيك إصغائي +الليل يُنهضني من حيث يقعدني والنجم يملأ لي والنور صهباني +قف دون رأيك في الحياة مجاهدا إن الحياة عقيدة وجهاد +آمن معي بمصطفى كفى تعنتا كفى +إني أنا مع البلد إن قام قمت أو قعد +لم يرني فيه أحد +تأمل المكثر من إعجابه بنفسه ينظر في ثيابه +تلفت الطاووس في إهابه +لله ما أظرف ياله فتى قد أبدع البارى تعالى شكله +لو كان هذا ولدى وواحدى خرجت قبل الموت من مالي له +على الدكاكين والضياع والثروة الضخمة الجليله +هذا الذي يفترسُ الأكياسا ولا يرى الأحلام إلا ماسا +فإن صحا شكا لك الإفلاسا +يأخذ من هذا وذاك بالربا يعطى نحاسا ليرد ذهبا +يبيع كل عامر يصيبه وغامر +و��م وكم زوّج أو طلق من حرائر +تلقاه في كل طري ق كالغبار السائر +من قهوة لبيرة لمنتدىً لسامر +ويدفع الشباب في ال وحول والمخاطر +فمن يَدَى مسلف إلى يدى مقامر +ومن سموم حانة إلى لعاب عاهر +لا يبغض الله ولا رسوله ولا العباد كالمرابين فئة +انظر إلى السمسار يسحر الفتى وانظر إلى الغلام كيف استحسنه +عندي ألف ما ملكت غيرها من لي بها ألفين إن فاتت سنه +إذن لقد كنت تراني يا أخي ولم تكن تقواك إلا كذبا +بالله مِن ذا الحديث دعنا وانظر معي هذه الكرنبه +هذا الذي يفترسُ الأكياسا مقاولٌ يكبرون كسبه +وكل يوم عليه نعل وكل يوم عليه جبه +تراكم المال في يديه من حبة أمس صار قبه +وما فتن الحظ بالكركدِّن وما أعجب المال من سحنته +ومن عجب بعد هذا المشيب بنى باثنتين على زوجته +ورام الزواج ببنت النقيب فما قبلوه على ثروته +وما تلك من هي بنت النقيب فتاة هي البدر في ليلته +ولم أبت الشيخ وهو الغنى وكل ما في الزواج المهور +وهل يملأ التيس عين المهاة وهل تحمل الكركدن القصور +وذات قصر وكفى ما ضر لو أني صاهرت الغنى والشرفا +أتعرف البنت يا رشاد وأعرف الأم يا جمال +أمي كانت إليه تغدو إذا أنا طفل ولا تزال +ماذا ترى رشاد إن طلبتها تُرى تردّني إذا خطبتها +إصغ لي أنت مثل ما تتمنى زينب تجمع الغنى والجمالا +أنت فوق النقيب دخلا وريعا بعد حين وأنت أكثر مالا +جدة تجعل الحديد على الما ل وتحمى الأبواب والأقفالا +لكنها يا صديق أشد منى ومنكا +صبرا فعما قليل سيفرج الله عنكا +رشاد اسمع عقدت العزم فاذهب وأمك فاخطبا لي اليوم زينب +وهب لي ريالين تحت الحساب وبعد غد نلتقى ههنا +بعد أن ينظر أمامه انتظر ياجمال بربك فالحظ قد أحسنا +فهذا أخو زيَنب مقبلا فسر حيث شئت ودعنى أنا +عزيز من أهلا أخي منذ شهور لم ارك +رشاد أنت ههنا من ذا الذي كان معك +انظر إلى ثيابه ولونها كيف آتحد +انظر إلى حذائهِ من النظافة أتقد +والبنطلون مستوٍ لم ينكسر لم ينعقد +أعِزني السمع أعِر عندي لكم شئ يسر +هذا جمال وحيد جَدّه بخيلة يا عزيز جِلده +وعمرها يا رشاد يربو على الثمانين +ما شئت من فدادين ومن بيوت ومن دكاكين +والذهب الصبّ كل ناحية في البيت من مُخبَّأ ومدفون +والآن ماذا تبتغى أريده لزينبا +وكيف هل يَقبلها كلمته فما أبى +فامض إلى أمك يا عزيز بلغها النبا +لقد وصفت القصر لل أبله وصفا عجيبا +ولم أزل أطرِى له ال جد وأمدح الأبا +وأنعت المجد القدي م وأحلِّى النسبا +وقلت عن أمك خي را وامتدحت زينبا +وقد نسيتني أنا لا بل أطل الكذبا +وما الذي قلت عني قلت فتى ما أفاقا +بالليل يغشى الملاهى وبالنهار السباقا +أنتم عزيز يا أخي في أزمة ولا يفك ضيقكم إلا الغِنى +في المال فيه وحده خلاصكم لا بدّ منه اليوم أو لا فغدا +أجل بغير المال لا عيش لنا وكيف من أين يجئ أَفِتنَا +مما نخوض فيه منذ ساعة من الفتى من موت جدّة الفتى +وما الذي نصنع كي نصيده لا بدّ من مصيدةٍ +اسمع أخي عزيز أنتم أسرة لم يبق من وجودها إلا شفا +قصركم من قدم مهدّم قد خاط فيه العنكبوت وبنى +سكنتموه ههنا وههنا كالبوم كل بومتين في فضا +ملأتموه خدما أشداقهم دائرة على الرغيف كالرحا +انظر إلى القصور كيف أصبحت لم يبق من مقدَّم ولا أغا +احتجب القوم وراء ظلها لا يُسأل البوّاب إلا قال لا +كفى رشاد صفة لبؤسنا كفى كفى +ولا تعذب مهجتي ولا تهج ليَ البكا +وامض اجتهد رشا د في تزويج أختي بالفتى +إذا كان لها أهلا ولِم لا يا أخي لِم لا +فتى لم يحكه الشبا ن هنداما ولا شكلا +ولم ينكر له الإِخوا ن لاظفرا ولا عقلا +ومن بيت يرى النا س عليه الخير والنبلا +وعن عظيم ثروته يا ليتني في حالته +اسمع عزيز يا أخي أنا وأنت لا نرث +أملط يا رب كما خلقتني راض على قلة ما رزقتني +دعنا من الهزل هلا أخذت في الجد ساعة +رشاد أنت صديق ماذا ترى في البضاعة +أدخل بنا في الجد يا رشاد متى تراه +لم تقل لي عن الفتى ما أيوه كان فخر الرجال كان مديرا +كان والله يسكع الصبح واللي ل إلى كل حانة سكيرا +قلتها ومن أين أدرى ربما صار حاجبا أو خفيرا +لا تسلني ما أبوه يا أخي أومن الأم وسل ما جدته +لا ولا ما شغله ما جاهه في الدواوين ولا ما رتبته +فجمال في غد أو بعده بوزيرين تُساوي ثروته +ولم لا وجدَّته نملة إذا وقفت أو مشت حصَّلت +وتُدخل في بيتها ما تصيب ولا يُخرج الدهر ما أدخلت +لو انقلبت من جميع الجهات على القش في فمها ما انفلت +ترى المال في بيتها في اللحا ف وتحت البلاط وحشو الشِلت +عجبت يأتي البخيلَ المالُ وهو يرى أن البخيل إليه غير محتاج +وقلَّ ما جاء حرا ماجدا ومشى إلى الكريم الكثير الهم والحاج +آه ما أكثر حاجى من بحاجاتي أناجي +أزمة دُرتُ فلم الق لها وجه انفراج +عزيز أنت مفلِس ما شئت في ذاك فقل +على البلاد يا عزي ز كلنا ذاك الرجل +إذن جمال صفقة رابحة لنا كلينا قد فهمت مأربي +ولست أنسى فضلكم عندي ولا ما طوَّقَت أمك أمي وأبي +للأم والابن وللبنت أجل وكل من متَّ لنا بالنسبِ +أصبت يا عزيز أنت فطِن لا بل هو البؤس يفطّن الغبى +وركوبي يا صديقي وذهابي وإيابي +إمض أنفق ماتشا واص بر إلى يوم الحسابِ +أنا لو بيع بفلس لم يجد سوقا جرابي +كلانا رشاد على زورق كسير وموج عنيف شقِى +فان ننج ننج بخير المتا ع وإلا غرقنا مع الزورق +من ذلك المطلّ من لحيته كالبغل من وراء مخلاة رنا +نسأل عن ذاك الذي انحنى على صحيفة يقرا وولانا القفا +أجل أجل هذا القفا هذا هو الدكتور +يقرأ ما صادف من جريدة من سطرها الأول حتى المنتهى +وتستوى صحف الصباح عنده وصحفٌ ظهرن من عام مضى +تذاكر الدفن التي يكتبها في الشهر أضعاف تذاكر الدوا +ليس لها في الحياة إلا عبادة المال من وظيفه +حتى لقد صارت حديث الحارة وضحَك الجار وسخر الجاره +كلهمو يُحسدها بمالها ويتمنى حاله كحالها +وهكذا الأنفس في ظلالها +هذا ما دِرٌ الجوع يا أخي ولا الأكل معه +لقد دعاني للغذاء مرة فقسم البيضة بين أربعة +رأى فيه عيبا وإن لم نجد على اللحم عيبا سوى قلته +فقد كان أنضج لحم رأيت وقد كان كالمسك في نكهته +ومن بخله تفتح القهوات وتغلق وهو على شيشته +يقضى بها طرَفي يومه ويمضى بها طرفي ليلته +يلقاهمو في الطريق حينا وحينا على قهوته +هيا ولو أنيَ ما عالجت في الشارع قط +الله في عون الجري ح منك جراحَ القطط +تعالي يا ابنتي جيئي بماذا جئتني حسنَى +لقد جئت بفنجان خذيه جربي البنا +وهذا شبكي هات أجل بالعود قد جيت +وفي الكيس مع الدخا ن زندان وكبريت +سلمت حسنى يداك أنا مولاتي فداك +رأس من الثوم وأخ رى من صغار البصلِ +والسمن مولاتي ترى كأمس لم اقلِّل +لقد غلا سعرا ولا يعجبني السعر الغَلِي +ليتك بالزيت افتكر ت والدقيق والعسل +ولِم يا حسنى أراك اليو م عادك الخبل +وما الذي اشتريت يا حسنى لنا من الخُضَر +الباميا كأنها ال زمرد الخام الحجر +الباميا من�� متى هذا الخضار قد ظهر +جديدة قلت عسى سيدتي بها تُسر +نادى المنادون علي ها منذ أسبوع عبر +ترفُل في شوكتها وفي شبابها النِضر +أجل لقد أكلتها في منزل الشيخ عمر +كالذهب الأبريز والثوم عليها كالدرر +واليوم تأكلينها أمَرّ من طعم الصبر +اشتُريت غالية مثل البواكير الأخَر +من أين جاء ومتى من الصعيد قد بكَر +وبم تُرى جزيته بقبلة مستعجله +امضى فتاتي واطبخي دقّية مكمَّله +كأنها خليَّة من عسل محمَّله +والثوم فيها لؤلؤ وهي به مكلَّله +والعظم واللحم احذري يتعبني أن آكله +اللحم يا سيدتي في البايما ما أسهله +الآن أغسل البلا ط ثم أمضى أطبخ +رحمة الله على سيدتي وسقى الله ثراها وجزاها +حرمتني الشاش حتى ذهبت فكستني الخز في الموت يداها +وحمتني الماء حتى احتجبت فَسُقِيتُ الشهد من فيض نداها +صار لي من بعدها منزلها والدكاكين وآلت ضيعتاها +ثروة قد نهض الجوع بها ومشى الحرمان فيها فبناها +لا ذاك مال جمال تركته لجمال +وعدت ما كنت من قب ل فوطتي هي مالي +سمعت حديث البخل حتى صحبته زمانا أراه كل حين وأسمع +يروح ويغدو بين عينيّ صورة ويأتي حيالي بالحياة ويرجع +سيدتي وبخلها في الحظ سارا كالمثل +يرحمها الله فما أنسى لها تلك الجمل +في غضب عند الحَوا ر واضطراب وزعل +وما اختلفنا مرة في حَمَل ولا جمل +لكن لأجل الثوم كا ن الخلف أو حول البصل +ولم نكن من الدقيق نن تهى ولا العسل +يرحمها الله وإن لم تأت يوما بحسن +عاشت بثوب واحد كالميت عاش بكفن +أما أنا فالشاش أو ما دون ذاك في الثمن +وبذلتي وفوطتي طال عليهما الزمن +وأجرتي عشرون قرشا معَ كثرة المهن +البئر لا أبرحها خارجة وداخله +صاعدة كالدلو كلَّ ساعة ونازله +طباخة أصنع من لا شيء شيئا نأكله +وأنحنى على البلا ط كل حين أغسله +وكل دكان علىّ أجرها أحصِّله +ثم اقترنت بمحام عاطل شرِّيب خمر يحتسيها في الضحى +قلَّت دعاويه وقل ماله وأصبح المكتب منه قد خلا +هدى ضلالٌ أين أنت ياهدى أين العجوز أين جدتي هدى +وانكدا زينب واداهيتا أتى ولا أعرف من أين أتى +زينب خليه دعى لا تفرضيه غير سكران هذَى +من تحت وقد كان من السقف أطَّل وانحنى +وكانت الحارة منا امتلأت فأرسل القئ علينا ورمى +قلت ما رأت عيني وما مرّ على رأسي وما +هدى عجوز النحس أنت قردة خطوطك الوحل وكحلك العمى +خليه دعى لا تفرضيه غير سكران هذَى +ومرة جاء أبا الليف ضحى أذَّن في الناس يصلون العشا +وافضيحتاه ما شهدوا في الحنفِىّ مثلها +هدى تعالي يا عتيقة اظهري عند لك النعل وهذه العصا +خليه دعى لا تفرضيه غير سكان هذَى +دعيه يهذى ما يشا غدا ترين زينب +ففي غد لي وله شأن غدا يؤدَّب +وما الذي عزمت يا حبيبتي أن تصنعي +أقذف في القسم به وأشتكى وأدَّعى +إن رجال القسم والنا ئب والقاضي معي +لَتَنَدمَنَّ يا لُكع يا من يقوم ويقع +ماذا سمعت صوتها أأنت بومتي هنا +الآن يا جميزة ال خط أريك من أنا +هدى حبيبتي اسمعي تعالَى اهزَلي معي +لا تغضبيه إنه ممتلئ ليس يعي +هدى هدى أين هدى أين العجوز البالية +خدّاك ضَفدعان قد أسَّنتا وأذناك عقربان من قِنا +وحاجباك والخطوط فيهما كدودتين اكتظتا من الدِما +وبين عينيك نِفار وجفا عين هناك خاصمت عيناً هنا +دعيني أُقَطِّع عليه الحذاء وأجز الوقاح على ذنبه +دعينيَ أضربه حتى يفيق فلا بدّ زينب من ضربه +قد جاء هيا نتقى جنونه وهوسه +ففي يمينه العصا وف�� الشمال المكنسه +سكران يضرِب إذن لنهرب هلمَّ زينب +هذه حجرة نومي أسرعي زينب فيها +نحن يا زينب لا نك بح سكران سفيها +يا شِبه سيدة البَتو ل وصورة الملَك الطهور +نسَّى جمالك في الإنا ث جماَل يوسف في الذكور +زينُ المهود اليومَ أن تِ وفي غد زين الخدور +إن الأهلَّة إن سَرَت سارت على نهج البدور +بأبي جبين كالصبا ح إذا تهيَّا للسفور +بقيت عليه من الدجى تلك الخيوط من الشعور +وكرائمٌ من لؤلؤ زَيَّنَّ مَرجان النحور +سبحان مؤتيها يتا ثم في المراشف والثغور +تَسقِى وتُسقَى من لعا ب النحل أو طَلِّ الزهور +وكأن نفح الطيب حو ل نضيدها أنفاس حور +وغريبة فوف الخدو د بديعة من ورد جُور +صفراء عند رواحها حمراء في وقت البكور +قبَّلتها وشممتها وسقيتها دمع السرور +حكاية الصيَّاد والعصفوره صارت لبعض الزاهدين صُوَره +ما هزَأوا فيها بمستحقِّ ولا أرادوا أولياء الحق +ما كل أهل الزهد أهل الله كم لاعب في الزاهدين لاه +جعلتها شعرا لتلفت الفِطن والشعر للحكمة مذكان وطن +وخير ما يُنظم للأديب ما نطقته ألسُن التجريب +ألقى غلام شركا يصطاد وكل من فوق الثرى صياد +فانحدرت عصفورة من الشجر لم يَنهَها النهى ولا الحزم زجر +قالت سلام أيها الغلام قال على العصفورة السلام +قالت صبىٌّ منحنى القناة قال حنتها كثرة الصلاة +قالت أراك بادىَ العظام قال بَرتَها كثرة الصيام +قالت فما يكون هذا الصوف قال لبأس الزاهد الموصوف +سَلىِ إذا جهلت عارفيه فأبن عبيد والفُضَيل فيه +قالت فما هذى العصا الطويلة قال لهاتيك العصا سليله +أهُشّ في المرعى بها وأتَّكى ولا أردّ الناس عن تبرُّك +قالت أرى فوق التراب حَبَّا مما اشتهى الطير وما أَحبا +قال تشّبهُت بأهل الخير وقلت أقرِى بائسات الطير +فإن هدى الله إليه جائعا لم يك قرباني القليل ضائعا +قالت فُجد لي يا أخا التنسُّك قال ألقُطيه بارك الله لك +فصَلِيَت في الفخ نارَ القارى ومصرعُ العصفور في المنقار +وهتفت تقول للاغرار مقالة العارف بالأسرار +إياك أن تغترّ بالزهّاد كم تحت ثوب الزهد من صياد +ضُربت بالمضاربين الطبول حيث كل بأمرهم مشغول +كلَّ يوم يمضى غنىّ وجيه وعلى إثره سرىّ جليل +ويبيع الأثاث من ليس بالمث رى ولكن حدا به التطفيل +كان من ثروة البلاد قليل بعد عام يزول ذاك القليل +ذهب النقد والعَقَار جميعا ياسَراة البلاد أين العقول +لو يكون الغِنَى كما قد زعمتم كانت الكيمياء لا تستحيل +يِحسدُ البعض بالمكاسب بعضا حسدا كلكم به مقتول +من يكن يطلب الخراب حثيثا فالخراب الحثيث تلك السبيل +إن فيها لعبرةً لو عقلتم ليس بعد الصعود إلا النزول +ليس بين الغنى إلى الفقر إلا قولة الشؤم من وسيط يقول +ليلة الأمس قد ذهبت وما تذ هب رؤيا أقصها شر رؤيا +ذاك أنى حلمت بالمتنبي صار في مصر قاضيا أهليا +خيروه فقال طنطا أحب المد ن في هذه البلاد إليا +فوجدت الصواب في الرأى أنى أهجر الشعر والقوافي مليا +هو قد بدَّ قائل الشعر ميتا كيف يلقاه قائل الشعر حيا +وتأملت في مصيبة حفني يوم للحكم يجلسان سويا +هو عادي كرسيَّ كافور عمرا هل يصافى لناصف كرسيا +جاءني صاحبي يقول بلاء كنت والله عن بلاء غنيا +قلت نرجو من ناظر العدل يُص يه بأسيوط مبعدا منفيا +إن فيها لشاعرا لك حرا وأراه بالذَّود عنك حرِيا +مُره يمسخ له ولو شطر بيت قال أخشى انقلاب ذاك عليا +أصبح الصبح زيد صدقي وقالوا ناصف عاد قاضيا جزئيا +قضى أريحيّ القوم والقوم من همو فكل لبيب بين جنبيه مأتم +غدا وغدونا والحياة تضمنا ورحنا وكم من ميِّت لا يقوم +فهل خطب الأبرار بالليل ودّه فأصبح فيهم راضيا يتنعم +ألا إنما الدنيا نهار وليلة يذيعان ما تخفى الغيوب وتكتم +ولم ترق منذ الدهر للناس عَبرة إذا ضحك الباكي بكى المتبسم +أبا يوسف في كل نادٍ مناحة أرامل تبكى أو عوائل تلطم +تغيّر للاحسان والجود معهد ونكّر للعرفان والعلم معلم +لئن مت فالإنسان لا بدّ ميت ولكن رزء الناس بالحرّ مؤلم +وما عاش مجهول المكان محقر وما مات مرفوع المنار معظم +وما المال إلا غصة فوق غصة إذا ما سقى المرء القضاء المحتم +وإن الفتى في عيشه ما سعى له وإن الفتى من بعده ما يقدّم +فما كان عند الناس فالناس ألسن وما كان عند الله فالله أكرم +سراة بنى مصر طوى الموت حاتما فهل حاتم من جمعكم يتقدّم +خذوا الخير عنه وافعلوا مثل فعله فَلَلخَير في الدارين زين ومغنم +أما وعظتكم ميتة زلزلت لها جوانب مصر والخلائق نوم +أما راعكم نعش حوى ذلك الغنى وما فيه دينار ولا فيه درهم +ويا أحمد الخيرات إنى ارتجلتها ودمعي ارتجالا خلف نعشك تسجم +بكيت على الحرّ الهمام وفقده وهل حيلتي إلا البكا والترحم +وما الشعر إلا رجع حس وخاطر فمن خانه وجدانه خانه الفم +فخذها رثاء من وفىّ ولوعة يبثك إياها الفؤاد المكلم +لقد كانت الآمال فيك كثيرة وهل تنقض الآمال والله مبرم +وما ابنك إلا الخير من صلب خير فِلم لا يرجى فيه أو يُتوسم +ستعليك ذكرا فوق معن وحاتم أياد على هذا الأنام وأنعم +يحمى فرنسا فتية ما منهمو إلا أسامه +حاطوا الحمى الغالي كما حاطوا من الحق الدعامه +لما أصاروا النوط في يوم الفخار هو العلامه +كانوا الحمائم قل أن تحلو من الطوق الحمامه +يا من يذود عن الحمى نلت العلامة والسلامه +مررنا بالهلال على كريد وقد ملأ الفضاء بها جمالا +بدوا والركب في شوق إليه يضئ لنا رُباها والجبالا +فهلل رفقتي واستقبلوه كما يستقبل الملك احتفالا +فقلت رويدكم هلا ذكرتم شبيها كان أمس هنا فزالا +فلم أر في وجوه القوم شيئا ولم أر مدمعا للقوم سالا +فقلت الأمر للمولى تعالى يصرف ملكه حالا فحالا +لله ريشة صادق من ريشة تزرى طلاوتها بكل جديد +كست الكتابة في المشارق كلها حسنا وفكتها من التقييد +تهدى الحسن الخط كل مقصر وتمدّ في الإحسان كل مجيد +أغلى لدى الكتّاب إن ظفروا بها من ريشة الألماس عند الغِيد +وألُّذ فوق الطرس إن خطرت به من ريشة الليثيّ فوق العود +وتكاد تحيى مؤنسا بصريرها وتقول أيام ابن مقلة عودى +لو لم يكن في الأمر إلا أنها مصرية لأستوجبت تمجيدي +رأيتُ على صخرة عقربا وقد جعلت ضربَها ديدنا +فقلت لها إنها صخرة وطبعَك من طبعها أليَنا +فقالت صدقتَ ولكنني أردت أعرِّفها من أنا +لك يا عشور مكارم هن الغيوث المظمئه +قالوا وهبت ولم تهب للعروة الوثقى مئه +من خير ما جَمَعت لك ال بُهَمُ الغزاة من الفئه +فرأيت كل صحيفة سارت بذلك منبئه +وسمعت كل جماعة يتبادلون التهنئه +بَرِّئ نوالك يا عش ور فذا أوان التبرئه +حسنات وعدك كلها في جنب خُلفك سيئه +قم إلى الأهرام واخشع واطَّرح خِيلة الصِّيد وزهو الفاتحين +وتمهَّل إنما تمشى على حَرَم الدهر ونادى الأولين +وارتق الأحجار واصعد منبرا لم يُسَخَّر لأمير المؤمنين +ادعُ قومي من ذرى أعواده لخلال كالصباح المستبين +قل لهم عهدىَ فيكم أمةً عرفوا الحق وقوما صابرين +عطف الدهر على ثورتكم ولوى الناسَ عليها معجبين +هزت الليث ولما يَصح من دم غليومَ وصيدٍ آخرين +فرأى ما لم يقع في وهمه مصر تستكبر والألمان دِين +ثورة أقبلت السلمُ بها عجبُ الرائين سحرُ السامعين +قام رهط منكم فاقتحموا كبرياء الفاتحين الظافرين +جحدوا السيف وردّوا حكمه عُزَّلا إلا من الحق المبين +همة تكتبها مصر لهم إن أبيتم أن تكونوا الكاتبين +استخفّ الليثُ إجماعكم وهو نابُ العَجَم الداهي الرزين +فزأرتم زأرة أقعى لها وأجال اللحظ فيهم يستبين +مستعيذا منكُم بالله أن تُصبحوا الهند وتمسوا الصِين فِين +نفر تأوى إليهم أمة ووزير يَتولى الثائرين +وشباب من رآهم عصبةً قال نَحلٌ أُوذنت بالمعتدين +وجموع عُزَّل ما أكترثت لجموع بالمواضي معلنين +زادهم سعد شَباتَي همة كالحسام العضب والرمح السَّنين +ببيت الأمة أعتَقلِ المطيّا وفي دهليزه أطرق ملِيا +وألقِ سِبال ذقنك فيه وأنشق تراب الساحة الكبرى ذكيا +وأدِّ إلى الجزيريّ التحايا وسله ينل لك الإذن العلِيا +وحَملق فيه حين يهز عِطفا تجد تحت الغِلالة سمهريا +وقل لم أدرِ أنت أم الجديلي ألذّ تقمصا وأَحبّ زِيا +وإن يحمل إليك الإذن فاصعد تجد دَرَجا يبلغك الرُّقيا +هناك دع التبهنس كابن سينا ولا تتبخترنّ زمخشريا +ولا ترقص إذا أنشدتَ شعرا فإن الرقص آذى البحتريا +وقل يا واهب الرتب العوالى متى وعسى تبلَّغني النديا +ورأسك لا فشرت ولن تراني مجمش لحيتي ما دمت حيا +ولا قرقرت أوبربرت يوما كما هيجت ديكا مالِطِيا +ولا سمع الجماعة غير أني أرى السودان قطرا أجنبيا +برئت إليك من خلطي وخبطي ومما لفق الواشي علَيا +وجئت إليك أشكو من هموم مؤرّقة فهل تُصغى إليّا +فقد ضاقت بي الدنيا فسعني فقد تسمع المنافق والتقيا +فكم خصم عطفت عليه حتى تقدّم في ولايتك الوليا +فهبني كنت خصما أو عدوّا أليس الصفح مذهبك الرضيا +لعلك قد علمت وفاة مكسى وكيف مضى وخّلف لي عليا +و أوفرلَند أدركها كُساح فليت كساحَها في ركبتيا +وخطب الصيدلية كان أدهى وأنكر موقعا في مسمعيا +رحلت وفي العيادة كل شئ وعدت فما وجدت هناك شيا +خلَت من كل ما فيها كأني أقمت الفأر فيها صيدليا +ولى مرضى من العمال كُثر إذا الأسطى مضى بعث الصبيا +أحررها تذاكر ليس تحُصى وما من ذاك شئ في يديا +يمينا بالطلاق وبالعتاق من الدنيا المعلقمة المذاق +وكل فقارة من ظهر مكسى بصحراء الإمام وعظم ساق +وتربته وكل الخير فيها ونسبته الشريفة للبراق +وبالخُطَب الطوال وما حوته وإن لم يبق في الأذهان باق +وكَسرى الشعر إن أنشدت شعرا ونطقي القاف واسعة النطاق +وما لوَّنت للدُّولات وجهي ولم ألبس لها ثوب الرياق +بوقت ضاعت الأخلاق فيه وأصبحت السلامة في النفاق +أيشتمني سليمان بن فوزي و بيبي في دي ومعي تَباق +وتحت يدى من العمال جمع يُشمِّر ذيله عند التلاقى +ولسنا في البيان إذا جرينا لأبعدِ غاية فرسَي سباق +تُقاقي ذقنه من غير بيض ولي ذقن تبيض ولا تقاقي +وتحلاق اللحى ما كان رأيى ولا قصّ الشوارب من خلاقي +أنا الطيار رجل في دمشق إذا اشتدّت ورجل في العراق +أنا الأسد الغضنفر بيد أني تسيرني الجآذر في الرباق +ألا طز على العيهور طز وإن أبدى مجاملة الرفاق +بقارعة الطريق ينال مني ويوسعني عناقا في الزقاق +وليس من الغريب سواد حظي وبالسودان قد طال التصاقي +نُحست فلو دعيت لأجل فتق وجدت قليطة تحت الفتاق +ألم تر أنني أعرضت عنه وصار لغير طلعته اشتياقي +أذم القبعات ولابسيها وتعجبني الشوادن في الطواقي +وأوعز بالعقال إلى شباب رجعت بهم إلى عصر النياق +فسبحان المفرِّق حظ قومٍ قناطيرا وأقوامٍ أواقي +وقوم يرتقون إلى المعالي وقوم ما لهم فيها مراقى +وأصحاب المقارف والمرازي وأصحاب المزارع والسواقي +وأيد لا تكاد تصيب خبزا وايد لا تُسل من الرقاق +وعيش كالزواج على غرام وعيش مثل كارثة الطلاق +أمور يضحك السعداء منها ويبكى البلشفيّ والاشتراقي +الله أعطى عهد مصر محمدا والله إن أعطى أعز وأيدا +شرف على شرف ومنّة منعم ما كان يسديها إلى عبد سدى +وإذا أظل الله طفلا مرضعا جعل الأسرة مهده والمرقدا +صبح البنين إذا غدوا فيها وهم فالأمّهات وما يلدن له فدا +نرجو به وبهم لمصرٍ بَعثة ولرب عصر في المهود تجددا +ونعدّ تعذر أن نُهَيِّئ خيرهم فمن الأبوّة أن نحب ونرشدا +للمرء في الدنيا مقاصد جمة جُمعت فكان النسل منها المقصدا +فإذا وفدت على الوجود فكن أباً أو كن خيالا في الوجود مشرَّدا +فرحت قلوب الأمهات وفتحت لحفيدة الأمراء جدتهم غدا +للأصل طهرا والفروع كريمة والبر حقا والحنان مؤكدا +يا ربة التاجين عن آبائها عن ماجدٍ عال عن ابنٍ أمجدا +يتألقان الدهر هذا بالعلى حالٍ وهذا بالفضيلة والهدى +جددتِ صفو الملك بالنعم التي صحبت ظهور الجود ميلاد الندى +وبليلتين أضاءتا كلتاهما كانت لنا أفقا وعزك فرقدا +ما زال قصر الملك يشرق فيهما حتى حسبنا الصبح حالا سرمدا +تتقابل الأعلام في شرفاته وتخر للشرف المؤثَّل سجّدا +والعرش في عيد بصاحب عهده والتاج خلف العرش يحيى المولدا +وترى البلاد به بناء وجودها وعمادها ومنارها المتوقدا +قالوا السماك فقلت خطرة شاعر من للسماك بأن يُقلّ السؤددا +قالوا الثريا قلت قد قيست بها شرفاته فاختار ثم تقلدا +من للكواكب أن تكون كمثله حرما برفرفك الأمِين ومسجدا +أو من لها أن تستعد وأن تُرى عقدا بأفراح الأمير منضدا +أم هل هي الدنيا التي قد أمَّها شغلت كما شغل الأحبة والعدى +الشمس كان لها حفيد في الورى وحفيد هذا العز أشرف محتدا +كانت وعود الدهر بين شفاهه فافتر عنه فاقتبلتِ الموعدا +ومشى إليكِ يتوب عن هفواته عبدا فردّيه بعفوك سيدا +تحار البلاغة فيك فكي ف إذا حاول النطق محرومها +فدون خلالك منثورها ودون فعالك منظومها +ولكن أقول لقولك أنت رفيع البلاغة مفهومها +من العدل أنك للعدل قمت لترضَى الحقوقُ ومهضومها +وإن إرادة حلمي دعاك لأعلى الأرائك مرسومها +لأنهم يظلمون العُلى وأنت وحقك مظلومها +في ذي الجفون مصارع الأكباد الله في جنب بغير عماد +كانت له كبد فحاق بها الهوى فهوت وقد كانت من الأطواد +وإذا النفوس تطوّحت في لذة كانت جنايتها على الأجساد +نَشوَى وما يُسقَين إلا راحتي وَسنَى وما يُطعمن غير رقادي +ضَعفَي وكم أبلين من ذى قوّة مرضى وكم أفنَين من عُوّاد +يا قاتل الله العيون فإنها في حَرِّ ما نصلى الضعيفُ البادى +قاتلن في أجفانهن قلوبنا فصرعنها وسلمن بالأغماد +وصبغن من دمها الخدود تنصلا ولقين أرباب الهوى بسواد +والهدب أرأف بالقلوب وإنما يَتِد السلامُ بأوهن الأوتاد +يا ساقِيَّ تخيرا صرف الأسى أو فامزجا كأسيكما بسهاد +فلعل بعض الهم يخلف بعضه فأرى بذلك راحة لفؤادي +مالي تعالجني المدام كأنما عقلي بواد والمدام بوادي +هذا الزجاج ��لى فؤاد مثله ريان من هذى السلافة صادى +صدعت حواشيه الهموم بنابها واللب من صدع على ميعاد +ما كنت أوثر أن تطول سلامتي فأرى المعالي حلية الأوغاد +وأرى الأعادي في البلاد مواليا وأرى الموالي في البلاد أعادي +وأيادىَ المتقدمين مساوئا ومساوئ المتأخرين أيادي +وأرى بني وطني تُفرِّق بينهم أيدى العداة وألسن الحساد +وأشد من وقع المصاب على الفتى ذكر المصاب على لسان عادى +عباس إنك للبلاد وإنه لم يبق غيرك من يقول بلادي +لولاك لم نُعِر المواسم نظرة كلا ولم نقبل على الأعياد +ولما توردنا لسائمة دما نفدى نفوسا ما لها من فادي +شطت بنا فلك الأمور فكن لنا في بحر حيرتنا المنار الهادى +وكن السعود الطاردات نحوسنا الغاديات بنفحة الإمداد +يأتي الشقاء على البلاد وينقضى وشقاء مصر مؤبد الآباد +وأرى مصيبة كل قوم غيرهم وأرى مصيبتنا من الأفراد +من كل أرعن كاذب لا يُرتَجى لعداوة يوما ولا لوداد +يا ابن الأولى لا ينتهى إلا لهم إحياء مصر وغرس هذا الوادي +ثبتوا على عهد البلاد بموقف ناب الثبات به عن الأجناد +والعصر يرعد والملوك حنيقة والفلك رابحة الشراع غوادي +فأبوا فكان العزم أكرم ناصر لهمُ وكان الحزم خير عَتَاد +والحق يُنصر حين ليس بنافع بأس الجيوش ودُربة القوّاد +فاسأل فكم من صيحة لك في الورى نقلت إلى الدنيا صدى الآساد +مولاى وآبق الدهر أسلم سالم وتَلقَّ أعيادا بغير عِداد +تؤتى رعيتك الوفية سؤلها وتبلغ الأوطان كل مراد +وتفوز بالنصر المبين على العدا والغاصبين الحق والأضداد +وتطهر السودان من آفاته وتقيمه في الأمن والإسعاد +وتبيد ملك الذاهبين بعزه الصائرين بسوقه لكساد +سلطت في تأديبهم رعدا على رعد وجلادا على جلاد +فاندك بغيهم ببقى مثله والله للباغين بالمرصاد +على قدر الهوى يأتي العتاب ومن عاتبت تفديه الصحاب +صحوت فأنكر السلوانَ قلبي علىّ وراجع الطربَ الشباب +وللعيش الصبا فإذا تولى فكل بقية في الكأس صاب +وما ورثت له عندى حبال ولا ضاقت له عني ثياب +كأنّ رواية الأشواق عود على بدء وما كمل الكتاب +إذا ما اعتضت عن عشق بعشق أُعيد الكأس وامتدّ الشراب +وكل هوى بلائمة مشوب وحبك في الملامة لا يشاب +لأنك أنت للأوطان كهف وأنت حقوق مصرِك والطِلاب +فأهلا بالأمير وما رأينا هلالا تستقرّ به الركاب +ولا شمسا برأس التنين حلّت وفي الدنيا ضحاها واللعاب +تغيب عن البلاد وعن بنيها وما لك عن قلوبهم غياب +أظلتك الخلافة في ذراها وبرت سوحها بك والرحاب +وفُتِّح للرعاية ألف باب هناك وسُدّ للواشين باب +وردنا الماء بينكما نميرا وأظمأَ من يريبكما السراب +وما وجدوا لمفسدة مجالا ولكن تنبح القمر الكلاب +فعيشا فرقدين من الليالي وعاش خلائق بكما وطابوا +نداء الخلف بينكما عقيم وداعي الله بينكما مجاب +بين الملامة فيكم والهوى الجلل لي موقف الدمع بين العذر والعذل +إذا سمعت لقلبي زاد بي كلَفى وإن سمعت لغير القلب لم أخَل +والحب باللوم كالدنيا لصاحبها لم يخل من راحة فيها ومن ملل +ودعتكم وفؤادي خافق بيدى والبين يأخذ من حولي ومن حيلي +وما توهمت قلبي قبل فرقتكم يهب مثل هبوب الركب والإبل +لما أجبن النوى وكَّلن بي حدقا بين الشفاعة في الأحباب والسُّؤل +من علَّم العِيس نجوانا ورحمتنا فأومأت برقاب خُشَّع ذُلُل +ردّوا إلى اليأس مضنى لا حراك به لعل في اليأس بُرءاً ليس في الأمل +لو تبصرون وقوفى في منازلكم رأيتم طللا يبكى على طلل +بليت مثل بلاها وارتدت سقمي كلا الَّلبُوسين فيكم أجمل الحلل +لو كنت لازار أعطِى يوم منبعث بذلته فوق عمري غير مبتذل +أو كنت يوشع تجرى الشمس طوع يدى طمعت منكم غداة البين في المهل +أو كنت عيسى أعيد الميت سيرته أعدت للسقم جسما مات بالعلل +أو كنت موسى يخط اليم لي سبلا حملتكم في عيون سمحة السبل +مولاى عيدك عيد الناس كلهم وأنت جامعة الأجناس والملل +وما صنوف الرعايا حافلين به إلا كبيت برب البيت محتفل +وأنت كالشمس لم يخصص بها أفق وأنت كالبدر لم يَرهَن على نزل +إن الملوك على الكرسيّ مربعها وأنت تجلس في الأسماع والمُقَل +حللت من كل نفس في سريرتها وقمت منها مكان البِشر والجذل +آل الندى لك والأمثال سائرة ولو تقدمت ما زادت على مثل +إن يسبقوك لفضل أو لمكرمة فالسبق في الدهر لا في الفضل للأُوَل +وأنت لولا تليد الملك تحرزه من الشمائل في ملك وفي خول +بلوت في الجاه قوما والغنى نفرا فما تهيبت كالأخلاق في الرجل +فهن من كل جاه أو غنى بدل وما لهن إذا أخطأن من بدل +قل للمشارق موتى غير راجعة ففي الممات شفاء الجهل والكسل +فما تعلاتها والموت مدركها إلا كما أمن المسلول للأَجل +إن الشعوب إذا ما أدبرت حبست مالا عن البر أو علما عن العمل +ونام كل نصوح عن مجاهلها ولو أراد هدى أعيا فلم يقل +شقيت بالشعر في ناس أعوذ بهم من أن يقول الأعادي شاعر الهمل +وضعت بالحمة الغرّاء في زمني كما يضيع شعاع الشمس في الوحل +مولاى أحمد هذا لا سمىَّ له وأنت كل سيوف العصر والدول +لما رأيتك تاج القرن مدّخرا قلّدتك الماس من مدحي ومن غزلي +وبشرتني المنى فيما تحدثني بمظهر لسرير النيل مقتبل +وسؤدد لأميري فوق سؤدده وما المزيد الذي أرجو بمحتمل +وإنما أنا سار في سنا قمر يقول للبدر في غاياته اكتمل +أسلم محمد سيدى للوالدين وعش لمصرا +وخذ النجابة كلها عن أنجب الآباء طرّا +وانهض فُديت بعهده مئة وقم بالحكم أخرى +كن في الإمارة شبه كسرى ثم كن في الملك كسرى +إن البلاد لها غد يرجى فكن غدها الأغرّا +لا تيأسن فإن ربّ ك محدث إن شاء أمرا +قَسَما بمن أوصى الفتى بالأهل والأوطان برا +إني أحبك في على والحسين ومن سَيَطرا +علما بأنك ذخرهم وأبوك لي مازال ذخرا +إن السنين حلفن لا حالفن غير صباك نضرا +أفنيتَها خمسا فخمسا فأبِلها عشرا فعشرا +في ظل أفضل جدَّة ملأت سماء النيل طهرا +العيد هلّل في ذُراك وكبّرا وسعى إليك يزف تهنئة الورى +وافى بعزك يا عزيز مهنئا بدوام نعمتك العبادَ مبشِّرا +نظم المنى لك كالقلادة بعدما نشر السعود حيال عرشك جوهرا +لاقى على سعد السعود صباحه وجه تهلل كالصباح منوِّرا +سمحا تراه ترى العناية جهرة والحق أبلج في الجبين مصوَّرا +والله توَّجه الجلالة والهدى والعز والشرف الرفيع الأكبرا +عرفات راض عنك يا ابن محمد والذاكرون الله في تلك الذرى +نشروا الثناء على الإمام مُمسَّكا وعليك من بعد الإمام معنبرا +ملأوا ربوع المعجزات ضراعة لله أن يرعى الهلال وينُصرا +ويعُزَّ ملككما ويلحظَ أمةً أغرى الزمان بها الصروف تنكُّرا +لم تنقُص الأيام من إيمانها من سنَّة الأيام أن تتغيرا +يا أيها الملك العزيز تحية هتف الأنام بها لعزك مكبرا +تخذوا المنابر في ثنائك جمة واختار شاعرك الثريا منبرا +إن لم تكن نِيل البلاد حقيقة فنداك روَّاها وعدلك نضَّرا +والنيل عند الظن غاية جريه ونداك من فوق الظنون إذا جرى +أو كلما بسط الكرام أكفهم بالجود أنهارا بسطتَ الكوثرا +لم يبق للاسلام غيرك مظهرٌ في مصر لا عدمت لعرشك مظهرا +وبقيت في الملك السعيد مؤيدا بالله والهادي البشير مظفَّرا +مُلك حسودك فيه ليس بعاقل من ذا يعادى الله والمدثِّرا +تعذرت الركائب والمطايا فأوفدنا القلوب إلى السلوم +نحث صميمها حبا وشوقا إلى الملك الكريم بن الكريم +تعَّهدَ ظلك الصحراء حتى غدت رمضاؤها برد النعيم +مررتَ بها فهبَّت من بِلاها كعيسى يوم مرّ على الرميم +وأنت النيل إحياء ونفعا تبث البرء في البلد السقيم +تهنئك البلاد وَمن عليها بعام هلَّ ميمون القدوم +يزيد هلالهَ حسنا وحسنى هلالُ من محّياك الوسيم +تطلعت السنون إليك حبا وتاه بك الجديد على القديم +فعِش ما شئت من عددٍ جِدادا بجيد الدهر كالعقد النظيم +مباركة أهَّلتُها لمصر وللكرسيّ والنجل الفخيم +بعثت سرائري في الكتب تترى إلى ملك بخالصها عليم +ودون خلاله الأرِجات شعري وإن صغتُ المديح من النسيم +أُمّ الملائك والبدور أهلا بهودجك الطهور +لما أقلَّك فاض من نور الزيارة والمزور +عَطِر الستور كأنما قد صيغ من تلك الستور +الله أكبر إذ طلع ت على المدائن والثغور +أقبلتِ كالرزق الكري م وكالشفاء وكالسرور +الشمس تُزهر في السما ء وأنت أزهر في الخدور +وممالك ابنك تزدهي ورعية ابنك في حبور +في موكب جم السنا والعز مكِّىِّ العبير +لفت الزمانَ جلاله بين التخطر والسفور +الناس فوق طريقه كزحامهم يوم النشور +يمشون نحوكِ بالمصا حف والذبائح والنذور +فكأنما قد بشَّروا بالطهر عائشة البشير +طافوا بهودجها اغتنا ما للمثوبة والأجور +يتساءلون عن العنا ية كيف منّت بالظهور +وعن السعادة هل تجرّ ال ذيل في الجمّ الغفير +ولقد أشرتِ براحتي ك فكبَّروا ليدِ المشير +قال اليتيم عرفتها وسما لها بصر الفقير +هلا مددت يد النوا ل الجم للقبل الكثير +يا بنت إلهامي الذي بهر الخلائق بالمهور +وبراحة فوق السحا ب وفوق مقدرة البحور +كان المعظَم في الخوا قين الأميرَ على الصدور +أما العزيز محمد فثناؤه نور العصور +ضُربت به الأمثال في فضل وفي كرم وخِير +وفتاكِ عند الحاثا ت أقرّ حلما من ثبير +الدين والدنيا له فضل من الله القدير +ملء المحافل ملء عي ن زمانه ملء السرير +نسب خطير زانه مانلتِ من حسب خطير +أمن الشموس حفيدتا ك البرتَّان أم البدور +أم من كريمات الحسي ن صباحه يوم النقور +فتحية وعطية نور يسير بجنب نور +هذى كما الملكَ الكري م وتلك كالفَلَك المنير +حوريتان على الثرى لم تتركا برا لحور +تستأنسان بموحش ال فلوات من بعد القصور +والدين أليق بالإنا ث فهنّ مدرسة الذكور +وأراه أجمل إن حرص ن عليه في العمر النضير +يكسو الفتاة على الجما ل جلالة الشيخ الوقور +يا أيها الملِكات با قٍ ذكركنّ على الدهور +سرتم إلى خير البيو ت وزرتمو خير القبور +فذهابكم وإيابكم في ذمة الله الشكور +سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها واستخبروا الراح هل مسّت ثناياها +باتت على الروض تسقيني بصافية لا للسُّلاف ولا للورد رياها +ما ضر لوجعلت كأسي مراشفها ولو سقتني بصافٍ من حمياها +هيفاء كالبان يلتف النسيم بها وينثنى فيه تحت الوشى عِطفاها +حديثها السحر إلا أنه نغم جرت على فم داود فغنّاها +حمامةُ الأيك من بالشجو طارحها ومَن وراءَ الدجى بالشوق ناجاها +ألقت إلى الليل جيدا نافرا ورمت إليه أذنا وحارت فيه عيناها +وعادها الشوق للأَحباب فانبعثت تبكي وتهتف أحيانا بشكواها +يا جارة الأيك أيام الهوى ذهبت كالحلم آها لآيام الهوى آها +بي مثل ما بك يا قمرية الوادى ناديت ليلى فقومي في الدجى نادي +وأرسلي الشجو أسجاعا مفصلة أو ردّدي من وراء الأيك إنشادي +تلفت الروض لما صحت هاتفة كما تلفتت الركبان بالحادي +كم هاج مبكاك من مجروح أفئدة تحت الظلامِ ومن مقروح أكباد +لا تكتمي الوجد فالجرحان من شجن ولا الصبابةَ فالدمعان من واد +يا حلوة الوعد ما نسّاك ميعادي عزُّ الهوى أم كلام الشامت العادي +كيف انخدعت بحسادي وما نقلوا أنت التي خلقت عيناك حسادي +طرفي وطرفك كانا في الهوى سببا عند اللقاء ولكن طرفك البادي +تذكرى هل تلاقينا على ظمأ وكيل بَّل الصدى ذو الغُلة الصادي +وأنت في مجلس الريحان لاهية ما سِرت من سامر إلا إلى نادي +تذكري منظر الوادي ومجلسنا على الغدير كعصفورين في الوادي +والغصن يحلو علينا رقة وجوى والماء في قدمينا رايح غاد +تذكري نغمات ههنا وهنا من لحن شادية في الدوح أو شادي +تذكرى قبلة في الشعر حائرة أضلها فمشت في فرقك الهادي +وقبلة فوق خد ناعم عطِر أبهى من الورد في ظل الندى الغادي +تذكري قبلة من فيك أجعلها من اللقاء إلى أمثاله زَادي +تذكري موعدا جاد الزمان به هل طرتُ شوقا وهل سابقت ميعادي +فنلتُ ما نلت من سؤل ومن أمل ورحت لم أحص أفراحي وأعيادي +بلبل حيران على الغصون شجِى معنَّى بالورد هايم +في الدوح سهران من الشجون بكى وغنى والورد نايم +سكران بغير الكاس في مجلس الورد +من عنبر الأنفاس ومنظر الخدّ +يبص فوقه ويبص تحته ويمدّ طوقه ويسم ريحته +فنن يحطّه وفنن يشيل وجناح يقوم به وجناج يميل +في إيد الليل يلعب به ورّاه الويل يا قلبه +مجروح من ساقه ومن طوقه ما دِرى بالشوق من شوقه +من دوح لدوح سهر ونوح ياليل ده طير بدن وروح +من فرع غصنه ع الورد مال وراح يمين وجِه شمال +قال له يا سوسن يا تمرحِنه يا ورد أحسن من ورد جنه +مين بالفرح لوّنك مين ومن الشفق كوّنك مين +يا ريحة الحبايب يا خدّ الملاح لِشوكة جمالك وضعت السلاح +تبارك الِّلى خلق ظلك من الخفة واِللِّى كساك الورق ولفه دى اللفه +زى القبل ولفة شفه على شفه ياورد فوق لا الجناح ينهض ولا الجرح يرقى +تشوفني وقت الصباح جسد على الأرض ملقى +أموت شهيد الجراح ويعيش جمالك ويبقى +النيل نجاشي حليوه واسمر +عجب للونه دهب ومرمر +أرغوله في إيده يسبِّح لِسيده +حياة بلادنا يارب زيده +قالت غرامي في فلوكه وساعة نزهه ع الميه +لمحت ع البعد حمامه رايحه على الميه وجايه +وقفت أنادى الفلايكي تعال من فضلك خدنا +رد الفلايكي بصوت ملايكي قال مرحبا بكم مرحبتين +دى ستنا وانت سِيدنا هِيلا هوب هيلا +صلّح قلوعك ياريس هيلا هوب هيلا +جات الفلوكه والملاح ونزلنا وركبنا +حمامه بيضه بفرد جناح تودّينا وتجيبنا +ودارت الألحان والراح وسمعنا وشربنا +هيلا هوب هيلا +في الليل لما خِلى إلا من الباكي +والنوح على الدوح حِلى للصارخ الشاكي +ما تِعرف المبتلى في الروض من الحاكي +سكون ووَحشه وظُلمه وليل ما لوش آخر +ونجمة مالت ونجمه حِلفت ما تتأخر +دا النوم يا ليل نعمه يحلم بها الساهر +الفجر شأشأ وفاض على سواد الخميله +لمح كلمح البياض من العيون الكحيله +والليل سرح في الرياض أدهم بغرّه جميلة +هنا نواح ع الغصون وهناك بكا في المضاجع +ليه تِشتهى النوم عيون وعيون سوالي هواجع +ودوح غِرق في الشجون ودوح ماشافش المواجع +يا ليل أنيني سمعته والشوق رجع لي وعاد +وكل جرح وساعته وكل جرح بميعاد +كم من مفارق وجعته ونضو هجر وبعاد +فؤاد تعطف وزار دار الموسيقى ركابه +روضة دَخلها أزار وكل روضه رحابه +في كل ناحية هزار يردّ بلبل جوابه +القانون سلِّم عليك يا حامي القانون +والعود إتكلم حيّا معز الفنون +والنادي إتقدّم وقال الله يصون +الليل بدموعه جاني يا حمام نوّح ويايه +نوّح واشرح أشجاني دا جواك من جنس جوايه +الشوق هاجك من نوحك وشكيت الوجد معايه +أبكى بالدمع لنواحك وتنوّح يا حمام لبكايه +بعد الأحباب لوّعنا والصبر دواك ودوايه +مِسير الأيام تجمعنا إن كان في الصبر بقايه +إن لقيت عندي من حبي سلطان العشق هوايه +أنا خدت الدمع في قلبي وأكتم في القلب أسايه +الِّلى يحب الجمال يسمح بروحه وماله +قلبه إلى الحسن مال ما للعوازل وماله +نام يا حبيبي نام سِهرت عليك العناية +يا ريت تشوف في المنام دمعي وتنظر ضنايا +الحب طير في الخمائل شفنا غرائب جنونه +حاكم بأمره وشايل على جناحه قانونه +تيجى تصيده يصيدك ومين سِلِم من حباله +وكل خالي مسيره يعذب الحب باله +يالِّلى مادُقت الغرام من العيون السلامه +إسلم بروحك حرام دى عين تقيم القيامة +الاسم عين وتلاقيها قدح وخمره وساقى +وسحبة الرمش فيها من بابل السحر باقي +شبكت قلبي يا عيني شوفى بقى مين يحلّه +النوم بينك وبيني إمتى يجينى وأُول له +يا فايتني لسهدى على كيفك تعالا لي والاَّ أبعت طيفك +توحشني وأنت ويايا وأشتاق لك وعينيك في عينيا +وأذَّلِّل والحق معايا واجى أعاتبك ما تهونش عليا +وطن جمالك فؤادي يهون عليك ينضام شهد معالم ودادي وتضيع الأعلام +يا دى العجايب شوف فرحة اللوّام اللى ما يعرف العادي تعرفه الأيام +الناس لليل تشكى وتجى له تحكى +والليل لمين يشكى ويروح لمين يحكى +بدرك ياليل طلَّعته وبدرى خبيته +غاير يا ليل قل لي تكونش حبيته +يا ليلة الوصل استنى أفرح بِحِبي واتمتع +الصبح ليه ياخذه مني والفجر مين قال له يطلع +أهُون عليك تزيد ناري ولساني يشكى لك لم ترحم شاكي +وليه بلحاظك ليه تضحينى وانا أبات ليالي باكي +أرى النجوم أناجيها من وجدى وان لاح البدر يواسيني +يشوف حالي ينظر إلى حسنك تشوف خيال حبيبي عيني +رضيت أنا بما ترضاه ياروحي بس أتعطَّف وانظر عانى +أخاف تبعتلي طيف خيالك يروح ولا يجنيش تاني +كان عهدي عهدك في الهوى يا نعيش سَوَى يا نموت سوى +أحلام وطارت في الهوى تركت مريض من غير دوا +ليه طول الجفا ليه ضاع الوفا ليه زاد الأسى ليه روحي تهون +أحب أشوفك كل يوم يرتاح فؤادي +والقلب داب من البعاد يا طول عذابي +يا سيدي شوف ذُلِّي إِليك الامتثال +حرام عليك ارحم ودادي +رأيت خياله في المنام ما أحلاه يا وعدي +والفكر تاه في دى الجمال زوّدت وجدي +يا روحي راح عقلي عليك وأقول كمان +وحياة عينيك تحفظ لي عهدي +دار البشاير مجلسنا وليل زفافك مؤنسنا +إن شا الله تفرح يا عريسنا وان شا الله دايما نفرح بك +على السعادة وعلى طيرها وادخل على الدنيا بخيرها +فرحه تشوف لابنك غيرها وتعيش لأهلك واصحابك +الشمس طالعة في التلِّى ورده وعليها توب فُلِّى +ملحه في عين اللي ما يصلِّى ولا يقولش تتهنَّى +دنيا جميلة قم خدها سِتَّك وبالمعروف سيدها +قوم يا عريس بوس إيدها وصلى واطلب واتمنى +حرّة تصونك وتصونها وتقوم بدارك وشؤونها +تشوف عيونك وعيونها دُخلة ولادك والحِنه +كل اللي حب اتنصف وانا اللي وحدى شكيت +حتى اللى رحت اشتكى له قال لي ليه حبيت +لا شكوى نفعت ولا يا قل ب الحبيب رقيت +احترت والله واحتار دليلي ياناس يارب أمرك بِالِّلى كتبه أنا رضيت +ساهِى الجفون ما كفاك الهجر ياساهِي فرحان بِتلعب وعن حال الشَّجِى ساهِى +الليل يِطول يا قمر وانا سهران عليك ساهِى حِسَّك تِقول مدّعى يا مجنّن العشاق +القلب أهو جريج والِكبد لِسّاهِى +رَضِيَ المُسلِمونَ وَالإِسلامُ فَرعَ عُثمانَ دُم فِداكَ الدَوامُ +كَيفَ نَحصي عَلى عُلاكَ ثَناءُ لَكَ مِنكَ الثَناءُ وَالإِكرامُ +هَل كَلامُ العِبادِ في الشَمسِ إِلّا أَنَّها الشَمسُ لَيسَ فيها كَلامُ +وَمَكانُ الإِمامِ أَعلى وَلَكِن بِأَحاديثِهِ يَتيهُ الأَنامُ +إيهِ عَبدَ الحَميدِ جَلَّ زَمانٌ أَنتَ فيهِ خَليفَةٌ وَإِمامُ +ما رَأَت مِثلَ ذا الَّذي تَبتَني ال أَقوامُ مَجداً وَلَن يَرى الأَقوامُ +دَولَةٌ شادَ رُكنَها أَلفُ عامٍ وَمِئاتٌ تُعيدُها أَعوامُ +وَأَساسٌ مِن عَهدِ عُثمانَ يُبنى في ثَمانٍ وَمِثلُهُنَّ يُقامُ +حِكمَةٌ حالَ كُلُّ هَذا التَجَلّي دونَها أَن تَنالَها الأَفهامُ +يَسأَلُ الناسُ عِندَها الناسَ هَل في الن ناسِ ذو المُقلَةِ الَّتي لا تَنامُ +أَم مِنَ الناسِ بَعدُ مَن قَولُهُ وَح يٌ كَريمٌ وَفِعلُهُ إِلهامُ +صَدَقَ الخَلقُ أَنتَ هَذا وَهَذا يا عَظيماً ما جازَهُ إِعظامُ +شَرَفٌ باذِخٌ وَمُلكٌ كَبيرٌ وَيَمينٌ بُسطٌ وَأَمرٌ جِسامُ +عُمَرٌ أَنتَ بَيدَ أَنَّكَ ظِلٌّ لِلبَرايا وَعِصمَةٌ وَسَلامُ +ما تَتَوَّجتَ بِالخِلافَةِ حَتّى تُوِّجَ البائِسونَ وَالأَيتامُ +وَسَرى الخِصبُ وَالنَماءُ وَوافى ال بِشرُ وَالظِلُّ وَالجَنى وَالغَمامُ +وَتَلَقّى الهِلالَ مِنكَ جَبينٌ فيهِ حُسنٌ وَبِالعُفاةِ غَرامُ +فَسَلامٌ عَلَيهُمُ وَعَلَيهِ يَومَ حَيَّتهُمُ بِهِ الأَيّامُ +وَبَدا المُلكُ مُلكُ عُثمانَ مِن عَل ياكَ في الذِروَةِ الَّتي لا تُرامُ +يَهرَعُ العَرشُ وَالمُلوكُ إِلَيهِ وَبَنو العَصرِ وَالوُلاةُ الفِخامُ +هَكَذا الدَهرُ حالَةٌ ثُمَّ ضِدٌّ ما لِحالٍ مَعَ الزَمانِ دَوامُ +وَلَأَنتَ الَّذي رَعَّيتُهُ الأُس دُ وَمَسرى ظِلالِها الآجامُ +أُمَّةُ التُركِ وَالعِراقُ وَأَهلو هُ وَلُبنانُ وَالرُبى وَالخِيامُ +عالَمٌ لَم يَكُن لِيُنظَم لَولا أَنَّكَ السِلمُ وَسطَهُ وَالوِئامُ +هَذَّبَتهُ السُيوفُ في الدَهرِ وَاليَو مَ أَتَمَّت تَهذيبَهُ الأَقلامُ +أَيَقولونَ سَكرَةٌ لَن تَجَلّى وَقُعودٌ مَعَ الهَوى وَقِيامُ +لَيَذوقُنَّ لِلمُهَلهِلِ صَحواً تَشرُفُ الكَأسُ عِندَهُ وَالمُدامُ +وَضَعَ الشَرقُ في يَدَيكَ يَدَيهِ وَأَتَت مِن حُماتِهِ الأَقسامُ +بِالوَلاءِ الَّذي تُريدُ الأَيادي وَالوَلاءِ الَّذي يُريدُ المُقامُ +غَيرَ غاوٍ أَو خائِنٍ أَو حَسودٍ بَرِئَت مِن أولَئِكَ الأَحلامُ +كَيفَ تُهدى لِما تُشيدُ عُيونٌ في الثَرى مِلؤُها حَصىً وَرُغامُ +مُقَلٌ عانَتِ الظَلامَ طَويلاً فَعَماها في أَن يَزولَ الظَلامُ +قَد تَعيشُ النُفوسُ في الضَيمِ حَتّى لَتُري الضَيمَ أَنَّها لا تُضامُ +أَيُّها النافِرونَ عودوا إِلَينا وَلِجوا البابَ إِ��َّهُ الإِسلامُ +غَرَضٌ أَنتُمُ وَفي الدَهرِ سَهمٌ يَومَ لا تَدفَعُ السِهامَ السِهامُ +نِمتُمُ ثُمَّ تَطلُبونَ المَعالي وَالمَعالي عَلى النِيامِ حَرامُ +شَرُّ عَيشِ الرِجالِ ما كانَ حُلماً قَد تُسيغُ المَنِيَّةَ الأَحلامُ +وَيَبيتُ الزَمانُ أَندَلُسِيّاً ثُمَّ يُضحي وَناسُهُ أَعجامُ +عالِيَ البابِ هَزَّ بابُكَ مِنّا فَسَعَينا وَفي النُفوسِ مَرامُ +وَتَجَلَّيتَ فَاِستَلَمنا كَما لِلنا سِ بِالرُكنِ ذي الجَلالِ اِستِلامُ +نَستَميحُ الإِمامَ نَصراً لِمِصرٍ مِثلَما يَنصُرُ الحُسامَ الحُسامُ +فَلِمِصرٍ وَأَنتَ بِالحُبِّ أَدرى بِكَ ياحامِيَ الحِمى اِستِعصامُ +يَشهَدُ اللَهُ لِلنُفوسِ بِهَذا وَكَفانا أَن يَشهَدَ العَلّامُ +وَإِلى السَيِّدِ الخَليفَةِ نَشكو جَورَ دَهرٍ أَحرارُهُ ظُلّامُ +وَعَدوها لَنا وُعوداً كِباراً هَل رَأَيتَ القُرى عَلاها الجَهامُ +فَمَلَلنا وَلَم يَكُ الداءُ يَحمي أَن تَمَلَّ الأَرواحُ وَالأَجسامُ +يَمنَعُ القَيدُ أَن تَقومَ فَهَل تا جٌ فَبِالتاجِ لِلبِلادِ قِيامُ +فَاِرفَعِ الصَوتَ إِنَّها هِيَ مِصرٌ وَاِرفَعِ الصَوتَ إِنَّها الأَهرامُ +وَاِرعَ مِصراً وَلَم تَزَل خَيرَ راعٍ فَلَها بِالَّذي أَرَتكَ زِمامُ +إِنَّ جُهدَ الوَفاءِ ما أَنتَ آتٍ فَليَقُم في وَقائِكَ الخُدّامُ +وَليَصولوا بِمَن لَهُ الدَهرُ عَبدٌ وَلَهُ السَعدُ تابِعٌ وَغُلامُ +فَاللِواءُ الَّذي تَلَقَّوا رَفيعٌ وَالأُمورُ الَّتي تَوَلَّوا عِظامُ +مَن يُرِد حَقَّهُ فَلِلحَقِّ أَنصا رٌ كَثيرٌ وَفي الزَمانِ كِرامُ +لا تَروقَنَّ نَومَةُ الحَقِّ لِلبا غي فَلِلحَقِّ هَبَّةٌ وَاِنتِقامُ +إِنَّ لِلوَحشِ وَالعِظامُ مُناها لَمَنايا أَسبابُهُنَّ العِظامُ +رافِعَ الضادِ لِلسُها هَل قَبولٌ فَيُباهي النُجومَ هَذا النِظامُ +قامَتِ الضادُ في فَمي لَكَ حُبّاً فَهيَ فيهِ تَحِيَّةٌ وَاِبتِسامُ +إِنَّ في يَلدِزِ الهَوى لَخِلالا أَنا صَبٌّ بِلُطفِها مُستَهامُ +قَد تَجَلَّت لِخَيرِ بَدرٍ أَقَلَّت في كَمالٍ بَدَت لَهُ أَعلامُ +فَاِلزَمِ التَمَّ أَيُّها البَدرُ دَوماً وَاِلزَمِ البَدرَ أَيُّهَذا التَمامُ +أَريدُ سُلُوَّكُم وَالقَلبُ يَأبى وَأَعتِبُكُم وَمِلءُ النَفسِ عُتبى +وَأَهجُرُكُم فَيَهجُرُني رُقادي وَيُضويني الظَلامُ أَسىً وَكَربا +وَأَذكُرُكُم بِرُؤيَةِ كُلِّ حُسنٍ فَيَصبو ناظِري وَالقَلبُ أَصبى +وَأَشكو مِن عَذابي في هَواكُم وَأَجزيكُم عَنِ التَعذيبِ حُبّا +وَأَعلَمُ أَنَّ دَأبَكُمُ جَفائي فَما بالي جَعَلتُ الحُبَّ دَأبا +وَرُبَّ مُعاتَبٍ كَالعَيشِ يُشكى وَمِلءُ النَفسِ مِنهُ هَوىً وَعُتبى +أَتَجزيني عَنِ الزُلفى نِفاراً عَتَبتكَ بِالهَوى وَكَفاكَ عَتبا +فَكُلُّ مَلاحَةٍ في الناسِ ذَنبٌ إِذا عُدَّ النِفارُ عَلَيكَ ذَنبا +أَخَذتُ هَواكَ عَن عَيني وَقَلبي فَعَيني قَد دَعَت وَالقَلبُ لَبّى +وَأَنتَ مِنَ المَحاسِنِ في مِثالٍ فَدَيتُكَ قالَباً فيهِ وَقَلبا +أُحِبُّكَ حينَ تَثني الجيدَ تيهاً وَأَخشى أَن يَصيرَ التيهُ دَأبا +وَقالوا في البَديلِ رِضاً وَرَوحٌ لَقَد رُمتُ البَديلَ فَرُمتُ صَعبا +وَراجَعتُ الرَشادَ عَسايَ أَسلو فَما بالي مَعَ السُلوانِ أَصبى +إِذا ما الكَأسُ لَم تُذهِب هُمومي فَقَد تَبَّت يَدُ الساقي وَتَبّا +عَلى أَنّي أَعَفُّ مَنِ اِحتَساها وَأَكرَمُ مِن عَذارى الدَيرِ شربا +وَلي نَفسٌ أُرَوّيها فَتَزكو كَزَهرِ الوَردِ نَدَّوهُ فَهَبّا +لا وَالقَوامُ الَّذي وَالأَعيُنِ اللاتي ما خُنتُ رَبَّ القَنا وَالمَشرَفِيّاتِ +وَلا سَلَوتُ وَلَم أَهمُم وَلا خَطَرَت بِالبالِ سَلواكِ في ماضٍ وَلا آتِ +وَخاتَمُ المُلكِ لِلحاجاتِ مُطَّلَبٌ وَثَغرُكِ المُتَمَنّى كُلُّ حاجاتي +فَتحِيَّةٌ دُنيا تَدومُ وَصِحَّةٌ تَبقى وَبَهجَةُ أُمَّةٍ وَحَياةُ +مَولايَ إِنَّ الشَمسَ في عَليائِها أُنثى وَكُلُّ الطَيِّباتِ بَناتُ +حِكايَةُ الكَلبِ مَعَ الحَمامَه تَشهَدُ لِلجِنسَينِ بِالكَرامَه +يُقالُ كانَ الكَلبُ ذاتَ يَومِ بَينَ الرِياضِ غارِقاً في النَومِ +فَجاءَ مِن وَرائِهِ الثُعبانُ مُنتَفِخاً كَأَنَّهُ الشَيطانُ +وَهَمَّ أَن يَغدِرَ بِالأَمينِ فَرَقَّتِ الوَرقاءُ لِلمِسكينِ +وَنَزَلَت توّاً تُغيثُ الكَلبا وَنَقَرَتهُ نَقرَةً فَهَبّا +فَحَمَدَ اللَهَ عَلى السَلامَه وَحَفِظَ الجَميلَ لِلحَمامَه +إِذ مَرَّ ما مَرَّ مِنَ الزَمانِ ثُمَّ أَتى المالِكُ لِلبُستانِ +فَسَبَقَ الكَلبُ لِتِلكَ الشَجَرَه لِيُنذِرَ الطَيرَ كَما قَد أَنذَرَه +وَاِتَّخَذَ النَبحَ لَهُ عَلامَه فَفَهِمَت حَديثَهُ الحَمامَه +وَأَقلَعَت في الحالِ لِلخَلاصِ فَسَلِمَت مِن طائِرِ الرَصاصِ +هَذا هُوَ المَعروفُ يَا أَهلَ الفِطَن الناسُ بِالناسِ وَمَن يُعِن يُعَن +بين السيوف والخناجر على الجبال +تلقى الجراكسة عشاير هم الرجال +يحمو النساء الحراير مع الجمال +ومن عجب حكم جاير فيهم محال +وليس ناهٍ وآمر غير القتال +ألا شمس يا حسنا ءُ غنينا بموّال +يلهّينا إلى أن يأ تي السيد بالمال +هو ذا مذهبي وهذا شعاري وهو للناس من زمان شعار +لم أحاسَب وكان في البيت قط كيف أرضى وليس في البيت فار +أشرق عباس على شعبه كأنه المأمون في ركبه +زار رعاياه فأغناهم عن زورة الغيث وعن خصبه +واستبشر القطر فأهلوه في أمنٍ مِن العام ومِن جدبه +مرّبهم والأرض في جنة ربيعها يختال من عجبه +فزادها طيبا على طيبها وزادهم يسرا فأهلا به +ماجت دمنهو بسكانها وهزها الشوق إلى قربه +فأقبلت تسعى إلى حضرة ما إن لها في البر من مشبه +ترجو قبولا علها ترتوى من مورد تهفو إلى عذبه +يا لابس التاجين عش سالما ترعاك عين الله من حجبه +مشيئة الله كانت وجاء خير البنينا +مباركا لأبيه وآله أجمعينا +الله يلقى عليه محبة العالمينا +ويجعل الخير فيه عمرا ودنيا ودينا +ويا ابن عثمان بشرى بالبكر في الصالحينا +إنا ولدنا وكنا من قبلكم واجِدِينا +إن الأبوّة عبء ينوء بالحاملينا +من العناية طورا الى الرعاية حينا +وسوف نسأل عنها في العيش أو عابرينا +ربّوه بالله فيما يشرف المسلمينا +وخرّجوه عليما وأنشئوه مبينا +وقوّموه كريما على الزمان معينا +لا يلفظ اللفظ طيشا ولا يذيل اليمينا +ولا يخون صديقا ولا يمين قرينا +ولا يصغِّر جنسا ولا يحقِّر دينا +ويصحب الناس راض ين عنه أو جاهلينا +لعلم فيهم مفيدا لعل منهم ثمينا +وأن يكون وفيا وأن يكون أمينا +وأن يكون بأوطا نه حِفيًّا ضنينا +فإن أتى كل هذا حذا مثالك فينا +يا ما أنت وحشنيى وروحي فيك يا مئانس قلبي لمين أشكيك +أشكيك للِّى قادر يهديك +ويبلغ الصابر أمله أنا حالى في بعدك لم يرضيك +كان عقلك فين لما حبيت ولغير منصف ودّك ودّيت +تنوى الهجران ولقاك حنيت +يا قلب أنت معمول لك إيه هو سحرى جرى وإلا انجنّيت +كيد العوازل كايدني بس إسمع شوف +دا انت مالكني من قلبي والاّ بالمعروف +حبك كواني تعالى شوف سَتر العذول دايما مكشوف +وأنا بالصبر أبلغ أملي يا ما نسمع بكره وبعده نشوف \ No newline at end of file