الشاعر: ابن الأشد البَهدِلي عصر الشعر: العباسي قُلتُ لِرِجلي وَهيَ عَرجاءُ الخُطى تَشكو إِلَيَّ وَجَعاً مِنَ النَسا أَو مِن أَذى الريحِ فَفي الريحِ الأَذى موتي وَهَيهاتِكَ مِن أَخذِ العَصا لا تَطمَعَنَّ في الَّذي لا يُشتَهى وَفي تَرَجّيكِ الَّذي لا يُرتَجى أَتَفضَحيني بَينَ حورٍ كَالمَها أَوانِسٍ مِثلِ تَصاويرِ الدُمى كَم بَينَ قَولِ الغانِياتِ يا فَتى وَقَولِهِنَّ شابَ هَذا وَاِنحَنى وَقَد نَظَرنَ اليَومَ مِن قُبحِ الجَلا جَبينَ وَجهٍ وَجَبيناً في القَفا أُسِرُّهُ مِنهُنَّ كَيما لا يُرى وَلَو بَدا رَمَينَ رَأَسي بِالحَصى قُل لِلَيّالي ما أَرَدتِ فَاِصنَعي إِنَّ الَّذي أَبلَيتِهِ لَن يَرجِعِ مِنَ الشَبابِ فَأَجِدّي أَو دَعي وَأَنتِ قَد أَودَعتِ شَرَّ مودَعِ تَقَرُّحٌ في بَدَني وَأَضلُعي وَضَعفُ صُلبي وَاِشتِكاءُ أَخدَعي بِوَجَعٍ نَظيرُهُ لَم أَيجَعِ ما فِيَّ يا عاذِلُ مِن مُستَمتَعِ أَنَحَلَني كَرُّ اللَيالي الرُجَّعِ تِسعينَ قَد وَصَلتُها بِأَربَعِ وَيحَكِ كُفّي عَن مَلامي وَاِربَعي وَحَقَّ ما أُلقي إِلَيكَ فَاِسمَعي إِنّي لَو عُمِّرتُ عُمرَ الأَصمَعِيِّ وَعُمرَ لُقمانَ وَعُمرَ تُبَّعِ وَنِسرِ لُقمانَ الهِجَفِّ الأَقرَعِ ما كانَ بُدٌّ مِن تَبَوّي مَضجَعي في عَرضِ شِبرَينِ وَخَمسِ أَذرُعِ في مَضجَعٍ ساكِنهُ لَم يَهجَعِ أَهدى إِلَينا مَعمَرٌ خَروفا كانَ زَماناً عِندَهُ مَكتوفا يَعلُفُهُ الكَستُجَ وَالسَفوفا وَالفارِقونَ بَعدَهُ مَدوفا حَتّى إِذا ما صارَ مُستَجيفا أَهدي فَأَهدى قَصَباً مَلفوفا حُلِّلَ جِلداً فَوقَهُ وَصوفا وَكانَ مِن فِعالِهِ مَوصوفا ضَجَّت وَلَجَّت في العِتابِ وَالعَذَل صَخّابَةٌ ذاتُ لِسانٍ وَجَدَل لَو صَخِبَت شَهرَينِ دَأباً لَم تُبَل وَجَعَلَت تُكثِرُ مِن قَولِ العِلَل حُبُّكَ لِلباطِلِ قِدماً قَد شَغَل كَسبَكَ عَن عِيالِنا قُلتُ أَجَل تَبَرُّماً مِنّي وَعِيّاً بِالحِيَل وَيحَكِ قَد ضَعُفتُ عَن ذاكَ العَمَل وَنَكَّسَ الشَيخُ قَفاهُ وَسَفَل وَضَعُفَت قُوَّتُهُ فَقَد ذَبُل وَالناسُ قَد قالوا عَلَيكَ بِالبَصَل وَجَزَراً نِيّاً وَهِليوناً فَكُل وَالبيضَ تَحسوهُ وَبِالبيضِ المَثَل وَاِقلِ العَصافيرَ بِزَيتٍ لا بِخَل وَالحَبَّةَ الخَضراءَ كُلها بِالعَسَل وَالجَوزَ وَالخَشخاشَ عَنهُ لا تَسَل وَاِشرَب نَبيذَ الصَرَفانِ لا الدَقَل فَقُلتُ عَزمٌ عاجِلٌ فَهَل عَمَل تَرضى بِهِ ذاتُ الخِضابِ وَالحُلَل قالوا عَسى قُلتُ عَسى في اِستِ الجَمَل ما لي وَضَربَ القَلَعِيِّ ذي الخَلَل عَلى دَواءٍ دَغَلٍ مِنَ الدَغَل قَد صِرتُ أَخشى أَجَلي قَبلَ الأَجَل وَماتَ أَخداني الأُلى كُنتُ أَصِل وَصِرتُ كَالنِسرِ الَّذي قيلَ اِنتَقَل فَقالَ أَفنى لُبُداً حَتّى حَجَل وَاِمّارَ عَنهُ ريشُهُ فَقَد نَسَل لَم يُطِقِ النِسرُ الدَهاريرَ الأُوَل أَما تَرَينَ البَهدَلِيَّ قَد نَحَل وَصارَ يَمشي مِشيَةً فيها خَطَل عَلى ثَلاثِ أَرجُلٍ فيها عَصَل واحِدَةٌ في كَفِّهِ مِنَ الأَسَل كَسَرَطانِ البَحرِ يَمشي في الوَحَل ماذا يَهيجُكَ مِن دارٍ بِمَحنِيَةٍ كَالبُردِ غَيَّرَ مِنها الجِدَّةَ العُصُرُ عَفَّت مَعارِفَها ريحٌ تُنَسِّفُها حَتّى كَأَنَّ بَقايا رَسمِها سُطُرُ أَزرى بِجِدَّتِها بَعدي وَغَيَّرَها هوجُ الرِياحِ الَّتي تَغدو وَتَبتَكِرُ دارٌ لِواضِحَةِ الخَدَّيَنِ ناعِمَةٍ غَرثى الوَشاحِ لَها في دَلِّها خَفَرُ كَأَنَّها دُرَّةٌ أَغلى التِجارُ بِها مَكنونَةٌ رَبِحوا فيها وَما خَسِروا قُل لِلخَليفَةِ موسى إِنَّ نائِلَهُ جَزلٌ هَنِيٌّ وَما في سَيبِهِ كَدَرُ مُتَوَّجٌ بِالهُدى بِالحَمدِ مُلتَحِفٌ مُسَربَلٌ بِالنَدى بِالمَجدِ مُتَّزِرُ موسى الَّذي بَذَلَ المَعروفَ يُنهِبُهُ في الناسِ فَالجودُ مِن كَفَّيهِ يَنهَمِرُ أَشَمُّ تَنميهِ آباءٌ جَحاجِحَةٌ شُمُّ الأُنوفِ عَلى ما نابَهُم صَيَروا لَن يُؤمِنَ الناسُ مَن لَم يُؤمِنوا أَبَداً وَاللَهُ يُؤمِنُ مَن آوَوا نَصَروا لا يَكسِرُ الناسُ ما شَدّوا جَبائِرَهُ وَلَيسَ يُجبَرُ طولَ الدَهرِ مَن كَسَروا أَنتَ الدَعامَةُ يا موسى إِذا اِحتَدَمَت نيرانُها وَحُماةُ الحَربِ تَجتَزِرُ وَإِن غَضِبتَ فَما في الناسِ مِن بَشَرٍ إِلّا عَلى خَطَر ما مِثلُهُ خَطَرُ ما مُخدِرٌ خَدِرٌ مُستَأسِدٌ أَسَدٌ ضُبارِمٌ خادِرٌ ذو صَولَةٍ زَئِرُ غَضَنفَرٌ غَضِفٌ قِرضابَةٌ ثَقِفٌ مُستَرعِبٌ لِقُلوبِ الناسِ مُصطَبَرُ ذو بُرثُنٍ شَرِثٍ ضَخمٌ مُزَوَّرُهُ خُبَعثَنُ الخَلقِ في أَخلاقِهِ زَعَرُ جَأبُ الشَراسيفِ رَحبُ الجَوفِ مُفتَرِسٌ عِندَ التَجاوُلِ لِلأَقرانِ مُهتَصِرُ عَفَرنَسٌ أَهرَتُ الشِدقَينِ ذو حَنَقٍ لِلقِرنِ عِندَ لِقا الأَقرانِ مُقتَسِرُ جَهمُ المُحَيّا هَموسٌ لا يُنَهنِهُهُ صَوتُ الرِجالِ وَلا لِلزَجرِ يَنزَجِرُ في خَطمِهِ خَنَسٌ في أَنفِهِ فَطَسٌ كَأَنَّما وَجهُهُ مِن هَضبَةٍ حَجَرُ ذو أَلَّةٍ قَيسَرِيٌّ حينَ تَبرِزُهُ غَشَمشَمِيٌّ فَلا يُبقي وَلا يَذَرُ بِبالِغٍ عُشرَ عُشرٍ مِن شَجاعَتِهِ إِذا تَنازَلَتِ الأَبطالُ وَاِشتَجَروا بَل أَنتَ أَجرَأُ مِنهُ في تَقَدُّمِهِ وَأَنتَ أَقدَمُ مِنهُ حينَ يَجتَئِرُ بَل لَو يُلاقيكِ أَضحى اللَيلُ مِن فَرَقِ وَخيفَةً مِنكَ لا قى يَومَهُ القَدَرُ يا خَيرَ مَن عَقَدَت كَفّاهُ حُجزَتَهُ وَخَيرَ مَن قَلَّدَتهُ أَمرَها مُضَرُ إِلّا النَبِيَّ رَسولَ اللَهِ أَنَّ لَهُ فَضلاً وَأَنتَ بِذاكَ الفَضلِ تَفتَخِرُ