الشاعر: ابن الحاج البلفيقي عصر الشعر: المغرب والأندلس قد كنتُ أُحسَبُ قدوة في سادة عُدّوا بغير رضاي من أكفائي فأجتاحهم رَيب المنون فأصبحوا رهنَ الثرى نبأً من الأنباءِ وأقام بعدهَمُ الزَمانُ صغارَهُم رغماً أمامي والكبارُ ورائي لم أرضَ بالطَرفِ العتيقِ مسابقاً فبُليتُ بالجريانِ خلفَ الشاءِ مَن مُنصفي جارَتي جارَت على مالي كأنّي كنتُ من أعدائها عَمَدت إلى الشمسُ التي انتشرت على أرضي وأمَّت فيه يُبسَ كِسائها لولا غيومٌ يومَ تَيبيسِ الكِسا تِسري لِحَجب السُحب جُلّ ضيائها لَقَضيتُ من رسمِ الخَسار لأنَّني أَصبحتُ مزواراً على بُخلائها أَبياضُ شيبٍ واحمرار ثيابِ أين التناسبُ يا أولي الألبابِ من كان يرجو أن يعود شبابُه فالشيبُ لا يقضي برَدّ شبابِ تُبدي الخضاب وقد مضى زمنُ الصِبا وقضى عَليك بفُرقة الأحبابِ ألا كرَّم اللَه الرقيبَ فإنَّهُ كفاني أموراً لا يَحِلُّ ارتكابها وبالغَ في سدَّ الذريعةِ فاغتدى يلاحظني نوماً ليُغلَق بابُها أرانيَ يحيى صنعةً في قفائه مهذّبةً لما تَبادَر للباب أرى الخمس فيها لا تفارِقُ ساعةً فصوّر بالموسى بها شكلَ مِحرابِ إن تقديم ابنِ برطالٍ دعا طالبي العلم إلى ترك الطَلَب حسِبوا الأَشياء عن أسبابها فإذا الأَشياءُ من غير سَبَب خَلَسنا ليلةً من كفَّ دهرٍ ضَنين باللَيالي الطَيِّباتِ سَلَكنا لِلهوى والعقلِ فيها مسالكَ قد جُلين عن الشَتاتِ قضينا بعض حقّ النَفس فيها وحقُّ اللَه مرعيُّ المتات فَلَم نَرَ قبله في الدهرِ وقتاً بدت حسناتُه في السَيئاتِ قالوا أبو البركات ضُمَّت باؤه فَغدا أبا البُرَكات لا البَرَكات قلنا لأَن يكنى بموجوداته أولى من أن يكنى بمعدومات ورقيب عدمتُه من رقيبٍ مظلم الوجه والقَفا والصِفاتِ هو كَاللَيلِ من ظلامٍ وعندي هو كالصُبح قاطعُ اللّذاتِ يَأبى شُجونُ حديثيَ الإِفصاح إذ لا تقوم بشرحهِ الأَلواحُ قالت صفيّةُ عندما مرّت بها إِبلي أتنزِلُ ساعةً ترتاحُ فَأَجبتها لولا الرقيبُ لكان في ما تبتغي بعد الغُدو رواحُ قالت وهل في الحيِّ حيٌّ غيرُنا فاسمَح فديتُكَ فالسماحُ رياح فأجبتُها إنَّ الرقيبَ هو الذي بِيَديهِ مِنّا هذه الأَرواحُ وهو الشَهيدُ على موارِد عبدهِ سيّان ما الإِخفاءُ والإيضاحُ قالت وأينَ يكونُ جودُ اللَهِ إذ يُخشى ومنهُ هذه الأفراحُ فافرح على اسم اللَه جلَّ جلالُهُ واشطح فنشوانُ الهوى شَطّاحُ وارهَج على ذِمَمِ الرجالِ ولا تخَف فالحِلمُ رحب والنوالُ مُباحُ وانزِل على حكم السرورِ ولا تُبَل فالوقتُ صافٍ ما عليكَ جُناحُ واخلع عِذاركَ في الخلاعةِ يا أخي باسم الذي دارَت به الأَقداحُ وانظُر إلى هذا النهار فسنّهُ ضَحِكت ونور جبينِه وضّاحُ أنوارهُ نفحَت وأُترع كاسهُ فقد استوى ريحانُه والراحُ وانظُر إلى الدُنيا بنظرةِ رَحمة فجفاؤُها بوفائِها يَنزاحُ لا تعذلِ الدنيا على تلوينها فلليلِها بعدَ المساءِ صباحُ فأجبتها لو كنتِ عالمةَ الذي يبدو لتاركها وما يلتاحُ من كلِّ معنى غامضٍ من أجلهِ قد ساح قومٌ في الجبالِ وناحوا حتى لقد سكِروا من الأمرِ الذي هاموا بهِ عند العيانِ فباحوا لعذرتِني وعلمتِ أنيَ طالبٌ ما الزُهدُ في الدنيا له مِفتاحُ فاتُرك صفيّك قارعاً بابَ الرضى واللَه جلّ جلالهُ الفتاحُ يا أختُ حيَّ على الفلاحِ وخلِّني فجماعتي حثّوا المَطِيَّ وراحوا خذها على رغم الفقيه سلافةً تُجلى بها الأقمار في شمسِ الضُحى أبدى أطبّاء العقولِ لأهلها منها شَراباً للنفوس مُفرِّحا وإِذا المُرائي قال في نشوانِها قل أنتَ بالإِخلاصِ فيمن قد صحا يا قهوةً دارت على أربابِها فاهتزَّتِ الأَقدامُ منها واللَحى مُزجت فغارَ الشيخُ من تركيبِها فلذاكَ جرّدها وصاحَ وصرَّحا وبَدَت فغار الشيخُ من إِظهارِها فاشتَدّ يبتدرُ الحِجابَ مُلوِّحا لا تعترض أبداً على متستَّرٍ قد غارَ من أَسرارِها أن تُفضَحا وكذاك لا تعتِب على مُستهترِ لم يدرِ ما الإِيضاحُ لما أوضَحا سكرانُ يعثُرُ في ذيولِ لِسانهِ كُفراً ويحسِبُ أنَّه قد سبَّحا كتَمَ الهوى حريةً بعضٌ وبع ضٌ ضاقَ ذرعاً بالغرام فبرَّحا لا تحسبنّ على العدالة هاتفا نقدَ ارتياح العاشقينَ مبرِّحا الحبُ خمرُ العاشقينَ وقد قضَت حتماً على من ذاقَها أن يشطَحا فاشطح على هذا الوجودِ وأهلِهِ عُجباً فليسَ براجعٍ من رَجَّحا كبِّر عليهم إنَّهم موتى على غيرِ الشَهادةِ ما أعرَّ وأقبحا واهزأ بهم فمتى يَقُل نصحاؤُهُم أفلح فقُل حتى ألاقي مُفلحا وإذا وزينُهُمُ استخفَّك قُل لَهُ باللَه يا يَحيى بنَ يحيى دَع جُحا أبني سُلَيمى قد محا مجنونُكُم مجنونَ ليلى العامرية قَد مَحا هل يستوي من لم يَبُح بحبيبِهِ مَع مَن بذكرِ حبيبه قد صرَّحا فافراح وطِب وارهَج وقُل ما شئتَهُ ما أملحَ الفقراءَ يا ما أمَلحا يلومونني بعدَ العِذار على الهوى ومثليَ في وجدي لهُ لا يُفنَّدُ يقولون أمسِك عنهُ قد ذَهَب الصِبا وكيفَ أرى الإِمساكَ والخيطُ أسودُ رعى اللَهُ من غرناطةٍ مُتَبَّوءاً يسُرُّ كئيباً أو يُجيرُ طَريدا تبرَّم منها صاحبي عندَما رأى مسارِحَها بالبردِ عُدنَ جليدا هي الثَغرُ صان اللَه من أجله بهِ وما خيرُ ثغرٍ لا يكونُ بَرودا رعى اللَه إخوانَ الخيانة إنَّهم كَفَونا مؤوناتِ البقاءِ على العهدِ فلو قد وَفَوا كُنّا أُسارى حَقوقِهِم نُراوحُ ما بين النَسيئةَ والنَقدِ مرجّى يرجّي فضل أنعُمِك التي بكفّيك مجراها ثناءً ومَوحِداً وَقد جُدتَ بالإِحسانِ في حلَّ قيدِهِ فصيَّره الإِحسانُ منك مُقَيَّدا لقد ذمَّ بعضَ الخمرِ قومٌ لأنَّها تَكُرُّ على دينِ الفتى بِفَسادِ وقد سلَّموا قولَ الذي قال إنَّها تَحِل من الدُنيا بأعظمِ نادِ وتَذهبُ بالمالِ العظيمِ فلن ترى لمُدمنِها من طارفٍ وتِلادِ فيُمسي كريماً سيّداً ثم يَغتدي سَفيهاً حليفَ الغيِّ بعد رَشادِ وقالوا تُسَلّي وهي عاريَةٌ لَها وإلّا فَلِم يَأتوا لذاك بشادِ وَسلَّة نوّارٍ وحسناءَ طفلَةٍ ومرأىً به للطَّرفِ سيرُ جوادِ وهالٍ يداوي من مرارتها التي أواخرُها مقرونةٌ بمبادي ولو أُشرِبَ الإِنسانُ ماءً بهذِهِ لأصبَح مسروراً بأطيبِ زادِ ومن حُسن حال الشاربين تراهُمُ يُقيّونها بالرَغم فوقَ وسادِ ومن حُسن ذا المحروم أنّ مُدامَهُ إذا غَلبت تكسوه ثوبَ رقادِ فيختلف النَدمانُ طُرّاً لزَوجِهِ ويحدو بهم نحوَ المروءةِ حادي مجانينُ في الأوهام قد ضلَّ سعيُهُم كففتُ عن قومي الأَذى إذ هُمو يُؤذونني طُرّاً أشدَّ الأَذى أصبحتُ عيناً فيهِمُ واغتَدَوا فيها على حكم زماني قَذى ما كلُّ من شدَّ على رأسهِ عِمامَةً يحظى بسَمت الوَقار ما قيمةُ المرءِ بأثوابهِ السِرُ في السُكان لا في الديار حاشى عهودك أن تُنسى وإن بَعُدت عنك الديارُ ولم أَسمع لكم خَبرا وُدّي يزيدُ على ما تعلمون ولا يُصيبه النَقصُ طال الدَهرُ أم قَصُرا كيفَ الوصولُ إلى ذاكَ الجمالِ وقد أضحى الرقيبُ يُطيلُ البحثَ والنَظرا والعاذِلونَ أذاقوني مرارتهم وخوَّفوني وقالوا لي جرى وجَرى قد كنتُ مغروراً بوعظي وما أبثُّ من علميَ بين البشّر من حيث قد أمَّلتُ إصلاحهم بالوعظِ والعلمِ فخانَ النَظر فلم أجد أوعظَ للنّاس من أَصواتِ وُعّاظِ جلودِ البقر جزى اللَه بالخير أعداءَنا فموردُهُم المصدرِ همُ حملونا على العُرف كرهاً وهم صرفونا عن المنكر وهم أقعدونا بمجلسِ حكمٍ وهم بوَّؤونا ذُرى المنبرِ وهم صيَّروا أئمةَ علمٍ ودينٍ وحسبُك من مفخَرِ عدُوّي يُؤَوِّل خيري بإِثمٍ وإن جئتُ بالإِثمِ لم يَعذِرِ وأنت حري بتمحيصِ من يعادل بين المُسي والبري ولا زوَّد اللَه أصحابنا بزادٍ نقيٍّ ولا خَيَّرِ هم جرَّؤونا على كل إثمٍ وما كنتُ لولاهمُ بالجَري عَفَوا عن كبائرِ آثامِنا فكانوا أَضَرَّ من الباتِرِ أعارنيَ القوم ثوب التُقى وإنيّ مما أعاروا بري إذن خدعوني ولم ينصحوا وإنيَ بالنُصح منهم حري فمن كان يكذِب حالَ الرِضى يصدُقُ في غضبٍ يَفتَري بلى سوف تلقى لدى الحالتين بحكمِ هوى النَفس يُدلي الفَري فيا ربِّ أبقِ علينا عُقولاً نبيعُ بها وبها نشتري اللَه أكبر لاحت الأنوارُ وصفت نفوسٌ وانجلت أفكارُ وترنَّحت منّا القلوبُ بليلةٍ فيها كؤوسٌ للسرورِ تدارُ لِمَ لا وهذي ليلةُ اليومِ الذي ظهرت به في العالمِ الأَسرارُ يومٌ به ولد النبيُّ المصطفى الحاشرُ الماحي الرضى المختارُ واستبشر الأبرار منها بالتي بالقصد منها استبشر الأبرارُ قصدوا الأبرَّ المجتبى الهادي الذي طابت بذكر حديثه الأخبارُ المنتقى من محتدٍ مقدارُه قبل النُبوءة دونه الأقدارُ جاءت به الأيام تحفةَ قادمٍ شهدت له الرُهبان والأحبارُ فبحار أحوال النبيِّ زواخرٌ فاستسق منها فالبحارُ بحارُ فبُروزُها علمٌ على الإسلام وال إيمانُ بادٍ ما عليه غُبارُ فلذاكَ قامَ ببرِّها الملكُ الذي بسعودهِ قد ألجمَ الكفارُ ملك الزمان المُرتضى من فتيةٍ مُلئت بذكرِ علاهمُ الأَسفارُ أكرم بهم قوماً بصدقهمُ الذي بهرَ الورى فُتحت لنا الأَمصارُ الصحبةُ الأخيارُ أعلامُ الهدى الصالحون السادةُ الأَنصارُ قومٌ مفاخرهم جديدٌ ذكرها فالدَهر يبلى والفخارُ فخارُ ملكٌ أقام من الهدايةِ مَعلماً طمَحت لعزِّ مقامهِ الأَبصارُ وأنالَ كلَّ الخلقِ أقصى ما ابتغَوا من بعضِها الأَوطانُ والأَوطارُ ملكٌ قد انفردت مآثرُه بما عظُمت به في المغربِ الآثارُ وله بعودةِ مُلكِهِ من بعد أن شطَّت به عن منتداه الدارُ آي تَدُلُّك أنَّها اختيرت لهُ واللَهُ جلَّ جلالُه يختارُ فمقامُه بين الملوكِ مقدِّم وثناؤهُ من بينهم مِعطارُ أبشر أميرَ المسلمين محمَّداً لا زالَ ممن شأنهُ استبشارُ بسعادةٍ موصولةٍ تقضي بها واللَه يحرسُ مجدَه الأَقدارُ فَاللَه جلَّ جلالُه جارٌ لمن يُرضي بريَّته ونعمَ الجارُ غَرناطة ما مثلُها حَضره الماءُ والبهجةُ والخُضَره في احتفارِ الأَساس والآبارِ وانتقالِ الترابِ والجَيّارِ وقعودي ما بينَ رملٍ وآجُ رٍّ وجَصٍّ والطوبِ والأَحجارِ وامتهاني برديَّ بالطينِ والما ءِ ورأسي ولحيتي بالغبارِ نشوةٌ لم تمر قطُّ على قل بِ خليعٍ وما لها من خُمارِ من غريبِ البناءِ أَنَّ بنيه متعبون يهوَون طولَ النهارِ يبتغون الوصال من صانعيه والبِدارَ إِليه كلَّ البِدارِ فإذا حل في ذراهم تراهم يشتهون منه بعيد المزارِ من عَذيري من لائمٍ في بنائي وهو لي التَرجُمان عن أخباري ليس يدري معناه من ليس يدري أنَّ ما عنده على مقدارِ أقتدي بالذي يقول بناها ذلك الخالق الحكيمُ الباري وبمن يرفع القواعد من بي تٍ عتيقٍ للحج والزوارِ وبمن كان ذا جدارٍ وقد كا ن أبوهُ من صالحي الأَبرارِ وبما قد أقامه الخِضر المخ صوص علماً بباطن الأَسرارِ كان تحت الجدار كنزٌ وما أد راكَ ما كان تحت كنز الجدارِ وبمن قد مضى من آبائيَ الغ رِّ الأَلى شيَّدوا رفيع المنارِ فالذي قد بنوه نبني له مث لاً ونجري له على مِضمارِ قد بنينا من المساجد دهراً ثم نبني لجارها خير جار مثلما قد بنيتُ للمجد أمثا لَ مبانيهمُ بكلِّ اعتبارِ روح أعمالنا المقاصد لكن حيث تخفى تخفى مع الأَعذارِ فعسى من قضى ببنيان هذي الد ار يقضي لنا بعقبى الدارِ وعشيَّةٍ حكمت على من تابَ من أهلِ الخلاعةِ أن يعود لما مضى جمعت لنا شمل السُرور بفتيةٍ جمعوا من اللذات شملاً مُرتضى ما عاقني عن أن أسير بسيرهم إلا الرياء مع الخطابة والقضا ألا فَدعوا ما قال عنكم فإنَّه محا السيفُ ما قال ابنُ دارةَ أجمعا قد شبع الكلبُ كما ينبغي من حجرٍ صلدٍ ومن مَقرع فإن يَعُد من بعدِ ذا لِلَّذي قد كان فيه فهو ممَّن نُعي يا من إذا رُمت توديعه ودَّعت قلبي قبل ذاك الوداع فأتركُ التوديعَ عمداً لكي أُعلِّلُ النفس ببعضِ الخِداع يا محنةَ النَفس بمألوفها من أجلها قد كان هذا الصراع ألا ليتَ شِعري هل لِما أَنا أَرتَجي مِن اللَه في يومِ الجزاءِ بلاغُ وكيف لمثلي أن ينال وسيلةً لها عن سبيلِ الصالحينَ مراغُ وكم رُمتُ دهري فتحَ باب عبادةٍ يكون بها في الفائزين مَساغُ فكِدت ولم أفعل وكيف وليس لي مُعينان حقاً صحةٌ وفراغُ لأَصبحت من قومٍ دعاهم إلى الرضى مُنادي الهُدى فاستنهضوهُ فراغوا أباغ يرى أُخراه مَن يزدهيه من زخاريف دنياه الدنيه يساغُ ويضرِب صفحاً عن حقيقة ما طوت فيلهيه زورٌ قد أتاه مُصاغُ إِذا ما بدا للُرشد نهجُ بيانِه يُراع به عن وَحشَةٍ فيُراغُ فيا ربِّ بردَ العفوِ هب لي إذا غلا من الحَر في يوم الحسابِ دِماغُ فمِن حُرَقٍ لِلنَّفس فيه لواعجٌ ومن عَرَقٍ للجلد في دِباغُ ومن وجلٍ للقلبِ فيه أراقم ومن خجلٍ للوجهِ فيه صِباغُ وعظتُكِ لو أنِّي أُثبتُ وفي الذي وعُظتِ به لو ترعوينَ بَلاغُ تأسَّفَ لكن حين عزَّ التأسَّفُ وكفكف دمعاً حين لا عين تذرِفُ ورام سُكوناً وهو في رِجل طائرٍ ونادى بأنس والمنازلُ تهتِفُ أراقبُ قلبي مرَّةً بعد مرَّةٍ فألفيه ذيّاك الذي أنا أعرفُ سقيمٌ ولكن لا يُحِسُّ بدائِهِ سوى مَن له في مأزِقِ الموتِ موقفُ وجاذبَ قلباً ليس يأوي لمألفٍ وعالجَ نفساً داؤها يتضاعفُ وأعجبُ ما فيه استواءُ صفاته إذا الهمُّ يشقيه أو السرُّ يُترِفُ إذا حلَّتِ الضرّاءُ لم ينفعل لها وإن حلَّتِ السراء لا يتكيَّفُ مذاهبُه لم تُبدِ غايةَ أمرِهِ فؤادٌ لعمري لا يُرى منه أطرفُ فما أنا من قوم قُصارى هموهم بنوهُم وأهلوهم وثوبٌ وأرغفُ ولا ليَ بالإِسراف فكرٌ مُحدِّثٌ سيبو حبيبي أو بشيريَ مُطرفُ ولا أنا ممن لهوهُ جُلُّ شأنهِ بروضٍ أنيقٍ أو غزالٍ يُهَفهِفُ ولا أنا ممن أنسهُ غايةُ المنى بصوتٍ رخيمٍ أو نديمٍ وقرقفُ ولا أنا ممن تزدهيه مصانعٌ ويُسليهِ بستانٌ ويُلهيه مَخرَفُ ولا أنا ممن همه جمعُها فإن توارت يَتُب يسعى لها وهو مُرجِفُ على أن دهري لم تدع لي صروفهُ من المالِ إلا مُسحَتا أو مُجلَّفُ ولا أنا ممن هذه الدارُ همُّهُ وقد غرَّه منها جمالٌ وزُخرُفُ ولا أنا ممن للسؤال قد انبري ولا أنا ممن صان عنه التَعَطُّفُ ولا أنا ممن نجَّح اللَه سعيهُم فهِمَّتُهم فيها مُصلّى ومصحف فلا في هوىً أَضحى إلى اللهو قائداً ولا في تُقىً أمسى إلى اللَه يُزلِفُ أحارب دهري في نقيضِ طباعِهِ وحربُك من يقضي عليك تَعجرُفُ وأنظُرُه شَزراً بأصلفِ ناظرٍ فيُعرض عني وهو أزهى وأصلَفُ وأضبِطُه ضبط المحدِّث صُحفَهُ فيخرُجُ في التَوقيعِ أنتَ المُصحِّفُ ويأخذ منّي كل ما عزَّ نيلُهُ ويبدو بجهلي منه في الأَخذِ محتف أَدُوُر له في كل وجهٍ لعلَّني سأثبتهُ وهو الذي ظلَّ يَحذِفُ ولما يئسنا منه تهنا ضرورةً فلم يبقَ لي فيها عليه تشوُّف تكلَّفتُ قطعَ الأَرضِ أطلُبُ سلوةً لنفسي فما أجدي بتلك التكلفُ وخاطرت بالنفسِ العزيزةِ مقدِماً إذا ما تخطّى النصلُ أقصدَ مُرهَفُ وصرَّفت نفسي في شؤونٍ كثيرةٍ لحظّي فلم يظفُر بذاك التصرَّفُ وخُضتُ لأنواعِ المعارفِ أبحُراً ففي الحينِ ما استخرجتُها وهي تنزِفُ ولم أحلَ من تلك المعاني بطائلٍ وإن كان أهلوها أطالوا وأسرفوا وقد مرَّ من عمري الألذُّ وها أنا على ما مضى من عهده أتلهَّفُ وإني على ما قد بقي منه إن بقي لحرمةِ ما قد ضاع لي أتخوَّفُ أعُدُّ ليالي العمر والفرضُ صومُها وحسبُك من فرضِ المحالِ تعسُّفُ على أنها إن سلِّمت جدليةً تعارض آمالاً عليها نُهفهفُ تُحدثني الآمال وهي كَدينِها تُبدِّل في تحديثها وتحرِّفُ بأنيَ في الدنيا سأقضي مآربي وبعدُ يحقُّ الزُهد لي والتقشُّفُ وتلك أمانٍ لا حقيقةَ عندها أفي قرنيَ الضدين يبقى التألفُ ورُبَّ أخلاءٍ شكوتُ إليهمُ ولكن لفهم الحالِ إذ ذاك لم يفوا فبعضهُم يُزري عليَّ وبعضهم يغُضذُ وبعضٌ يرثِ لي ثمَّ يصدِفُ وبعضهُم يومي إليَّ تعجُّباً وبعضٌ بما قد رابهُ يتوقَّفُ يُسيء استماعاً ثم بعدُ إجابةً على غير ما تحذوه يحذو ويخصِفُ ولا هو يبدي لي عليَّ تغافُلاً ولا هو يرثي لي ولا هو يعنُفُ وما أمرُنا إلا سواء وإنَّما عرَفنا وكلٍّ منهُم ليسَ يعرِفُ فلو قد فَرَغنا من علاجِ نفوسِنا لحطّوا الدنايا من عيوبي وأنصفوا أنا لهمُ من علَّة أرِمَت بهم ولم يعرِفوا أغوارَها وهي تُتلفُ وقفنا لهم في الكُتب عن كُنهِ أمرهم ومثليَ عن تلك الحقائقِ يكشِفُ وصنَّفتُ في الآفاق كل غريبةٍ فجاء كما يهوي الغريبُ المصنَّفُ وليس عجيباً من تركُّبِ جهلهِم بأن يُحجبوا عن مثل ذاك ويُصرفوا فإن جاءنا بالسُحف من نَزو عقلِهِ إذا ما مَثَلنا فهو أوهَى وأسخَفُ فما جاءنا إلا بأمرٍ مناسبٍ أينهض عن كفِّ الجبانِ المثقَّفُ ولكن عجيبُ الأمر علمي وغَفلَتي فديتُكم أيَّ المحاسِن أكشِفُ ألا إِنَّها الأَقدارُ يظهرُ سرُّها إذا ما وفى المقدورُ ما الرأي يُخلِفُ أيا ربِّ إن اللُبَّ طاشَ بما جرى به قلمُ الأَقدارِ والقلبُ يرجُفُ وإِنا لندعوهم ونخشى وإنَّما على رسمك الشرعي من لك يَعكِفُ أقول وفي أثناءِ ما أنا قائلٌ رأيتُ المنايا وهيَ لي تتخطَّف وإنّي مع الساعات كيف تقلَّبت لأسهُمها إن فوَّقت مُتَهَدَّفُ وما جرَّ ذا التسويفَ إلا شبيبتي تُخيَّلُ لي طولَ المدى فأُسوِّفُ إذا جاء يومٌ قلت هوَ الذي يلي ووقتك في الدنيا جليسٌ مخفَّفُ أُقدِّم رِجلاً عند تأخير أختها إذا لاحَ شمسٌ فالكواكب تُكسَفُ كأنَّ لِداتي في مراقدهم ولم أودِّعهُمُ والغصنُ ريانُ ينطِفُ وهبني أعيشُ هل إذا شابَ مفرِقي وولّى شبابي هل يُباحُ التسوُّف وكيف ويستدعي الطريقُ رياضةً وتلكَ على عصرِ الشَبابِ تُوَطَّفُ ولو لم يكُن إلا ظُهورٌ لسرِّه إذا ما دنا التَدليس هانَ التنطُفُ أمولى الأُسارى أنت أولى بعزِّهم وأنت على المملوك أحنى وأعطفُ قُذِفنا بلُجِّ البحرِ والقيدُ آخذٌ بأرجلِنا والريحُ بالموجِ تعصِفُ وفي الكون من سِرِّ الوجود عجائبٌ أطلَّ عليها العارفونَ وأشرفوا أكلَّت عليهم نُكتةٌ فتأخروا ودِدتُ بأنَّ القومَ بالكُلِّ اسعفوا فليس لنا ألا نحُطَّ رقابَنا بأبوابِ الاستسلامِ واللَهُ يلطُفُ فهذا سبيلٌ ليس للمرءِ غيرهُ وإلّا فماذا يستطيعُ المُكَلَّفُ ومصفَّرةِ الخدّين مطويةِ الحَشا على الجُبنِ والمصفرُّ يؤذنُ بالخوفِ لها هيئةٌ كالشَمسِ عند طلوعُها ولكنَّها في الحينِ تغرُبُ في الجوفِ مجموعةٌ تحوي وإن قلَّت شواردَ الخلافِ مقصورةٌ تُزوي محيّ اها عن الشيم الكِثافِ ثمراتها للجهبذ الن حرير دانيةُ القِطافِ ما أحرزت أبوابُها كانَ لهذا العلم كافِ لفظٌ بليغٌ جامعٌ متكفِّلٌ بالقَصدِ وافِ سهلُ المآخذِ صعبُها بادٍ لذي الإِبصارِ خافِ معنىً سمينٌ لاح في ألفاظِ أجسامٍ لطافِ كمُلت فصار عَروضها يقضي بذلك باعترافِ رَفَلت بحُلَّة ناصعِ ال ألفاظِ فالترفيلُ ضافِ بكرٌ تمنَّعُ إذ تُغا زَلُ بانصرافٍ وانعطاف إن طافَ حولَ خبائها من ليس من أهل الطَوافِ لم يستسلم من خدِّها خالَ التداني والتصافي من رام سبقَ جيادها كلَّت حوافرهُ الحوافي أو شامَ برقَ عهادِها أضحى ببحرِ الوهمِ طافِ إن يجفُها جِلف تَقُل في فَهمِك الآفاتُ لافي رجفاً على عقبِ البلا دة لستُ من أحلاسِ جافِ غَزلٌ لإبراء العلي لِ ينوب عن سُقيا السلافِ مثلٌ لإِمضاءِ الدلي لِ لكُلِّ من عاداهُ نافِ كتب لترياق الفُهو مِ دواؤه للنَّفسِ شافِ نُتَف لإِرفاقِ النُفو سِ تَلُمُّ من شَعَث الضعافِ فلها عن الإِسرافِ وال إجحافِ تنزيهُ التجافي ولها من التحريف والت زييف أبعادُ التنافي وعلى التَعجرفِ والتَكلُّ فِ لا تَمُرُّ ولا تُوافي يبدو بها التحقيقُ من دون اعتسافٍ وانحرافِ فإذا أتى الخطأ الصريحُ أشارَ رمزاً بانتصافِ جمعت فنوناً للمعا رف باتِّساقٍ وائتلافِ فيها من التأصيل ما يُزري بتنقيح القوافي وبها من التَفريع ما يُنسي المآخذ للخلافِ لا غرو أن جُبنا له فيحَ المفاوزِ والفيافي واللَه يسرها له من بين ما نونٍ وكافِ وقف بي على ربع الحبيب فإنَّني سأبكيه شوقاً قبل أن نتفرَّقا أيعلم ما بي من عذاب فراقهِ لعمرك لو يدري لرقَّ وأَشفقا ستخبره الرُكبانُ عنّي أَنني تبدَّلتُ أحوالَ الفناءِ من البقا أعيشٌ لمن يُفني الزمانُ تعلُّلاً بنفحِ نسيمٍ أو ببرقٍ تالَّقاً فياليتَ شِعري والأماني تعلُّلٌ هل الدهرُ بعد اليومِ يسمحُ باللَقا إذا ما كتمتُ السر عمَّن أودُّهُ توهَّم أن الوُدَّ غيرُ حقيقي ولم أُخفِ عنه السرَّ من ظنَّةٍ بهِ ولكنَّني أخشى صديقَ صديقي حزنت عليك العينُ يامَغنى الهوى فالدَمعُ منها بعد بُعدٍ ما رَقا ولذاك ما صبُغت بلونٍ أزرقٍ أو ما ترى ثوبَ المآتمِ أزرقا رحلتُ وقطميرُ كلبي رفيقي يؤنِّس قلبي بطول الطريقِ فلمّا أنختُ أناخ حِذائي يلاحظني لحظ خِلٍّ شفيقِ ويرعى أذِمَّة رفقي كما يُراعي ذِمامُ الصديقِ الصدوقِ على حين قومي بني آدم بلومهمُ لم يوفّوا حقوقي ولا فرقَ بين الأباعدِ منهم وبين أخٍ مستَحبٍّ فَفيقِ أو ابنٍ متى تلقَهُ تلقهُ هويَّ اشتياقٍ بقلبٍ خفوقِ فما منهمُ من وليٍّ حميمٍ ولا ذي إخاءٍ صحيحٍ حقيقي وناهيك ممَّن يفضِّل كلباً عليهم فيا ويلهُم من رفيقِ ألا من يرِقُّ لشيخٍ غريبٍ أبي البركات الفتى البلَّفيقي وإِنّي لخيرٌ من زماني وأهلِهِ على أَنَّني للشرِّ أوَّلُ سابقِ لحا اللَه دهراً قد تقدَّمت أهلَهُ فتلك لعمرُ اللَهِ إحدى البوائِقِ يفنى الهوى وغرام عَزَّه باقِ والشوقُ يذهبُ ما عدا أَشواقي حلف الهوى ألّا يفارقَ مُهجتي طولَ الزمان إلى بلوغ تراقي فالوجدُ ما طويت عليه جوانحي والدَمعُ ما جادت به آماقي أنا فارسُ العُشّاقِ ما منهم فتى يهتزُّ بين يديَّ يومَ سِباقِ وإذا همو يعدون خلفي سُرَّعاً لم يظفروا يومَ الهوى بلحاقِ فأنا الذي عرف الرجالُ مقامهُ من بينهم في مصرع العُشّاقِ قالوا لعاذلنا وعاذرنا وما بيَ من غرام منهمُ ووِفاقِ قد صُمَّت اذني عن حديثكُم كما عَميت إذا شاهدتكم أحداقي إن شئتَ تعلمُ هل شعرتُ بأمركُم أم لا فهاك انظُر إلى استغراقي الحال أغلبُ والدليلُ مؤخَّرٌ والحُكم في ذا البابِ للأذواقِ دعني وعزَّةَ والغرامَ فإنَّهُ تثليثُ توحيدٍ بغير نِفاقِ داءُ الهوى ما إن أدين ببُرئِهِ ما للطّيبِ ولي وما للراقي هي علة أو سكرةٌ لا ترتجي صحواً وكيفَ وما عدِمتُ الساقي للَه ساقٍ في حلاوةِ كأسهِ للمُدنَف الهيمان مرُّ مذاقِ وأمرُّ من مِحَنِ الهوى أن لم أبَل بعظيم ما في جنبِ ذاك ألاقي يا قلبُ كم أسعى وما لي مَخلَصٌ نحو التفلتِ من شديدِ وثاقي لِلَه ما يلقاه أربابُ الهوى من كلِّ ما يفري عرى الأعناقِ لا غَروَ أن يشقى المحبُّ ببعده إن لم يَدِن محبوبُهُ بتلاقِ الموت كلُّ الموت أني مبتلىً بفراقِ من يشكو أليم فراقي يا من فؤادي في وصال جمالهم ما زال في طمعٍ وفي إشفاقِ إن كان دهرٌ قد قضى بفراقنا فعساكُم لا تنقضوا ميثاقي كشفت على ساقٍ لها فرأيتهُ متلألئاً كالجوهرِ البرّاقِ لا تعجبوا إن قام منه قيامتي إنَّ القيامة يومَ كَشفِ الساقِ يا من إذا تنافرتِ المعاني فهو لها حكمٌ عادلُ أيَّهما أثقلُ على المحبِّ ألرقيبُ أم العاذلُ ماذا تقول فدتكَ النفسُ في حالي يفنى زمانيَ في حلًّ وترحالِ يا شاهد التجريح عندي والأذى ما أنت عندي شاهدٌ مقبولُ وإذا مِنَ الواشي أتتك مقالةٌ فهنالك التغييرُ والتبديلُ أحاديث سقمي في هواكَ صحيحةٌ فمن حدَّث الواشي فذاك المعلِّلُ أيبني على قول امرىءٍ ذي نميمةٍ كبيرتهُ إجرامُها لا يُؤوَّلُ يفرِّقُ ما بين الأخلاءِ ظالماً وللشَّرع حكمٌ في التآلف معملُ تطالبُني نفسي بما ليسَ لي به يدانِ فأُعطيها الأماني فتقبَلُ عجبتُ لخصمٍ لجٍّ في طلباتهِ يصالحُ عنها بالمحال فيفصِل لا تبذلنَّ نصيحةً إلا لمن تلقى لبذل النصح منه قبولا فالنصح إن وجَد القبول فضيلةٌ ويكونُ إن عدِم القبول فُضولاً ما رأيتُ النساءَ يصلحن إلا للذي يصلح الكنيفُ لأجله فعلى هذه الشريطة فأحب هُنَّ لا تعد بأمرىءٍ عن محلِّه زعموا أن في الجبال رجالاً صالحين قالوا من الأبدال وادَّعوا أن كل من ساح فيها فسيلقاهمُ على كلِّ حال فاخترقنا تلك الجبال مراراً بنعالٍ طوراً ودونَ نِعال ما رأينا بها خلافَ الأفاعي وشبا عقربٍ كمثلِ النبال وسباع يجرون بالليل عدواً لا تسلني عنهمُ بتلك الليالي ولو انّاكنّا لدى العُدوَة الأخ رى رأينا نواجذ الرئبال وإذا أظلمَ الدجى جاء إبلي سُ إلينا يزورُ طيفَ خيالِ هو كان الأنيسَ فيها ولولا ه أصيبتْ عقولُنا بالخبالِ خلِ عنك المحال يا من تعنّى ليس يلقى الرجال غيرُ الرجالِ ألا خلِّ دمع العين يهمي فمقلتي لفُرقة عين الدمع وقفٌ على الدم فللماءِ فيه رنَّة شجنيَّةٌ كرنَّةِ مسلوبِ الفوادِ متيَّم وللطيرِ فيه نغمةٌ موصليَّةٌ تذكرني عهد الصبا المتقدم وللحسنِ أقمارٌ به يوسفيَّةٌ تردُّ إلى دين الهُدى كل مسلم قد هجوتُ النساءَ دهراً فلم أب لُغ أداني صفاتهنَّ الذميمه ما عسى أن يقال في هجو من قد خصَّهُ المصطفى بأقبحِ شيمه أو يبقى لناقص العقلِ والدي ن إذا عُدَّتِ المثالبُ قيمه لا بارك اللَه في الزهاد إنهمُ لم يتركوا عرض الدنيا لفضلهِمُ بل أثقلتهم تكاليفُ الحياةِ فلم يصابروها فملَّوا ثقل حملهِمُ وعظَّم الناسُ منهم تركَها فغدوا من غِبطةِ التركِ في حِرصٍ لأجلهمُ نعَم أُسلِّم أن القوم إذ زهِدوا زادوا على الناس طراً فضل تركهمُ من حيث قد أحرزوا الترجيح دونهمُ لا شيء أحسنُ من ترجيح فضلهمُ فالمالُ والجودُ والراحاتُ غايةُ ما يحكي لنا الزهد في ذا عن أجلهِمُ والزاهدون براحات القلوب مع ال ابدان سُرّوا وعزّوا بعد ذلهمُ فكل ما فرَّقوا قد حصلَّوا عِوَضاً منه وزادوا ثناءَ الناس كلهمُ ألا ساعدوني في البكاء فأدمعي غزارٌ ولكن ما قضت حق أشجاني فيا كمدي رُدَّ الدموعَ لباطني لتسقيَ أو جالي فتثمر أشجاني أُبكّي شباباً قد مضى صفوُ مائه وأقبلَ شيبٌ ابيضٌ مثلُ أكفاني أُسوِّدهُ جماء يحكي سوادهُ غُراباً لبينِ أو حداةً على غانِ فأصبغُها حُمراً فيهتف حالُها ألم تدرِ أن الموتَ أحمرُها قاني فيرتاحُ قلبي ثمَّ تشتدُّ زفرتي وترتج أعضائي وتنهلُّ أجفاني مضى كلُّ أقراني وأهلي وأسرتي وما قد لقوا يا حسرتي سوف يلقاني بكيت لبلوى كلُّكم مبتلىً بها ففي الحقِّ أن تبكوا على ما قدَ ابكاني إن كنتُ أبصرتُك لا أبصرت بصيرتي في الحقِّ برهانا لا غَروَ أنّي لم أشاهدكمُ فالعينُ لا تبصرُ إنسابَها ما رأيتُ الهموم تدخلُ إلّا من دروبِ العيونِ والآذانِ غُضَّ طرفاً وسُدَّ سمعاً ومهما تلقَ همّاً فلا تثق بضمانِ أبحث فيما أنا حصَّلتُهُ عند انغماض العين في جفنِها أحسبني كالشاةِ مجترَّة تمضغُ ما يخرجُ من بطنِها زعم الذين عقولُهم مقدارُها إن عُرِّضت للبيع غيرُ ثمينِ أنَّ الرحى معمورةٌ بالجنَّ وال حمّام عندهم كذا بيقينِ إن كان ما قالوه حقاً فاحضروا للحربِ هذا اليوم من صفّينِ فلئن حضرتُم فاعلموا بحقيقةٍ أنّي مصارعُ قيسٍ المجنونِ قالوا تغربتَ عن أهلٍ وعن وطنٍ فقلتُ لم يبقَ لي أهلٌ ولا وطنُ مضى الأحبةُ والأهلونَ كلُّهم وليس بعدهم سكنى ولا سكنُ أفرغتُ حزني ودمعي بعدهم فأنا من بعد ذلك لا دمعٌ ولا حزنُ رأسي به هوسٌ جديدٌ لا الذي تدريه من هوسٍ قديمٍ فيه قد حلَّ ما أبديه من هذا كما قد حلَّ من ذاك الذي أخفيه للَه من عنبٍ تلو حُ طلاوةُ الدنيا عليه قد كان يسكر شُربه فسكرتُ من نظري إليه وهديَّةُ المولى تحطُّ لفضلها رأسي لديه إذا أظمأتك أكفُّ اللِئام كفتك القناعةُ شِبعاً وريّاً فكُن رجلاً رِجله في الثَرى وهامةُ همتهِ في الثُريّا أَبيّاً لنائلِ ذي ثروةٍ تراه بما في يديه أبيّا فإن إراقة ماءِ الحيا ةِ دونَ إراقةِ ماءِ المحيّا