text
stringlengths 0
233k
|
---|
بالعبري مكتوب.. لإذلال العرب؟؟ |
8 |
هل على كل رئيس حاكم في أمريكا؟ |
إن أراد الفوز في حلم الرئاسة.. |
قتلنا، نحن العرب؟ |
9 |
انتظرنا عربياً واحداً |
يسحب الخنجر من رقبتنا.. |
انتظرنا هاشمياً واحداً.. |
انتظرنا قريشياً واحداً.. |
قبضاياً واحداً لم يقطعوا شاربه.. |
انتظرنا خالداً.. أو طارقاً.. أو عنتره.. |
فأكلنا ثرثرة وشربنا ثرثره |
أرسلوا فاكساً إلينا.. استلمنا نصه |
بعد تقديم التعازي وانتهاء المجزره!! |
10 |
ما الذي تخشاه إسرائيل من صرخاتنا؟ |
ما الذي تخشاه من (فاكساتنا)؟ |
فجهاد الفاكس من أبسط أنواع الجهاد.. |
فهو نص واحد نكتبه |
لجميع الشهداء الراحلين. |
وجميع الشهداء القادمين!!. |
11 |
ما الذي تخشاه إسرائيل من ابن المقفع؟ |
وجرير.. والفرزدق؟ |
ومن الخنساء تلقي شعراً عند باب المقبره.. |
ما الذي تخشاه من حرق الإطارات.. |
وتوقيع البيانات.. وتحطيم المتاجر.. |
وهي تدري أننا لم نكن يوماً ملوك الحرب.. |
بل كنا ملوك الثرثره.. |
12 |
ما الذي تخشاه من قرقعة الطبل.. |
ومن شق الملاءات.. ومن لطم الخدود؟ |
ما الذي تخشاه من أخبار عاد وثمود؟؟ |
13 |
نحن في غيبوبة قومية |
ما استلمنا منذ أيام الفتوحات بريدا |
14 |
نحن شعب من عجين |
كلما تزداد إسرائيل إرهاباً وقتلا.. |
نحن نزداد ارتخاء.. وبرودا.. |
15 |
وطن يزداد ضيقاً |
لغة قطرية تزداد قبحاً |
وحدة خضراء تزداد انفصالاً |
وحدود كلما شاء الهوى تمحو حدودا!! |
16 |
ما الذي تخشاه إسرائيل من بعض العرب |
بعدما صاروا يهودا؟؟ |
لندن أيار 1996 |
الجسد في تجربة نزار الإبداعية: |
لقد كان وعي نزار للعالم والأشياء ترجمة للجسد، أو ما يُسَمَّى جَسْدَنَة العالم حسب تعبير الشاعر شوقي بزيع، فها نحن مثلاً نسمع تأثر نزار باللغة الإسبانية خلال تجربته الدبلوماسية هناك، يقول: ".. اللغة الإسبانية لغة مكشوفة على الشمس، والبحر، وسهول العنب والزيتون. وفيها من التوتر والحرارة، والعنفوان، والحركة، والزخم الصوتي واللوني، ما يجعلها شديدة الشبه براقصة إسبانية يحترق المسرح تحت ضربات قدميها.. |
الذي يستمع إلى امرأة إسبانية تتكلم أو تغني، أو تخاطب عشيقها، يستطيع بسهولة أن يشم رائحة البهارات الهندية تفوح من شفتيها.." |
وفي الحقيقة، قلّما تعلمنا أن نصغي للجسد بعمق وحقيقة وصدق.. قلّما نحاول تحويل خلجاته العميقة ونزواته إلى إبداع شعري يخترق فضاء الشهوة. |
تُعقَد مقارنة بين غزليات الشاعر عمر بن أبي ربيعة والشاعر نزار. إن غزل نزار مختلف وذلك أن اللغة عنده تصبح جسداً، والأنثى قصيدة. إنه يعايش التجربة بكل جوارحه وليس بقاموسه الشعري. والشعراء يعرفون جيداً أن اللغة هي في آن ايروسية وتناسلية. يقول والاس ستيفنز: "ينظر الشاعر إلى العالم، كرجل ينظر إلى امرأة". ويصف براون الطبيعة الجنسية للغة في كتابه "جسد الحب".. فكل جملة هي ديالكتيك "فعل حب" كما أشرنا في المقدمة!! |
أما المقاربة التحليلية النفسية الحديثة للجسد، فيشير ميشيل برنار: "بالنسبة إلى المحلل، لا يوجد واقع جسدي ما وراء الدلالات التي تترجم وتعرض مواضيع رغبتنا المخيلة. باختصار، الجسد نص، وتنظيم أحرف ممنهج ينبغي تفكيكه في منطقه وطرافته. فهذا هو المشروع الذي سعى إليه سيرج لوكلير، بعد لاكان، ولخصه في هذا التعبير الغني بالمعاني: يجب "أخذ الجسد حرفياً". |
وفي موضع آخر يقول: "نكتفي أن نلمح مع لوكلير على أن الجسد، باعتباره منبع وعضو لذة، هو تدوين للغتنا، وأن لغتنا على العكس تعبر وتركّز في تجربة جسدنا الشبقية. ينبغي إذن أن "نقرأ" أو نفكك الجسد كما نقرأ ونفكك الكتاب والرموز، وأن نقرأ ونسمع أيضاً اللغة في تسجيلاتها الجسدية. فهنالك "حرف الجسد" و"جسد الحرف" على حد مصطلحات لوكلير." |
وفي الواقع أن هنالك أبعاداً للجسد كالحركية والتوطن ورمزية الجسد الاجتماعية، وهنا يأتي الشعر السياسي عند نزار تعبيراً صارخاً عن هذه الأبعاد، وإن كنا قد تعرضنا لها من زاوية التحليل النفسي. |
وكذلك، يمكن قراءة كل واقع انطلاقاً من الجسد: فهكذا مثلاً يصبح نظام الملكية، كهيئة سياسية، رمز سلطة التناسلية على غرائزنا الجسدية الأخرى. وبالأحرى لابد أن ترتبط جميع الأشكال الثقافية، مثل أشكال هندسة بناء منازلنا، بحنيننا إلى بطن الأم.. – وفي هذا الضوء نستطيع أن نفهم أكثر البعد النفسي في العمل الإبداعي لنزار في "دمشق ونزار قباني" خصوصاً عندما يربط بين دمشق – المكان وما يضفيه حضور الأم عليه من معنى، ما يجعل غيابها ذبولاً للمكان، حيث نسمعه يقول مثلاً: |
رحمة الله على أمي.. |
فقد كانت تحب الشام، والماء، |
وزهر الياسمين.. |
ثم.. لما رحلت |
بكتِ الشام عليها |
واستقالت بعدها |
أنهر الشام جميعاً |
وشتول الياسمين |
فإذا أدركنا هذه الرمزية "بالمعنى الشبقي للواقع" عدنا إلى الوحدة الأصلية المفقودة من جراء انفصال الشخصيات و"ضروب الأنا" وجميعها أقنعة تخفي الصلة بين جميع الكائنات. ويقول براون أيضاً: "إذا اكتشفنا عالم الرمزية اكتشفنا الجسد البشري"، بأصالته وتمامه وكماله. ويعتقد براون أنه يستطيع، برؤية الجسد الكونية والرمزية السابقة، أن يوفق بين فرويد وماركس والبابا يوحنا الثالث والعشرين، الذين يزعمون ثلاثتهم توحيد البشرية، أولهم بعالمية الليبيدو، والثاني بعالمية العمل، والثالث بعالمية المحبة". |
وفي هذا كله، لا نقصد تقريظ الجسد كما تفعل الرأسمالية المعاصرة التي تستغله شر استغلال لتسخّره لمصالحها الاقتصادية وغيرها.. |
إلا أن ما نلمحه من خبرة نزار الجسدية في الشعر والمقاربة التحليلية النفسية الحديثة للجسد، تدفعنا إلى رؤية جديدة للجسد، إلى عصر جديد يأخذ فيه دوره ومكانته التي خسرها منذ عهود خيم الظلام عليه واضطهده وحاربه كما في بعض التيارات من الديانات الشرقية وفي الغنوصية، إلا أن ديانات أكثر حداثة وضعت مبدأ الخلود فيه من حيث المبدأ كالقيامة، لكن أتباع هذه الديانات كانوا مشوّشين إزاء حقيقة الجسد الكونية التي عبرت عنها القيامة. |
فلنسمع ما يشير إليه الشاعر شوقي بزيع: "وسواء في التشبيه أو الكناية أو الاستعارة والمجاز فإن الصورة الشعرية عند نزار هي مجسّمات مرئية لخلجات النفس وبخار الرغبات وصهيل الروح المتوثبة. لا يعود الجسد هنا نقيصة أو رجساً كما في المفهوم الديني والأخلاقي الموروث بل يصبح تاج الروح وبهاءها الملموس". |
وفي دراسة جميلة للشاعر شوقي بزيع حول نزار قباني وجَسْدنة العالم يعقد مقارنة بينه وبين الشاعر سعيد عقل، نسمعه يقول: "إن البعد الجسدي في شعر نزار قباني لا يتصل بالجسد الأنثوي وحده بل هو جزء لا يتجزأ من جسدنة اللغة التي لا تتولد عنده من احتكاكها بنفسها، كما عند الكثير من الشعراء، بل من احتكاكها بدورة الدم، والحياة المعيشة، إنه يكسو عبارته دائماً باللحم والدم، ويحقنها برعشة الخلق وكهرباء التجربة فنحس لها دبيباً في أوصالنا شبيهاً بدبيب الخمرة في قصائد الأخطل". |
"ففي حين يخاطب الشاعر سعيد عقل جسداً هلامياً لا يقيم إلا في الذهن ومعادلاته النظرية مثل: |
لوقعكِ فوق السرير مهيب |
كوقع الهنيهة في المطلق |
فإننا نجد أن نزاراً يكسر الجليد ليستوي بين يديه حياً وجامحاًً وصارخاً في ملموسيته. |
وأنا أعرف طعم العرق المالح يجري في مساماتكِ |
والجرح الطفولي على ركبتكِ اليسرى |
وهذا الوبر النامي على سلسلة الظهر كأسلاك الحرير" |
إذن نخلص في هذه الدراسة المتواضعة إلى أن اللغة عند نزار تصبح جسداً، والأنثى قصيدة، ولعمري أن هذا أقصى ما يستطيع أن يصل إليه الشاعر في تجربته الإبداعية. |
فها نحن نسمع نزاراً في "تنويعات نزارية في زمن العشق" في قصيدة تحت عنوان "حب بلا حدود" يقول فيها: |
أنتِ امرأة |
صُنِعَت من فاكهة الشعر |
ومن ذهب الأحلام |
وفي مجموعته "لا غالب إلا الحب" في قصيدة بعنوان "هل المرأة أصلها قصيدة؟ أم القصيدة أصلها امرأة؟" نسمعه يقول: |
"هل المرأة أصلها قصيدة؟ |
أم القصيدة أصلها امرأة؟ |
سؤال كبير ما زال يلاحقني |
منذ أن احترفت حب المرأة.. |
وحب الشعر |
سؤال لا أريد له جوابا |
لأن تفسير الأشياء الجميلة يقتلها" |
وهذا ما يؤكده د. أحمد حيدوش: "وبما أن القصيدة أنثى، والأنثى قصيدة، فإنه عندما يحب امرأة، فذلك يعني البحث عن أصله وعن أصل الكتابة". |
ذلك أن الأنثى هي أم الرجل والمرأة، وحين تصبح هذه الأنثى قصيدة، فهي أيضاً أصل الكتابة، وهذا ما مر معنا سابقاً حين ذكرنا أن كل جملة هي ديالكتيك "فعل حب".. هي اتحاد مع هذه الأنثى القصيدة، اتحاد يولِّد الإبداع، والوحي، والشعر.. |
ما قيل عنه: |
كتب الشاعر أنسي الحاج: "في فضاء الشعر العربي، نزار قباني وهجٌ حَرَق، وبرق بَدَل أن يخطر ويختفي، التمع وانتشر وجلس يشع لأنه صار جسراً بين عالمين. |
لم أقرأه مرة إلا أحببته. في بداية حياتي كنت مبهوراً بجرأته وشهوانيته، وفي ما بعد، بشجاعته ورقته، واليوم، ودائماً، بأصالته وعفويته الخلاقة واشتعال وجدانه، دون هوادة، بكل ما يمس القلب الحق، والشعور الحق، والشاعر الحق. |
ولم أعرفه إلا مدهشاً. ساحر لا يمكن أن تمله، لأنه أسبق منك إلى الملل من نفسه. عرف سر التجدد، وأنه الإقامة في النار، وأن ضرائبه كبيرة، وهو تكبّدها ويتكبّدها، لأن الكبار أقدارهم كبيرة. |
والكتابة عنه بعض الكتابة عن الذات. وهي أيضاً تشبه الاعتراف بالحب. فأدب كأدب نزار قباني ليس مجرد عمارة من الكلمات، بل هو روح زمن وروح شعب وروح تجربة في الشعر بل معه، وربما قبله وبعده، القيامة من الموت. |
من موت حضارة ولغة وشعب، إلى حياة تعانق الحياة. |